الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
توطئة: المرفوعات والمنصوبات والمجرورات
«فصل» : يذكر فيه تعداد المرفوعات/ والمنصوبات والمجرورات
، وهو كالتوطئة لما بعده من الأبواب.
«مدلول إعراب الاسم ما هو به عمدة، أو فضلة، أو بينهما» ، أي: شيء الاسم به، أي: بذلك الشيء عمدة، ف (ما) نكرة موصوفة بمعنى شيء، والضمير المنفصل [المرفوع] عائد إلى الاسم، والضمير المجرور بالباء [عائد] إلى (ما).
قال في الشرح: والعمدة عبارة عما لا يسوخ حذفه من أجزاء الكلام، إلا بدليل يقوم مقام اللفظ به، والفضلة عبارة عما يسوغ حذفه مطلقًا إلا لعارض.
«فالرفع للعمدة» لأجل شرفها والاهتمام بها، فجعل لها الرفع، لأنه أقوى الحركات. «وهي» أي العمدة «مبتدأ أو خبرا أو فاعل أو نائبه» .
وفي المفصل لم يذكر النائب عند تعداد المرفوعات، ولا أخرجه من حد الفاعل، لأنه يسميه فاعلًا؛ ولذا قال في باب الإضافة: وتضاف الصفة إلى
فاعلها كقولك: معمور الدار، ومؤدب الخدام. «أو شبيه به» أي بالفاعل «لفظا» كاسم (كان) وأخواتها.
«وأصلها» أي المرفوعات «المبتدأ أو الفاعل، أو كلاهما أصل» أقوال ثلاثة.
قال ابن قاسم: والخلاف في ذلك لا يجدي فائدة.
قلت: بل يظهر [له] فائدة في أولوية المقدر عند الاحتمال، كما إذا وجدنا محلًا دار الأمر فيه بين أن يكون المحذوف فيه فعلًا، والباقي فاعلًا، وأن يكون المحذوف خبرًا، والباقي مبتدأ، كما إذا ق 4 يل: من قام:
فتقول: - في جوابه - زيد، فإنه يحتمل كون زيد فاعلًا والتقدير قام زيد، ويحتمل كونه مبتدأ، والتقدير: زيد قام.
فإن قلنا: الفاعل أصل ترجح الأول .. وإن قلنا المبتدأ أصل ترجح الثاني.
فإن قلت: إنما الترجح هنا بمطابقة السؤال، فإن جملة اسمية قلت: هو اسمية في الصورة، وفعلية في الحقيقة، وبيان ذلك أن قولك: من قام؟
أصله: أقام زيد أم عمرو أم خالد، إلى غير ذلك، لا أزيد قام أم عمرو أم خالد؛ وذلك لأن الاستفهام بالفعل أولى؛ لكونه متغيرًا فيقع فيه الإبهام، ولما أريد الاختصار وضعت كلمة (من) دالة إجمالًا على تلك الذوات المفصلة هناك، ومتضمنة لمعنى
الاستفهام، وبهذا التضمن وجب تقديمها على الفعل، فصارت الجملة اسمية في الصورة؛ لعروض تقدم ما يدل على الذوات، وفي الحقيقة [هي] فعلية، فإن أجبت بالفعلية نظرًا إلى جانب الحقيقة فالمطابقة حاصلة [معنى، وإن أجبت بالاسمية نظرًا إلى الصورة فالمطابقة حاصلة] لفظًا فإذا لا ترجيح [بمجرد] المطابقة، لوجودها في كل من الصورتين، فبقى الترجيح بأصالة الفاعل أو المبتدأ، سالمًا عما تقدم، وإن قلنا: كلاهما أصل استوى التقديران، لفقدان المرجح، فقد ظهرت جدوى الخلاف كما رأيت.
«والنصب للفضلة» فإن علامته فتحة، وهي أخف الحركات، والفضلة أكثر دورًا في كلامهم، فناسب أن يجعل لها النصب لخفة علامته.
«وهي: مفعول مطلق أو مقيد» بقولك: به أو فيه أو له أو معه «أو مستثنى أو حال أو تمييز أو مشبه بالمفعول [به]» وهو ما نصب على طريق الاتساع من ظرف أو مصدر أو مرفوع في باب الصفة المشبهة.
«والجر لما بين العمدة والفضلة» فإن علامة الجر الأصلية الكسرة، وهي متوسطة بين الخفة والثقل، فناسب جعلها للمتوسط بين المرتبتين.
«وهو المضاف إليه» ؛ لأنه تارة يكمل العمدة نحو: جاء غلام زيد، وتارة يكمل الفضلة نحو: رأيت غلام زيد، ويقع في موضوع عمدة نحو: يعجبني قيام زيد، وفي موضع فضلة نحو: هذا ضارب عمرو.
وأدخل المصنف المجرور بالحرف تحت قوله: (المضاف إليه)، وكذا/ صنع ابن 113
الحاجب في الكافية إذ قال: والجر علم الإضافة. ولما حد المضاف إليه، قال: كل اسم نسب إليه شيء بواسطة حرف لفظا أو تقديرًا مرادًا.
وقال في شرحها: المجرور بالحرف مضاف إليه، ألا ترى أنك إذا قلت: مررت بزيد، فقد أضفت المرور إلى زيد بواسطة حرف الجر؟ ، ولذلك سمي حرف جر، لأنه يجر معاني الأفعال إلى الأسماء.
وسبق إلى فهم الناس من هذا الكلام أن المضاف لا يجب أن يكون اسمًا؛ لأنه قال: (نسب إليه شيء)، ولم يقل:(اسم)، ومثل بقوله:(مررت بزيد).
وقال في الحروف: حرف الجر ما وضع للإفضاء بفعل أو معناه إلى ما يليه. ولكن علم في أول الكافية أنه اسم، وقد صرح به الزمخشري وغيره،
والحق [أن يقال]: إن (مررت) - من حيث أن (زيدا) في (بزيد) مفعول - ليس مؤولا باسم، ومن حيث أنه مضاف إليه مؤول به؛ ولذا قال: قد أضيف المرور إلى زيد فعلم أن المضاف قد يكون فعلًا مؤولًا بالاسم كالمبتدأ. كذا قال بعض الفضلاء.
«وألحق من العمدة بالفضلات المنصوب في باب (كان) و (إن) و (لا» ) وذلك لأن خبر (كان) عمدة، وقد نصب، وإنما كان عمدة، لأنه خبر المبتدأ في الأصل، اسم (إن) و (لا)، هو المبتدأ في الأصل، وسيأتي سبب إلحافها بالفضلات في محله.
وبقي عليه المنصوب في باب (ظن)، فإنه مفعوليه في الأصل مبتدأ وخبر، ولا يقال: قد دخل في قوله (مفعول مقيد)؛ لأن ذلك في نصب الفضلات، وهذا ليس بفضلة، وعلى هذا فالمفعول ضربان: عمدة وفضلة، فلا يدخل أحدها في الآخر.