الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما منكم من) مزيدة لتأكيد استغراق النفي في (أحد إلا قد كتب) بالبناء للمجهول (مقعده) بالرفع نائب الفاعل، ويجوز نصبه على الظرفية، ونائب الفاعل مستتر (من النار) قدم ذكر مقعدها لأن المقام للوعظ وهي أنجع فيه من قرينتها لأنها من باب النذارة وهي انجع من البشارة (ومقعده من الجنة) والمراد أن أهل الجنة كتب في الأزل مقعدهم منها، وكذا أهل النار، ويدل على إرادة ذلك المقام، وأن ما بعد إلا من الجملة في محل الحال وهو استثناء مفرغ من أعم الأحوال: أي ما منكم أحد في حال إلا حال كتابة مقعدة منهما في الأزل (فقالوا: يا رسول الله أفلا نتكل) من الاتكال وهو الاعتماد: أي أتعمل مع ذلك فلا نتكل (على كتابنا) أي مكتوبنا السابق من سعادة وضدها، قال الشيخ زكريا في «تحفة القاري» : والقائل هو سراقة بن خيثم أو أبو بكر أو عمر أو علي الراوي، قلت: ولا مانع من كون كل سأل بدليل فقالوا (فقال اعملوا) أي ماأمرتم بعمله من التكاليف الشرعية (فكل) منكم (ميسر لما خلق له) من سعادة أو شقاوة بعمل السعداء أو الأشقياء (وذكر
تمام الحديث) جاء في رواية البخاري قال «أماأهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل الشقاوة، ثم قرأ فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى إلى قوله:{فسنيسره للعسرى} (الليل: 6)(متفق عليه) وأخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه.
161 - باب الدعاء للميت بعد دفنه
لأن ذلك أول مفارقته للدنيا ونزوله بمنزل لا يألفه ولا يعرفه فيناسب الدعاء له بالعفو والغفران والتثبيت ودفع هوله (والقعود عند قبره) بعد الدفن (ساعة) قدر نحر جزور وتفريق لحمها (للدعاء والاستغفار والقراءة) أي عليه، فإن الرحمة تنزل عند قراءة القرآن فتعمه فتعود عليه بركتها.
1946 -
(عن أبي عمرو) بفتح المهملة (وقيل أبو عبد الله) ولد من بنت سيدنا رسول الله توفي مراهقاً من ديك نقر عينه (وقيل أبو ليلى عثمان بن عفان) تقدمت ترجمته رضي الله عنه في باب فضل الزهد (قال: كان النبي إذا فرغ) بالبناء للمفعول (من دفن الميت وقف عليه فقال: استغفروا) أي أسألوا الله غفر الذنوب (لأخيكم) وفي التعبير به إيماء إلى السبب الداعي للدعاء له لأن شأن الأخ الاهتمام بنفع أخيه (واسألوا له التثبيت) أي أن يثبته الله عند سؤال الملكين له في القبر عن ربه ونبيه (فإنه) أي الأخ (الآن) ظرف لقوله (يسأل) بالبناء للمفعول: أي يسأله الملكان أي والدعاء له بالتثبيت ربما كان يفضل الله تعالى سبباً لتلقينه حجته وكفايته من القبر وفتنته (رواه أبو داود) .
2947 -
(وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: إذا دفنتموتي فأقيموا) أي امكثوا (حول) أي عند (قبري قدر ما ينحر) بالبناء للمفعول (جزور) بفتح الجيم وضم الزاي وهي المنحور من الإبل ذكراً كان أو أنثى (ويقسم لحمها) ببناء الفعل للمجهول أيضاً (حتى) تعليلية: أي كي (أستأنس) أي آنس (بكم) والسين فيه للمبالغة (وأعلم ما) أي أيّ شيء الذي (أراجع به رسل ربي) وكأنّ حكمة ذلك والله أعلم أن النوع الإنساني يأنس بمثله ولو من وراء جدار، وإذا أنس الإنسان سكن قلبه واطمأنت نفسه وإذا كان كذلك ثبت في بين ما يطلب منه بيانه بخلاف النفس عند الوحشة والقلق والاضطراب والفرق فإنه يختل عليها الأمر في الجواب، والله الموفق (رواه مسلم، وقد سبق) الحديث (بطوله) في باب
الرجاء (قال الشافعي رحمه الله: ويستحب أن يقرأ عنده شيء من القرآن) ليصيبه من الرحمة النازلة على القراء للقرآن نصيب (وإن ختموا القرآن) أي قرءوه (كله كان حسناً) لعظيم فضله.
162 -
باب الصدقة عن الميت والدعاء له
أي استحباب ذلك له.
(قال الله تعالى) : ( {والذين} ) معطوف إما على قوله «للفقراء» أو على قوله «والذين تبوءوا الدار» أي أن الفىء لهؤلاء الثلاثة المهاجرين والأنصار والذين ( {جاءوا من بعدهم} ) زمناً وهم التابعون بإحسان (يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان» ) جملة حالية قيد لاستحقاق المتأخر الفىء ولذا قال الإمام مالك: لا حق لسابي السلف في الفيء وذكر الآية وهذا دليل طلب الدعاء للميت، ويقاس به الصدقة عنه بالأولى لأنهم إذا مدحوا بالدعاء لهم فلأن يمدحوا بالصدقة عنهم أولى.
1 948ـ (وعن عائشة رضي الله عنها أن رجلاً) هو سعد بن عبادة الأنصاري (قال للنبي: إن أمى افتلتت) افتعال من الفلت مبني لما لم يسم فاعله و (نفسها) بالرفع نائبه (وأراها) بضم الهمزة (لو تكلمت تصدقت) الجملة الشرطية ثاني مفعولي رأى (فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟) وكأن وجه هذا السؤال ظاهر قوله تعالى: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} (النجم: 39) الموهم قصور الثواب على ما يعمله العامل دون ما عمل له وإن بفتح الهمزة
وحذف الجار: أي في تصدقي عنها أو بكسرها والجواب محذوف لدلالة ما قبله عليه (قال نعم) أي لها ذلك والآية، قيل هي في الكافر فالإنسان عام مراد به خاص، وإن كان في المؤمن فالمعنى ليس للمؤمن من حيث العدل إلا جزاء ما عمل، وأما على سبيل الفضل فالله أعظم وأكرم يتجاوز عن السيئة ويضاعف الحسنة ويثيبه بما فعل عنه من القرب (متفق عليه) .
2949 -
(وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: إذا مات الإنسان انقطع عمله) لزوال التكليف بالموت ولخروجه من عالمه إلى البرزخ وليس محل عمل والمراد لازم العمل: أي أن الإنسان يتم تحصيله للثواب بنفسه بموته (إلا من ثلاث) لا تنافي بينه وبين حديث ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله «إنما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته: علماً نشره، وولداً صالحاً تركه ومصحفاً ورثه، ومسجداً بناه، وبيتاً لابن السبيل بناه، ونهراً أجراه، وصدقة أخرجه من ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد موته» إما لأن مفهوم العدد خير حجة، وإما لأنه اطلع أولاً على ما في حديث مسلم ثم أطلعه الله على الزائد فأخبر به.. قال السيوطي: وقد تضمن حديث ابن ماجه سبع خصال، ووردت خصال أخر بلغت بها عشراً، وقد نظمتها فقلت:
إذا مات ابن آدم ليس يجري
عليه من فعال غير عشر
علوم بثها ودعاء نجل
وغرس النخل والصدقات تجري
وراثة مصحف ورباط ثغر
وحفر البئر أو إجراء نهر
وبيت للغريب بناه يأوي
إليه أو بناء محل ذكر
وزاد رحمه الله في شرح مسلم الحادية عشر فقال:
وتعليم لقرآن كريم
فخذها من أحاديث بحصر