الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[استطراد في الرد على منكري الإسراء والمعراج]
استطراد في الرد على منكري الإسراء والمعراج ثم الإسراء قد ثبت في القرآن، فتأويلهمٍ لا يكون تأويلا لحديث الإسراء، وإنما هو تأويل- أيضا- للقرآن، القرآن جاء فيه:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [الإسراء: 1]
ثم كثير من النصارى، فقط يعتقدون في عيسى أنه يُحيي الموتى بإذن الله، وَأنه يُبرئ الأكمه الذي ولد أعمى، يبرئه بإذن الله، وأنه يُصوِّرُ طيرًا فينفخ فيه فيكون طيرًا بإذن الله، وأنه يُبرئ الأبرص بإذن الله، وليس بطريقة علاج؛ فهو لم يفتح مستشفى، إنما هي خوارق عادات (1) وكذلكم اليهود يؤمنون بخوارق العادات، فما الذي
(1) والعادات: هي السنن الكونية، وخوارقها: ما يخالف نظامها، وهي ثلاثة أنواع:(الأول) : المعجزة؛ على يد النبي صلى الله عليه وسلم تأييدًا له وتحديا لقومه.
و (الثاني) : الكرامة؛ على يد الولي تأييدًا له وإكراما لمتابعته للنبي صلى الله عليه وسلم.
و (الثالث) : السحر؛ على يد الساحر المشعوذ فتنة وابتلاءَ.
جعل خوارق العادات لموسى بانفلاق البحر، ونجاة موسى ومن معه على الشاطئ الآخر، وجَعْل الممر يابسًا اثنى عشر طريقًا على عدد الأسباط، حتى لا يتنازع سبط مع سبط جعلها يبسًا يمرون في هذه الممرات دون أن يغرقوا، والماء متماسك بدون حواجز؛ هذا سلب لخاصية الماء، معجزةً لموسى وإكرامًا له ولمن معه حيث أنجاهم بإذنه سبحانه وتعالى، ثم ما جعله نجاةً لموسى ومن معه جعله نكبة ودمارًا وهلاكًا لخصومه وأعدائه.
إن الكفار من اليهود والنصارى يعترفون بخوارق العادات وبهذه المعجزات، العرب يؤمنون بإبراهيم عليه السلام، وبأن الله نجّاه من النار حين ألقيَ فيها، فما الذي يجعلهمْ يؤمنون بسلب الله خاصية النار حتى تكون بردًا وسلاما على إبراهيم، ولا يؤمنون بالإسراء بمحمد صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس ثم العروج به إلى السماء السابعة؟ !
(أ) يذكرون في عروجه، وفي إسرائه، يقولون:
(1)
هذه السرعة إلى هذا الحد تمزِّق البدن، لأن احتكاك البدن بالهواء الذي في الجو يُولِّدُ نارًا؛ فيحترق.
(2)
كذلك الصعود لأعلى بهذه السرعة يُوَلِّدُ نارًا؛ فيحترق، وأي شيء آخر إذا صعد إلى أعلى حتى لم يكن هناك هواء ينفجر ويتمزّق؛ لأن الضغط الخارجي على جلده وعلى جسمه من جميع الجهات بالهواء فُقدَ، فينفجر.
(ب) يقولون في الطبقات التي لا هواء فيها: الذين يصعدون في هذه الأيامِ ويريدون القمر، يتزودون ويأخذون لأنفسهم هواء، ويأخذون وقايات من هنا ومن هناك، والعرب ما كان عندهم هذا الاختراع.
فكيف صعد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أعلى؟ وكيف تغلّب على الجاذبية الأرضية؟ وكيف لم يثبُتْ على الجاذبية التي فوق جاذبية الكواكب (المجموعة الشمسية وأمثالها) ؟
وكيف خلص من الجاذبية الأرضية، ولا أجنحة له، ولا طائرة ركبها، إنما هو بُراق؟ !!
هذه شبه يوردونها على الإسراء، ويوردونها على المعراج.
وقد ألَّفَ بعض أهل السنَّة في هذا تأليفًا يرد فيه على أولئك، منهم الشيخ محمد عبد الحليم الرمالي (1) له رسالة صغيرة في الإسراء والمعراج ذكر فيها جميع الشُبه التي ترد على الإسراء والمعراج سواء كانت من جهة الحديث أو كانت من جهة السنن الكونية، فالرد عليها واحد.
والرد: أن خوارق العادات في معجزات الأنبياء سنن تشبه السنن العادية بالنظر لفاعل الخلق جل وعلا، فهم
(1) هو الشيخ محمد عبد الحليم الرمالي (شيخ السنة والعالم السلفي المحقق) ، ولد بمصر، وتوفي بها في 22 ذو القعدة سنة 1368هـ، وكان رفيق الشيخ محمد حامد الفقي، كون هيئة لعلماء السنة سنة 1356 هـ، هو والشيخ الفقي، وكان معهم العلامة أحمد شاكر، والعلامة عبد الرزاق عفيفي، وكون أيضا جماعة الاعتصام بهدي الإسلام سنة 1921 بمصر، وكان له دور بارز في الدعوة إلى الله في مساجد جماعة أنصار السنة وغيرها.
في معجزاتهم يسيرون في طريق كوني عادي بالنظر لهم؛ كما أن الناس يسيرون على سطح الأرض سيرًا عاديًّا، وكما أن الطيور ترتفع بأجنحتها ارتفاعًا وصعودًا عاديًّا فالرد واحد: وهو أن هذه المعجزات من خوارق العادات التي أجراها الله جل شأنه على أيدي رسله عليهم الصلاة والسلام.
* والموضوع في ذاته طويل إذا دُرس أصله: 1 - من جهة إثبات وجود الله. 2 - إلى جانب إثبات حاجة العباد والمخلوقات إلى موجد.
3 -
إلى جانب وحدانية الله في ربوبيته وفي أسمائه وصفاته وفي تشريعه.
4 -
إلى جانب إمكان حاجة البشر إلى الرسالة.
5 -
وإمكان الرسالة.
6 -
ثبوت الوحي.
7 -
وثبوت الرسالة.
فالأمر يحتاج إلى إثبات هذا كله، وهو عبارة عن مقرر توحيد يدرس في سنوات (1) وأنا أتكلم في دائرة محدودة في " شبهات حول السنة ".
(1) تكلم الشيخ عبد الرزاق رحمة الله على هذه المسائل بإجمال في رسالته المشهورة والمطبوعة باسم (مذكرة التوحيد) .