الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول: الإفادة من مال اليتيم في عقود المعاوضات
.
المطلب الأول: بيع الولي وشراؤه من نفسه
.
…
المبحث الأول: الإفادة من مال اليتيم في عقود المعاوضات
وفيه مطالب:
المطلب الأول: بيع الولي وشراؤه من نفسه
اختلف العلماء رحمهم الله في بيع وشراء الولي من مال اليتيم لنفسه على قولين:
القول الأول: أنه يجوز للولي أن يبيع وأن يشتري مال اليتيم لنفسه. إذا زالت التهمة، بأن يزيد على ثمن المثل في الشراء، وينقص عنه في البيع.
وهو مذهب الحنفية 1، والمالكية 2، وهو رواية عن الإمام أحمد3، فقد ورد عن الإمام الجواز بشرطين:
أ - أن يزيد على مبلغ ثمنه في النداء.
ب - أن يتولى النداء غيره 4.
وبه قال ابن حزم إلا أنه لم يشترط الزيادة، بل يشترط عنده عدم المحاباة5.
لكن استثنى أبو حنيفة: القاضي ووصيه فلا يملك ذلك.
وحجة هذا القول:
1-
قوله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} 6.
1 المبسوط 28/33، وبدائع الصنائع 5/154، وتبيين الحقائق 6/211.
2 المدونة 4/288، والإشراف 2/28، وبداية المجتهد 2/303.
3 المحلى لابن حزم 8/324.
4 كتاب الروايتين 1/398، والإنصاف مع الشرح الكبير 13/371.
5 المحلى 8/324.
6 سورة الأنعام آية (152) ، سورة الإسراء آية (34)
وجه الدلالة: أن الآية أفادت جواز قربان مال اليتيم بالبيع والشراء إذا كان ذلك بالتي هي أحسن، وهذا عام يشمل الولي، وغيره.
2-
ما ورد أن ابن عمر رضي الله عنهما “أنه اقترض مال اليتيم” 1.
وجه الدلالة: أن في القرض نوعا من التبرع، فإذا جاز ذلك في القرض، فجوازه في عقود المعاوضات من باب أولى.
ونوقش بقول الإمام أحمد: “إنما استقرض نظرا لليتيم، واحتياطا إن أصابه شيء غرمه” 2.
3-
أن تصرف الولي بولاية مستقلة فأشبه الأب والجد 3.
4-
أنه متى باع من نفسه بزيادة على ما يباع به علم أنه أراد نفع اليتيم، فنفذ تصرفه فيه كما لو باع من أجنبي.
5-
أنه يجوز له بيعه من الأجنبي بما لا زيادة فيه متيقنة، فبيعه منه بالزيادة المتيقنة أولى.
6-
أن الغرض من البيع حصول الثمن لا أعيان المشترين بدليل أن الوكيل إذا ابتاع لموكله ولم يسمه جاز، فإذا ثبت ذلك فمتى حصل الثمن مستوفى فيجب أن يصح الشراء كما لو حصل من أجنبي 4.
واحتج ابن حزم: أن الولي مأمور بالقيام بالقسط، والتعاون على البر، فإذا فعل ما أمر به فهو محسن، وما على المحسنين من سبيل، ولم يأت قط نص
1 أخرجه عبد الرزاق في مصنفه 4/70 ومن طريقه البيهقي 2/285 نا معمر عن سالم عن ابن عمر وهذا إسناد صحيح.
2 الشرح الكبير مع الإنصاف 13/378.
3 تقويم النظر لابن الدهان 3/923 مضروب على الآلة الكاتبة.
4 ذكر هذه الأدلة القاضي عبد الوهاب في الإشراف 2/27-28.
قرآن ولا سنة بالمنع 1.
القول الثاني: أنه ليس للولي أن يبيع أو يشتري من نفسه.
وهو مذهب الشافعية2، والحنابلة3. لكن استثنى الشافعية الجد، فقالوا له: أن يشتري ويبيع من نفسه.
وحجته:
1-
ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يشتري الوصي من مال اليتيم” 4.
ولعله يناقش: بأنه لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
2-
ما ورد أن رجلا من همدان جاء إلى ابن مسعود على فرس أبلق، فقال: “إن رجلا أوصى إلي وترك يتيما فاشترى هذا الفرس، أو فرساً آخر من ماله، فقال عبد الله: لا تشتر شيئا من ماله، وفي هذا الكتاب: لا تشتر شيئاً من ماله، ولا تستقرض شيئاً من ماله” 5.
ولعله يناقش: بأنه محمول على الاحتياط لليتيم.
1 المحلى 8/324.
2 مختصر المزني مع الأم 8/210، والوجيز 1/284، وتقويم النظر لابن الدهان 3/923 مضروب على الآلة الكاتبة.
3 مسائل أحمد لابنه صالح 1/246، وكتاب الروايتين والوجهين 1/398 والتنقيح المشبع ص (206) .
4 قال ابن حجر في التلخيص (1257) : لم أجده.
5 إسناده صحيح، أخرجه سعيد بن منصور (327) ، وعبد الرزاق 9/94 والبيهقي 6/285، واللفظ له، وابن حزم 8/324 من طريق الثوري عن أبي إسحاق عن صلة بن زقر قال: جاء رجل
…
وهذا إسناد صحيح.
3-
أنه متهم في طلب الحفظ له في بيع ماله من نفسه فلم يجعل ذلك إليه1.
ولعله يناقش: بأن الجواز مشروط بعدم التهمة.
4-
أن من لا يجوز له أن يشتري بثمن المثل لا يجوز له أن يشتري بأكثر كالوكيل2.
ولعله يناقش: بأن الأصل المقيس عليه موضع خلاف بين أهل العلم.
5-
أن إطلاق البيع ينصرف إلى العرف، والعرف أن لا يبيع ولا يشتري الإنسان من نفسه 3.
واستدل الشافعية على استثناء الجد: أن الجد لا يتهم في ذلك، لكمال شفقته 4.
الترجيح: الراجح ـ والله أعلم ـ هو القول الأول، إذ لا فرق بين الولي وغيره مع زوال التهمة.
1 انظر: كتاب الروايتين والوجهين 1/399، والشرح الكبير مع الإنصاف 13/372.
2 تقويم النظر 3/924
3 ينظر: المبدع 4/367، ومطلب أولي النهي 3/463
4 المهذب مع تكملة المجموع الثانية 13/356