الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
15- كتَاب الدَعَوات
250- باب في فضل الدعوات
قَالَ الله تَعَالَى (1) : (وقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) .
ــ
كتاب الدعوات
بفتح المهملتين جمع دعوة، بفتح أوله، وهي المسألة الواحدة يقال: دعوت فلاناً فسألته، والدعاء إلى الشيء الحث على فعله، وفي شرح الأسماء الحسنى للقشيري ما ملخصه: الدعاء جاء في القرآن على وجوه منها العبادة نحو (ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك)(2) ومنها الإِستعانة نحو (وادعوا شهداءكم)(3) منها: السؤال نحو (ادعوني أستجب لكم) ومنها: القول نحو (ودعواهم فيها سبحانك اللهم)(4) ومنها النداء نحو (يوم يدعوكم)(5) ومنها الثناء نحو (قل ادعوا الله (6) أو ادعوا الرحمن) (7) اهـ قال الله تعالى: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) قال في فتح الباري: هذه الآية ظاهر في ترجيح الدعاء على التفويض، وقالت طائفة: الأفضل ترك الدعاء والاستسلام للقضاء وأجابوا الآية بأن آخرها دل على أن المراد بالدعاء العبادة، وفي حديث النعمان بن بشير الآتي عن النبي صلى الله عليه وسلم "الدعاء هو العبادة ثم قرأ (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي)(1) أخرجه الأربعة، وصححه الترمذي والحاكم قال الحافظ: وعمدة من أول الدعاء في الآية بالعبادة أن كثيراً يدعو فلا يجاب فلو كانت على ظاهرها لم يتخلف،
(1) سورة غافر، الآية:60.
(2)
سورة يونس، الآية:106.
(3)
سورة البقرة، الآية:23.
(4)
سورة يونس، الآية:10.
(5)
سورة الإسراء، الآية:52.
(6)
الذي في البيضاوي أن الدعاء هنا بمعنى التسمية.
(7)
سورة الإسراء، الآية:110.
رواه أَبُو داود والترمذي، وقال:"حديث حسن صحيح"(1) .
1464-
وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: كَانَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَسْتَحِبُّ الجَوَامِعَ مِنَ الدُّعَاءِ، وَيَدَعُ مَا سِوَى ذَلِكَ. رواه أَبُو داود بإسناد جيدٍ (2) .
1465-
وعن أنس رضي الله عنه قَالَ: كَانَ أكثرُ دعاءِ النبيّ صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ" متفقٌ عَلَيْهِ. زاد مسلم في
ــ
سواه. اهـ (رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح) وتقدم أنه رواه أيضاً النسائي وابن ماجه، وأن الحاكم صححه أيضاً، وفي الحصن ورواه ابن أبي شيبة في المصنف وابن حبان والإمام أحمد في مسنده زاد شارحه وأخرجه البخاري في تاريخه، والطبراني في كتاب الدعاء له.
1464-
(وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب) أي: يحب وصيغة الافتعال للمبالغة (الجوامع من الدعاء) أي: الدعاء الجامع للمهمات والمطالب، فيكون قليل المبنى جليل المعنى (ويدع) أي: يترك (ما سوى ذلك) وذلك لأن القوى البشرية تعجز عن الدوام على القيام بأداء الآداب المستحقة للربوبية المطلوبة من الداعي، فندب له الإتيان باللفظ اليسير لسهولة القيام بالآداب زمنه، وندب أن يكون جامعاً ليصل لمطلوبه بأسهل طريق (رواه أبو داود بإسناد جيد) ورواه الحاكم في مستدركه وصححه، وقال الحافظ السخاوي في تتمة تخريج أحاديث الأذكار: وقد أخرجه من طريق الطبراني ما لفظه: هذا حديث حسن أخرجه أحمد وغيره.
1465-
(وعن أنس رضي الله عنه قال: كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم) أي: أكثر ما يداوم عليه من الدعاء (اللهم) أي: يا الله (آتنا)(3) أي: أعطنا (في الدنيا حسنة) يدخل فيها كل خير دنيوي وصرف كل شر (وفي الآخرة حسنة) مثل ذلك (وقنا عذاب النار) تخصيص بعد
(1) أخرجه الترمذي في كتاب: الدعاء، باب: ما جاء في فضل الدعاء، (الحديث: 3371) .
وهو عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الدعاء مخ العبادة".
وأخرجه أبو داود في كتاب: الصلاة، باب: الدعاء، (الحديث: 1479) .
(2)
أخرجه أبو داود في كتاب: الصلاة، باب: الدعاء، (الحديث: 1482) .
(3)
قوله (اللهم آتنا) للكشميهني اللهم ربنا آتنا اهـ قسطلاني.
روايتهِ قَالَ: وَكَانَ أَنَسٌ إِذَا أرادَ أنْ يَدْعُوَ بِدَعْوَةٍ دَعَا بِهَا، وَإِذَا أرادَ أنْ يَدْعُوَ بِدُعَاءٍ دَعَا بِهَا فِيهِ (1) .
1466-
وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يقول: "اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ الهُدَى، والتُّقَى، والعَفَافَ، والغِنَى". رواه مسلم (2) .
ــ
تعميم، لأنه هو الفوز، وبعض السلف خصص الحسنة في الموضعين بشيء خاص والتعميم أولى (متفق عليه) ورواه أحمد وأبو داود (زاد مسلم في روايته) للحديث على البخاري (قال:) أي: الراوي (وكان أنس إذا أراد أن يدعو بدعوة) بفتح الدال مرة من الدعاء (دعا بها فإذا أراد أن يدعو بدعاء دعا بها) أي: بهذه الدعوة (فيه) أي: في جملته وذلك اقتداء به صلى الله عليه وسلم لإِكثاره منها لقلة ألفاظها وإحاطتها بخير الدارين.
1466-
(وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: اللهم إني أسالك الهدى) بضم الهاء وفتح الدال، ضد الضلالة (والتقى) بضم الفوقية بمعنى التقوى (3) ، وهي اسم مصدر من قولهم اتقيت الله اتقاءً، وهي امتثال الأوامر واجتناب النواهي (والعفاف) بفتح المهملة وبالفاءين، مصدر عف من باب ضرب أي: الكف عن المعاصي والقبائح (والغنى) بكسر المعجمة والقصر، أي: الاستغناء عن الحاجة إلى الخلائق، وقدم الهدى لأنه الأصل، والتقى مبني عليه، وعطف عليه العفاف عطف خاص على عام اهتماماً به، لأن النفس تدعو إلى ضده فسأل من الله الإعانة على تركه، وبعد أن أتم مطالب الدين توجه لبعض مطالب الدنيا، وهو الغنى أي: عدم الحاجة إلى الناس (رواه مسلم) قال الحافظ السخاوي في تتمة تخريج أحاديث الأذكار: ورواه أبو داود والطيالسي، وأحمد بن حنبل والترمذي وابن ماجه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. اهـ.
(1) أخرجه البخاري في كتاب: الدعوات، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم ربنا آتنا في الدنيا حسنة (8/140) و (161/11) .
وأخرجه مسلم في كتاب: الذكر والدعاء
…
، باب: فضل الدعاء باللهم آتنا في الدنيا حسنة
…
، (الحديث: 26) .
(2)
أخرجه مسلم في كتاب: الذكر والدعاء
…
، باب: التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل، (الحديث: 72) .
(3)
في النسخة جمع التقوى والذي في الصحاح التقوى والتقى واحد والواو مبدلة من الياء اهـ.
سفيان: أَشُكُّ أنِّي زِدْتُ واحدةً مِنْهَا (1) .
1470-
وعنه، قَالَ: كَانَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللَّهُمَّ أصْلِحْ لِي
ــ
الشقاء الحقيقي، أو من جهة المعاش وذلك أما من جهة غيره وهو شماتة الأعداء، أو من جهة نفسه وهو جهد البلاء، وإنما تعوذ صلى الله عليه وسلم من هذه الأمور تعليماً لأمته وإلا فإن الله تعالى أمنه من ذلك أجمع، أو أنه أتى به دفعاً لوقوع ذلك بأمته (متفق عليه) ورواه النسائي (وفي رواية) أي: للبخاري في الدعوات، وكذا هو عند مسلم باللفظ الذي ساقه المصنف (قال سفيان) هو ابن عيينة راوي الحديث المذكور (أشك أني زدت واحدة منها) أي: الأربع ولا أدري أيتهن المزيدة. قال الحافظ في فتح الباري: أخرجه ابن الجوزي من طريق علي بن عبد الله بن هاشم عن سفيان فاقتصر على ثلاثة، ثم قال: قال سفيان: وشماتة الأعداء.
وأخرجه الإِسماعيلي من طريق أبي عمير عن سفيان، وبين فيه أن المزيدة هي شماتة الأعداء، وعرف منه تعين الخصلة المزيدة، اهـ، قال الكرماني: كيف جاز له خلط كلامه بكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بحيث لا يفرق بينهما، ثم أجاب بأنه ما خلط، ولكن اشتبهت عليه تلك الثلاثة بعينها، وعرف أنها من هذه الأربعة فذكرها تحقيقاً لرواية الثلاثة قطعاً إذ لا مخرج عنها، ولفظ البخاري قال سفيان: الحديث ثلاث وزدت واحدة فصارت أربعاً، وقد أخرجه البخاري في القدر عن سفيان بالخصال الأربع بغير تمييز وأجاب الحافظ عما أورده الكرماني بأن سفيان كان إذا حدث عينها، ثم طال الأمر فطرقه السهو عن تعيينها فحفظ بعض من سمع تعيينها منه، قبل أن يطرقه السهو، ثم بعد أن طرقه السهو وخفي عليه تعيينها تذكر كونها مزيدة، مع إبهامها، ثم بعد ذلك إما أن يحمل الحال حيث لم يقع تمييزها لا تعييناً ولا إبهاماً على أن يكون ذهل عن ذلك، أو عين وميز فذهل بعض من سمع منه، ويترجح كون الخصلة المزيدة هي الشماتة بأنها تدخل في عموم كل واحدة من الثلاث اهـ. ومن الخبط العجيب قول القارىء في الحرز جلالة سفيان تمنعه أن يزيد من قبل نفسه ما يدرج في لفظ النبوة، بل إنما هي زيادة في روايته على سائر الروايات وزيادة الثقة مقبولة، وستاتي هذه الزيادة في حديث آخر. اهـ. وذلك لأنه قد ثبت عنه التصريح بأنه أدرج ذلك فما بقي لغيره مجال.
1470-
(وعنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم أصلح لي ديني) بأن توفقني للقيام
(1) أخرجه البخاري في كتاب: القدر، باب: من تعوذ بالله من درك الشقاء وسوء القضاء، (11/449) .
وأخرجه مسلم في كتاب: الذكر والدعاء
…
، باب: في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره، (الحديث: 53) .
دِيني الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أمْرِي، وأصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتي فِيهَا مَعَاشِي، وأصْلِحْ لِي آخِرتِي الَّتي فِيهَا مَعَادي، وَاجْعَلِ الحَيَاةَ زِيَادَةً لِي في كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ المَوتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ". رواه مسلم (1) .
1471-
وعن علي رضي الله عنه قَالَ: قَالَ لي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "قُلْ: اللَّهُمَّ اهْدِني، وسَدِّدْنِي" وفي رواية: "اللَّهمَّ إنِّي أسْألُكَ الهُدَى والسَّدَادَ". رواه مسلم (2) .
ــ
بآدابه على الوجه الأكمل الأتم (الذي هو عصمة أمري) أي: ما أعتصم به في جميع أموري، وفي الصحاح: العصمة المنع والحفظ، وقيل: هو مصدر بمعنى الفاعل، وقد قال تعالى:(واعتصموا بحبل الله جميعاً)(3)(وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي) أي: مكان عيشي وزمان حياتي، أي: بإعطاء الكفاف فيما يحتاج إليه، وبأن يكون حلالاً ومعيناً على طاعة الله (وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي) أي: مكان عودي، أو زمان إعادتي باللطف والتوفيق، على العبادة والإخلاص في الطاعة وحسن الخاتمة (واجعل الحياة) أي: طول عمري (زيادة لي في كل خير) أي: من إيقان العلم، وإتقان العمل (واجعل الموت) أي: تعجيله (راحة لي من كل شر) أي: من الفتن والمحن والابتلاء بالمعصية والغفلة، ومحصل آخر هذا الدعاء: اجعل عمري مصروفاً فيما تحب، وجنبني ما تكره، وهو من الأدعية الجوامع (رواه مسلم) .
1471-
(وعن علي رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل: اللهم اهدني وسددني) من التسديد في الأمر الإتيان به سديداً (وفي رواية: اللهم إني أسالك الهدى والسداد رواه مسلم) وفي مسلم زيادة: واذكر بالهدى هدايتك الطريق، وبالسداد سداد السهم. قال المصنف: السداد بفتح السين وسداد السهم تقويمه، ومعنى سددني وفقني، واجعلني مصيباً في جميع أموري، وأصل السداد الاستقامة والقصد في الأمر، وأما الهدى هنا فهو الرشاد، يذكر ويؤنث، ومعنى اذكر بالهدى الخ أي: تذكر ذلك في حال دعائك
(1) أخرجه مسلم في كتاب: الذكر والدعاء
…
، باب: التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل، (الحديث: 71) .
(2)
أخرجه مسلم في كتاب: الذكر والدعاء
…
، باب: التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل، (الحديث: 78) .
(3)
سورة آل عمران، الآية:103.
وأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لا إلهَ إِلَاّ أنْتَ". زَادَ بَعْضُ الرُّوَاةِ:"وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَاّ باللهِ" متفق عَلَيْهِ (1) .
1479-
وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يدعو بِهؤُلاءِ الكَلِمَاتِ: "اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ، وَعَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ شَرِّ الغِنَى وَالفَقْرِ". رواه
ــ
تغاير العطف بتغاير الصيغة (أنت المقدم وأنت المؤخر) فلا يذل من واليت ولا يعز من عاديت.
إذا لم يعنك الله فيما تريده
…
فليس لمخلوق إليه سبيل
وإن هو لم يرشدك في كل مسلك
…
ضللت ولو أن السماك دليل
(لا إله إلا أنت) وفي رواية للبخاري أو قال "لا إله غيرك". وفي رواية: لا إله غيرك بالجزم بها فقط، وهذه كالدليل لما أفاده الحصر في الجملتين قبله (زاد بعض الرواة) هو عبد الكريم أبو أمية ذكره البخاري في باب التهجد (ولا حول ولا قوة إلا بالله) هو في المعنى كالجملة قبله وأتى به زيادة في الدلالة لما تقدمه. وفيه كمال الرجوع إلى الله تعالى والركون إليه في الأحوال كلها، والاعتصام بحبله، والتوكل عليه، واللوذ به دون غيره (متفق عليه) رواه البخاري في التهجد والدعاء، والتوحيد، ومسلم في الصلاة وفي الدعاء، ورواه النسائي في القنوت، ورواه ابن ماجه في الصلاة.
1479-
(وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهؤلاء الكلمات) وبينتها بقولها (اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار) أي: الفتنة المسبب عنها النار أو الإِضافة بيانية أي: من ابتلاء هو النار ويكون عطف قوله (وعذاب النار) من عطف الرديف سوغه اختلاف لفظ المضاف، ويحتمل أن يراد بفتنة النار توبيخ خزنتها كما أشار إليه قوله تعالى: كلما ألقى فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير) (2)(ومن شر الغنى والفقر) أي: أكثر المرتب عليهما كالكبر والعجب والشره والحرص، والجمع للمال من الحرام والبخل بأداء حق الله
(1) أخرجه البخاري في كتاب: التهجد والدعاء، باب: الدعاء إذا انتبه من الليل، (الحديث: 3/2 و4) .
وأخرجه مسلم في كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: الدعاء في صلاة الليل وقيامه، (الحديث: 199) .
(2)
سورة الملك، الآية:8.
رواه الترمذي، وقال:"حديث حسن"(1) .
1481-
وعن شَكَلِ بن حُمَيدٍ رضي الله عنه قَالَ: قلتُ: يَا رسولَ الله، علِّمْنِي دعاءً، قَالَ:"قُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي، وَمِنْ شَرِّ بَصَرِي، وَمِنْ شَرِّ لِسَانِي، وَمِنْ شَرِّ قَلْبِي، وَمِنْ شَرِّ مَنِيِّي". رواه أَبُو داود والترمذي، وقال:"حديث حسن"(2) .
ــ
المنكرة كالزنى، وشرب الخمر، وسائر المحرمات. والأهواء المنكرة كالاعتقادات الفاسدة، والمقاصد الباطلة (رواه الترمذي وقال: حديث حسن) ورواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، والطبراني، وزاد الترمذي في رواية له: والأوداء جمع داء أي: وأعوذ بك من الأدواء المنكرة، كالبرص والجذام فيكون بمعنى ما جاء في حديث أنس: وأعوذ بك من سيىء الأسقام.
1481-
(وعن شكل) بفتح المعجمة والكاف باللام (ابن حميد) بضم المهملة العبسي بالمهملتين بينهما موحدة الصحابي رضي الله عنه قال في التقريب: له حديث واحد، كما ذكره ابن الجوزي وغيره، وقال في السلاح وليس لشكل في الكتب الستة إلا في هذا الحديث (قال: قلت: يا رسول الله علمني دعاء) أي: ذا شأن كما يدل عليه طلبه لذلك من عين الرحمة من أوتي جوامع الكلم (قال: قل: اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي) أي: بأن أسمع كلام الزور والبهتان، وغيره من العصيان، أو بأن لا أسمع به حقاً (ومن شر بصري) أعاد الجار والمجرور، مع أن العاطف يقوم مقامهما اهتماماً بالمعطوف، وإيماء إلى أنه جنس غير ما قبله، وذلك بأن أنظر إلى محرم، ومنه النظر على وجه الاحتقار لأحد من العباد، أو أهمل النظر والاعتبار في مصنوعات مولانا سبحانه (ومن شر لساني) بأن أتكلم فيما لا يعنيني، أو أسكت عما يعنيني (ومن شر قلبي) بأن أشغله بغير الله، وبغير أمره (ومن شر مني) بأن أوقعه في غير محله، أو يوقعني في مقدمات الزنى من النظر، واللمس، والمشي، والعزم، وأمثال ذلك، وقال في السلاح: أراد به فرجه، ووقع في رواية أبي: داود يعني فرجه، وقيل: هي جمع منية وهي طول الأمل (رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن) ورواه النسائي، والحاكم في المستدرك.
(1) أخرجه الترمذي في كتاب: الدعوات، باب: دعاء أم سلمة، (الحديث: 3591) .
(2)
أخرجه أبو داود في كتاب: الصلاة، باب: في الاستعاذة، (الحديث: 1551) .
وأخرجه الترمذي في كتاب: الدعوات، [باب: 75] ، (الحديث: 3492) .
1482-
وعن أنس رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يقول: "اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ البَرَصِ، والجُنُونِ، والجُذَامِ، وَسَيِّيءِ الأسْقَامِ". رواه أَبُو داود بإسناد صحيحٍ (1) .
1483-
وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ الجُوعِ، فَإنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ، وأعوذُ بِكَ منَ الخِيَانَةِ، فَإنَّهَا بِئْسَتِ
ــ
1482-
(وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: اللهم إني أعوذ بك من البرص) هو إنسداد المسام، وانحباس الدم فيتولد عنه ذلك (والجنون) أي: زوال العقل أي: التمييز به أو بغيره (والجذام) قال في القاموس: هو كغراب علة تحدث من انتشار السوداء في البدن كله فيفسد مزاج الأعضاء، وهيئتها وربما انتهى إلى أكل الأعضاء، وسقوطها عن تقرح. اهـ واستعاذ صلى الله عليه وسلم من هذه الأمراض مع أن في الصبر عليها مزيد الأجر خشية من ضعف الطاقة عن الصبر، والوقوع في الضجر، فيفوت به الأجر، وعم بعد تخصيص المذكورات الاستعاذة فقال:(وسيىء الأسقام) أي: قبيحها كالفالج والعمى، وإنما قيد بسيئها لأن الأمراض مطهرة للآثام مرقاة للأنام مع الصبر، فأراد ألا يسد باب الأجر خصوصاً، وقد جاء: أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأولياء، فالنفوذ من جميع الأسقام، ليس من دأب الكرام، وقال ميرك: لأن منها ما إذا تحامل الإِنسان فيه على نفسه بالصبر خفت مؤنته، مع عدم إزمانه كالحمى والصداع والرمد ولا كذلك المرض المزمن، فإنه ينتهي بصاحبه إلى حالة يعرض عنه منها الحميم، ويقل دونها المداوي مع ما يورثه من الشين (رواه أبو داود بإسناد صحيح) وروي بزيادة عند ابن حبان في صحيحه، والحاكم في المستدرك والطبراني في المعجم الصغير.
1483-
(وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من الجوع) أي: المفرط المانع من الحضور (فإنه بئس الضجيع) أي: المضاجع وهو الذي ينام معك في فراش واحد، أي: بئس المصاحب لأنه يمنع استراحة النفس والقلب، فإن الجوع يضعف القوى ويثير أفكاراً رديئة، وخيالات فاسدة فيخل بوظائف العبادة، ومن ثم حرم الوصال (وأعوذ بك من الخيانة) أي: في أمانة الخلق، أو الخالق (فإنها بئست البطانة) بكسر الموحدة خاصة الرجل، أي: الخصلة الباطنة من خاصته، واستعاذته صلى الله عليه وسلم من هذه لتعليم الأمة وإرشادهم للاقتداء ليفوزوا بخير الدارين، أو المراد بالاستعاذة منها طلب
(1) أخرجه أبو داود في كتاب: الصلاة، باب: في الاستعاذة، (الحديث: 1554) .
حُصَيْناً كَلِمَتَيْنِ يَدْعُو بهما: "اللَّهُمَّ ألْهِمْني رُشْدِي، وأعِذْنِي مِنْ شَرِّ نَفْسي". رواه الترمذي، وقال:"حديث حسن"(1) .
1486-
وعن أَبي الفضل العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رسول الله عَلِّمْني شَيْئاً أسْألُهُ الله تَعَالَى، قَالَ:"سَلوا الله العَافِيَةَ" فَمَكَثْتُ
ــ
حصيناً) عطف بيان أو بدل (كلمتين) بالمعنى اللغوي أي: جملتين (يدعو بهما: اللهم ألهمني رشدي) بضم فسكون، ويقال بفتحتين، وهو والرشاد ضد الضلال، أي: ألهمني الهدى بالتوفيق للأعمال المرضية لك والمقربة من فضلك (وأعذني) أي: اعصمني (من شر نفسي) فإنها الداعية لحتفي وطردي، إلا إن تداركتني بالإِحسان، قال تعالى:(إن النفس لأمارة بالسوء)(رواه الترمذي وقال: حديث حسن) .
1486-
(وعن أبي الفضل العباس) بفتح المهملة، وتشديد الموحدة، آخره سين مهملة، وكني بأكبر أولاده (ابن عبد المطلب) عم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان رضي الله عنه أسن من النبي صلى الله عليه وسلم، بسنتين أو ثلاث، ولم يزل معظماً في الجاهلية والإِسلام، وكان إليه أمر السقاية في الجاهلية، وأقره رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك، وحضر ليلة العقبة مع النبي صلى الله عليه وسلم، وأكد له العقد مع الأنصار، وخرج إلى بدر مع المشركين مرائياً لهم، وأسر ففادى نفسه، وابني أخويه عقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحارث، وأسلم عقب ذلك، وعذره صلى الله عليه وسلم في الإِقامة بمكة من أجل سقايته، ولقي النبي صلى الله عليه وسلم في سفر الفتح مهاجراً ببنيه، فرجع معه وكان سبب تسكين الشر وحقن الدماء، ثم خرج إلى حنين وثبت مع النبي صلى الله عليه وسلم حين انهزم الناس، عنه، وكان يعظمه ويبجله، ومناقبة كثيرة أفردت بالتأليف، روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة وثلاثون حديثاً، اتفق الشيخان على واحد منها والبخاري انفرد بواحد، وانفرد مسلم بثلاثة، وخرج عنه الأربعة وغيرهم، وتوفي بالمدينة يوم الجمعة لثنتي عشرة ليلة خلت من شهر رجب سنة اثنتين، أو أربع وثلاثين، وهو ثابت اللحم معتدل القامة، وقبره مشهور بالبقيع (قال: قلت يا رسول الله علمني شيئاً) أي: مما ينبغي طلبه (أسأله الله تعالى) لشرفه وعظم نتائجه (قال: سلوا الله العافية) كذا في الأصول بواو الجماعة وفيه إرشاد إلى أنها ينبغي لكل أحد سؤالها وطلبها ولا يختص بذلك العباس دون الناس، وهي اسم مصدر من عافاه الله محا عنه الذنوب والأسقام، وقال في المصباح: وهي مصدر جاءت على فاعله، ومثله
(1) أخرجه الترمذي في كتاب: الدعوات، [باب: 70] ، (الحديث: 3483) .
دُعاءِ دَاوُدَ: اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَالعَمَلَ الَّذِي يُبَلِّغُنِي حُبَّكَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ حُبَّكَ أحَبَّ إلَيَّ مِنْ نَفْسِي، وأهْلِي، وَمِنَ الماءِ البارِدِ". رواه الترمذي، وقال: "حديث حسن" (1) .
ــ
ضعيف، وذكر الحديث الذي سبق عن الطبراني، وقال: ورويناه في فوائد النسوي، وسنده ضعيف أيضاً. وقد ثبت عن ابن عباس اختصاص ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم أخرجه ابن أبي شيبة عنه، قال:"ما أعلم الصلاة تنبغي من أحد على أحد إلا على النبي صلى الله عليه وسلم) وسنده صحيح. وحكي القول به عن مالك، وقال: ما تعبدنا به، وجاء نحوه عن عمر بن عبد العزيز، وعن مالك يكره. وقال عياض: عامة أهل العلم على الجواز، وقال سفيان: يكره إلا أن يصلى على نبي (2) ، ووجدت بخط بعض الشيوخ، مذهب مالك لا يجوز أن يصلى إلا على محمد، وهذا غير معروف عن مالك إنما قال: أكره الصلاة على غير الأنبياء فلا ينبغي لنا أن نتعدى ما أمرنا به. وقال يحيى بن يحيى: لا بأس بذلك اهـ (اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك) المصدر فيهما محتمل، لأن يكون مضافاً إلى الفاعل ولأن يكون مضافاً للمفعول، والثاني أبلغ وأنسب بما بعده. والمراد من محبة الله تعالى للعبد غايتها من التوفيق والإِثابة والثناء الحسن عليه. وتقدم حديث "إذا أحب الله عبداً نادى جبريل إن الله يحب فلاناً" الحديث (والعمل الذي يبلغني حبك) أي: وحب العمل فالمضاف مقدر، وجاء مصرحاً به في حديث والمصدر المقدر مضاف لمفعوله البتة (اللهم اجعل حبك) أي: محبتي إياك أو محبوبيتي لك (أحب إلي من نفسي وأهلي ومن الماء البارد) أي: ارزقني من الأنوار ما يجلي عن عين بصيرتي الأقذاء والأقذار لأحبك حباً طبيعياً، فوق ما أحب ما ذكر. فالحب التكليفي فوق ما ذكر لمن ذكر ثبت به الحديث، وعلى كل عبد مجاهدة نفسه في تقديم طاعة الله وطاعة رسوله على نفسه وأهله، وخص الماء البارد بالذكر لشدة ميل النفس ونزعها إليه زمن الصيف، فهو أحب المستلذات إليها. قال بعضهم: أعاد الجار، ليدل على الاستقلال للماء البارد في كونه محبوباً، وذلك في بعض الأحيان فإنه يعدل بالروح للإِنسان، وعن بعض الفضلاء: الماء ليس له قيمة لأنه لا يشترى إذا وجد، ولا يباع إذا فقد، كذا في الحرز (رواه الترمذي وقال حديث حسن) ولفظه بعده قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر داود عليه السلام يحدث عنه وقال: كان أعبد البشر. اهـ. وهو محتمل، لأن يراد به أعبد أهل زمانه، ولأن
(1) أخرجه الترمذي في كتاب: الدعوات، [باب: 73] ، (الحديث: 3490) .
(2)
لعله على النبي صلى الله عليه وسلم تأمل. ع.
1489-
وعن أنس رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ألِظُّوا بـ (يَاذا الجَلَالِ والإكْرامِ") . رواه الترمذي، ورواه النسائي من رواية ربيعة بن عامِرٍ الصحابي، قَالَ الحاكم:"حديث صحيح الإسناد".
"ألِظُّوا": بكسر اللام وتشديد الظاء المعجمة، معناه: الزَمُوا هذِهِ الدَّعْوَةَ وأكْثِرُوا مِنْهَا (1) .
1490-
وعن أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: دعا رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، بدُعاءٍ كَثيرٍ
ــ
يراد به أشكر الناس، قال تعالى:(اعملوا آل داود شكراً)(2) أي: بالغ فيه، وبذل وسعه في ذلك، وفي ذكره صلى الله عليه وسلم لهذا الذكر إيماء إلى التحريض عليه، والحث على الإتيان به.
1489-
(وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألظوا بياذا الجلال) هي النعوت القهرية، كالانتقام والقهر والجبر، نحو المنتقم القهار الجبار العزيز (والإكرام) هو النعوت الجمالية كالكريم الستار الرؤوف الرحيم الغفار (الجلال والإكرام اسم الله الأعظم) وهو أحد ما قيل في تعيين الاسم الأعظم، ذكره الحافظ في الفتح وقال: أخرج الترمذي من حديث معاذ بن جبل قال: "سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يقول يا ذا الجلال والإِكرام، فقال: قد استجيب لك فسل" واحتج له الفخر الرازي بأنه يشمل جميع الصفات المعتبرة في الألوهية، لأن في الجلال إشارة إلى جميع الصفات السلبية، وفي الإِكرام إشارة إلى جميع الصفات الثبوتية.
(رواه الترمذي ورواه النسائي) وكذا أحمد والحاكم في المستدرك (من رواية) أي: من حديث (ربيعة) بفتح الراء وكسر الموحدة، وبالعين المهملة (ابن عامر) بن بجاد بموحدة وجيم ودال مهملة، بينهما ألف، وقيل: ابن الهادي الأزدي أو الديلي (الصحابي) وسقط من النسخ ذكر الترضية، ولعله من النساخ. قال الحافظ في التقريب: له حديث واحد خرج عنه النسائي، وقال الزهري في الكاشف: روى عنه يحيى بن حبان (قال الحاكم) في المستدرك في حديث ربيعة (حديث صحيح الإِسناد: ألظوا) بفتح الهمزة و (بكسر اللام وتشديد الظاء المعجمة معناه: الزموا هذه الدعوة وأكثروا منها) هو تقدير معنى، وأما تقدير الإعراب لازموا الدعاء، أو ابدءوه بياذا الجلال والإِكرام، وإطلاق الدعاء عليه على الوجه الأول، لأنه يفتتح به الدعاء كإطلاقه في حديث "أفضل الدعاء يوم عرفة لا إله إلا الله" الحديث.
1490-
(وعن أبي إمامة رضي الله عنه قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعاء كثير) بالمثلثة (لم
(1) أخرجه الترمذي في كتاب: الدعوات، [باب: 92] ، (الحديث: 3524) .
(2)
سورة سبأ، الآية:13.
لَمْ نَحْفَظْ مِنْهُ شَيْئاً؛ قُلْنَا: يَا رسول الله، دَعَوْتَ بِدُعاءٍ كَثِيرٍ لَمْ نَحْفَظْ مِنْهُ شَيْئاً، فَقَالَ:"ألا أدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَجْمَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ؟ تقول: اللَّهُمَّ إنِّي أسَألُكَ مِنْ خَيْر مَا سَأَلَكَ مِنْهُ نَبِيُّكَ محمَّدٌ صلى الله عليه وسلم؛ وأعوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا استَعَاذَ مِنْهُ نَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، وأنتَ المُسْتَعانُ، وَعَليْكَ البَلَاغُ، وَلَا حَولَ وَلَا قُوَّةَ إِلَاّ باللهِ". رواه الترمذي، وقال:"حديث حسن"(1) .
1491-
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قَالَ: كَانَ من دعاءِ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ، والسَّلامَةَ مِنْ كُلِّ إثْمٍ، والغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ،
ــ
نحفظ منه شيئاً قلنا: يا رسول الله دعوت بدعاء كثير لم نحفظ منه شيئاً فقال: ألا) بتخفيف اللام (أدلكم على ما يجمع ذلك) أي: مقصوده ومطلوبه (كله) وسكت عن جوابهم أي: قالوا بلى إما نسياناً، أو لكونهم لم يأتوا به اكتفاء بظهور حاجتهم إليه عن بيانه (تقول: اللهم إني أسألك من خير ما سألك منه نبيك) من للتبعيض فيهما وعطف على نبيك عطف بيان أو أبدل منه قول: (محمد صلى الله عليه وسلم وأعوذ) وفي نسخة "ونعوذ" بالنون (بك من شر ما استعاذ منه (2) نبيك محمد صلى الله عليه وسلم) أي: من الشرور الدنيوية بدناً أو أهلاً أو مالاً، والدينية حالاً أو مآلاً (وأنت المستعان) أي: المطلوب منه الإِعانة (وعليك البلاغ) أي: الكفاية أو ما يبلغ إلى المطلوب من خير الدارين (ولا حول ولا قوة إلا بالله رواه الترمذي وقال: حديث حسن) غريب.
1491-
(وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كان من) أي: بعض (دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي: الجامع للخير كما جاء أنه كان يحب الجوامع من الأدعية (اللهم إني أسألك موجبات رحمتك) أي: ما يوجبها مما رتبتها عليه من الأعمال بالوعد الصادق كقوله تعالى: (ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون)(3) الآية (وعزائم مغفرتك) أي: موجبات غفرانك. قال المصنف: جمع عزيمة وهي ما عزم الله على العباد أن يعطوه، ليغفر لهم، قاله ابن الجزري. قيل: وصوابه أن يطيعوه. قلت، ويمكن رد الأول إليه أي: يعطوه من الطاعة (والسلامة من كل إثم) أي: معصية (والغنيمة) أي: الإِكثار (من كل بر) بكسر
(1) أخرجه الترمذي في كتاب: الدعوات، [باب: 89] ، (الحديث: 3521) .
(2)
قوله (ما استعاذ منه) الذي في الأذكار (ما استعاذك منه) .
(3)
سورة الأعراف، الآية:156.