الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يأخذ له دستوراً للوصول فأقام بها وأبطأ عليه الأذن فعدا الفرات إلى جهة الشام متوجهاً إلى تيه بني إسرائيل واجتمع عليه جماعة من العرب ثم كان من أمره ما سنذكره إن شاء الله تعالى.
فصل
وفيها توفى أحمد بن مكي بن المسلم بن مكي بن خلف بن المسلم بن أحمد بن محمد بن خضر بن قر بن عبد الواحد بن علي بن غيلان أبو المظفر القيسي الدمشقي كان من أعيان الدمشقيين ومن البيوت المشهورة بها سمع من حنبل وحدث وتوفي بدمشق في السابع والعشرين من المحرم ودفن من الغد ببستانه من أرض بنيت لها رحمه الله.
اسمعيل بن عبد الله بن سعيد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن أبي المجد عماد الدين بن باطيش الموصلي الفقيه الشافعي كان من الأعيان الأماثل الأفاضل مولده بالموصل في السادس المحرم سنة خمس وسبعين وخمسمائة سمع من الحافظ أبي الفرج بن الجوزي وغيره وحدث وخرج لنفسه أحاديث ودرس وأفتى وصنف تصانيف حسنة مفيدة وكان أحد العلماء المذكورين وتوفي بحلب في رابع جمادى الآخرة رحمه الله تعالى.
- 23 ب - أيبك بن عبد الله الصالحي الملك المعز عز الدين المعروف بالتركماني كان في بداية أمره مملوكاً للملك الصالح نجم الدين - أيوب - اشتراه في حياة أبيه الملك الكامل وتنقلت به الأحوال عنده ولازمه في الشرق وغيره وجعله جاشنكيره ولهذا لما أمره كان
رنكه صورة خوانجا فلما قتل الملك المعظم توران شاه ابن الملك الصالح نجم الدين وبقيت الديار المصرية بلا ملك تشوف إلى السلطنة أعيان الأمراء فخيف من شرهم وكان الأمير عز الدين التركماني معروفاً بالسداد وملازمة الصلاة ولا يشرب الخمر وعنده كرم وسعة صدر ولين جانب وهو من أوسط الأمراء فاتفقوا عليه وسلطنوه في أواخر شهر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين وستمائة وركب السناجق السلطانية وحملت الغاشية بين يديه وأول من حملها الأمير حسام الدين بن أبي علي ثم تداولها أكابر الأمراء وقالوا هذا متى أردنا صرفه أمكننا ذلك لعدم شوكته ولكونه من أوسط الأمراء ثم اجتمع الأمراء البحرية فاتفقوا على انه لابد من إقامة شخص في الملك من بني أيوب يجتمع الكل على طاعته وكان سبب ذلك أن الأمير فارس الدين أقطاي الجمدار والأمير ركن الدين بيبرس البندقداري والأمير سيف الدين بلبان الرشيدي والأمير شمس الدين سنقر الرومي واتفقوا أن التركماني سلطاناً عليهم واختاروا أن يقيموا صبيا من بني أيوب له اسم الملك وهم يدبرونه ويأكلون الدنيا بأسمه فوقع اتفاقهم على الملك الأشرف مظفر الدين موسى ابن الملك الناصر يوسف بن الملك المسعود بن الملك الكامل وكان عند عماته القطبيات وعمره نحو عشر سنين فأحضروه وسلطنوه وخطبوا له وجعلوا التركماني أتابك وذلك لخمس مضين من
جمادى الأولى بعد سلطنة الملك المعز بخمسة أيام وكانت التواقيع تخرج وصورتها - رسم بالأمر العالي المولى السلطاني الملكي الأشرفي والملكي المعزى - واستمر الحال على ذلك والملك المعز المستولي على التدبير ويعلم على التواقيع والملك الأشرف صورة فلما ملك الملك الناصر صلاح الدين يوسف دمشق في سنة ثمان وأربعين خرج الأمير ركن الدين وجماعة من العسكر إلى غزة فلقيهم عساكر الملك الناصر فاندفعوا راجعين ونزلوا بالسابح وبه جماعة من الأمراء فاتفقت كلمة الجميع على مكاتبة الملك المغيث فتح الدين عمر بن الملك العادل سيف الدين أبي بكر محمد بن الملك الكامل صاحب الكرك والشوبك وخطبوا له بالصالحية يوم الجمعة لأربع مضين من جمادى الآخرة فأمر الملك المعز بالنداء بالقاهرة ومصر بأن البلاد للخليفة المستعصم بالله والملك المعز نائبه بها وذلك يوم السبت لخمس مضين من جماد الآخر سنة ثمان وأربعون ووقع الحث في خروج العساكر وجددت الأيمان للملك الأشرف بالسلطنة وللملك المعز بالأتابكية ثم قصد الملك الناصر صلاح الدين يوسف الديار المصرية بالعساكر وضرب مصافاً مع العساكر المصرية وكسروا كسرة شنيعة ولم يبق إلا تملك الملك الناصر البلاد وخطب له في قلعة الجبل ومصر وغيرها من الأعمال على ما هو مشهور وتفرقوا منهزمين لا يلوون على شيء وتبعتهم عساكر الملك الناصر في شرذمة يسيرة من أعيان الأمراء والملوك تحت السناجق والكوسات تخفق وراءه وقد تحقق
النصر والظفر وأما الملك المعز فتحيز في أمره إذ ليس له جهة يلتجئ إليها فعزم بمن كان معه من الأمراء على دخول البرية والتوصل إلى مكان يأمنون فيه على أنفسهم وظهر لهم بعد ذلك عليهم فاجتازوا إلى الملك الناصر على بعد وهم في نفر يسير - وهو في نفر يسير - فرموا أنفسهم عليه وحملوا عليه حملة رجل واحد وقتل الأمير شمس الدين لؤلؤ الأميني مدبر الدولة وأتابك العساكر والأمير ضياء الدين القيمري وغيرهما وهرب الملك الناصر لا يلوي على شيء وكسر الملك الصالح عماد الدين إسماعيل بن الملك العادل والملك الأشرف ابن صاحب حمص والملك المعظم توران شاه بن السلطان صلاح الدين وغيرهم واستمرت الكسرة على عساكر الشام وبلغ خبرها الأمير جمال الدين موسى بن يغمور وقد قارب بلبيس ومعه قطعة كبيرة من الجيش فقال ما علينا نحن قد ملكنا البلاد والسلطان يعود إلينا وكان بعض الأمراء قد توهم أن الملك الناصر ربما قتل فقال الأمير نجم الدين أمير حاجب لابن يغمور ياخوند جمال الدين حب الوطن من الأيمان كأنه نسبه إلى أنه أختار دخول الديار المصرية على كل حال وأنه ربما له باطن مع المصريين فغضب لذلك وثنى رأس
فرسه وعاد ولو كان دخل بمن معه لملك البلاد وعاد الملك المعز إلى الديار المصرية مظفراً منصوراً وخرج الملك الأشرف من قلعة الجبل للقائه ورسخ قدم الملك المعز وعظم شأنه واستمر الحال على ذلك إلى سنة إحدى وخمسين فوقع الاتفاق بينه وبين الملك الناصر على أن يكون له وللبحرية الديار المصرية وغزة والقدس وما في البلاد الشامية للملك الناصر وأفرج عن الملك المعظم توران شاه بن صلاح الدين وأخيه نصرة الدين والملك الأشرف بن صاحب حمص وغيرهم - 25ب - من الاعتقال وتوجهوا إلى الشام وعظم شأن الأمير فارس الدين أقطاي الجمدار والتفت عليه البحرية وصار يركب بالشاويش وحدثته نفسه بالملك وكان أصحابه يسمونه الملك الجواد فيما بينهم وخطب بنت الملك المظفر تقي الدين محمود صاحب حماة وهي أخت الملك المنصور صاحبها وتحدث مع الملك المعز أنه يريد يسكنها في قلعة الجبل لكونها من بنات الملوك ولا يليق سكناها بالبلد فاستشعر الملك المعز منه - بما عزم عليه - وعمل على قتله ولم يقدم على ذلك فكاتب الملك الناصر صلاح الدين يوسف رحمه الله واستشاره على ذلك فكاتب الملك الناصر صلاح الدين يوسف رحمه الله واستشاره في الفتك به فلم يجبه في ذلك بشيء مع كونه يؤثر ذلك لكنه علم أنه مقتول على كل حال وسير الأمير فارس الدين ليحضر بنت حماة إليه فخرجت من حماة ووصلت دمشق في تجمل عظيم وعدة محفاة مغشاة بالأطلس وغيره من فاخر القماش وعليها الحلي والجواهر ثم خرجت بمن معها من دمشق متوجهة إلى الديار المصرية، وأما الملك المعز فانه لما أبطأ عليه جواب الملك الناصر وتحقق أن بنت صاحب حماة في الطريق بقي بين خطتي خسف إن منعه من سكنى القلعة حصلت المباينة الكلية وإن سكنه قويت أسبابه بها ولا يعود يتمكن من إخراجه ويترتب على ذلك استقلال الأمير فارس الدين بالملك فعمل على معالجته فدخل إليه على عادته وقد رتب له الملك المعز جماعة للفتك به منهم الأمير سيف الدين قطز المعزي وغيره من مماليكه المعزية فقتلوه في دار السلطنة بقلعة الجبل في سنة اثنتين وخمسين ثم خلع بعد قتله الملك الأشرف من السلطنة وأنزله من قلعة الجبل إلى عماته القطبيات وركب الملك المعز بالسناجق السلطانية وحملت الأمراء الغاشية بين يديه واستقل بالملك بمفرده استقلالا تاما ثم أن العزيزية عزموا على قبضه في سنة ثلاث وخمسين فشعر بذلك فقبض على بعضهم وهرب بعضهم ثم تقرر الصلح بينه وبين الملك الناصر على أن يكون الشام جميعه للملك الناصر يوسف وديار مصر للملك المعز وحد ما بينهما بئر القاضي وهو فيما بين الواردة والعريش وذلك بسفارة الشيخ نجم الدين البادرائي وتزوج الملك المعز بشجر الدر في سنة ثلاث وخمسين فكان ذلك سببا لقتله وقد ذكرنا كيفية ذلك وما جرى عند ذلك وسلطنة ولده المنصور نور الدين فأغنى عن إعادته وكان الملك المعز كثير الكرم والبذل لا يمنع طالب حاجة إلا في النادر وأطلق في مدة سلطنته من الأموال والخيول وغير ذلك ما لا يحصى كثرة وكان عفيفا طاهر - 26ب - الذيل لا يشرب مسكراً ولا يرى العسف والجور كثير المداراة لخشداشيته والاحتمال لتجنيهم وشراسة أخلاقهم وخلف عدة أولاد منهم الملك المنصور نور الدين علي وناصر الدين قاآن ورأيت له ولداً آخر بالديار المصرية سنة تسع وثمانين وهو في زي الفقراء الحريرية وكان للملك المعز رحمه الله عدة مماليك أمراء نجباء منهم الملك المظفر قطز رحمه الله وسنذكره إن شاء الله تعالى وغيره، ومعظمهم كرماء على سجيته وكان قتل الملك المعز بقلعة الجبل عشية يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من ربيع الأول، وقيل السادس وعشرين منه، وكان له بر ومعروف وبنى المدرسة المعزية بمصر على النيل وهي من أحسن المدارس ووقف عليها وقفاً جيداً ولها دهليز عظيم متسع طويل مفرط في السعة والطول بلغني أن بعض الكبراء دخلها فرآها صغيرة بالنسبة إلى مجازها فقال هذه المدرسة مجاز بلا حقيقة وكان يلي تدريسها القاضي برهان الدين الخضر بن الحسن السنجاري رحمه الله إلى أن مات وهو على تدريسها وملك الملك المعز الديار المصرية نحو سبع سنين وتوفي وقد ناهز الستين سنة رحمه الله تعالى. سه وعاد ولو كان دخل بمن معه لملك البلاد وعاد الملك المعز إلى الديار المصرية مظفراً منصوراً وخرج الملك الأشرف من قلعة الجبل للقائه ورسخ قدم الملك المعز وعظم شأنه واستمر الحال على ذلك إلى سنة إحدى وخمسين فوقع الاتفاق بينه
وبين الملك الناصر على أن يكون له وللبحرية الديار المصرية وغزة والقدس وما في البلاد الشامية للملك الناصر وأفرج عن الملك المعظم توران شاه بن صلاح الدين وأخيه نصرة الدين والملك الأشرف بن صاحب حمص وغيرهم - 25ب - من الاعتقال وتوجهوا إلى الشام وعظم شأن الأمير فارس الدين أقطاي الجمدار والتفت عليه البحرية وصار يركب بالشاويش وحدثته نفسه بالملك وكان أصحابه يسمونه الملك الجواد فيما بينهم وخطب بنت الملك المظفر تقي الدين محمود صاحب حماة وهي أخت الملك المنصور صاحبها وتحدث مع الملك المعز أنه يريد يسكنها في قلعة الجبل لكونها من بنات الملوك ولا يليق سكناها بالبلد فاستشعر الملك المعز منه - بما عزم عليه - وعمل على قتله ولم يقدم على ذلك فكاتب الملك الناصر صلاح الدين يوسف رحمه الله واستشاره على ذلك فكاتب الملك الناصر صلاح الدين يوسف رحمه الله واستشاره في الفتك به فلم يجبه في ذلك بشيء مع كونه يؤثر ذلك لكنه علم أنه مقتول على كل حال وسير الأمير فارس الدين ليحضر بنت حماة إليه فخرجت من حماة ووصلت دمشق في تجمل عظيم وعدة محفاة مغشاة بالأطلس وغيره من فاخر القماش وعليها الحلي والجواهر ثم خرجت بمن معها من دمشق متوجهة إلى الديار المصرية، وأما الملك المعز فانه لما أبطأ عليه جواب الملك الناصر وتحقق أن بنت صاحب حماة في الطريق بقي بين خطتي خسف إن منعه من سكنى القلعة حصلت المباينة الكلية وإن سكنه
قويت أسبابه بها ولا يعود يتمكن من إخراجه ويترتب على ذلك استقلال الأمير فارس الدين بالملك فعمل على معالجته فدخل إليه على عادته وقد رتب له الملك المعز جماعة للفتك به منهم الأمير سيف الدين قطز المعزي وغيره من مماليكه المعزية فقتلوه في دار السلطنة بقلعة الجبل في سنة اثنتين وخمسين ثم خلع بعد قتله الملك الأشرف من السلطنة وأنزله من قلعة الجبل إلى عماته القطبيات وركب الملك المعز بالسناجق السلطانية وحملت الأمراء الغاشية بين يديه واستقل بالملك بمفرده استقلالا تاما ثم أن العزيزية عزموا على قبضه في سنة ثلاث وخمسين فشعر بذلك فقبض على بعضهم وهرب بعضهم ثم تقرر الصلح بينه وبين الملك الناصر على أن يكون الشام جميعه للملك الناصر يوسف وديار مصر للملك المعز وحد ما بينهما بئر القاضي وهو فيما بين الواردة والعريش وذلك بسفارة الشيخ نجم الدين البادرائي وتزوج الملك المعز بشجر الدر في سنة ثلاث وخمسين فكان ذلك سببا لقتله وقد ذكرنا كيفية ذلك وما جرى عند ذلك وسلطنة ولده المنصور نور الدين فأغنى عن إعادته وكان الملك المعز كثير الكرم والبذل لا يمنع طالب حاجة إلا في النادر وأطلق في مدة سلطنته من الأموال والخيول وغير ذلك ما لا يحصى كثرة وكان عفيفا طاهر - 26ب - الذيل لا يشرب مسكراً ولا يرى العسف والجور كثير المداراة لخشداشيته
والاحتمال لتجنيهم وشراسة أخلاقهم وخلف عدة أولاد منهم الملك المنصور نور الدين علي وناصر الدين قاآن ورأيت له ولداً آخر بالديار المصرية سنة تسع وثمانين وهو في زي الفقراء الحريرية وكان للملك المعز رحمه الله عدة مماليك أمراء نجباء منهم الملك المظفر قطز رحمه الله وسنذكره إن شاء الله تعالى وغيره، ومعظمهم كرماء على سجيته وكان قتل الملك المعز بقلعة الجبل عشية يوم الثلاثاء الثالث والعشرين من ربيع الأول، وقيل السادس وعشرين منه، وكان له بر ومعروف وبنى المدرسة المعزية بمصر على النيل وهي من أحسن المدارس ووقف عليها وقفاً جيداً ولها دهليز عظيم متسع طويل مفرط في السعة والطول بلغني أن بعض الكبراء دخلها فرآها صغيرة بالنسبة إلى مجازها فقال هذه المدرسة مجاز بلا حقيقة وكان يلي تدريسها القاضي برهان الدين الخضر بن الحسن السنجاري رحمه الله إلى أن مات وهو على تدريسها وملك الملك المعز الديار المصرية نحو سبع سنين وتوفي وقد ناهز الستين سنة رحمه الله تعالى.
ايبك بن عبد الله الأمير عز الدين الحلبي الكبير كان من أعيان الأمراء الصالحية النجمية وقدمائهم وممن يضاهي الملك المعز وله المكانة العظيمة في الدولة والمحل الكبير بين الأمراء يعترفون له بالتقدم عليهم والرياسة وكان له عدة مماليك أعيان نجباء صاروا بعده أمراء أكابر منهم ركن الدين أتاجي أمير حاجب وبدر الدين بيليك
الجاشنكير وصارم الدين أزبك الحلبي وغيرهم ولما قتل الملك المعز على ما قدمنا ذكره حلف الأمراء لولده الملك المنصور وتوقف الأمير عز الدين المذكور وأراد القيام بالأمر ثم خاف على نفسه فحلف ووافق الأمراء في ذلك فلما كان يوم الجمعة عاشر ربيع الآخر وقبض الأمير سيف الدين قطز والمعزية على الأمير علم الدين سنجر الحلبي واعتقلوه ركب الأمراء الصالحية ومنهم الأمير عز الدين المذكور فتقنطر به فرسه فهلك خارج القاهرة وادخل إليها ميتاً وكذلك ركن الدين خاص ترك الصغير رحمهما الله تعالى.
شجرة الدر بنت عبد الله جارية الملك الصالح نجم الدين وأم ولده خليل كانت حظية عنده أثيرة لديه وكانت في صحبته لما كان بالكرك ولده خليلاً وحمل معها إلى الديار المصرية وبقي مديدة يسيرة يركب مع الخدام وتوفي صغيراً ولما قتل الملك المعظم توران شاه فملكت الديار المصرية وخطب لها على المنابر وكانت تعلم على المناشير وغيرها والدة خليل وبقيت على ذلك مدة ثلاثة شهور ثم استقر الأشرف والمعز على ما ذكرنا ثم تزوجها الملك المعز حسب ما شرحناه وكانت مستولية عليه ليس له معها كلام وكانت تركية ذات شهامة ونفس قوية وسيرة حسنة شديدة الغيرة فلما بلغها أن الملك المعز يريد أن يتزوج بنت الملك الرحيم بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل وقد عمل على ذلك وتخيلت منه أنه ربما عزم على إبعادها أو إعدامها لأنه
سأم من تحجرها عليه واستطالتها فعاجلته وقتلته على ما ذكرنا فأخذها مماليكه بعد آن أمنوها واعتقلوها بالبرج الأحمر بقلعة الجبل وعندها بعض جواريها والملك المنصور ووالدته يحرضان المعزية على قتلها لأنها كانت غير مجملة في أمرهما وكان الملك المعز لا يجسر أن يجتمع بوالدة الملك المنصور ولده خوفاً من شجر الدر.
فلما كان يوم السبت حادي عشر ربيع الآخر وجدت مسلوبة مقتولة خارج القلعة فحملت إلى تربة كانت بنتها لنفسها بقرب مشهد السيدة نفيسة رحمة الله عليها فدفنت بها وكان الصاحب بهاء الدين علي بن محمد بن سليم المعروف بابن حنا وزيرها ووزارته لها أول درجة يرقى إليها من المناصب الجليلة ولما قتلت الملك المعز وأحيط بها وتيقنت أنها مقتولة أودعت جملة من المال فذهب وأعدمت جواهر نفيسة سحقتها في الهاون، عبد الحميد بن هبة الله بن محمد بن محمد بن الحسين بن أبي الحديد أبو حامد عز الدين المدايني ولد بالمداين يوم السبت مستهل ذي الحجة سنة ست وثمانين وخمسمائة وتوفي ببغداد هذه السنة وكان فقيهاً أديباً فاضلاً وله أشعار حسنة فيها يمدح الإمام الناصر وهي هذه
قد بدا ما يسر فيما تقول
…
إنما أنت عاشق لا عذول
رابني منك في ملامك تكث
…
ير لصبري ببعضه تقليل
وحديث ملجلج فيه للقل
…
ب على السر آية ودليل
قاتل الله شادنا أمست الأض
…
داد فيه الحسين وهي شكول
قسم البدر بيننا فله الن
…
ور وعندي محاقه والذبول
أجد الناس ذا يماثل ذاك
…
وفيه قد أعوز التمثيل
وارى الخلق عرضة لزوال
…
وارى حسنه لا يزول
يا حميد الجفاء وهو ذميم
…
وخفيف الدلال وهو ثقيل
هذه مهجتي بكفك فافعل
…
ما ترى لست عن هواك احول
اسمح الناس ناصح مستخان
…
ومحب على الحبيب بخيل
وتراني أروم عنك بديلا
…
أنت أحلى وغيرك المملول
28ب - إنما أنت مهجتي واتخاذيبدلا عن حشاشتي مستحيل
لا تظنن جفوتي عن سلو
…
عز ما خلته وسد السبيل
كم وصول هو القطوع نفاقا
…
وقطوع هو المحب الوصول
لست أرضى بأن تجود بوصل
…
وانتيابي عليك نزر قليل
إن يوماً أن يطلب العاشق الوصل
…
ولم تسبق العيون الذيول
في التبرعات قبيح عند مثلي
…
وفي القبيح جميل
ثروتي دون همتي وفراقي
…
فوق طوقي وساعدي مغلول
فألام الرضا بما أنا فيه
…
مشرع ميت وحي دليل
في نهوضي لها وترك اقتناعي
…
مطلب منفس وكسب جليل
وانتجاع الإمام احمد عندي
…
احمد الفعل والركام محيل
أنشدني أخي من أبيات رحمه الله تعالى لعز الدين عبد الحميد المذكور
وحقك إن أدخلتني النار قلت لل
…
ذين بها قد كنت ممن يحبه
وأفنيت عمري في علوم دقيقة
…
وما بغيتي إلا رضاه وقربه
هبوني مسيئا أوقع الحلم جهله
…
وأوبقه دون البرية ذنبه
أما يقتضي شرع التكرم عتقه
…
أيحسن أن ينسى هواه وحبه
أما قلتم من كان فينا مجاهدا
…
سيكرم مثواه ويعذب شربه
أما رد زيغ ابن الخطيب وشكه
…
وتمويهه إذ جل في الدين خطبه
أما كان ينوي الحق فيما يقوله
…
ألم تنصر التوحيد والعدل كتبه
فإن تصفحوا نغنم وإن تتجرموا
…
فتعذيبكم حلو المذاق عذبه
وآية صدق الصب أن يعذب الأذى إذا كان من يهوى عليه يصبه
ولما صنف ضياء الدين أبو الفتح نصر الله بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني المعروف بابن الأثير الجزري ومولده بجزيرة ابن عمر ونشأ بها وانتقل إلى الموصل مع والده في رجب سنة تسع وسبعين وخمسمائة واشتغل بها وحصل العلوم وصنف التصانيف الدالة على غزارة علمه وفضله منها المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر جمع فيه فأوعب فلما فرغ من تأليفه كتبه الناس عنه فوصل إلى بغداد منه نسخة فانتدب له عز الدين عبد الحميد المذكور وتصدى لمؤاخذته والرد عليه وجمع هذه المؤاخذة في كتاب سماه الفلك الدائر على المثل السائر فلما
أكمله وقف عليه أخوه موفق الدين أبو المعالي أحمد بن هبة الله فكتب إلى أخيه عز الدين المذكور يقول
المثل السائر يا سيدي
…
صنفت فيه الفلك الدائرا
لكن هذا فلك دائر
…
أصبحت فيه المثل السائرا
قال ابن المستوفي كانت ولادة ضياء الدين بجزيرة ابن عمر يوم الخميس العشرين من شعبان سنة ثمان وخمسين وخمسمائة وتوفي في إحدى الجماديين سنة سبع وثلاثين وستمائة ببغداد وقد توجه إليها رسولاً من جهة صاحب الموصل وصلى عليه بجامع القصر ودفن بمقبرة قريش في الجانب الغربي بمشهد موسى بن جعفر عليهما السلام وقال أبو عبد الله محمد بن النجار البغدادي في تاريخه لبغداد أنه توفي يوم الاثنين التاسع والعشرين من ربيع الآخر سنة سبع وثلاثين رحمه الله تعالى كان له تصانيف كثيرة وتواليف حسنة وترسل كثير أجاد فيه فمن رسائله ما كتبه عن مخدومه إلى الديوان من جملة رسالة - هي - ودولته هي الضاحكة وان كان نسبتها إلى العباس فهي خير دولة أخرجت للزمن كما أن رعاياها خير أمة أخرجت للناس ولم يجعل شعارها من لون الشباب إلا تفاؤلا بأنها لا تهرم وأنها لا تزال محبوة من أبكار السعادة بالحب الذي لايسلى والوصل الذي لا يصرم وهذا معنى اخترعه الخادم للدولة وشعارها وهو مما لم تخطه الأقلام في صحفها ولا أجالته
الخواطر في أفكارها وله من رسالة في ذكر العصا التي يتوكأ عليها الشيخ الكبير وهذا لمبتدأ ضعفي الخبر ولقوس ظهري وتر وإن كان إلقاؤها دليلا على الإقامة فإن في حملها دليل على السفر وله في وصف المسلوبين من جملة كتاب يتضمن البشرى بهزيمة الكفار فسلبوا وعاضتهم الدماء عن اللباس فهم في صورة عار وزيهم زي كاس وما أسرع ما خيط لهم لباسها المحمر غير أنه لم يحط عليهم ولم يزر وما لبسوه حتى لبس الإسلام شعار النصر الباقي على الدهر وهو شعار نسخه السنان الخارق لا الصنع الحاذق ولم يغب عن لابسه إلا ريثما غابت البيض في الطلى والهام وألّف الطعن بين ألف الخط واللام.... وله يصف نيل مصر عند زيادته عذب رضى به فضاهى جنى النحل واحمر صفيحة فعلمت أنه قد قتل المحل وهذا مأخوذ من قول القائل
لله قلب لا يزال يروعه
…
برق الغمامة منجدا أو مغورا
ما احمر في الليل البهيم صفيحة
…
متجردا إلا وقد قتل الكرى
وكتب إلى مخدومه وقد سافر في زمن الشتاء وينهى أنه سافر عن الخدمة وقد ضرب الدجن فيه مضاربه وأسبل عليه ذوائبه وجعل كل قرارة حفيراً وكل ربوة غديراً وخط كل أرض خطاً وغادر كل جانب شطاً كأنه يوازي يد مولانا في شيمة كرمها والتياث
صوب..... يستغفر الله من هذا التمثيل العاري عن فائدة التحصيل - 30ب - وفرق بين ما يملأ الوادي بمائه وما يملأ النادي بنعمائه وليس ما ينبت زهرا يذهبه المصيف، أو ثمرا يأكله الخريف، كمن ينبت ثروة تغوص الأعطاف ويأكل المرتبع منها والمصطاف ثم استمر على مسير بقاسي الأرض ووحلها والسما ووبلها ولقد جاد حتى أكثر وواصل حتى أضجر أسرف حتى أتصل بره بالعقوق وما خاف المملوك لمع البوارق كما خاف لمع البروق ولم يزل من مواقع قطره في حرب ومن شدة برده في كرب، والسلام.
ومن إنشائه في وصف دمشق اصدر هذه الخدمة من دمشق حرسها الله تعالى وعمرها وقد نزل بأرض خضراء ومدينة غراء وتربة زكية ونفحة ذكية وظل ظليل وماء سلسبيل ذات قرار ومعين وظباء عين فهي محل الرياض الناضرة وجنة الدنيا الزاهية على خير الآخرة تتبرج في ملابس عبقرية وتتأرج بأنفاس عنبرية فزمانها ربيع وجنابها مريع ونسيمها وان وجناها دان وقاطنها بحبها عان وليس لها في مزية الحسن ثان تطرب الحان أطيارها وتعجب ببنيان ديارها وبها قوم صميمة أنسابهم كريمة أحسابهم منيفة مناقبهم شريفة ضرائبهم فهم سحب الكرم وشهب الظلم ومعادن الحكم وعليهم من نعم الله
السرية الأقدار العزية من الأكدار الفائضة فيض الغمام المذكور ما لا يفرق بين رئيسهم ومرؤسهم في زيهم وملبوسهم ولا يميز بين أماثلهم وأراذلهم في مشاربهم ومآكلهم وفيهم ظبيات وجآذر يلقى الإنسان في حبهم ما يحاذر في أعطافهم هيف وفي خصورهم ديف ينظرن من عقد سحر ويبتسمن عن عقود در فقد ودهم أغصان مثمرة وعيونهم سيوف مشهرة
فإذا شنت عليهم غارة
…
اغمدوا البيض وسلوا الأعينا
وفي بلدهم من عجائب الآثار التي سارت بها شوارد الأخبار ما استفاض بين المنجد والمغور واستغرق وصف الواصف المكثر فمن ذلك بناء المسجد الجامع ذي العمارات الروائع والصنائع البدائع الذي حوى سعة الفناء وحسن البناء وكأنما فرشت أرضه بألوان الأزهار ونقشت سقوفه بخالص اللجين والنضار وبظاهر البلدة من أصناف الجواسق بين ألفاف الحدائق ما يلوح للموفي على مرابعها والمطل على مراتعها كأنها كواكب السماء ومراكب الداماء وكأنها غدران البرائك المتبرجة في وشائع الحبائك فلو جاز الرضا بجنابها الأنيق لم يتغزل برامة والعقيق
ولو بظبائها الخفرات
…
لم يذكر يوما ظباء السمرات
بلدة قد خصها الل
…
هـ بطيب الثمرات
وبها سرب ظباء
…
لا ظباء السمرات
يتهادين اختيالا
…
بضروب الحبرات
31ب - ويذودن محبيهن فيض العبرات
وقد وافيتها في زمن المشمش الذي له الذكر الدائر والمثل السائر فرأيت منظرا بهياً ومخبراً شهياً ذا لون ذهبي وشكل كوكبي وعرف مندل وطعم عسل كأنما تألف من نسيم، وتجمع من تسنيم فهو يتمزق للطافة جلده ويزهو بلذة طعمه وعظم قده ولما حللت بمغناها واكتحلت بسناها سرت بين نضير الأشجار وخرير الأنهار من طلوع الشمس إلى انتصاف النهار فظللت بين ملعب ومرتع ومرأى ومسمع.
هذه المنازل لا وادي العقيق ولا
…
رمل المصلى ولا أكناف يبرين
ومما لقيته بها من المسار العظيمة وشهدته فيها من المشاهد الكريمة أن جاءني بعض خواصها في يوم صفا ورده وأشرق سعده وتهلل بشره وغفل عنه دهره يقدم عصبة يعرف في وجههم نضرة النعيم ويهتدي بأنوار شيمهم في الليل البهيم فداني بإحسانه ودعاني إلى بستانه فنهضت معهم كأني أساير بدورا وأجاور بحورا حتى انتهينا إلى جنة معروشة وروضة مفروشة تنفجر عيونها وتتهادى غصونها يحيط بها نهر حصباؤه من الجوهر وماؤه من الكوثر.
أرض حصاها جوهر وترابها مسك
…
وماء المد فيها قرقف
وبها قصر رفيع الذرى وسيع المذرى مفرق الشرفات مزخرف الغرفات وبعوته بركة مرصوفة الجدر بأنواع الصور فمن
أشجار مائلة وأطيار غير هادلة ومن غزلان خلفها فهود وفيول عليها أسود وعلى جنباتها ألسنة من الماء مختلفة الصفات لا الأسماء فهي أعذب من حب الغمام وارق من فيض المدام فلما نزلنا بساحتها الفسيحة الأقطار وأخذنا بحظ الأسماع والأبصار سرحنا تحت الأشجار لاقتطاف الثمار فظللت اجتني من الغصون ثمرا واجتلي من أخلاق تلك العصبة درراً حتى حزت من أحديهما لذة هنيئة ونظمت من الأخرى عقوداً سنية وكان ذلك اليوم مما يعد بالأعمار الطوال ولا يأتي على وصفه جوامع الأقوال وورد بغداد معوناً بالإمام الناصر ومهنياً بولده الإمام الظاهر فقال العبد.
عبد الرحمن بن أبي الفهم أبو محمد تقي الدين اليلداني كان رجلا صالحا مشتغلا بالحديث سمّاعاً وكتابة وإسماعاً إلى أن توفي بقرية يلدا من غوطة دمشق في ثامن ربيع الأول وقد ناهز مائة سنة من العمر ذكر انه كان مراهقاً سنة سبع وستين وخمسمائة حين طهر الملك العادل نور الدين محمد بن زنكي رحمه الله ولده وانه حضر مع صبيان قريته الطهور ولعب الأمراء بالميدان وقال أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه وانه قال له يا رسول الله بالله ما أنا رجل جيد فقال بلى أنت رجل جيد رحمه الله.
- 32ب - عبد الله بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن الحسن بن عثمان
أبو محمد بن أبي الوفاء بن أبي محمد بن أبي سعد نجم الدين البغدادي البادرائي الشيخ الإمام العلامة مولده في أخر محرم سنة أربع وتسعين وخمسمائة سمع من جماعة وحدث ببغداد وحلب ودمشق ومصر وغيرها من البلاد وأفتى ودرّس بالمدرسة النظامية ببغداد وترسل عن الديوان إلى الشام ومصر وغيرها من البلاد إلى ملوك الأطراف ولم يزل يتردد في المهمات والرسائل إلى هذه السنة فعاد من الشام إلى بغداد فلما قدمها ولي قضاء القضاة بها وبجميع البلاد الإسلامية وتقلد ذلك وهو متمرض وتوفي بعد ذلك بأيام يسيرة قيل سبعة عشر يوماً وكانت وفاته في مستهل ذي القعدة وقيل في أواخر ذي الحجة والأول أصح وكان فاضلاً ديناً متواضعاً حسن المقاصد كثير التأني في بلوغ الآمال على أحسن وجه وحصل في ترسله إلى الملوك جملاً طائلة فابتاع من ذلك دار أسامة بدمشق وعمرها مدرسة للشافعية ووقف عليها أوقافاً كثيرة وذكر بها الدرس بنفسه أول ما فتحت وحضر درسه الملك الناصر صلاح الدين يوسف وسائر أرباب الدولة والعلماء والقضاة ومد بها سماطاً عظيماً في ذلك اليوم ثم رتب بها معيدين أحدهما الشيخ كمال الدين رسلان بن الحسن الأربلي والآخر الشيخ نجم الدين الموقاتي وجعلها محصورة على عدد معلوم وعين مقدار ما يصرف إلى كل نفر منهم من الجامكية والخبز وشرط - أن لا يكون الفقيه بها بمدرسة أخرى ولا يكون متأهلاً وشرط - عليه السكنى بها وشرط على
المدرس أن لا يكون له مدرسة أخرى ثم ولي تدريسها بعد وفاته ولده جمال الدين عبد الرحمن فدرس بها مدة سنين وتوفي إلى رحمة الله تعالى بدمشق وهي من أحسن مدارس دمشق لا بل أحسنها على الإطلاق وكان المتحدث في نظرها وجيه الدين محمد بن سويد التكريتي ثم القاضي عز الدين محمد بن الصائغ ثم اثبت أن الوجيه جعل النظر لزوجته والمباشر لنظرها الآن حال تسطير هذه الأسطر ولدها نصر الدين ولد وجيه الدين المذكور.
وخلف جمال الدين ولداً ذكراً بقي بعده مدة يسيرة ومات وكان الشيخ نجم الدين حسن الاعتقاد في الصلحاء والفقراء يزورهم ويبرهم ويقضي حوائجهم وكان دمث الأخلاق حسن المحاضرة كثير المباسطة بلغني أنه قال للزين خالد النابلسي تذكر ونحن في النظامية والفقهاء يلقبونك خولتا قال نعم وكانوا يلقبونك بالدعشوش فضحك الشيخ نجم الدين واعجبه منه هذه المباسطة وكان يسلم على كل من يمر به وهو راكب يشير بإصبعه بالسلام وبلغني في موجب ترسله أن الملك الصالح نجم الدين سير إلى الديوان القاضي نجم الدين قاضي نابلس وكان عنده رياسة وفضيلة وله مكانة عند الملك الصالح نجم الدين وأمره أن يخاطب الخليفة في أداء الرسالة عنه بما كان السلطان صلاح الدين رحمه الله يخاطب به الإمام الناصر في كتبه ورسائله وهو الخادم فلما أدى قاضي نابلس الرسالة كما أمره مخدومه أنكر عليه ذلك وترك في المكان الذي وقف فيه لأداء الرسالة على حالته قائماً وبلغته الشمس فكاد
يهلك فأدى الرسالة على ما أرضى الديوان وحصل عند الخليفة تأثر من ذلك وقال من هذا الرسول قالوا هو فقيه من أهل نابلس قال وما هي نابلس قيل بلدة لطيفة من أعمال دمشق فقال أبصروا لنا فقيهاً يكون من قرية ولقبه نجم الدين ليتوجه بجواب الرسالة فطلبوا بالمدرسة المستنصرية والمدرسة النظامية شخصاً بهذه الصفة فلم يجدوا سوى الشيخ نجم الدين فأحضروه وجهزوه وأرسلوه وصحبته قاضي نابلس فلما صارا في الطريق قيل لقاضي نابلس ينبغي أن تغير لقبك تأدبا مع رسول الديوان العزيز ومع مخدومك فأن لقبه نجم الدين فغير لقبه مسافة الطريق وكان ذلك بداية سعادة الشيخ نجم الدين وظهر منه كفاية تامة في ذلك وشكر أثره وجميل اعتماده وأما الملك الصالح فغضب على قاضي نابلس وقال كنت بقيت مكانك إلى أن مت ولا أديت عني ما لم أمرك به وانحطت رتبته عنده لذلك وقال شهاب الدين عبد الرحمن في يوم الأربعاء ثامن عشر ذي الحجة عمل عزاء الشيخ نجم الدين المذكور بمدرسته التي أنشأها بدمشق وقال القاضي جمال الدين بن واصل أنه ولي القضاء ببغداد في ثالث عشر ذي القعدة واستمر فيه مريضاً سبعة عشر يوما وتوفي وظاهر الحال أنه توفي في سلخ شهر ذي القعدة رحمه الله.
علي بن محمد بن الرضا بن محمد بن حمزة بن أميركا أبو الحسن الحسيني الموسوي الطوسي المعروف بابن دمير خان مولده في رابع صفر سنة تسع وثمانين وخمسمائة بحماة وله شعر حسن وتصانيف كثيرة وكان
فاضلاً متفنناً توفي في رابع شهر ربيع الآخر كان ورد أربل في شهر ربيع الأول سنة خمس وعشرين وستمائة من بغداد وذكر انه مدح الإمام المستنصر بالله وأجازه جائزة سنية وأول القصيدة المشار إليها.
البيض أخلق بالفتى والأسمر
…
إن خانه البيض الدمى والأسمر
إن المهند والمثقف ملجأ
…
لمسهد لسوى العلي لا يسهر
أيسومني سلطان حبك ذلة
…
وبي المهامة والمهاوى اجدر
ولأن قتلت بسهم لحظك طالما
…
قتل الضراغمة الغزال الأحور
كم زرت حيك واللهاذم والظبي
…
في النقع من مهج الفوارس تقطر
وخفيت سقماً عنهم وكأنني
…
في خاطر الظلماء وهم يخطر
34ب - كم ذأ مني النفس عنك تجلداوالعاذلون بسر وجدي أخبر
كذب التجلد والعواذل والمنى
…
لا كان صب عن حماك يصبر
من لي بوصلك والزمان مساعدي
…
والعيش في سود الذوائب أخضر
والليل في عرس الوصال قميصه
…
بالزاهرات مدرهم ومدنر
قد شد منطقة المجرة وامتطى
…
بالتاج والإكليل فيها خنجر
- من أبيات مدحه بها - وقال
أعاتب عيني وهي أول من جنى
…
وأزجر قلبي كي يحيد عن الحب
فإن قلت قلبي قال عيناك قد جنت
…
وإن قلت يا عيني تحيل على القلب
وقد حرت بين اثنين كل بجهده
…
يسوق بليات الغرام إلى لبي
وقال شرف الدين ابن المستوفي وزير أربل رحمه الله أغار بهذه الأبيات على أبيات حفظها في المكتب وهي.
إذا لمت قلبي قال عيناك أبصرت
…
وإن لمت عيني قالت الذنب للقلب
فعيني وقلبي قد تشاركن في دمي
…
فيارب كن عوني على العين والقلب
غازية خاتون بنت الملك الكامل محمد بن الملك العادل سيف الدين أبى بكر محمد بن أيوب بن شادي والدة الملك المنصور صاحب حماة كانت صالحة دينة تحب الخير وأهله وأقامت منار العدل بحماة وهي المدبرة للأمور منذ توفي زوجها الملك - 35 ألف - المظفر ونصب مكانه ولده الملك المنصور والمرجع إلى ما ترسم به في الجليل والحقير وكانت وصلت إلى حماة في سنة تسع وعشرين وستمائة وولد لها من الملك المظفر ابنان وثلاث بنات أما الابنان فالملك المنصور ناصر الدين أبو المعالي محمد ومولده في ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين وستمائة والأفضل نور الدين أبو الحسن علي ومولده سنة خمس وثلاثين وأما البنات فتوفيت الكبرى منهن قبل وفاة والدتها بقليل فدفنتها بقلعة حماة ولما توفيت الصاحبة دفنت إلى جانبها ثم لما توفيت الصاحبة عائشة خاتون بنت الملك العزيز غياث الدين محمد بن الملك الظاهر زوجة الملك المنصور ووالدة ولده الملك المظفر دفنت في التربة المذكورة ثم لما توفي الملك المنصور دفن في تربة عملت - له - إلى جانب الجامع الأعلى بحماة ونقل المدفونون بالقلعة ِإلى التربة المذكورة وكانت وفاة غازية خاتون ليلة الأحد تاسع عشر ذي القعدة أوذي الحجة هذه السنة
رحمها الله تعالى.
محمد بن سيف بن مهدي أبو عبد الله اليونيني الشيخ الصالح كان صحب الشيخ عبد الله الكبير رحمة الله عليه وأخذ عنه وانتفع به ثم انقطع في زاوية اتخذها في كرم له قبلي قرية يونين متوفراً على العبادة ويتردد إلى القرية في بعض الأوقات وكان حلو العبارة حسن الحديث والمذاكرة - 35ب - بأخبار الصالحين رحمهم الله تعالى وعنده كرم وسعة صدر وإيثار ولم يزل على ذلك إلى أن توفي إلى رحمه الله تعالى في هذه السنة بقرية يونين وقد جاوز السبعين سنة من العمر ودفن في زاويته المذكورة رحمه الله تعالى وخلف عدة أولاد لم يقم أحد منهم مقامه بل أقام في الزاوية المشار إليها ابن أخيه وهو أبن زوجته أيضاً الشيخ سليمان بن علي بن سيف بن مهدي نفع الله به وهو من الصلحاء الأعيان العباد يسرد الصوم ويقوم معظم الليل ويبادر إلى السعي في قضاء حوائج الناس ويتجشم في ذلك المشاق وهو من ألطف الناس وأكرمهم وأكثرهم بشراً بمن يرد عليه مع شدة التواضع وملازمة الذكر والتلاوة وللكتاب العزيز وعدم الغيبة لأحد من خلق الله تعالى وسيأتي ذكره في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
محمد بن عبد الله بن محمد بن ِأبي الفضل أبو عبد الله شرف الدين السلمى الأندلسي المرسي المغربي النحوي المتكلم الأصولي الفقيه المالكي صاحب التصانيف المشهورة في التفسير وغيره مولده بمرسية في ذي الحجة سنة تسع وستين وقيل سنة سبعين وقيل سنة إحدى وسبعين
وخمسمائة قرأ القرآن الكريم ببلده على أبى محمد غلبون بن محمد بن غلبون النحوي والنحو على أبى على الشلوبين وسمع - 36 ألف - بالمغرب والحجاز والشام والعراق وخراسان وحصل الأصول والنسخ وكان مكثراً شيوخاً وسماعاً وحدث بالكثير مدة بالحجاز وديار مصر والشام والعراق وجاور بمكة زمناً طويلاً وكان من أعيان العلماء الأئمة الفضلاء ذا معارف متعددة بارعاً في علم العربية وتفسير القرآن الكريم وله مصنفات مفيدة ونظم حسن وهو مع ذلك متزهد تارك الرياسة حسن الطريقة قليل المخالطة للناس كثير الصلاح والعبادة والحج مقتصد في أموره محقق البحث، محصل الكتب العلمية، مفتن بها، له قبول بسائر البلاد الإسلامية لا يحل ببلد إلا ويكرمه رؤساؤه وأهله وكان أكثر مقامه بالحجاز ومصر والشام وتوفي في منتصف ربيع الأول بين الزعقة والعريش وهو متوجه من مصر إلى دمشق ودفن بتل الزعقة رحمه الله تعالى، ومن شعره قال المبارك بن أبي بكر بن حمدان أنشدني لنفسه بحلب ملغزا باسم يحيى.
أتبكى وما بالقلب من لوعة الحب
…
وما قد جنت تلك اللحاظ على لبى
أعارتني السقم الذي بجفونها
…
ولكن عذا سقمي على سقمها يربى
على أنني في بثك الحب مثل ما
…
يبوح بما في الصدر منه إلى القلب
أما وهواك المذهبي إن مهجتي
…
تقسمه بين الصبابة والكرب
وإني ما ذقت الكرى مذ سلبتني
…
وما حال من يصبو إذا صد من يسبي
36ب - كتمت الذي في من هواك عن الورىعلى أن دمعي ذو ولوع بأن ينبي
ولكن سأبديه إليك لأنني
…
أرى ذلك الإبداء من سنة الحب
صبا بفؤادي نحوك اثنان سودد
…
وحسن فعذر واحد منهما يصبي
فديتك من قاض على لو انه
…
تعدى أسمه لي ما قضيت أسى نحى
ودونكها بكرا لها وحيائها
…
ردايت فيع مروعة السرب
؟ فمر لها كفا فمنك حياؤها ولا تبدنيها فهي من ذاك في رعب وقال أنشدني وقد تماروا عنده في الصفات.
من كان يرغب في النجاة فما له
…
غير أتباع المصطفى فيما أتى
ذاك السبيل المستقيم وغيره
…
سبل الغواية والضلالة والردى
فاتبع كتاب الله والسنن التي
…
صحت فذاك إذا اتبعت هو الهدى
ودع السؤال
…
وكيف فإنه
…
من باب بحر ذوي البصيرة للعمى
الدين ما قال الرسول وصحبه
…
والتابعون فمن منا هجهم قفا
وقال
تقبل أبا بكر كتابا وهبته
…
كقلبي لا أبقي إلى إيابه
وطبت به نفسا فخذه بمثل ما
…
عذا أحدا يجني النبي كتابه
وقال
قالوا محمد قد كبرت وقد أتى
…
داعي الحمام وما اهتممت بزاد
وقال الشيخ سعد الدين مسعود بن حمويه أنشدني الشيخ شرف الدين المذكور رحمه الله لنفسه في سنة خمسين وستمائة.
أيجهل قدري في الورى ومكانتي
…
تزيد على مرقى السماكين والنسر
ولي حسب لو انه متقسم
…
على أهل هذا العصر تاهوا على العصر
كما أن فضلي باهر لذوي النهي
…
وهل يختفي عند البدور سنا البدر
وأعجب أن الغرب تبكي لفرقتي
…
دما ومحيا الشرق يلقى بلا بشر
محمد بن عمر بن محمد بن عبد الله بن حمويه أبو جعفر التيمي البكري السهوردي المولد البغدادي الدار الصوفي ومولده بسهر ورد سنة سبع وثمانين وخمسمائة في صفر سمع من الإمام أبي الفرج بن الجوزي وغيره وكان والده الشيخ شهاب الدين شيخ وفقيه في الطريقة وتربية المريدين رحمه الله تعالى وكانت وفاة ولده أبي جعفر المذكور في عاشر جمادى الآخرة رحمه الله تعالى.
محمد بن محمد بن إبراهيم بن الخضر أبو نصر الحلبي الحاسب ويلقب بالمهذب كان والده يعرف بالبرهان المنجم الطبري ولد المهذب بحلب سنة ثمانين وخمسمائة وكان فاضلاً أديباً وله تواليف مفيدة وصنف زيجاً ومقدمة في الحساب وغير ذلك وله ديوان شعر في مجلدين واستوطن صرخد وتوفي بها ليلة السبت ودفن يوم السبت الظهر ثاني عشر شهر ذي الحجة في هذه السنة.
محمد بن أبى القاسم - قاسم - بن فيره بن خلف بن أحمد أبو عبد الل
هـ - 37ب - الشاطبي الرعيني الأصل المصري المولد والدار المقرئ العدل ومولده في حادي عشر ذي الحجة سنة سبع وسبعين وخمسمائة بمصر وتوفي بالقاهرة في حادي عشر شوال ودفن من يومه بسفح المقطم سمع من أبيه وغيره وحدث وأبوه الإمام أبو القاسم أحد القراء المجودين والعلماء المشهورين والصلحاء المتورعين قرأ القرآن العزيز بالروايات وسمع من جماعة واقرأ وحدث وصنف القصيدة المشهورة في القراءات التي لم يسبق إلى مثلها ولم يكن في مصر في زمانه مثله في تعدد فنونه وكثرة محفوظه رحمه الله تعالى.
هبة الله بن صاعد الفائزي الملقب شرف الدين كان في صباه نصرانياً ويلقب بالأسعد وهو منسوب إلى الملك الفائز سابق الدين إبراهيم ابن الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب لأنه خدمه أولا وفي الفائزي يقول جمال الدين يحيى بن مطروح وقيل بهاء الدين زهير.
لعن الله صاعداً
…
وأباه فصاعداً
وبنيه فنازلاً
…
واحدا ثم واحداً
ثم أسلم الفائزي وتوفي وكان عنده رياسة ومكارم ونفسه تسمو إلى الرتب العالية وخدم الملك الكامل بعد موت الفائز ثم خدم ولده الملك الصالح وغيرهما من الملوك - 38 ألف - وتنقلت به الأحوال حتى استوزره الملك المعز في أوائل ما تملك بعد أن صرف القاضي تاج الدين
عبد الوهاب بن خلف المعروف بابن بنت الأعز وكان قد ولي الوزارة أول دولة الملك المعز فصرف بشرف الدين الفائزي فلما ولي الفائزي تمكن من الملك المعز تمكناً كثيراً بحيث تقدم على الجيش في الحرب وكان الملك المعز يكاتبه بالمملوك وكان في الفائزي كرم طباع وأريحية وحسن نظر في حق من يصحبه وينتمي إليه ولم تزل منزلته عند الملك المعز في تزيد إلى أن قتل وتملك ولده كما ذكرنا فباشر وزارة الملك المنصور ابن المعز أياماً يسيرة وهو مضطرب فتخيل توقع النكبة فقبض عليه الأمير سيف الدين قطز مدبر دولة الملك المنصور واخذ خطه بمائة ألف دينار لنفسه وبقي معتقلاً وكان يتهم بأموال كثيرة قال القاضي برهان الدين الخضر بن الحسن السنجاري دخلت إليه في مجلسه فسألني أن أتحدث في إطلاقه على أن يحمل في كل صباح ألف دينار فقلت له كيف تقدر على هذا فقال أقدر عليه إلى تمام سنة وإلى سنة يفرج الله عني فلم تلتفت مماليك المعز إلى ذلك وعجلوا هلاكه فخنق وحمل إلى القرافة فدفن بها رحمه الله تعالى وكانت ابنته زوجة فخر الدين محمد بن الصاحب بهاء الدين وبطريق هذه المصاهرة ترقى الصاحب بهاء الدين وولده فخر الدين فأولدها فخر الدين المذكور تاج الدين - المذكور - 38ب - محمدا وشهاب الدين أحمد وبنتاً أخرى هي زوجة عز الدين ابن محيي الدين أحمد بن الصاحب بهاء الدين المذكور ونالت ابنة الفائزي من السعادة في الأيام الظاهرية ما لا يوصف وتوفيت إلى رحمة الله وكانت
كثيرة البر والمعروف مفرطة في السمن وبهاء الدين الفائزي اجتمعت به بمكة شرفها الله تعالى في آخر سنة ثلاث وسبعين وستمائة ورافقني إلى المدينة صلوات الله على ساكنها وسلامه في سنة خمس وسبعين - وسنة ست وسبعين - وهو معرض عن الخدم يظهر التزهد وينفق من بقايا بقيت.
له ثم رأيته بالقاهرة في سنة تسع وثمانين وقد ظهر عليه الفقر والاحتياح بحيث رغب أن يخدم في بعض الفروع بالإسكندرية فلمته على ذلك فذكر أن عنده عائلة كثيرة وليس له ما يقوم ببلغتهم فعذرته والله يلطف به وبنا.
وفي شرف الدين الفائزي يقول الشاعر.
خلف الأسعد ما خان وقد
…
شهدت أفعاله المشتبهه
نقده ستون نقدا عدداً
…
عن سسات الرشى منزهه
فالبغال الشهب من أين له
…
والجوار الترك من أي جهة
وكانت وفاته في ربيع الآخر أو جمادى الآخرة رحمه الله تعالى كتب إليه ناصر الدين بن المنير قاضي الإسكندرية أبياتاً مدحه بها منها
ألا أيها البدر المنير وأنني
…
لأخجل إن شبهت وجهك بالبدر
لأن غبت عن عيني وشطت بك النوى
…
فما زلت أستجليك بالوهم في فكري
وحق زمان المذكور لي بطويلع
…
وأنت معي ما سر من بعدكم سرى
- ومنها -
ويا سيدا تأتي الوفود لبابه
…
فيلقاهم بالبشر والنائل الغمر
ويا من له في الجود ضرب بلاغة
…
يقابل منظوم المدايح بالنثر
متى ما أقمت العبد في الخمس نائبا
…
غدا مستقلا بالدعاء وبالشكر
وقال يرثيه
عيل صبري وعز عندي عزائي
…
بعد فقدي لسيد الوزراء
شرف الدين والذي شرف الد
…
ين بفضل وعفة وتقاء
والوزير الذي أقام منار ال
…
عدل في حال شدة ورخاء
جهل العلم بعده واستخف الح
…
لم يا طول حسرة العلماء
كان فيه لله سر خفي
…
دق معنى عن فطنة الأذكياء
والبليغ الذي إذا عم خطب
…
ناب عنه اليراع عن خطباء
والفصيح الذي إذا ما امتطى القر
…
طاس أزرى بسائر الفصحاء
- ومنها -
قلت لمن سره مصابك يوما
…
قد كفى ما جرى على الخلفاء
وإذا ما عدا على الأعادي
…
فالهنا إن أعد في الشهداء
- ومنها -
يا قريبا دفن الأقارب مني
…
وولي من سائر الأولياء
خذ عروس الثريا مني تجلى
…
في ثياب من صفوتي وولاء
- 39ب - يحيى بن سليمان بن هادي أبو زكريا السبتي كان أحد الأشيايخ المشهورين والصلحاء المذكورين سكن القرافة مدة وله بها زاوية
معروفة وقيل أنه كان لا يأكل الخبز وكان له قبول من الخاصة والعامة توفي في منتصف شوال بالقاهرة ودفن من الغد بها رحمه الله تعالى.
أبو الحسن المغربي المورقي نور الدين الأمير هو من أقارب المورقي الملك المشهور ببلاد المغرب توفي نور الدين في أول ربيع الأول بدمشق ودفن بجبل قاسيون بمقبرة الأمير جمال الدين موسى بن يغمور رحمه الله تعالى وكان فاضلاً فمن المنسوب إليه من أبيات.
القضب راقصة والطير صادحة
…
والشر مرتفع والماء منحدر
وقد تجلت من اللذات أوجهها
…
لكنها بظلال الدوح تستتر
فكل وادٍ به موسى يفجره
…
وكل روض على حافاته الخضر
ومن المنسوب إليه أيضاً.
وذي هيف راق العيون أنتباره
…
بقد كريان من البان مورق
كتبت إليه هل تجود بزورة
…
فوقع لا خوف الرقيب المصدق
فأيقنت من لا بالعناق تفاؤلا
…
كما اعتنقت لاثم لم تتفرق
وهذا أحسن من قول ذي القرنين بن حمدان.
إني لأحسد لافي أول الصحف
…
إذ رأيت اعتناق اللام للألف
وأحسن من هذا قول القيسراني
أستشعر الناس من لاثم يطمعني
…
إشارة في اعتناق اللام للألف