الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الأمن الاجتماعي]
الأمن الاجتماعي: ويحتاج المجتمع المسلم إلى الأمن الاجتماعي، وهو تعبير حديث، لكنه يعبر عن معنى إسلامي، وهو أن يكون المجتمع المسلم، كالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضا.
ونجد هذا المعنى واضحاً أشد الوضوح في الحديث الشريف:
وقد أمر الله المؤمنين بالتعاون على البر والتقوى، ونهاهم عن التعاون على الإثم والعدوان.
يقول الله تعالى:
{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2](المائدة الآية 2) .
ويقول تعالى:
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10](الحجرات الآية 10)
وهذه الأخوة التي جعلها الله بين المؤمنين، قرينة الولاية المتبادلة بينهم:
{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة: 71](التوبة الآية 71) .
وقد تضمن تشريع الإسلام، ما يكفل قيام هذه الأخوة والولاية المتبادلة.
ويظهر ذلك فيما يلي:
أولاً: تشريع الزكاة التي تؤخذ من أغنياء المسلمين وترد على فقرائهم، وهو تشريع يحقق الأمن الاجتماعي، يشعر فيه القادر بأنه مسئول عن غير القادر في الوفاء بضرورات حياته، حتى لا يشيع الحقد في المجتمع، إذا كان المال بيد الأغنياء وحدهم، ولا ينال العاجز والضعيف منه شيء.
وهذه الغاية، من أهم الأهداف التي تسعى إليها
المجتمعات في زماننا المعاصر، وقد شرع الإسلام الزكاة لتحقيق هذا الهدف الذي ضلت مجتمعات كثيرة في العالم المعاصر كيفية الوصول إليه، واشتطت كثير من المذاهب والآراء في اتخاذ الوسيلة إليه، حتى إنها اتخذت العدوان على الحقوق، وبث الحقد في النفوس، طريقا للأمن الاجتماعي.
وقد ثبت فشل المذاهب والآراء التي أرادت تقريب الفوارق بين الناس على غير هدي الإسلام وبغير وسيلته.
ومن أهم محتويات كتب الفقه الإسلامي، كتاب الزكاة، الذي يبين أنواع الزكاة ونصابها، ومن تجب عليه، ومن يستحقها، ومصارفها، وواجب ولي الأمر في تحصيلها، وتوزيعها على أصناف المستحقين.
يقول الله تعالى:
{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ} [التوبة: 60](التوبة الآية 60) .
ثانيا: أوجب الإسلام نفقة القريب الفقير على القريب الغني، الذي يرثه، مما يقوي رباط الأسرة ويجعل المجتمع متماسكاً، يشعر فيه كل قادر بأنه مسئول عن أقرب الناس إليه.
كما أوجب رعاية الجار.
يقول الله تعالى:
{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 36](النساء الآية 36) .
وهذا التوجيه القرآني، يشمل رعاية الجار، وأصنافاً من الضعفاء في المجتمع.
والأحاديث الواردة في رعاية الجار، أكثر وأشهر من أن تذكر في هذا المجال.
والمقصود من تشريع الرفق بالضعفاء، ورعاية
الجار، هو المحافظة على الأمن الاجتماعي داخل الأسرة وفي المجتمع الكبير.
يضاف إلى ذلك ما ورد في القرآن الكريم وفي السنة المطهرة، في شأن الصدقة وصلة الأرحام والإحسان إلى الأيتام، وتوقير العلماء وأهل الفضل، وحض الحكام وولاة الأمر على الرفق بالناس، وتبادل النصح بين الراعي والرعية.
ثالثاً: أقام الإسلام فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي فريضة جماعية، أي تؤديها طائفة لحساب المجتمع كله.
يقول الله تعالى:
{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 104](آل عمران الآية 104) .
فإقامة هذه الفريضة في المجتمع، تضمن أمنه وسلامة الناس وتضامنهم في دفع الفساد وتحصيل