المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني: الحديث الثاني - زيادات القطيعي على مسند الإمام أحمد دراسة وتخريجا

[دخيل بن صالح اللحيدان]

الفصل: ‌المبحث الثاني: الحديث الثاني

‌المبحث الثَّانِي: الحَدِيث الثَّانِي

الحَدِيث الثَّانِي:

قَالَ القَطِيعي: "حَدثنَا مُحَمَّد بن يُونُس، ثَنَا مُحَمَّد بن خَالِد بن عَثْمة، ثَنَا إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن عبد الله بن عَامر، عَن مُحَمَّد، عَن رجل من أهل الْبَصْرَة، عَن أبي بَرزَة الْأَسْلَمِيّ رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَيْسَ من الْبر الصّيام فِي السّفر".

وَذكر ابْن حجر أَنه من زيادات القَطِيعي1، وَعَزاهُ الهيثمي2 للْإِمَام أَحْمد، وَهُوَ وهم مِنْهُ؛ لِأَن مُحَمَّد بن يُونُس من شُيُوخ القَطِيعي كَمَا سَيَأْتِي.

1 -

– دراسة الْإِسْنَاد:

شيخ القَطِيعي، هُوَ: مُحَمَّد بن يُونُس بن مُوسَى بن سُلَيْمَان الكُدَيْمي الْقرشِي السَّامِي - بِالْمُهْمَلَةِ - الْبَصْرِيّ أَبُو الْعَبَّاس.

روى عَن: روح بن عبَادَة، وَأبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، وَسَعِيد بن عَامر، وَغَيرهم.

وروى عَنهُ: ابْن أبي الدُّنْيَا، والمحاملي، والقَطِيعي، وَغَيرهم.

وبالدراسة لحاله يتَبَيَّن أَنه: كَذَّاب يضع الحَدِيث، فقد كذبه مُحَمَّد بن هَارُون3، وَأَبُو دَاوُد4، وَعبد الله بن الإِمَام أَحْمد5، والحافظ الْقَاسِم بن زَكَرِيَّا المُطَرِّز 6،

1 - إطراف المُسْنِد المُعتلي 6/74/7781، وبحثت عَنهُ فِي المطبوع من الْمسند فَلم أظفر بِهِ، وَكَذَا لم يظفر بِهِ مُحَقّق "إطراف المُسند المعتلي"، وَلم أَجِدهُ أَيْضا فِي عدد من النّسخ الخطية الْمَذْكُورَة فِي ص 26

2 -

مجمع الزَّوَائِد 3/161 وَقَالَ: "فِيهِ رجل لم يسم ".

3 -

الْكَامِل لِابْنِ عدي 6/2295

4 -

سُؤَالَات الْآجُرِيّ 1856

5 -

كَمَا فِي سُؤَالَات السَّهْمِي 404

6 -

الضُّعَفَاء والمتروكين للدارقطني 487

ص: 133

وَابْن حبَان1، وَابْن عدي2.

وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: "سَمِعت أبي وَعرض عَلَيْهِ شَيْء من حَدِيثه فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا حَدِيث أهل الصدْق " 3، وَقَالَ ابْن عدي: "كَانَ ابْن صاعد وَعبد الله بن مُحَمَّد لَا يمتنعان من الرِّوَايَة عَن كل ضَعِيف

إِلَّا عَن الكُدَيمي فَإِنَّهُمَا كَانَا لَا يرويان عَنهُ لِكَثْرَة مَنَاكِيره، وَلَو ذكرت كلما أنكر عَلَيْهِ وإدعائه وَوَضعه لطال ذَلِك " 4، وَقَالَ أَبُو أَحْمد الْحَاكِم: "ذَاهِب الحَدِيث، تَركه ابْن صاعد وَابْن عقدَة، وَسمع مِنْهُ ابْن خُزَيْمَة وَلم يحدث عَنهُ، وَقد حفظ فِيهِ سوء القَوْل عَن غير وَاحِد من أَئِمَّة الحَدِيث "5، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: "يتهم بِوَضْع الحَدِيث " 6، وَقَالَ الذَّهَبِيّ: "هَالك " 7، وَقَالَ أَيْضا: "أحد المتروكين " 8، وَقَالَ حِين أورد بعض مَنَاكِيره: "وَمن افترى هَذَا على أبي نُعيم!؟ " (1) ، قَالَ ابْن حجر: "يَعْنِي أَنه من أكذب النَّاس " 9.

فَإِن قيل: إِن الإِمَام أَحْمد أثنى عَلَيْهِ حَيْثُ يَقُول: "كَانَ حسن الْمعرفَة، حسن الحَدِيث مَا وجد عَلَيْهِ إِلَّا صحبته سُلَيْمَان الشَّاذكُونِي " 10، فيجاب عَلَيْهِ

1 - الْمَجْرُوحين 2/313

2 -

الْكَامِل لِابْنِ عدي 6/2295

3 -

الْجرْح وَالتَّعْدِيل 8/122

4 -

الْكَامِل 6/2294

5 -

تَهْذِيب التَّهْذِيب 9/478

6 -

سُؤَالَات السَّهْمِي 74

7 -

الْمُغنِي 2/646

8 -

الْمِيزَان 4/74

9 -

تَهْذِيب التَّهْذِيب 9/478

10 -

كَمَا فِي تَارِيخ بَغْدَاد 3/439

ص: 134

بِأَنَّهُ لم يتَبَيَّن حَاله إِلَّا بعد وَفَاة الإِمَام أَحْمد حَيْثُ كَانَت فِي سنة 241هـ، وَتُوفِّي الكُدِيمي سنة 286هـ، وَلِهَذَا يَقُول الدَّارَقُطْنِيّ:"مَا أحسن القَوْل فِيهِ إِلَّا من لم يخبر حَاله "1.

هَذَا وَقَالَ ابْن حجر فِي التَّقْرِيب: "ضَعِيف " 2، وَحكمه مَحل تَأمل، وَتقدم مَا يُخَالِفهُ، وَابْن حجر نَفسه قَالَ عَنهُ فِي هدي الساري – مُقَدّمَة فتح الْبَارِي -:"واهي "3.

وَمُحَمّد بن خَالِد بن عَثْمة، هُوَ: الْحَنَفِيّ الْبَصْرِيّ، وعَثْمة: أمه، قَالَه أَبُو دَاوُد4، وَابْن أبي حَاتِم5.

روى عَن: إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل، وَمَالك بن أنس، وَسليمَان بن بِلَال، وَغَيرهم.

وروى عَنهُ: بُنْدار، وَعلي الْمَدِينِيّ، والكُدَيمي، وَغَيرهم.

وبالدراسة لحاله يتَبَيَّن أَنه: لَا بَأْس بِهِ، فقد قَالَ عَنهُ الإِمَام أَحْمد:"مَا أرى بحَديثه بَأْس "6، وَقَالَ أَبُو زرْعَة:"لَا بَأْس بِهِ " 7، وَقَالَ أَبُو حَاتِم:"صَالح الحَدِيث "، وَذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات وَقَالَ:"رُبمَا أَخطَأ " 8، وَأخرج لَهُ أَصْحَاب السّنَن 9.

1 - كَمَا فِي تَهْذِيب التَّهْذِيب 9/478

2 -

6419

3 -

460

4 -

سُؤَالَات الْآجُرِيّ 1327

5 -

الْجرْح وَالتَّعْدِيل 7/243

6 -

الْعِلَل لعبد الله 3/455

7 -

الْجرْح وَالتَّعْدِيل 7/243

8 -

9/55/67

9 -

انْظُر: تَهْذِيب الْكَمَال 25/5179، وتهذيب التَّهْذِيب 9/125، والتقريب 5847

ص: 135

وَإِبْرَاهِيم بن سعد بن إِبْرَاهِيم الزُّهْرِيّ الْمدنِي ثمَّ الْبَغْدَادِيّ أَبُو إِسْحَاق.

روى عَن: أَبِيه، وَالزهْرِيّ، وَشعْبَة، وَغَيرهم.

وروى عَنهُ: اللَّيْث، وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، وابناه يَعْقُوب وَسعد، وَغَيرهم.

وبالدراسة لحاله يتَبَيَّن أَنه: ثِقَة حجَّة، وَثَّقَهُ الإِمَام أَحْمد، وَابْن معِين، وَأَبُو حَاتِم، وَالْعجلِي وَغَيرهم، وَأثْنى عَلَيْهِ ابْن معِين أَيْضا، وَأخرج لَهُ أَصْحَاب الْكتب السِّتَّة، وَمَات سنة 185هـ 1.

وَعبد الله بن عَامر، هُوَ: الْأَسْلَمِيّ الْمدنِي أَبُو عَامر.

روى عَن: أبي الزِّنَاد، وَمُحَمّد بن الْمُنْكَدر، وسُهيل بن أبي صَالح، وَغَيرهم.

وروى عَنهُ: يزِيد بن حبيب، وَالْأَوْزَاعِيّ، وَسليمَان بن بِلَال، وَغَيرهم.

وبالدراسة لحاله يتَبَيَّن أَنه: ضَعِيف يقلب الْأَسَانِيد والمتون وَيرْفَع الْمَرَاسِيل وَالْمَوْقُوف، وَضَعفه: ابْن سعد، وَابْن معِين، وَأحمد، وَأَبُو زرْعَة، وَأَبُو حَاتِم، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيّ، وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَأَبُو أَحْمد الْحَاكِم، وَزَاد ابْن معِين:"لَيْسَ بِشَيْء "، وَزَاد أَبُو حَاتِم:"لَيْسَ بمتروك "، وَأخرج لَهُ ابْن مَاجَه.

وَقَالَ الإِمَام البُخَارِيّ: "يَتَكَلَّمُونَ فِي حفظه "، وَقَالَ أَيْضا:"ذَاهِب الحَدِيث "، وَقَالَ ابْن حبَان فِي الْمَجْرُوحين:"يقلب الْأَسَانِيد والمتون، وَيرْفَع الْمَرَاسِيل وَالْمَوْقُوف "، وَقَالَ ابْن عدي "لَا يُتَابع فِي بعض هَذِه الْأَخْبَار

وَهُوَ مِمَّن يكْتب حَدِيثه "، وَقَالَ ابْن حجر: "ضَعِيف " 2.

1 - انْظُر: تَارِيخ الدَّارمِيّ 7، وطبقات ابْن سعد 7/322، والعلل لعبد الله بن الإِمَام أَحْمد 282، 2475، 3422، وَالْجرْح وَالتَّعْدِيل 2/101، وترتيب ثِقَات الْعجلِيّ 23، وتاريخ بَغْدَاد 6/81، وتهذيب التَّهْذِيب 1/105، والتقريب 177

2 -

انْظُر: التَّارِيخ الْكَبِير 5/156، والأوسط 2/138، وطبقات ابْن سعد –الْقسم المتمم - 410/345، والضعفاء والمتروكين للنسائي 61، والعلل لعبد الله بن الإِمَام أَحْمد 5642، وَالْجرْح وَالتَّعْدِيل 5/123، والمجروحين لِابْنِ حبَان 2/6، والضعفاء والمتروكين للدارقطني 14، والكامل لِابْنِ عدي 4/1470، وتهذيب الْكَمَال 4/175، وتهذيب التَّهْذِيب 5/241، والتقريب 3406

تَنْبِيه: رمز لَهُ فِي الْمِيزَان (2/448/4394) برمز: ابْن مَاجَه وَالتِّرْمِذِيّ، وَالَّذِي يظْهر أَن ذكر التِّرْمِذِيّ، وهم، بِدَلِيل مَا فِي الْمُغنِي (1/434/3236) ، والكاشف (2/100/2826) ، حَيْثُ ذكر رمز ابْن مَاجَه وَحده، وَهُوَ الَّذِي يُوَافق مَا فِي تَهْذِيب الْكَمَال وتهذيب التَّهْذِيب وَكَذَا التَّقْرِيب، سَوَاء بتحقيق مُحَمَّد عوامة 3406، أم بتحقيق أبي الأشبال صَغِير أَحْمد 3428، أم بتحقيق وتحرير بشار عواد، وَشُعَيْب الأرنؤوط 3406، وَقد ذكرُوا جَمِيعًا أَنهم اعتمدوا نُسْخَة بِخَط ابْن حجر.

ص: 136

وَمُحَمّد: كَذَا قَالَ عبد الله بن عَامر هُنَا، وَسَيَأْتِي1 أَنه قَالَ مرّة أُخْرَى: "عَن رجل يُقَال لَهُ مُحَمَّد، عَن أبي بَرْزة

"، وَقَالَ أَيْضا: "عَن مُحَمَّد بن آل أبي بَرْزة، عَن أبي بَرْزة " وَهَذَا كُله اضْطِرَاب مِنْهُ، وَقد أورد الإِمَام البُخَارِيّ مُحَمَّد هَذَا فِي بَاب أفناء النَّاس من المحمدين 2، وهم غير المنسوبين، وَقَالَ: "لم يَصح حَدِيثه ".

وَالْخُلَاصَة أَنه: مَجْهُول الْعين.

وَرجل من أهل الْبَصْرَة: تقدم فِي السَّابِق مَا يدل على أَنه مُحَمَّد، وَلم يضْبط عبد الله بن عَامر هَذَا الْإِسْنَاد.

وَأَبُو بَرْزة، هُوَ: نَضْلة بن عبيد الْأَسْلَمِيّ الصَّحَابِيّ رضي الله عنه.

2 -

– الحكم عَلَيْهِ: مِمَّا سبق يتَبَيَّن أَنه إِسْنَاد واهٍ، وَتقدم أَن البُخَارِيّ ذكر عدم صِحَّته، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْعِلَل:"غير ثَابت " 3، وحكمهما على هَذَا الْإِسْنَاد، وَأما مَتنه فصح من حَدِيث جَابر رضي الله عنه كَمَا سَيَأْتِي.

1 - ص: 33

2 -

التَّارِيخ الْكَبِير 1/269

3 -

3/308

ص: 137

3 -

– تَخْرِيجه وَبَيَان اخْتِلَاف رِوَايَة عبد الله بن عَامر لَهُ على ثَلَاثَة أوجه:

الْوَجْه الأول: رَوَاهُ عَن: مُحَمَّد، عَن رجل من أهل الْبَصْرَة، عَن أبي بَرْزة رضي الله عنه.

وَهِي رِوَايَة القَطِيعي هُنَا عَن الكُدَيمي، عَن مُحَمَّد بن خَالِد بن عَثْمة، عَن إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن عبد الله بِهِ.

الْوَجْه الثَّانِي: رَوَاهُ عَن: رجل يُقَال لَهُ مُحَمَّد، عَن أبي بَرْزة رضي الله عنه.

أخرجه الإِمَام البُخَارِيّ فِي التأريخ الْكَبِير1، وَأعْرض عَن أَدَائِهِ بِصِيغَة التحديث حَيْثُ قَالَ:"قَالَ لي: مُحَمَّد بن أبي سَمِينَة حَدثنَا مُحَمَّد بن عَثْمة، عَن إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن عبد الله بن عَامر الْأَسْلَمِيّ، عَن رجل يُقَال لَهُ مُحَمَّد، عَن أبي بَرْزة "(2) الحَدِيث، وَالَّذِي يظْهر أَن الإِمَام صنع ذَلِك لوهن هَذَا الْإِسْنَاد وَلِهَذَا قَالَ بعده:"وَلم يَصح حَدِيثه ".

وَأخرجه الْبَزَّار عَن مُحَمَّد بن معمر، عَن مُحَمَّد بن خَالِد، عَن إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن عبد الله بن عَامر، عَن مُحَمَّد بن آل أبي بَرْزة، عَن أبي بَرْزة رضي الله عنه 2.

الْوَجْه الثَّالِث: رَوَاهُ عَن: خَاله عبد الرَّحْمَن بن حَرْمَلة، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن أبي بَرْزة الْأَسْلَمِيّ رضي الله عنه.

أخرجه الطَّبَرَانِيّ عَن مُحَمَّد بن عبد الله الْحَضْرَمِيّ، عَن معمر بن بكار السَّعْدِيّ، عَن إِبْرَاهِيم بن سعد، عَن عبد الله بن عَامر بِهِ، وَقَالَ الطَّبَرَانِيّ:"لم يرو هَذَا الحَدِيث عَن عبد الرحمن بن حَرْمَلة إِلَّا عبد الله بن عَامر، وَلَا عَن عبد الله بن عَامر إِلَّا إِبْرَاهِيم بن سعد تفرد بِهِ: معمر بن بكار، وَلَا يُروى عَن أبي بَرْزة إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد " 3، ويَرِد على الطَّبَرَانِيّ مَا تقدم.

1 - 1/269

2 -

الْبَحْر الزخار 9/302/3858

3 -

المعجم الْأَوْسَط 5/373/5597

ص: 138

النّظر فِي الِاخْتِلَاف السَّابِق

مِمَّا سبق يتَبَيَّن أَن عبد الله بن عَامر اضْطربَ فِي إِسْنَاده اضطراباً شَدِيدا، كَمَا أَنه قلب إِسْنَاده إِذْ الحَدِيث مَشْهُور بِرِوَايَة جَابر بن عبد الله رضي الله عنه كَمَا سَيَأْتِي، وَابْن عَامر مَعْرُوف بالضعف وقلب الْأَسَانِيد كَمَا تقدم1، ويؤكد ذَلِك أَن الْمَحْفُوظ عَن عبد الرَّحْمَن بن حَرْملة فِي هَذَا الْبَاب مُرْسل سعيد المُسيِّب بِلَفْظ آخر، وَهُوَ مَا أخرجه عبد الرَّزَّاق عَن ابْن عُيَيْنَة، عَن عبد الرحمن بن حَرْمَلة، عَن ابْن المُسيِّب قَالَ:"كنت عِنْده فَأَتَاهُ قوم من أهل الجزيرة فَقَالُوا: يَا أَبَا مُحَمَّد2 إِنَّا نسافر فِي المحامل وَإِنَّا نُكفى، أفنصوم؟ قَالَ: لَا، قَالُوا: إِنَّا نقوى على ذَلِك، قَالَ (1) : رَسُول الله كَانَ أقوى وَخيرا مِنْكُم، قَالَ: خياركم الَّذين إِذا سافروا قصروا الصَّلَاة، وَلم يَصُومُوا " 3، وَبِذَلِك يتَبَيَّن أَنه قلب الْأَسَانِيد والمتون.

هَذَا وَلَا يُتَابِعه على رِوَايَته عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر إِلَّا من هُوَ أدنى مِنْهُ، حَيْثُ أخرج البُخَارِيّ فِي تأريخه4، وَابْن عدي5 من طَرِيق خَالِد العَبْد، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن جَابر رضي الله عنه مَرْفُوعا "خياركم من قصر الصَّلَاة فِي السّفر، وَأفْطر ".

وخَالِد العَبْد، هُوَ: ابْن عبد الله الْبَصْرِيّ.

روى عَن: الْحسن الْبَصْرِيّ، وَابْن الْمُنْكَدر.

وروى عَنهُ: سَلْم بن قُتَيْبَة، وَإِسْرَائِيل، وَغَيرهمَا.

1 - ص: 32

2 -

هُوَ: ابْن المُسيِّب.

3 -

المُصَنّف 2/566/4480

4 -

3/165

5 -

الْكَامِل 3/895

ص: 139

وبالدراسة لحاله يتَبَيَّن أَنه: كَذَّاب قدري، رَمَاه عَمْرو بن عَليّ بِالْوَضْعِ1، وروى البُخَارِيّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث أَنه قَالَ:"سَمِعت خَالِدا العَبْد هُوَ ضَعِيف يَقُول: قَالَ: الْحسن صليت خلف ثَمَانِيَة وَعشْرين بَدْرِيًّا كلهم يقنت بعد الرُّكُوع، فَقلت: من حَدثَك؟ قَالَ: حَدثنَا مَيْمُون المَرَائي، فَلَقِيت ميموناً فَسَأَلته، فَقَالَ: قَالَ الْحسن مثله، قلت من حَدثَك؟ {قَالَ: خَالِد العَبْد " 2، قَالَ البُخَارِيّ:"مَا أعلم لميمون إِلَّا حديثين "، وَهَذِه الْحِكَايَة دَلِيل على أَن خَالِدا كَانَ يكذب، وروى البُخَارِيّ أَيْضا بِإِسْنَادِهِ إِلَى سَلْم بن قُتَيْبَة أَنه قَالَ:"أتيت خَالِدا العَبْد، فَإِذا مَعَه درج فِيهِ: حَدثنَا الْحسن، حَدثنَا الْحسن، فانفلت الدرج من يَده، فَإِذا فِي أَوله هِشَام بن حسان قد محاه، قلت مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا كتبت أَنا هِشَام بن حسان عَن الْحسن، قلت: تكون مَعَ هِشَام، وتكتب فِيهِ هِشَام؟} قَالَ: مَا أعرفني بك أَلَسْت خرجت مَعَ إِبْرَاهِيم " 3، قَالَ البُخَارِيّ:"إِبْرَاهِيم هَذَا كَانَ إنْسَانا علوياً خرج " 4 5، وصنيع خَالِد السَّابِق يدل على أَنه كَانَ يسرق الْأَسَانِيد ويغيرها، وَقد أورد البُخَارِيّ فِي تَرْجَمَة حَدِيث "خياركم " – حَدِيث الْبَاب -، وَقَالَ بعده:"مُنكر الحَدِيث "

1 - التَّارِيخ الْأَوْسَط 2/43

2 -

التَّارِيخ الْكَبِير 3/165، والأوسط 2/98، 99

3 -

الْمصدر نَفسه.

4 -

التَّارِيخ الْكَبِير 3/165، والأوسط 2/98، 99

5 -

إِبْرَاهِيم هُوَ: ابْن عبد الله بن الْحسن الْعلوِي، خرج على بني عَبَّاس، وَالْمَقْصُود أَن خَالِدا أَرَادَ تخويف سَلْم بِأَنَّهُ إِن أظهر حَاله وشى بِهِ، انْظُر تعليقات الْعَلامَة المعلمي على التَّارِيخ الْكَبِير 3/166

6 -

فِي التَّارِيخ الْكَبِير 3/165

ص: 140

وَكذبه الدَّارَقُطْنِيّ1، وَقَالَ فِي الضُّعَفَاء والمتروكين:"مَتْرُوك " 2 وَقَالَ ابْن حبَان فِي الْمَجْرُوحين: "كَانَ يسرق الحَدِيث، وَيحدث من كتب النَّاس من غير سَماع " 3، وَقَالَ ابْن عدي: "قدري

لَيْسَ لَهُ من الحَدِيث إِلَّا مِقْدَار عشرَة وَأَقل

وَأَحَادِيثه

مَنَاكِير " 4، وَقَالَ الذَّهَبِيّ: "قدري واه تَرَكُوهُ "5.

وَقد أورد الدَّارَقُطْنِيّ فِي الْعِلَل رِوَايَة عبد الله بن عَامر، عَن عبد الرَّحْمَن بن حَرْملة، عَن ابْن الْمُنْكَدر، عَن أبي بَرْزة، وَرِوَايَة خَالِد العَبْد، عَن ابْن الْمُنْكَدر، عَن جَابر، وَقَالَ:"كِلَاهُمَا غير ثَابت" 6، يَعْنِي بِهَذَا الْإِسْنَاد.

4 -

– الحكم الْعَام: متن الحَدِيث قد صَحَّ من حَدِيث جَابر بن عبد الله رضي الله عنه حَيْثُ أخرجه الإِمَام أَحْمد7، وَالْبُخَارِيّ8، وَمُسلم9، وَأَبُو دَاوُد10، وَالنَّسَائِيّ11، وَغَيرهم من طَرِيق شُعْبَة، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أسعد، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن الْحسن، عَن جَابر بِهِ بِمثلِهِ وقصة فِي مَتنه.

1 - كَذَا فِي الْمِيزَان 1/633، وَفِي لِسَان الْمِيزَان 2/480، وَلم أَجِدهُ فِي سُؤَالَات البرقاني، والسهمي، والسلمي، وَالْحَاكِم، وَابْن بكير للدارقطني، وَالسّنَن والعلل لَهُ أَيْضا.

2 -

198/198

3 -

1/280

4 -

الْكَامِل 3/895

5 -

الْمُغنِي فِي الضُّعَفَاء 1/203

6 -

6/308/1158

7 -

3/319، 399

8 -

فِي (30 كتاب الصَّوْم، 3 بَاب قَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم لمن ظَلل عَلَيْهِ وَاشْتَدَّ الْحر: لَيْسَ من الْبر الصّيام فِي السّفر، 1946) .

9 -

فِي (13 كتاب الصّيام، 15 بَاب جَوَاز الصَّوْم وَالْفطر للْمُسَافِر، 2612) .

10 -

فِي (14 كتاب الصّيام، 43 بَاب اخْتِيَار الْفطر، 2407) .

11 -

فِي (22 كتاب الصَّوْم، 49 بَاب، 2264) .

ص: 141