المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وحديث أم عطية الذي هو عمدتكم الأولى والأخيرة ليس فيه - الأدلة الشرعية على تحريم مصافحة المرأة الأجنبية

[حسام الدين عفانة]

الفصل: وحديث أم عطية الذي هو عمدتكم الأولى والأخيرة ليس فيه

وحديث أم عطية الذي هو عمدتكم الأولى والأخيرة ليس فيه ذكر للمصافحة، والرواية الأخرى لحديث أم عطية عند مسلم تبين أنها تأخرت عن قبول البيعة حتى تسعد المرأة التي أسعدتها.

وبعد كل هذه الأدلة والحجج القوية الصحيحة والصريحة التي تبين بياناً شافياً أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصافح النساء يأتي النبهاني ومن تابعه بعد أربعة عشر قرناً من الزمان فيقولون أن الرسول صلى الله عليه وسلم صافح النساء في البيعة؟!

سبحانك هذا بهتان عظيم وافتراء مبين وصم للعيون والقلوب والآذان عن أقوال أولئك الهادة المتقين.

‌الشبهة الثامنة:

وهي من استدلالاتهم العجيبة الغربية حيث احتجوا بما رواه الترمذي: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ يوماً بجماعة نسوة فأومأ بيده بالتسليم) وما رواه أبو داود عن أسماء بنت يزيد: (مرّ علينا النبي صلى الله عليه وسلم في نسوة فسلم علينا) وفي رواية: (فألوى بيده بالتسليم)(1)، وقالوا أيضاً:(فسلم عليهن بيده) يفيد أن التسليم باليد والتسليم يعني المصافحة ولا يعني بالإيماء أو الإشارة لأن فيه تشبهاً باليهود والنصارى وقد نهى عن ذلك بقوله: (لا تشبهوا باليهود والنصارى فإن تسليم اليهود إشارة بالأصابع وتسليم النصارى الإشارة بالكف)[إذن فما دام كذلك فلا يخرج الأمر عن كونه صلى الله عليه وسلم يسلم بيده مصافحة]. (2)

(1) الخلاص ص 59.

(2)

المصدر السابق ص 62.

ص: 46

والجواب: إن دعواكم أن التسليم معناه المصافحة صحيح ولكن عند العوام!! وأما عند أهل اللغة وعند أهل الحديث وعند العلماء فإن التسليم معناه طرح السلام باللسان أو مع الإشارة باليد، وهكذا فسره أحد رواة الحديث فقد جاء في

رواية الترمذي: [فأومأ بيده بالتسليم وأشار عبد الحميد بيده](1)، وعبد الحميد هو أحد رواة الحديث فسر معنى ألوى بيده، وأهل اللغة فسروا أومأ بيده أي أشار، قال الجوهري:[أومأت إليه: أشرت](2)، وكذلك ألوى: أشار. قال ابن منظور: [ألوى إليّ بيده إلواءً بيده أي إشارة بيده لا غير]. (3)

ومن خلال ما تقدم نعرف أن أومأ بيده وألوى بيده أي أشار ونعلم أن المقصود بالتسليم هو طرح السلام وهذا هو الصحيح وهو المعروف الوارد في السنة كما في الحديث عن أم هانئ قالت: (ذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يغتسل فسلمت عليه، فقال هذه أم هانئ قلت: أم هانئ، قال: مرحباً) رواه البخاري ومسلم.

ونحن نسأل ما معنى سلمت عليه هل تعني أنها صافحته أم تعني أنها طرحت السلام عليه؟

ومثل ذلك حديث أبي هريرة أنه عليه الصلاة والسلام قال: (يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير) رواه البخاري ومسلم ومثل ذلك ما ورد عن ابن عمر أنه قال: (إذا سلمت

فأسمع) رواه البخاري في الأدب المفرد وقال الحافظ سنده صحيح. (4)

(1) سنن الترمذي 5/ 58.

(2)

الصحاح مادة أومأ.

(3)

لسان العرب مادة لوى.

(4)

فضل الله الصمد شرح الأدب المفرد 2/ 490.

ص: 47

وأصرح من ذلك كله ما جاء في حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خلق الله آدم على صورته

قال اذهب فسلم على أولئك النفر من الملائكة جلوس فاستمع ما يحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليكم ورحمة الله) رواه البخاري (1)، وغير ذلك من الأحاديث الكثيرة في هذا الباب.

وقولكم أن الروايتين تدلان على المصافحة ولا يصح حملهما على الإشارة لأن النهي ورد في عدم التشبه باليهود

والنصارى، فالصحيح أن نحملهما على الإشارة لأن حملهما على المصافحة باطل، وأما النهي عن التشبه باليهود والنصارى في السلام إشارة فالمقصود بذلك هو الاقتصار على الإشارة. وفي حديث أسماء جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين اللفظ والإشارة كما يظهر في رواية أبي داود فسلم علينا.

والتسليم بالإشارة يجوز لمن كان بعيداً بحيث لا يسمع التسليم، فيجوز التسليم عليه بالإشارة ويتلفظ مع ذلك بالسلام. هذا ما أفاده الإمام النووي (2) والحافظ ابن حجر (3)، وقال العلامة الجيلاني:

[والنهي عن السلام بالإشارة مخصوص بمن قدر على اللفظ حساً وشرعاً، وإلا فهي مشروعة لمن يكون في شغل يمنعه من التلفظ بجواب السلام كالمصلي والبعيد والأخرس وكذا السلام على الأصم]. (4)

(1) صحيح البخاري مع فتح الباري 13/ 238 - 240.

(2)

الأذكار ص 210.

(3)

فتح الباري 13/ 255.

(4)

فضل الله الصمد 2/ 489.

ص: 48