المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فائدة في كيفية صلاة التسبيح - الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة

[أبو الحسنات اللكنوي]

فهرس الكتاب

- ‌مُقَدّمَة الْمُؤلف

- ‌حُرْمَة رِوَايَة الحَدِيث الْمَوْضُوع

- ‌ذِكْرُ بَعْضِ الْقِصَصِ الْمَشْهُورَةِ

- ‌صَلَوَاتُ يَوْمِ السبت

- ‌صلوَات يَوْم الْأَحَد

- ‌صلوَات يَوْمِ الاثْنَيْنِ

- ‌صلوَات يَوْمِ الثُّلاثَاءِ

- ‌صلوَات يَوْمِ الأَرْبِعَاءِ

- ‌صلوَات يَوْمِ الْخَمِيسِ

- ‌صلوَات يَوْمِ الْجُمُعَةِ

- ‌فِي ذِكْرِ أَحَادِيثِ صَلَوَاتِ أَيَّامِ السَّنَةِ وَلَيَالِيهَا وَمَا يتَعَلَّق بهَا

- ‌صَلَاة لَيْلَة السَّابِع وَالْعِشْرين من رَجَبٍ

- ‌صَلَاة لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ رَجَبٍ

- ‌حَدِيث صَلاةِ الرَّغَائِبِ

- ‌ذِكْرُ عَاشِرِ رَجَبٍ

- ‌صَلاةُ يَوْمَ السَّابِعُ وَالْعِشْرِينِ مِنْ رَجَبٍ

- ‌صَلاةُ لَيْلَةِ الْبَرَاءَةِ

- ‌الْقَضَاء الْعمريّ فِي رَمَضَان

- ‌صَلاةُ لَيْلَةِ يَوْمِ الْفِطْرِ

- ‌صَلَاة يَوْمِ الْفِطْرِ

- ‌صَلَاة يَوْمَ عَرَفَةَ

- ‌صَلَاة لَيْلَةِ النَّحْرِ

- ‌صَلَاة أول لَيْلَة من رَجَب

- ‌صَلَاة رَجَبٍ

- ‌صَلَاة يَوْمَ عَاشُورَاءَ

- ‌أَحَادِيث مُتَعَلقَة بِيَوْم عَاشُورَاء وَأَحَادِيث

- ‌صِيَام يَوْم عَاشُورَاء

- ‌فَضْلُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ وَصِيَامِهِ

- ‌ذكر صلوَات وأدعية مَخْصُوصَة

- ‌أَقْوَال الْعلمَاء على هَذِه الصَّلَوَات

- ‌صَلَاة التَّسْبِيح

- ‌كَلَام ابْن تَيْمِية رَحْمَة الله عَن صَلَاة التَّسْبِيح

- ‌كَلَام الشَّوْكَانِيّ رحمه الله عَن صَلَاة التَّسْبِيح

- ‌فَائِدَة فِي كَيْفيَّة صَلَاة التَّسْبِيح

الفصل: ‌فائدة في كيفية صلاة التسبيح

وَأما ثَانِيًا؛ فَلِأَن توصيفه الضَّعِيف بقوله لَا يحل الْعَمَل بِهِ لَا يَخْلُو عَن مغالطة وَاضِحَة فَإِن كَون الْعَمَل لَا يحل بالضعيف مُطلقًا بَاطِل قطعا نعم الضَّعِيف الَّذِي لَا يَخْلُو سَنَده من مَتْرُوك وساقظ كَذَّاب، ومتهم لَا يعْمل بِهِ لشدَّة ضعفه كَمَا بَسطه الْحَافِظ ابْن حجر وَغَيره والْحَدِيث الَّذِي نَحن فِيهِ وَإِن صرح بَعضهم بضعفه لَكِن لم يُصَرح أحد مِنْهُم بِشدَّة ضعفه بِحَيْثُ يخرج عَن قابلية الِاحْتِجَاج وَالْعَمَل على وَقفه.

وَأما ثَالِثا: فَلِأَن قَوْله كل من لَهُ ممارسه إِلَخ مغالطة أَيْضا فَإِن أَجله المهرة فِي هَذَا الْفَنّ النقي المشتغلين صباحا ومساءا بِالْحَدِيثِ النَّبَوِيّ كمسلم وَأبي دَاوُد وَالْمُنْذِرِي والعسقلاني والاجري وَغَيرهم مِمَّن مر ذكرهم لم يَجدوا فِي حَدِيث صَلَاة التَّسْبِيح مَا وجدوه فِي الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة وَلم يعدوه فِي عداد الْأَخْبَار الْمُخْتَلفَة مَعَ قُوَّة نقدهم وَكَمَال مهارتهم فَمن هُوَ من حمال الْآثَار يُخَالف هَؤُلَاءِ الْكِبَار ويجد فِيهِ مَا لم يجده أولو الْأَبْصَار إِلَّا أَن يكون علمه أكبر من فهمه وفهمه أنقص من نظره.

وَأما رَابِعا؛ فَلِأَن قَوْله وَقد جعل الله سبحانه وتعالى إِلَخ كلمة حق لم تقع فِي موقعها فَلَا عِبْرَة بهَا، فَافْهَم واستقم.

‌فَائِدَة فِي كَيْفيَّة صَلَاة التَّسْبِيح

اعْلَم أَن أَكثر أَصْحَابنَا الْحَنَفِيَّة وَكثير من الْمَشَايِخ الصُّوفِيَّة قد ذكرُوا فِي كَيْفيَّة صَلَاة التَّسْبِيح الْكَيْفِيَّة الَّتِي حَكَاهَا التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم عَن عبد الله ابْن الْمُبَارك الخالية عَن جلْسَة الاسْتِرَاحَة والمشتملة على التسبيحات قبل الْقِرَاءَة وَبعد الْقِرَاءَة وَذَلِكَ لعدم قَوْلهم بجلسة الاسْتِرَاحَة فِي غَيرهَا من الصَّلَوَات الرَّاتِبَة وَالشَّافِعِيَّة والمحدثون أَكْثَرهم اخْتَارُوا الْكَيْفِيَّة الْمُشْتَملَة على جلْسَة الاسْتِرَاحَة وَقد علم مِمَّا أسلفنا أَن الْأَصَح ثبوتاً هُوَ هَذِه الْكَيْفِيَّة فليأخذ بهَا من يُصليهَا حنفيا كَانَ أَو شافعيا فَإِن جلْسَة الاسْتِرَاحَة وَإِن لم تذْهب الْحَنَفِيَّة إِلَى استنائها فِي الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَة وَأَجَابُوا عَن الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِيهَا على وُقُوعهَا فِي بعض الْأَوْقَات لعذر من الْأَعْذَار الشَّرْعِيَّة لَكِن مَعَ ذَلِكَ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَو فعل ذَلِكَ لَا بَأْس فِي المفروضات وَالْقَوْل بكراهتها فِيهَا مُطلقًا

ص: 141

مِمَّا لَا يعْتد بِهِ وَأما التطوعات فَفِيهَا سَعَة لَا يكره فِيهَا مَا يكره فِي غَيرهَا وَإِن شِئْت التَّفْصِيل فِي هَذِه الْمسَائِل فَارْجِع إِلَى شرحي الْكَبِير الْمُتَعَلّق بشرح الْوِقَايَة الْمُسَمّى بالسعاية وتعليقي عَلَيْهِ الْمُسَمّى بعمدة الرِّعَايَة

مسَائِل شَتَّى مُتَعَلقَة بِصَلَاة التَّسْبِيح على مَا ذكره أَصْحَابنَا فِي كتبهمْ.

قَالَ فِي الدّرّ الْمُخْتَار شرح تنوير الْأَبْصَار وَمِنْهَا رَكعَتَا الاستخارة وَأَرْبع صَلَاة التَّسْبِيح بثلاثمائة تَسْبِيحَة وفضلها عَظِيم انْتهى.

وفى رد الْمُخْتَار على الدّرّ الْمُخْتَار يَفْعَلهَا فِي كل وَقت لَا كَرَاهَة فِيهِ أَو كل يَوْم أَو لَيْلَة مرّة وَإِلَّا فَفِي كل أُسْبُوع أَو جُمُعَة أَو شهر أَو الْعُمر وحديثها حسن لِكَثْرَة طرقه وَوهم من زعم وَضعه وفيهَا ثَوَاب لَا يتناهى وَمن ثُمَّ قَالَ بعض الْمُحَقِّقين لَا يسمع بعظيم فَضلهَا وَيَتْرُكهَا إِلَّا متهاون بِالدّينِ والطعن فِي ندبها بِأَن فِيهَا تغييراً لنظم الصَّلَاة إِنَّمَا يَتَأَتَّى على ضعف حَدِيثهَا، فَإِذا ارْتقى إِلَى دَرَجَة الْحسن أثبتها وَأَن كَانَ فِيهَا ذَلِك وَهِي أَربع بِتَسْلِيمَة أَو تسليمتين يَقُول فِيهَا ثَلَاثمِائَة مرّة سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاللَّهُ اكبر، وفى رِوَايَته زِيَادَة وَلَا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ الْعلي الْعَظِيم يَقُول ذَلِكَ فِي كل رَكْعَة خمس وَسبعين مرّة فَبعد الثَّنَاء خمس عشر ثُمَّ بعد الْقِرَاءَة عشرا وفى ركوعة وَالرَّفْع مِنْهُ وكل من السَّجْدَتَيْنِ والجلسة بَينهمَا عشرا عشرا بعد تَسْبِيح الرُّكُوع وَالسُّجُود وَهَذِه الْكَيْفِيَّة هِيَ الَّتِي رَوَاهَا التِّرْمِذِيّ فِي جَامِعَة عَن عبد الله بْن الْمُبَارك أحد أَصْحَاب أبي حنيفَة الَّذِي شَاركهُ فِي الْعلم والزهد والورع وَعَلَيْهَا اقْتصر فِي الْقنية وَقَالَ إِنَّهَا الْمُخْتَار من الرِّوَايَتَيْنِ وَالرِّوَايَة الثَّانِيَة أَن يقْتَصر فِي الْقيام على خمس

ص: 142

عشر بعد الْقِرَاءَة وَالْعشرَة الْبَاقِيَة يَتَأَتَّى بهَا بعد الرّفْع فِي السَّجْدَة الثَّانِيَة وَاقْتصر عَلَيْهَا فِي الْحَادِي الْقُدسِي والحلية وَالْبَحْر وحديثها أشهر لَكِن قَالَ فِي شرح الْمنية إِن الصّفة الَّتِي ذكرهَا ابْن الْمُبَارك هِيَ الَّتِي ذكرهَا فِي مُخْتَصر الْبَحْر وَهِي الْمُوَافقَة لمذهبنا لعدم الِاحْتِجَاج فِيهَا إِلَى جلْسَة الاسْتِرَاحَة إِذْ هِيَ مَكْرُوهَة عندنَا: قلت؛ وَلَعَلَّه اخْتَارَهَا فِي الْقنية لذَلِك لَكِن علمت أَن ثُبُوت حَدِيثهَا يثبتها وَإِن كَانَ فِيهَا ذَلِكَ فَالَّذِي يَنْبَغِي فعل هَذِه مرّة وَهَذِه مرّة وَقيل لِابْنِ عَبَّاس هَل تعلم لهَذِهِ الصَّلَاة سُورَة قَالَ التكاثر وَالْعصر والكافرون وَالْإِخْلَاص، وَقَالَ بَعضهم الأولى نَحْو الْحَدِيد والحشر والصف والتغابن للمناسبة فِي الِاسْم وفى رِوَايَة عَنِ ابْنِ الْمُبَارك يبْدَأ بتسبيح الرُّكُوع وَالسُّجُود ثُمَّ بالتسبيحات الْمُقدمَة. وَقَالَ المعلي يُصليهَا قبل الظّهْر كَذَا فِي الْهِنْدِيَّة عَن الْمُضْمرَات وَقيل لِابْنِ الْمُبَارك لَو سمي فَسجدَ هَل يسبح عشرا عشرا قَالَ: لَا. إِنَّمَا هِيَ ثَلَاثمِائَة تَسْبِيحَة. قَالَ الملا على الْقَارئ فِي شرح الْمشكاة مَفْهُومه أَنه إِن سَهَا وَنقص عددا من مَحل معِين يَأْتِي بِهِ من حل آخر تَكْمِلَة للعدد الْمَطْلُوب. قلت وأستفيد فِيهِ أَنه لَيْسَ لَهُ الرُّجُوع إِلَى الْمحل الَّذِي سَهَا فِيهِ وَهُوَ ظَاهر وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ بعض الشَّافِعِيَّة أَن يَأْتِي بِمَا ترك فِيمَا يَلِيهِ إِن كَانَ غير قصير فتسبيح الِاعْتِدَال ليَأْتِي بِهِ فِي السُّجُود أما تَسْبِيح الرُّكُوع فَيَأْتِي بِهِ فِي السُّجُود من الِاعْتِدَال لِأَنَّهُ قصير قلت؛ وَكَذَا تَسْبِيح السَّجْدَة الأولى يَأْتِي بِهِ فِي الثَّانِيَة لَا فِي الجلسة لِأَن تطويلها غير مَشْرُوع عندنَا على مَا هِيَ فِي الْوَاجِبَات وفى الْقنية لَا يعد التسبيحات بالأصابع إِن قدر أَن يحفظ بِالْقَلْبِ وَلَا يغمز الْأَصَابِع وَرَأَيْت للعلامة ابْن طولون الدِّمَشْقِي الْحَنَفِيّ رِسَالَة سَمَّاهَا ثَمَرَة الترشيح فِي صَلَاة التَّرَاوِيح بِخَطِّهِ أسْند فِيهَا عَنِ ابْنِ عَبَّاس أَنه قَالَ فِيهَا بعد التَّشَهُّد قبل السَّلَام اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك توفيق أهل الْهدى وأعمال أهل الْيَقِين ومناصحة أهل التَّوْبَة وعزم أهل الصَّبْر وجد أهل الخشية وَطلب أهل الرَّغْبَة وَتعبد أهل الْوَرع وعرفان أهل الْعلم حَتَّى أخافك. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك مَخَافَة تحجزني عَن مَعَاصِيك حَتَّى أعمل بطاعتك عملا أستحق بِهِ رضاك وَحَتَّى أناصحك بِالتَّوْبَةِ خوفًا مِنْك وَحَتَّى أخْلص لَك النَّصِيحَة حبا لَك وَحَتَّى أتوكل عَلَيْك فِي الْأُمُور حسن ظَنِّي بك سُبْحَانَ خَالق النُّور انْتهى كَلَامه.

ص: 143

الخاتمة:

ولنختم الْكَلَام فِي هَذَا الْمقَام وَالْحَمْد لذِي الْجلَال وَالْإِكْرَام على أَن وفقنا لإتمام هَذِه الرسَالَة اللطيفة فَإِنَّهَا مَعَ اقتصارها واختصارها اشْتَمَلت على الْفَوَائِد الشَّرِيفَة وفاقت على أَمْثَالهَا وأقرانها باحتوائها على الْفَوَائِد النفسية وَكَانَ ذَلِك يَوْم الْأَحَد الْخَامِس من إِحْدَى الْأَشْهر الْحرم رَجَب المرجب من شهور السّنة الثَّالِثَة بعد ثَلَاثمِائَة وَألف من الْهِجْرَة النَّبَوِيَّة على صَاحبهَا أفضل صَلَاة وأزكى تَحِيَّة فَقَط.

خَاتِمَة الطَّبْع: أَمَام الْكَلَام كَلَام بِحَمْد الله الْحَيّ القيوم على الدَّوَام على مَا من علينا بِهِ لحياتنا من غيث الْغَمَام فِي إِيجَاد أَسبَاب الشّرْب وَالطَّعَام وَهُوَ قَادر بالتكوين والإعدام ومقدام المرام صَلَاة وَسَلام على سيد الْأَنْبِيَاء الْكِرَام الَّذِي تميزت آثاره المرفوعة عَن الْأَخْبَار الْمَوْضُوعَة فِي شرائع الْأَحْكَام ومسائل الْإِسْلَام وعَلى آله وَصَحبه الْعِظَام إِلَى يَوْم الْقيام.

وَبعد؛ فَإِن مَجْمُوع هَاتين النسختين إِحْدَاهمَا أَمَام الْكَلَام فِيمَا يتَعَلَّق بِالْقِرَاءَةِ خلف الإِمَام مَعَ تَعْلِيقه غيث الْغَمَام، وَالثَّانيَِة الْآثَار المرفوعة فِي الْأَخْبَار الْمَوْضُوعَة لقد طبعنا فِي المطبع الْعلوِي لعَلي بخش خَان المرحوم بتصحيح الْعَلامَة كاشف السِّرّ المكتوم وَاقِف دقائق الْعُلُوم المولوي السَّيِّد مُحَمَّد معشوق عَليّ دَامَ بالفيض الْخَفي والجلي وبخط وحيد الناسخين فِي الزَّمَان كَأَنَّهُ الْيَاقُوت والمرجان المولوي مُحَمَّد بخش صانه الله عَن شرور الوخش. فيا أَيهَا الناظرون فِي هَذَا الْكتاب إِن الْحَيَاة الدُّنْيَا لَا اعْتِبَار لَهَا كالضباب والسراب وكل حَيّ ميت بِلَا ارتياب وكل ميت مرموس فِي التُّرَاب وكل مَوْجُود مَعْدُوم إِلَّا الَّذِي لَا تَأْخُذهُ سنة وَلَا نوم وَهُوَ الْحَيّ القيوم، وَإِن الْمَوْت فرق شَمل من أحيوا عُلُوم السّنة وَالْكتاب وَجمع بَينهم تَحت أَدِيم التُّرَاب واعتبروا بِمَا تشاهدوا من العبر وانظروا إِلَى علمائكم كَيفَ يَسِيرُونَ إِلَى الْقُبُور زمرة بعد زمرة فَمن ثمَّ مَا أظلم الْآفَاق مثل ظلمَة المحاق وَمن أعظم المصائب لقد أَصَابَت كَأَنَّهَا الْقِيَامَة قد قَامَت إِن انطباع هَذِه الْمَجْمُوعَة كَانَ قريب الاختتام وَلم يكتحل بسواد التَّمام فتوفى الله مصنفها الْكَلَام وَأدْخلهُ دَار السَّلَام فِي آخر ليل يَوْم الِاثْنَيْنِ من سلخ ربيع الأول

ص: 144

سنة ثَلَاث عشر مائَة وَأَرْبع من هِجْرَة سيد ولد آدم. إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون. مَا شَاءَ الله كَانَ وَمَا لم يَشَأْ لم يكن فيا أسفاه واثبوراه وَالصَّبْر أولى والمشتكى إِلَى الله تَعَالَى فَإِن مَا جرى بِهِ الْقدر لَا ينفع مِنْهُ الحذر وَلكُل أجل كتاب مسطور وَلَا قدرَة لأحد على مغالية الْمَقْدُور وَأَنا العَبْد الأسى مُحَمَّد عبد الْعلي المدراسي تجَاوز عِنْد رب الأناسي أرخت تأريخات لوفاة مَوْلَانَا المغفور تَحت هَذِه السطور.

(إِنَّمَا الدُّنْيَا فنَاء لَيْسَ للدنيا بَقَاء

إِنَّمَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا كنسج العنكبوت)

(لانقلاب الدَّهْر من موت ومحيا دَائِما

هَادِم اللَّذَّات فِي أَعلَى نِدَاء قد يصوت)

(هَا هُنَا من كَانَ حَيا كَانَ يَوْمًا مَيتا

قد يلاقي الْمَوْت فِي أدنى الأناسي والرتوت)

(مَاتَ عبد الْحَيّ لَكِن لم يمت فيضانه

إِنَّمَا مَاتَ الْمُسَمّى واسْمه لَا يَمُوت)

(بَغْتَة بالصرع لَيْلًا قد توفاه الْإِلَه

ذَاكر الِاسْم الَّذِي فِي حكمه رَجَعَ السبوت)

(صرعه أَمر عَجِيب قد بدا بالقهقهة

بعْدهَا آثَار قبض الرّوح صَارَت بالخفوت)

(إِنَّه أَحْيَا عُلُوم الدُّنْيَا فِي الدُّنْيَا لنا

إِن فِي العقبى لَهُ جنَّات عدن لَا تفوت)

(كَانَ عمارا ثبيتا فِي الصِّرَاط الْمُسْتَقيم

قطّ لم ينظر سوى الْأُخْرَى إِلَى الدُّنْيَا اللفوت)

(إِنَّه عَلامَة فِي كل علم بالْكلَام

سالما عَن آفَة الْإِكْثَار أَخذ بالصموت)

ص: 145

(خَبره الْجَارِي من التصنيف جَار فِي الورى

فيضه قد شاع من هِنْد إِلَى ورم ولوت)

(كَانَ يَأْتِي طلب من كل فج لَدنه

يحضر لطلاب فِي تدريسه من حضر موت)

(جَاءَ علاما شهيرا كَابِرًا عَن كَابر

فاق أعلامنا جَمِيعًا فَوق سبق فِي الحنوت)

(صنف الْأَسْفَار تنقيحا على وَجه الْكَمَال

درس الطلاب توضيحا على وَجه الثُّبُوت)

(لم يزل فِي طول عمر خَادِمًا فن الحَدِيث

بل لَهُ يَوْمًا وليلا فِي كتاب الله قوت)

(استفاض الْفَيْض من تصنيفه أهل التقى

واستفاد الفيد من افتائه أهل الْقُنُوت)

(علمه الْمَنْقُول شمس الصحو تعلو بالعلى

فنه الْمَعْقُول بَحر الزخر يجْرِي بالخبوت)

(ذهنه صَاف كبدر بل كَمَا فِي الْبَدْر نور

طبعه جَار كبحر بل كَمَا فِي الْبَحْر حوت)

(أَي عين لم تفض فِي مَوته حزنا عَلَيْهِ

أَي قلب مَا بَكَى فِي غمه همع السُّكُوت)

(قَالَ نَاس أوه ناحت جنَّة واحسرتاه

صَوت هز وَجَاء مِمَّن فِي الصحارى والبيوت)

(أنْشد الأسى لَهُ مصرع تَارِيخ الْوَفَاة

فَإِن عبد الْحَيّ والقيوم حَيّ لَا يَمُوت)

ص: 146

وَله أَيْضا:

(مَاتَ عبد الْحَيّ مصروعا خفاتا ضَاحِكا

إِنَّه فِي فَوته قد جَاءَ فَوت الْعَالم)

(أوه فِي تَارِيخه الأسى آسيا آسيا

قَالَ موت الْعَالم بِاللَّه موت الْعَالم)

وَله أَيْضا فِي الفارسية:

(بيهات آن خورشيد دين فريادآن ماه مُبين

شدنا كهان زيرزيمن أَنه انقلاب جرح شوم)

(زين صدمة خاطر شكن عَالم شده بَين الْحزن

شدنا لَهُ زن برمر دوزن أزفرط آلام ويموم)

(برسينه صد جاك شدّ يريديده ءنمناك شدّ

در داكه زير خاك شدّ آن كنج فيضان عُمُوم)

(مانندجان ازتن شدّ اوجون نكهث ازكلشن شداو

أفسوس در مدفن شدّ اوجون مهر رخشن در عُمُوم)

(أَرْبَاب علم وابل راز باصد خشوع وصديناز

بعد ازوفات أونماز كردند درير مرزوبوم)

(بودا وأمام أندر أُمَم سم ورعرب بِمَ در عجم

علمش بعالم شدّ علم ازيندتا اقصاي روم)

(دربزم يَا ران وَلمن خندان جو كل اندرجمن

درجمع ابل علم دفن جون ماه تابان درنجوم)

(آسى بمسا لش ازصفار وَشن شداين مصرع بِمَا

عَلامَة عقدَة كشا مشكوة مِصْبَاح عُلُوم)

ص: 147