الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَفسيُر سُورةِ إِبرَاهِيمَ عليه الصَّلاةُ والتَّسْليم
[قولُهُ تعالى: {(6) وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْكَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)}]
[1178]
حدَّثنا سعيدٌ، قال: سمعتُ فضيلًا
(1)
يقولُ: {لَئِنْ
(2)
شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ}: من طاعتي.
[قولُهُ تعالى: {وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ}]
[1179]
حدَّثنا سعيدٌ، قال: نا هُشيمٌ؛ قال: نا مُغيرةُ
(3)
، عن شِباكٍ
(4)
، عن إبراهيمَ
(5)
؛ في قولِه عز وجل: {وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} ؛ قال: [المُناكِبُ]
(6)
لِلْحَقِّ.
[1178]، سنده صحيح.
(1)
أي: فضيل بن عياض.
(2)
في الأصل: "لان".
(3)
هو: ابن مقسم، تقدم في الحديث [54]، أنه ثقة متقن؛ إلا أنه يدلس عن إبراهيم النخعي.
(4)
هو: شِبَاكٌ الضَّبِّي، تقدم في الحديث [927] أنه ثقة.
(5)
هو: النخعي.
(6)
في الأصل: "المباكث". والمثبت من "ذم الكلام وأهله" - إذ رواه من طريق المصنف؛ كما في التخريج - ومن "حلية الأولياء" وفيه: "المناكب عن الحق"، وفي موضعي "تفسير ابن جرير" وأحد موضعي "الدر المنثور":"الناكب عن الحق"، وفي الموضع الآخر:"مناكب عن الحق".
وأولى هذه الألفاظ بالصواب ما عند ابن جرير: "الناكب عن الحق"؛ يقال: نكب عن الشيء والطريق ينكب - كنصر وفرح - نَكْبًا ونَكَبًا ونكوبًا: عَدَل عنه، ونكَّبه: عدل عنه واعتزله، وتنكَّبَه: تجنبه. وهو معنى عَنَد عن الحق والطريق يعند - كنصر وضرب وكرم - عُنودًا: مال وعدل وتباعد. وهكذا فُسِّر في جُل كتب التفسير؛ بمعنى المباعدة للحق. والله أعلم. وانظر: "تاج العروس"(ن ك ب، ع ن د).
[1179]
سنده فيه المغيرة بن مقسم الضبي، وقد كان يدلس عن إبراهيم النخعي؛ =
[1180]
حدَّثنا سعيدٌ، قال: نا عَمرُو بنُ ثابتٍ
(1)
، عن حبيبِ بنِ أبي ثابتٍ
(2)
، عن قيسِ بنِ السَّكَنِ
(3)
؛ قال: أَوْحى اللهُ إلى داودَ عليه السلام:
= وقد بيَّن في هذه الرواية الواسطة بينه وبين إبراهيم؛ وهو: شباك الضبي، فانتفت شبهة التدليس في هذه الرواية، وشباك ثقة.
فالأثر بهذا الإسناد صحيح، إلا أن الهروي روى هذا الأثر في "ذم الكلام وأهله" من طريق المصنف، فجاء في نسختين خطيتين:"شباك"، وفي نسختين أخريين:"سماك"؛ كما قال المحقق.
ورواه ابن جرير كما سيأتي من طريق بشر، عن هشيم، وفيه:"سماك" بدل "شباك". ومغيرة بن مقسم يروي عن كل من شباك وسماك، كما أن كلًّا من شباك وسماك يروي عن إبراهيم النخعيِ. وسماك هذا هو ابن حرب، وتقدم في الحديث [1011]، أنَّه صدوق، وعلى فَرَض أن يكون سماك هو الراوي فيكون الأثر بهذا الإسناد حسنًا. والله أعلم.
ورواه أبو عوانة وجرير بن عبد الحميد، عن المغيرة، عن إبراهيم، بدون ذكر الواسطة كما سيأتي.
والأثر عزاه السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 501) لابن جرير، وفي (13/ 636) لابن المنذر.
وقد أخرجه الهروي في "ذم الكلام وأهله"(552) من طريق المصنف.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(13/ 615 - 616) من طريق بشر، عن هشيم، عن مغيرة، عن سماك، عن إبراهيم، به
وأخرجه ابن جرير أيضًا (13/ 615) من طريق أبي عوانة الوضاح بن عبد اللّه، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(4/ 231) من طريق جرير بن عبد الحميد؛ كلاهما عن مغيرة، عن إبراهيم، به، دون ذكر الواسطة بين مغيرة وإبراهيم.
(1)
تقدم في تخريج الحديث [179] أنه متروك رافضي.
(2)
تقدم في الحديث [874] أنه ثقة فقيه جليل، إلا أنه كثير الإرسال والتدليس.
(3)
هو: قيس بن السَّكَن، الأَسَدي، الكوفي، ثقة، توفي قبل سنة سبعين كما قال الحافظ في "التقريب". انظر:"التاريخ الكبير"(7/ 145)، و"الجرح والتعديل"(7/ 98)، و"الثقات" لابن حبان (5/ 309)، و"تهذيب الكمال"(24 - 50/ 53).
[1180]
سنده ضعيف جدًّا؛ لشدة ضعف عمرو بن ثابت، ومع ذلك فالأغلب أنه من الإسرائيليات. وسيتكرر عند المصنف برقم [2779]. =
قل للجَبَّارينَ: لا يذكروني؛ فإن من ذكرني ذكرتُه؛ فإنهم إن ذكروني ذكرتُهم فلعنتُهم.
[قولُهُ تعالى: {يَتَجَرَّعُهُ وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17)}]
[1181]
حدَّثنا سعيد، قال: نا يزيدُ بنُ هارونَ، عن العَوَّامِ
(1)
، عن إبراهيمَ التَّيْميِّ؛ في قولِه:{وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ} ؛ قال: حتى من أطرافِ شعرِهِ.
= وقد أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف"(32430 و 35256 و 36255)، وأحمد في "الزهد"(ص 73)، وهناد في "الزهد"(787)، والبيهقي في "شعب الإيمان"(7079)؛ من طريق الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عبد اللّه بن الحارث، عن ابن عباس قال:"أوحى الله إلى داود عليه السلام أن: قل للظلمة: لا يذكروني؛ فإنه حق عليَّ أن أذكر من ذكرني، وإن ذكري إياهم أن ألعنهم". وهذا إسناد حسن عن ابن عباس؛ فالمنهال بن عمرو صدوق، وباقي رجال الإسناد ثقات، وقد جاء في المطبوع من "الزهد" للإمام أحمد:"عن الأعمش قال: قال ابن عباس" دون ذكر المنهال بن عمرو وعبد اللّه بن الحارث. وقد روي عن ابن عباس مرفوعًا، ولا يصح. وانظر:"السلسلة الضعيفة" للشيخ الألباني (3336).
(1)
هو: ابن حوشب، تقدم في الحديث [11] أنه ثقة ثبت فاضل.
[1181]
سنده صحيح.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 504) لابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وقد أخرجه ابن أبي شيبة (35981) عن يزيد بن هارون، به.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(13/ 621) عن الحسن بن محمد الزعفراني، والبيهقي في "البعث والنشور"(611) من طريق الحسن بن مكرم؛ كلاهما (الحسن بن محمد، والحسن بن مكرم) عن يزيد بن هارون، به.
ورواه هشيم بن بشير عن العوام بن حوشب، كما في الأثر الآتي.
[1182]
حدَّثنا سعيدٌ، قال: نا هُشيمٌ؛ قال: نا العَوَّامُ، عن إبراهيمَ التَّيْميِّ؛ في قولِه:{وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ} ؛ قال: حتى من موضِعِ كلِّ شعرةٍ.
[قولُهُ تعالى: { .... مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ .... (22)}]
[1183]
حدَّثنا سعيدٌ، قال: نا خالدُ بنُ عبدِ اللّهِ، عن داودَ
(1)
، عن عامر الشَّعْبيِّ؛ في قولِهِ:{مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ} قال: خطيبانِ يقومانِ يومَ القيامةِ: فأمَّا إبليسُ فيقولُ هذا القولَ، وأما عيسى فيقولُ:{مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ}
(2)
.
[1182] سنده صحيح، وهو طريق آخر للأثر السابق.
وقد أخرجه الفراء في "معاني القرآن"(2/ 72) عن هشيم، به.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في "صفة النار"(126) عن فضيل بن عبد الوهاب، وعبد اللّه بن أحمد في "زوائده على الزهد"(ص 436)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(4/ 212)؛ من طريق أبي معمر إسماعيل بن إبراهيم؛ كلاهما (فضيل، وأبو معمر) عن هشيم، به.
وتصحف: "هشيم" في المطبوع من الزهد إلى "هاشم".
ومن طريق عبد الله أخرجه أبو نعيم في الموضع السابق من "الحلية"، وفيه:"ثنا عبد اللّه بن أحمد، حدثني أبي وأبو معمر، ثنا هشيم"؛ وجاء فيه: "هشيم" على الصواب.
(1)
هو: ابن أبي هند.
(2)
الآية (117) من سورة المائدة.
[1183]
سنده صحيح إلى الشعبي.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 508) لابن جرير وابن المنذر.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره"(13/ 630) من طريق المصنف.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (13/ 629 - 630) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى وإسماعيل بن علية وعلي بن عاصم؛ ثلاثتهم عن داود بن أبي هند، به.
[قولُه تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25)}]
[1184]
حدَّثنا سعيدٌ، قال: نا خالدٌ
(1)
، عن حُصينٍ
(2)
، عن عِكْرِمة؛ في قولِهِ: {مَثَلًا كَلِمَةً
(3)
طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} قال: هي النخلةُ، والحِينُ: ستةُ أشهرٍ.
(1)
هو: خالد بن عبد اللّه الواسطي.
(2)
هو: ابن عبد الرحمن السلمي، تقدم في الحديث [56] أنه ثقة تغير حفظه في الآخر، لكن خالد بن عبد اللّه الواسطي - الراوي عنه هنا - هو ممن روى عنه قبل تغيره.
(3)
في الأصل: "ومثل كلمة".
[1184]
سنده صحيح.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 515) لابن جرير وابن أبي حاتم والرامهرمزي.
وقد أخرجه حرب بن إسماعيل الكرماني في "مسائله"(616)، وابن جرير الطبري في "تفسيره"(13/ 641 و 646)؛ من طريق المصنف، به؛ إلا أنهما قالا:"عن الشيباني" بدل: "عن حصين"، فلعلها رواية أخرى عن المصنف، لكن لم نجد من رواه عن الشيباني سوى حرب وابن جرير.
وقد أخرجه ابن جرير (13/ 640) من طريق معلى بن أسد، عن خالد، عن حصين، به.
وأخرجه الرامهرمزي في "الأمثال"(ص 109) من طريق سليمان بن كثير، عن حصين، به.
وأخرجه الفراء في "معاني القرآن"(2/ 45) من طريق عبد الرحمن بن الغسيل الأنصاري، وعبد الرزاق (11325)، وابن جرير في "تفسيره"(13/ 646 و 648)، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(11591)، من طريق عبد الرحمن بن الأصبهاني، وابن أبي شيبة (12596) من طريق داود بن أبي هند، وابن أبي شيبة (12609/ ط. عوامة)، وابن جرير (13/ 646)؛ من طريق أيوب السختياني، وابن أبي شيبة (12601)، والبيهقي (10/ 62)؛ من طريق إبراهيم=
[1185]
حدَّثنا سعيد، قال: نا أبو مُعاويةَ، عن الأعمشِ، عن أبي ظَبْيانَ
(1)
، عن ابنِ عباسٍ؛ قال: الحِينُ قد يكونُ غُدوةً وعشيةً.
[قولُهُ تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28)}]
[1186]
حدَّثنا سعيدٌ، قال: نا خالدُ بنُ عبدِ اللّهِ، عن حُصَينٍ
(2)
= ابن مهاجر؛ جميعهم (ابن الغسيل، وابن الأصبهاني، وداود، وأيوب، وإبراهيم) عن عكرمة قال: الحِينُ ستة أشهر. ووقع في "السنن الكبرى" للبيهقي: "إبراهيم بن المنهال" بدل: "إبراهيم بن مهاجر".
(1)
هو: حصين بن جندب، تقدم في الحديث [58] أنه ثقة.
[1185]
سنده صحيح، وعنعنة الأعمش هنا محمولة على السماع؛ لأن شعبة ممن روى عنه هذا الأثر كما سيأتي، وروايته عنه محمولة على السماع كما سبق بيانه في الحديث [3].
والأثر عزاه السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 515) للمصنف والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، وعزاه في (8/ 516) للبيهقي.
وقد أخرجه حرب بن إسماعيل الكرماني في "مسائله"(617) عن المصنف.
وأخرجه ابن أبي شيبة (12594) عن أبي معاوية، به.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره"(13/ 643) عن الحسن بن محمد بن الصباح، وابن أبي حاتم في "تفسيره"(11589) عن أحمد بن سنان، والبيهقي (10/ 61) من طريق سعدان بن نصر؛ جميعهم (الحسن بن محمد، وأحمد بن سنان، وسعدان) عن أبي معاوية، به.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (13/ 643 و 644) من طريق محمد بن عبيد وسفيان الثوري وشعبة وزائدة بن قدامة وشريك بن عبد اللّه النخعي، والضياء في "المختارة"(10/ رقم 3) من طريق شعبة؛ جميعهم عن الأعمش، به.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (13/ 645) من طريق قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، به.
(2)
هو: ابن عبد الرحمن السُّلَمي. وانظر الكلام عليه في التعليق على الحديث قبل السابق.
[1186]
سنده صحيح إلى أبي مالك غزوان الغفاري. =
عن أبي مالكٍ؛ في قولِهِ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا} ؛ قال: هم القادةُ من المشركينَ يومَ بدرٍ.
[1187]
حدَّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيانُ، عن عمرٍو
(1)
، عن عطاءٍ
(2)
، عن ابنِ عباسٍ؛ قال: هم - واللّه - أهلُ مكةَ.
= وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(13/ 675) من طريق معلى بن أسد، عن خالد بن عبد اللّه، به.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (13/ 675 و 675 - 676) من طريقين عن هشيم، عن حصين، عن أبي مالك وسعيد بن جبير معًا، نحوه.
(1)
هو: ابن دينار.
(2)
هو: ابن أبي رباح.
[1187]
سنده صحيح.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 547) للمصنف وعبد الرزاق والبخاري والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في "دلائل النبوة".
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 342 - 343) عن سفيان بن عيينة، به.
وأخرجه البخاري (3977) عن الحميدي، و (4700) عن علي بن المديني، والنسائي في "السنن الكبرى"(11204) عن قتيبة بن سعيد، وابن جرير في "تفسيره"(13/ 673) من طريق عبد الجبار بن العلاء، و (13/ 675) عن أبي كريب محمد بن العلاء، والبيهقي في "دلائل النبوة"(3/ 95) من طريق ابن أبي عمر العدني؛ جميعهم (الحميدي، وابن المديني، وقتيبة، وعبد الجبار، وأبو كريب، والعدني) عن سفيان بن عيينة، به.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره"(13/ 673 و 675)، والبغوي في "الجعديات"(3335)؛ من طريق حماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس قال:"هم المشركون من أهل بدر"، ولم يذكر عطاء بن أبي رباح.
ورواية ابن عيينة أرجح؛ فهو أوثق الناس في عمرو بن دينار، وأحفظ من حماد بن سلمة.
[قولُهُ تعالى: {
…
فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ
…
(37)}]
[1188]
حدَّثنا سعيدٌ، قال: نا جَريرٌ
(1)
، عن منصور
(2)
، عن مجاهدٍ؛ في قولِهِ عز وجل:{فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ}
(3)
؛ قال: لو كان قال: أفئدةَ الناسِ؛ لازدحمتْ عليه فارسُ والرُّومُ.
(1)
هو: ابن عبد الحميد.
(2)
هو: ابن المعتمر.
(3)
فائدة: قرأ مجاهد هذه الآية: {
…
تَهْوِي إِلَيْهِمْ}، و"تَهْوَى" مضارع "هَوِيَ" بمعنى أحبَّ، وعُدِّي بـ "إلى" لتضمُّنِه معنى الميل والنزوع. وقراءة الجمهور:{تَهْوِي} مضارع "هَوَى"، ومن معانيه أيضًا: الميل، والنزوع، والشوق، والإسراع، والارتفاع؛ فمعناهما متقارب؛ و"تَهْوِي" أيضًا فيه تضمين؛ إذ حقه أن يتعدى باللام.
وانظر: "المحتسب" لابن جني (1/ 364)، و "التبيان" للعكبري (2/ 771)، و"الدر المصون" للسمين الحلبي (7/ 115 - 116)، و"معجم القراءات" لعبد اللطيف الخطيب (4/ 501 - 502).
[1188]
سنده صحيح.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 558 - 559) لابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني.
وقد أخرجه ابن أبي شيبة (16067) عن جرير بن عبد الحميد، به.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره"(13/ 698) عن محمد بن حميد، وسفيان بن وكيع، و (13/ 699) من طريق علي بن الجعد، والطبراني في "المعجم الكبير"(13/ رقم 14156) من طريق إسحاق بن راهويه؛ جميعهم (ابن حميد، وابن وكيع، وابن الجعد، وابن راهويه) عن جرير بن عبد الحميد، به.
وأخرجه الثوري في "تفسيره"(465) - ومن طريقه ابن جرير في "تفسيره"(13/ 698) - عن منصور، به، إلا أنه جاء في المطبوع من "تفسير الثوري":"سفيان، عن مجاهد" دون ذكر منصور في الإسناد.
[1189]
حدَّثنا سعيدٌ، قال: نا عبدُ الرحمنِ بنُ زيادٍ
(1)
، عن شعبةَ، عن الحكَمِ
(2)
؛ قال: سألتُ طاوسًا وعطاءً وعِكْرمةَ
(3)
عن
(1)
هو: الرصاصي، تقدم في الحديث [6] أنه صدوق.
(2)
هو: ابن عُتَيبة.
(3)
طاوس هو: ابن كيسان، وعطاء هو: ابن أبي رباح، وعكرمة هو: مولى ابن عباس.
وكذا جاء في الأصل: "سألت طاوسًا
…
"، وكذا في "الدر المنثور" و"معاني القرآن"، وفي بقية المصادر: "عن طاوس وعكرمة وعطاء"، مع تقديم وتأخير في الأسماء الثلاثة. والعَلَم "طاوس" يجوز فيه الصَّرف - وهو الأكثر - وعدمُه، فمن صرفَهُ ذهب إلى أنه عربيٌّ أصيل، وأنه اشتُقَّ من قول العرب: تطَوَّسَتِ المرأةُ: إذا تزيَّنت. ومن منع صرفَه ذهب إلى أنه أعجمي.
قال: د. ف عبد الرحيم: هو يوناني معرَّب، وأصله "تاؤُس" بالهمزة، ألحقوه بـ "فاعول"؛ لفقد "فاعُل" في الأبنية العربية.
انظر: "المعرَّب" للجواليقي (ص 443)، وانظر:"لسان العرب" و"تاج العروس"(ط و س)، وبحث:"فاعول" بين العربية والسريانية ضمن كتاب "دراسات في اللغتين السريانية والعربية" لإبراهيم السامرائي (ص 147).
[1189]
سنده حسن؛ لحال عبد الرحمن بن زياد، وقد توبع كما سيأتي؛ فالأثر صحيح.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 559) لابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم.
وقد أخرجه ابن أبي شيبة (16062) عن وكيع ومحمد بن جعفر غندر، وابن جرير في "تفسيره"(13/ 699) من طريق وكيع وغندر وعلي بن الجعد ويحيى بن عباد وشبابة وآدم بن أبي إياس، والبغوي في "الجعديات"(246) عن علي بن الجعد، والنحاس في "معاني القرآن"(3/ 536 - 537) من طريق يحيى بن عباد؛ جميعهم (وكيع، وغندر، وابن الجعد، ويحيى بن عباد، وشبابة، وآدم) عن شعبة، به، نحوه، ولم يذكر في رواية غندر عند ابن جرير:"عطاءً ولا طاوسًا"، وجاء في رواية يحيى بن عباد وشبابة وابن الجعد عند ابن جرير:"سعيد" بدل "شعبة"، وجاء على الصواب في "الجعديات" و"معاني القرآن".
(1)
كذا في الأصل، وكذا في رواية ابن الجعد، إلا أنه قال: "عن عطاء وطاوس وعكرمة
…
قال". والجادة: "قالوا" أي: طاوس وعطاء وعكرمة. ويخرَّج قوله "قال" على أوجه:
أحدها: أنه أراد: قال كلُّ واحدٍ منهم، أو: قال جميعهم، ويكون الفاعل ضميرًا مستترًا يعود على المفهوم من السياق؛ ونحوه:{مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} [فاطر: 45] أي: الأرض، و {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص: 32]، أي: الشمسُ؛ ولم يتقدم ذكرهما. وانظر في ذلك: "ارتشاف الضرب" لأبي حيان (2/ 941 - 943)، و"همع الهوامع" للسيوطي (1/ 263).
والثاني: أن يعود ضمير الفاعل على أحدِ الثلاثة؛ ويكون ذَكَر فعل القول الخاص بأحدهم فقط اكتفاءً بالشيء عن نظيره أو نظائره؛ كقول الشنفرى [من الطويل]:
وأَصْبَحَ عَنِّي بالغُمَيْصاءِ جالِسًا
…
فَرِيقانِ مَسْؤُولٌ وآخَرُ يَسْألُ
فلم يُثَنِّ خبر "أصبح" - وهو "جالسًا" - مع أن اسمها "فريقان" مثنى.
ويدخل هذا أيضًا في التوسُّع في الدلالة والخروج عن الأصل؛ فيدل المفرد على المثنى أو الجمع، والمثنى على المفرد أو الجمع، والجمع على المفرد أو المثنى.
وانظر: "إعراب لامية الشنفرى"(ص 129)، و"همع الهوامع"(1/ 194).
والثالث: أن يكون أصل: "قال" هنا: "قالُوا" أي: الثلاثة. فحذف الواو وأبقى الضمة دليلًا عليها؛ ويضبط الفعل حينئذ "قَالُ"، ويُعدّ هذا من الاجتزاء بالحركات عن حروف المد، وهو لغة لبعض العرب، ولها شواهد كثيرة؛ انظرها في:"الخصائص" لابن جني (3/ 133 - 136)، و"سر صناعة الإعراب" له (2/ 631 - 632)، و"الإنصاف" لابن الأنباري (1/ 385 - 391)، (2/ 544 - 547).
(2)
كذا في الأصل؛ ويكون المعنى: "اجعل أهواءهم". ولم نقف على نصٍّ بمخالفة الثلاثة (طاوس وعطاء وعكرمة) لقراءة الجمهور: {تَهْوِي} ، وقد فُسِّرت قراءة الجمهور أيضًا بالميل والحب والنزوع والشوق، وانظر الفائدة في التعليق على الأثر السابق.
[قولُهُ تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42)}]
[1190]
حدَّثنا سعيدٌ، قال: سألتُ سفيانَ عن قولِهِ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ} ؟ قال: تعزيةٌ للمؤمنِ، ووعيدٌ للكافرِ. قلتُ: من قاله يا أبا محمدٍ؟ قال: أهلُ العلمِ.
[قولُهُ تعالى: {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)}]
[1191]
حدَّثنا سعدٌ، قال: نا خالدُ بنُ عبدِ اللهِ، عن حُصَينٍ
(1)
،
عن أبي مالك؛ في قولِهِ عز وجل: {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} ؛ قال: صنعوا تَوابيتًا فعلَّقوا بالنُّسُورِ
(2)
، فلما
[1190] سنده صحيح إلى سفيان بن عيينة.
(1)
هو: ابن عبد الرحمن السلمي، تقدم في الحديث [56] أنه ثقة تغير حفظه في الآخر، لكن خالد بن عبد اللّه الواسطي - الراوي عنه هنا - هو ممن روى عنه قبل تغيره.
[1191]
سنده صحيح إلى أبي مالك غزوان الغفاري، ولكنه لم يذكر عمن أخذه.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 572 - 573) للمصنف وابن أبي حاتم.
(2)
قوله: "توابيتًا فعلقوا بالنسور" كذا في الأصل، ولم يذكر السيوطي لفظ المصنِّف. وفيما في الأصل إشكالان: الأول: قوله: "توابيتًا" والجادَّة فيه: "توابيتَ" بحَذْفِ الألف؛ لأنه ممنوعٌ من الصرف لمجيئه على صيغة منتهى الجموع، لَكنَّ قوله:"توابيتًا" بالتنوين، جائزٌ في العربية وصحيحٌ؛ ويخرَّج على لغة من يَصْرفُ جميعَ ما لا ينصرف في الاختيار وسعة الكلام؛ وهي لغة لبعض العرب، ومن شواهدها قولُهُ تعالى:{سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا} [الإنسان: 4] في قراءة من نوَّن "سلاسلًا"، ومثل ذلك: قراءتُهُمْ بالتنوين في قوله تعالى: {قَوَارِيرَا (15) قَوَارِيرَ} [الإنسان: 15، 16]، وقراءةُ الأعمش والأشهب العقيلي والمطوِّعي:{وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: 23]. =
أَهْوَتْ
(1)
من السماءِ؛ ظنَّتِ الجبالُ أنه أمرٌ حَدَثَ من السماءِ.
[1192]
حدَّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيانُ، عن عمرٍو
(2)
، عن عِكرمةَ
(3)
؛ قال: قرأ عمرُ: {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ}
(4)
.
= ويمكن تخريجه أيضًا على أنه بالألف بلا تنوين؛ فقد ذكر ابن جنِّي أن من العرب مَنْ يقف على جميع ما لا ينصرف - إذا كان منصوبًا - بالألف؛ فيقولون: رأيتُ أحمدَا، وكلَّمتُ عثمانَا؛ وذلك لخفَّة الألف عليهم ولاعتيادهم صَرْفَ ما لا ينصرف في الشعر.
انظر: "سر صناعة الإعراب" لابن جني (2/ 677)، و"مشكل إعراب القرآن" لمكي بن أبي طالب (2/ 783 - 784)، و"مغني اللبيب"(ص 195)، و"همع الهوامع"(1/ 131 - 133)، و "إبراز المعاني، من حرز الأماني" لأبي شامة (ص 713 و 715)، و"البحر المحيط" لأبي حيان (8/ 336 و 387)، و"شرح التصريح" لخالد الأزهري و "شرح الأشموني"(آخر باب الممنوع من الصرف).
والإشكال الثاني: قوله: "فعلقوا"، والجادَّة فيه:"فعقلوها" أي: التوابيت، وما في الأصل فيه حذف المفعول به أو ضميره للعلم به.
وانظر "الخصائص" لابن جني (2/ 372)، و"مغنى اللبيب"(ص 797 - 799)، و"همع الهوامع"(2/ 11 - 13).
(1)
أي: سقطت؛ يقال: هَوَى الشيء وأَهْوى وانْهَوى. "تاج العروس"(هـ و ي).
(2)
هو: ابن دينار.
(3)
هو مولى ابن عباس، تقدم في الحديث [466] أنه لم يسمع من عمر رضي الله عنه.
[1192]
سنده ضعيف؛ للانقطاع بين عكرمة وعمر رضي الله عنه.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 569) للمصنف وأبي عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري في "المصاحف".
وقد أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن"(ص 304)، وابن جرير الطبري في "تفسيره"(13/ 720)؛ من طريق ابن جريج، عن عمرو بن دينار، به.
(4)
كذا القراءة بـ {كاد} مكان {كان} ، و {لِتَزُولُ} بفتح اللام الأولى ورفع الثانية، وهي قراءة عمر وعليّ وابن مسعود وأُبي - بخلف عنه - وعمرو بن دينار وعكرمة، وغيرهم. ولم يقرأ بذينك الحرفين معًا أحدٌ من العشرة ولا الأربعة الشواذ، إلا أن الكسائي من السبعة قرأ:{لِتَزُولُ} ، وكذلك قرأ ابن محيصن من الشواذ. ولم يُضبط لفظ {لِتَزُولُ} في الأصل، وضبطه مَنْ ذكر القراءة. =
[قولُهُ تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48)}]
[1193]
حدَّثنا سعيدٌ، قال: نا الحسنُ بنُ يزيدَ الأَصَمُّ
(1)
؛ قال: سمعتُا السُّدِّيَّ
(2)
يقولُ؛ في قولِهِ: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} ؛ قال: تُبَدَّلُ بأرضٍ
(3)
بيضاءَ، لم يُعْمَلْ فيها خطيئةٌ، ولم يُسْفَكْ فيها دمٌ.
= وقراءة الجمهور: {وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} . وانظر القراءة وتوجيهها في: "إعراب القرآن" للنحاس (2/ 375)، و "المحتسب" لابن جني (1/ 365 - 366)، و"البحر المحيط" لأبي حيان (5/ 425 - 426)، و"الدر المصون" للسمين الحلبي (7/ 126 - 127)، و"معجم القراءات" لعبد اللطيف الخطيب (4/ 514 - 517).
(1)
تقدم في الحديث [186] أنه ثقة.
(2)
هو: إسماعيل بن عبد الرحمن، تقدم في تخريج الحديث [174] أنه صدوق يهم.
[1193]
سنده صحيح عن السدي، لكنه لم يذكر عمن أخذه.
وقد أخرجه أبو نعيم في "صفة الجنة"(142) من طريق الحكم بن ظهير، عن السدي، عن أبيه، عن أبي هريرة - في قوله تعالى:{يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ} - قال: "تبدل خبزة بيضاء نقية، حتى يأكل المؤمن بين رجليه". وسنده ضعيف جدًّا؛ فالحكم بن ظهير تقدم في الحديث [421] أنه متروك رمي بالرفض، ووالد السدي هو عبد الرحمن بن أبي كريمة مجهول الحال كما في "التقريب".
(3)
قوله: "تبدل بأرض
…
" كذا في الأصل. وفيه دليل على صحة جواز دخول الباء على المأخوذ لا المتروك في مادة (ب د ل) وفروعها؛ وقد جاء في "المصباح المنير" (ب د ل) ما نصه: "أبدلته بكذا إبدالًا نحيت الأول، وجعلت الثاني مكانه". وجاء في "مختار الصحاح" (ب د ل) ما نصه: "الأبدال: قوم من الصالحين لا تخلو الدنيا منهم، إذا مات واحد منهم أبدل الله تعالى مكانه بآخر
…
" اهـ. وجاء في "تاج العروس" (ب د ل) ما نصه: "قال ثعلب: يقال: أبدلت الخاتم بالحلْقة، إذا نحيت هذا وجعلت هذه مكانه،=
[1194]
حدَّثنا سعيدٌ قال: نا عبدُ العزيزِ بنُ أبي حازمٍ
(1)
، قال: حدَّثني أبي، عن سهلِ بنِ سعدٍ؛ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "يُحْشَرُ
= وبدلت الخاتم بالحلْقة، إذا أذبته وسويته حلقة، وبدلت الحلقة بالخاتم، إذا أَذبتها وجعلتها خاتمًا. قال: وحقيقته أن التبديل: تغيير الصورة إلى صورة أخرى والجوهرة بعينها، والإبدال: تنحية الجوهرة واستئناف جوهرة أخرى.
قال أبو عمرو: فعرضت هذا على المبرد فاستحسنه، وزاد فيه فقال: وقد جعلت العرب "أبدلت" مكان "بدلت"".
وهذا مثال آخر لدخول الباء على المأخوذ، هو قول طفيل لما أَسلم:
وبَدَّلَ طَالِعَي نَحْسِي بسَعْدِ
هذا ولا فرق بين أن يكون ما تعلق به الجار والمجرور هو الفعل: "بدل" وفروعه وما تصرف منه، أم غيره بقرينة. انتهى من بحث للأستاذ عباس حسن قدمه إلى مجمع اللغة العربية، "كتاب الألفاظ والأساليب" من الدورة 35 إلى الدورة 41 (ص 36 - 37). وانظر "عقود الزبرجد"(1/ (1) 186 - 200).
(1)
هو: عبد العزيز بن سلمة بن دينار، تقدم في الحديث [790] أنه صدوق فقيه.
[1194]
سند المصنف فيه عبد العزيز بن أبي حازم، وتقدم الكلام عنه، ولكنه لم ينفرد به، فالحديث صحيح مخرج في "الصحيحين" كما سيأتي.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 577) للبخاري ومسلم وابن جرير وابن مردويه. وعزاه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(11/ 375) للمصنف.
وقد أخرجه ابن حبان (7320) من طريق محمد بن الوليد الزبيري، والطبراني في "المعجم الكبير"(6/ رقم 5908) من طريق إبراهيم بن محمد الشافعي؛ كلاهما عن ابن أبي حازم، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده"(96) - ومن طريقه مسلم (2790) - عن خالد بن مخلد، والبخاري (6521)، والروياني في "مسنده"(1069)، وابن جرير الطبري في "تفسيره"(13/ 732)، والطبراني في "المعجم الكبير"(6/ رقم 5831) من طريق سعيد بن أبي مريم، كلاهما (خالد، وابن أبي مريم) عن محمد بن جعفر بن أبي كثير، عن أبي حازم، به. إلا أن سعيد بن أبي مريم قال في روايته:"قال سهل أو غيره: ليس فيها معلم لأحد".
قال الحافظ ابن حجر في "هدي الساري"(ص 336): "قوله: قال سهل أو غيره: ليس فيها معلم لأحد، ما أدري مَن عَنَى أبو حازم بقوله: أو غيره".
وانظر "فتح الباري"(11/ 375). =
النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى أَرْضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ
(1)
كقُرْصَةِ النَّقِيِّ
(2)
، لَيْسَ فِيهَا عَلَمٌ
(3)
لأحَدٍ".
= ورواه ابن أبي داود في "البعث"(21)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" - كما في "تفسير ابن كثير"(14/ 241) - من طريق مصعب بن ثابت، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعدي؛ {فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ} [النازعات: 14] قال: أرضٍ بَيضاءَ وعَفْرَاءَ كالخُبزَةِ من النَّقِيِّ.
(1)
قوله: "على أَرض بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ" أي: ليست بيضاء ناصعة شديدة البياض، بل يضرب بياضها إلى حمرة، وهو لون كلون عَفَر الأرض، أي: وجهها. وقيل: أرض بيضاء لم توطأ.
وانظر: "غريب الحديث" للحربي (1/ 194 - 195)، ولأبي عبيد (3/ 12 - 13)، وللخطابي (1/ 148)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (8/ 322)، و "جمهرة اللغة" لابن دريد (2/ 765 - 766)، و "تهذيب اللغة" للأزهري (2/ 350)، و"تاج العروس"(ع ف ر).
(2)
قوله: "كَقُرْصَةِ النَّقِيِّ": القرصة: الرغيف، والتاء للوحدة، والنَّقِيُّ: هو الدقيق الأبيض المنخول المنظف؛ سُمي كذلك لنقائه من النخالة، ويتخذ منه خبز يُسمى الحُوَّارَى؛ سُمي بذلك لبياضه، والتحوير: التبييض. والتشبيه بالقُرصة: في الشكل واللون، دون التقدير.
وانظر: "الفائق" للزمخشري (3/ 6)، و "شرح النووي على صحيح مسلم"(18/ 52)، و"فتح الباري"(11/ 375)، و"مرقاة المفاتيح"(10/ 188)، و"تاج العروس"(خ و ر، ن ق ي).
(3)
وفي بعض الروايات: "مَعْلَم"، والعَلَم والمَعْلم بمعنى واحد؛ وهو الأثر، وما جُعل علامة على الطرق والحدود. والمراد: أنها ليس فيها علامة سكنى ولا بناء ولا أثر ولا شيء من العلامات التي يُهتدى بها في الطرقات، كالجبل والصخرة البارزة. وقيل: فيه تعريض بأرض الدنيا، وأنها ذهبت وانقطعت العلاقة منها.
وانظر: "مشارق الأنوار"(2/ 83 و 84)، و "إكمال المعلم"(8/ 322)، و"تهذيب اللغة"(2/ 418 - 419)، و"فتح الباري"(11/ 375)، و"مرقاة المفاتيح"(10/ 188).
[قولُهُ تعالى: {سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50)}]
[1195]
حدَّثنا سعيدٌ، قال: نا خالدُ بنُ عبدِ اللّهِ، عن حُصَينٍ
(1)
، عن عِكْرمةَ؛ في قولِهِ: {سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ
(2)
} قال: من صُفْرٍ
(1)
هو: ابن عبد الرحمن السلمي، تقدم في الحديث [56] أنه ثقة تغير حفظه في الآخر، لكن خالد بن عبد اللّه الواسطي - الراوي عنه هنا - هو ممن روى عنه قبل تغيره.
[1195]
سنده صحيح.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور"(8/ 582) للمصنف وأبي عبيد وابن جرير وابن المنذر.
وقد أخرجه البيهقي في "البعث والنشور"(583) من طريق المصنف.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره"(13/ 744 و 745) من طريق هشيم، عن حصين، به.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (13/ 745) من طريق هلال بن خباب، عن عكرمة، عن ابن عباس، في هذه الآية:{سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ} ؛ قال: من نحاسٍ {آن} : أَنَى لهم أن يُعَذَّبوا به.
(2)
لم تضبط الآية في الأصل. وفي {قَطِرَانٍ} قراءات كثيرة: قرأ الجماعة: {قَطِرَانٍ} بـ فتح القاف وكسر الطاء وفتح الراء. وروى ابن جرير الطبري في "تفسيره"(12/ 743 - 744) عن ابن عباس ومجاهد وقتادة تفسير "القطران" بالنحاس وهو الصُّفر. ثم ذكر ابن جرير قراءة أخرى نسبها لعكرمة، ولابن عباس وسعيد بن جبير والربيع بن أنس وقتادة والحسن؛ وهي:{قَطِرَ آنٍ} وضبطها بفتح القاف وسكون الطاء وتنوين الراء، و"آن" نعت و"قطر". وفسَّر "القَطْر" بالنحاس أيضًا. وضبطها رحمه الله بالحروف كما في طبعتي "تفسيره". وهذه القراءة لم نقف على من ذكرها بهذا الضبط سوى ابن جرير، إلا ما كان في "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة إذ ضبطت كذلك، إلا أن الظاهر أنه من صنيع المحقق لا من ابن قتيبة.
والذي في سائر كتب التفسير والقراءات والمعاجم: أن "القَطِر" و"القِطْر" بمعنى النحاس. وإن صحت بما في "تفسير ابن جرير" جميع نسخه المخطوطة، فلعله مما فات غيره رحمه الله. وجماع اختلاف القَرَأَة في هذا الحرف، ما يلي: =
يُحمى عليهم؛ هكذا قرأ.
* * * * *
= 1 - {مِنْ قَطِرَانٍ} وهي قراءة عامة القراء. وفسِّر بأنه ما يتحلل من شجر الأَبْهل وتُطلى به الإبل، كما فسر بالنحاس، كما سبق.
2 -
{مِنْ قَطِرَانٍ} وهي لغة في {قَطِرَانٍ} السابقة، وقرأ بها عمر وعلي وعيسى بن عمر وعكرمة.
3 -
{مِنْ قَطِرَانٍ} وهي لغة ثالثة في {قَطِرَانٍ} ، ونسب الطبري القراءة بها إلى عيسى بن عمر، وصرح غير واحد بأنه لم ترد بها قراءة.
4 -
{مِنْ قَطِرَانٍ} وتنسب إلى علي وزيد بن علي، وابن عباس وأبي هريرة والحسن وعكرمة وقتادة وسعيد بن جبير وابن سيرين وسنان بن سلمة بن المحبق وأبي صالح والكلبي وعمرو بن فائد وعمرو بن عبيد وعيسى بن عمر الهمداني.
5 -
{مِنْ قَطِرَانٍ} وتنسب إلى أغلب المتقدمين في القراءة السابقة، ويضاف إليهم يعقوب في رواية زيد عنه، وعلقمة والربيع بن أنس.
وأما "آن" ففسِّر بأنه: الذي تناهى حرُّه؛ من أنَى الماءُ: - إذا سخُن وبلغ في الحرارة. وقيل: آنٍ، أَنَى لهم أن يُعَذَّبوا به؛ بمعنى حان.
ومما تقدَّم يظهر أن عكرمة رويت عنه القراءة بـ "قَطْرانٍ" و"قَطِرٍ آنٍ" و"قِطْرٍ آنٍ"، و"قَطْرٍ آنٍ" - فيما ذكر ابن جرير - وفُسر في الجميع بالنحاس.
وانظر: "تأويل مشكل إعراب القرآن" لابن قتيبة (ص 69)، و"تفسير الطبري"(12/ 742 - 746)، و "معاني القرآن" للزجاج (3/ 170)، و "معاني القرآن" للنحاس (3/ 546 - 547)، و"المبسوط في القراءات العشر" للأصبهاني (ص 257)، و"المحتسب" لابن جني (1/ 366 - 367)، و"المحرر" لابن عطية (3/ 348)، و"إعراب القراءات الشواذ " للعكبري (1/ 740)، و"تفسير القرطبي"(12/ 172)، و "البحر المحيط" لأبي حيان (5/ 48)، و"الدر المصون" للسمين الحلبي (7/ 132 - 133)، و"اللباب" لابن عادل (11/ 419 - 418)، و "روح المعاني" للآلوسي (13/ 256 - 257)، و "لسان العرب" و"تاج العروس"(ق ط ر، أ ن ي)، و"معجم القراءات" لأحمد مختار عمر وآخرين (3/ 244 - 245)، و"معجم القراءات" لعبد اللطيف الخطيب (4/ 523 - 525).