الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع: رمي الجمرات أيام التشريق وآدابه
أولاً: الرمي أيام التشريق واجب
من واجبات الحج عند جماهير العلماء، للأدلة الآتية:
الدليل الأول: حديث جابر رضي الله عنه
- قال: ((رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر، ويقول: ((لتأخذوا مناسككم؛ فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه)) (1).
الدليل الثاني: رمي النبي صلى الله عليه وسلم في أيام التشريق الجمار الثلاث بعد الزوال
، وقد قال:((خذوا عني مناسككم لعلِّي لا أراكم بعد عامي هذا)) (2).
الدليل الثالث: أمر الله تعالى بذكره في أيام التشريق
، فقال عز وجل:{وَاذْكُرُوا الله فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} (3)،فالحجاج مأمورون بذكر الله في منى، وليس في منى ذكر ينفرد به الحج إلا ذكر الجمار؛ لحديث عائشة رضي الله عنها، ترفعه:((إنما جعل الطواف بالبيت، وبين الصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله)) (4).
(1) مسلم، برقم 1218، وتقدم تخريجه.
(2)
البيهقي في السنن الكبرى، 5/ 125.
(3)
البقرة، الآية:203.
(4)
أحمد، برقم 2451، 40/ 408، ورقم 24268، ورقم 25080، وأبو داود، برقم 1888، والترمذي، برقم 902، وابن خزيمة، 4/ 222، برقم 2738، وقال الترمذي:((هذا حديث حسن صحيح))، وضعفه الألباني في ضعيف سنن أبي داود، ص148، وحسن إسناده الأرنؤوط في تحقيقه لجامع الأصول، 3/ 218، وقال الأعظمي في تحقيقه لصحيح ابن خزيمة، 4/ 222:((إسناده صحيح))، وتقدم تخريجه في واجبات الحج.
قال العلامة الشنقيطي رحمه الله: ((اعلم أن الرمي في أيام التشريق واجب يجبر بدم عند جماهير العلماء، على اختلافٍ بينهم في تعدد الدماء فيه، وعدم تعددها، ولا خلاف بينهم أنه ليس بركن؛ لأن الحج يتمّ قبله، ويتحلّل صاحبه التحلّل الأصغر، والأكبر، فيحلُّ له كل شيء حرم عليه بالإحرام، فحجّه تام إجماعاً قبل رمي أيام التشريق، ولكن رميها واجب يجبر بدم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رماها، وقال: ((لتأخذوا عني مناسككم)) (1)(2).
وكان شيخنا رحمه الله يفتي كثيراً: أن من ترك رميَ الجمار فعليه دم؛ لأنه ترك واجباً من واجبات الحج يجبر بدم لفقراء الحرم بمكة (3)(4).
(1) مسلم بنحوه، برقم 1218.
(2)
وقد ذكر العلماء شروطاً لصحة الرمي منها الشروط الآتية:
الشرط الأول: أن يكون المرمي به حصى؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم، وفعله.
الشرط الثاني: أن يكون الرمي مقصوداً بفعله، فلو رمى في الهواء لا يقصد رمي الجمرة فوقعت الحصاة في المرمى لم يجزه؛ لأنه لم يقصده، ولو رمى إنساناً فوقعت الحصاة في ثوبه فنفضها فوصلت إلى المرمى لم تجزه، فلا بد من نية مطلق الرمي لقوله صلى الله عليه وسلم:((إنما الأعمال بالنيات)).
الشرط الثالث: وقوع الحصى في المرمى في الحوض في مجتمع الحصى.
الشرط الرابع: غلبة الظن أو العلم بوقوع الحصى في المرمى.
الشرط الخامس: تفريق الرميات، فلو رماها دفعة واحدة لا تجزئ، وتعتبر واحدة فقط.
الشرط السادس: ترتيب رمي الجمرات، فيبدأ بالصغرى، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وقوله:((لتأخذوا عني مناسككم)) انظر: كتاب رمي الجمرات وما يتعلق به من أحكام، للدكتور شرف بن علي الشريف، ص 61 - 72.
(3)
انظر: مجموع فتاوى ابن باز، 16/ 173، 17/ 369، 379، 23/ 460.
(4)
قال الحافظ بن حجر في الفتح، 3/ 579 في حكم رمي الجمار أيام التشريق: ((وقد اختلف فيه: فالجمهور على أنه واجب يجبر تركه بدم، وعند المالكية سنة مؤكدة، فيجبر، وعندهم رواية: أن رمي جمرة العقبة ركن يبطل الحج بتركه
…
)).
وقال العلامة الشنقيطي، في أضواء البيان، 5/ 293: ((اعلم أن الرمي في أيام التشريق واجب يجبر بدم عند جماهير العلماء على اختلاف بينهم في تعدد الدماء
…
)).