المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌والأفضل في رمي الجمار أيام التشريق أن ترمى قبل الغروب - رمي الجمرات في ضوء الكتاب والسنة وآثار الصحابة رضي الله عنهم

[سعيد بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌المبحث الأول: مفهوم رمي‌‌ الجمرات:لغة، واصطلاحاً:

- ‌ الجمرات:

- ‌الرمي

- ‌المبحث الثاني: سبب مشروعية الرمي وحكمته

- ‌المبحث الثالث: رمي جمرة العقبة وآدابه

- ‌أولاً: يقطع التلبية عند جمرة العقبة

- ‌ثانياً: يستحب له أن يجعل منى عن يمينه، والكعبة عن يساره

- ‌ثالثاً: وقت رمي جمرة العقبة

- ‌رابعاً: الحلق أو التقصير، والحلق أفضل

- ‌المبحث الرابع: رمي الجمرات أيام التشريق وآدابه

- ‌أولاً: الرمي أيام التشريق واجب

- ‌الدليل الأول: حديث جابر رضي الله عنه

- ‌الدليل الثاني: رمي النبي صلى الله عليه وسلم في أيام التشريق الجمار الثلاث بعد الزوال

- ‌الدليل الثالث: أمر الله تعالى بذكره في أيام التشريق

- ‌ثانياً: وقت الرمي أيام التشريق: أوله وآخره على النحو الآتي:

- ‌1 - أول وقت الرمي أيام التشريق:

- ‌الدليل الأول: رمى النبي صلى الله عليه وسلم بعد الزوال

- ‌الدليل الثاني: أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نأخذ عنه مناسك الحج

- ‌الدليل الثالث: حديث ابن عباس رضي الله عنهما

- ‌الدليل الرابع: حديث عائشة رضي الله عنها

- ‌الدليل الخامس: حديث ابن عمر رضي الله عنهما

- ‌الدليل السادس: حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما

- ‌الدليل السابع: حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌الدليل الثامن: حديث عائشة رضي الله عنها

- ‌الدليل التاسع: أن الرمي لو كان قبل الزوال في أيام التشريق جائزاً، لفعله النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الدليل العاشر: أن الرمي لو كان قبل الزوال جائزاً؛ لبادر إليه الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌الدليل الحادي عشر: أن الرسول صلى الله عليه وسلم بادر بالرمي حين زالت الشمس، فرمى قبل

- ‌الدليل الثاني عشر: عمل جميع الصحابة بلا استثناء في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد مماته

- ‌لم يثبت عن صحابيٍّ واحدٍ أنه أفتى بالرمي قبل الزوال، أو رمى قبل الزوال

- ‌الثالث عشر: الذي يظهر: أن الثابت عن عطاء: أنه لا يجيز الرمي قبل الزوال

- ‌الرابع عشر: المحققون العلماء الرّبّانيُّون

- ‌منهم هؤلاء الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المتَّبعة:

- ‌ وتبع هؤلاء الأئمة علماء الأمة، ولم يخالف في ذلك إلا من شذَّ بقوله، ورأيه

- ‌ قال شيخ الإسلام والمسلمين ابن تيمية رحمه الله:

- ‌ وقال العلامة المحقق محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله:

- ‌ وقال العلامة الإمام مفتي المملكة العربية السعودية، ورئيس القضاة والشؤون الإسلامية في عصره

- ‌أما الكتاب فقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ

- ‌وأما السنة فرميه صلى الله عليه وسلم بعد الزوال على وجه الامتثال والتفسير المفيد للوجوب

- ‌وأما الإجماع فأمرٌ معلوم

- ‌الخامس عشر: رمي الجمرات عبادة توقيفيَّة في كيفيّتها، وفي زمانها، ومكانها، لا يجوز القول فيها بالرأي:

- ‌الأمر الأول: قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ

- ‌الأمر الثاني: قال الله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ

- ‌الأمر الثالث: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما

- ‌الأمر الرابع: ذمّ السلف للرأي المخالف للدليل، والتحذير من القول بالرأي

- ‌1 - قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ((إياكم وأصحاب الرأي؛ فإنهم أعداء السنن

- ‌2 - قال عروة بن الزبير رضي الله عنه: ((السنن، السنن، فإن السنن قِوام الدين [أزهد الناس في

- ‌3 - قال سهل بن حنيف رضي الله عنه: ((اتهموا رأيكم، فلقد رأيتني يوم أبي جندل لو أستطيع

- ‌4 - قال الإمام أحمد رحمه الله: ((لا تكاد ترى أحداً نظر في هذا الرأي إلا وفي

- ‌5 - قال الأوزاعي رحمه الله: ((إذا أراد الله عز وجل أن يحرم عبده بركة العلم

- ‌قال جمهور أهل العلم: الرأي المذموم في الآثار المذكورة

- ‌والحاصل أنه لا يجوز الاعتماد على الرأي، بل يُرجع إلى الكتاب والسنة

- ‌الأمر الخامس: قول العالم الرباني فيما لا يعلم: الله أعلم

- ‌1 - قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ((يا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ عَلِمَ شَيْئاً فَلْيَقُلْ بِهِ

- ‌2 - وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أيضاً: ((مَنْ عَلِمَ علماً فليقل به

- ‌3 - قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أيضاً: ((إن من يُفتي في كل ما يستفتونه لمجنون))

- ‌4 - سُئل سعيد بن جبير عن شيء فقال: ((لا أعلم))، ثم قال: ((ويل للذي يقول لما لا يعلم: إني أعلم))

- ‌5 - قال مالك: ((ينبغي للعالم أن يألف فيما أشكل عليه قول: لا أدري

- ‌7 - عن مالك رحمه الله قال: ((جُنة العالم لا أدري، فإذا أغفلها أُصيبت مقاتلُه))

- ‌8 - قال الهيثم بن جميل: سمعتُ مالكاً سُئل عن ثمانٍ وأربعين

- ‌9 - قال خالد بن خداش: ((قدمت على مالكٍ بأربعين مسألة، فما أجابني منها إلا في خمس مسائل))

- ‌12 - عن عقبة بن مسلم أنه قال: ((صحبت ابن عمر أربعة وثلاثين شهراًً

- ‌13 - قال أبو داود: ((قول الرجل فيما لا يعلم: لا أعلم نصف العلم))

- ‌السادس عشر: أدوار الجسور المتكررة حصل بها اليسر والتيسير:

- ‌2 - آخر وقت الرمي أيام التشريق الثلاثة:

- ‌والأفضل في رمي الجمار أيام التشريق أن تُرْمَى قبل الغروب

- ‌أما الرمي بعد غروب الشمس ليلاً فقد أجازه بعض أهل العلم

- ‌لا بأس أن يرمي في الليل عن اليوم الذي غابت شمسه إلى آخر الليل

- ‌واستدل على جواز الرمي في الليل عن اليوم الذي غابت شمسه بأدلة

- ‌الدليل الأول: حديث ابن عباس رضي الله عنهما

- ‌الدليل الثاني: عن نافع عن ابن عمر أن ابنة أخٍ لصفية بنت أبي عُبيدٍ نفست بالمزدلفة

- ‌الدليل الثالث: حديث ابن عمر رضي الله عنهما:

- ‌الدليل الرابع: اليوم وقت للرمي، والليل يتبعه

- ‌الدليل الخامس: تأمل الواقع

- ‌الدليل السادس: الرمي في الليل جائز

- ‌ثالثاً: صفة رمي الجمرات أيام التشريق الثلاثة:

- ‌1 - يبدأ بالجمرة الأولى وهي أبعد الجمرات عن مكة

- ‌2 - يرمي الجمرة الوسطى بسبع حصيات متعاقبات يكبر مع كل حصاة

- ‌3 - ثم يرمي جمرة العقبة بسبع حصيات متعاقبات يكبِّر مع كل حصاة

- ‌رابعاً: إذا عجز المتمتع والقارن عن الهدي وجب عليه أن يصوم

- ‌خامساً: من عجز عن الرمي

- ‌أما الأقوياء من الرجال والنساء فلا يجوز لهم التوكيل في الرمي

- ‌وهكذا الصبي يجوز أن يرمي عنه وليُّه

- ‌والصواب إن شاء الله تعالى أنه يشترط في الوكيل أن يكون حاجاً ذلك العام

- ‌سادساً: من غربت عليه الشمس من اليوم الثاني عشر وهو لم يخرج من منى

- ‌سابعاً: بعد رمي الجمرات في اليوم الثاني عشر من أيام التشريق بعد الزوال، إن شاء الحاج تعجَّل

الفصل: ‌والأفضل في رمي الجمار أيام التشريق أن ترمى قبل الغروب

‌والأفضل في رمي الجمار أيام التشريق أن تُرْمَى قبل الغروب

، وكذلك جمرة العقبة من رماها قبل غروب يوم النحر فقد رماها في وقتٍ لها، وإن كان الأفضل أن تُرمى جمرة العقبة ضحى لغير الضعفة.

‌أما الرمي بعد غروب الشمس ليلاً فقد أجازه بعض أهل العلم

؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقَّت ابتداء الرمي بعد الزوال في أيام التشريق ولم يوقِّت انتهاءه، وكذلك جمرة العقبة بعد طلوع الشمس يوم النحر للأقوياء، فالأحوط أن يرمي قبل الغروب حتى يخرج من الخلاف، ولكن لو اضطر إلى ذلك ودعت الحاجة إليه ف‌

‌لا بأس أن يرمي في الليل عن اليوم الذي غابت شمسه إلى آخر الليل

قبل فجر اليوم الذي بعده (1)(2)،

(1) انظر: مجموع فتاوى العلامة ابن باز في الحج والعمرة، 5/ 165 و167، وأضواء البيان، 5/ 283، و5/ 299، وانظر: قرار هيئة كبار العلماء في جواز الرمي ليلاً في كتاب توضيح الأحكام من بلوغ المرام، للعلامة عبد الرحمن البسام، 3/ 373، وانظر: آثاراً وأحاديث في جواز الرمي ليلاً في جامع الأصول لابن الأثير، 3/ 278 - 282، والمجموع للإمام النووي، 8/ 240، واللقاء الشهري مع العلامة ابن عثيمين، 10/ 77.

(2)

اتفق الفقهاء رحمهم الله تعالى على أن الرمي في النهار أفضل من بعد الزوال إلى غروب الشمس، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رمى في النهار ولم يرم بالليل، إلا أنه صلى الله عليه وسلم ذُكر عنه أنه رخَّص للرعاة بالرمي في الليل، فاختلف العلماء: فمنهم من قال بجواز الرمي بالليل، وقد نقل عن الحنفية، وابن حزم، وبه قال محمد بن المنذر، وروي عن عروة بن الزبير، والنخعي والحسن.

وقال المالكية يجوز قضاءً في القول المشهور عنهم، والقول الثاني توقف.

وعند الشافعية وجهان أصحهما الجواز ..

وقال الحنابلة وإسحاق، وأحد الوجهين عند الشافية لا يجوز الرمي في الليل، فإن غربت الشمس اليوم وهو لم يرم أخَّر الرمي حتى تزول الشمس، من الغد فيرمي للفائت أولاً ثم يرمي لهذا اليوم بالترتيب ((رمي الجمرات وما يتعلق بها من أحكام، ص 100)) وقد ذكرت أدلة من قال بالجواز في متن هذا البحث.

قال العلامة الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان 5/ 299: ((الفرع الثالث: في آخر وقت الرمي أيام التشريق: قد علمت أن أول وقت رميها بعد الزوال، ولا خلاف بين العلماء: أن بقية اليوم وقت للرمي إلى الغروب، واختلفوا فيما بعد الغروب: فمنهم من يقول: إن غربت الشمس ولم يرم رمى بالليل، وبعضهم يقول: الليل قضاء، وبعضهم يقول أداء، وقد قدمنا أقوالهم وحججهم في الكلام على رمي جمرة العقبة. ومنهم من يقول لا يرمي بالليل، بل يؤخِّر الرمي حتى تزول الشمس من الغد، كما قدمناه، مع إجماعهم على فوات وقت الرمي بغروب اليوم الثالث عشر من ذي الحجة الذي هو رابع يوم النحر.

واعلم: أن هذا الحكم له حالتان:

الأولى: حكم الرمي في الليلة التي تلي اليوم الذي فاته فيه الرمي من أيام التشريق.

والثانية: الرمي في يوم آخر من أيام التشريق.

أما الليل: فقد قدمنا: أن الشافعية، والمالكية، والحنفية كلهم يقولون: يرمي ليلاً، والمالكية بعضهم يقولون الرمي ليلاً قضاءً وهو المشهور عندهم، وبعضهم يتوقف في كونه قضاءً أو أداءً،

والحنابلة قدمنا أنهم يقولون: لا يرمي ليلاً، بل يرمي من الغد بعد الزوال، وأما رمي يوم من أيام التشريق في يوم آخر منها فلا خلاف فيه بين من يعتد به من أهل العلم، إلا أنهم اختلفوا في أيام التشريق الثلاثة، هل هي كيوم واحد، فالرمي جميعاً أداء، لأنها وقت للرمي كيوم واحد، أو كل يوم منها مستقل، فإن فات هو وليلته التي بعده فات وقت رميه، فيكون قضاء في اليوم الذي بعده.

فعلى القول الأول: لو رمى عن اليوم الأول في الثاني، أو عن الثاني في الثالث، أو عن الأول والثاني في الثالث، فلا شيء عليه، لأنه رمى في وقت الرمي.

وعلى الثاني يلزمه دم عن كل يوم فاته رمى فيه إلى الغد عند من يقول بتعدد الدماء: كالشافعية، أو دم واحد عن اليومين عند من يقول بعدم التعدد)) [أضواء البيان، 5/ 299 - 300].

قال الشنقيطي رحمه الله: ((والتحقيق في هذه المسألة: أن أيام التشريق كاليوم الواحد بالنسبة إلى الرمي فمن رمى عن يوم منها في يوم آخر منها أجزأه [أي في اليوم الذي يليه]، ولا شيء عليه، كما هو مذهب أحمد، ومشهور مذهب الشافعي، ومن وافقهما)). [أضواء البيان، 5/ 300].

والدليل على ذلك، حديث عاصم بن عدي العجلاني رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رخَّص لرعاء الإبل في البيتوتة يرمون يوم النحر، ثم يرمون الغد ومن بعد الغد بيومين، ويرمون يوم النفر))، وفي لفظ ((رخَّص للرعاء أن يرموا يوماً ويدعوا يوماً)) هذان اللفظان لأبي داود، (برقم 1974، 1975) ولفظ النسائي: ((رخص للرعاة أن يرموا يوماً ويدعوا يوماً)) وفي لفظ: ((رخص للرعاة في البيتوتة يرمون يوم النحر، واليومين اللذين بعده يجمعونهما في أحدها)) (برقم 3068، ورقم 3069)، ولفظ الترمذي:((أرخص للرعاء أن يرموا يوماً ويدعوا يوماً))، وفي لفظ:((رخَّص رسول الله صلى الله عليه وسلم لرعاء الإبل في البيتوتة: أن يرمو يوم النحر، ثم يجمعوا رمي يومين بعد يوم النحر، فيرمونه في أحدهما، قال مالك: ظننت أنه قال: في الأول منهما ثم يرمون يوم النفر)) (برقم 954، 955) ولفظ ابن ماجه: ((رخص للرعاء أن يرموا يوماً ويدعوا يوماً)).

وفي لفظ: ((رخَّص رسول الله صلى الله عليه وسلم لرعاء الإبل في البيتوتة أن يرموا يوم النحر، ثم يجمعون رمي يومين بعد النحر فيرمونه في أحدهما .. قال مالك: ظننت أنه قال: في الأول منهما، ثم يرمون يوم النفر)) (برقم 3036،ورقم 3037)،وهذه ألفاظ الحديث في الكتب الستة، وأخرجه أحمد برقم 23774، ورقم 23775، ورقم 23776، 39/ 191 - 194، بألفاظ نحو ما في الكتب الستة، وفسره الإمام مالك في الموطأ 1/ 409، بأن معنى الحديث: أنهم يرمون يوم النحر، ثم لا يرمون اليوم الذي بعده، وهو اليوم الحادي عشر، ثم يرمون اليوم الذي بعده، وهو اليوم الثاني عشر، فيجمعون الرمي اليوم الحادي عشر مع الثاني عشر، وهو يوم النفر الأول، فإن بدا لهم النفر فقد فرغوا، وإن أقاموا إلى الغد رموا مع الناس يوم النفر الثاني، ثم نفروا مع الناس.

وهذا نحو كلام الإمام مالك رحمه الله قال العلامة الشنقيطي، 5/ 301:((وهذا المعنى الذي فسر به الحديث هو صريح معناه في رواية من روى: أن يرموا يوماً ويدعوا يوماً)) وحديث عاصم قال فيه الترمذي: ((هذا حديث حسن صحيح))، وصححه الألباني في صحيح السنن في المواضع المذكورة آنفاً. وقال محققو المسند، 39/ 191:((إسناده صحيح)).

وهذا يدل على أن من فاته الرمي في اليوم الأول رمى في اليوم الذي بعده بعد الزوال ولا شيء عليه، ولكن يرمي بالترتيب لليوم الفائت، ثم يرجع من الجمرة الصغرى ويرمي بالترتيب لليوم الذي بعده كذلك حتى ينتهي بيومه على الترتيب، والله أعلم. [انظر: مجموع فتاوى ابن باز، 16/ 145، و17/ 374].

قال العلامة الشنقيطي رحمه الله، 5/ 303:((وبما ذكرنا تعلم أن أيام الرمي كلها كاليوم الواحد، وأن من رمى عن يومٍ في الذي بعده لا شيء عليه؛ لإذن النبي صلى الله عليه وسلم للرعاء في ذلك، ولكن لا يجوز تأخير يوم إلى يوم آخر إلا لعذر، فهو وقت له، ولكنه كالوقت الضروري، والله تعالى أعلم))، قلت: ويكون الرمي بعد الزوال لا قبله.

قال الإمام ابن قدامة رحمه الله في المغني، 5/ 333 في رمي الجمرات أيام التشريق: ((إذا أخَّر رمي يوم إلى يوم بعده، أو أخر الرمي كله إلى آخر أيام التشريق ترك السنة، ولا شيء عليه، إلا أنه يقدِّم بالنية رمي اليوم الأول، ثم الثاني، ثم الثالث، وبذلك قال الشافعي، وأبو ثور، وقال أبو حنيفة: إن ترك حصاة أو حصاتين أو ثلاثاً إلى الغد رماها وعليه لكل حصاة نصف صاع، وإن ترك أربعاً رماها وعليه دم، ولنا أن أيام التشريق وقت للرمي، فإذا أخَّره من أول وقته إلى آخره لم يلزمه شيء، كما لو أخر الوقوف بعرفة إلى آخر وقته

والحكم في رمي جمرة العقبة إذا أخَّرها كالحكم في رمي أيام التشريق في أنها إذا لم ترمَ يوم النحر رميت من الغد، وإنما قلنا يلزمه الترتيب بنيته؛ لأنها عبادات يجب الترتيب فيها مع فعلها في أيامها، فوجب ترتيبها مجموعة، كالصلاتين المجموعتين والفوائت)) [رجح ذلك الشنقيطي في أضواء البيان، 5/ 295].

وقال الشنقيطي رحمه الله: ((وأما رمي جمرة العقبة فقال بعض أهل العلم: إن حكمه مع رمي أيام التشريق كواحد منها، فمن أخّر رميه إلى يوم من أيام التشريق، فهو كمن أخّر يوماً منها إلى يوم، وعليه ففيه الخلاف المذكور، وقال بعض أهل العلم: هو مستقل بوقته دونها؛ لأنه يخالفها في الوقت، والعدد؛ لأنها جمرة واحدة أو ل النهار، وأيام التشريق بعكس ذلك، وله وجه من النظر، والله أعلم)). [أضواء البيان/ 5/ 303].

قلت: تقدم قول ابن قدامة في المغني، 5/ 295: ورمي جمرة العقبة يوم النحر، قال: ((

فإن أخّرها إلى الليل لم يرمها حتى تزول الشمس من الغد، وبهذا قال أبو حنيفة، وإسحاق، وقال الشافعي، ومحمد بن المنذر، ويعقوب: يرمي ليلاً

)). وقد تقدم تفصيل ذلك، فيرجع إليه من شاء.

ص: 48