المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وبناء على ما تقدم لا تصح هذه الروايات، والمعول على - الأدلة الشرعية على تحريم مصافحة المرأة الأجنبية

[حسام الدين عفانة]

الفصل: وبناء على ما تقدم لا تصح هذه الروايات، والمعول على

وبناء على ما تقدم لا تصح هذه الروايات، والمعول على ما جاء في الصحيح من أنه عليه الصلاة والسلام لم يصافح النساء بحائل ولا بدون حائل.

وقال الحافظ العراقي: [وقال بعضهم: صافحن بحائل وكان على يده ثوب قطري، وقيل كان عمر يصافحهن عنه. ولا يصح شيء من ذلك لا سيما الأخير، وكيف يفعل عمر رضي الله عنه أمراً لا يفعله صاحب العصمة الواجبة]. (1)

وقال الشيخ الألباني بعد أن ساق الروايات المذكورة أعلاه: وكلها مراسيل لا تقوم بها الحجة. (2)

‌الشبهة الخامسة:

زعموا أنه ليس على المسلمين التأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم في تركه للمصافحة لأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إني لا أصافح النساء) ليس فيه إلا الامتناع عن الفعل، والتأسي لا يكون إلا بأفعاله وهو لم يفعل شيئاً في هذه الحادثة سوى الامتناع عن الفعل. (3)

والجواب: أن هذا خطأ فاحش فإنه ينبغي أن يعلم أن الترك وهو المعروف عند الأصوليين بالكف يعد فعلاً لقوله تعالى: (كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) فقد ذمهم الله تبارك وتعالى على ترك النهي عن المنكر، وسمي تركهم لذلك فعلاً:(لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ).

(1) طرح التثريب 7/ 44.

(2)

السلسلة الصحيحة ص 53 المجلد الثاني.

(3)

الخلاص ص60.

ص: 38

قال حجة الإسلام الغزالي: [والكف فعل يثاب عليه]. (1)

وقال الشوكاني: [

لأن الكف فعل]. (2)

فإذا ثبت أن الترك فعل فعلينا التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فهو قدوتنا:(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ). (3)

قال الآمدي: [أما التأسي بالغير فقد يكون بالفعل والترك]. (4)

وقال أيضاً: [أما التأسي في الترك فهو ترك أحد الشخصين مثل ما ترك الآخر في الأفعال على وجهه، وصفته من أجل أنه ترك]. (5)

فعلينا أن نترك مثلما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قال الشوكاني:

[تركه صلى الله عليه وسلم للشي كفعله له في التأسي به] وقال ابن السمعاني: [إذا ترك الرسول صلى الله عليه وسلم شيئاً وجب علينا متابعته فيه، ألا ترى أنه عليه الصلاة والسلام لما قدم الضب فأمسك

عنه وترك أكله أمسك عنه الصحابة وتركوه إلى أن قال لهم: إنه ليس بأرض قومي فأجدني أعافه وأذن لهم في أكله]. (6)

وقال العلامة ابن القيم تحت عنوان: [فصل: نقل الصحابة ما تركه صلى الله عليه وسلم: وأما نقلهم لتركه صلى الله عليه وسلم فهو نوعان وكلاهما سنة](7)، ثم قال: [

فإن تركه صلى الله عليه وسلم سنة كما أن فعله سنة]. (8)

(1) المستصفى 1/ 90.

(2)

إرشاد الفحول ص 13.

(3)

سورة الأحزاب آية 21.

(4)

الأحكام للآمدي 1/ 158.

(5)

المصدر السابق.

(6)

إرشاد الفحول ص 42.

(7)

إعلام الموقعين 2/ 389.

(8)

المصدر السابق 2/ 390.

ص: 39

وقال الشيخ علي محفوظ: [فاعلم أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم كما تكون بالفعل تكون بالترك، فكما كلفنا الله تعالى باتباع النبي صلى الله عليه وسلم في فعله الذي يتقرب به إذا لم يكن من باب الخصوصيات كذلك طالبنا في تركه فيكون الترك سنة، وكما لا نتقرب إلى الله بترك ما فعل لا نتقرب إليه بفعل ما ترك، فلا فرق بين الفاعل لما ترك والتارك لما فعل]. (1)

وبهذا يتضح لكل ذي عقل بطلان دعواهم الزائفة أن التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكون إلا بالفعل، فعلى المسلم ألا يصافح النساء تأسياً واقتداءً بقدوتنا وأسوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال ابن النجار الحنبلي: [التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم فعلك كما فعل، لأجل أنه فعل، وأما التأسي في الترك فهو أن تترك ما تركه لأجل أنه ترك]. (2)

ومما يجدر ذكره هنا أن الجهل بأن السنة النبوية تنقسم إلى فعلية وتركية أوقع كثيراً من الناس في البدع، فالرسول صلى الله عليه وسلم ترك أموراً لم يفعلها مع توفر الداعي لفعلها، ولم يكن هناك مانع من فعلها ومع ذلك تركها الرسول صلى الله عليه وسلم، فدل ذلك على أنها ليست مشروعة وأن الترك هو المشروع كما ترك النبي عليه الصلاة والسلام القراءة على الأموات وكما ترك الأذان لصلاة العيدين والتراويح وكما ترك صلاة ليلة النصف من شعبان ونحو ذلك.

فمن ترك مثلما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو متأس ومقتد به ومصيب للسنة، ومن فعل ما تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مبتدع مجانب للهدي النبوي.

(1) الإبداع في مضار الابتداع ص 34 - 35.

(2)

شرح الكوكب المنير 2/ 196.

ص: 40