المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌189 - باب فضل المشي إلى المساجد - دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين - جـ ٦

[ابن علان]

فهرس الكتاب

- ‌135 - باب استحباب السلام إذا دخل بيته

- ‌136 - باب السلام على الصبيان

- ‌139 - باب استحباب السلام إذا قام من المجلس وفارق جلساءه

- ‌140 - باب الاستئذان

- ‌141 - باب بيان أن السنة إذا قيل للمستأذن

- ‌142 - باب استحباب تشميث العاطس

- ‌143 - باب استحباب المصافحة

- ‌6 - كتاب عيادة المريض

- ‌154 - باب ما يدعى به للمريض

- ‌146 - باب استحباب سؤال أهل المريض عن حاله

- ‌148 - باب استحباب وصية أهل المريض

- ‌باب جواز قول المريض أنا وجع

- ‌150 - باب استحباب تلقين المحتضر

- ‌151 - باب ما يقوله بعد تغميض الميت

- ‌153 - باب جواز البكاء على الميت بغير ندب

- ‌155 - باب الصلاة على الميت

- ‌156 - باب استحباب تكثير المصلين

- ‌158 - باب الإسراع بالجنازة

- ‌159 - باب تعجيل قضاء الدين عن الميت

- ‌160 - باب الموعظة

- ‌161 - باب الدعاء للميت بعد دفنه

- ‌باب ثناء الناس بتقديم المثلثة (على الميت)

- ‌164 - باب فضل من مات له أولاد صغار

- ‌165 - باب ندب البكاء

- ‌7 - كتاب آداب السفر

- ‌166 - باب استحباب الخروج يوم الخميس

- ‌176 - باب استحباب طلب الرفقة

- ‌168 - باب آداب السير

- ‌169 - باب إعانة بالمهملة والنون (الرفيق)

- ‌170 - باب ما يقوله أي الراكب (إذا ركب دابته)

- ‌172 - باب استحباب الدعاء في السفر

- ‌173 - باب ما يدعو به إذا خاف ناساً أو غيرهم

- ‌باب ما يقول إذا نزل منزلاً

- ‌175 - باب استحباب تعجيل المسافر الرجوع إلى أهله

- ‌176 - باب استحباب القدوم على أهله

- ‌177 - باب ما يقول إذا رجع أي من مسيره

- ‌179 - باب تحريم سفر المرأة وحدها

- ‌8 - كتاب الفضائل

- ‌180 - باب فضل قراءة تلاوة القرآن

- ‌182 - باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن

- ‌183 - باب في الحث على سورجمع سورة

- ‌184 - باب استحباب الاجتماع على القراءة

- ‌185 - باب فضل الوضوء

- ‌186 - باب فضل الأذان

- ‌187 - باب فضل الصلوات

- ‌188 - باب (فضل صلاة)

- ‌189 - باب فضل المشي إلى المساجد

- ‌190 - باب فضل انتظار الصلاةأي الجلوس لانتظارها

- ‌191 - باب فضل صلاة الجماعة

- ‌192 - باب الحث على حضور الجماعة في الصبح والعشاء

- ‌194 - باب فضل الصف الأول

- ‌195 - باب فضل السنن الراتبة مع الفرائض

- ‌197 - باب تخفيف ركعتي الفجر

- ‌199 - باب سنة الظهر قبلية وبعدية

- ‌200 - باب سنة العصر

- ‌201 - باب سنة المغرب بعدها وقبلها

- ‌102 - باب سنة العشاء بعدها وقبلها

- ‌204 - باب استحباب جعل النوافل

- ‌205 - باب الحث على صلاة الوتر

- ‌206 - باب فضل صلاة الضحى

- ‌207 - بابٌ بالتنوين أو بتركه مضافاً إلى جملة (تجوز صلاة الضحى من ارتفاع الشمس) كرمح

- ‌208 - باب الحث على صلاة تحية المسجد ركعتين

- ‌209 - باب استحباب صلاة ركعتين بعد الوضوء

- ‌210 - باب فضل يوم الجمعة

- ‌211 - باب استحباب سجود الشكر

- ‌212 - باب فضل قيام الليلأي التهجد فيه

- ‌213 - باب استحباب قيام رمضان

- ‌214 - باب فضل قيام ليلة القدر

- ‌215 - باب فضل السواك

الفصل: ‌189 - باب فضل المشي إلى المساجد

عنه قال: قال رسول الله: من ترك صلاة العصر حبط) بكسر الموحدة: أي بطل وفسد (عمله) والمراد به بطلان ثوابه، فلا حجة للمعتزلة في قولهم إن المعصية تحبط الطاعة، أو المراد من تركها مستحلاً لذلك، أو جاحداً لوجوبها، أو المراد بحبوط العمل الكفر. كما قال الإمام أحمد: إن تارك الصلاة عمداً يكفر، ويشهد له حديث أنس مرفوعاً «من ترك الصلاة متعمداً فقد كفر جهاراً» أخرجه الطبراني في «الأوسط» ، فيحبط عمله بسبب كفره، أو يقال المراد بالعمل عمل الدنيا الذي شغله عن الصلاة: أي لا ينتفع به ولا يتمتع، أو المراد بالحبوط نقصان عمله في يومه، أو الأعمال بالخواتيم لا سيما في الوقت الذي يقرب أن ترفع فيه الأعمال، أو هو وارد على سبيل التغليظ: أي فكأنما حبط عمله، ذكره البرماوي في «اللامع الصبيح» (رواه البخاري) وأحمد والنسائي.

‌189 - باب فضل المشي إلى المساجد

11053 -

(وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال: من غدا) من الغدوّ: وهو السير قبل الزوال (إلى المسجد أو) للتنويع (راح) من الرواح السير بعد الزوال أي سار بعد الزوال إليه: أي ليؤدي فيه عبادة من صلاة أو اعتكاف أو قراءة قرآن أو إقراء علم أو نحو ذلك (أعد) بتشديد الدال المهملة: أي هيأ (الله له في الجنة نزلاً) بضمتين: وهو ما يهيأ للضيف من كرامة عند قدومه، والتنوين فيه للتعظيم كما يومىء إليه إسناد الفعل إلى اسم الذات الجامع لمعاني الأسماء والنعوت الحسنى (كلما غدا أو راح) ظرف لأعد. قال الشيخ أكمل الدين في «شرح المشارق» : عادة الناس تقديم طعام لمن دخل بيتهم، والمسجد بيت الله تعالى فمن دخله أي

ص: 539

وقت كان من ليل أو نهار أعطاه الله تعالى أجره من الجنة لأنه أكرم الأكرمين ولا يضيع أجر المحسنين (متفق عليه) ورواه الإمام أحمد.

21054 -

(وعنه رضي الله عنه: أن النبي قال: من تطهر في بيته) شمل أنواع الطهارة حتى التيمم للعاجز حساً أو شرعاً عن استعمال الماء (ثم مضى) أي ذهب إلى بيت من بيوت الله، المراد منها المساجد كما يومىء إليه إضافتها إلى الاسم الكريم الدالة على التبجيل والتعظيم (ليقضي) أي ليؤدي فيه (فريضة) أي مفروضة (من فرائض الله) التي فرضها أصالة كالصلوات الخمس أو إلزام المكلف بها نفسه من القُرَب كالطاعة المنذورة (كانت خطواته) بضم أوليه وسكون ثانيه تخفيفاً جمع خطوة بالضم ما بين القدمين، وفي نسخة بفتح أوليه جمع خطوة بالفتح واحد الخطو: أي رفع القدم للسير (إحداهما) أي الخطوتين المدلول عليهما بالخطوات، رأيته في «الجامع الكبير» معزوّاً إلى روايته بلفظ كانت خطوتاه بصيغة المثنى المرفوع بالألف وهو ظاهر سالم من التكلف، ولعل ما في أصول الرياض من صيغة الجمع من عمل الكتاب لكن رأيت مثل ما في الرياض عند مسلم (تحط خطيئة) أي من الصغائر المتعلقة بالله تعالى (والأخرى) أي منهما (ترفع درجة) أي بعد تكفير الصغائر وتنزيهه منها. فالباقي من الخطوات ترفع بها الدرجات وهذا لمن لا كبائر له، فمن عمل من الخطوات ما يزيد على صغائره المكفرة بها عدداً وله كبائر رجى أن يكفر عنه منها بقدر ما يغفر بها من الصغائر، فإن لم يكن ذا ذنب أصلاً أو كان ذا صغائر وزادت خطواته على المكفر بها رفع له بما زاد الدرجات والله أعلم (رواه مسلم) ورواه ابن حبان كما في «الجامع الكبير» .

31055 -

(وعن أُبي) بضم الهمزة ففتح للموحدة فتشديد للياء (ابن كعب رضي الله عنه قال: كان رجل من الأنصار) لم أقف على من سماه (لا أعلم أحداً أبعد من المسجد منه) أي باعتبار داره (وكانت لا تخطئه) بضم الفوقية وكسر المهملة: أي لا تفوته (صلاة) أي في

ص: 540

المسجد كما يدل عليه السياق (فقيل له) القائل هو أبيّ كما عند مسلم في هذا الحديث بزيادة «أو قلت له» وأو للشك، وفي رواية أخرى عنده قال: قال أي أبيّ، فتوجهت له فقلت يا فلان (لو اشتريت حماراً تركبه في الظلماء) فيقيك من أذى الحشرات المنتشرة في أوّل الظلمة (وفي الرمضاء) فيقيك من نصب الحر لأنهم كانوا حفاة (قال ما يسرني) بفتح التحتية: أي يفرحني (أن منزلي إلى جنب المسجد) وعلل ذلك بقوله على سبيل الاستئناف البياني (إني أريد) أي أقصد ولما تعين المقصود منه سكت عن ذكره (أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي) أي أجرهما أو يكتبان هما فيضاعف أجرهما والفعل المضارع بالبناء للمفعول وما بعده نائب الفاعل، ويجوز قراءته مبنيا للفاعل وهو الله سبحانه وتعالى وعاد إليه، وإن لم يتقدم ذكراً (فقال رسول الله) عطف على مقدر: أي فبلغ ذلك النبيّ فقال مخاطباً له (جمع الله لك ذلك) أي ما ذكرت من أجر المشي والرجوع، فاسم الإشارة فيه كهو في قوله تعالى:{لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك} (البقرة: 68) وأكد الجمعية لئلا يذهب الوهم ويسري إلى الفهم أنه تجوز عن الأكثر بذلك فقال (كله)(رواه مسلم) .

41056 -

(وعن جابر رضي الله عنه قال: خلت البقاع) بكسر الموحدة جمع بقعة، قال في المصباح: البقعة من الأرض القطعة منها (حول المسجد) بالنصب على الظرفية لقوله خلت، أو صفة للبقاع لكونه محلى بأل الجنسية، وهي كالنكرة معنى (فأراد بنو سلمة) بفتح المهملة وكسر اللام بطن من الأنصار، والنسبة لهم سلمى بفتح أوليه من تغيير النسب. قال ابن عبد البر في كتاب «الأنساب» : وأما الخزرج فمن بطونهم النجار، وفي النجار بطون كثيرة إلى أن قال: ومنهم سلمة بن سعد بن الخزرج (أن ينتقلوا) إلى المكان الذي خلا قرب المسجد

ص: 541

(فبلغ ذلك) أي إرادتهم الانتقال (النبي فقال لهم: بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد؟ قالوا نعم يا رسول الله) حذف العاطف لأن القصد حكاية لفظ جوابهم من غير تعرض لكونه عقب السؤال المدلول عليه بالفاء أو بعده بمدة المدلول عليه بثم، أو محتملاً لدينك وغيرهما المدلول عليه بالواو، وجملة الجواب وهي قولهم (قد أردنا ذلك) أتوا بها مع كفاية نعم عنها زيادة في الإقرار والتصريح بما كانوا أرادوا (فقال: بني سلمة) بتقدير حرف النداء قبله (دياركم) منصوب على الإغراء (تكتب) بالجزم جواباً للشرط المقدر لكونه في جواب الأمر المدلول عليه بالاسم المنصوب على الإغراء، والفعل مبني للمجهول ونائب فاعله قوله (آثاركم) أي خطاكم الكثيرة إلى المسجد (فقالوا: ما يسرنا أنا كنا تحولنا) لحوز القرب من المسجد لما يفوت عليه من نقص الآثار بقلة الخطا لقرب المكان (رواه مسلم) في كتاب الصلاة، وقد تقدم الحديث مشروحاً في باب بيان كثرة الخيرات (وروى البخاري معناه) في باب احتساب الآثار من كتاب الصلاة وفي فضل المدينة آخر المناسك (من رواية أنس) وهو في الصلاة بلفظ «يا بني سلمة ألا تحتسبون آثاركم» وبلفظ «إن بني سلمة أرادوا أن يتحولوا عن منازلهم فينزلون قريباً من النبي، قال: فكره النبي أن يعروا منازلهم فقال: ألا تحتسبون آثاركم» ولفظه في المناسك

«أراد بنو سلمة أن يتحولوا إلى قرب المسجد فكره رسول الله أن تعرى المدينة وقال: يا بني سلمة ألا تحتسبون آثاركم فأقاموا» .

51057 -

(وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله: إن أعظم الناس أجراً) منصوب على التمييز (في الصلاة) في تعليلية: أي لأجلها (أبعدهم إليها ممشى) اسم مكان،

ص: 542

ويحتمل أن يكون مصدراً ميمياً، والأول أولى لأنه الذي يوصف بالبعد (فأبعدهم) وكلما كان البعد أكثر فيكون ذلك أعظم للأجر (والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام) غاية الانتظار، ويجوز كون حتى تعليلية لبيان علة الانتظار المرتب عليه قوله (أعظم أجراً) أي ثواباً (من الذي يصليها) أول الوقت منفرداً (ثم ينام) وذلك لأن الأول في صلاة مدة انتظاره لها، ولذاكره له ما يكره للمصلي من تشبيك أصابع وفرقعتها وعبث ونحوه مع فضل الجماعة (متفق عليه) .

61058 -

(وعن بريدة) بضم الموحدة وفتح الراء والدال المهملتين وسكون التحتية بينهما رضي الله عنه قال: قال النبي: بشروا) أمر من التبشير وهو في الأصل موضوع للإخبار بالخبر السار، والمخاطب بذلك الصحابة فمن بعدهم، وهكذا هو في الرياض بضمير الجمع، وفي «الجامع الصغير» بصيغة الإفراد، قال شارحه العلقمي نقلاً عن السيوطي: هذا من الخطاب العام ولم يرد به أمر واحد بعينه (المشائين) بالهمز والمد (في الظلم) بضم ففتح جمع ظلمة وهي تعم ظلمة العشاء والفجرلكن في الطبراني عن أبي أمامة «بشر المدلجين إلى المساجد» والإدلاج بالتخفيف المشي جميع الليل، وبالتشديد المشي آخره (إلى المساجد) الجمع نظراً لجمع المشائين وهو نظير ركب الناس دوابهم من مقابلة الجمع بالجمع: أي ركب كل دابته: أي بشر كل ماش إلى المسجد في الظلمة (بالنور التام) أي من جميع جوانبهم فإنهم يختلفون في النور على قدر الأعمال (يوم القيامة) أي على الصراط. قال ابن رسلان: ويحتمل أن يراد بالنور المنابر التي من النور لرواية الطبراني «بشر المدلجين إلى المساجد في الظلم بمنابر من نور يوم القيامة، يفزع الناس ولا يفزعون» وفي الحديث: فضل المشي إلى الصلاة سواء كان المشي طويلاً أو قصيراً، وفضل المشي

ص: 543

إليها للجماعات في ظلم الليل. (رواه أبو داود والترمذي) .

71059 -

(وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله قال: ألا) بتخفيف اللام حرف استفتاح لتنبيه المخاطب لما بعده (أدلكم على ما) أي الذي أو شيء (يمحو الله به الخطايا) بإذهابها من ديوان الحفظة أو بترك المؤاخذة عليها في الآخرة، والمراد الصغائر المتعلقة بالله تعالى، ولا يضر كون الباء سببية لأن السببية لذلك يجعل الله سبحانه وتعالى (ويرفع به الدرجات) أي يعطي به المنازل الرفيعة في الجنة، إذ التفاوت فيها إنما يظهر بذلك وظاهره جمع الأمرين لفاعل ما يأتي، وقدم الأول على الثاني لأنه من باب التخلية بالمعجمة، والثاني من باب التحلية بالمهملة، والأول مقدم على الثاني (قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء) أي استيعاب أعضائه بالغسل والمسح مع استيفاء آدابه ومكملاته (على) بمعنى مع (المكاره) جمع مكره بفتح الميم من الكره وهو المشقة، ومنها طلب الماء وشراؤه بثمن المثل بشرطه فإنه يشق على النفس (وكثرة) بفتح الكاف قال في «المصباح» الكسر رديء ويقال خطأ (الخطأ) بضم ففتح وبالقصر جمع خطوة (إلى المساجد) فيه فضل الدار البعيد عن المسجد على القريبة ويدل له أحاديث الباب، ولا ينافيه عده «من شؤم الدار بعدها عن المسجد» لأن بعدها وإن كان فيه شؤم من حيث إنه قد يؤدي إلى تفويت الصلاة عن وقتها لكن فيه فضل عظيم إذا توجه منها إلى الصلاة بالمسجد فشؤمها وفضلها اعتباريان فلا تنافي (وانتظار الصلاة بعد الصلاة) أي الجلوس لانتظارها بعد انقضاء. عمل الأولى منفرداً أو جماعة وذلك لدوام فكره وتعلق قلبه بها، فهو دائم المراقبة والحضور غير ملته عن فضل عبادات بدله بشيء (فذلكم) عدل إليه عن هذا الذي هو القياس للدلالة على بعد منزلته

ص: 544

وعظمها فهو نظير {ذلك الكتاب لا ريب فيه} (البقرة: 2)(الرباط) لا غيره كما أفاده تعريف الجزءين الدالّ على الحصر لكنه إضافي: أي ما ذكر من الثلاث هو المستحق أن يسمى رباطاً، وغيره الذي هو الرابط الحقيقي وهو

ملازمة الثغر لحفظ عورة المسلمين لا يستحق ذلك بالنسبة إليه، لما فيه من أعظم القهر لأعدى عدوك الذي هو النفس الأمارة بالسوء وقمع سورتها وقلع مكايد الشيطان وأعوانه من جميع أجزائها، وفي هذا أعظم تأييد لما روي «ورجعنا من الجهاد الأصغر» أي الذي هو جهاد العدو «إلى الجهاد الأكبر» أي الذي هو جهاد النفس، وذلك لأن تلك الأعمال لما كانت تسد طرق الشيطان والهوى عن النفس وتقهرها وتمنعها من قبول الوساوس واتباع الشهوات فيغلب بها حزب الله وجنوده عدوه كانت هي المرابطة الحقيقية. والجهاد الأكبر جهاد الكفار وإن شرع للخروج عن النفوس والأولاد والأموال لإعلاء كلمة الله تعالى مع تكميل النفوس بخروجها عن مألوفاتها ومستلذاتها، لكنه لا يدوم زمنه وإنما يكون برهة ثم ينقضي، وتلك الأعمال دائمة الوجود وذلك التكميل موجود فيها بزيادة، ووقع في نسخة مصححة من «الرياض» قوله (فذلكم الرباط) مرة ثانية وقدمنا أنه كذلك في رواية لمسلم (رواه مسلم) والحديث سبق في فضل الوضوء.

81060 -

(وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي قال: إذا رأيتم) أي علمتم (الرجل يعتاد المساجد) وفي رواية «يتعاهد المساجد» والمراد باعتياد المساجد أن يكون قلبه متعلقاً به منذ يخرج منه إلى أن يعود إليه. 4 قال السيوطي: المراد شدة حبه له وملازمة الجماعة فيه، وليس معناه دوام القعود فيه. وقال التوربشتي: هو بمعنى التعهد وهو التحفظ بالشيء وتجديد العهد به، ويروى «يتعاهد» ومعناه لاعتياد معاودته إلى المسجد مرة بعد أخرى لإقامة الصلاة اهـ. وكلاهما حسن. وقال الطيبي: يتعاهد أشمل معنى وأجمع لما يناط به أمر المساجد من العمارة واعتياد الصلاة وغيرهما، ألا ترى كيف استشهد بالآية. قال في «الكشاف» : العمارة تتناول رمّ ما انهدم منها وقمها وتنظيفها وتنويرها بالمصابيح وتعظيمها واعتيادها والذكر فيها (فاشهدوا) أي اقطعوا (له بالإيمان) فإن الشهادة تصدر عن مواطأة

ص: 545