الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله: لَا يَدَعُ خَرَاجًا. وَلَوْ تَرَكَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ كَانَ لَهُ هَذَا. فَأَمَّا مَنْ دُونَهُ فَلَا.
[بَابُ الْفَيْءِ]
ِ قَوْلُهُ (وَهُوَ مَا أُخِذَ مِنْ مَالِ مُشْرِكٍ بِغَيْرِ قِتَالٍ، كَالْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ) الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ مَصْرِفَ الْخَرَاجِ كَالْفَيْءِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَجَزَمَ ابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُ بِالْمَنْعِ، لِافْتِقَارِهِ إلَى اجْتِهَادٍ، لِعَدَمِ تَعْيِينِ مَصْرِفِهِ.
تَنْبِيهٌ:
(وَالْعُشْرُ مَا تَرَكُوهُ فَزَعًا، وَخُمُسُ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ، وَمَالُ مَنْ مَاتَ لَا وَارِثَ لَهُ) .
قَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُ قَسْمِ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ، وَأَنَّهُ يُقْسَمُ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ. وَذَكَرْنَا الْخِلَافَ فِي خُمُسِهِ الَّذِي لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم هَلْ يُصْرَفُ مَصْرِفَ الْفَيْءِ أَمْ لَا؟ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ.
قَوْلُهُ (فَيُصْرَفُ فِي الْمَصَالِحِ)
يُصْرَفُ الْفَيْءُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ.
وَقِيلَ: يَخْتَصُّ بِهِ الْمُقَاتِلَةُ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي.
وَاخْتَارَ أَبُو حَكِيمٍ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أَنَّهُ لَا حِصَّةَ لِلرَّافِضَةِ فِيهِ. وَذَكَرَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْهَدْيِ عَنْ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى.
وَذَهَبَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ.
فَائِدَةٌ:
لَا يُفْرَدُ عَبْدٌ بِالْإِعْطَاءِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، بَلْ يُزَادُ سَيِّدُهُ.
وَقِيلَ: يُفْرَدُ بِالْإِعْطَاءِ.
قَوْلُهُ (وَلَا يُخَمَّسُ) هَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ. وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: يُخَمَّسُ. وَاخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ يُوسُفُ الْجَوْزِيُّ. قَالَ الْقَاضِي: وَلَمْ أَجِدْ عَنْ أَحْمَدَ بِمَا قَالَ الْخِرَقِيُّ نَصًّا.
قُلْت: وَأَثْبَتَهُ رِوَايَةً فِي الشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.
فَعَلَى هَذَا: يُصْرَفُ مَصْرِفَ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَسَمَهُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ سَهْمًا، فَلَهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ. ثُمَّ خُمُسُ الْخُمُسِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ سَهْمًا، كُلُّهَا فِي الْمَصَالِحِ. وَبَقِيَّةُ خُمُسِ الْخُمُسِ لِأَهْلِ الْخُمُسِ.
وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كَشْفِ الْمُشْكِلِ: كَانَ مَا لَمْ يُوجِفْ عَلَيْهِ مِلْكًا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً. هَذَا اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ فَضَلَ مِنْهُ فَضْلٌ قُسِمَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ غَنِيِّهِمْ وَفَقِيرِهِمْ) مُرَادُهُ: إلَّا الْعَبِيدَ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَاخْتَارَهُ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ يُقَدَّمُ الْمُحْتَاجُ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَهِيَ أَصَحُّ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله.
وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي، وَأَبِي حَكِيمٍ، وَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ قَرِيبًا. وَقِيلَ: يَدَّخِرُ مَا بَقِيَ بَعْدَ الْكِفَايَةِ.
قَوْلُهُ (وَيَبْدَأُ بِالْمُهَاجِرِينَ. وَيُقَدِّمُ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم)
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ، وَقِيلَ: يُقَدِّمُ بَنِي هَاشِمٍ عَلَى بَنِي الْمُطَّلِبِ، ثُمَّ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، ثُمَّ بَنِي نَوْفَلٍ، ثُمَّ بَنِي عَبْدِ الْعُزَّى، ثُمَّ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ.
قَوْلُهُ (وَهَلْ يُفَاضَلُ بَيْنَهُمْ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) قَالَ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُحَرَّرِ: وَفِي جَوَازِ التَّفْضِيلِ بَيْنَهُمْ بِالسَّابِقَةِ رِوَايَتَانِ. فَحَصَلَ الْخِلَافُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا وَالزَّرْكَشِيِّ.
إحْدَاهُمَا: لَا يَجُوزُ الْمُفَاضَلَةُ بَيْنَهُمْ، بَلْ يَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَجُوزُ الْمُفَاضَلَةُ بَيْنَهُمْ لِمَعْنًى فِيهِمْ. وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَنَظْمِ نِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اخْتَارَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَنْ لَا تَفَاضُلَ، مَعَ جَوَازِهِ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ، لِفِعْلِهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ
وَعَنْهُ لَهُ التَّفْضِيلُ بِالسَّابِقَةِ، إسْلَامًا أَوْ هِجْرَةً. ذَكَرَهَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: وَالصَّحِيحُ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَّ ذَلِكَ مُفَوَّضٌ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ، فَيَفْعَلُ مَا يَرَاهُ.
قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. فَقَدْ فَضَّلَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ، وَلَمْ يُفَضِّلْ أَبُو بَكْرٍ وَعَلِيٌّ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: إذَا اسْتَوَى اثْنَانِ مِنْ أَهْلِ الْفَيْءِ فِي دَرَجَةٍ. فَقَالَ فِي الْمُجَرَّدِ: يُقَدَّمُ أَسَنُّهُمَا، ثُمَّ أَقْدَمُهُمَا هِجْرَةً.
وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: يُقَدَّمُ بِالسَّابِقَةِ فِي الْإِسْلَامِ، ثُمَّ بِالدِّينِ، ثُمَّ بِالسَّبْقِ، ثُمَّ بِالشَّجَاعَةِ. ثُمَّ وَلِيُّ الْأَمْرِ مُخَيَّرٌ، إنْ شَاءَ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا وَإِنْ شَاءَ رَتَّبَهُمَا عَلَى رَأْيِهِ وَاجْتِهَادِهِ. نَقَلَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الْأَخِيرَةِ.
الثَّانِيَةُ: الْعَطَاءُ الْوَاجِبُ لَا يَكُونُ إلَّا لِبَالِغٍ يُطِيقُ مِثْلُهُ الْقِتَالَ، وَيَكُونُ عَاقِلًا حُرًّا بَصِيرًا صَحِيحًا. لَيْسَ بِهِ مَرَضٌ يَمْنَعُهُ مِنْ الْقِتَالِ. فَإِنْ مَرِضَ مَرَضًا غَيْرَ مَرْجُوِّ الزَّوَالِ كَالزَّمَانَةِ وَنَحْوِهَا، خَرَجَ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ. وَسَقَطَ سَهْمُهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمَا. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: لَهُ فِيهِ حَقٌّ.
قَوْلُهُ (وَمَنْ مَاتَ بَعْدَ حُلُولِ وَقْتِ الْعَطَاءِ: دُفِعَ إلَى وَرَثَتِهِ حَقُّهُ. وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَجْنَادِ الْمُسْلِمِينَ: دُفِعَ إلَى امْرَأَتِهِ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ كِفَايَتُهُمْ)
بِلَا نِزَاعٍ.
قَوْلُهُ (فَإِذَا بَلَغَ ذُكُورُهُمْ، وَاخْتَارُوا أَنْ يَكُونُوا فِي الْمُقَاتِلَةِ: فُرِضَ لَهُمْ. وَإِنْ لَمْ يَخْتَارُوا تُرِكُوا) هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ.
وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: يُفْرَضُ ثُمَّ إذَا اخْتَارُوا أَنْ يَكُونُوا فِي الْمُقَاتِلَةِ، إذَا كَانَ بِالنَّاسِ حَاجَةٌ إلَيْهِمْ. وَإِلَّا فَلَا.
فَائِدَةٌ:
بَيْتُ الْمَالِ مِلْكٌ لِلْمُسْلِمِينَ يَضْمَنُهُ مُتْلِفُهُ. وَيَحْرُمُ الْأَخْذُ مِنْهُ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَذَكَرَهُ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ. وَذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ. فِي بَابِ اللُّقَطَةِ. وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ أَيْضًا.
وَذَكَرَ فِي الِانْتِصَارِ أَيْضًا، فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ: لَا يَجُوزُ لَهُ الصَّدَقَةُ بِهِ. وَيُسَلِّمُهُ إلَى الْإِمَامِ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي السَّرِقَةِ مِنْهُ. وَقَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
وَقَالَ أَيْضًا: لَوْ أَتْلَفَهُ ضَمِنَهُ.
وَقَالَ أَيْضًا: لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمُشْتَرَكِ عَنْ عَدَمِ مَوْصُوفٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ. أَنْ يَكُون مَمْلُوكًا، نَحْوَ بَيْتِ الْمَالِ، وَالْمُبَاحَاتِ، وَالْوَقْفِ عَلَى مُطْلَقٍ، سَوَاءٌ تَعَيَّنَ الْمُسْتَحِقُّ بِالْإِعْطَاءِ، أَوْ بِالِاسْتِعْمَالِ، أَوْ بِالْفَرْضِ وَالتَّنْزِيلِ، أَوْ غَيْرِهِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي وَابْنُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ: أَنَّ الْمَالِكَ لَهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ.
وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ، فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ بِلَا إذْنٍ: مَالُ بَيْتِ الْمَالِ مَمْلُوكٌ لِلْمُسْلِمِينَ. وَلِلْإِمَامِ تَعْيِينُ مَصَارِفِهِ وَتَرْتِيبُهَا، فَافْتَقَرَ إلَى إذْنِهِ.
وَيَأْتِي فِي آخِرِ بَابِ أُصُولِ الْمَسَائِلِ: هَلْ بَيْتُ الْمَالِ وَارِثٌ أَمْ لَا؟ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ.