المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الوجه الثالث: إن دعواكم بأن حديث أم عطية نص في المصافحة - الأدلة الشرعية على تحريم مصافحة المرأة الأجنبية

[حسام الدين عفانة]

الفصل: الوجه الثالث: إن دعواكم بأن حديث أم عطية نص في المصافحة

الوجه الثالث:

إن دعواكم بأن حديث أم عطية نص في المصافحة دعوى لا ينقضي منها العجب وهي دعوى عريضة ينقصها الدليل ويعوزها البرهان، ومستغربة أشد الاستغراب، ولا أدري كيف يكون حديث أم عطية نصاً في المصافحة ولا ذكر للمصافحة فيه بحال من الأحوال.

وكيف يكون نصاً في المصافحة في البيعة كما زعمتم، وعائشة وعبد الله بن عمرو وأميمة بنت رقيقة - التي حضرت البيعة - يقولون إن النبي صلى الله عليه وسلم بايع النساء دون مصافحة؟

وكيف يكون نصاً في المصافحة في البيعة وأنتم تقولون إن امتناع الرسول عليه الصلاة والسلام عن المصافحة امتناع منه عن مباح، فأنتم قد أثبتم أنه عليه الصلاة والسلام لم يصافح النساء في البيعة وتقولون هنا أن حديث أم عطية نص في المصافحة فما هذا التناقض؟

‌الشبهة الثانية:

قال النبهاني عن حديث أم عطية: [فهذا حديث يدل على أن الرسول بايع النساء بالمصافحة بدليل قوله: (فقبضت امرأة منا يدها) فإن معناها أن النساء الأخريات اللواتي معها لم يقبضن أيديهن، يعني أنهن بايعن بأيديهن، أي بالمصافحة، وحديث أميمة يقول: (إني لا أصافح النساء) وعائشة تقول: (ما مست يده يد امرأة) وفي هذا تعارض فيكون حديث البيعة بالمصافحة يتعارض مع حديث أنه لم يصافح النساء]. (1)

(1) الشخصية الإسلامية 3/ 107 - 108.

ص: 34

والجواب: إن دعوى التعارض التي رسمها النبهاني غير صحيحة، فإن التعارض لا يكون بين قول الرسول صلى الله عليه وسلم وبين فهم خاطئ فهمه أحد الناس من نص شرعي، وإنما التعارض المعتبر عند الأصوليين هو الذي يقع بين دليلين شرعيين متساويين على سبيل التمانع (1)، فهل هذا متحقق في

دعواكم التعارض المزعوم، وإذا أعدنا النظر في هذه الدعوى فماذا نجد؟

نجد قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (لا أصافح النساء) وقول عائشة: (ما مست يده يد امرأة) ثم نجد تأويل النبهاني لحديث أم عطية يعارض قول الرسول عليه الصلاة والسلام؟

وهل تأويل النبهاني دليل شرعي حتى يعارض قول الرسول صلى الله عليه وسلم. والغريب العجيب أن النبهاني يجزم بوقوع مصافحة النساء في البيعة لمجرد تأويله الباطل لقبضت امرأة يدها وكأنه كان حاضراً للبيعة، ويرّد حديث عائشة رضي الله عنها ثم يقولون إن ذلك مبلغ علماها، ولا يأخذون بقول الرسول صلى الله عليه وسلم:(إني لا أصافح النساء) مع أنه قاله في البيعة كما في حديث أميمة.

فدعوى التعارض ساقطة، ولا تعارض بين النصوص في هذه المسألة إلا في خيالكم، فحديث أم عطية لا مصافحة فيه أبداً وهو منسجم مع بقية الأحاديث في هذه المسألة، وتأويلكم الباطل وتحميلكم للنص ما لا يحتمل جعله في زعمكم

متعارضاً مع حديثي عائشة وأميمة وفي الحقيقة والواقع لا تعارض.

(1) انظر إرشاد الفحول ص 273، أصول السرخسي 2/ 12، التعارض والترجيح عند الأصوليين ص39، أدلة التشريع المتعارضة ص20 - 23.

ص: 35