المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب حكم الأرضين المغنومة] - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت الفقي - جـ ٤

[المرداوي]

الفصل: ‌[باب حكم الأرضين المغنومة]

[بَابُ حُكْمِ الْأَرَضِينَ الْمَغْنُومَةِ]

ِ قَوْلُهُ (أَحَدُهَا: مَا فُتِحَ عَنْوَةً. وَهِيَ مَا أُجْلِيَ عَنْهَا أَهْلُهَا بِالسَّيْفِ فَيُخَيَّرُ الْإِمَامُ بَيْنَ قِسْمَتِهَا) كَمَنْقُولٍ، وَلَا خَرَاجَ عَلَيْهَا، بَلْ هِيَ أَرْضُ عُشْرٍ.

(وَوَقْفِهَا لِلْمُسْلِمِينَ) بِلَفْظٍ يَحْصُلُ بِهِ الْوَقْفُ.

هَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ. زَادَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ: أَوْ يَتْرُكُهَا لِلْمُسْلِمِينَ بِخَرَاجٍ مُسْتَمِرٍّ، يُؤْخَذُ مِمَّنْ تُقَرُّ بِيَدِهِ، مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ، بِلَا أُجْرَةٍ. وَتَخْيِيرُ الْإِمَامِ فِي الْأَرْضِ الَّتِي فُتِحَتْ عَنْوَةً بَيْنَ قِسْمَتِهَا وَبَيْنَ دَفْعِهَا: مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ.

وَعَنْهُ تُقْسَمُ بَيْنَ الْغَانِمِينَ كَالْمَنْقُولِ.

وَعَنْهُ أَنَّهَا تَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا. لَا يُعْتَبَرُ لَهَا التَّلَفُّظُ بِالْوَقْفِ، بَلْ تَرْكُهُ لَهَا مِنْ غَيْرِ قِسْمَةٍ وَقْفٌ لَهَا، كَمَا لَوْ قَسَمَهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ. لَا يُحْتَاجُ مَعَهُ إلَى لَفْظٍ. وَتَصِيرُ أَرْضَ عُشْرٍ. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ.

تَنْبِيهٌ:

قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ " كَالْمَنْقُولِ " قَالَهُ الْمَجْدُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ، وَجَمَاعَةٌ.

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إذَا قَسَمَ الْإِمَامُ الْأَرْضَ بَيْنَ الْغَانِمِينَ، فَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمَجْدِ وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ يُخَمِّسُهَا، حَيْثُ قَالُوا " كَالْمَنْقُولِ " قَالَ: وَعُمُومُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْقَاضِي وَقِصَّةُ خَيْبَرَ: تَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَا تُخَمَّسُ. لِأَنَّهَا فَيْءٌ وَلَيْسَتْ بِغَنِيمَةٍ. لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ لَا تُوقَفُ. وَالْأَرْضُ إنْ شَاءَ الْإِمَامُ وَقَفَهَا. وَإِنْ شَاءَ قَسَمَهَا، كَمَا يُقْسَمُ الْفَيْءُ. وَلَيْسَ فِي الْفَيْءِ خُمُسٌ. وَرَجَّحَ ذَلِكَ.

ص: 190

وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَوْ جَعَلَهَا الْإِمَامُ فَيْئًا صَارَ ذَلِكَ حُكْمًا بَاقِيًا فِيهَا دَائِمًا وَأَنَّهَا لَا تَعُودُ إلَى الْغَانِمِينَ. وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ. فَائِدَتَانِ

إحْدَاهُمَا: حَيْثُ قُلْنَا " لِلْإِمَامِ الْخِيَرَةُ " فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ فِعْلُ الْأَصْلَحِ كَالتَّخَيُّرِ فِي الْأُسَارَى. قَالَهُ الْأَصْحَابُ.

وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: أَوْ يُمَلِّكُهَا لِأَهْلِهَا أَوْ غَيْرِهِمْ بِخَرَاجٍ.

قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَدَلَّ كَلَامُهُمْ، أَنَّهُ لَوْ مَلَّكَهَا بِغَيْرِ خَرَاجٍ: لَمْ يَجُزْ.

الثَّانِيَةُ: قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي وَمَنْ تَبِعَهُ: مَا فَعَلَهُ الْإِمَامُ مِنْ وَقْفٍ وَقِسْمَةٍ: لَيْسَ لِأَحَدٍ نَقْضُهُ.

وَقَالَ أَيْضًا فِي الْمُغْنِي فِي الْبَيْعِ: إنْ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ: صَحَّ بِحُكْمِهِ كَالْمُخْتَلِفَاتِ وَكَذَا بَيْعُ الْإِمَامِ لِلْمَصْلَحَةِ. لِأَنَّ فِعْلَهُ كَالْحُكْمِ.

قَوْلُهُ (الثَّانِي: مَا جَلَا عَنْهَا أَهْلُهَا خَوْفًا. فَتَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الظُّهُورِ عَلَيْهَا) .

هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.

وَعَنْهُ حُكْمُهَا حُكْمُ الْعَنْوَةِ قِيَاسًا عَلَيْهَا. فَلَا تَصِيرُ وَقْفًا حَتَّى يَقِفَهَا الْإِمَامُ. وَقِيلَ: حُكْمُهَا حُكْمُ الْفَيْءِ الْمَنْقُولِ.

قَوْلُهُ (الثَّالِثُ: مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ، وَهُوَ ضَرْبَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنْ يُصَالِحَهُمْ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَنَا، وَيُقِرَّهَا مَعَهُمْ بِالْخَرَاجِ. فَهَذِهِ تَصِيرُ وَقْفًا أَيْضًا) وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ تَصِيرُ وَقْفًا بِوَقْفِ الْإِمَامِ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا. وَتَكُونُ قَبْلَ وَقْفِهَا كَفَيْءٍ مَنْقُولٍ.

ص: 191

فَائِدَةٌ: هَذِهِ الدَّارُ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا دَارُ إسْلَامٍ. فَيَجِبُ عَلَى سَاكِنِهَا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ الْجِزْيَةُ وَنَحْوُهَا. وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُ أَهْلِهَا عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِ لَهُمْ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ.

وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: لِلْإِمَامِ أَنْ يُقِرَّ الْأَرْضَ مِلْكًا لِأَهْلِهَا وَعَلَيْهِمْ الْجِزْيَةُ. وَعَلَيْهَا الْخَرَاجُ، لَا يَسْقُطُ بِإِسْلَامِهِمْ.

قَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ: وَهَذَا أَصَحُّ عِنْدِي.

قَوْلُهُ (الثَّانِي: أَنْ يُصَالِحَهُمْ عَلَى أَنَّهَا لَهُمْ. وَلَنَا الْخَرَاجُ عَنْهَا. فَهَذِهِ مِلْكٌ لَهُمْ) هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ. وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: يُمْنَعُونَ مِنْ إحْدَاثِ كَنِيسَةٍ وَبِيعَةٍ.

وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: إنْ أَسْلَمَ بَعْضُهُمْ أَوْ بَاعُوا الْمِلْكَ مِنْ مُسْلِمٍ: مُنِعُوا إظْهَارَهُ. قَوْلُهُ (خَرَاجُهَا كَالْجِزْيَةِ. إنْ أَسْلَمُوا سَقَطَ عَنْهُمْ) هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِمَا. وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمَا.

وَعَنْهُ لَا تَسْقُطُ بِإِسْلَامٍ وَلَا غَيْرِهِ. نَقَلَهَا حَنْبَلٌ. لِتَعَلُّقِهَا بِالْأَرْضِ كَالْخَرَاجِ الَّذِي ضَرَبَهُ عُمَرُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ.

تَنْبِيهٌ:

مَفْهُومُ قَوْلِهِ (وَإِنْ انْتَقَلَتْ إلَى مُسْلِمٍ فَلَا خَرَاجَ عَلَيْهِ) أَنَّهَا لَوْ انْتَقَلَتْ إلَى ذِمِّيٍّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الصُّلْحِ: أَنَّ عَلَيْهِ الْخَرَاجَ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ.

وَقِيلَ: لَا خَرَاجَ عَلَيْهَا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ.

ص: 192

قَوْلُهُ (وَالْمَرْجِعُ فِي الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ، مِنْ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ) هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ الْخَلَّالُ: نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَاخْتِيَارُ الْخَلَّالِ، وَعَامَّةِ شُيُوخِنَا.

قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ، وَعَامَّةُ أَصْحَابِنَا. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا.

وَعَنْهُ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ دُونَ النَّقْصِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَعَنْهُ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ دُونَ النَّقْصِ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: لَا يَجُوزُ النَّقْصُ عَنْ الدِّينَارِ بِحَالٍ، وَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ. قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ غَيْرِ الرِّوَايَةِ. انْتَهَى.

وَعَنْهُ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ فِي الْخَرَاجِ خَاصَّةً، وَلَا تَجُوزُ فِي الْجِزْيَةِ. اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَالْقَاضِي فِي رِوَايَتِهِ. وَقَالَ: نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِيَيْنِ: وَهُوَ أَصَحُّ. وَذَكَر فِي الْوَاضِحِ رِوَايَةً: يَجُوزُ النَّقْصُ فِي الْجِزْيَةِ فَقَطْ. وَعَنْهُ يُرْجَعُ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ فِي الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ، إلَّا أَنَّ جِزْيَةَ أَهْلِ الْيَمَنِ دِينَارٌ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ.

(وَعَنْهُ يُرْجَعُ إلَى مَا ضَرَبَهُ عُمَرُ رضي الله عنه، لَا يُزَادُ عَلَيْهِ وَلَا يُنْقَصُ مِنْهُ) .

وَأَطْلَقَ الرِّوَايَتَيْنِ الْأُولَى وَهَذِهِ فِي الْبُلْغَةِ.

وَيَأْتِي حَدُّ الْغَنِيِّ وَالْمُتَوَسِّطِ وَالْفَقِيرِ فِي بَابِ عَقْدِ الذِّمَّةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.

ص: 193

قَوْلُهُ (وَقَدْرُ الْقَفِيزِ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ يَعْنِي بِالْمَكِّيِّ فَيَكُونُ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا بِالْعِرَاقِيِّ) .

هَذَا الصَّحِيحُ. قَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ، وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، قِيلَ: إنَّ قَدْرَهُ ثَلَاثُونَ رِطْلًا.

وَقَدَّمَ فِي الْمُحَرَّرِ: أَنَّ قَدْرَهُ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ بِالْعِرَاقِيِّ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَقَالُوا: نَصَّ عَلَيْهِ.

قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: الْمَنْقُولُ عَنْ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَنَّهُ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ. فَفَسَّرَهُ الْقَاضِي بِالْمَكِّيِّ. فَائِدَتَانِ

الْأُولَى: هَذَا الْقَفِيزُ قَفِيزُ الْحَجَّاجِ. وَهُوَ صَاعُ عُمَرَ رضي الله عنه نَصَّ عَلَيْهِ وَالْقَفِيزُ الْهَاشِمِيُّ: مَكُّوكَانِ. وَهُوَ ثَلَاثُونَ رَطْلًا عِرَاقِيَّةً.

الثَّانِيَةُ: مِمَّا قَدَّرَهُ عُمَرُ عَلَى جَرِيبِ الزَّرْعِ: دِرْهَمَانِ وَقَفِيزٌ مِنْ طَعَامِهِ، وَعَلَى جَرِيبِ النَّخْلِ: ثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ، وَعَلَى جَرِيبِ الْكَرْمِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ. وَعَلَى جَرِيبِ الرُّطَبَةِ سِتَّةُ دَرَاهِمَ. قَالَهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ: صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَقَالَ: هُوَ الْأَشْهَرُ عَنْ عُمَرَ.

وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَخَرَاجُ عُمَرَ عَلَى جَرِيبِ الشَّعِيرِ دِرْهَمَانِ، وَالْحِنْطَةِ أَرْبَعَةٌ. وَالرُّطَبَةِ سِتَّةٌ، وَالنَّخْلِ ثَمَانِيَةٌ. وَالْكُرُومِ عَشْرَةٌ. وَالزَّيْتُون اثْنَا عَشَرَ. وَعَنْ عُمَرَ رضي الله عنه: أَنَّهُ وَضَعَ عَلَى كُلِّ جَرِيبٍ عَامِرٍ أَوْ غَامِرٍ دِرْهَمًا وَقَفِيزًا.

وَقِيلَ: مَنْ نَبْتُهُ فِي الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ مِثْلُهُمَا، وَعَلَى جَرِيبِ الرُّطَبَةِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ.

وَقِيلَ: عَلَى جَرِيبِ شَجَرِ الْخِبْطِ سِتَّةُ دَرَاهِمَ. انْتَهَى. قَوْله (وَالْقَصَبَةُ سِتَّةُ أَذْرُعٍ. وَهُوَ ذِرَاعٌ وَسَطٌ. وَقَبْضَتُهُ وَإِبْهَامُهُ قَائِمَةٌ) .

ص: 194

هَكَذَا قَالَ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقِيلَ: بَلْ ذِرَاعٌ هَاشِمِيَّةٌ. وَهِيَ أَطْوَلُ مِنْ ذِرَاعِ الْبُرِّ بِإِصْبَعَيْنِ وَثُلُثَيْ إصْبَعٍ.

وَقَالَ الْأَصْحَابُ مِنْهُمْ: صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَنْ الْأَوَّلِ: هِيَ الذِّرَاعُ الْعُمَرِيَّةُ. قَالَ شَارِحُ الْمُحَرَّرِ: وَهُوَ الذِّرَاعُ الْهَاشِمِيُّ.

فَظَاهِرُهُ: أَنَّ الذِّرَاعَ الْأُولَى هِيَ الثَّانِيَةُ. فَلَا تَنَافِي بَيْنَهُمَا. وَظَاهِرُ مَنْ حَكَى الْخِلَافَ التَّنَافِي. وَهُوَ الصَّوَابُ. وَلَعَلَّ فِي النُّسْخَةِ غَلَطًا. أَوْ يَكُونُ لِبَنِي هَاشِمٍ ذِرَاعَانِ، ذِرَاعُ عُمَرَ وَذِرَاعٌ زَادُوهَا.

قَوْلُهُ (وَمَا لَا يَنَالُهُ الْمَاءُ، مِمَّا لَا يُمْكِنُ زَرْعُهُ: فَلَا خَرَاجَ عَلَيْهِ) هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ فِي الْوَاضِحِ: فِيمَا لَا نَفْعَ بِهِ مُطْلَقًا رِوَايَتَانِ. فَائِدَتَانِ

إحْدَاهُمَا: الْخَرَاجُ عَلَى الْأَرْضِ الَّتِي لَهَا مَاءٌ تُسْقَى بِهِ فَقَطْ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْحَاوِيَيْنِ.

وَعَنْهُ: وَعَلَى الْأَرْضِ الَّتِي يُمْكِنُ زَرْعُهَا بِمَاءِ السَّمَاءِ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَالدَّوَالِيبُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ وَالرِّعَايَتَيْنِ.

الثَّانِيَةُ: لَوْ أَمْكَنَ إحْيَاؤُهُ فَلَمْ يَفْعَلْ، وَقِيلَ أَوْ زَرَعَ مَا لَا مَاءَ لَهُ: فَرِوَايَتَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ: أَنَّهُ لَا خَرَاجَ عَلَى مَا يُمْكِنُ إحْيَاؤُهُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْكَافِي.

وَقَوْلُهُ " وَقِيلَ: أَوْ زَرَعَ مَا لَا مَاءَ لَهُ " ذَكَرَ هَذَا الْقَوْلَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّ حَنْبَلِيًّا قَالَهُ، وَأَنَّ حَنْبَلِيًّا اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ هَذَا غَلَطٌ. لِأَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ فِي أَرْضٍ لَا مَاءَ لَهَا

ص: 195

وَلَا زُرِعَتْ. فَإِذَا زُرِعَتْ وَجَدَ حَقِيقَةَ التَّصَرُّفِ بَعْدُ كَالْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ. ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ فِي الْإِجَارَةِ.

قَوْلُهُ (فَإِنْ أَمْكَنَ زَرْعُهُ عَامًا بَعْدَ عَامٍ وَجَبَ نِصْفُ خَرَاجِهِ فِي كُلِّ عَامٍ)

هَكَذَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ.

وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ: وَمَا يُرَاحُ عَامًا وَيُزْرَعُ عَامًا عَادَةً.

وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ: فَإِنْ كَانَ مَا يَنَالُهُ الْمَاءُ لَا يُمْكِنُ زَرْعُهُ حَتَّى يُرَاحَ عَامًا وَيُزْرَعَ عَامًا.

وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ أَيْضًا: يُؤْخَذُ خَرَاجُ مَا لَمْ يُزْرَعْ عَنْ أَقَلِّ مَا يُزْرَعُ، وَقَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ.

وَقَالَ أَيْضًا: الْبَيَاضُ الَّذِي بَيْنَ النَّخْلِ لَيْسَ فِيهِ إلَّا خَرَاجُ الْأَرْضِ. وَكَذَا قَالَ فِي التَّبْصِرَةِ وَالرِّعَايَةِ.

وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَلَوْ يَبِسَتْ الْكُرُومُ بِجَرَادٍ أَوْ غَيْرِهِ سَقَطَ مِنْ الْخَرَاجِ حَسْبَمَا تَعَطَّلَ مِنْ النَّفْعِ. قَالَ: وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ النَّفْعُ بِبَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ عُمَارَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا: لَمْ يَجُزْ الْمُطَالَبَةُ بِالْخَرَاجِ. انْتَهَى.

فَائِدَةٌ: لَوْ كَانَ بِأَرْضِ الْخَرَاجِ شَجَرٌ وَقْتَ الْمَوْقِفِ. فَثَمَرَةُ الْمُسْتَقْبَلِ لِمَنْ يُقِرُّ بِيَدِهِ. وَفِيهِ عُشْرُ الزَّكَاةِ كَالْمُتَجَدِّدِ فِيهَا. وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَقِيلَ: هُوَ لِلْمُسْلِمِينَ بِلَا عُشْرٍ. جَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ.

قَوْلُهُ (وَالْخَرَاجُ عَلَى الْمَالِكِ دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ) هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ.

ص: 196

وَعَنْهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ. وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ.

وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ بَابِ زَكَاةِ الْخَارِجِ مِنْ الْأَرْضِ.

قَوْلُهُ (وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْشُوَ الْعَامِلَ، وَيُهْدِيَ لَهُ، لِيَدْفَعَ عَنْهُ الظُّلْمَ فِي خَرَاجِهِ)

نَصَّ عَلَيْهِ. فَالرِّشْوَةُ. مَا يُعْطَى بَعْدَ طَلَبِهِ. وَالْهَدِيَّةُ: الدَّفْعُ إلَيْهِ ابْتِدَاءً. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ. وَأَمَّا الْأَخْذُ: فَإِنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ هَلْ يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ؟ قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: يَتَوَجَّهُ وَجْهَانِ.

قُلْت: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ.

وَيَأْتِي فِي بَابِ أَدَبِ الْقَاضِي بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا.

فَائِدَتَانِ

إحْدَاهُمَا: لَا يُحْتَسَبُ بِمَا ظَلَمَ فِي خَرَاجِهِ مِنْ الْعُشْرِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ قَالَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ. لِأَنَّهُ غَصْبٌ.

وَعَنْهُ: بَلَى، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ.

الثَّانِيَةُ: لَا خَرَاجَ عَلَى الْمَسَاكِنِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَإِنَّمَا كَانَ أَحْمَدُ يُخْرِجُ عَنْ دَارِهِ لِأَنَّ بَغْدَادَ كَانَتْ مَزَارِعَ وَقْتَ فَتْحِهَا.

وَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْبَيْعِ: هَلْ عَلَى مَزَارِعِ مَكَّةَ خَرَاجٌ؟ وَهَلْ فُتِحَتْ عَنْوَةً أَوْ صُلْحًا؟ .

قَوْلُهُ (وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ الْمَصْلَحَةَ فِي إسْقَاطِ الْخَرَاجِ عَنْ إنْسَانٍ جَازَ) هَذَا الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمَا. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهَا.

ص: 197