الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثَّالِث: الحَدِيث الثَّالِث
…
الحَدِيث الثَّالِث:
قَالَ القَطِيعي: "حَدثنَا الْفضل بن الحُبَاب، حَدثنَا القَعْنَبي، حَدثنَا شُعْبَة، حَدثنَا مَنْصُور، عَن رِبْعي، عَن أبي مَسْعُود، عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّمَا مِمَّا أدْرك النَّاس من كَلَام النُّبُوَّة الأولى: إِذا لم تستح فَاصْنَعْ مَا شِئْت" 1.
وَذكر ابْن حجر أَنه من زَوَائِد القَطِيعي 2.
1 -
– دراسة الْإِسْنَاد:
شيخ القَطِيعي، هُوَ: الْفضل بن الحُبَاب بن مُحَمَّد بن شُعيب بن عبد الرَّحْمَن الجُمَحي الْبَصْرِيّ، والحُبَاب لقب أَبِيه، واسْمه: عَمْرو، قَالَه ابْن حبَان 3.
روى عَن: القَعْنَبي، وَأبي الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ، ومُسَدَّد، وَعلي الْمَدِينِيّ، وَغَيرهم.
وروى عَنهُ: أَبُو عَوانة، وَابْن حبَان فِي صَحِيحَيْهِمَا، وَالطَّبَرَانِيّ، والإسماعيلي، وَغَيرهم.
ذكره ابْن حبَان فِي الثِّقَات (3)، وَقَالَ مسلمة بن الْقَاسِم:"كَانَ ثِقَة مَشْهُورا كثير الحَدِيث"4، وَقَالَ الخليلي:"احترقت كتبه، مِنْهُم من وَثَّقَهُ، وَمِنْهُم من تكلم فِيهِ، وَهُوَ إِلَى التوثيق أقرب، والمتأخرون أَخْرجُوهُ فِي الصَّحِيح " 5، وَقَالَ ابْن حجر: "روى عَنهُ ابْن عبد الْبر فِي الاستذكار6 من
1 - الْمسند 5/273/22702
2 -
إطراف المُسْنِد المُعتلي 7/78/8823، وإتحاف المهرة 11/268
3 -
9/8
4 -
كَمَا فِي لِسَان الْمِيزَان 4/513
5 -
الْإِرْشَاد فِي معرفَة عُلَمَاء الحَدِيث 2/526/233
6 -
الاستذكار الْجَامِع لمذاهب فُقَهَاء الْأَمْصَار 10/14294
طَرِيقه حَدِيثا مُنْكرا جدا مَا أَدْرِي مَنِ الآفة فِيهِ
(1)
فَلَعَلَّ ابْن الْأَحْمَر سَمعه مِنْهُ2 بعد احتراق كتبه"3، وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ فِي الغرائب لَهُ حَدِيثا وَقَالَ: "تفرد بِهِ أَبُو خَليفَة "، وَقَالَ ابْن حجر: "أَخطَأ فِي سَنَده ".
وَلم يُصَرح الخليلي باختلاطه بعد احتراق كتبه، وَمَا ذكره ابْن حجر –مَعَ أَنه احْتِمَال - لَا يُفِيد الِاخْتِلَاط، بل هُوَ عِنْد التَّأَمُّل دَلِيل على الضَّبْط؛ لِأَن من كَانَ مكثراً واحترقت كتبه، وَلم يُخطئ إِلَّا فِي حديثين، فَهُوَ بالإتقان والثقة وَالْحِفْظ أولى، وَقد أغرب عدد من الْحفاظ المتقنين المكثرين فِي أَحَادِيث مَعَ جلالتهم وتوفر كتبهمْ، وَلم يحطهم ذَلِك عَن مرتبتهم، وَلِهَذَا فَإِن الذَّهَبِيّ قَالَ عَنهُ: "مُسْند عصره بِالْبَصْرَةِ
…
كَانَ ثِقَة عَالما مَا علمت فِيهِ لينًا"4، وَقَالَ أَيْضا: "ولد سنة سِتّ ومئتين، وعُني بِهَذَا الشَّأْن وَهُوَ مراهق، فَسمع سنة عشْرين ومئتين، وَلَقي الْأَعْلَام، وَكتب علما جماً
…
وَكَانَ ثِقَة صَادِقا مَأْمُونا " 5.
وَالَّذِي يظْهر أَنهم تكلمُوا فِيهِ من أجل مَسْأَلَة الْوَقْف فِي الْقُرْآن، حَيْثُ قَالَ مسلمة بن الْقَاسِم:"كَانَ يَقُول بِالْوَقْفِ وَهُوَ الَّذِي نُقم عَلَيْهِ " 6، وَذكر السَّهْمِي أَنه لما حَضرته الْوَفَاة قَالَ:"قد جعلت كل من تكلم فيَّ فِي حِل إِلَّا من قَالَ إِنِّي أُقف فِي الْقُرْآن، أَقُول: الْقُرْآن كَلَام الله غير مَخْلُوق"7، وَقَالَ أَبُو عَليّ النَّيْسَابُوري الْحَافِظ: "دخلت أَنا وَأَبُو عَوَانة الْبَصْرَة، فَقيل: إِن أَبَا خَليفَة
1 - ذكر لَهُ حَدِيثا من رِوَايَة مُحَمَّد بن مُعَاوِيَة ابْن الْأَحْمَر عَنهُ.
2 -
يَعْنِي من أبي خَليفَة: الْفضل بن الحُباب
3 -
لِسَان الْمِيزَان 4/513
4 -
الْمِيزَان 3/350
5 -
سير أَعْلَام النبلاء 14/7
6 -
لِسَان الْمِيزَان 4/513
7 -
سُؤَالَات السَّهْمِي للدارقطني 352
قد هُجر، ويُدَّعى عَلَيْهِ أَنه قَالَ: الْقُرْآن مَخْلُوق، فَقَالَ لي أَبُو عَوَانة: يَا بني لَا بُد أَن ندخل عَلَيْهِ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ أَبُو عَوَانة: مَا تَقول فِي الْقُرْآن؟ فاحمر وَجهه وَسكت، ثمَّ قَالَ: الْقُرْآن كَلَام الله غير مَخْلُوق، وَمن قَالَ مَخْلُوق، فَهُوَ كَافِر، وَأَنا تائب إِلَى الله من كل ذَنْب إِلَّا الْكَذِب، فَإِنِّي لم أكذب قطّ اسْتغْفر الله، قَالَ: فَقَامَ أَبُو عَليّ فَقبل رَأسه، ثمَّ قَامَ أَبُو عوَانة إِلَى أبي خَليفَة فَقبل كتفه " 1.
وَالْخُلَاصَة أَنه: ثِقَة احترقت كتبه فَرُبمَا أغرب، وَمَات سنة 305هـ.
والْقَعْنَبي، هُوَ: عبد الله بن مَسلمة بن قَعْنَب الْحَارِثِيّ الْمدنِي الْبَصْرِيّ أَبُو عبد الرحمن.
روى عَن: مَالك، وَشعْبَة، وَاللَّيْث، وَغَيرهم.
وروى عَنهُ: البُخَارِيّ، وَمُسلم، وَأَبُو دَاوُد، وَأَبُو زرْعَة، وَأَبُو حَاتِم، وَغَيرهم.
وَثَّقَهُ: الْعجلِيّ وَابْن قَانِع، وَأثْنى عَلَيْهِ: مَالك، وَابْن معِين، وَأَبُو زرْعَة، وَالنَّسَائِيّ، وَابْن الْمَدِينِيّ، وَغَيرهم، وَأخرج لَهُ الْجَمَاعَة إِلَّا ابْن مَاجَه 2.
وَقَالَ ابْن حجر: "ثِقَة عَابِد "3، وَكَلَامه مَحل تَأمل فمرتبته أَعلَى من ذَلِك، فقد قَالَ ابْن معِين:"ثِقَة مَأْمُون لَا يسْأَل عَنهُ، لَو ضَاعَ كِتَابه ثمَّ أَخذه مِمَّن سمع مَعَه فِي الْمثل، كَانَ حائزاً، هُوَ رجل صدق " 4، وَقَالَ أَبُو حَاتِم – على تشدده -:"ثِقَة حجَّة " 5، وَقَالَ أَبُو زرْعَة:"مَا كتبت أجل فِي عَيْني مِنْهُ " 6، وَذكر يَعْقُوب بن سُفْيَان أَنه ثِقَة ثمَّ قَالَ:"حجَّة" 7، وَذكره ابْن
1 - سير أَعْلَام النبلاء 14/10
2 -
انْظُر: طَبَقَات ابْن سعد 3/291، وسؤالات الدقاق لِابْنِ معِين 373، وترتيب ثِقَات الْعجلِيّ 756، وتهذيب التَّهْذِيب 6/29
3 -
التَّقْرِيب 3620
4 -
معرفَة الرِّجَال لِابْنِ مُحرز 1/445
5 -
الْجرْح وَالتَّعْدِيل 5/181
6 -
الْموضع السَّابِق.
7 -
الْمعرفَة والتاريخ1/347
حبَان فِي الثِّقَات وَقَالَ: "كَانَ من المتقنين فِي الحَدِيث " 1، وَلِهَذَا قَالَ عَنهُ الذَّهَبِيّ:"أحد الْأَعْلَام " 2، وَقَالَ أَيْضا:"الإِمَام الثبت الْقدْوَة شيخ الْإِسْلَام "3.
وَالْخُلَاصَة أَنه: ثِقَة حجَّة عَابِد، وَمَات سنة 221هـ.
وَشعْبَة هُوَ: ابْن الْحجَّاج العَتَكي مَوْلَاهُم الوَاسِطِيّ ثمَّ الْبَصْرِيّ أَبُو بِسطام، الثِّقَة الْحَافِظ المتقن أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي الحَدِيث 4.
وَمَنْصُور، هُوَ: ابْن الْمُعْتَمِر بن عبد الله السّلمِيّ الْكُوفِي أَبُو عَتَّاب.
روى عَن: زيد بن وهب، وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ، وَالْحسن الْبَصْرِيّ ورِبْعي بن حِراش، وَغَيرهم.
روى عَنهُ: الْأَعْمَش، وَسليمَان التَّيْمِيّ، وَالثَّوْري، وَشعْبَة، وَغَيرهم.
وَهُوَ: ثِقَة ثَبت، وَثَّقَهُ وَأثْنى عَلَيْهِ: الإِمَام أَحْمد، وَيحيى بن معِين، وَعلي بن الْمَدِينِيّ، وَالْعجلِي، وَأَبُو حَاتِم، وَأَبُو زرْعَة، وَغَيرهم، وَأخرج لَهُ أَصْحَاب الْكتب السِّتَّة، وَمَات سنة132هـ 5.
1 - 8/353
2 -
الكاشف 2/131
3 -
سير أَعْلَام النبلاء 10/257
4 -
انْظُر تَرْجَمته فِي: طَبَقَات ابْن سعد 9/93، الْجرْح وَالتَّعْدِيل 1/126، 4/1609، والثقات 6/446، وتهذيب الْكَمَال 2/581، وتهذيب التَّهْذِيب 4/338، والتقريب 2790
5 -
انْظُر: طَبَقَات ابْن سعد 5/500، وتاريخ الدوري 4112، وسؤالات ابْن مُحرز 645، وَالْجرْح وَالتَّعْدِيل 8/778، والعلل لعبد الله بن الإِمَام أَحْمد 666، وترتيب ثِقَات الْعجلِيّ 570، والثقات 7/473، وتهذيب الْكَمَال 3/1376، والكاشف 1/302، وتهذيب التَّهْذِيب 10/277، والتقريب 6908
ورِبْعِي، هُوَ: ابْن حِراش –بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة، وَآخره مُعْجمَة - الْعَبْسِي الْكُوفِي أَبُو مَرْيَم.
روى عَن: عمر، وَعلي، وَابْن مَسْعُود، وَأبي مُوسَى، وَأبي مَسْعُود، رضوَان الله عَلَيْهِم، وَغَيرهم.
وروى عَنهُ: الشّعبِيّ، وَمَنْصُور بن الْمُعْتَمِر، وَأَبُو مَالك الْأَشْجَعِيّ، وَغَيرهم.
وَهُوَ: ثِقَة عَابِد مخضرم، وَثَّقَهُ ابْن سعد وَالْعجلِي، وَغَيرهمَا، وَأخرج لَهُ أَصْحَاب الْكتب السِّتَّة، وَمَات سنة 100هـ على خلاف 1.
وَأَبُو مَسْعُود، هُوَ: عقبَة بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ البدري رضي الله عنه.
2 -
– الحكم عَلَيْهِ: مِمَّا سبق يتَبَيَّن أَنه إِسْنَاد صَحِيح، وَلم يسمع الْقَعْنَبي من شُعْبَة إِلَّا هَذَا الحَدِيث كَمَا سَيَأْتِي فِي التَّخْرِيج.
3 -
– لطائفه: إِسْنَاده كُله عراقيون، وَأَبُو مَسْعُود نزل الْكُوفَة قَالَه ابْن سعد2.
4 -
– تَخْرِيجه:
أخرجه ابْن حبَان عَن أبي خَليفَة: الْفضل بن الحُبَاب 3.
وَأَبُو دَاوُد4، كِلَاهُمَا عَن: القَعْنَبي.
وَالْبُخَارِيّ5 عَن آدم بن أبي إِيَاس.
1 - انْظُر: طَبَقَات ابْن سعد 6/127، وَالْجرْح وَالتَّعْدِيل 3/2307، وترتيب ثِقَات الْعجلِيّ 418، وتاريخ بَغْدَاد 8/433، والثقات 4/240، وتهذيب الْكَمَال 1/401، والكاشف 3/177، وتهذيب التَّهْذِيب 3/205، والتقريب 1879
2 -
الطَّبَقَات 6/16
3 -
كَمَا فِي الْإِحْسَان 2/371/607
4 -
فِي (40 كتاب الْأَدَب، 6 بَاب فِي الْحيَاء، 4797) .
5 -
فِي (60 كتاب أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء، 54 بَاب، 3484) .
وَالطَّيَالِسِي1، وَأحمد عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر2، وروح بن عبَادَة 3، كلهم – القَعْنَبي، وآدَم وَالطَّيَالِسِي، وَمُحَمّد، وروح - عَن شُعْبَة.
وَأخرجه أَحْمد عَن سُفْيَان الثَّوْريّ 4.
وَالْبُخَارِيّ من طَرِيق زُهير بن مُعَاوِيَة5، ثَلَاثَتهمْ – شُعْبَة، وَالثَّوْري، وزُهير - عَن مَنْصُور بِهِ بِمثلِهِ، وَرِوَايَة آدم عِنْد البُخَارِيّ بِدُونِ قَوْله:"الأولى ".
وَسُئِلَ أَبُو دَاوُد: "أعند القَعْنَبي عَن شُعْبَة غير هَذَا الحَدِيث؟ قَالَ: لَا " 6، وَقَالَ ابْن حبَان "مَا سمع القَعْنَبي من شُعْبَة إِلَّا هَذَا الحَدِيث "7.
5 -
– شرح قَوْله: "فَاصْنَعْ مَا شِئت ":
ذكر أهل الْعلم فِي مَعْنَاهَا أَقْوَال مِنْهَا:
أ – أَنه أَمر بِمَعْنى التهديد والوعيد، وَإِلَى هَذَا ذهب أَبُو الْعَبَّاس: أَحْمد بن يحيى ثَعْلَب، وَالْمعْنَى: إِذا لم يكن حَيَاء، فاعمل مَا شِئْت فَإِن الله يجازيك عَلَيْهِ، وَلِهَذَا نَظَائِره وَمِنْه قَول تَعَالَى:{اعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} 8، وَقَوله:{فَاعْبُدُواْ مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ} 9 10
1 - 621
2 -
4/122
3 -
4/121
4 -
4/121
5 -
فِي (60 كتاب أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء، 54 بَاب، ح 3483) .
6 -
فِي (40 كتاب الْأَدَب، 6 بَاب فِي الْحيَاء، 4797) .
7 -
فِي الْموضع السَّابِق من الْإِحْسَان.
8 -
فصلت، آيَة: 40
9 -
الزمر، آيَة: 15
10 -
انْظُر: معالم السّنَن للخطابي 4/109
ب – أَنه بِمَعْنى الْخَبَر وَإِن كَانَ لَفظه لفظ الْأَمر، وَإِلَى هَذَا ذهب أَبُو عبيد: الْقَاسِم بن سَلام1، وَالْمعْنَى: من لم يستح صَنَعَ مَا يَشَاء وانهمك فِي كل فَاحِشَة ومنكر.
1 - غَرِيب الحَدِيث 3/32