الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
**
عصمة الأنبياء * * *
سيِّدُنا يوسف عليه الصلاة والسلام
قال تعالى: في سورة يوسف آية - 24 -
((وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23))
وقال تعالى:
((وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)) -
25 -
.يوسف
مـ ـع. .
. . . .قصة. . . . . .الطهر. . . . . . . . . . الخالدة
ومـ ـع
النبيّ المظلوم
سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام
نعيش هذا اللقاء
((وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ))
لم يذكر القرآن اسمها وعبر عنها بقوله تعالى ((الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا))
لماذا؟
أولا: - لأن المقصود هو الجانب الرمزي في القصة
وأعني به صراع الخطيئة والعفاف. . .
ثانيا: - ليعلمنا القرآن أدب الحديث
فنذكر أسماء العظماء ونعرض عن أسماء الخاطئين
حتى لا نفضحهم
فتموت جرائمهم في مهدها.
ثالثا: - إشارة من القرآن إلى أن يوسف في بيتها
وهي آمِرةٌ له ونَاهيةٌ.
فإذا عصى أمرها فيما يغضب الله
كان هذا فخرًا للأخلاق ودرَّة في تاجها. . .
((وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)) . .
لم يكن تغليقها للأبواب هو أول ما خطر لها
ولكن ذلك جاء بعد صراع طويل عاشته امرأة العزيز
بين كبرياء منصبها
ورغبة جسدها. . .
فإذا أعلنت عن رغبتها السافرة
فقد انهزم كبرياؤها
ولم يبقَ سوى متعة الجسد
لذلك تجمع كل وسائل الأغراء
وتقدمها بلا سبب إلى شباب يوسف. . .
((هَيْتَ لَكَ)) . . . . . . . . . . . . . . . . . . هيئت لك.
(قال معاذ الله) أعيذ نفسي بالله أن افعل ما يغضبه.
((إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ))
فكيف أقابل نعمه بالمعصية.؟ ؟ ؟
((إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ))
الذين يحاربون الله بنعمه. . .
وهنا شعرت امرأة العزيز أنها خسرت كل شيء
لذلك دخلت مع يوسف مرحلة أخرى
أرادت بها أن تتخلص منه
أو ترغمه على طلبها بعنف. . .
((وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)) . . .
بقي أمام امرأة العزيز سلاح القوة
فهمَّت بيوسف تريد الانتقام منه.
وهمَّ بها يريد الانتقام لكرامته.
((لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ)) . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
لقتلها
هذا الفهم مقبول لأنه يصوِّر حال امرأة العزيز النفسية
ولأن اللغة العربية - لغة القرآن -
تؤيده لأنَّها تستعمل كلمة همَّ فلان بفلان أي أراد قتله
قال تعالى:
((إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ))
- 11 - المائدة
وفي الحديث الشريف. . . . . فهمَّ الصحابة بالرجل
أي. . . . . .أرادوا. . . . . . قتله
فمنعهم النبيُّ صلِّ يا ربِّ عليه وآله وبارك وسلِّم كما تحبه وترضاه
وفي الشعر:
فليت رجالا فيك قد نذروا دمي
(وهمّوا بقتلي) يا بثين لقوني
وهناك فهم آخر للآية الكريمة - أرتاح له -
علينا أن نعرف كلمة (همَّ)
فإذا عرفناها معرفة صحيحة فهمنا الآية الكريمة بكل يسر فما معنى
((همَّ)) ؟
الهمُّ أيها القارئ الكريم - هو درجة من درجات الخواطر النفسية
والخواطر النفسية خمس درجات: -
(1)
الهواجس
(2)
الخواطر
(3)
حديث النفس
(4)
الهمّ
(5)
العزم
وكلها انفعالات نفسية
لا دخل للإنسان فيها
ولا يحاسب عليها
إلا إذا قام بتنفيذها بعد ذلك
ننظر إلى الآية الكريمة فنرى المرأة همَّت به
ثم نفذت همَّها
بل وأصرَّت على طلبها
فقالت للنسوة:
((وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ (32)) .
فهي لم تقف عند الهمِّ
ولكنَّها شرعت في التنفيذ
وأصرَّت على موقفها
أمَّا يوسف
فهمُّه شعور في نفسه
أعقبه اعتصام بالله ولجوء إليه. . .
((قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ)) - يوسف / 33
فالفارق بين الهمـ ـين كبير
أمَّا برهان الله فقد تأثر كثير من المفسرين بما نقلوه من
الإسرائيليات
ففسروا برهان الله على أهوائهم
فقالوا:
رأى يوسف جبريل عليه السلام يضربه على صدره
ويقول له لا تفعل فعل السُّفهاء. . .
وقالوا:
إنَّه رأى صورة يعقوب عليه السلام يعضُّ على إصبعه.
وقالوا:
إنَّه رأى لوحة كتب عليها.
((وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا)) .
كل هذه الآراء لا دليل لها. . .
والذي أرتاح له. . .
أنَّ برهان الله تعالى
هو النور الذي يقذفه في قلوب المؤمنين
يفرقون به بين الحق والباطل
قال تعالى:
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا))
الأنفال / 29.
فالبرهان هو الفرقان. . .
ومعنى رؤية البرهان أي العلم به.
وذلك لأنَّ القرآن يستعمل الرؤيا في العلم في بعض الآيات.
قال تعالى:
((أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ)) - الحج / 18 -
وقال تعالى: -
((أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ)) المجادلة - 7 -
وواضح من هذه الآيات أن معنى قوله تعالى
((أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ))
فما علينا لو فسرنا القرآن وتركنا تلك الأقوال التي لا دليل عليها
ولا سلطان. . .وذلك
حتى لا نخطئ. . . . . . . . . . . فهم. . . . . . . . .
القرآن. . .