الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالنَّظْمِ.
الرَّابِعَةُ: مَتَى مَاتَ الْإِمَامُ أَوْ عُزِلَ، لَزِمَ مَنْ بَعْدَهُ الْوَفَاءُ بِعَقْدِهِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. لِأَنَّهُ عَقَدَهُ بِاجْتِهَادِهِ. فَلَا يُنْتَقَضُ بِاجْتِهَادِ غَيْرِهِ.
وَجَوَّزَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ نَقْضَ مَا عَقَدَهُ الْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ نَحْوُ صُلْحِ بَنِي تَغْلِبَ. لِاخْتِلَافِ الْمَصَالِحِ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ.
[بَاب عَقْدِ الذِّمَّةِ]
ِ تَنْبِيهٌ تَقَدَّمَ أَوَّلَ بَابِ الْهُدْنَةِ: أَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ لَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ قَوْلَانِ آخَرَانِ.
فَائِدَةٌ يَجِبُ عَقْدُهَا إذَا اجْتَمَعَتْ الشُّرُوطُ، مَا لَمْ يَخَفْ غَائِلَةً مِنْهُمْ.
قَوْلُهُ (لَا يَجُوزُ عَقْدُهَا إلَّا لِأَهْلِ الْكِتَابِ. وَهُمْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَمَنْ وَافَقَهُمْ فِي التَّدَيُّنِ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، كَالسَّامِرَةِ وَالْفَرَنْجِ، وَمَنْ لَهُ شُبْهَةُ كِتَابٍ. وَهُمْ الْمَجُوسُ) لَا يَجُوزُ عَقْدُ الذِّمَّةِ إلَّا لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ الْمُصَنِّفُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَعَنْهُ يَجُوزُ عَقْدُهَا لِجَمِيعِ الْكُفَّارِ، إلَّا عَبَدَةَ الْأَوْثَانِ مِنْ الْعَرَبِ. نَقَلَهَا الْحَسَنُ بْنُ ثَوَابٍ. وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجْهًا أَنَّ مَنْ دَانَ بِصُحُفِ شِيثٍ وَإِبْرَاهِيمَ، وَالزَّبُورِ، تَحِلُّ نِسَاؤُهُمْ، وَيُقَرُّونَ بِجِزْيَةٍ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ فِي بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاحِ وَيَتَوَجَّهُ أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ وَلَوْ لَمْ تَحِلَّ نِسَاؤُهُمْ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الرَّدِّ عَلَى الرَّافِضِيِّ أَخْذَ الْجِزْيَةِ مِنْ الْكُلِّ، وَأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ بَعْدَ نُزُولِ الْجِزْيَةِ، بَلْ كَانُوا قَدْ أَسْلَمُوا.
وَقَالَ فِي الِاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ: مَنْ أَخَذَهَا مِنْ الْجَمِيعِ، أَوْ سَوَّى بَيْنَ الْمَجُوسِ وَأَهْلِ الْكِتَابِ: فَقَدْ خَالَفَ ظَاهِرَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
قَوْلُهُ (فَأَمَّا الصَّابِئُ فَيُنْظَرُ فِيهِ. فَإِنْ انْتَسَبَ إلَى أَحَدِ الْكِتَابَيْنِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِهِ، وَإِلَّا فَلَا) هَذَا اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ، وَالشَّارِحِ، وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْبَنَّا فِي عُقُودِهِ، وَابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَالصَّابِئُ إنْ وَافَقَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى فِي دِينِهِمْ وَكِتَابِهِمْ فَهُوَ مِنْهُمْ، وَإِلَّا فَهُوَ كَعَابِدِ وَثَنٍ. وَقِيلَ: بَلْ يُقْتَلُ مُطْلَقًا إنْ قَالَ: الْفَلَكُ حَيٌّ نَاطِقٌ وَالْكَوَاكِبُ السَّبْعَةُ آلِهَةٌ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ حُكْمَهُمْ حُكْمُ مَنْ تَدَيَّنَ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، مِثْلَ السَّامِرَةِ وَالْفَرَنْجِ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: هُمْ جِنْسٌ مِنْ النَّصَارَى. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَقِيلٍ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ: أَنَّهُمْ يُوَافِقُونَ النَّصَارَى فَحُكْمُهُمْ حُكْمُهُمْ. لَكِنْ يُخَالِفُونَهُمْ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ فِي الْحَاوِي وَغَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْهُمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بَلَغَنِي أَنَّهُمْ يُسْبِتُونَ. فَإِذَا أَسْبَتُوا فَهُمْ مِنْ الْيَهُودِ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ عُمَرَ فَإِنَّهُ قَالَ: هُمْ يُسْبِتُونَ. جَعَلَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْيَهُودِ وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: فِي ذَبِيحَةِ الصَّابِئَةِ رِوَايَتَانِ. مَأْخَذُهُمَا: هَلْ هُمْ مِنْ النَّصَارَى أَمْ لَا؟
فَائِدَةٌ صِفَةُ عَقْدِ الذِّمَّةِ أَنْ يَقُولَ " أَقْرَرْتُكُمْ بِالْجِزْيَةِ وَالِاسْتِسْلَامِ " أَوْ مَا يُؤَدِّي ذَلِكَ، فَيَقُولُ " أَقْرَرْتُكُمْ عَلَى ذَلِكَ " أَوْ نَحْوُهُمَا. هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ فِيهِ ذِكْرُ قَدْرِ الْجِزْيَةِ. وَفِي الِاسْتِسْلَامِ وَجْهَانِ. ذَكَرَهُمَا فِي التَّرْغِيبِ.
قَوْلُهُ (وَمَنْ تَهَوَّدَ أَوْ تَنَصَّرَ بَعْدَ بَعْثِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، أَوْ وُلِدَ بَيْنَ أَبَوَيْنِ لَا تُقْبَلُ الْجِزْيَةُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَعَلَى وَجْهَيْنِ) وَهُمَا رِوَايَتَانِ. إذَا تَهَوَّدَ أَوْ تَنَصَّرَ بَعْدَ بَعْثِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم. فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْجِزْيَةَ تُقْبَلُ مِنْهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ التَّصْحِيحِ.
قَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَإِنْ انْتَقَلَ إلَى دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ غَيْرُ مُسْلِمٍ أُقِرَّ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَعَنْهُ لَا يُقْبَلُ [مِنْهُ الْجِزْيَةُ. وَلَا تُقْبَلُ] مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ أَوْ السَّيْفُ. صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: قُلْت مَنْ صَارَ كِتَابِيًّا بَعْدَ عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ جَهِلَ وَقْتَهُ لَا تُقْبَلُ جِزْيَتُهُ.
تَنْبِيهٌ مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ لَوْ تَهَوَّدَ أَوْ تَنَصَّرَ قَبْلَ بَعْثِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم تُقْبَلُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ. وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ فِي التَّبْصِرَةِ أَنَّ الْجِزْيَةَ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ مُطْلَقًا. وَذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالتَّرْغِيبِ: أَنَّهُ لَوْ تَنَصَّرَ أَوْ تَهَوَّدَ قَبْلَ الْبَعْثَةِ، وَبَعْدَ التَّبْدِيلِ: لَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ. وَإِلَّا قُبِلَتْ.
وَأَطْلَقَهُ هُوَ وَالْأَوَّلُ فِي الْبُلْغَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
فَائِدَةٌ حُكْمُ مَنْ تَمَجَّسَ بَعْدَ الْبَعْثَةِ أَوْ قَبْلَهَا، بَعْدَ التَّبْدِيلِ أَوْ قَبْلَهُ: حُكْمُ مَنْ تَنَصَّرَ أَوْ تَهَوَّدَ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا فِي آخِرِ بَابِ أَحْكَامِ الذِّمَّةِ بَعْدَ قَوْلِهِ " وَإِنْ تَهَوَّدَ نَصْرَانِيٌّ أَوْ تَنَصَّرَ يَهُودِيٌّ لَمْ يُقِرَّ ".
قَوْلُهُ (وَأَمَّا إذَا وُلِدَ بَيْنَ أَبَوَيْنِ لَا تُقْبَلُ الْجِزْيَةُ مِنْ أَحَدِهِمَا) يَعْنِي وَاخْتَارَ دِينَ مَنْ تُقْبَلُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ. فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي قَبُولِ الْجِزْيَةِ مِنْهُ وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْخُلَاصَةِ.
أَحَدُهُمَا: تُقْبَلُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ، وَتُعْقَدُ لَهُ الذِّمَّةُ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالتَّصْحِيحِ، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ. وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ غَيْرُ الْإِسْلَامِ. ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فَمَنْ بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ (وَلَا تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ) هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقِيلَ: تُقْبَلُ مِنْهُمْ الْجِزْيَةُ، لِلْآيَةِ. وَكَحَرْبِيٍّ مِنْهُمْ لَمْ يَدْخُلْ فِي الصُّلْحِ إذَا بَذَلَهَا، عَلَى الصَّحِيحِ. وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ.
تَنْبِيهٌ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهَا لَا تُؤْخَذُ مِنْهُمْ وَلَوْ بَذَلُوهَا. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَطَعُوا بِهِ. وَفِي الْمُغْنِي وَمَنْ تَابَعَهُ احْتِمَالٌ تُقْبَلُ إذَا بَذَلُوهَا.
فَائِدَةٌ لَيْسَ لِلْإِمَامِ نَقْضُ عَهْدِهِمْ وَتَجْدِيدُ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. لِأَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ مُؤَبَّدٌ، وَقَدْ عَقَدَهُ عُمَرُ رضي الله عنه مَعَهُمْ هَكَذَا. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ.
وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ جَوَازَ ذَلِكَ. لِاخْتِلَافِ الْمَصْلَحَةِ بِاخْتِلَافِ الْأَزْمِنَةِ. وَقَدْ فَعَلَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رضي الله عنه. وَجَعَلَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ كَالْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ. وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله. وَجَزَمَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ بِالْفَرْقِ. وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ، يَقْتَضِيهِ.
قَوْلُهُ (وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ نِسَائِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ وَمَجَانِينِهِمْ) وَكَذَا زِمَانِهِمْ وَمَكَافِيفِهِمْ، وَشُيُوخِهِمْ وَنَحْوِهِمْ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ. وَاخْتَارَهُ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ. وَفِيهِ وَجْهٌ لَا يُؤْخَذُ مِنْ هَؤُلَاءِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: هَذَا أَقْيَسُ. فَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ جِزْيَةٌ بِاسْمِ الصَّدَقَةِ: فَمَصْرِفُهُ مَصْرِفُ الْجِزْيَةِ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: الْأَظْهَرُ إنْ قِيلَ: إنَّهَا كَالزَّكَاةِ فِي الْمَصْرِفِ أُخِذَتْ مِمَّنْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِمْ كَالنِّسَاءِ وَنَحْوِهِمْ، وَإِلَّا فَلَا. انْتَهَى. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَا يُؤْخَذُ مِنْ فَقِيرٍ وَلَا مِمَّنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُ زَكَوِيٍّ.
قَوْلُهُ (وَمَصْرِفُهُ مَصْرِفُ الْجِزْيَةِ) هَذَا الْمَذْهَبُ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَالْمُصَنِّفُ. وَالشَّارِحُ، وَالنَّاظِمُ. وَغَيْرُهُمْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: مَصْرِفُ الزَّكَاةِ. وَهُوَ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ عَنْ أَحْمَدَ. جَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالزَّرْكَشِيُّ.
قَوْلُهُ (وَلَا تُؤْخَذُ مِنْ كِتَابِيٍّ غَيْرِهِمْ) كَمَنْ تَنَصَّرَ مِنْ الْعَرَبِ مِنْ تَنُوخَ وَبَهْرَاءَ، أَوْ تَهَوَّدَ مِنْ كِنَانَةَ وَحِمْيَرَ، أَوْ تَمَجَّسَ مِنْ تَمِيمٍ وَنَحْوِهِمْ
وَهَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَذُكِرَ أَنَّ أَحْمَدَ نَصَّ عَلَيْهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ.
(وَقَالَ الْقَاضِي: تُؤْخَذُ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ وَيَهُودِهِمْ) . كَبَنِي تَغْلِبَ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ نَصَّ عَلَيْهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْمَنْصُوصُ أَنَّ مَنْ كَانَ مِنْ الْعَرَبِ مِنْ أَهْلِ الْجِزْيَةِ، وَأَبَاهَا إلَّا بِاسْمِ الصَّدَقَةِ مُضَعَّفَةً، وَلَهُ شَوْكَةٌ يَخْشَى الضَّرَرَ مِنْهَا: تَجُوزُ مُصَالَحَتُهُمْ عَلَى مَا صُولِحَ عَلَيْهِ بَنُو تَغْلِبَ. وَهُوَ الصَّوَابُ. وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُ أَحْمَدَ أَوَّلًا، وَإِطْلَاقُ الْقَاضِي وَمَنْ تَبِعَهُ. وَلِهَذَا قَطَعَ بِهِ أَبُو الْبَرَكَاتِ. وَعَلَيْهِ اسْتَقَرَّ قَوْلُ أَبِي مُحَمَّدٍ فِي الْمُغْنِي، إلَّا أَنَّهُ شَرَطَ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ بِقَدْرِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ الْجِزْيَةِ أَوْ أَزْيَدَ. وَلَيْسَ هَذَا فِي كَلَامِ أَحْمَدَ. وَلَا مُشْتَرَطَ فِي بَنِي تَغْلِبَ. انْتَهَى.
فَائِدَةٌ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ مُصَالَحَةُ مِثْلِهِ مِمَّنْ يُخْشَى ضَرَرُهُ بِشَوْكَةٍ مِنْ الْعَرَبِ إذَا أَبَى دَفْعَهَا إلَّا بِاسْمِ الصَّدَقَةِ مُضَعَّفَةً. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ. وَغَيْرِهِمْ.
قَوْلُهُ (وَلَا جِزْيَةَ عَلَى صَبِيٍّ، وَلَا امْرَأَةٍ، وَلَا مَجْنُونٍ، وَلَا زَمِنٍ، وَلَا أَعْمَى) وَكَذَا لَا جِزْيَةَ عَلَى شَيْخٍ فَانٍ، بِلَا نِزَاعٍ فِيهِمْ. وَيَأْتِي كَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ. وَكَذَا لَا جِزْيَةَ عَلَى رَاهِبٍ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقِيلَ: عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِلْمُصَنِّفِ، وَلَا يَبْقَى. بِيَدِهِ مَالٌ إلَّا بَلَغَتْهُ فَقَطْ، وَيُؤْخَذُ مَا بِيَدِهِ. قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
قَالَ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ مَا لَنَا كَالرِّزْقِ الَّذِي لِلدُّيُورِ وَالْمَزَارِعِ إجْمَالًا. قَالَ: وَيَجِبُ ذَلِكَ.
وَقَالَ أَيْضًا: وَمَنْ لَهُ تِجَارَةٌ أَوْ زِرَاعَةٌ، وَهُوَ مُخَالِطٌ لَهُمْ أَوْ مُعَاوِنُهُمْ عَلَى دِينِهِمْ. كَمَنْ يَدْعُو إلَيْهِ مِنْ رَاهِبٍ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ إجْمَاعًا، وَحُكْمُهُ حُكْمُهُمْ بِلَا نِزَاعٍ.
تَنْبِيهٌ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ: الْجِزْيَةُ الْوَظِيفَةُ الْمَأْخُوذَةُ مِنْ الْكَافِرِ لِإِقَامَتِهِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ فِي كُلِّ عَامٍ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَظَاهِرُ هَذَا التَّفْرِيعِ: أَنَّ الْجِزْيَةَ أُجْرَةُ الدَّارِ، مُشْتَقَّةٌ مِنْ " جَزَاهُ " بِمَعْنَى: قَضَاهُ. قَالَ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: مُشْتَقٌّ مِنْ الْجَزَاءِ، إمَّا جَزَاءً عَلَى كُفْرِهِمْ لِأَخْذِهَا مِنْهُمْ صِغَارًا، أَوْ جَزَاءً عَلَى أَمَانِنَا لَهُمْ لِأَخْذِهَا مِنْهُمْ رِفْقًا. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَهَذَا أَصَحُّ. قَالَ الشَّيْخُ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ يَرْجِعُ إلَى أَنَّهَا عُقُوبَةٌ أَوْ أُجْرَةٌ.
قَوْلُهُ (وَلَا عَبْدٍ) هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا. نَصَّ عَلَيْهِ. وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمْ. وَعَنْهُ: عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ إذَا كَانَ لِكَافِرٍ. وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالزَّرْكَشِيُّ.
فَائِدَةٌ لَا تَجِبُ عَلَى عَبْدِ الْمُسْلِمِ الذِّمِّيِّ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: بِغَيْرِ خِلَافٍ عَلِمْنَاهُ. وَقَطَعَ بِهِ غَيْرُهُمَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَا تَلْزَمُ عَبْدًا. وَعَنْهُ لِمُسْلِمٍ. جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَنَّهَا تَسْقُطُ بِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا
وَفِي التَّبْصِرَةِ عَنْ الْخِرَقِيِّ: تَلْزَمُ عَبْدًا مُسْلِمًا عَنْ عَبْدِهِ.
فَعَلَى الْمَذْهَبِ: تَلْزَمُ الْمُعْتَقَ بَعْضُهُ بِقَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ. قَالَهُ الْأَصْحَابُ.
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: فِي وُجُوبِ الْجِزْيَةِ عَلَى عَبْدٍ ذِمِّيٍّ أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ أَوْ كَافِرٌ رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ [فِيمَا إذَا كَانَ الْمُعْتَقُ مُسْلِمًا] .
إحْدَاهُمَا: تَجِبُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ. وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: وَإِذَا عَتَقَ لَزِمَتْهُ الْجِزْيَةُ لِمَا يُسْتَقْبَلُ، سَوَاءٌ كَانَ مُعْتِقُهُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا. هَذَا الصَّحِيحُ عَنْ أَحْمَدَ انْتَهَيَا. وَقَالَ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ: وَتُؤْخَذُ مِمَّنْ صَارَ أَهْلًا لَهَا فِي آخِرِ الْحَوْلِ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَجَزَمَ بِهِ الْخِرَقِيُّ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ. قَالَ الْخَلَّالُ: هَذَا قَوْلٌ قَدِيمٌ رَجَعَ عَنْهُ وَوَهَنَهَا
وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ: لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ الْمُعْتِقُ لَهُ مُسْلِمًا.
الثَّانِيَةُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ فَيُعْطَى حُكْمَهُ.
قَوْلُهُ (وَلَا فَقِيرٍ يَعْجِزُ عَنْهَا) هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَفِيهِ احْتِمَالٌ تَجِبُ عَلَيْهِ. وَيُطَالَبُ بِهَا إذَا أَيْسَرَ، لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ كَانَ مُعْتَمِلًا وَجَبَتْ عَلَيْهِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: تَجِبُ عَلَى الْأَصَحِّ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ: الْوُجُوبُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهِيَ أَبْعَدُ دَلِيلًا. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَعَنْهُ: لَا تَجِبُ. وَهِيَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالزَّرْكَشِيُّ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَلَا تَجِبُ عَلَى فَقِيرٍ عَاجِزٍ لَا حِرْفَةَ لَهُ، أَوْ لَهُ حِرْفَةٌ لَا تَكْفِيهِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ فِي مَكَان آخَرَ: وَتَلْزَمُ الْفَقِيرَ الْمُحْتَرِفَ الْحِرْفَةَ الَّتِي تَقُومُ بِكِفَايَتِهِ كُلَّ سَنَةٍ فَائِدَةٌ تَجِبُ الْجِزْيَةُ عَلَى الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَقِيلَ: لَا تَجِبُ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَهُوَ أَظْهَرُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ. وَالْكَافِي. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَأَطْلَقَهَا فِي الْفُرُوعِ.
فَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي: لَوْ بَانَ رَجُلًا أُخِذَتْ مِنْهُ لِلْمُسْتَقْبَلِ فَقَطْ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَطَعَ بِهِ مَنْ ذَكَرَهُ. مِنْهُمْ الْقَاضِي. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ، وَلِلْمَاضِي.
قَوْلُهُ (وَمَنْ بَلَغَ أَوْ أَفَاقَ أَوْ اسْتَغْنَى) وَكَذَا لَوْ عَتَقَ. وَقُلْنَا: عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ (فَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ) هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَشْهُورُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَنَصَرَاهُ، وَالْفُرُوعِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي وَغَيْرِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ كَلَامِهِ: هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْعَقْدِ وَبَيْنَ أَنْ يُرَدَّ إلَى مَأْمَنِهِ، فَيُجَابُ إلَى مَا يَخْتَارُ.
قَوْلُهُ (وَيُؤْخَذُ مِنْهُ فِي آخِرِ الْحَوْلِ بِقَدْرِ مَا أَدْرَكَ)
يَعْنِي: إذَا بَلَغَ أَوْ أَفَاقَ، أَوْ اسْتَغْنَى فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ. وَكَذَا لَوْ عَتَقَ فِي أَثْنَائِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا. وَعَنْهُ لَا جِزْيَةَ عَلَى عَتِيقٍ مُسْلِمٍ. وَعَنْهُ وَعَتِيقٍ ذِمِّيٍّ. جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ.
قَوْلُهُ (وَمَنْ كَانَ يُجَنُّ ثُمَّ يُفِيقُ: لُفِّقَتْ إفَاقَتُهُ، فَإِذَا بَلَغَتْ حَوْلًا أُخِذَتْ مِنْهُ) هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ إذَا لَمْ يَتَعَسَّرْ ضَبْطُهُ. وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ الْغَالِبُ فِيمَا لَا يَنْضَبِطُ أَمْرُهُ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: إذَا كَانَ يُجَنُّ وَيُفِيقُ: لَا يَخْلُو عَنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ.
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَضْبُوطٍ، مِثْلَ مَنْ يُفِيقُ سَاعَةً مِنْ أَيَّامٍ، أَوْ مِنْ يَوْمٍ. فَيُعْتَبَرُ حَالُهُ بِالْأَغْلَبِ.
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَضْبُوطًا مِثْلَ مَنْ يُجَنُّ يَوْمًا، وَيُفِيقُ يَوْمَيْنِ، أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، إلَّا أَنَّهُ مَضْبُوطٌ. فَفِيهِ وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: يُعْتَبَرُ الْأَغْلَبُ مِنْ حَالِهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تُلَفَّقُ إفَاقَتُهُ. فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ: فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: تُلَفَّقُ أَيَّامُهُ. فَإِذَا بَلَغَتْ حَوْلًا أُخِذَتْ مِنْهُ.
وَالثَّانِي: يُؤْخَذُ مِنْهُ فِي آخِرِ كُلِّ حَوْلٍ بِقَدْرِ مَا أَفَاقَ مِنْهُ. وَإِنْ كَانَ يُجَنُّ ثُلُثَ الْحَوْلِ وَيُفِيقُ ثُلُثَيْهِ، أَوْ بِالْعَكْسِ، فَفِيهِ الْوَجْهَانِ. فَإِذَا اسْتَوَتْ إفَاقَتُهُ وَجُنُونُهُ، مِثْلَ مَنْ يُجَنُّ يَوْمًا، وَيُفِيقُ يَوْمًا، أَوْ يُجَنُّ نِصْفَ الْحَوْلِ، وَيُفِيقُ نِصْفَهُ عَادَةً: لُفِّقَتْ إفَاقَتُهُ. لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ الْأَغْلَبُ.
الْحَالُ الثَّالِثُ: أَنْ يُجَنَّ نِصْفَ حَوْلٍ، ثُمَّ يُفِيقُ إفَاقَةً مُسْتَمِرَّةً، أَوْ يُفِيقُ نِصْفَهُ
ثُمَّ يُجَنُّ جُنُونًا مُسْتَمِرًّا. فَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ فِي الثَّانِي. وَعَلَيْهِ فِي الْأَوَّلِ الْجِزْيَةُ بِقَدْرِ مَا أَفَاقَ كَمَا تَقَدَّمَ. انْتَهَيَا.
قَوْلُهُ (وَتُقْسَمُ الْجِزْيَةُ بَيْنَهُمْ فَيُجْعَلُ عَلَى الْغَنِيِّ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا. وَعَلَى الْفَقِيرِ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا) وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَرْجِعَ الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. فَلَهُ أَنْ يَزِيدَ وَيُنْقِصَ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَاهُ. فَلَا تَفْرِيعَ عَلَيْهِ. وَتَفْرِيعُ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْجِزْيَةَ مُقَدَّرَةٌ بِمِقْدَارٍ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ وَلَا يَنْقُصُ مِنْهُ. وَهَذَا التَّقْدِيرُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَا نِزَاعَ فِيهِ. وَهُوَ تَقْدِيرُ عُمَرَ رضي الله عنه. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِ.
فَائِدَةٌ يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ عَنْ كُلٍّ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا دِينَارًا، أَوْ قِيمَتَهَا. نَصَّ عَلَيْهِ، لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْآدَمِيِّ فِيهَا.
قَوْلُهُ (وَالْغَنِيُّ مِنْهُمْ مَنْ عَدَّهُ النَّاسُ غَنِيًّا فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا قَالَ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِمَا. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. وَصَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا.
وَقِيلَ: الْغَنِيُّ مَنْ مَلَكَ نِصَابًا، وَحَكَى رِوَايَةً. وَقِيلَ: مَنْ مَلَكَ عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ. ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ. وَقِيلَ: الْغَنِيُّ مَنْ مَلَكَ عَشَرَةَ آلَافِ دِينَارًا. وَهِيَ مِائَةُ أَلْفِ دِرْهَمٍ. وَمَنْ مَلَكَ دُونَهَا إلَى عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَمُتَوَسِّطٌ. وَمَنْ مَلَكَ عَشَرَةَ آلَافٍ فَمَا دُونَهَا فَفَقِيرٌ. قَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ. وَأَمَّا الْمُتَوَسِّطُ: فَهُوَ الْمُتَوَسِّطُ عُرْفًا. جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ. وَتَقَدَّمَ الْقَوْلُ الَّذِي قَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ.
قَوْلُهُ (وَمَتَى بَذَلُوا الْوَاجِبَ عَلَيْهِمْ لَزِمَ قَبُولُهُ. وَحَرُمَ قِتَالُهُمْ) وَيَلْزَمُ الْإِمَامَ أَيْضًا دَفْعُ مَنْ قَصَدَهُمْ بِأَذًى. وَلَا مَطْمَعَ بِالذَّبِّ عَمَّنْ بِدَارِ الْحَرْبِ قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَالْمُنْفَرِدُونَ بِبَلَدٍ غَيْرِ مُتَّصِلٍ بِبَلَدِنَا يَجِبُ ذَبُّ أَهْلِ الْحَرْبِ عَنْهُمْ، عَلَى الْأَشْبَهِ. انْتَهَى
وَلَوْ شَرَطْنَا أَنْ لَا نَذُبَّ عَنْهُمْ: لَمْ يَصِحَّ الشَّرْطُ. وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ الْبَابِ الْآتِي بَعْدَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَعَلَى الْإِمَامِ حِفْظُهُمْ وَالْمَنْعُ مِنْ أَذَاهُمْ ".
قَوْلُهُ (وَمَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْحَوْلِ سَقَطَتْ عَنْهُ الْجِزْيَةُ) هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ. بَلْ أَكْثَرُهُمْ قَطَعَ بِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ فِي الْإِيضَاحِ: لَا تَسْقُطُ بِالْإِسْلَامِ. قُلْت: وَهَذَا ضَعِيفٌ. وَمَنَعَ فِي الِانْتِصَارِ وُجُوبَهَا أَصْلًا، وَأَنَّهَا مُرَاعَاةٌ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْحَوْلِ أُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ) هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ. مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ حَامِدٍ، وَالْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَالْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ، وَغَيْرُهُمْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. وَصَحَّحَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ: هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ: يَسْقُطُ. وَنَصَرَهُ.
تَنْبِيهٌ
ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ لَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ: أَنَّهَا تَسْقُطُ. وَهُوَ صَحِيحٌ. هُوَ الْمَذْهَبُ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: تَجِبُ بِقِسْطِهِ.
فَوَائِدُ الْأُولَى: وَكَذَا الْحُكْمُ خِلَافًا وَمَذْهَبًا إذَا طَرَأَ مَانِعٌ بَعْدَ الْحَوْلِ كَالْجُنُونِ وَغَيْرِهِ.
الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ (تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ فِي آخِرِ الْحَوْلِ، وَيُمْتَهَنُونَ عِنْدَ أَخْذِهَا. وَيُطَالُ قِيَامُهُمْ. وَتُجَرُّ أَيْدِيهِمْ) . قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَيُصْفَعُونَ عِنْدَ أَخْذِهَا. نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ. وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ إرْسَالُهَا مَعَ غَيْرِهِمْ، لِزَوَالِ الصَّغَارِ عَنْهُمْ. كَمَا لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُهَا بِنَفْسِهِ. قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " وَيُمْتَهَنُونَ عِنْدَ أَخْذِهَا " فَإِنْ قِيلَ: الْمَذْكُورُ مُسْتَحَقٌّ، أَوْ مُسْتَحَبٌّ؟ قِيلَ: فِيهِ خِلَافٌ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ عَدَمُ جَوَازِ التَّوْكِيلِ إنْ قِيلَ هُوَ مُسْتَحَقٌّ، لِأَنَّ الْعُقُوبَةَ لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ. وَكَذَا عَدَمُ صِحَّةِ ضَمَانِ الْجِزْيَةِ. لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ تَحْصُلُ بِأَدَاءِ الضَّامِنِ. فَتَفُوتُ الْإِهَانَةُ. وَإِنْ قِيلَ " هُوَ مُسْتَحَبٌّ " انْعَكَسَتْ هَذِهِ الْأَحْكَامُ. انْتَهَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَهَلْ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَوَكَّلَ لِذِمِّيٍّ فِي أَدَاءِ جِزْيَتِهِ، أَوْ أَنْ يَضْمَنَهَا، أَوْ أَنْ يُحِيلَ الَّذِي عَلَيْهِ بِهَا؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. أَظْهَرُهُمَا: الْمَنْعُ، كَمَا سَبَقَ. انْتَهَى. قُلْت: فَعَلَى الْمَنْعِ: يُعَايِي بِهَا فِي الضَّمَانِ، وَالْحَوَالَةِ، وَالْوَكَالَةِ. وَأَمَّا صَاحِبُ الْفُرُوعِ، وَغَيْرُهُ: فَأَطْلَقُوا الِامْتِهَانَ.
الثَّالِثَةُ: لَا يَصِحُّ شَرْطُ تَعْجِيلِهِ، وَلَا يَقْتَضِيهِ الْإِطْلَاقُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ الْأَصْحَابُ: لَا نَأْمَنُ نَقْضَ الْأَمَانِ، فَيَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ الْعِوَضِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: يَصِحُّ. وَيَقْتَضِيهِ الْإِطْلَاقُ.
قَوْلُهُ (وَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِمْ ضِيَافَةَ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ) بِلَا نِزَاعٍ.
قَوْلُهُ (وَيُبَيِّنُ أَيَّامَ الضِّيَافَةِ وَقَدْرَ الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ وَالْعَلَفِ وَعَدَدَ مَنْ يُضَافُ) إذَا شَرَطَ عَلَيْهِمْ الضِّيَافَةَ: فَيَشْتَرِطُ تَبْيِينَ ذَلِكَ لَهُمْ. كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. وَيُبَيِّنُ لَهُمْ الْمَنْزِلَ وَمَا هُوَ عَلَى الْغِنَى وَالْفَقْرِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ: يَجُوزُ إطْلَاقُ ذَلِكَ كُلِّهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَاخْتَارَهُ. وَقِيلَ: تُقْسَمُ الضِّيَافَةُ عَلَى قَدْرِ جِزْيَتِهِمْ. ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ [وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعِبَارَتُهُمْ كَعِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ: يَجُوزُ إطْلَاقُ ذَلِكَ كُلِّهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي وَاخْتَارَهُ. قَالَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ: فَإِنْ شَرَطَ الضِّيَافَةَ مُطْلَقًا: صَحَّ فِي الظَّاهِرِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إنْ أَطْلَقَ قَدْرَ الضِّيَافَةِ. فَالْوَاجِبُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ وَقِيلَ: يَقْسِمُ الضِّيَافَةَ عَلَى قَدْرِ جِزْيَتِهِمْ. ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ وَالْكَافِي، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ] .
قَوْلُهُ (وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ) هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، [وَالْمُسْتَوْعِبِ] وَالْخُلَاصَةِ [وَالْكَافِي] وَالْمُحَرَّرِ [وَالنَّظْمِ] وَالْفُرُوعِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ الْقَاضِي: يَجِبُ. وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ.
وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: وَيَلْزَمُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ بِلَا شَرْطٍ. وَقِيلَ: وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: وَلَا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.
فَائِدَةٌ لَوْ جَعَلَ الضِّيَافَةَ مَكَانَ الْجِزْيَةِ: صَحَّ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُغْنِي. وَقَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ وَنَصَرَهُ. لَكِنْ يَشْتَرِطُ أَنْ يَكُونَ قَدْرُهَا أَقَلَّ مِنْ الْجِزْيَةِ. إذَا قُلْنَا الْجِزْيَةُ مُقَدَّرَةٌ الْأَقَلَّ. وَقِيلَ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَى ذَلِكَ. جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفُصُولِ [وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ] .
قَوْلُهُ (وَإِذَا تَوَلَّى إمَامٌ، فَعَرَفَ قَدْرَ جِزْيَتِهِمْ وَمَا شَرَطَ عَلَيْهِمْ: أَقَرَّهُمْ عَلَيْهِ) وَكَذَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ ذَلِكَ ظَاهِرًا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَاعْتُبِرَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ ثُبُوتُهُ.
قَوْلُهُ (وَإِذَا لَمْ يَعْرِفْ رَجَعَ إلَى قَوْلِهِمْ) يَعْنِي: وَلَهُ تَحْلِيفُهُمْ. هَذَا الْمَذْهَبُ. قَدَّمَهُ فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ. وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ: أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الْعَقْدَ مَعَهُمْ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَعِنْدِي أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُ عَقْدَ الذِّمَّةِ مَعَهُمْ، عَلَى مَا يُؤَدِّي إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: إنْ تَبَيَّنَ كَذِبُهُمْ: رَجَعَ عَلَيْهِمْ.