المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[بَابُ الْأَمَانِ] ِ قَوْلُهُ (وَيَصِحُّ أَمَانُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ، ذَكَرًا كَانَ أَوْ - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت الفقي - جـ ٤

[المرداوي]

الفصل: ‌ ‌[بَابُ الْأَمَانِ] ِ قَوْلُهُ (وَيَصِحُّ أَمَانُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ، ذَكَرًا كَانَ أَوْ

[بَابُ الْأَمَانِ]

ِ قَوْلُهُ (وَيَصِحُّ أَمَانُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، حُرًّا أَوْ عَبْدًا، مُطْلَقًا أَوْ أَسِيرًا) هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. وَقَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَغَيْرِهَا: يَصِحُّ مِنْهُمْ، بِشَرْطِ أَنْ تُعْرَفَ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ الْإِجْمَاعَ فِي الْمَرْأَةِ بِدُونِ هَذَا الشَّرْطِ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: يَصِحُّ أَمَانُ الْمَرْأَةِ عَنْ الْقَتْلِ، دُونَ الرِّقِّ. وَقَالَ: وَيُشْتَرَطُ فِي أَمَانِ الْإِمَامِ عَدَمُ الضَّرَرِ عَلَيْنَا، وَأَنْ لَا تَزِيدَ مُدَّتُهُ عَلَى عَشْرِ سِنِينَ.

وَقَوْلُهُ " وَأَنْ لَا تَزِيدَ مُدَّتُهُ عَلَى عَشْرِ سِنِينَ " جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ.

تَنْبِيهٌ

مَفْهُومُ كَلَامِهِ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَمَانُ الْكَافِرِ، وَلَوْ كَانَ ذِمِّيًّا. وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَا أَمَانُ الْمَجْنُونِ، أَوْ الطِّفْلِ، وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ. وَهُوَ كَذَلِكَ. وَلَا يَصِحُّ أَمَانُ السَّكْرَانِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَخَرَّجَ الصِّحَّةَ. وَلَا يَصِحُّ أَمَانُ الْمُكْرَهِ. بِلَا نِزَاعٍ.

قَوْلُهُ (وَفِي أَمَانِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ: رِوَايَتَانِ) وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ.

إحْدَاهُمَا: يَصِحُّ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْهَادِي، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَقِيلٍ، وَالْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَالشِّيرَازِيُّ، وَالشَّرِيفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ،

ص: 203

فِي خِلَافَيْهِمَا، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالنَّظْمِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَصِحُّ أَمَانُهُ، رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ. وَحَمَلَ رِوَايَةَ الْمَنْعِ عَلَى غَيْرِ الْمُمَيِّزِ. وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ شَيْخِهِ. وَالزَّرْكَشِيِّ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يَصِحُّ أَمَانُهُ. وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ.

فَائِدَةٌ

يَصِحُّ أَمَانُ الْإِمَامِ لِلْأَسِيرِ، وَالْكَافِرِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ. فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ صِحَّةَ الْأَمَانِ وَقِيلَ: يَصِحُّ لِلْأَسِيرِ مِنْ الْإِمَامِ. وَقِيلَ: وَالْأَمِيرِ. انْتَهَى. وَهُوَ مُشْكِلٌ. وَيَصِحُّ مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ لِلْأَسِيرِ الْكَافِرِ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَاخْتَارَ الْقَاضِي: عَدَمَ الصِّحَّةِ مِنْ غَيْرِ الْإِمَامِ، كَمَا لَوْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ: فَأَمَّا آحَادُ الرَّعِيَّةِ فَلَيْسَ لَهُ أَمَانٌ. وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ: أَنَّهُ يَصِحُّ. انْتَهَيَا.

قَوْلُهُ (وَأَمَانُ أَحَدِ الرَّعِيَّةِ لِلْوَاحِدِ وَالْعَشَرَةِ) بِلَا نِزَاعٍ (وَلِلْقَافِلَةِ، وَكَذَا لِلْحِصْنِ) . مُرَادُهُ بِالْقَافِلَةِ: إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً. وَكَذَا إذَا كَانَ الْحِصْنُ صَغِيرًا. يَعْنِي: عُرْفًا. وَهَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. لِإِطْلَاقِهِمْ الْقَافِلَةَ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ فِي الْقَافِلَةِ وَالْحِصْنِ: أَنْ يَكُونَ مِائَةً فَأَقَلَّ. اخْتَارَهُ ابْنُ الْبَنَّا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ.

ص: 204

وَأَطْلَقَ فِي الرَّوْضَةِ: الْحِصْنُ. وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ اسْتِحْسَانًا أَنْ لَا يُجَارَ عَلَى الْأَمِيرِ إلَّا بِإِذْنِهِ.

قَوْلُهُ (وَمَنْ قَالَ لِكَافِرٍ: قِفْ، أَوْ أَلْقِ سِلَاحَك. فَقَدْ أَمَّنَهُ) . وَكَذَا قَوْلُهُ " قُمْ " وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَكُونَ أَمَانًا، إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ ذَلِكَ. فَهُوَ عَلَى هَذَا كِنَايَةٌ. لَكِنْ إنْ اعْتَقَدَهُ الْكَافِرُ أَمَانًا: رُدَّ إلَى مَأْمَنِهِ وُجُوبًا. وَلَمْ يَجُزْ قَتْلُهُ. وَكَذَا حُكْمُ نَظَائِرِهِ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إذَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِشَيْءٍ غَيْرِ الْأَمَانِ، فَظَنَّهُ. أَمَانًا: فَهُوَ أَمَانٌ. وَكُلُّ شَيْءٍ يَرَى الْعِلْجُ أَنَّهُ أَمَانٌ: فَهُوَ أَمَانٌ. وَقَالَ: إذَا اشْتَرَاهُ لِيَقْتُلَهُ، فَلَا يَقْتُلُهُ. لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهُ فَقَدْ أَمَّنَهُ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: فَهَذَا يَقْتَضِي انْعِقَادَهُ بِمَا يَعْتَقِدُهُ الْعِلْجُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ الْمُسْلِمُ. وَلَا صَدَرَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ (وَمَنْ جَاءَ بِمُشْرِكٍ، فَادَّعَى أَيْ الْمُشْرِكُ أَنَّهُ أَمَّنَهُ فَأَنْكَرَ) يَعْنِي الْمُسْلِمُ (فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ) يَعْنِي الْمُسْلِمَ هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي نِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ: قُدِّمَ قَوْلُ الْمُسْلِمِ فِي الْأَظْهَرِ. وَعَنْهُ قَوْلُ الْأَسِيرِ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَعَنْهُ قَوْلُ مَنْ يَدُلُّ الْحَالُ عَلَى صِدْقِهِ. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ.

فَائِدَةٌ يُقْبَلُ قَوْلُ عَدْلٍ " إنِّي أَمَّنْته " عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ.

ص: 205

قَالَ فِي الْفُرُوعِ: يُقْبَلُ فِي الْأَصَحِّ، كَإِخْبَارِهِمَا أَنَّهُمَا أَمَّنَاهُ كَالْمُرْضِعَةِ عَلَى طِفْلِهَا. قَالَ الْقَاضِي: هُوَ قِيَاسُ قَوْلِ أَحْمَدَ. وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ.

قَوْلُهُ (وَمَنْ أُعْطِيَ أَمَانًا لِيَفْتَحَ حِصْنًا فَفَتَحَهُ، وَاشْتَبَهَ عَلَيْنَا فِيهِمْ: حَرُمَ قَتْلُهُمْ) بِلَا نِزَاعٍ. وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد، وَأَبِي طَالِبٍ، وَإِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ. وَ (حَرُمَ اسْتِرْقَاقُهُمْ) عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ هَانِئٍ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ: هَذَا الصَّحِيحُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَخْرُجُ وَاحِدٌ بِالْقُرْعَةِ، وَيُسْتَرَقُّ الْبَاقُونَ. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ: هَذَا قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ، وَالْخِرَقِيِّ، وَابْنِ عَقِيلٍ، فِي رِوَايَتَيْهِ. انْتَهَى. وَاخْتَارَهُ فِي التَّبْصِرَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ.

فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ: لَوْ أَسْلَمَ وَاحِدٌ مِنْ أَهْلِ حِصْنٍ، وَاشْتَبَهَ عَلَيْنَا، خِلَافًا وَمَذْهَبًا.

قَوْلُهُ (وَيَجُوزُ عَقْدُ الْأَمَانِ لِلرَّسُولِ وَالْمُسْتَأْمَنِ. وَيُقِيمُونَ مُدَّةَ الْهُدْنَةِ بِغَيْرِ جِزْيَةٍ) هَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: قَالَهُ أَصْحَابُنَا. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمْ.

ص: 206

[وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: بِشَرْطِ أَنْ لَا تَزِيدَ مُدَّتُهُ عَلَى عَشْرِ سِنِينَ. وَفِي جَوَازِ إقَامَتِهِمْ فِي دَارِنَا هَذِهِ الْمُدَّةَ بِلَا جِزْيَةٍ: وَجْهَانِ. انْتَهَى] وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ: وَعِنْدِي لَا يَجُوزُ سَنَةً فَصَاعِدًا، إلَّا بِجِزْيَةٍ. اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ. وَقِيلَ: يَجُوزُ عَقْدُهُ لِلْمُسْتَأْمَنِ مُطْلَقًا. وَذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ.

قَوْلُهُ (وَمَنْ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ أَمَانٍ، وَادَّعَى أَنَّهُ رَسُولٌ أَوْ تَاجِرٌ، وَمَعَهُ مَتَاعٌ يَبِيعُهُ: قُبِلَ مِنْهُ) وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِأَنْ تُصَدِّقُهُ عَادَةٌ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ نَصَّ عَلَيْهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: إنْ لَمْ يُعْرَفْ بِتِجَارَةٍ وَلَمْ يُشْبِهْهُمْ، أَوْ كَانَ مَعَهُ آلَةُ حَرْبٍ: لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ، وَيُحْبَسُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَيَعْمَلُ فِي ذَلِكَ بِالْقَرَائِنِ. وَعَلَى الْمَذْهَبِ: إنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ عَادَةٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ تِجَارَةٌ، وَادَّعَى أَنَّهُ جَاءَ مُسْتَأْمَنًا. فَهُوَ كَالْأَسِيرِ، يُخَيَّرُ الْإِمَامُ فِيهِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

فَائِدَةٌ لَوْ دَخَلَ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ بِتِجَارَةٍ أَوْ رِسَالَةٍ، لَمْ يَخُنْهُمْ فِي شَيْءٍ. وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ ضَلَّ الطَّرِيقَ، أَوْ حَمَلَتْهُ الرِّيحُ فِي مَرْكَبٍ إلَيْنَا. فَهُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْخُلَاصَةِ. وَعَنْهُ يَكُونُ فَيْئًا لِلْمُسْلِمِينَ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ.

ص: 207

وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ: إنْ دَخَلَ قَرْيَةً فَأَخَذُوهُ: فَهُوَ لِأَهْلِهَا.

فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ: لَوْ شَرَدَتْ إلَيْنَا دَابَّةٌ مِنْهُمْ أَوْ فَرَسٌ، أَوْ نَدَّ بَعِيرٌ، أَوْ أَبَقَ رَقِيقٌ وَنَحْوُهُ.

فَائِدَةٌ لَا يَدْخُلُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إلَيْنَا إلَّا بِإِذْنٍ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ يَجُوزُ لِلرَّسُولِ وَلِلتَّاجِرِ خَاصَّةً. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: دُخُولُهُ لِسِفَارَةٍ، أَوْ لِسَمَاعِ قُرْآنٍ: أَمَانٌ بِلَا عَقْدٍ، لَا لِتِجَارَةٍ. عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا بِلَا عَادَةٍ. نَقَلَ حَرْبٌ فِي غُزَاةٍ فِي الْبَحْرِ وَجَدُوا تُجَّارًا يَقْصِدُونَ بَعْضَ الْبِلَادِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُمْ

قَوْلُهُ (وَإِذَا أَوْدَعَ الْمُسْتَأْمَنُ مَالَهُ مُسْلِمًا، أَوْ أَقْرَضَهُ إيَّاهُ، ثُمَّ عَادَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ. بَقِيَ الْأَمَانُ فِي مَالِهِ. وَيَبْعَثُ بِهِ إلَيْهِ إنْ طَلَبَهُ) وَكَذَا إنْ أَوْدَعَهُ لِذِمِّيٍّ، أَوْ أَقْرَضَهُ إيَّاهُ. وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: يُنْقَضُ فِي مَالِهِ. وَيَصِيرُ فَيْئًا. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ. وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ " أَنَّ هَذَا اخْتِيَارُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ " غَيْرُ مُسَلَّمٍ. فَعَلَى هَذَا يُعْطَاهُ إنْ طَلَبَهُ، وَإِنْ مَاتَ بَعَثَ بِهِ إلَى وَرَثَتِهِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَهُوَ فَيْءٌ. وَيَأْتِي حُكْمُ مَالِ مَنْ نَقَضَ الْعَهْدَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي بَابِ أَحْكَامِهِمْ.

فَائِدَةٌ لَوْ اُسْتُرِقَّ مَنْ كَانَ مُسْتَأْمَنًا أَوْ ذِمِّيًّا وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ. وَمَالُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ وُقِفَ مَالُهُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ.

ص: 208

قَالَ فِي الْفُرُوعِ: هَذَا أَشْهَرُ. وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَحَكَاهُ فِي الشَّرْحِ عَنْ الْقَاضِي. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: يَصِيرُ مَالُهُ فَيْئًا بِمُجَرَّدِ اسْتِرْقَاقِهِ. اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ. وَأَطْلَقَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: إنْ عَتَقَ رُدَّ إلَيْهِ، وَإِنْ مَاتَ رَقِيقًا فَهُوَ فَيْءٌ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: بَلْ هُوَ لِوَارِثِهِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ. .

قَوْلُهُ (وَإِذَا أَسَرَ الْكُفَّارُ مُسْلِمًا، فَاطْلُقُوهُ بِشَرْطِ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهُمْ مُدَّةً) . وَكَذَا لَوْ شَرَطُوا أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهُمْ مُطْلَقًا. (لَزِمَهُ الْوَفَاءُ لَهُمْ)

هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ وَلَهُ أَنْ يَهْرَبَ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ، وَقِيلَ: إنْ، الْتَزَمَ الشَّرْطَ لَزِمَهُ، وَإِلَّا فَلَا. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: مَا يَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُمْ فِي الْتِزَامِ الْإِقَامَةِ أَبَدًا. لِأَنَّ الْهِجْرَةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ. فَفِيهِ الْتِزَامٌ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ لَا يَمْنَعُوهُ مِنْ دِينِهِ، فَفِيهِ الْتِزَامُ تَرْكِ الْمُسْتَحَبِّ. وَفِيهِ نَظَرٌ.

قَوْلُهُ (وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطُوا شَيْئًا، أَوْ شَرَطُوا كَوْنَهُ رَقِيقًا، فَلَهُ أَنْ يَقْتُلَ، وَيَسْرِقَ، وَيَهْرَبَ) . إذَا أَطْلَقُوا وَلَمْ يَشْتَرِطُوا عَلَيْهِ شَيْئًا، فَتَارَةً يُؤَمِّنُونَهُ، وَتَارَةً لَا يُؤَمِّنُونَهُ. فَإِنْ لَمْ

ص: 209

يُؤَمِّنُوهُ وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ فَلَهُ أَنْ يَقْتُلَ، وَيَسْرِقَ، وَيَهْرَبَ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَإِنْ أَمَّنُوهُ فَلَهُ الْهَرَبُ لَا غَيْرَ. وَلَيْسَ لَهُ الْقَتْلُ، وَلَا السَّرِقَةُ. فَلَوْ سَرَقَ رَدَّ مَا أَخَذَ مِنْهُمْ. نَصَّ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ. وَإِنْ شَرَطُوا كَوْنَهُ رَقِيقًا فَكَذَلِكَ. قَالَهُ الشَّارِحُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. وَقَالَ الشَّارِحُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهُ الْإِقَامَةُ، إذَا قُلْنَا: لَزِمَهُ الرُّجُوعُ إلَيْهِمْ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا، إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ (وَإِنْ أَطْلَقُوهُ بِشَرْطِ أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهِمْ مَالًا، فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ عَادَ إلَيْهِمْ: لَزِمَهُ الْوَفَاءُ لَهُمْ. إلَّا أَنْ يَكُونَ امْرَأَةً، فَلَا تَرْجِعُ إلَيْهِمْ) إذَا كَانَتْ امْرَأَةً لَمْ تَرْجِعْ إلَيْهِمْ بِلَا نِزَاعٍ. لِخَوْفِ قَتْلِهَا. وَأَلْحَقَ فِي نَظْمِ نِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ: الصَّبِيَّ بِالْمَرْأَةِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ أَنْ يَبْدَأَ بِفِدَاءِ جَاهِلٍ لِلْخَوْفِ عَلَيْهِ. وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَبْدَأَ بِفِدَاءِ الْعَالِمِ لِشَرَفِهِ، وَحَاجَتِنَا إلَيْهِ، وَكَثْرَةِ الضَّرَرِ بِفِتْنَتِهِ. انْتَهَى. وَإِنْ كَانَ رَجُلًا، وَشَرَطُوا عَلَيْهِ مَالًا، وَرَضِيَ بِذَلِكَ. فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ لَهُمْ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: لَا يَرْجِعُ الرَّجُلُ أَيْضًا. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالزَّرْكَشِيِّ

ص: 210