الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما تقتضيه صيغة النهي:
صيغة النهي عند الإطلاق تقتضي تحريم المنهي عنه وفساده.
فمن الأدلة على أنها تقتضي التحريم قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: من الآية 7] فالأمر بالانتهاء عما نهى عنه، يقتضي وجوب الانتهاء، ومِنْ لَازِمِ ذلك تحريم الفعل.
ومن الأدلة على أنه يقتضي الفساد قوله صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» (1)؛ أي: مردود، وما نهى عنه؛ فليس عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون مردوداً.
هذا وقاعدة المذهب في المنهي عنه هل يكون باطلاً أو صحيحاً مع التحريم؟ كما يلي:
1 -
أن يكون النهي عائداً إلى ذات المنهي عنه، أو شرطه فيكون باطلاً.
2 -
أن يكون النهي عائداً إلى أمر خارج لا يتعلق بذات المنهي عنه ولا شرطه، فلا يكون باطلاً.
= مثال ما وصف الفعل بالتحريم: قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا} .
ومثال وصفه بالقبح: قوله صلى الله عليه وسلم: «ثمن الكلب خبيث» .
ومثال ذم فاعله: قوله صلى الله عليه وسلم: «يئس» .
ومثال ما رتب على فعله عقاب: قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً} [النساء: 10].
(1)
رواه مسلم «1718» «18» كتاب الأقضية، 8 - باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور.
مثال العائد إلى ذات المنهي عنه في العبادة: النهي عن صوم يوم العيدين.
ومثال العائد إلى ذاته في المعاملة: النهي عن البيع بعد نداء الجمعة الثاني ممن تلزمه الجمعة.
ومثال العائد إلى شرطه في العبادة: النهي عن لبس الرجل ثوب الحرير، فستر العورة شرط لصحة الصلاة، فإذا سترها بثوب منهي عنه، لم تصح الصلاة لعود النهي إلى شرطها.
ومثال العائد إلى شرطه في المعاملة: النهي عن بيع الحمل، فالعلم بالمبيع شرط لصحة البيع، فإذا باع الحمل لم يصح البيع لعود النهي إلى شرطه.
ومثال النهي العائد إلى أمر خارج في العبادة: النهي عن لبس الرجل عمامة الحرير، فلو صلى وعليه عمامة حرير، لم تبطل صلاته؛ لأن النهي لا يعود إلى ذات الصلاة ولا شرطها.
ومثال العائد إلى أمر خارج في المعاملة: النهي عن الغش، فلو باع شيئاً مع الغش لم يبطل البيع؛ لأن النهي لا يعود إلى ذات البيع ولا شرطه.
وقد يخرج النهي عن التحريم إلى معانٍ أخرى لدليل يقتضي ذلك، فمنها:
1 -
الكراهة: ومثلوا لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يمسنَّ أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول» (1)، فقد قال الجمهور: إن النهي هنا
(1) رواه البخاري «153» كتاب الوضوء، 18 - باب النهي عن الاستنجاء باليمين.
ومسلم «267» كتاب الطهارة، 18 - باب التهي عن الاستنجاء باليمين.
واللفظ له.