المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌225- باب فضل صوم المحرم وشعبان والأشهر الحرم - دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين - جـ ٧

[ابن علان]

فهرس الكتاب

- ‌216- باب: في تأكيد وجوب الزكاة وبيان فضلها وما يتعلق بها

- ‌217- باب وجوب صوم رمضان وبيان فضل الصيام وَمَا يتعلق بِهِ

- ‌218- باب الجود وفعل المعروف والإكثار من الخير في شهر رمضان والزيادة من ذَلِكَ في العشر الأواخر منه

- ‌219- باب النهي عن تقدم رمضان بصوم بعد نصف شعبان إِلَاّ لمن وصله بما قبله أَوْ وافق عادة لَهُ بأن كَانَ عادته صوم الإثنين والخميس فوافقه

- ‌220- باب مَا يقال عند رؤية الهلال

- ‌221- باب فضل السحور وتأخيره مَا لَمْ يخش طلوع الفجر

- ‌222- باب في فضل تعجيل الفطر وَمَا يفطر عَلَيْهِ، وَمَا يقوله بعد إفطاره

- ‌223- باب في أمر الصائم بحفظ لسانه وجوارحه عن المخالفات والمشاتمة ونحوها

- ‌224- باب في مسائل من الصوم

- ‌225- باب فضل صوم المحرم وشعبان والأشهر الحرم

- ‌226- باب في فضل الصوم وغيره في العشر الأول من ذي الحجة

- ‌227- باب فضل صوم يوم عرفة وعاشوراء وتاسوعاء

- ‌229- باب في استحباب صوم الإثنين والخميس

- ‌230- باب في استحباب صوم ثلاثة أيام من كل شهر

- ‌8- كتاب: الاعتكاف

- ‌232- باب: في فضل الاعتكاف

- ‌9- كتاب: الحج

- ‌233- باب: في فضل الحج

- ‌10 - كتاب: الجهاد

- ‌234- باب: في فضل الجهاد

- ‌236- باب فضل العتق

- ‌11- كتَابُ العِلم

- ‌241- باب فضل العلم تعلماً وتعليماً لله

- ‌13- كتَاب حَمد الله تَعَالَى وَشكره

- ‌242- باب وجوب الشكر

- ‌13- كتاب: الصَّلاة عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌243- باب: في فضل الصلاة عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌14- كتاب الأذْكَار

- ‌244- باب فَضلِ الذِّكْرِ وَالحَثِّ عليه

- ‌245- باب ذكر الله تَعَالَى قائماً أَوْ قاعداً ومضطجعاً ومحدثاً وجنباً وحائضاً إِلَاّ القرآن فَلَا يحل لجنب وَلَا حائض

- ‌246- باب مَا يقوله عِنْدَ نومه واستيقاظه

- ‌247- باب فضل حِلَقِ الذكر والندب إِلَى ملازمتها والنهي عن مفارقتها لغير عذر

- ‌248- باب الذكر عِنْدَ الصباح والمساء

- ‌15- كتَاب الدَعَوات

- ‌250- باب في فضل الدعوات

- ‌251- باب فضل الدعاء بظهر الغيب

- ‌252- باب: في مسائل من الدعاء

- ‌253- باب: في كرامات الأولياء وفضلهم

الفصل: ‌225- باب فضل صوم المحرم وشعبان والأشهر الحرم

1243-

وعن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما، قالتا: كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصْبحُ جُنُباً مِنْ غَيْرِ حُلُمٍ، ثُمَّ يَصُومُ. متفقٌ عَلَيْهِ (1) .

‌225- باب فضل صوم المحرم وشعبان والأشهر الحرم

1244-

وعن أَبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفْضَلُ

ــ

1243-

(وعن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما قالتا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنباً) وقولهما (من جماع غير احتلام)(2) وصف تقييدي (3) إذ جنابته صلى الله عليه وسلم لا تكون بالاحتلام إذ هو من تلاعب الشيطان، ولا وصلة له إليه صلى الله عليه وسلم، أو تخصيصي بناء على أن الاحتلام نوعان: عن إمتلاء البدن: وهو لكونه من العوارض البشرية، جائز في حقه، وعن تلاعب الشيطان: وهو الممتنع عليه كسائر الأنبياء صلى الله عليه وعليهم وسلم (ثم يصوم) وقد أومأ إلى صحة صوم من أصبح جنباً قوله تعالى: أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم، إذ يلزم من حله آخر أجزاء الليل طلوع الفجر عليه وهو جنب، فيدل حله على صحة صومه، ذكره الأصوليون في دلالة الإِشارة (متفق عليه) .

باب بيان فضل صوم المحرم

سمي بذلك دون باقي الأشهر الحرم، تشريفاً، وقيل: لغير ذلك، كما بينته في مؤلفي في عاشوراء، المسمى بفتح الكريم القادر، في متعلقات عاشوراء، من الأعمال والمآثر (وشعبان والأشهر الحرم) لعل حكمة فضله بشعبان بين المحرم، وباقي الأشهر الحرام مع فضل صومها على صومه، إكثار صومه صلى الله عليه وسلم له كما سيأتي دونها، وإلا فهو بعده في الفضل، خلافاً لبعض منهم ابن رجب في اللطائف كما بينته في المؤلف المذكور مع رده.

1244-

(عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل الصيام) أي: من

(1) أخرجه البخاري في كتاب: الصوم، باب: اغتسال الصائم (4/133، 134) .

وأخرجه مسلم في كتاب: الصيام، باب: صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب، (الحديث: 80) .

(2)

قوله: (من جماع غير احتلام) كذا في نسخ الشرح وكذا أيضاً في صحيحي البخاري ومسلم والذي في بعض نسخ المتن يصبح جنباً من غير حلم.

(3)

المراد أنه صفة كاشفة كما في قوله تعالى (ويقتلون النبيين بغير الحق) .

ص: 53

الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ: شَهْرُ الله المُحَرَّمُ، وَأفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعدَ الفَرِيضَةِ: صَلَاةُ اللَّيْلِ" رواه مسلم (1) .

1245-

وعن عائشة رضي الله عنها، قالت: لَمْ يكن النبي صلى الله عليه وسلم يَصُومُ مِنْ شَهْرٍ أكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ، فَإنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ (2) .

ــ

النانلة المطلقة (بعد) صيام (شهر رمضان شهر الله المحرم) أي: صيامه وإضافة الشهر لله كإضافة البيت والناقة إليه تعالى في قولنا: الكعبة بيت الله، وقوله تعالى:(ناقة الله)(3) للتشريف والتفخيم (وأفضل الصلاة) أي: من النافلة المطلقة (بعد الفريضة صلاة الليل) أي: التهجد وذلك؛ لأنه أبعد عن الرياء وأقرب إلى الإِخلاص، مع حصول الحضور حينئذ؛ لعدم وجود ما يصد عنه؛ ولأنه وقت التجليات الإِلهية والفيوض الربانية (رواه مسلم) وتقدم مشروحاً في باب فضل قيام الليل.

1245-

(وعن عائشة رضي الله عنها قالت لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم) أي: صوم نفل مطلق، (من شهر) أي: فيه، أو بعضه (أكثر من شعبان) وفعله صلى الله عليه وسلم لذلك، مع الحديث قبله الدال على أفضلية صوم المحرم على صومه، لما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من قوله:"إنه شهر ترفع فيه الأعمال فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم" وفي حديث آخر " إنه شهر تكتب فيه الآجال فأحب أن يكتب أجلي وأنا صائم " وفي حديث آخر " إنه شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان فأحب إحياءه "؛ أو لأنه لم يطلع على فضل صوم المحرم إلا في أواخر عمره الشريف، أو لم يتمكن من صومه؛ لكونه أول السنة، فكان يتجهز فيها للحروب ويخرج لجهاد أعداء الدين، وعلى كل فلا دليل في إكثاره صومه، دون المحرم على فضله على المحرم مع ما ذكر (فإنه كان يصوم شعبان كله) قيل: المراد أنه كان يصوم معظمه بدليل قوله: (وفي رواية) لمسلم (كان يصوم شعبان إلا قليلاً) وعند البخاري: ما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان، فلذا قال المصنف:(متفق عليه) قال المصنف في شرح مسلم: قوله كان يصوم شعبان إلا قليلاً، هذا

(1) أخرجه مسلم في كتاب: الصيام، باب: فضل صوم المحرم، (الحديث: 202) .

(2)

أخرجه البخاري في كتاب: الصوم، باب: صوم شعبان (4/186) .

وأخرجه مسلم في كتاب: الصيام، باب: صيام النبي صلى الله عليه وسلم في غير رمضان واستحباب

(الحديث: 176) .

(3)

سورة هود، الآية:64.

ص: 54

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تفسير للأول، وبيان أن قوله كله أي: غالبه، وقيل: كان يصومه كله في وقت وبعضه في وقت آخر، وهذا أنسب باللفظ. قال المصنف قال العلماء: وإنما لم يستكمل غير رمضان؛ لئلا يظن وجوبه، وقيل: في قولها كله أي: يصوم في أوله وفي وسطه وفي آخره، ولا يخص شيئاً منه بل يعمه بصيامه، ذكر هذه الأجوبة المصنف في شرح مسلم، وقيل: غير ذلك، وقد تعقب الدماميني في المصابيح كلامه.

"أما الأول": فإن إطلاق الكل على الأكثر مع الإِتيان به توكيداً، غير معهود. وتعقبه الحافظ زين الدين العراقي، بأن في حديث أم سلمة عند الترمذي: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين إلا رمضان وشعبان، فعطفه على رمضان يبعد أن يراد به أكثره، إذ لا جائز أن يراد من رمضان بعضه، والعطف يقتضي المشاركة فيما عطف عليه، وإن مشى ذلك فإنما يمشي على رأي من يقول إن اللفظ الواحد يحمل على حقيقته ومجازه، وفيه خلاف لأهل الأصول قال في عمدة القاري: ولا يمشي على ذلك الرأي أيضاً؛ لأن من قال ذلك قاله في اللفظ الواحد، وهما لفظان رمضان وشعبان، لكن نقل الترمذي عن ابن المبارك أن العرب يتجوزون بذلك فيقولون: إذا صام أكثر الشهر وقام أكثر ليله صام الشهر كله، وقام ليله أجمع، ولعله قد تعشى واشتغل ببعض أمره.

"وأما الثاني": فقال الدماميني: إن قولها: كان يصوم شعبان يقتضي تكرار ذلك الفعل له عادة على ما هو المعروف في مثل هذه العبارة اهـ أي: بناء على إفادتها له، والذي اختاره المصنف وعزاه للأكثرين والمحققين أنها تقتضيه عرفاً.

"وأما الثالث": فقال الدماميني: إن أسماء الشهور إذا ذكرت غير مضاف إليها لفظ شهر كان العمل عاماً لجميعها، فلا تقول سرت المحرم، وقد سرت بعضه، فإن أضفت الشهر إليه لم يلزم التعميم، هذا مذهب سيبويه، وتبعه عليه غير واحد، ولم يخالفه إلا الزجاج، وأما قولها في رواية: وما رأيته أكثر صياماً منه في شعبان، فلا ينافي صيامه لجميعه، فإن المراد، أنه صلى الله عليه وسلم أكثر الصيام فيه على غيره من الشهور التي لم يفرض فيها الصوم، وذلك صادق بصومه كله؛ لأنه إذا صام جميعه صدق عليه أن الصوم الذي أوقعه فيه أكثر من الصوم الذي أوقعه في غيره، ضرورة أنه لم يصم غيره، مما عدا رمضان كاملاً، وأما قولها: لم يستكمل إلا رمضان فيحمل على الحذف أي: وشعبان بدليل الطريق الآخر، كان يصوم شعبان كله، وحذف المعطوف والعاطف جميعاً ليس بعزيز في كلامهم، ويمكن

ص: 55

1246-

وعن مُجِيبَةَ البَاهِليَّةِ، عن أبيها أَوْ عمها: أنه أتى رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ انطَلَقَ فَأَتَاهُ بَعْدَ سَنَةٍ - وَقَدْ تَغَيَّرَتْ حَالُهُ وَهيئَتُهُ - فَقَالَ: يَا رسولَ الله، أمَا تَعْرِفُنِي؟ قَالَ:"وَمَنْ أنْتَ"؟ قَالَ: أَنَا الباهِليُّ الَّذِي جِئْتُك عام الأَوَّلِ. قَالَ: "فَمَا غَيَّرَكَ، وَقَدْ كُنْتَ حَسَنَ الهَيْئَةِ! " قَالَ: مَا أكَلْتُ طَعَاماً مُنْذُ فَارقتُكَ إِلَاّ بِلَيْلٍ. فَقَالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "عَذَّبْتَ نَفْسَكَ! " ثُمَّ قَالَ: "صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ، وَيَوماً مِنْ كُلِّ شَهْرٍ"

ــ

الجمع بطريق أخرى، وهي أن قولها: كان يصوم شعبان كله، محمول على محذوف أداة الإِستثناء والمستثنى أي: إلا قليلاً منه؛ بدليل رواية عبد الرزاق بلفظ "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر منه صياماً في شعبان فإنه كان يصومه كله إلا قليلاً. اهـ ملخصاً من القسطلاني على البخاري.

1246-

(وعن مجيبة) بضم أوله وكسر الجيم بعدهما تحتية، ثم موحدة، امرأة من الصحابة، كذا في تقريب الحافظ (الباهلية) قال ابن الأثير:(1)(عن أبيها) وفي أطراف المزي، اسم أبي مجيبة عبد الله بن الحارث الباهلي صحابي (أو عمها) قال أبو موسى: ذكر فيمن لم يسم، وقال أبو عمر: لا أعرفه، وأخرجه أبو عمر وأبو موسى مختصراً، فيمن روى عن أبيه (أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي: أتاه وافداً عليه (ثم انطلق) إلى أهله (فأتاه بعد سنة) الفاء فيه مستعارة لموضع ثم وجملة (وقد تغيرت حاله) أي: صفته، والحال يذكر ويؤنث في محل الحال من الفاعل (وهيئته) هي الحال الظاهرة فعطفها على الحال من عطف الخاص على العام (فقال) عطف على مقدر أي: فلم يعرفه فقال: (يا رسول الله أما) بتخفيف الميم، أداة استفتاح (تعرفني؟ قال: ومن أنت؟ قال: أنا الباهلي الذي جئتك عام الأول) من إضافة الموصوف لصفته، وهو مؤول عند البصريين على تقدير عام الوقت الأول ليمنع ذلك اتحاد المتضايفين، وأجازه الكوفيون من غير تأويل (قال: فما غيرك وقد كنت حسن الهيئة) جملة حالية من فاعل غير (قال: ما أكلت طعاماً منذ) ظرف لدخولها على الجملة الفعلية وهي (فارقتك إلا بليل) أي: لم أزل صائماً، ومراده ما عدا أيام العيد والتشريق، ويحتمل أنه أراد ما يعمها، وكان لم يعلم تحريم صومها، ويؤيد الأول أنه لم ينهه عن صومها، ولم يبين له تحريمها (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عذبت نفسك) أي: بمنعها من مألوفاتها وقطعها عن معتاداتها، بما يضر بالنفس التي مطية العبد للوصول إلى ساحة الفضل (ثم قال: صم) المراد من الأمر فيه مطلق الطلب الشامل للوجوب والندب (شهر الصبر)

(1) كذا بالأصول. ع.

ص: 56