المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌د - الشيخ الطيب العقبي: - سلسلة جهاد شعب الجزائر - جـ ٧

[بسام العسلي]

فهرس الكتاب

- ‌الفصل الأول

- ‌ نظرية الاستعمار الإفرنسي(وتطبيقاتها في الجزائر)

- ‌ حرب الحضارة الصليبية ضد الإسلام

- ‌ الأهداف التربوية للتعليم الاستعماري

- ‌ الفرنسة والتنصير ونتائجهما

- ‌ الانهيار الكبير

- ‌أ - (تلك كانت حياة الجزائر سنة 1925:

- ‌ب - أحمد بن عليوة والرحمانية

- ‌ج - ضحية من ضحايا الاستعمار (الشيخ عبد الحليم بن سماية)

- ‌د - ضحية أيضا من ضحايا القهر الإستعماري - عمر راسم

- ‌هـ - احتفال فرنسا بمرور مائة عام على احتلال الجزائر

- ‌الفصل الثاني

- ‌ عبد الحميد بن باديس

- ‌ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين

- ‌ مدافع الله ونهاية رحلة العمر

- ‌ إخوان عبد الحميد في الجهاد

- ‌أ - الشيخ محمد البشير الإبراهيمي

- ‌ب - الشيخ مبارك بن محمد الميلي:

- ‌ج - الشيخ أحمد توفيق المدني

- ‌د - الشيخ الطيب العقبي:

- ‌هـ - الشيخ التبسي:

- ‌ تيار الأصالة الثورية في الجزائر

- ‌أ - الشاعر محمد العيد

- ‌ب - أحمد رضا حوحو

- ‌ج - الشيخ إبراهيم بن عمر بيوضوتجربته التربوية الرائدة في ميزاب

- ‌(محتوى الكتاب)

الفصل: ‌د - الشيخ الطيب العقبي:

بداية من تقويم المنصور ورواية وحرب الثلاثمائة سنة بين إسبانيا والجزائر وتاريخ الجزائر وإسهامه بتاريخ الجزائر الحديث (الذي وضعه الشيخ مبارك بن محمد الميلي). واليوم، وقد بلغ الشيخ المدني الثمانين من العمر - لا زال يتدفق نشاطا وحيوية وهو يدير (المركز الوطني للدراسات التاريخية - الجزائر) ولا زال يسهم بالبحوث الغزيرة في (مجلة التاريخ) الصادرة عن المركز الوطني للدراسات التاريخية، والتي يرأس تحريرها أيضا. ويضيق المجال عن ذكر ما قدمه هذا الشيخ المجاهد بحق لأمته الإسلامية وشعبه العربي ووطنه الجزائري: إنه سيف من سيوف الإسلام والعروبة والجزائر.

‌د - الشيخ الطيب العقبي:

إنه من مواليد الفترة الأخيرة من القرن الماضي - التاسع عشر - أمضى في (المدينة المنورة) المرحلة الأولى من شبابه - قبل الحرب العالمية الأولى، وعاصر الثورة العربية في سنة 1916، واتهم بالمساهمة فيها من قبل الأتراك، فنفي إلى تركيا، ثم رجع إلى (مكة المكرمة) ليدير جريدة (القبلة) و (المطبعة الأميرية) في حكم الحسين بن علي شريف مكة. ولم يلبث طويلا، حتى عاد إلى وطنه الجزائر، التي استقبلته، داعيا مصلحا وشاعرا وكاتبا

= المؤلف للجزائر في صيف سنة 1979. وقد أسهمت هذه الكتب والمؤلفات في إغناء البحوث التي يتم تقديمها للقارىء في إطار هذه المجموعة من الكتيبات عن الجزائر المجاهدة. فللأستاذ المدني شكر المؤلف وتقديره. (انظر قراءات 2).

ص: 183

وخطيبا. ولم يلبث أن أسس جريدة (الإصلاح) في بسكرة سنة 1926، فكانت إحدى الصحف التي رفعت راية الريادة في إيقاظ النهضة الفكرية الإصلاحية، والتي قال عنها (الشيخ بشير الإبراهيمي) ما يلي:(ثم أسست جريدة (الإصلاح) ببسكرة، فكان اسمها أخف وقعا، وإن كانت مقالاتها أسد مرمى، وأشد لذعا. وأسماء الجرائد كأسماء الأناسي، يظن الناس أنها وليدة الاختيار المقتضب، والشعور الطافر، وغلطوا. إنما هي وليدة شعور متمكن، وتأثر نفساني عميق، تزجيه مؤثرات قارة). وعندما التقى العلماء في (جمعية العلماء المسلمين الجزائريين) سنة 1931، كان الطيب العقبي أحد مؤسسيها الرئيسيين، ومن أبرز أقطابها العاملين. ويتحدث عنه الشيخ المدني بقوله: وكانت فصاحته تخلب الألباب، ذو صوت جهوري يؤثر على الجماهير. كما كانت لسيرته الفاضلة وسلوكه الديني النقي دورهما في التأثير على الجماهير تأثيرا عظيما

كان العقبي عظيما، مدهشا، يخلب الألباب بسحر لسانه وبديع بيانه. فالتفت العامة حوله التفافا رائعا وساندته مساندة قوية). وعندما توجه الوفد الوطني الجزائري إلى باريس سنة 1936 برئاسة الشيخ عبد الحميد بن باديس. كان (الشيخ العقبي) في جملة أعضاء الوفد. ويصف ابن باديس موقفا من مواقف العقبي في هذه الرحلة، فيقول:

(فلما ترنحت السفينة على الأمواج، وهب النسيم العليل، هب العقبي الشاعر من رقدته، وأخذ يشنف أسماعنا بأشعاره، ويطربنا بنغمته الحجازية مرة، والنجدية أخرى، ويرتجل البيتين والثلاثة والأربعة في المناسبات، وهاج بالرجل شوقه إلى الحجاز،

ص: 184

فلو ملك قيادة الباخرة، لما سار بها إلا إلى جدة دون تعريج على أي مرسى، وإن رجلا يحمل هذا الشوق كله إلى الحجاز، ثم يكبته، ويصبر على بلاء الجزائر وويلاتها ومظالمها، لرجل ضحى في سبيل الجزائر تضحية أي تضحية).

لقد عايش الشيخ العقبي حركة الإصلاح الديني التي انطلقت من الجزيرة العربية (الحركة الوهابية) ويظهر أنه تأثر بها إلى حد كبير. وعندما وصل الجزائر صدمته بدعة الطرقية وانحرافاتها، فانطلق في الهجوم عليها بعنف وقوة، مستخدما موهبته الشعرية (1)

(1) نشر الشيخ العقبي في مجلة (الشهاب) الأسبوعية سنة 1927 قصيدة جاء فيها:

هلم بنا يا قوم نحو الملا نرقى

لتجديد دين الله فهو الذي يبقى

ودونكم أهل الغواية والردى

ففيهم وعيد الله، لا شك قد حقا

أناس دعوكم للضلال، وناصبوا

ذوي العلم والتقوى العداء لهم حمقا

ألم يعلموا أن الجهالة غتيها

وخيم. وأن الجهل بالمرء كم يشقى

فويل، وويل، ثم ويل لجاهل

قضى عمره بطلا ولم يعرف الحقا

رمى جانبا تلك العلوم التي بها

غدا الغير حرا عندما حرم الرقا

(المرجع - صفحات من الجزائر - الدكتور صالح خرفي) ص 283 - 286 وانظر بقية القصيدة في آخر الكتاب - قراءات (3).

ص: 185

وبلاغته النثرية لفضح الطرق ومشايخها، ولإسقاط الهالة الدينية التي كانوا يتسترون بها.

استمر الشيخ العقبي، عنيفا في هجومه، مقذعا في نقده، مما أثار شيوخ الطرق ضده. وكانت جمعية العلماء قد تبنت خطا معتدلا يرمي إلى جمع الشمل وإجراء الإصلاح من الداخل - بالحجة والإقناع واكتساب الوقت (وإقناع رجال الطرق بوجوب تطوير زواياهم حتى تصبح معاهد علم ونور وهداية - على نحو ما كان عليه أمرها عند ظهورها). وأدى تطرف العقبي في هجومه إلى أن انفكت العصبة، وانحلت الرابطة الأولى. وانسحب المرابطون من نادي الترقي ومن جمعية العلماء. ثم إن الشيخ العقبي ازدادت صلابته، حتى اصطدم برجال جمعية العلماء - مثل السيد عمر إسماعيل والعاصمي - واشتعلت نار حرب مؤلمة بين الجانبين. إلى أن جاء الاجتماع الثاني للعلماء فانسحب الطرقيون من الجمعية، ثم أسسوا جماعة (علماء السنة).

وقعت بعد ذلك حادثة (مقتل مكحول) والتي سبقت الإشارة إليها (نهاية فقرة 3 - مدافع الله) وخرج العقبي من السجن، وهو غير العقبي الذي دخله. فأخذ في الإيضاح للإدارة الإفرنسية حتى إذا ما انفجرت الثورة التحريرية الكبرى (سنة 1954). وقف منها موقف المشكك بقدرتها على النجاح. وأصيب في أواخر أيامه بأمراض الشيخوخة، وتوفي سنة 1956.

ص: 186