الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد قارن العالم الفرنسي موريس بوكاي بين التوراة والإنجيل والقرآن، وبين ما توصلت إليه الاكتشافات الحديثة فيما يتعلق بخلق السماوات والأرض وخلق الإنسان؛ فوجد أن الاكتشافات المعاصرة موافقة لما ورد في القرآن، بينما وجد التوراة والإنجيل المتداولة اليوم متضمنة لمعلومات كثيرة خاطئة عن خلق السماوات والأرض وخلق الإنسان والحيوان (1) .
[من مصادر الإسلام السنة النبوية]
ب - السنة النبوية: أنزل الله إلى الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم، وأوحى إليه مثله وهو السنة النبوية الشارحة والمبنية للقرآن، قال صلى الله عليه وسلم:«ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه» (2) فقد أذن له أن يبين ما في القرآن من عموم أو خصوص أو إجمال، قال تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44](3) .
والسنة هي المصدر الثاني من مصادر الإسلام، وهي جميع ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم بسند صحيح متصل إلى الرسول - من قول أو فعل أو تقرير أو وصف.
(1) انظر كتاب: التوراة والإنجيل والقرآن في ضوء المعارف الحديثة، تأليف موريس بوكاي، كان طبيبا فرنسيا نصرانيا ثم أسلم، ص: 133 - 283.
(2)
رواه الإمام أحمد في مسنده، جـ 4، ص: 131، وأبو داود في سننه في كتاب السنة، باب لزوم السنة، حديث 4604، جـ 4، ص:200.
(3)
سورة النحل، الآية:44.
وهي وحي من الله إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يتكلم عن هوى، قال تعالى:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى - إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى - عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} [النجم: 3 - 5](1) إنما يبلغ إلى الناس ما أمر به، قال تعالى {إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الأحقاف: 9] (2) .
والسنة المطهرة هي التطبيق الفعلي للإسلام أحكاما وعقائد وعبادات ومعاملات وآدابا، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمتثل ما أمر به، ويبينه للناس، ويأمرهم أن يفعلوا مثل فعله كقوله صلى الله عليه وسلم:«صلوا كما رأيتموني أصلي» (3) وقد أمر الله المؤمنين أن يقتدوا به في أفعاله وأقواله، حتى يتم لهم كمال إيمانهم، قال تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21](4) ونقل الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله إلى من بعدهم، ونقلها هؤلاء إلى من بعدهم، ثم تم تدوينها في دواوين السنة، وقد كان نقلة السنة يتشددون فيمن ينقلون عنه، ويطلبون فيمن يأخذون عنه أن يكون معاصرا لمن أخذ عنه، حتى يتصل السند من الراوي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (5) وأن يكون جميع رجال السند ثقات عدولا صادقين أمناء.
(1) سورة النجم، الآيات: 3 - 5.
(2)
سورة الأحقاف، الآية:9.
(3)
رواه البخاري في كتاب الأذان، باب 18.
(4)
سورة الأحزاب، الآية:21.
(5)
نتيجة لهذا المنهج العلمي الفريد، ولهذا الضبط في نقل السنة النبوية نشأ لدى المسلمين ما عرف بعلم (الجرح والتعديل) ، وعلم (مصطلح الحديث) ، وهذان العلمان من خصائص الأمة الإسلامية لم تسبق إليهما.
والسنة كما أنها التطبيق الفعلي للإسلام، فهي - أيضا - تبين القرآن الكريم، وتشرح آياته، وتفصل المجمل من أحكامه، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يبين ما نزل إليه تارة بالقول، وتارة بالفعل، وتارة بهما معا، وقد تستقل السنة عن القرآن الكريم ببيان بعض الأحكام والتشريعات.
ويجب الإيمان بالقرآن والسنة على أنهما المصدران الأساسيان في دين الإسلام اللذان يجب اتباعهما والرد إليهما، واتباع أمرهما، واجتناب نهيهما، وتصديق أخبارهما، والإيمان بما فيهما من أسماء الله وصفاته وأفعاله، وما أعده الله لأوليائه المؤمنين، وما توعد به أعداءه الكافرين، قال تعالى:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65](1) وقال سبحانه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7](2) .
وبعد التعريف بمصادر هذا الدين يحسن بنا أن نذكر مراتبه، وهي: الإسلام، والإيمان، والإحسان، وسنتناول بشيء من الإيجاز أركان هذه المراتب.
(1) سورة النساء، الآية:65.
(2)
سورة الحشر، الآية:7.