المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأول: أثر الالتزام بالأخلاق الفاضلة في تقوية الرابطة الإيمانية - أثر الإيمان في تحصين الأمة الإسلامية ضد الأفكار الهدامة - جـ ٢

[عبد الله بن عبد الرحمن الجربوع]

فهرس الكتاب

-

- ‌المجلد الثاني

- ‌الباب الثاني: أثر الإيمان في تحصين القلب ضد الأفكار الهدامة

- ‌الفصل الثالث: أثرالإيمان في تزكية القلوب

- ‌المبحث الأول: أثر التزكية في طمأنينة القلب

- ‌المبحث الثاني: أثر التزكية في حصول النور والفرقان

-

- ‌الباب الثالث: أثر الإيمان في تحصين المجتمع المسلم ضد الأفكار الهدامة " الأثر الإجتماعي

-

- ‌الفصل الأول: أثر الرابطة الإيمانية والأخلاق والنظم الإسلامية في صيانة المجتمع المسلم من الانحراف الفكري

-

- ‌المبحث الأول: أثر المحافظة على الرابطة الإيمانية في الحصانة الفكرية

- ‌المطلب الأول: أثر الالتزام بالأخلاق الفاضلة في تقوية الرابطة الإيمانية

- ‌المطلب الثاني: أثر قيام أفراد المجتمع بالحقوق المفروضة لبعضهم على بعض في قوة الرابطة الإيمانية

- ‌المطلب الثالث: الالتزام بالنظام الاجتماعي والاقتصادي الإسلامي وأثره في قوة الرابطة الإيمانية

- ‌المطلب الرابع: المحافظة على الوحدة الفكرية

-

- ‌المبحث الثاني: العمل على سلامة مقومات المجتمع المسلم

- ‌المطلب الأول:أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكونه واجباً اجتماعياً

- ‌المطلب الثاني: أثر القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في تحصين المجتمع من الأفكار الهدامة

-

- ‌الفصل الثاني: دور ولاية الأمر في حماية المجتمع من الأفكار الهدامة

- ‌المبحث الأول:ضوابط الإمامة في المجتمع المسلم

- ‌المبحث الثاني: وظائف الإمامة، ومقاصد الحكم

- ‌الفصل الثالث: أثر وضع الدولة المتمكن في الأرض في تحصين المجتمع ضد الأفكار الهدامة

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌المطلب الأول: أثر الالتزام بالأخلاق الفاضلة في تقوية الرابطة الإيمانية

‌المطلب الأول: أثر الالتزام بالأخلاق الفاضلة في تقوية الرابطة الإيمانية

لقد تقدم أن الله تعالى جعل الرابطة بين أفراد المجتمع الإسلامي الأخوة الإيمانية، لذلك حث على الابتعاد عن كل ما يضعفها، والحرص على التخلص من كل طارئ يحدث الخلل بها، وبالمقابل شرع للمسلمين أخلاقاً وآداباً ونظماً في المعاملات إذا التزموا بها ساد بينهم الحب والإخاء وانقطعت موارد الكره والشحناء.

وأهمية الأخلاق في المجتمع المسلم تعود إلى عظم أثرها في تقوية الرابطة بين أفراد المجتمع المسلم، لذلك ورد الإيضاح والتفصيل لها في كثير من آيات الكتاب، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم.

قال عبد الكريم زيدان: "كثرة الآيات القرآنية المتعلقة بموضوع الأخلاق، أمراً بالجيد منها ومدحاً للمتصفين به، ومع المدح الثواب، ونهياً عن الرديء منها، وذم المتصفين به، ومع الذم العقاب. ولا شك أن كثرة الآيات في موضوع الأخلاق أمر مهم جداً لا يستغني عنه المسلم وأن مراعاة الأخلاق تلزم المسلم في جميع الأحوال، فهي تشبه أمور العقيدة من جهة عناية القرآن بها في سوره المكيّة والمدنية على حد سواء"1.

1 أصول الدعوة ص78 د. عبد الكريم زيدان، دار عمر بن الخطاب للطباعة والنشر، الإسكندرية، ط: الثالثة، 1396هـ.

ص: 561

وهذا التشابه بين أمور العقيدة والأخلاق من حيث التركيز عليها من جهة الأمر بالتزامها، والإيضاح والتفصيل لجميع جوانبها، يدل على التلازم بينهما، فالأخلاق لازمة لقوة العقيدة وانتشارها، كما أن العقيدة الصحيحة باعثة على الخلق الكريم.

فإذا كانت الأعمال الصالحة وقوة الصلة بالله من أسباب زيادة الإيمان في قلب المؤمن ورسوخه، فإن الأخلاق الفاضلة والتعامل بها بين أفراد المؤمنين سبب لتلاحمهم وترابطهم على أساس العقيدة، فتكون الأخلاق الفاضلة سبباً في قوة عقيدة المجتمع ورسوخ إيمانه.

كما أن التزام المؤمن بالأخلاق الفاضلة يجذب الناس إلى الإيمان، ويحببهم فيه فيدخلون في الإسلام، وقد أشار الله إلى هذا الأثر بقوله:{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران:159] .

وبهذا يتبين الأثر الوثيق بين المعتقد والأخلاق في المجتمع المسلم، وأن الرابطة العقدية والأخوة الإيمانية تزيد كلما التزم أفراد المجتمع بالخلق الفاضل، وكذلك تأثير المجتمع وجاذبيته تزيد إذا سادت الأخلاق، والعكس صحيح، فإن هذين الأثرين يضعفان ويكادان ينحسران إذا ساءت الأخلاق.

ونظام الأخلاق في الإسلام يشمل أموراً حثّ الشارع على فعلها والتحلي بها، لما لها من الأثر في صلاح المجتمع والأفراد، وقربهم من الله،

ص: 562

فبالتزامها تسود المحبة وتتقارب القلوب، ويتعامل الناس بالمودة والتراحم والتعاون، وتوجد الثقة بين أفراده، ويشعر الجميع بالرضى والأمن. ومن هذه الآداب:

الصدق في الحديث والمعاملة، والعدل في الحكم والعلاقات، والأمانة في جميع الأمور، والوفاء بالعهد والعقود، والحياء، والحلم، والأناة والرفق، والتعاون على البر والتقوى، والتوادّ والتراحم والتعاطف، والصبر والكرم، والشجاعة.

كما يشمل أموراً من الخلق القبيح نهى الإسلام عنها وحذر منها، لما لها من أثر في بعد المسلمين عن ربهم، وتنافرهم وضعف الرابطة فيما بينهم، وانبعاث بذور الفرقة والشر بينهم، ومن هذه الصفات الذميمة: الكذب، والظلم، ونقض العهد، وتضييع الأمانة، والنفاق الملي، والتكبر والفخر والبخل، والنميمة والغيبة، والغش والخداع، والتحاسد، والخيانة، واللعن والسباب، والفحش، وشهادة الزور وقذف المحصن،

إلى غير ذلك من الأخلاق الرذيلة التي توغر الصدور، وتبعث الشرور وتفرق بين المسلمين، فتضعف الرابطة الإيمانية، ويتهدم هذا السور المنيع، وتصبح فيه ثغرات وممرات يدخل منها الشر الفكري، والمكر الخفي والجلي، ويصبح المجتمع ميداناً لخيل المنافقين، والحاقدين المتربصين، قد أقيمت فيه سوق الضلالات، وصدع فيه بأنواع الجهالات، وليس للمسلمين وحدة يقمعون بها ذلك، بل صار حولهم بينهم وكيدهم على بعضهم، يثبّط

ص: 563

بعضهم بعضاً، وينقض الأخ غزل أخيه، وربما تآمر عليه وفرح بالمكروه يصيبه.

وخلاصة هذا المبحث: أن للأخلاق الفاضلة التي حثّ الإسلام عليهاً أثراً عظيماً في قوة الرابطة الإيمانية بين أفرد المجتمع المسلم، كما أنها من أبرز الأسباب التي تحمل على الدخول في الإسلام.

ص: 564