المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أسيد بن صفوان عن علي عليه السلام - الأحاديث المختارة - جـ ٢

[ضياء الدين المقدسي]

فهرس الكتاب

- ‌مِنْ حَدِيثِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَبِي الْحَسَنِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ

- ‌أَسِيدُ بْنُ صَفْوَانَ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌بُرَيْدُ بْنُ أَصْرَمَ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌جَابِرُ بْنُ سَمُرَةَ السُّوَائِيُّ الصَّحَابِيُّ عَنْ عَلِيٍّعليه السلام

- ‌جُرَيُّ بْنُ كُلَيْبٍ النَّهْدِيُّ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌حَبِيبُ بْنُ حِمَازٍ الْأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌حُجْرٌ الْعَدَوِيُّ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌حُجَيَّةُ بْنُ عَدِيٍّ الْكِنْدِيُّ - وَقِيلَ: الْأَسَدِيُّ - الْكُوفِيُّ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، رضي الله عنهما

- ‌الْحَسَنُ بْنُ يَسَارٍ الْبَصْرِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عليهما السلام

- ‌حُصَيْنُ بْنُ قَبِيصَةَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّعَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌حَنْظَلَةُ بْنُ نُعَيْمٍ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌خَالِدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ الْغَطَفَانِيُّ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌رَبِيعَةُ بْنُ نَاجِذٍ الْأَسَدِيُّ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌أَبُو عُمَرَ زَاذَانُ الْكِنْدِيُّ - مَوْلَاهُمْ - عَنْ عَلِيٍّ، عليه السلام

- ‌زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ الْأَسَدِيُّ أَبُو مَرْيَمَ عَنْ عَلِيٍّعليه السلام

- ‌زِيَادُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ الْجُهَنِيُّ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌زَيْدُ بْنُ يُثَيْعٍ الْهَمْدَانِيُّ، وَقِيلَ: ابْنُ أُثَيْعٍ، عَنْ عَلِيٍّ، عليه السلام

- ‌سَائِبُ بْنُ مَالِكٍ - وَقِيلَ: ابْنُ يَزِيدَ - الثَّقَفِيُّ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌سَعْدٌ وَالِدُ الْحَسَنِ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سُفْيَانَ، أَوْ عَمْرٌو، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ بْنِ حَزْنٍ، الْمَخْزُومِيُّ، أَبُو مُحَمَّدٍ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌سَعِيدُ بْنُ وَهْبٍ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌سَلَمَةُ بْنُ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌شُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ الْحَضْرَمِيُّ الشَّامِيُّ، أَبُو الصَّلْتِ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌شُرَيْحُ بْنُ النُّعْمَانِ الْهَمْدَانِيُّ الصَّائِدِيُّعَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ أَبُو وَائِلٍ الْأَسَدِيُّ الْكُوفِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌ظَالِمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سُفْيَانَ، أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنْ عَلِيٍّ، عليه السلام

- ‌عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عَبَّادُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، وَقِيلَ: ابْنُ يَزِيدَ، الْكُوفِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عَاصِمُ بْنُ ضَمْرَةَ السَّلُولِيُّ الْكُوفِيُّعَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عَاصِمُ بْنُ عَمْرٍو الْمَدِينِيُّ، عَنْ عَلِيٍّعليه السلام

- ‌عَامِرُ بْنُ شَرَاحِيلَ الشَّعْبِيُّ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍعَنْ عَمِّهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام

- ‌عَبْدُ اللهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عَبْدُ اللهِ بْنُ حَبِيبٍ السُّلَمِيُّ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِالْكُوفِيُّ الْمُقْرِئُ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عَبْدُ اللهِ بْنُ حُنَيْنٍ الْهَاشِمِيُّ، مَوْلَاهُمْ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌أَبُو الْخَلِيلِ، عَبْدُ اللهِ بْنُ الْخَلِيلِوَقِيلَ ابْنُ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عَبْدُ اللهِ بْنُ زُرَيْرٍ الْغَافِقِيُّ الْمِصْرِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عَبْدُ اللهِ بْنُ سَبُعٍ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلِمَةَ الْمُرَادِيُّ الْكُوفِيُّعَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عَبْدُ اللهِ بْنُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عَبْدُ اللهِ الْمَعَافِرِيُّ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ الْجَمَلِيُّعَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عَبْدُ اللهِ بْنُ عِمْرَانَ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ عَلِيٍّعليه السلام

- ‌عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ عَنْ عَلِيٍّعليه السلام

- ‌عَبْدُ اللهِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عَبِيدَةُ بْنُ عَمْرٍو السَّلْمَانِيُّ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أُذُنَانٍ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيُّعَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَائِذٍ الْأَزْدِيُّ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ قَيْسٍ الْحَنَفِيُّ أَبُو صَالِحٍ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى الْأَنْصَارِيُّ أَبُو عِيسَى، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عَبْدُ الْمَلِكِ أَبُو نَوْفَلٍ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عَبْدُ خَيْرِ بْنُ يَزِيدَ الْهَمْدَانِيُّ، أَبُو عُمَارَةَ الْجَوَّانِيُّعَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عُقْبَةُ بْنُ ظَهِيرٍ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عِكْرِمَةُ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عَلِيُّ بْنُ رَبِيعَةَ الْوَالِبِيُّ الْأَسَدِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عَلِيُّ بْنُ عَلْقَمَةَ الْأَنْمَارِيُّ الْكُوفِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسِ بْنِ عَبْدِ اللهِ النَّخَعِيُّ الْكُوفِيُّ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عِلْبَاءُ بْنُ أَحْمَرَ الْيَشْكُرِيُّ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عُمَارَةُ بْنُ عَبْدٍ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عُمَرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِ عليه السلام

- ‌عَمْرُو بْنُ حُبْشِيٍّ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ الْهَمْدَانِيُّ، أَبُو مَيْسَرَةَ الْكُوفِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌فَضَالَةُ بْنُ أَبِي فَضَالَةَ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌فَاطِمَةُ بِنْتُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍعَنْ أَبِيهَا عليه السلام

- ‌قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ الْبَصْرِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِعَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌قَيْسٌ الْخَارِفِيُّ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌قَيْسٌ الثَّقَفِيُّ، قِيلَ الْحَنَفِيُّ، أَبُو مَرْيَمَعَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌مَالِكُ بْنُ عُمَيْرٍ الْحَنَفِيُّ الْكُوفِيُّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام

- ‌مُجَاهِدُ بْنُ جَبْرٍ الْمَكِّيُّ، أَبُو الْحَجَّاجِ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ، عَنْ أَبِيهِ عليه السلام

- ‌مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنْ جَدِّهِ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌مُسَيِّبُ بْنُ رَافِعٍ الْكَاهِلِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌مَيْسَرَةُ الطُّهَوِيُّ، أَبُو جَمِيلَةَ الْكُوفِيُّعَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌نَاجِيَةُ بْنُ كَعْبٍ الْعَنْبَرِيُّ، وَقِيلَ الْأَسَدِيُّعَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌نُجَيٌّ الْحَضْرَمِيُّ الْكُوفِيُّ وَالِدُ عَبْدِ اللهِعَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌نُعَيْمُ بْنُ دَجَاجَةَ الْأَسَدِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌نُعَيْمُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌وَهْبُ بْنُ الْأَجْدَعِ الْكُوفِيُّ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌هَانِئُ بْنُ هَانِئٍ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌هُبَيْرَةُ بْنُ يَرِيمَ بْنِ عَبْدِ وُدٍّ الْهَمْدَانِيُّ، أَبُو الْحَارِثِ الْكُوفِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌يَزِيدُ بْنُ أُمَيَّةَ الدَّيْلِيُّ، أَبُو سِنَانٍ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌يُسَيْعٌ الْحَضْرَمِيُّ الْكُوفِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌الْكُنَى

- ‌أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌أَبُو حَيَّةَ بْنُ قَيْسٍ الْوَادِعِيُّ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌أَبُو خَلِيفَةَ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌أَبُو رَزِينٍ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

- ‌أُمُّ مُوسَى، وَقِيلَ: اسْمُهَا حَبِيبَةُ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

الفصل: ‌أسيد بن صفوان عن علي عليه السلام

بسم الله الرحمن الرحيم

‌مِنْ حَدِيثِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَبِي الْحَسَنِ

عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ

عليه السلام

‌أَسِيدُ بْنُ صَفْوَانَ عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام

-

ص: 11

397 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ بَرَكَةَ بْنِ مَحْفُوظٍ الدَّيْبَقِيُّ - مِنْ أَصِلِ سَمَاعِهِ الصَّحِيحِ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ - قُلْتُ لَهُ: أَخْبَرَكُمْ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ - قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنْتَ تَسْمَعُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ - أَنَا الشَّرِيفُ أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُهْتَدِي

⦗ص: 12⦘

بِاللهِ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْمُقْرِئِ - قِرَاءَةً عَلَيْهِ، فَأَقَرَّ بِهِ - ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَا: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ زَاجٌ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُصْعَبٍ الْمَرْوَزِيُّ، ثَنَا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَدَنِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَسِيدِ بْنِ صَفْوَانَ - وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَمَّا قُبِضَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه وَسُجِّيَ، ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ بِالْبُكَاءِ كَيَوْمِ قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ عَلِيٌّ عليه السلام بَاكِيًا مُسْرِعًا مُسْتَرْجِعًا، وَهُوَ يَقُولُ: الْيَوْمَ انْقَطَعَتْ خِلَافَةُ النَّبِيِّ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى بَابِ الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ أَبُو بَكْرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ مُسَجًّى، فَقَالَ: رَحِمَكَ اللهُ أَبَا بَكْرٍ، كُنْتَ إِلْفَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنِيسَهُ وَمُسْتَرَاحَهُ وَثِقَتَهُ وَمَوْضِعَ سِرِّهِ وَمَشُورَتِهِ، وَكُنْتَ أَوَّلَ الْقَوْمِ إِسْلَامًا، وَأَخْلَصَهُمْ إِيمَانًا، وَأَشَدَّهُمْ يَقِينًا، وَأَخْوَفَهُمْ لِلهِ وَأَعْظَمَهُمْ غَنَاءً فِي دِينِ اللهِ، وَأَحْوَطَهُمْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَحْدَبَهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَآمَنَهُمْ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَأَحْسَنَهُمْ صُحْبَةً، وَأَكْثَرَهُمْ مَنَاقِبَ، وَأَكْثَرَهُمْ سَوَابِقَ، وَأَرْفَعَهُمْ دَرَجَةً، وَأَقْرَبَهُمْ وَسِيلَةً، وَأَشْبَهَهُمْ هَدْيًا وَسَمْتًا وَرَحْمَةً وَفَضْلًا، وَأَشْرَفَهُمْ مَنْزِلَةً، وَأَكْرَمَهُمْ عَلَيْهِ، وَأَوْثَقَهُمْ عِنْدَهُ، فَجَزَاكَ اللهُ عَنْ رَسُولِهِ وَعَنِ الْإِسْلَامِ خَيْرًا.

كُنْتَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَنْزِلَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ، صَدَّقْتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ كَذَّبَهُ - يَعْنِي النَّاسَ - فَسَمَّاكَ اللهُ فِي تَنْزِيلِهِ صِدِّيقًا فَقَالَ:{وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} أَبُو بَكْرٍ.

وَاسَيْتَهُ حِينَ بَخِلُوا، وَكُنْتَ مَعَهُ عِنْدَ الْمَكَارِهِ حِينَ عَنْهُ قَعَدُوا، وَصَحِبْتَهُ فِي الشِّدَّةِ أَكْرَمَ الصُّحْبَةِ، ثَانِيَ اثْنَيْنِ، وَصَاحِبَهُ فِي الْغَارِ، وَالْمُنَزَّلَ عَلَيْهِ السَّكِينَةُ، وَرَفِيقَهُ فِي الْهِجْرَةِ، وَخَلِيفَتَهُ فِي دِينِ اللهِ وَأُمَّتِهِ أَحْسَنَ خِلَافَةٍ حِينَ ارْتَدَّ النَّاسُ، وَقُمْتَ بِالْأَمْرِ مَا لَمْ يَقُمْ بِهِ خَلِيفَةُ نَبِيٍّ قَطُّ، قَوِيتَ حِينَ

⦗ص: 13⦘

وَهَنَ أَصْحَابُكَ، وَبَرَزْتَ حِينَ ضَعُفُوا، وَلَزِمْتَ مِنْهَاجَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ هَمُّوا، كُنْتَ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَقًّا، لَمْ تُنَازِعْ وَلَمْ تُصْدَعْ، بِرَغْمِ الْمُنَافِقِينَ وَكَيْدِ الْكَافِرِينَ وَكُرْهِ الْحَاسِدِينَ، وَضَغَنِ الْفَاسِقِينَ، وَغَيْظِ الْبَاغِينَ.

وَقُمْتَ بِالْأَمْرِ حِينَ فَشَلُوا، وَنَطَقْتَ حِينَ تَتَعْتَعُوا، وَمَضَيْتَ بِنُورِ اللهِ إِذْ قَعَدُوا، تَبِعُوكَ فَهُدُوا، وَكُنْتَ أَخْفَضَهُمْ صَوْتًا، وَأَعْلَاهُمْ فَوْقًا، وَأَقَلَّهُمْ كَلَامًا، وَأَصْوَبَهُمْ مَنْطِقًا، وَأَطْوَلَهُمْ صَمْتًا، وَأَبْلَغَهُمْ وَأَكْثَرَهُمْ رَأْيًا، وَأَسْمَحَهُمْ نَفْسًا، وَأَعْرَفَهُمْ بِالْأُمُورِ، وَأَشْرَفَهُمْ عِلْمًا.

كُنْتَ وَاللهِ لِلدِّينِ يَعْسُوبًا أَوَّلًا حِينَ نَفَرَ عَنْهُ النَّاسُ، وَأَخِيرًا حِينَ قَبِلُوا. كُنْتَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَبًا رَحِيمًا إِذْ صَارُوا عَلَيْكَ عِيَالًا، فَحَمَلْتَ أَثْقَالَ مَا عَنْهُ ضَعُفُوا وَرَعَيْتَ مَا أَهْمَلُوا، وَحَفِظْتَ مَا أَطَاعُوا بِعِلْمِكَ مَا جَهِلُوا، وَشَمَّرْتَ حِينَ خَنَعُوا، وَعَلَوْتَ إِذْ هَلَعُوا، وَصَبَرْتَ إِذْ جَزَعُوا، وَأَدْرَكَتْ آثَارَ مَا طَلَبُوا وَتَرَاجَعُوا رُشْدَهُمْ بِرَأْيِكَ، فَظَفِرُوا فَنَالُوا بِكَ مَا لَمْ يَحْتَسِبُوا.

كُنْتَ عَلَى الْكَافِرِينَ عَذَابًا صَبًّا وَلَهَبًا، وَلِلْمُؤْمِنِينَ رَحْمَةً وَأُنْسًا وَحِصْنًا، وَظَفِرْتَ وَاللهِ بِغَنَائِهَا، وَفُزْتَ بِحِبَائِهَا وَذَهَبْتَ بِفَضَائِلِهَا، وَأَدْرَكْتَ سَوَابِقَهَا، لَمْ تَعْلُلْ حُجَّتُكَ، وَلَمْ يَزِغْ قَلْبُكَ، وَلَمْ تَجْبُنْ، كُنْتَ كَالْجَبَلِ لَا تُحَرِّكُهُ الْعَوَاصِفُ، وَلَا تُزِيلُهُ الْقَوَاصِفُ، وَكُنْتَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيْهِ فِي صُحْبَتِكَ وَذَاتِ يَدِكَ. وَكُنْتَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ: ضَعِيفًا فِي بَدَنِكَ، قَوِيًّا فِي أَمْرِ اللهِ عز وجل. مُتَوَاضِعًا فِي نَفْسِكَ، عَظِيمًا عِنْدَ اللهِ، جَلِيلًا فِي أَعْيُنِ الْمُؤْمِنِينَ، كَبِيرًا فِي أَنْفُسِهِمْ، لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ فِيكَ مَغْمَزٌ، وَلَا لِقَائِلٍ فِيكَ مَهْمَزٌ، وَلَا لِأَحَدٍ فِيكَ مَطْمَعٌ، وَلَا لِمَخْلُوقٍ عِنْدَكَ هَوَادَةٌ، الضَّعِيفُ الذَّلِيلُ عِنْدَكَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ حَتَّى تَأْخُذَ لَهُ بِحَقِّهِ، وَالْقَوِيُّ الْعَزِيزُ عِنْدَكَ ضَعِيفٌ ذَلِيلٌ

⦗ص: 14⦘

حَتَّى تَأْخُذَ مِنْهُ الْحَقَّ، الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيْكَ أَطْوَعُهُمْ لِلهِ عز وجل وَأَتْقَاهُمْ لَهُ، شَأْنُكَ الْحَقُّ وَالصِّدْقُ وَالرِّفْقُ، قَوْلُكَ حُكْمٌ وَأَمْرُكَ حَتْمٌ، وَرَأْيُكَ عِلْمٌ وَعَزْمٌ، فَأَبْلَغْتَ وَقَدْ نُهِجَ السَّبِيلُ وَسَهُلَ الْعَسِيرُ، وَأُطْفِئَتِ النِّيرَانُ، وَاعْتَدَلَ بِكَ الدِّينُ وَقَوِيَ بِكَ الْإِيمَانُ وَسُدْتَ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ، وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، فَجَلَّيْتَ عَنْهُمْ، فَأَبْصَرُوا، سَبَقْتَ وَاللهِ سَبْقًا بَعِيدًا، وَأَتْعَبْتَ مَنْ بَعْدَكَ إِتْعَابًا شَدِيدًا، فُزْتَ بِالْخَيْرِ فَوْزًا مُبِينًا فَجَلَلْتَ عَنِ الْبُكَاءِ، وَعَظُمَتْ رَزِيَّتُكَ فِي السَّمَاءِ، وَهَدَّتْ مُصِيبَتُكَ الْأَنَامَ، فَإِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، رَضِينَا عَنِ اللهِ قَدَرَهُ، وَسَلَّمْنَا لَهُ أَمْرَهُ، فَوَاللهِ لَنْ يُصَابَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِكَ أَبَدًا، كُنْتَ لِلدِّينِ عِزًّا وَحِرْزًا وَكَهْفًا، وَلِلْمُؤْمِنِينَ فِئَةً وَحِصْنًا وَعَوْنًا، وَعَلَى الْمُنَافِقِينَ غِلْظَةً وَغَيْظًا، فَأَلْحَقَكَ اللهُ بِنَبِيِّكَ صلى الله عليه وسلم وَلَا حَرَمَنَا أَجْرَكَ، وَلَا أَضَلَّنَا بَعْدَكَ، فَإِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.

قَالَ: وَأَمْسَكَ النَّاسُ حَتَّى أَمْضَى كَلَامَهُ، ثُمَّ بَكَوْا حَتَّى عَلَتْ أَصْوَاتُهُمْ، وَقَالُوا: صَدَقْتَ وَاللهِ يَا خَتَنَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم».

ص: 11

398 -

وَأَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ الْهَرَوِيُّ الصُّوفِيُّ - بِبَغْدَادَ - أَنَّ الْإِمَامَ أَبَا شُجَاعٍ عُمَرَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْبِسْطَامِيَّ أَخْبَرَهُمْ - قِرَاءَةً عَلَيْهِ - أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْخَلِيلِيُّ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيُّ، أَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْهَيْثَمُ بْنُ كُلَيْبٍ

⦗ص: 15⦘

الشَّاشِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْعَوَّامِ الْوَاسِطِيُّ، نَا أَبِي، نَا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَسِيدِ بْنِ صَفْوَانَ صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه فَسَجَّوْهُ بِثَوْبٍ ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ بِالْبُكَاءِ وَدُهِشَ الْقَوْمُ كَيَوْمِ قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَجَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه بَاكِيًا مُسْتَرْجِعًا، وَهُوَ يَقُولُ: الْيَوْمَ انْقَطَعَتْ خِلَافَةُ النَّبِيِّ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى بَابِ الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: رَحِمَكَ اللهُ أَبَا بَكْرٍ، كُنْتَ أَوَّلَ الْقَوْمِ إِسْلَامًا، وَأَخْلَصَهُمْ إِيمَانًا، وَأَشَدَّهُمْ يَقِينًا، وَأَخْوَفَهُمْ لِلهِ، وَأَعْظَمَهُمْ غَنَاءً، وَأَحْوَطَهُمْ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَأَحْدَبَهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَأَيْمَنَهُمْ عَلَى أَصْحَابِهِ. أَحْسَنَهُمْ صُحْبَةً، وَأَفْضَلَهُمْ مَنَاقِبَ، وَأَكْثَرَهُمْ سَوَابِقَ، أَرْفَعَهُمْ دَرَجَةً، وَأَقْرَبَهُمْ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَشْبَهَهُمْ بِهِ هَدْيًا وَخُلُقًا وَسَمْتًا وَفَضْلًا، أَشْرَفَهُمْ مَنْزِلَةً، وَأَكْرَمَهُمْ عَلَيْهِ، وَأَوْثَقَهُمْ عَنْهُ، فَجَزَاكَ اللهُ عَنِ الْإِسْلَامِ وَعَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالْمُسْلِمَيْنِ خَيْرًا، صَدَّقْتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ كَذَّبَهُ النَّاسُ، فَسَمَّاكَ اللهُ فِي كِتَابِهِ صِدِّيقًا:{وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ} مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم {وَصَدَّقَ بِهِ} أَبُو بَكْرٍ وَاسَيْتَهُ حِينَ بَخِلُوا، وَقُمْتَ مَعَهُ حِينَ عَنْهُ قَعَدُوا، صَحِبْتَهُ فِي الشِّدَّةِ أَكْرَمَ الصُّحْبَةِ، ثَانِيَ اثْنَيْنِ وَصَاحِبَهُ، وَالْمُنَزَّلَ عَلَيْهِ السَّكِينَةُ، رَفِيقَهُ فِي الْهِجْرَةِ وَمَوَاطِنِ الْكُرْهِ، خَلَفْتَهُ فِي أُمَّتِهِ بِأَحْسَنِ الْخِلَافَةِ حِينَ ارْتَدَّ النَّاسُ، وَقُمْتَ بِدِينِ اللهِ قِيَامًا لَمْ يَقُمْهُ خَلِيفَةُ نَبِيٍّ قَطُّ، قَوِيتَ حِينَ ضَعُفَ أَصْحَابُكَ، وَبَرَزْتَ حِينَ اسْتَكَانُوا وَنَهَضْتَ حِينَ وَهَنُوا، وَلَزِمْتَ مِنْهَاجَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ هَمُّوا، وَلَمْ تُصْدَعْ بِرَغْمِ الْمُنَافِقِينَ وَضَغَنِ الْفَاسِقِينَ وَغَيْظِ الْكَافِرِينَ وَكُرْهِ الْحَاسِدِينَ وَقُمْتَ

⦗ص: 16⦘

بِالْأَمْرِ حِينَ فَشِلُوا وَنَطَقْتَ حِينَ تَتَعْتَعُوا، وَمَضَيْتَ بِنُورِ اللهِ إِذْ وَقَفُوا، وَاتَّبَعُوكَ فَهُدُوا، كُنْتَ أَخْفَضَهُمْ صَوْتًا، وَأَعْلَاهُمْ فَوْقًا، أَقَلَّهُمْ كَلَامًا وَأَصْوَبَهُمْ مَنْطِقًا، وَأَطْوَلَهُمْ صَمْتًا، وَأَبْلَغَهُمْ قَوْلًا. كُنْتَ أَكْبَرَهُمْ رَأْيًا، وَأَشْجَعَهُمْ قَلْبًا، وَأَشَدَّهُمْ يَقِينًا، وَأَحْسَنَهُمْ عَمَلًا، وَأَعْرَفَهُمْ بِالْأُمُورِ، كُنْتَ وَاللهِ لِلدِّينِ يَعْسُوبًا أَوَّلًا حِينَ تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْهُ، وَآخِرًا حِينَ قَبِلُوا، كُنْتَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَبًا رَحِيمًا إِذْ صَارُوا عَلَيْكَ عِيَالًا، فَحَمَلْتَ مِنَ الْأَثْقَالِ مَا عَنْهُ ضَعُفُوا، وَحَفِظْتَ مَا أَضَاعُوا، وَرَعَيْتَ مَا أَهْمَلُوا، وَشَمَّرْتَ إِذْ خَنَعُوا، وَعَلَوْتَ إِذْ هَلَعُوا، وَصَبَرْتَ إِذْ جَزِعُوا، فَأَدْرَكْتَ آثَارَ مَا طَلَبُوا، وَنَالُوا بِكَ مَا لَمْ يَحْتَسِبُوا. كُنْتَ عَلَى الْكَافِرِينَ عَذَابًا صَبًّا وَلَهَبًا، وَلِلْمُسْلِمِينَ غَيْثًا وَخِصْبًا، فُطِرْتَ وَاللهِ بِغَنَائِهَا، وَفُزْتَ بِحِبَائِهَا، وَذَهَبْتَ بِفَضَائِلِهَا، وَأَحْرَزْتَ سَوَابِقَهَا، لَمْ تَفْلُلْ حُجَّتُكَ، وَلَمْ يَزِغْ قَلْبُكَ، وَلَمْ تَضْعُفْ بَصِيرَتُكَ، وَلَمْ تَجْبُنْ نَفْسُكَ، وَلَمْ تَخُنْ، كُنْتَ كَالْجَبَلِ لَا تُحَرِّكُهُ الْعَوَاصِفُ، وَلَا تُزِيلُهُ الْقَوَاصِفُ، كُنْتَ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيْهِ فِي صُحْبَتِكَ وَذَاتِ يَدِكَ. وَكَمَا قَالَ: ضَعِيفٌ فِي بَدَنِكَ قَوِيٌّ فِي أَمْرِ اللهِ. مُتَوَاضِعًا فِي نَفْسِكَ عَظِيمًا عِنْدَ اللهِ، جَلِيلًا فِي الْأَرْضِ، كَبِيرًا عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ. لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ فِيكَ مَهْمَزٌ، وَلَا لِقَائِلٍ فِيكَ مَغْمَزٌ، وَلَا لِأَحَدٍ فِيكَ مَطْمَعٌ، وَلَا عِنْدَكَ هَوَادَةٌ لِأَحَدٍ، الضَّعِيفُ الذَّلِيلُ عِنْدَكَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ حَتَّى تَأْخُذَ لَهُ بِحَقِّهِ، وَالْقَوِيُّ الْعَزِيزُ عِنْدَكَ ضَعِيفٌ حَتَّى تَأْخُذَ مِنْهُ الْحَقَّ، الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ عِنْدَكَ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، شَأْنُكَ الْحَقُّ، وَالصِّدْقُ وَالرِّفْقُ، وَقَوْلُكَ حُكْمٌ وَحَتْمٌ، وَأَمْرُكَ حِلْمٌ وَحَزْمٌ، وَرَأْيُكَ عِلْمٌ وَعَزْمٌ، فَأَبْلَغْتَ وَقَدْ نُهِجَ السَّبِيلُ وَسَهُلَ الْعَسِيرُ، وَأُطْفِئَتِ النِّيرَانُ، وَاعْتَدَلَ بِكَ الدِّينُ وَقَوِيَ الْإِيمَانُ،

⦗ص: 17⦘

وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، وَثَبَتَ الْإِسْلَامُ وَالْمُؤْمِنُونَ، فَسَبَقْتَ وَاللهِ سَبْقًا بَعِيدًا، وَأَتْعَبْتَ مَنْ بَعْدَكَ إِتْعَابًا شَدِيدًا، وَفُزْتَ بِالْخَيْرِ فَوْزًا مُبِينًا، فَجَلَلْتَ عَنِ الْبُكَاءِ، وَعَظُمَتْ رَزِيَّتُكَ فِي السَّمَاءِ، وَهَدَّتْ مُصِيبَتُكَ الْأَنَامَ، فَإِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، رَضِينَا عَنِ اللهِ قَضَاءَهُ، وَسَلَّمْنَا لَهُ أَمْرَهُ، فَوَاللهِ لَنْ يُصَابَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِكَ أَبَدًا. كُنْتَ لِلدِّينِ عِزًّا وَكَهْفًا، وَلِلْمُؤْمِنِينَ حِصْنًا وَفِئَةً وَأُنْسًا، وَعَلَى الْمُنَافِقِينَ غِلْظَةً وَغَيْظًا، فَأَلْحَقَكَ اللهُ بِنَبِيِّكَ عليه السلام وَلَا حَرَمَنَا اللهُ أَجْرَكَ، وَلَا أَضَلَّنَا بَعْدَكَ، وَإِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.

وَسَكَتَ النَّاسُ حَتَّى انْقَضَى كَلَامُهُ، وَبَكَوْا كَيَوْمِ مَاتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. وَقَالُوا: صَدَقْتَ يَا خَتَنَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم».

كَذَا رَوَاهُ الْهَيْثَمُ بْنُ كُلَيْبٍ فِي مُسْنَدِهِ.

ص: 14

399 -

أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْمَدِينِيُّ - إِجَازَةً - أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الْحَسَنَ بْنَ أَحْمَدَ الْحَدَّادَ أَخْبَرَهُمْ - قِرَاءَةً عَلَيْهِ - أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، نَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ - إِمْلَاءً، ثَنَا سَلَامَةُ بْنُ نَاهِضٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْخُزَزِ قَالَا: نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْوَلِيدِ الطَّبَرَانِيُّ، نَا عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَسِيدِ بْنِ صَفْوَانَ صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه سَجَّوْهُ ثَوْبًا، وَارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ بِالْبُكَاءِ، وَدُهِشَ النَّاسُ كَيَوْمِ قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه بَاكِيًا مُسْتَرْجِعًا، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ

⦗ص: 18⦘

وَعِنْدَهُ (وَأَعْظَمَهُمْ مَنَاقِبَ) وَعِنْدَهُ (هَدْيًا وَسَمْتًا وَخُلُقًا وَدَلًّا) وَعِنْدَهُ (وَأَصْوَبَهُمْ مَنْطِقًا، وَأَشَدَّهُمْ يَقِينًا، وَأَشْجَعَهُمْ قَلْبًا، وَأَحْسَنَهُمْ عَقْلًا، وَأَعْرَفَهُمْ بِالْأُمُورِ. كُنْتَ وَاللهِ لِلدِّينِ يَعْسُوبًا أَوَّلًا حِينَ تَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْهُ وَآخِرًا حِينَ قَلُّوا»).

وَرَوَاهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ دَلْهَمِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَسِيدٍ.

وَرَوَاهُ عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، عَنْ أَبِي حَفْصٍ الْعَدَوِيِّ - وَهُوَ عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ - عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ أَسِيدٍ.

وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ.

وَعُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو حَفْصٍ الْعَبْدِيُّ الْبَصْرِيُّ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: ثِقَةٌ.

وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَا يُحْتَجُّ بِهِ.

وَقَدْ سَبَقَ قَوْلُنَا: إِنَّ أَبَا حَاتِمٍ الرَّازِيَّ رحمه الله قَالَ فِي غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحِ لَا يُحْتَجُّ بِهِ، مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الْجَرْحِ، فَلَا يُقْبَلُ الْجَرْحُ إِلَّا بِبَيَانِ مَا هُوَ. وَاللهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا رِوَايَةُ حَمَّادِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَمَّادٍ، وَزِيَادَتُهُ فِي الْإِسْنَادِ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عَيَّاشٍ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ حَفِظَهُ، وَيَحْتِمَلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ

⦗ص: 19⦘

وَهِمَ، فَإِنَّ أَكْثَرَ الرِّوَايَاتِ تَأْتِي مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ إِسْمَاعِيلَ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

وَحَمَّادٌ هَذَا لَمْ أَرَهُ فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ، وَلَا فِي كِتَابِ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ.

ص: 17

إِيَاسُ بْنُ عَامِرٍ الْغَافِقِيُّ - يُعَدُّ فِي الْمِصْرِيِّينَ - عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ

ص: 20

400 -

أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ ثَابِتٍ، يُعْرَفُ بِابْنِ جُوَالِقَ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَنَحْنُ نَسْمَعُ - بِبَغْدَادَ - قِيلَ لَهُ: أَخْبَرَكُمْ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي الْأَنْصَارِيُّ - قِرَاءَةً عَلَيْهِ - أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَوْهَرِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ، نَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى، نَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَيُّوبَ الْغَافِقِيِّ، حَدَّثَنِي عَمِّي إِيَاسُ بْنُ عَامِرٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه.

ص: 20

401 -

أَخْبَرَنِي أَبُو طَاهِرٍ الْمُبَارَكُ بْنُ أَبِي الْمَعَالِي - يُعْرَفُ بِابْنِ الْمَعْطُوشِ - بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ مِنْ بَغْدَادَ - قُلْتُ لَهُ: أَخْبَرَكُمْ أَبُو الْقَاسِمِ

⦗ص: 21⦘

هِبَةُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ - قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَأَنْتَ تَسْمَعُ - أَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُذْهِبِ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْقَطِيعِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، أَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثَنَا مُوسَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي عَمِّي إِيَاسُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُسَبِّحُ مِنَ اللَّيْلِ وَعَائِشَةُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ» .

مُوسَى بْنُ أَيُّوبَ، وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ.

وَإِيَاسُ بْنُ عَامِرٍ، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ: رَوَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ. رَوَى عَنْهُ ابْنُ أَخِيهِ مُوسَى بْنُ أَيُّوبَ الْغَافِقِيُّ، يُعَدُّ فِي الْمِصْرِيِّينَ، سَمِعْتُ أَبِي وَأَبَا زُرْعَةَ يَقُولَانِ ذَلِكَ.

ص: 20