الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مِيرَاثِ الْغرْقَى وَمَنْ عُمِّيَ مَوْتُهُمْ
إِذَا مَاتَ مُتَوَارِثَانِ، وَجُهِلَ أَوَّلُهُمَا مَوْتًا، كَالْغَرْقَى وَالْهَدْمَى، وَاخْتَلَفَ وُرَّاثُهُمَا فِي السَّابِقِ مِنْهُمَا، فَقَدْ نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ فِي امْرَأَةٍ وَابْنِهَا مَاتَا، فَقَال زَوْجُهَا: مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا، ثُمَّ مَاتَ ابْنِي فَوَرِثْتُهُ. وَقَال أَخُوهَا: مَاتَ ابْنُهَا فَوَرِثَتْهُ، ثُمَّ مَاتَتْ فَوَرِثْنَاهَا. أَنَّهُ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى إِبْطَالِ دَعْوَى صَاحِبِهِ، وَيَكُونُ مِيرَاثُ الابْن لِأَبِيهِ، وَمِيرَاثُ الْمَرْأَةِ لِأَخِيهَا وَزَوْجِهَا نِصْفَينِ. ذَكَرَهَا
ــ
بابُ مِيرَاثِ الغرْقَى ومن عُمِّيَ موْتُهم
قوله: وإذا مات مُتَوارِثان وجُهِلَ أوَّلُهما مَوْتًا؛ كالغَرْقَى الهَدْمَى، واختَلَفَ وارِثُهُما في السَّابِق مِنْهما. إذا ماتَ مُتَوارِثان وجُهِلَ أوَّلُهما موتًا، فلا يخْلُو؛ إمَّا
الْخِرَقِيُّ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أنَّهُ يَقْسِمُ مِيرَاثَ كُلِّ مَيِّتٍ لِلْأَحْيَاءِ مِنْ وَرَثَتِهِ دُونَ مَنْ مَاتَ مَعَهُ. وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَوْتَى
ــ
أنْ يَجهَلوا السَّابِقَ ويخْتَلِفُوا فيه، أو يَجْهَلُوا السَّابِقَ ولم يخْتَلِفُوا فيه، فإنْ جَهِلُوا السَّابِقَ ولم يخْتَلِفوا فيه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّ كلَّ واحدٍ مِنَ المَوْتَى يَرِثُ صاحِبَه مِن تِلادِ مالِه، دُونَ ما وَرِثَه مِن المَيِّتِ؛ لئلَّا يدْخُلَه الدَّورُ. نصَّ عليه. قال المُصَنِّفُ هنا: هذا ظاهِرُ المذهبِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه، وقال: نصَّ عليه. واختارَه الأكثرُ. وهو مِن مُفْرَداتِ
يَرِثُ صَاحِبهُ مِنْ تِلَادِ مَالِهِ دُونَ مَا وَرِثَهُ مِنَ الْمَيِّتِ مَعَهُ، فَيُقَدَّرُ أَحَدُهُمَا مَاتَ أوَّلًا وَيُوَرَّثُ الْآخَرُ مِنْهُ،. ثُمَّ يُقْسَمُ مَا وَرِثَهُ مِنْهُ عَلَى الأحْيَاءِ مِنْ وَرَثَتِهِ، ثُمَّ يُصْنَعُ بِالثَّانِي كَذَلِكَ.
ــ
المذهبِ. وخرج أبو بَكْر ومَن بعدَه منْعَ تَوارُثِ بعضِهم مِن بعضٍ. وهذا التَّخريجُ، من المَنصوصِ عنِ الامامِ أحمدَ، رحمه الله، فيما إذا اختلَفَ وَرَثةُ كلِّ ميِّتٍ في السَّابقِ منهما ولا بَيِّنَةَ في (1) المَسْألةِ الآتِيَةِ بعدَ هذه. واختارَه المُصَنِّفُ،
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والمَجدُ، وحَفِيدُه الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ، رَحِمَهما اللهُ، وصاحِبُ «الفائقِ» .
فائدة: لو عُلِمَ السَّابقُ منهما مَوْتًا، ثم نُسِيَ أو جَهِلُوا عَينَه، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ أنَّ حُكْمَها حُكْمُ المَسْألَةِ التي قَبْلَها، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال القاضي: هو قِياسُ المذهبِ. وقدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الفائقِ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ». قال في «القَواعِدِ»: هذا المذهبُ. وقيل: يُعَيَّنُ بالقُرْعَةِ. وقال الأَزَجِيُّ: إنَّما لم نُجِزِ القُرعَةَ هنا؛ لعدَمِ دُخُولِها في النَّسَبِ. قال القاضي: لا يَمْتنِعُ أن نقولَ بالقُرْعَةِ هنا. وذكَرَ الوَنِّيُّ (1): أنَّه يَعْمَلُ باليَقِينِ ويَقِفُ مع الشَّكِّ حتى يَتَبَيَّنَ الأمْرَ أو يصْطَلِحُوا. واختارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ أيضًا. والمَسْألَةُ الثَّانيةُ، إذا جَهِلُوا السَّابقَ، واخْتلَفَ وارِثُهما في السَّابقِ منهما ولا بَيِّنَةَ، أو كانتْ بَيِّنَةٌ وتعارَضَت، تحالفا ولم يتَوارَثا، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. قال المُصَنِّفُ هنا: وهذا أحسَنُ، إن شاءَ الله تعالى. واختارَه الخِرَقِيُّ. وقدَّمه في «الفُروعِ» ، وقال: اختارَه الأكثرُ. وقدَّمه في «الفائقِ» ، و «الزَّرْكَشِي». وقال جماعةٌ: يتَوارَثان. منهم أبو الخَطَّابِ. قال القاضي في «المُجَرَّدِ» ، وابنُ عَقِيلٍ: هذا قِياسُ المذهبِ. وجعَلَه المُصنِّفُ هنا ظاهِرَ المذهبِ. وقيل: يُقرَعُ (2) بينَهما. قال ابنُ أبي مُوسى: القُرعَةُ تُعَيِّنُ
(1) في ا: «البوني» . وهو الحسين بن محمد الفرضي. تقدمت ترجمته.
(2)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أسبَقَهما. وضعَّفَه أبو بكر في كتابِ «الخِلافِ» . وقال جماعة مِنَ الأصحابِ: وإنْ تَعارَضَتِ البَيِّنَةُ وقُلْنا بالقِسْمَةِ، قُسِمَ بينَهما ما اختلَفا فيه نِصْفَين. قاله في «القَواعِدِ» . والوَجهُ الرَّابعُ، وهو اختِيارُ أبي بَكرٍ في كتابِ «الخِلافِ» ، أنَّه يُقْسَمُ القَدْرُ المُتَنازَعُ فيه مِنَ المِيراثِ بينَ مُدَّعِيَيْه نِصفَين، وعليهما اليَمِينُ في ذلك، كما لو تَنازَعا دابَّةً في أيدِيهما. ويأتِي هذا بعَييه في كلامِ المُصَنِّفِ، في بابِ تعارُضِ البَيِّنتَين.
فوائد؛ الأُولَى، لو عَيَّن الوَرَثَةُ مَوْتَ أحدِهما وشَكُّوا، هل ماتَ الآخَرُ قبلَه أو
فَعَلَى هَذَا لَوْ غَرِقَ أَخَوَانِ، أَحَدُهُمَا مَوْلَى زَيدٍ وَالْآخَرُ مَوْلَى عَمْرٍو، صَارَ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَوْلَى الْآخَرِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الأوَّلِ مَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَوْلَاهُ، وَهُوَ أَحْسَنُ.
ــ
بعدَه؟ وَرِثَ مَن شُكَّ في وَقْتِ مَوْتِه مِنَ الآخَرِ؛ لأنَّ الأصْلَ بقاؤُه. وهذا المذهبُ. قدَّمه في «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ». وقيل: لا توارُثَ بينَهما. قال في «المُحَرَّرِ» : وهو بعيدٌ. قال في «الفائقِ» : وهو ضعيفٌ. الثَّانيةُ، لو تحقَّقَ موتُهما معًا، لم يتَوارَثا اتِّفاقًا. الثَّالثةُ، وهي غَريبةٌ، لو ماتَ أَخوان عندَ الزَّوالِ، أحدُهما بالمَشرِقِ والآخَرُ بالمَغرِبِ، وَرِثَ الذي ماتَ بالمَغرِبِ مِنَ الذي ماتَ بالمَشرِقِ؛ لمَوْتِه قبلَه، بِناءً على اخْتِلافِ الزَّوالِ. قاله في «الفائقِ». وقال: ذكَرَه بعْضُ العُلَماءِ. قال: وهو صحيحٌ. قلتُ: فيُعايَى بها. ولو ماتا عندَ ظُهورِ الهِلالِ؟ قال في «الفائقِ» : فتَعارُضٌ في المذهبِ، والمُختارُ أنَّه كالزَّوالِ. انتهى. فيُعايىَ بها أيضًا على اخْتِيارِه.