المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومتابعتها] - الأمن في حياة الناس وأهميته في الإسلام

[عبد الله بن عبد المحسن التركي]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة]

- ‌[المبحث الأول‌‌ الأمن في الكتابوالسنة]

- ‌ الأمن في الكتاب

- ‌[الأمن في السنة النبوية]

- ‌[أهمية أمن الإنسان في الجماعة التي يعيش فيها]

- ‌[إرهاب المسلمين الأوائل في مكة والعدوان عليهم]

- ‌[كيف كان الأمن للناس جميعاً في دولة الإسلام منذ ظهرت إلى الوجود في]

- ‌[المبحث الثاني مفهوم الأمن في المجتمع المسلم]

- ‌[مفهوم أمن المجتمع وتحقيقه]

- ‌[أمن الفرد في المجتمع المسلم]

- ‌[المبحث الثالث تطبيق الشريعة والأمن الشامل]

- ‌[المقصود بالمجتمع المسلم]

- ‌[الأمن للفرد والمجتمع]

- ‌[الأمن للدولة]

- ‌[الأمن الاجتماعي]

- ‌[الأمن الاقتصادي]

- ‌[المبحث الرابع أمن غير المسلم في الدولة الإسلامية]

- ‌[الأمن مطلب إسلامي للإنسان الذي كرمه الله]

- ‌[أمن غير المسلم تكفله الشريعة]

- ‌[المبحث الخامس المملكة العربية السعودية وتطبيق السياسة الجنائية الإسلامية]

- ‌[ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومتابعتها]

- ‌[مواجهة ظاهرة الجريمة]

- ‌[ذكر الإحصاءات المتوافرة في المملكة العربية السعودية]

- ‌[الخاتمة في أهم ما يحقق الأمن للمجتمع المسلم]

الفصل: ‌[ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومتابعتها]

[المبحث الخامس المملكة العربية السعودية وتطبيق السياسة الجنائية الإسلامية]

[ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومتابعتها]

المبحث الخامس

المملكة العربية السعودية وتطبيق السياسة الجنائية

الإسلامية قامت الدولة السعودية في القرن الهجري الثاني عشر، على هدي القرآن الكريم، وحكمة السنة النبوية المشرفة، وهما الأصلان العظيمان في التشريع الإسلامي.

ولم يكن الاهتداء بالقرآن والاتباع للسنة، ظاهرين في أكثر أرجاء الجزيرة قبل قيام الدولة السعودية، ولكن قيامها، كان له الأثر الأكبر في نجاح الدعوة إلى الله، ونصرة مسيرة التوحيد، وإخلاص العبادة لله وحده لا شريك له.

لقد كانت الجزيرة العربية، التي فيها الحرمان الشريفان - قبل نشأة الدولة السعودية - في كثير من

ص: 89

أرجائها، مرتعاً للجهل وجاهلية الحياة في القيم والعادات، والتخلف الفكري، ولقد تحدث عن مظاهر هذا التخلف، وما ران على الناس من انحراف عن العقيدة الصحيحة، وتنكر لأحكام الشرع - كثير من المؤرخين والعلماء.

ولم يكن غريباً أن يكون هذا الفساد في بلاد إسلامية عديدة، وأن تتشابه فيها المنكرات الدينية، لأسباب شتى وعوامل عديدة ومتنوعة، لا يتسع المقام لشرحها.

ووسط هذا الظلام المحيط بفكر المسلمين وحياتهم، ظهرت دعوة الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب، رحمه الله، في وسط نجد، واتجهت الدعوة إلى إصلاح عقيدة الناس، وردهم إلى ما كان عليه السلف الصالح، في الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عند التنازع والاختلاف، مع احترام آراء أصحاب المذاهب الكبرى المعتبرة في الإسلام.

ص: 90

وقد جاهد الشيخ رحمه الله في دفع ما تناوله به خصوم الدعوة من تهم، وما أثاروه حول دعوته من شبهات.

وقد تهيأ للدعوة التي قامت على هدي القرآن والسنة بفضل الله، التمكين في أرض الجزيرة، بمساندة الإمام محمد بن سعود، رحمه الله، الذي تولى إمارة الدرعية عام 1139 هـ، والذي رحب بمقدم الشيخ إلى إمارته، وعاهده على النصرة والتأييد، والدعوة إلى كلمة التوحيد، كما أرادها الله في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

وقد تابع الأئمة من آل سعود، جهدهم وجهادهم في إصلاح الدين والدنيا، حتى عهد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، رحمه الله، والذي تم على يده توحيد المملكة العربية السعودية في القرن الرابع عشر الهجري، بعد جهاد استهدف إقامة شرع الله، وتنقية مجتمع المملكة من كل ما يخالف الدين، وجمع كلمة أبنائها على الحق الذي دعاهم إليه دينهم.

ص: 91

ولقد أدرك الملك المؤسس، رحمه الله، منذ توحيد المملكة على يده، أن الأمن من أهم مطالب الإنسان.

فقد جاء في إحدى خطبه، ما يجعل هذا المعنى واضحا وجليا أمام الناس جميعا:

"إن البلاد لا يصلحها غير الأمن والسكون، لذلك أطلب من الجميع أن يخلدوا للراحة والطمأنينة، وإني أحذر الجميع من نزغات الشياطين، والاسترسال وراء الأهواء التي ينتج عنها إفساد الأمن في هذه البلاد، فإني لا أراعي في هذا الباب صغيرا ولا كبيرا، وليحذر كل إنسان، أن تكون العبرة فيه لغيره ".

وهي كلمات، تعبر عن قائلها، ملك عظيم وداعية كبير.

وقد أشاد بنجاح الملك المؤسس، رحمه الله، في حفظ أمن المملكة، على اتساع أطرافها، وتعدد مناطقها، كثير من الباحثين، وحتى من غير المسلمين.

ص: 92

كما أشادت بالأمن في المملكة العربية السعودية، كثير من المؤتمرات العلمية والأمنية التي انعقدت على المستوى الدولي.

وكان لجهد الملوك من أبناء الملك المؤسس عبد العزيز، رحمه الله، أثره الكبير في استقرار الأمن، وتقدم البلاد في جميع المجالات، فقد تابعوا جميعا رسالة تحقيق الأمن والاستقرار بكل العناية والاهتمام.

وقد شهد المؤتمر الثاني والثمانون لرؤساء الشرطة في العالم، والذي عقد بمدينة ميامي في ولاية فلوريدا، بأن المملكة العربية السعودية، هي أقل دول العالم جريمة وأكثرها أمنا.

ولم يكن الاهتمام بتوفير أمن المواطن، قاصرا على حماية الأفراد من الجرائم التي ترتكب ضدهم، وتنتهك حرمة النفس والعرض والمال، ولكنه كان حماية للمجتمع كله أيضا.

ص: 93

فالأمن في مفهوم المملكة العربية السعودية، شامل للفرد والمجتمع.

ولذلك كانت الحماية من المبادئ والمذاهب والتيارات التي يدعو إليها أعداء الدين أو خصوم الشريعة، أو أصحاب البدع والأهواء.

لقد اهتمت المملكة بمحاربة الفكر الإلحادي والمادي، ممثلا في الشيوعية، وبمقاومة التعصب القومي، الذي ينحِّي الدين ويتشبث بدعاوى الجاهلية، كالعرق والجنس واللون.

وتصدت المملكة سياسياً لمن أقاموا المجازر للمسلمين في بلادهم، فكانت المملكة منذ توحيدها وإلى الآن، وستستمر بإذن الله، نعم العون والمدد للمسلمين المستضعفين في أنحاء الأرض.

يقول الملك عبد العزيز، رحمه الله، في مدينة الطائف سنة 1351 هـ:

أحذركم من أمرين:

ص: 94

" الإلحاد في الدين، والخروج عن الإسلام في هذه البلاد المقدسة، فوالله لا أتساهل في هذا الأمر أبداً، ومن رأيت منه زيغا عن العقيدة الإسلامية، فليس له من الجزاء إلا أشده، ومن العقوبة إلا أعظمها ".

والأمر الثاني:

" السفهاء الذين يسول لهم الشيطان بعض الأمور المخلة بأمن البلاد وراحتها ".

يتضح في المملكة مفهوم الأمن بأوسع معانيه، أمن الفرد على نفسه وعرضه وماله، وأمن المجتمع على دينه وقيمه الخلقية والاجتماعية، وأمن المسلمين حين يحتاجون إلى المساعدة حتى في خارج المملكة.

لقد تابع خلفاء الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، رحمه الله، سياسته، في توفير أمن المواطن وأمن المجتمع، وفي عون المسلمين في أطراف الأرض.

وكان ذلك تطبيقا أمينا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:

ص: 95

«كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته» متفق عليه.

وإعمالاً لقواعد الشريعة وأحكامها، في مواجهة الخروج عليها من بعض الأفراد.

وحماية للمجتمع وللأمة الإسلامية من التفرق والتمزق والانقسام، وراء المذاهب والتيارات والبدع والأهواء.

إن المعيار الذي يقاس به الأمن في بلد من البلاد، هو أمن المواطن أولاً، على نفسه وعرضه وماله.

وهو أظهر معيار في قياس الأمن في المجتمعات الإنسانية، ولذلك يتصدر هذا المعيار مفهوم الأمن الشامل الذي تحدثنا عنه فيما سبق.

فقد يتحمل مجتمع من المجتمعات اختلال الأمن الاقتصادي، أو الغزو الثقافي لفترة من الفترات في تاريخه، حتى يتنبه القائمون عليه إلى إصلاح الخلل الاقتصادي، أو مواجهة الغزو الثقافي.

ولكن تعرض المجتمع لاختلال أمن المواطن، أو

ص: 96