الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَلَام الشَّوْكَانِيّ رحمه الله عَن صَلَاة التَّسْبِيح
وَالْعجب العجيب من الشَّوْكَانِيّ حَيْثُ ذكر فِي رسَالَته الْفَوَائِدِ الْمَجْمُوعَةِ فِي الأَحَادِيثِ الْمَوْضُوعَةِ أَولا اخْتِلَافا فِي تَصْحِيحه وتضعيفه وتحسينه أخذا من اللآلئ وَغَيره ثُمَّ قَالَ، قَالَ فِي اللآلئ وَالْحق أَن طرقه كلهَا ضَعِيفَة وَأَن حَدِيث ابْن عَبَّاس يقرب من شَرط الْحسن إِلَّا أَنه شَاذ لشدَّة الفردية وَعدم المتابع وَالشَّاهِد من وَجه مُعْتَبر وَمُخَالفَة هَيئته لهيئات بَاقِي الصَّلَوَات انْتهى.
وَذَلِكَ لِأَن كَلَامه يُوهم أَن مَا ذكره تَحْقِيق من السُّيُوطِيّ مؤلف اللآلئ ولعمري تلفظ مثل هَذَا الْكَلَام بِقصد إِيهَام خلاف مَا فِي الْوَاقِع شنيع عِنْد الْأَعْلَام بل هُوَ خِيَانَة فِي الدَّين وخيانة عِنْد الْمُسلمين وَقد علمت مِمَّا فصلنا ونقلنا أَن هَذَا كَلَام لَيْسَ للسيوطي بل لِابْنِ حجر الْعَسْقَلَانِي نَقله عَنهُ السُّيُوطِيّ وَأما تَحْقِيق السُّيُوطِيّ فَهُوَ مَا ذكره سَابِقًا من كَون الحَدِيث صَحِيحا أَو حسنا فَكَانَ الْوَاجِب عَلَيْهِ أَن يَقُول قَالَ ابْن حجر أَو يَقُول فِي اللآلئ. قَالَ ابْن حجر الْعَسْقَلَانِي ليدل ذَلِكَ على أَنه لَيْسَ تَحْقِيقا من السُّيُوطِيّ بل من الْعَسْقَلَانِي وَالْحق إِن قَول ابْن حجر هَذَا لَا يُفِيد شَيْئا لمن يُرِيد أَن يثبت ضعفا أَو وضعا أما أَولا فَلِأَن قَول ابْن حجر فِي هَذَا الْمقَام من تَلْخِيص الحبير وفى أمالي الْأَذْكَار وَغير متناقضان فَإِن كَلَامه فِي تلخصيه يدل على اخْتِيَاره ضعفه وَكَلَامه فِي الأمالي وَكَذَا فِي رِسَالَة الْخِصَال المكفرة شَاهد على اخْتِيَار صِحَّته أَو ضعفه فَلَا وَجه لقبُول كَلَامه من تلخيصه ورد كَلَامه فِي غَيره فَإِنَّهُ تَرْجِيح من غير مُرَجّح بل الْوَاجِب قبُول كَلَامه فِي غَيره لوُجُود مُرَجّح وَهُوَ أَن كَلَامه ذَلِكَ مُوَافق لجمع من الأجلة كالمنذري وَأبي دَاوُد وَمُسلم والآجري والعلائي والبلقيني وَأبي مُوسَى الْمَدِينِيّ وَغَيرهم من الكملة وَالْكَلَام الْمُوَافق لجمع عَظِيم من أَئِمَّة الْمُحدثين أَحْرَى بِالْقبُولِ من كَلَام مُخَالف لَهُم وَإِن وَافق جمعا من المشددين والمتساهلين وَأما ثَانِيًا فَلِأَن قَوْله فِي التَّلْخِيص لَا يُنَافِي الْحسن لغيره وَالْحسن لغيره أَيْضا
مُحْتَج بِهِ كَالصَّحِيحِ وَالْحسن لذاته كَمَا بسطنا فِي الْأَجْوِبَة الفاضلة شرح للأسئلة الْعشْرَة الْكَامِلَة وبمثل هَذَا يُجَاب عَمَّن يسْتَدلّ بِكَلَام النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب الْمُخَالف لكَلَامه فِي غير شرح الْمُهَذّب فأنصف وتدرب.
وأعجب مِنْهُ مَا ذكره الشَّوْكَانِيّ أَيْضا فِي كِتَابه السَّيْل الجرار بقوله الْعجب فِي المُصَنّف تعمد إِلَى صَلَاة التَّسْبِيح الَّتِي اخْتلف النَّاس فِي الحَدِيث الْوَارِد فِيهَا حَتَّى قَالَ من قَالَ من الْأَئِمَّة إِنَّه مَوْضُوع وَقَالَ جمَاعَة إِنَّه ضَعِيف لَا يحل الْعَمَل بِهِ فيجعلها أول مَا خص بالتخصيص وكل من لَهُ ممارسة لكَلَام النُّبُوَّة لَا بُد أَن يجد فِي نَفسه من هَذَا الحَدِيث مَا يجد وَقد جعل الله سُبْحَانَهُ فِي الْأَمر سَعَة عَن الْوُقُوع فِيمَا هُوَ مُتَرَدّد بَين الصِّحَّة والضعف والوضع، وَذَلِكَ بملازمة مَا صَحَّ فعله أَو التَّرْغِيب فِي فعل صِحَّته لَا شكّ فِيهِ وَلَا شُبْهَة وَهُوَ الْكثير الطّيب انْتهى كَلَامه على مَا نَقله بَعضهم.
وَلَا يخفى على أَرْبَاب النهى مَا فِيهِ.
أما أَولا فَلِأَن مُجَرّد وُقُوع الِاخْتِلَاف فِي صِحَة حَدِيث وَضَعفه وَوَضعه لَا يُخرجهُ عَن حيّز التَّخْصِيص عَلَيْهِ لَا سِيمَا عِنْد الْعَالم الفاهم فَإِن الْوَاجِب عَلَيْهِ أَن ينقح أَقْوَال الْمُخْتَلِفين ويميز بَين المشددين وَبَين المفرطين وَينظر من دلائلهم الَّتِي أقاموها على حكمهم فَيقبل مِنْهُ مَا صفا ويذر مَا كدر وَلَا يسْرع فِي اخْتِيَار أَمر من الْأُمُور الَّتِي اخْتلف فِيهَا من غير أَن يتفكر وَقد علمت مِمَّا مر سَابِقًا أَن حكم حاكمي وضع حَدِيث صَلَاة التَّسْبِيح مهمل وباطل وَمَا استدلوا بِهِ عَلَيْهِ لَيْسَ تَحْتَهُ طائل وَالْحكم بالضعف إِنَّمَا يَصح بِالنّظرِ إِلَى بعض الطّرق مُفردا وَأما بعد النّظر إِلَى تكثرها فاحتمال الضعْف مُنْتَفٍ رَأْسا.