الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دعاة الليبرالية في بلاد المسلمين
إن الفكرة الليبرالية بعد أن تفاقمت سلبياتها على المجتمعات الغربية، هبت رياحها علينا - منذ أمد ليس بالقصير - فأصابنا منها ما أصابنا، لكن لم يكن بالقدر الذي أصابهم.
ومن العجيب أن نرى دعاةً لهذه الفكرة بيننا، يفتخرون بها، ويتسمون بها، ويجاهرون بتقدمها، وصلاحها لعلاج كافة السلبيات المتراكبة المتراكمة في النواحي الفكرية، والاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، وينادون أن الحل في الليبرالية، دون متابعة لما يجري في الغرب، مصدر الليبرالية، من معارضة وانتقاد لهذا النهج، بعد ظهور سلبياته المدمرة، المغلفة بالشعارات الجميلة والمكاسب الظاهرة.
وهنا قد يدور في الذهن سؤال:
هل أولئك الذين ينادون بالليبرالية، ممن يعيش في بلاد إسلامية، يدركون مفهوم الليبرالية، كما قُرِّرَ له ووُضِع، أم أن لهم مفهومًا يختلف عن ذلك؟
إن مفهوم الليبرالية، كما وضع له في الغرب، يصطدم بالدين الإسلامي، في أصول لا يُستَهان بها، كاستبدال الحكم الإلهي بالحكم البشري، فيما يسمى بالديمقراطية، وكذا الحرية المطلقة في الاعتقادات، بالتغيير والتبديل، وغير ذلك.
فكيف يستقيم لمن يفهم هذه الحقائق عن الليبرالية أن يدعو لها، ويزعم صلاحها، وهي معارضة تماما للإسلام، إذا كان مسلما؟!!
أما إن كان له مفهوم خاص عن الليبرالية، لا يتعارض مع الأصول الشرعية، فالحق أن هذا ليس هو الليبرالية، بل هو شيء آخر.
في المغرب أُسِّسَ (الحزب المغربي الليبرالي)، وفي إطار التحضير لتأسيس الحزب، وبدعوة من جريدة (الصدى)،
ألقى المؤسس محمد زيان يوم الأحد 21/ 1/2001 عرضًا حول أسس الحزب، ومنها:
1 -
(مَنْع المَنْع) الذي يعني الحرية الكاملة، في العمل والمبادرة، والتي لا تقف إلا عند حدود القانون.
2 -
منع الامتيازات التي تتنافى مع مبدأ مساواة المواطنين، وتكافؤ الفرص أمام الجميع.
بعد ذلك أضاف شرطًا فحواه:
كان هذا الشرط فاسخًا لكلامه فقد أكد أن الليبرالية تقوم على مبدأ منع المنع، أي على الحرية التي ينظمها القانون، وليس الأهواء والأمزجة الشخصية للحاكمين ورجال السلطة، لكن المؤسس محمد زيان خرق هو نفسه هذا المبدأ في الفلسفة الليبرالية، عندما اشترط أن لا تكون في تعارض
مع العقيدة الإسلامية، أي يمنع عن الليبرالية أن تكون غير إسلامية، في حين أن من مبادئ الليبرالية:
أنها لا تمنع أي دين، ولا تدعو إلى أية عقيدة؛ إذ عقيدتها الوحيدة هو الحياد تجاه كل العقائد، أي العلمانية، التي هي النتيجة المنطقية والعملية لمبدأ: منع المنع.
ويكفي للتدليل على ذلك أنه لا توجد في العالم أية دولة ليبرالية حقيقية دون أن تكون علمانية، فالمبدأ الفلسفي العام الذي يحكم الليبرالية إذن هو العلمانية، فلا يمكن تصور فلسفة علمانية يكون من مبادئها الولاء لهذا الدين أو ذاك، أو الدفاع عن هذه العقيدة أو تلك.
وهكذا فإن الليبرالية ذات أسس وقواعد وأفكار محددة سلفا، فأي خرق لتلك الأمور نفي وإلغاء لما يقوم عليها، وهذا أمر ينبغي على كل من يدعو إلى فكرة ما مثل الليبرالية، أن يفهمها بوضوح، كيلا يقع في مغالطة صريحة، فيلبس فكرة غير لباسها الملائم، ليعري في الحين ذاته عقيدة ومبدأ من لباسه.