الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب السادس: رهن ماله
وفيه مسألتان:
المسالة الأولى: أن يرهنه لأمر لا يتعلق باليتيم.
إذا ارتهن الولي مال اليتيم بدين لغير اليتيم، سواء كان للولي أو غيره، فللعلماء في ذلك قولان:
القول الأول: عدم الجواز.
وهو قول جمهور أهل العلم 1.
وحجته: ما تقدم من الدليل على عدم جواز قربان مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن، وفي رهن مال اليتيم لأمر لا يتعلق به قربان له لا بالتي هي أحسن؛ لما يترتب على ذلك من حبس ماله بغير مصلحة تعود إليه.
القول الثاني: أن الولي إذا رهن مال اليتيم بدين لنفسه جاز استحسانا.
وبه قال الحنفية 2.
وحجته: قياس رهن مال اليتيم على إيداعه 3.
ولعله يناقش من وجهين:
الوجه الأول: أن إيداع مال اليتيم إنما هو لمصلحته وحظه كخوفٍ على مال من ضياع أو سرقة ونحو ذلك، بخلاف رهنه لأمر لا يتعلق باليتيم، فلمصلحة غيره.
1 فتاوى قاضي خان 5/607، والدر المختار وحاشيته 6/495، والشرح الكبير للدردير 3/132، وروضة الطالبين 4/187، وكشاف القناع 3/450.
2 المصدر السابقة للحنفية، والفتاوى الهندية 6/149.
3 الهداية شرح بداية المبتدي 4/135.
الوجه الثاني: أن هناك فرقاً بين الوديعة والرهن، فالوديعة عقد جائز يمكن فسخه في أي وقت، أما الراهن فلازم من قبل المرتهن لا يمكن فسخه إلا برضاه.
الراجح:
يترجح ـ والله أعلم ـ قول جمهور أهل العلم، وأنه ليس للولي ولا غيره رهن مال اليتيم بأمر لا يتعلق به، إذ هو من قربانه لا بالتي هي أحسن، والقاعدة: أن من تصرف لغيره فتصرفه تصرف مصلحة لا اختيار وسفه.
المسألة الثانية: أن يرهنه لأمر يتعلق باليتيم.
يجوز رهن مال اليتيم لأمر يتعلق بحاجته، أو مصلحته.
فمثال الحاجة: أن يقترض له لحاجته إلى النفقة، أو الكسوة، أو لتوفية ما لزمه، أو لإصلاح ضياعه ونحو ذلك.
ومثال المصلحة: أن يشتري له ما فيه غبطة ظاهرة نسيئة.
كان يشتري ما يساوي مائتين بمائة نسيئة، ويرهن به ما يساوي مائة من ماله.
وإلى هذا ذهب الشافعية 1.
وعند الحنفية، والمالكية، والحنابلة 2: أن رهن مال اليتيم متعلق بحاجته.
ولم يتعرضوا للمصلحة، ولعل ما ذهب إليه الشافعية هو مقتضى قول جمهور أهل العلم، إذ إنهم يتفقون على أن تصرفات الولي منوطة بالمصلحة.
والدليل على هذا:
1 روضة الطالبين 4/62.
2 الفتاوى الهندية 6/444، والشرح الكبير للدردير 3/232، والإنصاف 5/330، ومطالب أولي النهى 3/411.
1-
ما تقدم من الأدلة على عدم قربان مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن1.
2-
أن الرهن من توابع التجارة، لأن التاجر يحتاج إليه، والوصي يملك الاتجار بماله، فملك توابعها2.
وفي وجه للشافعية: لا يجوز رهن مال اليتيم بحال.
لكن حكم عليه النووي بالشذوذ 3.
1 ينظر ص (290) .
2 بدائع الصنائع 5/154.
3 روضة الطالبين 4/62.