الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[آيات النبوة]
آيات النبوة لما كانت النبوة وسيلة إلى معرفة أشرف العلوم، والقيام بأشرف الأعمال وأجلها، كان من رحمته سبحانه أن جعل لهؤلاء الأنبياء علامات تدل عليهم، ويستدل بها الناس عليهم، ويعرفونهم من خلالها - وإن كان كل من ادعى دعوة ظهر عليه من القرائن والأحوال ما يبين صدقه إن كان صادقا، ويفضح كذبه إن كان كاذبا -، وهذه العلامات كثيرة من أهمها:
1 -
أن يدعو الرسول إلى عبادة الله وحده، وترك عبادة ما سواه؛ إذ هذه هي الغاية التي من أجلها خلق الله الخلق.
2 -
أن يدعو الناس إلى الإيمان به وتصديقه والعمل برسالته، فقد أمر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يقول:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: 158](1) .
3 -
أن يؤيده الله بدلائل متنوعة من دلائل النبوة، ومن هذه الدلائل الآيات التي يأتي بها النبي ولا يستطيع قومه أن يردوها أو يأتوا بمثلها، ومن ذلك آية موسى عليه السلام حينما انقلبت عصاه ثعبانا، وآية عيسى عليه السلام حينما كان يبرئ الأكمه
(1) سورة الأعراف، الآية:158.
والأبرص بإذن الله، وآية محمد صلى الله عليه وسلم وهي القرآن العظيم على الرغم من كونه أميا لا يقرأ ولا يكتب إلى غير ذلك من آيات الأنبياء.
ومن هذه الدلائل: الحق الواضح البين الذي يأتي به الأنبياء والمرسلون عليهم السلام، ولا يستطيع خصومهم دفعه أو إنكاره، بل إن هؤلاء الخصوم يعلمون أنما جاء به الأنبياء هو الحق الذي لا يدفع.
ومن هذه الدلائل ما اختص الله به أنبياءه من كمال الأحوال، وجميل الشمائل، وكريم الخصال والأخلاق.
ومن هذه الدلائل نصر الله لهم على خصومهم وإظهار ما يدعون إليه.
4 -
أن تتفق دعوته في أصولها مع الأصول التي دعا إليها الرسل والأنبياء (1) .
5 -
ألا يدعو إلى عبادة نفسه أو صرف شيء من العبادة إليه، وألا يدعو إلى تعظيم قبيلته أو طائفته، فقد أمر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يقول للناس:{قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} [الأنعام: 50](2) .
(1) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، جـ 4، ص: 212 - 213.
(2)
سورة الأنعام، الآية:50.
6 -
ألا يطلب من الناس عرضا من أعراض الدنيا مقابلا لدعوته، قال تعالى مخبرا عن أنبيائه: نوح وهود وصالح ولوط وشعيب عليهم السلام أنهم قالوا لقومهم: {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 109](1) وقال محمد صلى الله عليه وسلم لقومه: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86](2) .
وهؤلاء الرسل والأنبياء - الذين ذكرت لك شيئا من صفاتهم ودلائل نبوتهم - كثيرون، قال تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36](3) وقد سعدت بهم البشرية، وحفل التاريخ بتسجيل أخبارهم، وتواتر نقل شرائع دينهم، وأنها هي الحق والعدل، وتواتر - أيضا - نقل ما أحدثه الله لهم من نصرهم وإهلاك أعدائهم كطوفان قوم نوح، وغرق فرعون، وعذاب قوم لوط، وانتصار محمد صلى الله عليه وسلم على أعدائه، وانتشار دينه، فمن عرف ذلك علم يقينا أنهم جاءوا بالخير والهدى، ودلالة الخلق على ما ينفعهم، وتحذيرهم مما يضرهم، وأولهم نوح عليه السلام، وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم.
(1) سورة الشعراء، الآيات: 109، 127، 145، 164، 180.
(2)
سورة ص، الآية:86.
(3)
سورة النحل، الآية:36.