المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثالث: التعريف بمسند الإمام أحمد: - زيادات القطيعي على مسند الإمام أحمد دراسة وتخريجا

[دخيل بن صالح اللحيدان]

الفصل: ‌المبحث الثالث: التعريف بمسند الإمام أحمد:

‌المبحث الثَّالِث: التَّعْرِيف بِمُسْنَد الإِمَام أَحْمد:

الْمسند، هُوَ: الْكتاب الَّذِي روى مُؤَلفه فِيهِ أَحَادِيث كل صَحَابِيّ على حِدة، قَالَ الْخَطِيب الْبَغْدَادِيّ:"مِنْهُم من يخْتَار تخريجها على الْمسند، وَضم أَحَادِيث كل وَاحِد من الصَّحَابَة بَعْضهَا إِلَى بعض "1.

وَقد بدأت عناية أهل الْعلم بتأليف المسانيد فِي أَوَائِل عصر تدوين السّنة فِي أَوَاخِر الْقرن الثَّانِي الهجري2، وَكَانَت بداية تأليف الإِمَام أَحْمد لمسنده بعد عودته من رحلته إِلَى الإِمَام عبد الرَّزَّاق الصَّنْعَانِيّ فِي الْيمن - ت211هـ - قَالَه ابْنه عبد الله3.

ويشتمل الْمسند على ثَمَانِيَة عشر مُسْندًا قَالَه أَبُو المحاسن: مُحَمَّد بن عَليّ الْحُسَيْنِي–ت 765هـ - 4، وَابْن حجر 5، وَقد ذكر مُحَمَّد بن جَابر الْوَادي آشي – ت 749هـ - أَنَّهَا سِتَّة عشر6، وَهُوَ مَحْمُول على أَنه أضَاف بَعْضهَا إِلَى بعض قَالَه ابْن حجر 7.

وَهَذَا الْعدَد إِنَّمَا هُوَ للمسانيد الرئيسة بِحَيْثُ ينْدَرج تَحت بَعْضهَا عدد من المسانيد التفصيلية كمسند: "بني هَاشم " و"الْأَنْصَار"، وَأما عدد مسانيده تَفْصِيلًا فَهُوَ:(1056) مُسْندًا، بِحَسب مَا أوردهُ الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم: عَليّ بن الْحُسَيْن بن هبة الله بن عَسَاكِر - ت 579هـ -، فِي كِتَابه "تَرْتِيب أَسمَاء

1 - الْجَامِع لأخلاق الرَّاوِي 2/284

2 -

انْظُر: هدي الساري –مُقَدّمَة فتح الْبَارِي -، لِلْحَافِظِ ابْن حجر 6

3 -

خَصَائِص الْمسند، لأبي مُوسَى الْمَدِينِيّ 25

4 -

التَّذْكِرَة بِمَعْرِِفَة رجال الْعشْرَة 1/3

5 -

الْمجمع المؤسس 2/32

6 -

برنامجه 198.

7 -

الْمجمع المؤسس 2/32

ص: 109

الصَّحَابَة الَّذين أخرج حَدِيثهمْ أَحْمد حَنْبَل فِي الْمسند " 1.

وَعدد أَحَادِيثه ثَلَاثُونَ ألفا قَالَه ابْن المُنادى2، وَهَذَا باطراح المكرر وزيادات ابْنه عبد الله؛ لِأَنَّهُ مَعهَا يصل إِلَى أَرْبَعِينَ ألفا، قَالَ ابْن عَسَاكِر:"يبلغ عدد أَحَادِيثه ثَلَاثِينَ ألفا سوى الْمعَاد وَغير مَا ألحق بِهِ ابْنه عبد الله من عالي الْإِسْنَاد " 3، وَقَالَ الْحُسَيْنِي:"وَجُمْلَة أَحَادِيثه أَرْبَعُونَ ألفا بالمكرر مِمَّا رَوَاهُ عَنهُ ابْنه الْحَافِظ أَبُو عبد الرَّحْمَن: عبد الله، وَفِيه من زياداته "4.

وَقد توفّي الإِمَام أَحْمد قبل إتْمَام تنقيحه، وَهَذَا مَا يُفَسر وجود التّكْرَار والتداخل فِي مسانيده الرئيسة، فقد قَالَ ابْن عَسَاكِر: "خُلط فِيهِ بَين أَحَادِيث الشاميين والمدنيين

بل قد امتزج فِي بعضه أَحَادِيث الرِّجَال بِأَحَادِيث النسوان

وَكثر فِيهِ تكْرَار الحَدِيث الْمعَاد الْمَرْوِيّ بِعَيْنِه بِالْمَتْنِ والإسناد

وَلست أَظن ذَلِك إِن شَاءَ الله وَقع من جِهَة أبي عبد الله رحمه الله، فَإِن مَحَله فِي هَذَا الْعلم أوفى، وَمثل هَذَا على مثله لَا يخفى، وَقد نرَاهُ توفّي قبل تهذيبه

وترتيبه " 5، وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: "مَاتَ قبل تنقيحه وتهذيبه " 6، وَقَالَ ابْن حجر: "لم يرتب مسانيد المقلين، فرتبها وَلَده عبد الله فَوَقع مِنْهُ إغفال كَبِير من جعل الْمدنِي فِي الشَّامي وَنَحْو ذَلِك " 7.

وَالْمَعْرُوف فِي المسانيد أَنَّهَا تُعنى بِجمع مرويات الصَّحَابِيّ دون النّظر إِلَى

1 - 171

2 -

خَصَائِص الْمسند 23

3 -

تَرْتِيب أَسمَاء الصَّحَابَة 30

4 -

التَّذْكِرَة 1/3

5 -

تَرْتِيب أَسمَاء الصَّحَابَة 33

6 -

المصعد الأحمد 30

7 -

المعجم المفهرس 129/476

ص: 110

الثُّبُوت وَعَدَمه، وَلِهَذَا فَهِيَ فِي الْمرتبَة التالية للمصنفات على الْأَبْوَاب قَالَه أَبُو عَمْرو: عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن ابْن الصّلاح - ت 643هـ – 1، وَغَيره، وَيحمل كَلَامه على الأَصْل؛ لِأَن الإِمَام أَحْمد انتقى أَحَادِيث مُسْنده، فقد قَالَ:"عملت هَذَا الْكتاب إِمَامًا إِذا اخْتلف النَّاس فِي سنة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رُجع إِلَيْهِ " 2، وَقَالَ ابْن عَمه أَبُو عَليّ: حَنْبَل بن إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ –توفّي قبل 273هـ -: "جَمعنَا عمي لي ولصالح ولعَبْد الله، وَقَرَأَ علينا الْمسند، وَمَا سَمعه مِنْهُ –يَعْنِي تَاما - غَيرنَا، وَقَالَ لنا: إِن هَذَا الْكتاب قد جمعته وانتقيته من أَكثر من سَبْعمِائة وَخمسين ألفا، فَمَا اخْتلف الْمُسلمُونَ فِيهِ من حَدِيث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَارْجِعُوا إِلَيْهِ، فَإِن كَانَ فِيهِ، وَإِلَّا فَلَيْسَ بِحجَّة " 3، وَيحمل كَلَام الإِمَام على اعْتِبَار المؤلفات إِلَى زَمَنه، حَيْثُ إِن تصنيف الإِمَام البُخَارِيّ وَالْإِمَام مُسلم لِلصَّحِيحَيْنِ بعده، وَيحمل أَيْضا على أَنه يُرِيد أصُول الْأَحَادِيث فِي الْغَالِب، فقد قَالَ الذَّهَبِيّ:"هَذَا القَوْل على غَالب الْأَمر، وَإِلَّا فلنا أَحَادِيث قَوِيَّة فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالسّنَن والأجزاء مَا هِيَ فِي الْمسند " 4، وَقَالَ ابْن الْجَزرِي:"يُرِيد أصُول الْأَحَادِيث وَهُوَ صَحِيح، فَإِنَّهُ مَا من حَدِيث غَالِبا إِلَّا وَله أصل فِي هَذَا الْمسند "5.

وَمِمَّا يدل على أَنه انتخبه أَيْضا تَصْرِيح ابْنه عبد الله فِي عدَّة مَوَاضِع من الْمسند بِأَنَّهُ أعرض عَن إِخْرَاج حَدِيث فِيهِ لضَعْفه، وَمِنْه قَول عبد الله عِنْد حَدِيث

1 - عُلُوم الحَدِيث 38

2 -

خَصَائِص الْمسند 22

3 -

الْمصدر نَفسه 21.

4 -

المصعد الأحمد 31

5 -

الْمصدر نَفسه.

ص: 111

رَوَاهُ عَن أَبِيه: "هَذَا الحَدِيث لم يُخرجهُ أبي فِي مُسْنده من أجل نَاصح1؛ لِأَنَّهُ ضَعِيف فِي الحَدِيث، وأملاه عَليّ فِي النَّوَادِر " 2، وَكَانَ الإِمَام أَحْمد يضْرب على أَحَادِيث أخرجهَا فِي الْمسند حَيْثُ تبين لَهُ ضعفها، وَمِنْهَا حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن رضي الله عنه قَالَ:"مَا شبع آل مُحَمَّد من خبز مأدوم حَتَّى مضى لوجهه "، قَالَ عبد الله:"كَانَ أبي قد ضرب على هَذَا الحَدِيث فِي كِتَابه؛ لِأَنَّهُ لم يرض الرجل الَّذِي حدث عَنهُ يزِيد "3.

وَقد نبه عدد من الْأَئِمَّة إِلَى انتقاء الْمسند، يَقُول أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ: "هَذَا الْكتاب أصل كَبِير، ومرجع وثيق لأَصْحَاب الحَدِيث، أُنتقي من حَدِيث كثير،

1 - هُوَ: نَاصح بن عبد الله التَّمِيمِي المُحَلِّمي الحائك أَبُو عبد الله، وبالدراسة لحاله يتَبَيَّن أَنه: مَتْرُوك الحَدِيث، فقد قَالَ ابْن معِين وَأَبُو دَاوُد:"لَيْسَ بِشَيْء"، وَقَالَ البُخَارِيّ وَأَبُو حَاتِم:"مُنكر الحَدِيث"، وَزَاد أَبُو حَاتِم:"ضَعِيف الحَدِيث"، وَقَالَ أَبُو أَحْمد الْحَاكِم:"ذَاهِب الحَدِيث "، وَقَالَ ابْن حبَان فِي الْمَجْرُوحين:"اسْتحق التّرْك "، وَقَالَ الفلاس:"مَتْرُوك الحَدِيث "، وَضَعفه النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَابْن عدي، وَذكر أَبُو حَاتِم وَالْفَلَّاس وَأَبُو عبد الله الْحَاكِم وَابْن عدي أَنه روى عَن سِمَاك عَن جَابر بن سَمُرَة مُنكرَات، وَقَالَ أَبُو حَاتِم:"كَأَنَّهُ لَا يعرف غير سِمَاك "، وَرِوَايَته هَذِه الَّتِي فِي الْمسند من هَذَا الْوَجْه، وَقد ذكر ابْن عدي أَنه من جملَة شيعَة أهل الْكُوفَة، وَقَالَ ابْن حجر فِي فتح الْبَارِي:"ضَعِيف جدا ".

انْظُر: تَارِيخ الدوري 1235، 3291، والضعفاء الصَّغِير للْبُخَارِيّ 384، والتاريخ الْكَبِير 8/122، وَالْجرْح وَالتَّعْدِيل 8/502، وسؤالات الآجُرِّي لأبي دَاوُد 380، 894، وجامع التِّرْمِذِيّ 4/337، والضعفاء والمتروكين للنسائي 612، والمجروحين لِابْنِ حبَان 3/54، والضعفاء والمتروكين للدارقطني 537، والكامل لِابْنِ عدي 7/2510، وَالْمِيزَان 4/240، وتهذيب التَّهْذِيب 10/358، وَفتح الْبَارِي 11/243.

2 -

الْمسند 5/96

3 -

خَصَائِص الْمسند لأبي مُوسَى الْمَدِينِيّ 26، وَذكر نماذج أُخْرَى.

ص: 112

ومسموعات وافرة، فَجعله إِمَامًا ومعتمداً، وَعند التَّنَازُع ملْجأ ومستنداً " 1، وَيَقُول الذَّهَبِيّ: "فَإِنَّهُ محتو على أَكثر الحَدِيث النَّبَوِيّ، وقلَّ أَن يثبت حَدِيث إِلَّا وَهُوَ فِيهِ

وقلَّ أَن تَجِد فِيهِ خَبرا سَاقِطا " 2، وَيَقُول الْحَافِظ ابْن حجر: "لَا يشك منصف أَن مُسْنده أنقى أَحَادِيث وأتقن رجَالًا من غَيره3، وَهَذَا يدل على أَنه انتخبه " 4.

وَقَالَ الإِمَام أَحْمد: "لم أذكر فِيهِ مَا أجمع النَّاس على تَركه " 5، وَهَذَا شَرط أبي دَاوُد قَالَه أَبُو عبد الله: مُحَمَّد بن عبد الله الزَّرْكَشِيّ6 – ت 794هـ -، وَقَالَ أَيْضا:"أَخْبرنِي شَيخنَا أبوالعباس ابْن تَيْمِية أَنه اعْتبر مُسْند أَحْمد فَوجدَ أَكْثَره على شَرط أبي دَاوُد "7.

وَالَّذِي يظْهر أَن الْمسند أَجود من سنَن أبي دَاوُد، فقد قَالَ شيخ الْإِسْلَام أَبُو الْعَبَّاس: أَحْمد بن عبد الحليم بن تَيْمِية الْحَرَّانِي الدِّمَشْقِي – ت 728هـ -: "نزه أَحْمد مُسْنده عَن أَحَادِيث جمَاعَة يروي عَنْهُم أهل السّنَن كَأبي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ، مثل: مشيخة كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف الْمُزنِيّ عَن أَبِيه عَن جده، وَإِن كَانَ أَبُو دَاوُد يروي فِي سنَنه مِنْهَا، فَشرط أَحْمد فِي مُسْنده أَجود من شَرط أبي دَاوُد فِي سنَنه "8.

1 - الْمصدر نَفسه.

2 -

المصعد الأحمد 34

3 -

يَعْنِي من المسانيد؛ لِأَن كَلَام ابْن حجر فِي المسانيد.

4 -

النكت على كتاب ابْن الصّلاح 1/447

5 -

النكت على كتاب ابْن الصّلاح للزركشي 1/356

6 -

الْمصدر نَفسه.

7 -

النكت على كتاب ابْن الصّلاح للزركشي 1/356

8 -

قَاعِدَة جليلة فِي التوسل والوسيلة 95

ص: 113

وَمن الجدير بِالذكر أَن مَا تقدم لَا يلْزم مِنْهُ عدم وجود الْأَحَادِيث الضعيفة بل والقليل من الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة، فقد قَالَ ابْنه عبد الله:"أخرج فِيهِ أَحَادِيث معلولة بَعْضهَا ذكر عللها، وسائرها فِي كتاب الْعِلَل لِئَلَّا يخرج فِي الصَّحِيح " 1، وَقد ذكر عدد من الْعلمَاء أَحَادِيث مَوْضُوعَة فِيهِ، وَمِنْهُم شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية حَيْثُ يَقُول: "لَيْسَ كل حَدِيث رَوَاهُ أَحْمد

فِي مُسْنده، يَقُول إِنَّه صَحِيح، بل أَحَادِيث مُسْنده هِيَ الَّتِي رَوَاهَا النَّاس عَمَّن هُوَ مَعْرُوف عِنْد النَّاس بِالنَّقْلِ وَلم يظْهر كذبه، وَقد يكون فِي بَعْضهَا عِلّة تدل على أَنه ضَعِيف بل بَاطِل لَكِن غالبها وجمهورها أَحَادِيث جَيِّدَة يُحتج بهَا، وَهِي أَجود من أَحَادِيث سنَن أبي دَاوُد " 2، وَيَقُول أَبُو الْفِدَاء: إِسْمَاعِيل ابْن عمر بن كثير الدِّمَشْقِي – ت 774هـ -: "فِيهِ أَحَادِيث ضَعِيفَة بل مَوْضُوعَة، كأحاديث فَضَائِل مرو، وشهداء عسقلان " 3، وَيَقُول الْحَافِظ عبد الرَّحِيم بن الْحُسَيْن الْعِرَاقِيّ– ت 806هـ -: "أما وجود الضَّعِيف فِيهِ فَهُوَ مُحَقّق، بل فِيهِ أَحَادِيث مَوْضُوعَة وَقد جمعتها فِي جُزْء، وَقد ضعف الإِمَام أَحْمد نَفسه أَحَادِيث فِيهِ "4، وَيَقُول الزَّرْكَشِيّ: "فِي الْمسند أَحَادِيث سُئِلَ عَنْهَا فضعفها وأنكرها"5، وَيَقُول ابْن حجر: "الْحق أَن أَحَادِيثه غالبها جِيَاد، والضعاف مِنْهَا إِنَّمَا يوردها للمتابعات، وَفِيه الْقَلِيل من الضِّعَاف والغرائب والأفراد، أخرجهَا ثمَّ صَار يضْرب عَلَيْهَا شَيْئا فَشَيْئًا، وبقى مِنْهَا بعده بَقِيَّة " 6.

1 - الفهرسة لِابْنِ خير 140

2 -

منهاج السّنة 4/61

3 -

اخْتِصَار عُلُوم الحَدِيث 1/117

4 -

التَّقْيِيد والإيضاح 42

5 -

النكت على مُقَدّمَة ابْن الصّلاح 1/362

6 -

تَعْجِيل الْمَنْفَعَة 1/240

ص: 114

وَالتَّحْقِيق أَن الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة على ضَرْبَيْنِ:

أَحدهمَا: مَا اسْتدلَّ على وَضعهَا بكذب أحد رواتها، وَهَذِه لم يُخرجهَا الإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده.

الآخر: مَا اسْتدلَّ على وَضعهَا وبطلانها بِدَلِيل مُنْفَصِل، وَهُوَ الَّذِي ينْدَرج تَحْتَهُ مَا ذكر فِي الْمسند من الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة، بل يُوجد من ذَلِك فِي كتب السّنَن وَغَيرهَا، وَالْحجّة فِي هَذَا التَّفْصِيل قَول شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية: "تنَازع الْحَافِظ أَبُو الْعَلَاء الْهَمدَانِي وَالشَّيْخ أَبُو الْفرج ابْن الْجَوْزِيّ: هَل فِي الْمسند حَدِيث مَوْضُوع، فَأنْكر الْحَافِظ أَبُو الْعَلَاء أَن يكون فِي الْمسند حَدِيث مَوْضُوع، وَأثبت ذَلِك أَبُو الْفرج وبَيَّن أَن فِيهِ أَحَادِيث قد علم أَنَّهَا بَاطِلَة، وَلَا مُنَافَاة بَين الْقَوْلَيْنِ فَإِن الْمَوْضُوع فِي اصْطِلَاح أبي الْفرج هُوَ الَّذِي قَامَ دَلِيل على أَنه بَاطِل

وَالْغَالِب على مَا ذكره فِي الموضوعات أَنه بَاطِل بِاتِّفَاق الْعلمَاء، وَأما الْحَافِظ أَبُو الْعَلَاء وَأَمْثَاله فَإِنَّمَا يُرِيدُونَ بالموضوع: المختلق الْمَصْنُوع الَّذِي تعمد صَاحبه الْكَذِب " 1، وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: "من قد يغلط فِي الحَدِيث وَلَا يتَعَمَّد الْكَذِب

تُوجد الرِّوَايَة عَنْهُم فِي السّنَن ومسند الإِمَام أَحْمد وَنَحْوه، بِخِلَاف من يتَعَمَّد الْكَذِب، فَإِن أَحْمد لم يرو فِي مُسْنده عَن أحد من هَؤُلَاءِ " 2.

1 - 2 قَاعِدَة جليلة فِي التوسل والوسيلة 94.

ص: 115