المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌[خلق الكون]

- ‌[خلق الإنسان وتكريمه]

- ‌[مكانة المرأة]

- ‌[حكمة خلق الإنسان]

- ‌[حاجة البشر إلى الدين]

- ‌[ضوابط الدين الحق]

- ‌[أقسام الديانات]

- ‌[حال الديانات القائمة]

- ‌[حقيقة النبوة]

- ‌[آيات النبوة]

- ‌[حاجة الناس إلى الرسل]

- ‌[المعاد]

- ‌[أصول دعوة الرسل]

- ‌[الرسالة الباقية]

- ‌[ختم النبوة]

- ‌[معنى كلمة الإسلام]

- ‌[حقيقة الإسلام]

- ‌[حقيقة الكفر]

- ‌[أصول الإسلام ومصادره]

- ‌[من مصادر الإسلام القرآن العظيم]

- ‌[من مصادر الإسلام السنة النبوية]

- ‌[مراتب الدين]

- ‌[المرتبة الأولى]

- ‌[شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم]

- ‌[من مراتب الدين الصلاة]

- ‌[من مراتب الدين الزكاة]

- ‌[من مراتب الدين الصيام]

- ‌[من مراتب الدين الحج]

- ‌[المرتبة الثانية]

- ‌[الإيمان بالله]

- ‌[الإيمان بالملائكة]

- ‌[الإيمان بالكتب]

- ‌[الإيمان بالرسل صلوات الله وسلامه عليهم]

- ‌[الإيمان باليوم الآخر]

- ‌[الإيمان بالقضاء والقدر]

- ‌[المرتبة الثالثة]

- ‌[من محاسن الإسلام]

- ‌[التوبة]

- ‌[عاقبة من لم يلتزم بالإسلام]

- ‌[الخاتمة]

الفصل: ‌[حكمة خلق الإنسان]

[حكمة خلق الإنسان]

حكمة خلق الإنسان سبق الحديث في الفقرة السابقة أن الله خلق آدم، وخلق له زوجه حواء وأسكنهما الجنة، ثم عصى آدم ربه، ثم استغفره فتاب عليه وهداه، وأمره بأن يخرج من الجنة، وينزل إلى الأرض، ولله سبحانه وتعالى في ذلك من الحكم ما تعجز العقول عن معرفته، والألسن عن صفته، وسنستعرض في هذه الوقفات شيئا من هذه الحكم فمنها: 1 - أن الله - سبحانه - خلق الخلق لعبادته، وهي الغاية من خلقهم قال تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56](1) ومعلوم أن كمال العبودية المطلوب من الخلق لا يحصل في دار النعيم والبقاء، إنما يحصل في دار المحنة والبلاء، أما دار البقاء فدار لذة ونعيم، لا دار امتحان وتكليف.

2 -

أنه - سبحانه - أراد أن يتخذ منهم أنبياء ورسلا وأولياء وشهداء يحبهم ويحبونه، فخلى بينهم وبين أعدائه وامتحنهم بهم، فلما آثروه وبذلوا نفوسهم وأموالهم في مرضاته ومحبته، نالوا من محبته ورضوانه والقرب منه ما لم يكن لينال بدون ذلك أصلا،

(1) سورة الذاريات، الآية:56.

ص: 44

فدرجة الرسالة والنبوة والشهادة من أفضل الدرجات عند الله، ولم يكن ينال الإنسان هذا إلا على هذا الوجه الذي قضاه الله سبحانه من إهباط آدم عليه السلام وذريته إلى الأرض.

3 -

أنه - سبحانه - الملك الحق المبين، والملك هو الذي يأمر وينهى ويثيب ويعاقب، ويهين ويكرم، ويعز ويذل، فاقتضى ملكه سبحانه أن أنزل آدم وذريته دارا تجرى عليهم فيها أحكام الملك، ثم ينقلهم إلى دار يتم فيها جزاؤهم على أعمالهم.

4 -

أن الله خلق آدم عليه السلام من قبضة من جميع الأرض، والأرض فيها الخبيث والطيب، والحزن والسهل، فعلم سبحانه أن في ذرية آدم عليه السلام من لا يصلح لمساكنته في داره؛ فأنزله إلى دار استخرج فيها الطيب والخبيث، ثم ميزهم - سبحانه - بدارين: فجعل الطيبين أهل جواره ومساكنته، وجعل الخبيثين أهل دار الشقاء دار الخبثاء.

5 -

أنه - سبحانه - له الأسماء الحسنى، فمن أسمائه: الغفور، الرحيم، العفو، الحليم. . . ولا بد من ظهور آثار هذه الأسماء، فاقتضت حكمته سبحانه أن ينزل آدم عليه السلام وذريته دارا يظهر عليهم فيها أثر أسمائه الحسنى، فيغفر لمن يشاء، ويرحم من يشاء، ويعفو عمن يشاء، ويحلم على من يشاء إلى غير ذلك من ظهور أثر أسمائه وصفاته.

ص: 45

6 -

أن الله - سبحانه - خلق آدم عليه السلام وذريته من تركيب قابل للخير والشر، ومستلزم لداعي الشهوة والفتنة، وداعي العقل والعلم، فإنه - سبحانه - خلق فيه العقل والشهوة، ونصبهما داعيين بمقتضياتهما ليتم مراده، ويظهر لعباده عزته في حكمته وجبروته، ورحمته وبره ولطفه في سلطانه وملكه؛ فاقتضت حكمته أن أنزل آدم عليه السلام وذريته إلى الأرض ليتم الامتحان وتظهر آثار استعداد الإنسان لهذه الدواعي واستجابته لها، وتكريمه أو إهانته تبعا لذلك.

7 -

أن الإيمان بالغيب هو الإيمان النافع، أما الإيمان بالمشاهدة فكل أحد يؤمن يوم القيامة، فلو خلقوا في دار النعيم لم ينالوا درجة الإيمان بالغيب الذي تعقبه اللذة والكرامة الحاصلة بسبب الإيمان بالغيب، فلذلك أنزلهم إلى دار يكون لإيمانهم فيها بالغيب مجال.

8 -

أن الله - سبحانه - أراد من ذلك أن يعرف عباده الذين أنعم عليهم تمام نعمته عليهم وقدرها، ليكونوا أعظم محبة وشكرا، وأعظم التذاذا بما أعطاهم من النعيم، فأراهم - سبحانه - فعله بأعدائه وما أعد لهم من العذاب، وأشهدهم تخصيصهم بأعلى أنواع النعيم، ليزداد سرورهم، وتكمل غبطتهم، ويعظم فرحهم، وكان ذلك من تمام الإنعام عليهم ومحبتهم، ولم يكن

ص: 46

بد في ذلك من إنزالهم إلى الأرض وامتحانهم واختيارهم، وتوفيق من شاء منهم رحمة منه وفضلا، وخذلان من شاء منهم حكمة منه وعدلا، وهو العليم الحكيم.

9 -

أن الله أراد أن يعود إليها آدم عليه السلام وذريته وهم على أحسن أحوالهم، فأذاقهم قبل ذلك من نصب الدنيا وغمومها وهمومها وأوصابها ما يعظم به عندهم مقدار دخولهم إليها في الدار الآخرة؛ فإن الضد يظهر حسنه الضد (1) .

وبعد أن أوضحت بداية الإنسان فيحسن أن نبين احتياجه إلى الدين الصحيح.

(1) انظر مفتاح دار السعادة، جـ 1، ص: 6 - 11.

ص: 47