المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

المصالح.   ‌ ‌[الأمن الاقتصادي] الأمن الاقتصادي: وفي مجال الأمن الاقتصادي، حض الإسلام على - الأمن في حياة الناس وأهميته في الإسلام

[عبد الله بن عبد المحسن التركي]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة]

- ‌[المبحث الأول‌‌ الأمن في الكتابوالسنة]

- ‌ الأمن في الكتاب

- ‌[الأمن في السنة النبوية]

- ‌[أهمية أمن الإنسان في الجماعة التي يعيش فيها]

- ‌[إرهاب المسلمين الأوائل في مكة والعدوان عليهم]

- ‌[كيف كان الأمن للناس جميعاً في دولة الإسلام منذ ظهرت إلى الوجود في]

- ‌[المبحث الثاني مفهوم الأمن في المجتمع المسلم]

- ‌[مفهوم أمن المجتمع وتحقيقه]

- ‌[أمن الفرد في المجتمع المسلم]

- ‌[المبحث الثالث تطبيق الشريعة والأمن الشامل]

- ‌[المقصود بالمجتمع المسلم]

- ‌[الأمن للفرد والمجتمع]

- ‌[الأمن للدولة]

- ‌[الأمن الاجتماعي]

- ‌[الأمن الاقتصادي]

- ‌[المبحث الرابع أمن غير المسلم في الدولة الإسلامية]

- ‌[الأمن مطلب إسلامي للإنسان الذي كرمه الله]

- ‌[أمن غير المسلم تكفله الشريعة]

- ‌[المبحث الخامس المملكة العربية السعودية وتطبيق السياسة الجنائية الإسلامية]

- ‌[ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومتابعتها]

- ‌[مواجهة ظاهرة الجريمة]

- ‌[ذكر الإحصاءات المتوافرة في المملكة العربية السعودية]

- ‌[الخاتمة في أهم ما يحقق الأمن للمجتمع المسلم]

الفصل: المصالح.   ‌ ‌[الأمن الاقتصادي] الأمن الاقتصادي: وفي مجال الأمن الاقتصادي، حض الإسلام على

المصالح.

[الأمن الاقتصادي]

الأمن الاقتصادي: وفي مجال الأمن الاقتصادي، حض الإسلام على العمل.

وقد وردت كلمة العمل وما يشتق منها، أكثر من ثلاثمائة مرة في القرآن الكريم، شاملة العمل للدنيا وللآخرة.

ويشمل ذلك العمل في الزراعة والصناعة والتجارة.

يقول الله تعالى:

{وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ} [الأنبياء: 80](الأنبياء الآية 80)

. ويقول جل شأنه:

{أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ - أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} [الواقعة: 63 - 64](الواقعة الآية 63، 64) .

ويقول سبحانه:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29](النساء الآية 29) .

ص: 67

ويحض الرسول صلى الله عليه وسلم على إتقان العمل، حتى يصبح عمل المسلم، متميزاً عن عمل غيره بهذا الإتقان الذي يصل إلى مرتبة الواجب الديني:

«إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه» رواه البيهقي في الشعب، والطبراني في الكبير، والسيوطي في الجامع الصغير.

وقد وردت توجيهات عديدة في شأن الإنتاج والتوزيع والاستهلاك، وكلها تضمن ضبط هذه العناصر لتحقق أثرها في المجتمع المسلم، ولا تختل العلاقة بينها، أو يختل شيء منها، فيفسد اقتصاد المجتمع.

فالدولة الإسلامية، يجب أن تسعى إلى تحقيق كفاية الإنتاج من السلع والخدمات المختلفة لكل المسلمين فيها، من حيث الكم والكيف، وفي مجالات الزراعة والصناعة والتجارة، وجميع الخدمات الضرورية

ص: 68

للناس.

ويحض الإسلام على حماية موارد المسلمين التي أعطاهم الله وملَّكهم إياها، والمحافظة عليها، ويحض على رعاية العامل وإعطائه أجره العادل، وعلى إتقان العمل وتنظيمه.

وبذلك تشمل التوجيهات الإسلامية، كل عناصر الإنتاج من موارد طبعية، وقوة بشرية، ونظام للعمل، يضمن كفاية الإنتاج.

والمبدأ العام في التوزيع، هو العدل، فالناس جميعاً تعود إليهم ثمرات العمل، فلا يحرم العاجز والضعيف من ضرورات حياته وحاجاته الأساسية.

وفي الاستهلاك يوجه الإسلام إلى القصد فيه، وينهى عن الإسراف.

قال الله تعالى:

{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا} [الأعراف: 31](الأعراف الآية 31) .

وقال سبحانه

ص: 69

{وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا - إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [الإسراء: 26 - 27](الإسراء الآية 26، 27) .

وقال صلى الله عليه وسلم:

«كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا من غير إسراف ولا مخيلة» رواه الإمام أحمد، والبخاري، وابن ماجه.

والمجال لا يتسع لذكر توجيهات القرآن وما ورد في السنة المطهرة، من ضبط لعناصر الإنتاج والتوزيع والاستهلاك في المجتمع المسلم، حتى يتحقق له الأمن الاقتصادي، وهو جانب مهم من الأمن الشامل الذي يحققه الإسلام للمجتمع المسلم.

الأمن الثقافي والفكري: وثمة مصطلح يظنه الناس حديثاً ومن تعبيرات هذا العصر، وهو مصطلح الأمن الثقافي، أو الفكري، بمعنى أن يعيش الناس في بلادهم آمنين على أصالتهم، وعلى ثقافتهم المستمدة من دينهم وتراثهم وأعرافهم،

ص: 70

ولكن ما نبه إليه علماء المسلمين، وما حذروا منه، من الغزو الثقافي للأمة الإسلامية، نجد توجيهاته حاضرة وظاهرة في الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية الشريفة.

فالمحاولات، قديمة لإبعاد المسلمين عن دينهم وعقيدتهم وشريعتهم.

يقول الله تعالى:

{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [البقرة: 109](البقرة الآية 109) .

ويقول تعالى:

{وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: 120](البقرة الآية 120) .

ويقول سبحانه:

{وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: 217](البقرة الآية 217) .

ص: 71

وهي محاولات تعددت عبر تاريخ الإسلام كله، ولا تزال هذه المحاولات تغير من أساليبها وخططها بحسب حال المسلمين، ولكنها ما تزال تحتفظ بالهدف الذي حدده القرآن، أن يردونا بعد إيماننا كفاراً حسداً وحقداً منهم من بعد ما تبين لهم الحق.

إن إبعاد المسلمين عن دينهم وغزوهم ثقافيا، يتخذ وسائل، منها إضعاف العلوم الدينية الإسلامية، وإسقاطها من مكانتها في نفوس المسلمين، وكذلك علوم اللغة العربية، فهذه العلوم مصدر الثقافة الإسلامية والعربية كلها.

إن الغزو الثقافي، له صور ووسائل متعددة، وهو يستغل ضعف النفوس التي تعاني من الانبهار أو الانهيار أمام كل جديد من القول أو الفكر أو السلوك، دون أن تدرسه، وتضعه على موازين الإسلام لتقويمه والحكم عليه.

لقد انتشرت آراء ومذاهب، تتمسح بقيم نبيلة

ص: 72

حض عليها الإسلام، كالعدل والتسوية بين الناس، واحترام المرأة، والدعوة إلى التقدم، فجاءت هذه المذاهب والآراء بما يهدم أحكام الإسلام في هذه الأمور، وخدع لذلك كثير من المسلمين، فاعتنقوا هذه الآراء، وتحمل بعضهم وزر الدفاع عنها، وتأييدها على امتداد غالب العالم الإسلامي، ولم تُعدم هذه المبادئ والآراء، تأييداً من بعض المثقفين، ولقيت تقليداً من الجاهلين والسذج، وهم يرون الصورة الزائفة لهذه المبادئ والنحل الغريبة عن الإسلام في الكتاب والصحيفة والمجلة، وفي الصوت والصورة من أجهزة الإعلام العالمي.

لقد تنبهت المملكة العربية السعودية، لهذا الخطر الثقافي، وعقدت لذلك مؤتمرات عديدة، نوقشت فيها أبعاد هذا الخطر، والأساليب التي يلجأ، إليها من خلال نظم التعليم والإعلام المسموع والمقروء والمرئي.

ص: 73

ولقد نجحت المملكة - بفضل الله - أكثر من أي دولة من دول العالم الإسلامي في التصدي للغزو الثقافي، وفي تحقيق الأمن لمواطنيها والحفاظ على هويتهم الإسلامية، وثقافتهم المستمدة من ينابيعها الصافية التي تتمثل في الكتاب الكريم والسنة النبوية، وما بني عليهما من تراث علمي، وقيم خلقية يدين لها مجتمع المملكة المسلم بالطاعة والامتثال.

إن التعليم الديني بما يحمله من معارف كبرى تنفع الناس في دنياهم وآخرتهم، لا زالت له الصدارة في نظام التعليم في المملكة، إلى جانب العلوم النافعة التي توصل إليها الإنسان في هذا العصر، والتي تيسر سبل الحياة في جميع المجالات.

وإن الإعلام في المملكة مقيد بآداب الإسلام وقيمه، فيما يعرضه على الناس، مما يحقق الأمن الثقافي المنشود.

ص: 74