المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ميراث المطلقة - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ١٨

[المرداوي]

الفصل: ‌باب ميراث المطلقة

‌بَابُ مِيرَاثِ الْمُطَلَّقَةِ

إِذَا طَلَّقَهَا في صِحَّتِهِ، أَوْ في مَرَضٍ غَيرِ مَخُوفٍ أو غَيرِ مَرَض الْمَوْتِ طَلَاقًا بَائِنًا قُطِعَ التَّوَارُثُ بَينَهُمَا.

ــ

بابُ مِيراثِ المُطَلَّقَةِ

ص: 299

وَإنْ كَانَ رَجْعِيًّا لَمْ يَقْطَعْهُ مَا دَامَتْ في الْعِدَّةِ.

وَإن طَلَّقَهَا في مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ طَلَاقًا لَا يُتَّهَمُ فِيهِ؛ بِأَنْ سَأَلتْهُ الطَّلَاقَ، أوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى فِعْل لَهَا مِنْهُ بُدٌّ فَفَعَلَتْهُ، أوْ عَلَّقَهُ في الصِّحَّةِ عَلَى شَرْطٍ فَوُجِدَ في الْمَرَضِ، أوْ طَلَّقَ مَنْ لَا تَرِثُ كَالأَمَةِ وَالذِّمِّيَّةِ فَعَتَقَتْ وَأسْلَمَتْ فَهُوَ كَطَلَاقِ الصَّحِيحِ في أصَحِّ الرِّوَايَتَينِ.

ــ

قوله: وإنْ طَلَّقَها في مَرَضِ الموْتِ المَخُوفِ طَلاقًا لا يُتَّهَمُ فيه، بأنْ سَأَلَتْه الطَّلاقَ، أو عَلَّقَ طَلاقَها على فِعْل لها منه بُدٌّ ففَعَلتْه، أو عَلَّقَه في الصِّحَّةِ على شَرْطٍ فوُجِدَ في المَرَضِ، أو طَلَّقَ مَن لا تَرِثُ؛ كالأمَةِ والذِّمِّيَّةِ، فَعتَقَتْ

ص: 300

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَأسْلَمَتْ، فهو كطَلاقِ الصَّحِيحِ في أَصَحِّ الرِّوايَتَين. ذكَر المُصَنِّف هنا مَسائِلَ؛ منها، إذا سألَتْه الطَّلاقَ، فأجابَها إلى سُؤالِها، أو علَّقَه على فِعْل لها منه بُدٌّ ففَعَلَتْه عالِمَةً، فالصَّحيحُ مِنَ الذهبِ أنَّه كطَلاقِ الصّحيحِ، كما صحَّحه المُصَنِّفُ هنا. وصحَّحه صاحِبُ «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفائقِ» ، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» . وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» . والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، هو كطَلاقِ مُتَّهَمٍ فيه. اخْتارَه صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ» ، والشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وأطْلَقهما في «الرِّعايتَينِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» .

تنبيه: ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّها لو سألتْه أنْ يُطَلِّقَها طَلْقَةً فطَلَّقَها ثلًاثًا، أنَّه كطَلاقِ الصّحيحِ أيضًا. وهو ظاهرُ كلام كثير مِنَ الأصحابِ. قال أبو محمدٍ الجَوْزِيُّ: إذا سألتْه الطَّلاقَ فطَلَّقها ثلاثًا، لم تَرِثْه. قال في «الفُروعِ»: وهو مَعْنَى كلامِ غيرِه. وقد أحْسَنَ المُصَنِّفُ في قَوْلِه: إن لم أُطَلقْكِ فأنتِ طالِقٌ. أنَّه إنْ علَّقَه على فِعْلِها، ولا مشَقَّةَ عليها فيه، فأبَتْ ذلك لم يتَوارَثا. وقال الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رحمه الله: تَرِثُ؛ لأنَّه مُتَّهَمٌ فيه. وقدَّمه في «الفُروعِ» . قلتُ: وهو الصَّوابُ.

ص: 301

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدتان؛ إحْداهما، لو خالعَتْه فهو كطَلاقِ الصَّحيحِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيل: تَرِثُ منه. الثَّانيةُ، لو قذَفَها في صِحَّتِه، ولاعَنَها في مَرضِه مُطْلَقًا، وقيل: لنَفْي الحدِّ لا لنَفْي الوَلَدِ، أو علَّق طَلاقَها حالةَ الصِّحَّةِ على فِعْلٍ لها لا بُدَّ لها منه، ففَعَلَتْه في المَرضِ، ورِثَتْه فيهما على أصحِّ الرِّوايتَين. قاله في «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» . وعنه، لا تَرِثُ. وجزَم به جماعة مِنَ الأصحابِ في المَسْألةِ الأُولَى. ومِن مَسائل المُصَنِّفِ، إذا علَّقه في الصِّحَّةِ على شَرْطٍ فوُجِدَ في المرَضِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّه كطَلاقِ الصَّحيحِ. صحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفائقِ» ، وغيرُهم. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الكافِي» ، و «المُغْنِي» ، و «المُحَرَّرِ» ، وغيرِهم. وعنه، أنَّه كمُتَّهَمٍ فيه. وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ». قال في «الفُروعِ»: وإنْ علَّقَه بشَهْرٍ معْلومٍ فجاءَ في مرَضِه، فرِوايَتان. ومِن مَسائلِ المُصَنِّفِ أيضًا، إذا طلَّقَ مَن لا تَرِثُ؛ كالأمَةِ، والذِّمِّيَّةِ، فعتَقَتْ وأسْلَمَتْ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّه كطَلاقِ

ص: 302

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الصَّحيحِ. جزَم به في «الكافِي» ، و «المُغْنِي» ، و «الوَجِيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» . وعنه، أنَّه كطَلاقِ مُتَّهَمٍ فيه. وأطْلقَهما في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» .

ص: 303

وَإنْ كَانَ مُتَّهَمًا بِقَصْدِ حِرْمَانِهَا الْمِيرَاثَ؛ مِثْلَ أن طَلَّقَهَا ابْتِدَاءً، أوْ عَلَّقَهُ عَلَى فِعْلٍ لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ كَالصَّلَاةِ وَنَحْوهَا فَفَعَلَتْهُ، أوْ قَال لِلذِّمِّيَّةِ أو الْأمَةِ: إِذَا أسْلَمْتِ أوْ عَتَقْتِ فَأنْتِ طَالِقٌ. أوْ عَلِمَ أنَّ سَيِّدَ الْأمَةِ قَال لَهَا: أَنْتِ حُرَّةٌ غَدًا. فَطَلَّقَهَا الْيَوْمَ، وَرِثَتْهُ مَا دَامَتْ في الْعِدَّةِ، وَلَمْ يَرِثْهَا.

ــ

فوائد؛ الأُولَى، قولُه: وإنْ كان مُتَّهَمًا بقَصدِ حِرْمانِها المِيراثَ، وَرِثَتْه ما دامَتْ في العِدَّةِ. فمِن ذلك، لو أقَرَّ في مرَضِه أنَّه أبانَها في صِحَّتِه، فهذا مُتَّهَمٌ فيه، فترِثُه على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقطَع به المُصَنِّفُ في هذا الكتابِ، في كتابِ الإقرارِ. وقال في «المُنْتَخَبِ» للشيرازِيِّ: لا تَرِثُه. قلتُ: وهو بعيدٌ. ومِن ذلك، لو وَطِئَ حَماتَه لم يَقطَعْ إرْثَ زوجَتِه، لكِنْ يُشْترَطُ أنْ يكونَ عاقِلًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا بُدَّ أن يكونَ مُكَلَّفًا. جزَم به في «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصغِيرِ» . الثَّانيةُ، لو وكَّلَ في صِحَّتِه مَن يُبينُها متى شاءَ، فأبانَها في مرَضِه، لم يَقْطَعْ ذلك إرْثَها منه. الثَّالثةُ، قولُه: أو عَلقَه على فِعْل لا بُدَّ لها منه؛

ص: 304

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كالصَّلاةِ، ونحوها. قال في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: وقيل: وكلامِ أبوَيها أو أحَدِهما. قال الأصحابُ: لا بُدَّ لها منه. شَرْعًا كما مثَّل، أو عقْلًا؛ كأَكْلٍ، وشُرْبٍ، ونَوْمٍ، ونحوه.

ص: 305

وَهَلْ تَرِثُهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ، أو تَرِثُهُ الْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ؟ عَلَى رِوَايَتَينِ.

ــ

قوله: وَرِثَتْه ما دامَت في العِدَّةِ، ولم يَرِثْها هو -بلا نِزاعٍ- وهل تَرِثُه بعدَ العِدَّةِ، أو تَرِثُه المُطَلَّقَةُ قبلَ الدُّخُولِ؟ على روايتَين. يَعْنِي إذا فعَل فِعْلًا يُتَّهَمُ فيه بقَصْدِ حِرمانِها، فإنَّها ترِثُه ما دامَتْ في العِدَّةِ، بلا نِزاعٍ، ولا يَرِثُها هو، بلا نِزاعٍ. وهل تَرِثُه بعدَ العِدَّةِ أو تَرِثُه المطَلَّقَةُ قبلَ الدُّخُولِ؟ أطْلَقَ المُصَنِّفُ فيه رِوايتَين، وأطْلَقهما في «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الكافِي» ،

ص: 306

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأطْلَقَهما في «النَّظْمِ» في الأُولَى؛ إحْداهما، تَرِثُه بعدَ العِدَّةِ، ولو كانتْ غيرَ مدْخُولٍ بها، ما لم تتَزَوَّجْ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال في «الفُروعِ»: نقَلَه واختارَه الأكثرُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: هذا المَشْهورُ عنِ الإمامِ أحمدَ رحمه الله. قال في «المُذْهَبِ» : هذا أصحُّ الرِّوايتَين. قال أبو بَكرٍ: لا يخْتَلِفُ قولُ أبي عبدِ اللهِ في المَدْخُولِ بها أنَّها تَرِثُه في العِدَّةِ وبعدَها ما لم تتَزوَّجْ. وجزَم به في «الوَجِيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» . والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، لا تَرِثُه. واختارَه في «التَّبْصِرَةِ» في المَدْخُولِ بها. وصحَّحه في «النَّظْمِ» فيها. وقدَّمه فيهما في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» . وهو ظاهرُ ما قدَّمه المُصَنِّفُ في آخِرِ البابِ؛ حيثُ جعَل المِيراثَ للزَّوْجاتِ اللَّاتِي في عِصمَتِه، ولم يُعْطِ المُطَلّقاتِ شيئًا، فيما إذا طلَّق أرْبَعًا

ص: 307

فَإِنْ تَزَوَّجَتْ لَمْ تَرِثْهُ.

ــ

وانقضَتْ عِدَّتُهُنَّ، وتزَوَّجَ بعدَهُنَّ أرْبَعًا وماتَ عنهُنَّ. قال أبو بَكْر: إذا طلَّقَ ثلًاثًا قبلَ الدُّخُولِ في المَرضِ، فيها أربَعُ رِواياتٍ؛ إحْداهنَّ، لها الصَّداقُ كامِلًا والمِيراثُ، وعليها العِدَّةُ. واخْتارَه. قال المُصَنِّفُ وغيرُه: وَينبَغِي

ص: 308

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أنْ تكونَ العِدَّةُ عِدَّةَ وَفاةٍ. قلتُ: فيُعايَى بها في الصَّداقِ. والثَّانيةُ، لها المِيراثُ والصَّداقُ، ولا عِدَّةَ عليها. والثَّالثةُ، لها المِيراثُ ونِصفُ الصَّداقِ، وعليها

ص: 309

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

العِدَّةُ. والرَّابعةُ، لا تَرِثُ، ولا عِدَّةَ عليها، ولها نِصفُ الصَّداقِ. انتهى. ويُعايَى بها حيثُ أوْجَبْنا العِدَّةَ. [وأطْلَقَ في تَكْميلِ المَهْرِ وعدَمِه الرِّوايتَين، في «المُحَرَّرِ»، و «النَّظْمِ»، و «الرِّعايتَين»، و «الحاوي الصَّغِيرِ»، وغيرِهم. وقدَّم تَكْمِيلَ المَهْرِ ابنُ رَزِين في «شَرْحِه». وهو ظاهرُ ما قدَّمه في «الفُروعِ». وظاهرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ أنَّه لا يُكَمَّلُ؛ لما ذَكَرُوه في الصَّداقِ](1).

تنبيه: حيثُ قُلْنا: تَرِثُ منه (2). فإنَّه يُشْترَطُ ألا تَرْتدَّ، فإنِ ارْتَدَّتْ لم تَرِثْ.

(1) سقط من: الأصل.

(2)

زيادة من: ط.

ص: 310

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوْلًا واحدًا. فلو أسْلمَت بعدَه لم تَرِثْ أيضًا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الفائقِ» ، وصحَّحه. وعنه، تَرِثُ. وأطْلَقهما في «الرِّعايتَين» ، و «الفُروعِ» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» .

ص: 311

وَإنْ أكْرَهَ الابْنُ امْرَأةَ أبِيهِ في مَرَضِ أبِيهِ عَلَى مَا يَفْسَخُ نِكَاحَهَا، لَمْ يُقْطَعْ مِيرَاثُهَا، إلا أنْ تَكُونَ لَهُ امْرَأةٌ سِوَاهَا.

ــ

قوله: فإنْ أكْرَه الابنُ امْرأةَ أبِيه، في مرَضِ أبِيه، على ما يَفْسَخُ نِكاحَها، لم يَنْقَطِعْ مِيراثُها. مُرادُه إنْ كان الابنُ عاقِلًا.

وقوله: إلَّا أنْ يكُونَ له امْرأةٌ سِواها. مقَيَّدٌ بما إذا لم يُتَّهَمْ فيه مع وُجودِ امْرأَةٍ

ص: 312

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

سِواها، وهو واضِحٌ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ وعليه الأصحابُ، أنَّ الاعْتِبارَ بحالةِ الإكراهِ. وذكَر بعضُهم، إنِ انتفَتِ التُّهْمَةُ بقَصْدِ حِرمانِها الإرْثَ أو بعضَه، لم تَرِثْه في الأصحِّ. قال في «الفُروع»: ويتَوجَّهُ منه، لو تزَوَّجَ في مرَضِه مُضارَّةً؛ لينقِصَ إرْثَ غيرِها، وأَقرَّت به، لم تَرِثْ. ومَبْنَى كلامِ شيخِنا رَحِمَه اللهُ تعالى،

ص: 313

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهو ظاهِرُ كلامِ غيرِه، تَرِثُه؛ لأنَّ له أنْ يُوصِيَ بالثُّلُثِ.

تنبيه: مفْهومُ قوْلِه: فإنْ أكْرَهَ. أنَّها لو كانتْ مُطاوعَةً أنَّها لا تَرِثُ، وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، تَرِثُ.

ص: 314

وَإِنْ فَعَلَتْ في مَرَضِ مَوْتِهَا مَا يَفْسَخُ نِكَاحَهَا لَمْ يَسْقُطْ مِيرَاثُ زَوْجِهَا.

ــ

قوله: وإن فعَلَتْ في مرَضِ مَوتِها ما يَفسَخُ نِكاحَها، لم يَسْقُطْ مِيراثُ زَوْجِها. مُرادُه ما دامَت في العِدَّةِ. ومُرادُه أيضًا إذا كانتْ مُتَّهَمَةً في فَسْخِه، أمَّا إذا كانتْ غيرَ مُتَّهَمَةٍ، كفَسْخِ المُعْتَقَةِ إذا كانتْ تحتَ عَبدِه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ انقِطاعُ الإرْثِ. وعنه، لا ينْقَطِعُ. وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا.

ص: 315

وَإنْ خَلَّفَ زَوْجَاتٍ نِكَاحُ بَعْضِهِنَّ فَاسِدٌ أُقْرِعَ بَينَهُنَّ، فَمَنْ أصَابَتْهَا الْقُرْعَةُ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا.

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 316

وَإذَا طَلَّقَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ في مَرَضِهِ فَانْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ، وَتَزَوَّجَ أرْبَعًا سِوَاهُنَّ، فَالْمِيرَاثُ لِلزَّوْجَاتِ. وَعَنْهُ، أنَّهُ بَينَ الثَّمَانِي.

ــ

قوله: وإذا طَلَّقَ أربَعَ نِسْوَةٍ في مرَضِه، فانْقَضَتْ عِدَّتُهُنَّ، وتَزَوَّجَ أربَعًا سِواهنَّ، فالمِيراثُ للزوْجاتِ. وعَنْه، أنَّه للثَّماني. اعلمْ أنَّ الخِلافَ الذي ذكَره المُصَنِّفُ هنا مَبْنِيٌّ على الخِلافِ الذي تقدَّم في المُطلَّقَةِ المُتَّهَمِ في طَلاقِها، إذا انقضَتْ عِدَّتُها ولم تتَزَوَّجْ ولم تَرْتَدَّ، عندَ جماهيرِ الأصحابِ، وبنَوْه عليه. وتقدَّم

ص: 317

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

هناك أنَّها تَرِثُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ ما لم تتَزَوَّجْ، فكذا هنا. فعلى هذا يكونُ المِيراثُ لِلثَّماني، على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. فلو كانتِ المُطَلَّقَةُ المُتَّهَمُ في طَلاقِها واحِدَةً، وتزَوَّجَ أربَعًا سِواها، ولم تَتَزَوَّجِ المُطَلَّقَةُ بعدَ انقِضاءِ عِدَّتِها حتى

ص: 318

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ماتَ الزَّوْجُ، كان المِيراثُ بينَ الخَمْسِ (1) على السَّواءِ، على الصحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَين» ، و «الحاوي الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» . وعنه، رُبْعُه للمُطَلَّقَةِ، وثلاثةُ أرباعِه للأربَعِ إنْ تزَوَّجَهُنَّ في عَقْدٍ واحدٍ، وإلَّا فللثَّلاثِ السَّوابقِ. اختارَه في «المُحَرَّرِ» ، و «الفائقِ» . وجزَم به في «الوَجِيزِ» وغيرِه. وصححه في «النَّظْمِ» . وقدَّمه في «تَجْرِيدِ

(1) في الأصل، ا:«الجهتين» .

ص: 319

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

العِنايَةِ». وقال في «الرِّعايَةِ» : وقيل: يَحتَمِلُ أنَّ كلَّه للبائنِ. انتهى. ولو كان مَكانَ المُطَلَّقَةِ أربَعٌ، فطَلَّقَهُنَّ وتزَوَّجَ أربَعًا سِواهُنَّ، كما مثَّل المُصَنِّفُ، فالمِيراثُ للثَّماني على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كما تقدَّم. وللمُطَلَّقاتِ، على اختِيارِ صاحب «المُحَرَّرِ» ، و «الفائقِ» . وجزَم به في «الوَجيزِ» . وصحَّحه في «النّظْمِ» . وقدَّمه في «تَجريدِ العِنايَةِ» . وللزَّوجاتِ فقط، على القَوْلِ بأنَّ المُطَلَّقاتِ لا يَرِثْنَ شيئًا. وهو الذي قدّمه المُصَنِّفُ هنا، واختارَه هو والشَّارِحُ. ورَدَّ المُصَنِّفُ، قولَ مَن يقولُ: إنَّ الإرْثَ لِلثَّمانى أو للمُطَلَّقاتِ. وظاهرُ كلامِ مَن يقولُ ذلك عدَمُ البِناءِ، فلو ماتَتْ إحدَى المُطَلَّقاتِ أو تَزَوَّجَتْ، فقِسطُها للزَّوْجاتِ المُتَجَدِّداتِ إنْ تَزَوّجَهُنَّ في عَقْدٍ واحدٍ، وإلَّا قُدِّمَتِ السَّابقةُ إلى كمالِ أربَعٍ بالمَبْتُوتَةِ.

ص: 320

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنبيه: أفادَنا المُصَنِّفُ، رَحِمَه اللهُ تعالى، بقوْلِه: وتزَوَّجَ أربَعًا سِواهنَّ، فالمِيراثُ للزَّوجاتِ. وعنه، أنَّه بين الثَّمانى. أنَّ نِكاحَهنَّ صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يصِحُّ.

ص: 321

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فوائد؛ إحْداها، لو طلَّق واحِدَةً مِن أربَعٍ، وتزَوَّجَ واحِدَةً بعدَ انقِضاءِ عِدَّتِها، ثم ماتَ واشْتَبَهتِ المُطَلَّقَةُ، أُقْرِعَ بينَهُنَّ، فمَن قُرِعَتْ فلا حظَّ لها في المِيراثِ، ويُقْسَمُ المِيراثُ بينَ الأربَعِ، فتَسْتَحِقُّ الجَديدةُ الرُّبْعَ. نصَّ عليه. قال في «الفُروعِ»: وإن ماتَ عن زوجاتٍ لا تَرِثُه بعْضُهُنَّ؛ لجَهْلِ عَينِها، أُخْرِجَ

ص: 322

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الوَارِثاتُ بقُرْعَةٍ. انتهى. وهذا، القُرْعَةُ هنا مِن مُفْرَداتِ المذهب. الثَّانيةُ، لو ادَّعَتِ المَرْأةُ أنَّ زوْجَها أبانَها، وجحَدَ الزَّوْجُ ثم ماتَ، لم تَرِثْه المَرْأَةُ إنْ دامَت على قَولِها. الثَّالثةُ، لو قبَّلَها في مرَضِ المَوتِ ثم ماتَ لم تَرِثْه؛ لخُروجِها مِن حيِّزِ التَّمَلُّكِ والتَّمْليكِ. ذكَره ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. وقال في «الفُروع»: ويتَوجَّهُ

ص: 323

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

خِلافٌ، كمَنْ وقَع في شَبَكَتِه صَيدٌ بعدَ مَوْتِه. وتقدَّم، هل تدْخُلُ الدِّيةُ في الوَصِيَّةِ؟ في بابِ المُوصَى به.

ص: 324