المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثالث: بيعه بأقل من ثمن المثل، والشراء بأكثر من ثمن المثل - الإفادة من مال اليتيم في عقود المعاوضات والتبرعات

[خالد المشيقح]

الفصل: ‌المطلب الثالث: بيعه بأقل من ثمن المثل، والشراء بأكثر من ثمن المثل

‌المطلب الثالث: بيعه بأقل من ثمن المثل، والشراء بأكثر من ثمن المثل

.

المطلب الثالث: تضمين الولي إذا باع أو اشترى بأنقص أو أكثر من القيمة

وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: أن يكون ذلك بغبن فاحش.

إذا باع الولي مال اليتيم بدون قيمته، أو اشترى بأكثر من قيمته، وكان ذلك بغبن فاحش.

فيضمن باتفاتق الأمة 1.

قال شيخ الإسلام: “وإن اشترى بزيادة لا يتغابن الناس لمثلها كان عليه ضمان ما أداه من الزيادة الفاحشة” 2.

وحجته: ما تقدم من الأدلة على حرمة مال اليتيم، ووجوب النظر بالأصلح لماله.

والبيع بغبن فاحش ليس من الأصلح له.

ولأن الظاهر أنه مفرط.

مع إمكانه الفسخ بخيار الغبن.

المسألة الثانية: أن لا يكون بغبن فاحش.

كأن يبيع بأقل من ثمن المثل، أو يشتري بأكثر من ثمن المثل يسيرا.

فاختلف العلماء في تضمين الولي على قولين:

القول الأول: أنه إذا اجتهد وتحرى فلا ضمان عليه، وإن فرط ضمن.

1 بدائع الصنائع 5/153، والكافي لابن عبد البر 2/1034، وتكملة المجموع الثانية 13/346، ومعونة أولي النهى 4/569.

2 مجموع الفتاوى 30/43

ص: 299

وبه قال شيخ الإسلام1، وهو ظاهر اختيار الشيخ عبد الرحمن السعدي2 رحمه الله تعالى.

وحجته في ذلك:

1-

ما رواه أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: “بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فصبحنا الحرقات من جهينة، فأدركت رجلا، فقال: لا إله إلا الله فطعنته فوقع في نفسي من ذلك، فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أقال لا إله إلا الله وقتلته؟ “ 3.

وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يضمن أسامة بن زيد رضي الله عنه بدية ولا كفارة؛ لأنه مجتهد غير مفرط4.

2-

قال شيخ الإسلام: “وهو شبيه بما إذا قتل في دار الحرب من يظنه حربيا، فبان مسلماً، فإن جماع هذا: أنه مجتهد مأمور بعمل اجتهد فيه وكيف يجتمع عليه الأمر والضمان؟ هذا الضرب هو خطأ في الاعتقاد والقصد لا في العمل

5.

3-

أنه مأذون له في البيع والشراء، وما ترتب على المأذون غير مضمون 6.

1 الاختيارات ص (140)

2 المختارات الجلية ص (118) حيث جاء فيه: (كما أن الصحيح أن الوكيل إذا باع أو اشترى بأكثر من ثمن المثل، أو بأقل من ثمن المثل مع احتياطه واجتهاده لموكله أنه غير ضامن

) .

3 أخرجه مسلم في الإيمان باب تحريم قتل الكافر

(158)

4 ينظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام

5 الاختيارات ص (140، 141)

6 المختارات الجلية ص (118)

ص: 300

القول الثاني: أنه إذا باع بأقل من ثمن المثل، فإن كان مما يتغابن به الناس عرفاً فلا يضمن، وإن كان مما لا يتغابن به عرفا ضمن.

وهو مذهب الحنفية، والشافعية، والحنابلة1.

وحجته: أن إطلاق البيع ينصرف إلى ثمن المثل، فيضمن إذا نقص أو زاد على ثمن المثل.

ولأن تصرفه مقيد بالنظر في حق الصغير، ولا نظر فيما لا يتغابن به الناس2.

وما يتغابن فيه الناس جرى العرف بالتسامح فيه.

ولأن اليسير لا يمكن التحرر عنه، ويكثر وقوعه، ففي اعتباره تعطيل لمصالحه3.

القول الثالث: أنه لا يجوز البيع إلا بأزيد من الثمن، إلا إذا كان هناك حاجة فيجوز بالثمن.

وهو مذهب المالكية 4.

ولعل مأخذه الاحتياط لليتيم.

الترجيح:

الراجح ـ والله أعلم ـ القول الأول، وأن الولي مع الاجتهاد وعدم التفريط لا يضمن لقوة دليله؛ لأنه مأذون له في البيع والشراء، وما ترتب على المأذون غير مضمون، ولأنه أمين والأمين لا ضمان عليه مع عدم التعدي والتفريط5.

1 ينظر: بدائع الصنائع 5/153، وروضة الطالبين 4/188، و303، والمبدع 4/369- 370، وغاية المنتهى 2/154، ومطالب أولي النهى 3/412.

2 ينظر: تبيين الحقائق 6/211، ومجمع الأنهر 2/724.

3 المصادر السابقة

4 مواهب الجليل 5/73، وحاشية الدسوقي 3/300

5 القواعد والأصول الجامعة للسعدي ص 75

ص: 301