المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ميراث الحمل - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ١٨

[المرداوي]

الفصل: ‌باب ميراث الحمل

‌بَابُ مِيرَاثِ الْحَمْلِ

إذَا مَاتَ عَنْ حَمْلٍ يَرِثُهُ وَطَالبَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ بِالْقِسْمَةِ، وَقَفْتَ

ــ

بابُ مِيراثِ الحَمْلِ

فائدة: الحَمْلُ يَرِثُ في الجُمْلَةِ، بِلا نِزاع. لكِنْ هل يَثْبُتُ له المِلْكُ بمُجَرَّدِ مَوْتِ مَوْرُوثِه، ويتَبَيَّنُ ذلك بخُروجِه حَيًّا، أم لا يثْبُتُ له المِلْكُ حتَّى ينْفَصِلَ حيًّا؟ فيه خِلافٌ بينَ الأصحابِ. قال في «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: وهذا الخِلافُ مُطَّرِدٌ في سائرِ أحْكامِه الثَّابِتَةِ له، هل هي مُعَلَّقَةٌ بشَرْطِ انْفِصالِه حَيًّا، فَلا تثْبُت قبلَه، أو هي ثابِتَةٌ له في حالِ كوْنِه حَمْلًا، لكِنْ ثُبوتُها مُراعًى بانْفِصالِه حَيًّا، فإذا انْفَصَلَ حيًّا تَبَيَّنَّا ثُبوتَها من حينِ وُجودِ أسْبابِها؟ وهذا هو تحْقِيقُ مَعْنَى قوْلِ مَن قال: هل الحَمْلُ له حُكْمٌ أمْ لا؟ قال: والذي يقْتَضِيه نصُّ الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، في الإنْفاق على أُمِّه مِن نَصِيبِه، أنَّه يثْبُتُ له المِلْكُ بالإرْثِ مِن حينِ مَوْتِ أبِيه. وصرَّح بذلك ابنُ عَقِيلٍ، وغَيرُه مِنَ الأصحابِ. ونُقِلَ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، ما يدُلُّ على خِلافِه، وأنَّه لا يثْبُتُ له المِلْكُ إلَّا بالوَضْعِ. وقال المُصَنِّفُ ومَن تابعَه، في فِطْرَةِ الجَنِينِ: لم تثْبُتْ لهُ أحْكامُ الدُّنْيا إلَّا في الإِرْثِ والوَصِيَّةِ، بشَرْطِ خُروجِه حيًّا. انتهى.

فائدة: قولُه: وَقَفْتَ له نَصِيبَ ذَكَرَين، إِنْ كان نَصِيبُهما أكْثَرَ، وإلَّا وَقَفْتَ

ص: 205

لَهُ نَصِيبَ ذَكَرَينِ، إِنْ كَانَ نَصِيبُهُمَا أكْثَرَ، وَإلَّا وَقَفْتَ نَصِيبَ أُنْثَيَينِ، وَدَفَعْتَ إِلَى مَنْ لَا يَحْجُبُهُ الْحَمْلُ أقَلَّ مِيرَاثِهِ، وَلَا تَدْفَعُ إلَى مَنْ يُسْقِطُهُ شَيئًا.

ــ

نَصِيبَ أُنْثَيَين. وكذا لو كان إرْثُ الذَّكَرِ والأُنْثَى أكْثَرَ. قاله في «الرِّعَايَتَين» . وهذا بلا نِزاعٍ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. فمِثالُ كوْنِ الذَّكرَين نَصِيبُهما أكثرُ،

ص: 206

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لو خَلَّفَ زوْجَةً حامِلًا. ومِثالُه في الأُنْثَيَينِ؛ كزَوْجَةٍ حاملٍ مع أَبوَين. ومِثالُه في الذَّكَرِ والأُنْثَى؛ لو خلفَ زوْجَةً، أو خلَّفَتْ زوْجًا وأُمًّا حامِلًا. قاله في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . وفيه نظرٌ ظاهِرٌ.

ص: 207

فَإِذَا وُضِعَ الْحَمْلُ دَفَعْتَ إلَيهِ نَصِيبَهُ وَرَدَدْتَ الْبَاقِي إِلَى مُسْتَحِقِّهِ.

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 208

فَصْلٌ: وَإذَا اسْتَهَل الْمَوْلُودُ صَارِخًا وَرِثَ وَوُرِثَ، وَفِي مَعْنَاهُ الْعُطَاسُ، وَالتَّنَفُّسُ، وَالارْتِضَاعُ، وَمَا يَدُلُّ عَلَى الْحَيَاةِ. فَأمَّا الْحَرَكَةُ وَالاخْتِلَاجُ فَلَا تَدُلُّ عَلَى الْحَيَاةِ.

ــ

قوله: وإذا اسْتَهَلَّ المَوْلُودُ صارِخًا، وَرِثَ ووُرِثَ. مُخَفَّفًا. هذا المذهبُ. نقَلَه أبو طَالِبٍ. قال في «الرَّوْضَةِ»: هذا الصَّحيحُ عندِي. وجزَم به (1) في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يَرِثُ أيضًا بصَوْتٍ غيرِ الصُّراخِ.

قوله: وفي مَعْناه العُطاسُ والتَّنَفُّس. هذا المذهبُ. نصَّ عليه في العُطاسِ.

(1) سقط من: ط.

ص: 210

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جزَم به في «الرِّعايَتَين» ، و «الوَجيزِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الهِدايَةِ» ، «الخُلاصَةِ» ، وغيرِهم. وجزَم به في «المُذْهَبِ» في العُطاسِ. وقدَّمه في «الفائقِ» . وقاله القاضي، وأصحابُه، وجَماعة في التَّنَفُّسِ. قال في «الفائقِ»: وشرَطَ القاضي طُولَ زَمَنِ التنَّفُّسِ. وقال في «التَّرْغيبِ» : إنْ قامتْ بَيِّنَةٍ أنّ الجَنِينَ تَنَفَّسَ أو تحَرَّكَ أو عَطَسَ، فهو حيٌّ. وقال في «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» في هذا البابِ: فإنْ تحَرَّكَ أو تَنفَّسَ لم يكُنْ كالاسْتِهْلالِ. نقَل ابنُ الحَكَمِ، إذا تحَرَّكَ فَفيه الدِّيَةُ كامِلَةً، ولا يَرِثُ ولا يُورَثُ حتَّى يسْتَهِلَّ ظاهِرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ» أنَّ مُجَردَ التَّنَفُّسِ ليس كالاسْتِهْلالِ. وقال في

ص: 211

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«الفائقِ» : وعنه، يَتعَيَّنُ الاسْتِهْلالُ فقط.

قوله: والارْتِضاعُ. يعْنِي أنَّه في مَعْنَى الاسْتِهْلالِ صارِخًا، فيَرِثُ ويُورَثُ

ص: 212

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بذلك. وهو المذهبُ. وجزَم به في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغيرِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. قال في «الفُروعِ» هذا الأشْهَرُ. وقدَّمه في «الفائقِ» وغيرِه. وقيل: لا يَرِثُ بذلك ولا يُورَثُ. وتقدَّمتِ الرِّوايَةُ التي ذكَرَها في «الفائقِ» .

قوله: وما يَدُلُّ على الحَياةِ. كالحَرَكَةِ الطَّويلَةِ والبُكاءِ وغيرِهما، ممَّا يُعْلَمُ به حَياتُه. وهذا المذهبُ. وجزَم به في «الهِدايةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. قال في «الفُروعِ»: هذا الأَشْهَرُ. وقيل: لا يَرِثُ

ص: 213

وَإنْ ظَهَرَ بَعْضُهُ فَاسْتَهَلَّ ثُمَّ انْفَصَلَ مَيتًا لَمْ يَرِثْ. وَعَنْهُ، يَرِثُ.

ــ

ولا يُورَثُ بذلك.

قوله: فأمَّا الحَرَكَةُ والاخْتِلاجُ، فلا يَدُلُّ على الحَياةِ. مُجَرَّدُ الاخْتِلاجِ لا يدُلُّ على الحَياةِ. وأمَّا الحرَكَةُ، فإنْ كانتْ يَسِيرَةً فلا تدُلُّ بمُجَرَّدِها على الحَياةِ. قال المُصَنِّفُ: ولو عُلِمَ معهما حياة؛ لأنَّه لا يُعْلَمُ اسْتِقْرارُها لاحْتِمالِ كوْنِها كحرَكَةِ المَذْبُوحِ، فإنَّ الحَيَوانَ يتَحَرَّكُ بعدَ ذَبْحِه حَرَكَةً شَدِيدَةً، وهو كمَيِّتٍ. وكذا التَّنَفِّسُ اليَسِيرُ لا يدُلُّ على الحياةِ. ذكَرَه في «الرِّعايَةِ» . وإنْ كانتِ الحرَكَةُ طَويلَةً، فالمذهبُ أنَّها تَدُلُّ على الحياةِ، وأنَّ حُكْمَها حُكْمُ الاسْتِهْلالِ صَارِخًا. قال في «الفُروعِ»: هذا الأَشْهَرُ. وقيل: لا يَرِثُ ولا يُورَثُ بذلك. وَتَقدَّمَتِ الرِّوايَةُ التي في «الفائقِ» ، فإنَّها تشْمَلُ ذلك كلَّه.

قوله: وإنْ ظَهَرَ بعضُه فاسْتَهَلَّ ثم انْفَصَلَ مَيِّتًا، لَم يَرِثْ. هذا المذهبُ. جزَم

ص: 214

وَإنْ وَلَدَتْ تَوْأَمَينِ فَاسْتَهَلَّ أحَدُهُمَا وَأشْكَلَ، أُقْرِعَ بَينَهُمَا فَمَنْ خَرَجَتْ قُرعَتُهُ فَهُوَ الْمُسْتَهِلُّ.

ــ

به في «الكافِي» ، و «الوَجيزِ» . قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هذا ظاهرُ المذهبِ. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «الشَّرْحِ» . وعنه، يَرِثُ. قال في «الخُلاصَةِ»: وَرِثَ في الأصَحِّ. وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفائقِ» ، و «شَرْحِ ابنَ مُنَجَّى» .

تنبيه: قوْلُه: وإنْ وَلَدَتْ تَوْأَمَين، فاسْتَهلَّ أحَدُهما وأَشْكَلَ، أُقْرِعَ بينهما، فمَن خَرَجَتْ عليه القُرْعَةُ فهو المُسْتَهِلُّ. مُرادُه إذا كان إرْثُهما مُخْتَلِفًا، فلو كانا ذكرَين، أو أُنْثَيَين، أو ذكرًا وأُنْثَى أَخوَين لأُمٍّ، لم يُقرَعْ بينَهما، ويُقرَعُ فيما سِوَى

ص: 215

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ذلك، وهو واضِحٌ.

ص: 216

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدتان؛ إحْداهما، لو ماتَ كافِرٌ عن حَمْل منه، لم يَرِثْهْ الحَمْلُ؛ للحُكْمِ

ص: 220

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بإسْلامِه قبلَ وَضْعِه، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. ونَصَرَه في «القَواعِدِ الفقْهِيَّةِ» . وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفائقِ». وقيل: يَرِثُ. اخْتارَه القاضي في بعضِ كُتُبِه. قال في «الفُروع من» : وهو أظْهَرُ. قلتُ: وهو الصوابُ. وفي «المُنْتَخَبِ» للشِّيرازِيِّ، يُحْكَمُ بإسْلامِه بعدَ وَضْعِه ويَرِثُه. ثم ذكَر عنِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، إذا ماتَ حُكِمَ بإسْلامِه ولم يَرِثْه. وحمَلَه على ولادَتِه بعدَ قَسْمِ المِيراثِ. الثَّانيةُ، إذا ماتَ كافِر عن حَمْل من كافِرٍ غيرِه، فأسْلَمَتْ أُمُّه قبلَ وَضْعِه، مثْلَ أنْ يُخَلِّفَ أُمَّه حامِلًا مِن غيرِ أبِيه، فحكْمُه حُكْمُ المَسْألةِ الأُولَى. قاله الأصحابُ. قال في «الرِّعايَةِ»: ويَحْتَمِلُ أنْ يَرِثَ حيثُ ثَبَتَ النَّسَبُ.

تنبيه: رُوِيَ عنِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، في ذلك نُصوصٌ نذْكُرُها، ونذْكُرُ ما فسَّره الأصَحابُ به، فنقُولُ: روَى جَعْفَرٌ عنه، في نَصْرانِيٍّ ماتَ، وامْرأتُه نَصْرانِيَّةٌ، وكانتْ حُبْلَى، فأَسْلَمَتْ بعدَ موْتِه ثم وَلَدَتْ، هل يَرِثُ؟ قال: لا. وقال: إنَّما ماتَ أبُوه وهو لا يَعْلَمُ ما هو، وإنَّما يَرِثُ بالولادَةِ. وحكَم له بحُكْمِ الإِسلامِ. وقال محمدُ بنُ يَحْيَى الكَحَّالُ: قلتُ لأبي عبدِ اللهِ: ماتَ نَصْرانِيٌّ وامْرأَتُه حامِلٌ، فأَسْلَمَتْ بعدَ موْتِه. قال: ما في بَطْنِهَا مُسْلِمٌ. قلتُ: أَيَرِثُ أباه إذا كان كافِرًا وهو مُسْلِمٌ؟ قال: لا يَرِثُه. فصَرَّح بالمَنْعِ مِن إرْثِه لأبِيه، مُعَلِّلًا بأنَّ إرْثَه يَتأخَّرُ إلى ما بعدَ الولادَةِ، وإذا تأخَّرَ توْريثُه إلى ما بعدَ الولادَةِ، فقد سبَق الحُكْمُ بإسْلامِه زَمَنَ الولادَةِ، إمَّا بإسْلامِ أُمِّه، كما دلَّ علية كلامُ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، هنا -أو بمَوتِ أبيه، على ظاهِر المذهبِ. والحُكْمُ بالإِسْلامِ لا

ص: 221

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَتَوقَّفُ على العِلْمِ به، بخِلافِ التَّوْريثِ، وهذا يَرْجِعُ إلى أنَّ التَّوْريثَ يتأَخَّرُ عن موْتِ المَوْرُوثِ، إذا انْعقدَ سبَبُه في حياةِ المَوْروثِ، وأُصُولُ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، تشْهَدُ لذلك. ذكَرَه ابنُ رَجَبٍ في «قَواعِدِه» ، وقال: وأمَّا القاضي والأَكْثَرون فاضْطَرَبُوا في تخْريجِ كلامِ الإِمامِ أحمدَ، رحمه الله، وللقاضى في تخْريجِه ثلَاثةُ أوْجُهٍ؛ الأوَّلُ، أنَّ إِسْلامَه قبلَ قَسْمِ المِيراثِ أوْجَبَ منْعَه مِنَ التَّوْريثِ. وهي طريقةُ القاضي في «المُجَردِ» ، وابنِ عَقِيلٍ في «الفُصولِ». قال ابنُ رَجَبٍ: وهي ظاهِرَةُ الفَسادِ. والوَجْهُ الثَّاني، أنَّ هذه الصُّورَةَ مِن جُمْلةِ صُوَرِ تَوْريثِ الطِّفْلِ المَحْكومِ بإسْلامِه بمَوْتِ أبِيه، ونصُّه هذا يدُلُّ على عدَمِ التَّوْريثِ، فتكونُ رِوايَةً ثانِيَةً في المَسْأْلةِ. وهذه طريقةُ القاضي في «الرِّوايتَين». قال ابنُ رَجَبٍ: وهي ضعيفةٌ؛ لأنَّ الإِمامَ أحمدَ، رحمه الله، صرَّح بالتَّعْليلِ بغيرِ ذلك، ولأن تَوْريثَ الطِّفْلِ مِن أبِيه الكافرِ، وإنْ حُكِمَ بإسْلامِة بمَوْتِه، غيرُ مُخْتَلَفٍ فيه، حتَّى نقَلَ ابنُ المُنْذِرِ وغيرُه الإجْماعَ عليه، فلا يصِحُّ حمْلُ كلامِ الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، على ما يُخالِفُ الإجْماعَ. والوَجْهُ الثَّالثُ، أن الحُكْمَ بإسْلامِ هذا الطِّفْلِ حصَل بشَيئَين؛ بمَوْتِ أبِيه، وإسْلامِ أُمِّه، وهذا الثَّاني مانِعَ قَويٌّ؛ لأنَّه مُتَّفَقٌ عليه، فلذلك منَعَ المِيراثَ، بخِلافِ الوَلَدِ المُنْفَصِلِ إذا ماتَ أحدُ أبَوَيه، فإنَّه يُحْكَمُ بإسْلامِه، ولا يُمْنَعُ ارْثَه؛ لأن المانِعَ فيه ضعيفٌ للاخْتِلافِ فيه. وهذه طريقةُ القاضي في «خِلافِه». قال ابنُ رَجَب: وهي ضعيفةٌ أيضًا، ومُخالِفَةٌ لتَعْليلِ الإمامِ أحمدَ، رحمه الله، فإِنَّه إِنَّما علَّلَ بسَبْقِ المانِعِ لتَوْرِيثِه، لا بقُوَّةِ المانِعِ وضَعْفِه، وإنَّمْا ورَّث الإمامُ أحمدُ، رحمه الله، مَن حُكِمَ بإسْلامِه

ص: 222

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بمَوْتِ أحَدِ أَبَوَيه؛ لمقارَنَةِ المانِعِ لا لضَعْفِه. انْتَهى ما ذكَرَه في «القَواعِدِ» . فائدتان؛ إحْداهما، لو زوَّج أمتَه بحُرٍّ فأحْبَلَها، فقال السَّيِّدُ: إنْ كان حَمْلُكِ ذكَرًا، فأنْتِ وهو رَقِيقان، وإلَّا فأَنْتما حُرَّان. فهي القائِلَةُ: إنْ أَلِدْ ذكَرًا لم أَرِثْ ولم يَرِثْ، وإلَّا وَرِثْنا. فيُعايَى بها. وتقدَّم مَسائلُ في المُعاياةِ، فيما إذا كانتْ حامِلًا. الثَّانيةُ، لو خلَّفَ ورَثَةً، وأمَةً (1) مُزَوَّجَةً، فقال في «المُغْنِي»: يَنْبَغِي ألا يَطَأَها حتَّى تُسْتَبْرَأ. وذكَر غيرُه مِنَ الأصحابِ، يَحْرُمُ الوَطْءُ حتَّى يَعْلَمَ، أحامِلٌ هي أمْ لا؟ وهو الصَّوابُ.

(1) في الأصل، ا:«أمًّا» .

ص: 223