المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثاني: أخذ جزء من الربح مقابل المضاربة به - الإفادة من مال اليتيم في عقود المعاوضات والتبرعات

[خالد المشيقح]

الفصل: ‌المطلب الثاني: أخذ جزء من الربح مقابل المضاربة به

‌المطلب الثاني: أخذ جزء من الربح مقابل المضاربة به

.

المطلب الثاني: أخذ جزء من ربح ماله مقابل المضاربة به

وفيه مسألتان:

المسألة الأولى: مشروعية المضاربة بمال اليتيم.

للولي أن يبيع ويشتري في مال اليتيم، وأن يدفعه لغيره مضاربة. بل صرح جمع من أهل العلم على استحباب ذلك 1.

وهذا قول جمهور أهل العلم 2.

وحجة هذا القول:

1-

ما تقدم من الأدلة على قربان مال اليتيم بالتي هي أحسن، والإصلاح في ماله 3 ومما يدخل في ذلك المضاربة به.

2-

ما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ألا من ولي يتيما له مال، فليتجر له، ولا يتركه حتى تأكله الصَّدَقة”4. لكنه ضعيف لا يحتج به.

وورد أن عثمان بن أبي العاص “قدم على عمر، فقال له عمر: كيف متجر

1 الاختيارات ص (138) .

2 أحكام القرآن للجصاص 2/66، والمبسوط 28/28، والبحر الرائق 8/468، والمدونة 5/314، والكافي لابن عبد البر 2/1033، وروضة الطالبين 5/124، والفروع4/321، والمبدع 4/338.

3 ينظر: ص (290) .

4 أخرجه التّرمذي في الزّكاة؛ باب ما جاء في زكاة مال اليتيم (636) ،وأبو عبيد في الأموال (1299) ، والدّارقطني 2/109. وفي إسناده المثنّى بن الصّباح؛ ضعيف كما في التّقريب 2/228. وتابعه محمّد بن عبيد العزرمي عند الدّارقطني، لكن الرّاوي عنه مندل؛ وهو ضعيف. وأيضاً عبد الله بن عليّ الإفريقي كما في الكامل لابن عدي7/146؛وهو ضعيف، وخالفهم جميعاً حسين المعلّم فقال: عن عمرو بن شعيب عن سعيد أنّ عمر قال.

ص: 295

أرضك فإن عندي مال يتيم قد كادت الزكاة أن تفنيه؟ قال: فدفعه إليه”1.

3-

ما ورد عن عمر رضي الله عنه أنه قال: “ابتغوا في أموال اليتامى لا تستغرقها الصدقة” 2.

4-

ما رواه القاسم بن محمد3. قال: “كنا يتامى في حجر عائشة، فكانت تزكي أموالنا، ثم تدفعه مقارضة فبورك لنا فيه” 4.

5-

ولأن ذلك أحظ للمولى عليه؛ لتكون نفقته من فاضله وربحه كما يفعله البالغون في أموالهم 5.

القول الثاني: أنه يكره أن يدفع ماله مضاربة.

وبه قال الحسن البصري6، وعن الإمام أحمد عدم الجواز 7.

وحجته: اجتناب المخاطرة به، وأن خزنه أحفظ له8.

1 إسناده صحيح، أخرجه عبد الرزاق4/67، وأبو عبيد في الأموال ص 405 والبيهقي 4/107 من طرق عن عبد الكريم بن أبي أمية وخالد الحذاء عن حميد بن هلال أن عمر.

2 أخرجه مالك في الموطأ 1/251، وابن أبي شيبة 3/150، وعبد الرزاق 4/68، وأبوعبيد في الأموال ص (455) ، والدارقطني 2/110، والبيهقي 4/107، وقال: “هذا إسناد صحيح، وله شواهد عن عمر رضي الله عنه”.

3 القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، أبو محمد، أعلم الناس بحديث عائشة رضي الله عنها، توفي سنة (105هـ) وقيل (106هـ) . (طبقات ابن سعد 5/187، وتهذيب التهذيب 8/333)

4 أخرجه مالك في الموطأ 1/251 عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه به، وأيضا أخرجه عبد الرزاق 4/66، والشافعي في مسنده ص 204، وأبو عبيد في الأموال ص 456، وابن أبي شيبة 3/149، والبيهقي 4/108.

5 المغني 6/339.

6 المغني 6/339

7 الفروع 4/321.

8 الإنصاف مع الشرح الكبير 13/376

ص: 296

ونوقش هذا الاستدلال: بأن المضاربة بمال اليتيم مشروطة بانتفاء الخطر، ولا يسلم بأن خزنه أحفظ له، بل المضاربة به أحفظ له لماله لينفق من فاضل ربحه، وخزنه سبب لاستهلاك الصدقة له.

الترجيح:

الراجح ـ والله أعلم ـ هو القول الأول، إذ هو الوارد عن الصحابة رضي الله عنهم.

فرع: ولا يتجر به إلا في المواضع الآمنة، ولا يدفعه إلا إلى الأمناء 1.

المسألة الثانية: أخذ جزء من ربح ماله.

اختلف العلماء رحمهم الله في استحقاق الولي، أو غيره ممن عمل في مال اليتيم جزءاً من ربحه على قولين:

القول الأول: أنه يجوز للولي أن يأخذ لنفسه، وأن يعطي غيره وهو مذهب الحنفية 2، وتخريج للحنابلة 3.

وحجة هذا القول:

1-

الأدلة الدالة على جواز أكل الولي الفقير من مال اليتيم 4.

فإذا جاز له الأكل مع عدم العمل، فجوازه مع العمل فيه وتنميته من باب أولى.

2-

ما تقدم من الآثار الواردة عن الصحابة في أمر الولي بالمضاربة في مال اليتيم5، والمضاربة دفع مال لمن يعمل فيه مقابل جزء مشاع من ربحه.

1 المصدر السابق.

2 أحكام القرآن للجصاص 2/66، والفتاوى البزازية 6/445.

3 الشرح مع الإنصاف 13/376.

4 ينظر ص (291) .

5 ينظر ص (294) .

ص: 297

3-

أنه إذا جاز للولي أن يدفع جزءاً من ربح مال اليتيم إلى غيره، فكذا يجوز له أخذ ذلك 1.

4-

ما تقدم من الأدلة على أن لولي اليتيم أن يشتري ويبيع من نفسه إذا زالت التهمة2.

القول الثاني: أن الولي ليس له أن يأخذ شيئا من الربح، وله أن يعطي غيره ممن دفع له المال مضاربة.

وبه قال جمهور أهل العلم 3.

وحجة هذا القول:

أن الربح نماء مال اليتيم، فلا يستحقه غيره إلا بعقد، ولا يجوز أن يعقد الولي المضاربة لنفسه 4.

ولعله يناقش: بأن محصله أنه استدل بمحل النزاع، فلا يسلم.

الترجيح:

الراجح ـ والله أعلم ـ هو القول الأول، إذ لا فرق بين الولي وغيره مع زوال التهمة. ولأن الولي نائب عن اليتيم فيما فيه مصلحته، وهذا فيه مصلحته، فأشبه تصرف المالك في ماله.

1 الشرح الكبير مع الإنصاف 13/376.

2 ينظر ص (291) .

3 المدونة 5/314، والكافي لابن عبد البر 2/1033، وروضة الطالبين 5/124، والفروع 4/321، والمبدع 4/338.

4 الشرح الكبير مع الإنصاف 13/377.

ص: 298