المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الشبهة الخامسة عشرة: - الأدلة الشرعية على تحريم مصافحة المرأة الأجنبية

[حسام الدين عفانة]

الفصل: ‌الشبهة الخامسة عشرة:

‌الشبهة الخامسة عشرة:

زعموا أن قول النبي صلى الله عليه وسلم إني لا أصافح النساء ولو كان مفيداً للتحريم لكان متعارضاً مع مصافحته عليه الصلاة والسلام

للنساء وهي مباحة، فيتعارض الخبر الذي فيه تحريم مع الخبر الذي فيه إباحة فيرجح المباح على التحريم واحتجوا بكلام للآمدي حيث قال:[إذا كان أحد الأمرين ناهياً والآخر مبيحاً فالمبيح يكون مقدماً]. (1)

والجواب: إن دعواهم بالتعارض بين الأمرين المذكورين إنما هو تعارض في خيالهم فقط لا في الواقع وحقيقة الأمر، لأن الثابت الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يصافح النساء كما سبق وبينا، ولو سلمنا جدلاً بوقوع المعارضة فكلامهم في ترجيح المبيح على المحرم غير صحيح وأن ما قاله الآمدي في هذه المسألة مرجوح والذي عليه جمهور الأصوليين والفقهاء أنه إذا تعارض الحظر مع الإباحة فالحظر مقدم.

وهذا قول الإمام أحمد والكرخي والإمام الرازي وابن الحاجب وابن

السمعاني وابن السبكي والشوكاني (2)، وصححه أبو إسحاق الشيرازي فقال:[أن يكون أحدهما يقتضي الحظر والآخر الإباحة ففيه وجهان أحدهما أنهما سواء والثاني أن الذي يقتضي الحظر أولى وهو الصحيح لأنه أحوط]. (3)

(1) الخلاص ص 62، وانظر الأحكام للآمدي 4/ 218.

(2)

انظر المحصول 2/ 587، إرشاد الفحول ص 279،283، اللمع في أصول الفقه ص 242، فواتح الرحموت 2/ 206، شرح الكوكب المنير 4/ 279، التعارض والترجيح عند الأصوليين ص 362 - 364، التعارض والترجيح بين الأدلة الشرعية 2/ 325 - 236، التقرير والتحبير 3/ 21، أدلة التشريع المتعارضة ص 100.

(3)

اللمع في أصول الفقه ص 242.

ص: 55

واحتجوا بما يلي:

1.

تقديم المباح على الحرمة يفيد إيضاح الواضح لأن الأصل في الأشياء الإباحة، فهذا الدليل لم يفد شيئاً جديداً بل أفاد نفس ما أفادته الإباحة الأصلية والمصير إلى خلافه وهو تقديم المفيد للحظر أولى لقاعدة تقديم التأسيس على التأكيد.

2.

قول النبي صلى الله عليه وسلم: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) رواه أحمد والنسائي والترمذي وقال: حسن صحيح.

3.

ولأن الأخذ بالتحريم وترجيحه على المباح فيه عمل بالأحوط، وذلك لأنه يترتب على ترجيح التحريم ترك الفعل

والفعل إن كان حراماً في الواقع فقد تركه المكلف بترجيحه لجانب التحريم ومن ثم فلا ضرر عليه بتركه وإن لم يكن حراماً في الواقع بأن كان مباحاً فلا شيء عليه كذلك في تركه لأنه لا عقاب عليه بترك المباح وأما إذا عمل بالمبيح فإنه قد يترتب عليه العقاب إذا كان الفعل حراماً في الواقع ونفس الأمر فنفي العقاب ثابت في الأول وهو جانب ترجيح التحريم على جميع الاحتمالات بخلاف الثاني فإنه إنما ينتفي على احتمال واحد فقط وهو ما إذا كان الفعل مباحاً باعتبار الواقع ونفس الأمر. ومن هنا يظهر بوضوح أن العمل بالمحرم والقول بترجيحه على المبيح أحوط.

4.

ويمكن أن يستدل أيضاً بما ورد عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (ما اجتمع الحرام والحلال إلا وغلب الحرام الحلال). (1)

(1) التعارض والترجيح بين الأدلة الشرعية 2/ 325 - 326، التعارض والترجيح عند الأصوليين ص 363 - 364.

ص: 56