الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مِيرَاثِ الْخُنْثَى
وَهُوَ الَّذِي لَهُ ذَكَرٌ وَفَرْجُ امْرأَةٍ.
فَيُعْتَبَرُ بِمَبَالِهِ، فَإِنْ بَال أَوْ سَبَقَ بَوْلُهُ مِنْ ذَكَرِهِ فَهُوَ رَجُلٌ، وَإنْ
ــ
بابُ مِيراثِ الخُنْثَى
سَبَقَ مِنْ فَرْجِهِ فَهُوَ امْرَأَةٌ، وَإِنْ خَرَجَا مَعًا اعْتُبِرَ أَكثَرُهُمَا، فَإِنِ اسْتَوَيَا فَهُوَ مُشْكِلٌ.
ــ
قوله: وإنْ خَرَجا معًا اعْتُبِرَ أكثَرُهما، فإن اسْتَوَيا فهو مُشْكِلٌ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه. وجزَم به في «الوَجيزِ» ، و «الهدايَةِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وقيل: لا تُعْتَبَرُ الكَثْرَةُ. ونقلَه ابنُ هانِئ. وهو ظاهِرُ كلامِ أبِي الفَرَجِ وغيرِه، فإنَّه قال: هل يُعْتَبرُ السَّبْقُ في الانْقِطاعِ؟ فيه رِوايَتان. ولم يذكُرِ الكَثْرَةَ. وقال
فَإِنْ كَانَ يُرْجَى انْكِشَافُ حَالِهِ، وَهُوَ الصَّغِيرُ، أُعْطِيَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ الْيَقِينَ، وَوُقِفَ الْبَاقِي حَتَّى يَبْلُغَ فَيَظْهَرَ فِيهِ عَلَامَاتُ الرِّجَالِ؛ مِنْ نَبَاتِ لِحْيَتِهِ، وَخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ ذَكَرِهِ، أَوْ عَلَامَاتُ النِّسَاءِ،
ــ
في «التَّبْصِرَةِ» : يُعْتَبرُ أطْوَلُهما خُروجًا، ونقَلَه أبو طالبٍ؛ لأنَّ بوْلَه يَمْتَدُّ وبَوْلَها يسِيلُ. وقال القاضي وابنُ عَقِيلٍ: إنْ خرَجا معًا حُكِمَ للمُتَأَخِّرِ. وقدَّم ابنُ عَقِيلٍ الكَثْرَةَ على السَّبْقِ. وقيل: إنِ انْتَشرَ بوْلُه على كَثِيبِ رَمْلٍ فذَكَرٌ، وإنْ لم ينْتَشِرْ فأُنْثَى. قال في «الرِّعايَةِ»: وفيه بُعْدٌ. قال ابنُ أبي مُوسى: تُعَدُّ أضْلاعُه؛ فسِتَّةَ عشَرَ ضِلْعًا للذَّكَرِ، وسَبْعَةَ عشَرَ للأُنْثَى. قال في «الرِّعايَةِ»: وفيه بُعْدٌ.
قوله: وإنْ كان يُرْجَى انكِشافُ حَالِه، وهو الصَّغِيرُ، أُعْطِيَ هو ومَن معه اليَقِينَ، ووُقِفَ الباقِي حتى يَبلُغَ، فتَظْهَرَ فيه عَلاماتُ الرِّجالِ؛ مِن نَباتِ لِحْيَتِه
مِنَ الْحَيضِ وَنَحْوهِ. وَإنْ يُئِسَ مِنْ ذَلِكَ بِمَوْتِهِ أَوْ عَدَمِ الْعَلَامَاتِ بَعْدَ بُلُوغِهِ أُعْطِيَ نِصْفَ مِيرَاثِ ذَكَرٍ، وَنِصْفَ مِيرَاثِ أُنْثَى.
ــ
وخُرُوجِ المَنِيِّ مِن ذَكَرِه، أو عَلاماتُ النِّساءِ؛ مِنَ الحَيضِ ونحوه. كسُقوطِ الثَّدْيَين. نصَّ عليه. وهذا المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
به في «الوَجيزِ» ، و «المُحَررِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: لا أُنُوثَةَ بسُقوطِ الثَّدْيَين. وقيل: إنِ اشْتَهَى النِّساءَ فذكَرٌ في كلِّ شيءٍ. قال القاضي في «الجامِعِ» : إلَّا في الإِرْثِ والدِّيَةِ؛ لأنَّ للغيرِ حقًّا، وإنِ اشْتَهَى ذكَرًا فأُنْثَى. وقال في «عُيونِ المَسائلِ»: إنْ حاضَ مِن فَرْجِ المرْأةِ أو احْتَلمَ منه، أو أنْزَلَ مِن ذَكَرِ الرَّجُلِ، لم يُحْكَمْ بالخنُوثَةِ (1)؛ لجوازِ كوْنِه خِلْقَةً زائدَةً. وإنْ حاضَ مِن فَرْجِ النساءِ وأنْزَلَ مِن ذكَرِ الرَّجُلِ، فبالِغٌ بلا إشْكالٍ. وتقدَّم في بابِ الحَجْرِ، بما يحْصُلُ به بلُوغُ الخُنْثَى المُشْكِلِ، فلْيُعاوَدْ؛ فإنَّ فيه نَوْعَ الْتِفاتٍ إلى هذا.
قوله: وإنْ يُئسَ مِن ذلِك بمَوْتِه، أو عَدَمِ العَلاماتِ بعدَ بُلُوغِه، أُعْطِيَ نِصْفَ
(1) في ط: «ببلوغه»
فَإِذَا كَانَ مَعَ الْخُنْثَى بِنْتٌ وَابْنٌ، جَعَلْتَ لِلْبِنْتِ أَقَلَّ عَدَدٍ لَهُ نِصْفٌ وَهُوَ سَهْمَانِ، وَلِلذَّكَرِ أَرْبَعَةً، وَلِلْخُنْثَى ثَلَاثَةً. وَقَال أصْحَابُنَا: تَعْمَلُ المَسْأَلَةَ عَلى أَنَّهُ ذَكَرٌ، ثُمَّ عَلى أَنَّهُ أُنْثَى، ثُمَّ تَضْرِبُ إِحْدَاهُمَا أوْ وَفْقَهَا فِي الأُخْرَى إِنِ اتَّفَقَتَا، وَتَجْتَزِئُ بِإِحْدَاهُمَا إِنْ تَمَاثَلَتَا،
ــ
مِيراثِ ذَكَرٍ، ونِصْفَ مِيراثِ أُنْثَى، فإذا كان مع الخُنْثَى بنْتٌ وابنٌ، جَعَلْتَ للبِنْتِ أقَلَّ عَدَدٍ له نِصْفٌ، وهُو سَهْمان، وللذَّكَرِ أرْبَعةً، ولِلْخُنْثَى ثَلاثَةً. وهذا اختِيارُ
أوْ بِأكْثَرِهِمَا إِنْ تَنَاسَبَتَا وَتَضْرِبُهَا فِي اثْنَينِ، ثُمَّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ إِحْدَى الْمَسْأَلَتَينِ مَضْرُوبٌ فِي الأُخْرَى، أوْ فِي وَفْقِهِمَا، أَوْ تَجْمَعُ مَا لَهُ مِنْهُمَا إِنْ تَمَاثَلَتَا.
ــ
المُصَنِّفِ، وقال: هذا قوْلٌ لا بأْسَ به في هذه المَسْألةِ، وفي كل مسْألَةٍ فيها وَلَدٌ إذا كان فيهم خُنْثَى. وجزَم به في «الوَجيزِ». وقدَّمه في «الفُروعِ». وقال أصحابُنا: تُعْمَلُ المَسْأَلَةُ على أنَّه ذكَرٌ، ثم على أنَّه أُنْثَى. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. فيَسْتَحِقُّ على اخْتِيارِ المُصَنِّفِ ومَن تابعَه في هذه المَسْألَةِ، ثلاثةً مِن تِسْعَةٍ، وهي الثُّلُثُ. وعلى قَوْلِ الأصحابِ يسْتَحِقُّ ثلاثةَ عشَرَ مِن أرْبَعِين، وهي أقلُّ مِنَ الثُّلُثِ.
قوله: ثم تَضْرِبُ إحْداهما أو وَفْقَها في الأُخْرَى إنِ اتَّفَقَتا، وتَجْتَزِئُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بإحْداهما إنْ تماثَلَتا، أو بأكْثَرِهما إِنْ تَناسَبَتا. هكذا قال الأصحابُ. وقال في «الرِّعايةِ»: وقيل: المُناسِبُ هنا نَوْعٌ مِنَ المُوافقِ.
تنبيه: مُرادُه بقوْلِه: أُعْطِيَ نِصْفَ مِيراثِ ذَكَرٍ، ونِصْفَ مِيراثِ أُنْثَى. إذا كان يَرِثُ بهما مُتَفاضِلًا؛ كوَلَدِ المَيِّتِ أو وَلَدِ أبيه [أو ولدِ ابنِه](1). أمَّا إذا وَرِثَ بكَوْنِه
(1) سقط من: الأصل، وفي ط:«أو ولد أبيه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذكَرًا فقط؛ كوَلَدِ أخِي المَيِّتِ أو عمِّه ونحوه، فله نِصْفُ مِيراثِ ذَكَرٍ لا غيرُ. أو وُرِثَ بكَوْنِه أُنْثَى فقط؛ كوَلَدِ أبٍ خُنْثَى مع زَوْجٍ وأُخْتٍ لأبوَين ونحوه، فله نِصْفُ مِيراثِ أُنثَى لا غيرُ. أو يكونُ الذَّكَرُ والأنْثَى لا تَفاضُلَ بينَهما، كوَلَدِ الأمِّ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فإنَه يُعْطَى سُدْسًا مُطْلَقًا. أو كان الخُنْثَى سَيِّدًا مُعْتِقًا، فإنَه عصَبَةٌ، بلا نِزاعٍ.
وَإِنْ كَانَا خُنْثَيَينِ أوْ أكْثَرَ نَزَّلْتَهُمْ بِعَدَدِ أحْوَالِهِمْ. وَقَال أَبُو الْخَطَّابِ: تُنَزِّلُهُمْ حَالينَ، مَرَّةً ذُكُورًا وَمَرَّةً إِنَاثًا. وَالْأوَّلُ أَوْلَى.
ــ
قوله: وإنْ كانا خُنْثَيَين فأكْثَرَ، نَزَّلْتَهم بعَدَدِ أحْوالِهم. وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم ابنُ عَقِيلٍ، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم. وقال أبو الخَطَّابِ: يُنَزِّلُهم حالين؛ مرَّةً ذُكورًا، ومرَّةً إناثًا. وقدَّمه في «الرِّعايتَين». وقال في «الفُروعِ»: وقال ابنُ عَقِيلٍ: تُقسَمُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
التَّرِكَةُ، ولا تُوقَفُ مع خُنْثَى مُشْكِلٍ على الأصحِّ. وقال في «الفائقِ»: وفيه وَجْهٌ؛ يُنَزَّلُون حالَيْن فقط؛ ذكُورًا وإناثًا. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ، مع مُزاحَمَتِهم مع غيرِهم مِن وَجْهٍ واحدٍ. وفيه وَجْهٌ ثالثٌ، وهو قِسْمَةُ مُسْتَحَقِّهِم بينَهم على أنْصِبائِهم مُنْفَردِين. فلو كان الوارثُ ابنًا ووَلَدَين خُنْثَيَين، صحَّتْ مِن مِائَتَين وأرْبَعِين، على تَنْزِيِلِهم. على الأحْوالِ؛ للِابْنِ ثَمانيةٌ وتِسْعون، ولكُلِّ خُنْثَى أحدٌ وسَبْعون. وتَصِحُّ على الحالين مِن أرْبعَةٍ وعِشْرِين؛ عشَرَة للِابْنِ، ولكُلِّ خُنْثَى سبْعَةٌ. وعلى الوَجْهِ الثَّالثِ، تَصِحُّ مِن عَشَرَةٍ؛ للِابْنِ أرْبعَةٌ، ولكُلِّ خُنْثَى ثَلاثةٌ. ولو كان الوارِثُ وَلَدًا أو وَلَدَ ابْن خُنْثَيَين وعَمًّا، صَحَّتِ المَسْألَةُ مِن أرْبَعةٍ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعِشْرِين؛ ثمانيةَ عشَرَ للوَلَدِ، وأرْبعَةٌ لوَلَدِ الإِبْنِ، وسَهْمان للعَمِّ. وعلى العَمَلِ بالحالين يسْقُطُ ولَدُ الابنَ هنا لو كان مع ولَدِ الصُّلْبِ أخْتُه. قاله في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وفي «الصُّغْرَى»: ولو كان. بزِيادَة واوٍ.
فوائد؛ الأُولَى، لو أعْطَتَ الخَناثَى اليقينَ قبلَ اليأْسِ مِنَ انْكِشافِ حالِهم، نزَّلْتَهم بعَدَدِ أحْوالِهم بلا خِلافٍ. وكذا حُكْمُ المفْقُودِين كما تقدَّم. الثَّانيةُ، لو صالح الخُنْثَى المُشْكِلُ مَن معه على ما وُقِفَ له، صحَّ إنْ كان بعدَ البُلوغِ، وإلَّا فلا. الثَّالثةُ، قال المُصَنِّفُ: لقد وَجَدْنا في عَصْرِنا شيئًا لم يَذْكُرْه الفَرَضِيُّون، فإنَّا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَجَدْنا شخْصَين ليس لهما في قُبُلِهما مَخْرَجٌ، لا ذَكَر ولا فرْجٌ؛ أمّا أحدُهما فذكَرُوا أنَّه ليس له في قُبُلِه إلَّا لُحْمَةٌ ناتِئَةٌ كالرَّبْوَةِ، يَرْشَحُ البَوْلُ منها رَشْحًا على الدَّوامِ. والثَّاني ليس له إلَّا مَخْرَجٌ واحدٌ فيما بينَ المَخْرَجَين، منه يتَغوَّطُ ومنه يَبُولُ. وسألتُ مَن أخْبَرنِي عن زِيِّه، فقال: يَلْبَسُ لُبْسَ النِّساءِ ويُخالِطُهُنَّ، ويَغْزِلُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
معهنَّ، ويَعُدُّ نفْسَه امْرأَةً. وحُدِّثْتُ أنَّ في بلادِ العجَمِ شخْصًا ليس له مَخْرَجٌ أصْلًا، لا قُبُلٌ ولا دُبُرٌ (1)، وإنَّما يتَقيَّأُ ما يأْكُلُه ويَشْرَبُه. قال المُصَنِّفُ: فهذا وما أشْبَهَهُ في مَعْنَى الخُنْثَى، لكِنَّه لا يُمْكِنُ اعْتِبارُه بمَبالِهِ، فإن لم يكُن له عَلامَةٌ أُخْرَى فهو مُشْكِلٌ. انتهى. وقال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، في مَوْضِعٍ: ومن له ثَقْبٌ واحِدٌ يخْرُجُ منه البَوْلُ والمَنِيُّ والدَّمُ، فله حُكْمُ الخُنْثَى. وقال في مَوضِعٍ آخَرَ: وإنْ كان له ثَقْبٌ واحدٌ يَرْشَحُ منه البَوْلُ، فهو خُنْثَى مُشكِلٌ. كما تقدَّم.
(1) في ط: «ذكر» .