الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم الثاني: ما اختص به صلى الله عليه وسلم
مما حرم عليه:
فمنها: تحريم الزكاة عليه، وكذا الصدقة على الصحيح المشهور المنصوص، قال عليه الصلاة والسلام:"إنا لا نأكل الصدقة" رواه مسلم، ومن قال بإباحتها له ويقول: لا يلزم من امتناعه من أكلها تحريمها، فلعله ترك ذلك تنزهًا مع إباحتها له، وهذا خلاف ظاهر الحديث. قال شيخ الإسلام ابن العراقي، في شرح التقريب: وعلى كل حال ففيه أن من خصائصه عليه الصلاة والسلام الامتناع من أكل الصدقة إما وجوبًا وإما تنزهًا، انتهى.
والحكمة في ذلك: صيانة منصبه الشريف عن أوساخ أموال الناس.
ومنها: تحريم الزكاة على آله صلى الله عليه وسلم
القسم الثاني: ما اختص به صلى الله عليه وسلم مما حرم عليه:
"القسم الثاني: ما" أي: أشياء "اختص به صلى الله عليه وسلم" عن الأمة، فلا ينافي مشاركة الأنبياء له
في بعضها "مما حرم عليه" دون أمته، ليكثر ثوابه في اجتنابه، وخص بها تكرمة له، لأن أجر ترك المحرم أكثر من أجر ترك المكروه، وفعل المندوب، "فمنها" أي: المحرمات عليه وعلى آله لأجله: "تحريم الزكاة عليه" أي: أخذها وعدم سقوطها عن مالكها لو وقع، "وكذا الصدقة" والكفارة والنذور "على الصحيح المشهور المنصوص، قال عليه الصلاة والسلام: "إنا لا نأكل الصدقة" وهي تشمل الفرض والنفل "رواه مسلم".
قال البلقيني: وخرجت على ذلك؛ أنه يحرم أن يوقف عليه معينًا؛ لأن الوقف صدقة تطوع، قال: وفي الجواهر له يؤيده، فإنه قال: صدقة التطوع كانت حرامًا عليه. وعن أبي هريرة، أن صدقات الأعيان كانت حرامًا عليه دون العامة، كالمساجد ومياه الآبار، قاله في الأنموذج.
"ومن قال بإباحتها له ويقول: لا يلزم من امتناعه من أكلها تحريمها، فلعله ترك ذلك تنزهًا مع إباحتها له، وهذا خلاف ظاهر الحديث" بل يرده قوله صلى الله عليه وسلم: "إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة" رواه أحمد بإسناد قوي، كما في الفتح، وجزم الحسن البصري؛ بأن الأنبياء مثله، لأنها أوساخ، وقال ابن عيينة: تحل لهم بدليل: وتصدق علينا.
"قال شيخ الإسلام ابن العراقي في شرح التقريب: وعلى كل حال ففيه أن من خصائصه عليه الصلاة والسلام الامتناع من أكل الصدقة، إما وجوبًا وإما تنزهًا، انتهى" لأن القائل بالتنزه لم يقل بأكلها، "والحكمة في ذلك صيانة منصبه الشريف عن أوساخ أموال الناس" لأن الصدقة تطهر المال واجبة، كالزكاة، أو مندوبة كالتطوع، ولأنها تنبئ عن ذل الآخذ وعز المأخوذ منه، وأبدل بها الفيء المأخوذ بالقهر والغلبة لأنبائه بعز الآخذ وذل المأخوذ منه.
"ومنها: تحريم الزكاة على آله" وهم مؤمنو بني هاشم وبني المطلب عند الشافعية
وتحريم كون آله عمالا على الزكاة في الأصح، كذا يحرم صرف النذر والكفارة إليهم، وأما صدقة التطوع فتحل لهم في الأصح خلافًا للمالكية وهو وجه عندنا.
ومنها: أنه يحرم عليه صلى الله عليه وسلم كل ما له رائحة كريهة، كثوم وبصل، لتوقع مجيء الملائكة والوحي كل ساعة.
وبعض المالكية، والمشهور عندهم بنو هاشم فقط؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس، وإنها لا تحل لمحمد، ولا لآل محمد" رواه مسلم، ولقوله:"إن الله حرم عليّ الصدقة وعلى أهل بيتي"، رواه ابن سعد وغيره.
قال الطيبي: وقد اجتمع في الحديث مبالغات شتى، حيث جعل المشبه به أوساخ الناس للتهجين والتقبيح، تنفيرًا واستقذارًا، وأجل حضرة الرسالة ومنبع الطهارة أن ينسب إلى ذلك، فجرد عن نفسه الطاهرة من يسمى محمدًا؛ كأنه غيره وهو هو، فإن الطيبات للطيبين، لا يقال كيف أباحها لبعض أمته، ومن كمال إيمان المرء أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، لأنا نقول: ما أباحها لهم عزيمة، بل اضطرارًا، وكم من حدث تراه ناهيًا عن السؤال، فعلى الحازم أن يراها كالميتة، فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه، انتهى.
"وتحريم كون آله عمالا" ولو من بعضهم لبعض "على الزكاة في الأصح" لخبر الحاكم عن علي، قلت للعباس: سل رسول الله أن يستعملك على الصدقة، فسأله، فقال:"ما كنت لأستعملك على غسالة الأيدي"، "وكذا يحرم النذر والكفارة إليهم" ولكون تحريم ذلك على آله بسبب انتسابهم إليه عد ذلك من خصائصه.
"وأما صدقة التطوع، فتحل لهم في الأصح" عند الشافعية والحنابلة وأكثر الحنفية، وهو الصحيح المشهور عند المالكية، وص عليه مالك وابن القاسم، وأما قوله:"خلافًا للمالكية" فضعيف غره فيه، كالسيوطي اقتصار العلامة خليل عليه وما علما أنه متعقب، "وهو وجه عندنا" واستدل للحل بما رواه الشافعي عن إبراهيم بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه؛ أنه كان يشرب من سقايات بين مكة والمدينة، فقيل له: أتشرب من الصدقات؟ فقال: إنما حرم علينا الصدقة المفروضة.
وأخرجه البيهقي من طريق الشافعي، فثبت ذلك في حق القرابة، وقيس بها مواليها، زاد في الأنموذج: وعلى موالي وآله، أي خص بتحريم الزكاة عليهم في الأصح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"إن الصدقة لا تحل لنا"، وإن مولى القوم من أنفسهم وعلى زوجته بالإجماع، حكاه ابن عبد البر.
"ومنها: أنه يحرم عليه صلى الله عليه وسلم كل ما له رائحة كريهة كثوم" بضم المثلثة، "وبصل" وكراث إذا كان ذلك نبأ؛ "لتوقع مجيء الملائكة والوحي له كل ساعة" فيتأذون بريحه
والأكل متكئًا في أحد الوجهين فيهما، والأصح في الروضة كراهتهما، وتعقب السهيلي الاتكاء فقال: قد يكره لغيره أيضًا لأنه من فعل المتعظمين، وقد تقدم مزيد لذلك.
ومنها تحريم الكتابة والشعر، وإنما يتجه القول لتحريمهما ممن يقول إنه صلى الله عليه وسلم كان يحسنهما، والأصح أنه كان لا يحسنهما، قال تعالى:{وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} [العنكبوت: 48]، وقال تعالى:{وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: 69]، أي: ما هو في طبعه، ولا يحسنه ولا تقتضيه جبلته ولا يصلح له.
وأجيب: بأن المراد تحريم التوصل إليهما.
لا مطبوخًا، فكان يأكله، كما رواه أبو داود والترمذي لانتفاء العلة.
وروى أبو داود عن عائشة: آخر طعام أكله في بيتي فيه بصل، زاد البيهقي: كان مشويًا في قدر، "والأكل متكئًا" أي: مائلا على أحد شقيه، أو معتمدًا على وطاء تحته، أو على يده اليسرى، أقوال مرت رجح بعضهم أوسطها وبعض أولها، وهذا "في أحد الوجهين فيهما" وهو مذهب مالك.
"والأصح في الروضة كراهتهما" لما في مسلم: أن أبا أيوب صنع للنبي صلى الله عليه وسلم طعامًا فيه بصل، وفي رواية: أرسل إليه بطعام فيه بصل أو كراث، فرده، فقال: أحرام هو؟ قال: "لا ولكني أكرهه"، "وتعقب السهيلي: الاتكاء" أي القول بتخصيصه بكراهته، "فقال: قد يكره لغيره أيضًا؛ لأنه من فعل المتعظمين، وقد تقدم مزيد لذلك" في الأطعمة.
"ومنها: تحريم الكتابة والشعر" بجميع أنواعه، ومنه الرجز عند الجمهور خلافًا للأخفش، "وإنما يتجه" كما قال الرافعي "القول بتحريمهما" عليه "ممن يقول: إنه صلى الله عليه وسلم كان يحسنهما" ولكن لا يكتب ولا يقول الشعر، "والأصح أنه كان لا يحسنهما" لأن الله "قال تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ} ، أي: من القرآن {مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينَكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [العنكبوت: 48]، أي: اليهود، وقالوا: الذي في التوراة إنه أمي. "وقال تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: 69] ، أي ما هو في طبعه، ولا يحسنه ولا تقتضيه جبلته" سجيته وطبيعته، "ولا يصلح له" تفسير لما ينبغي، "وأجيب" عن عدهما من الخصائص، كما أجاب به النووي في الروضة، فقال:"بأن" لا يمتنع تحريمها، وإن كان لا يحسنهما، فإن "المراد تحريم التوصل إليهما" بأن يريد تعلم ذلك، قال شيخنا: ولعل القائل بعدم حرمته يرى أن هذ
وهل منع الشعر خاص به عليه السلام أو بنوع الأنبياء؟ قال بعضهم: هو عام لقوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} ، لأنه لا يظهر فيه للخصوص نكتة. وتقدم في قصة الحديبية البحث في كونه عليه السلام كان يحسن الكتابة أم لا.
ومنها: نزع لأمته إذا لبسها، حتى يقاتل أو يحكم الله بينه وبين عدوه.
ومنها: المن ليستكثر، ذكره الرافعي، قال الله تعالى:{وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرْ} [المدثر: 6] .
لما لم يكن في طبيعته كان كالمحال عليه، فلا يخطر في نفسه حتى يمنع من التعلم له، "وهل منع الشعر خاص به عليه السلام" لما رواه الطبراني عن علي لما قتل ابن آدم أخاه بكى آدم، وقال:
تغيرت البلاد ومن عليها
…
فوجه الأرض مغبر قبيح
تغير كل ذي طعم ولون
…
وغيب ذلك الوجه المليح
"أو" خاص "بنوع الأنبياء" لما رواه الثعلبي عن ابن عباس، قال: إن محمدًا والأنبياء كلهم في النهي عن الشعر سواء، "قال بعضهم: هو عام؛ لقوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} ؛ لأنه لا يظهر فيه للخصوص نكتة" لأن الشعر مبني على تخيلات مرغبة ومنفرة ونحوهما مما لا يليق بمقامه صلى الله عليه عليه وسلم، فصرفت طبيعته عن ذلك لعده نقصًا بالنسبة له، وهذا المعنى موجود في حق جميع الأنبياء؛ لأن الحكم يدور مع العلة وجودًا وعدمًا، "وتقدم في قصة الحديبية البحث في كوه عليه السلام كان يحسن الكتابة، أم لا؟ " وأن الصحيح لا.
"ومنها": تحريم "نزع لأمته" هي الدرع والسلاح، بهمزة ساكنة بعد ألف، وقد تخفف، "إذا لبسها حتى يقاتل" إن احتيج له، فلو هرب عدوه، أو حصل بينهم صلح، أو نحو ذلك جاز نزعها، وقد يشعر به قوله:"أو يحكم الله بينه وبين عدوه" لما رواه أحمد، وحسنه البيهقي، وعلقه البخاري عن جابر: أنه صلى الله عليه وسلم قال: "ليس لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل" ولأحمد أيضًا والطبراني والبيهقي عن ابن عباس مرفوعًا: "ما ينبغي لنبي أن يضع أداته بعد أن لبسها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه" فذكر في كل حديث غاية، فجمع المصنف بينهما، زاد في الأنموذج: وكذلك الأنبياء.
قال أبو سعيد وابن سراقة: وكان لا يرجع إذا خرج إلى الحرب، ولا ينهزم إذا لقي العدو.
"ومنها: المن، ليستكثر ذكره الرافعي" وغيره، قال الله تعالى:{وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرْ} [المدثر: 6] ،
أي: لا تعط شيئًا لتطلب أكثر منه، بل أعط لربك واقصد به وجهه، فأدبه بأشرف الآداب، قاله أكثر المفسرين، وقال الضحاك ومجاهد: هذا كان للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، وليس على أحد من أمته، وقال قتادة: لا تعط شيئًا لمجازاة الدنيا، أي أعط لربك، وعن الحسن: لا تمنن على الله بعملك فتستكثره، وقيل: لا تمنن على الناس بالنبوة فتأخذ عليها أجرًا وعوضًا من الدنيا.
ومنها: مد العين إلى ما متع به الناس، قال الله تعالى:{وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ} ، أي: استحسانًا له وتمنيًا أن يكون لك مثله {أَزْوَاجًا مِنْهُمْ} [الحجر: 88] .
"أي: لا تعط شيئًا لتطلب أكثر منه" لأنه طمع لا يليق به، "بل أعط لربك واقصد به وجهه، فأدبه بأشرف الآداب" وأجل الأخلاق؛ فإن من أعطي ليثاب أكثر لم يكن له أجر لقصده الاستكثار، "قاله أكثر المفسرين" ومنهم ابن عباس، قال ابن عطية: فكأنه من قولهم من إذا أعطى.
"وقال الضحاك ومجاهد: هذا كان للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة" لما ثبت عندهما بذلك، وإلا فالآية بمجردها لا تفيد الخصوصية، "وليس" يحرم "على أحد من أمته" ذلك، بل هو مباح لهم، لكن لا أجر لهم فيه، قال مكي: وهذا معنى قوله تعالى: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} الآية، "وقال قتادة: لا تعط شيئًا لمجازاة الدنيا، أي: أعط لربك" هو مثل قول الأكثر، والذي في ابن عطية عن قتادة: أن المعنى لا تدل بعلمك، ففي هذا التأويل تحريض على الجد وتخويف.
"وعن الحسن" البصري: "لا تمنن على الله بعملك فتستكثره" وتعجب به، "وقيل" أي: قال ابن زيد: "لا تمنن على الناس بالنبوة فتأخذ عليها أجرًا وعوضًا من الدنيا.
وحكى النقاش عن ابن عباس أنه قال: لا تمنن تستكثر، دعوت فلم أجب، قال ابن عطية: فهذه الأقوال كلها من المن الذي هو تعديد اليد، وذكرها.
وقال مجاهد: معناه لا تضعف فتستكثر ما حملناك من أعباء الرسالة، فهذا من قولهم حبل متين، أي ضعيف، انتهى.
"ومنها: مد الأعين إلى ما متع" بضم الميم، وكسر الفوقية مشددة "به الناس" من زهرة الحياة الدنيا، "قال الله تعالى:{وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ} لا تنظر بهما "إلى ما متعنا به" الآية، أي: استحسانًا له وتمنيًا أن يكون لك مثله {أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الحجر: 88] ،
أشكالا وأشباها من الكفار، وهي المزاوجة بين الأشياء، وهي المشاكلة.
وعن ابن عباس: أصنافًا منهم، فإنه مستحقر بالإضافة إلى ما أوتيته فإنه كمال مطلوب بالذات مفض إلى دوام اللذات.
ومنها: خائنة الأعين، وهي الإيماء إلى مباح من قتل أو ضرب على خلاف ما يشعر به الحال، كما قيل له عليه الصلاة والسلام في قصة رجل أراد قتله: هلا أومأت إلينا بقتله، فقال:"ما كان ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين".
زينتها وبهجتها لنفتنهم فيه "أشكالا وأشباها من الكفار، وهي المزاوجة بين الأشياء، وهي المشاكلة".
"وعن ابن عباس" في تفسير أزواجًا، قال:"أصنافًا منهم؛ فإنه مستحقر بالإضافة إلى ما أوتيته؛ فإنه كمال مطلوب بالذات مفض إلى دوام اللذات" كما قال: {وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: 131] الآية، أخرج ابن أبي شيبة، وابن مردويه، والبزار، وأبو يعلى عن أبي رافع، قال: أضاف النبي صلى الله عليه وسلم ضيفًا، فأرسلني إلى رجل من اليهود أن أسلفني دقيقًا إلى هلال رجب، فقال: لا إلا برهن، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال:"أما والله إني لأمين في السماء أمين في الأرض"، فلم أخرج من عنده حتى نزلت هذه الآية:{وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ} . "ومنها: خائنة الأعين وهي الإيماء" الإشارة بالعين، أو الحاجب، أو غيرهما خفية "إلى مباح من قتل أو ضرب" أو حبس "على خلاف ما يشعر به الحال" أي: ما يظهره المومئ، سمي خائنة لشبهه بالخانة من حيث خفاؤه، "كما قيل له عليه الصلاة والسلام في قصة رجل" هو عبد الله بن أبي سعد بن أبي سرح "أراد قتله" لأنه كان يكتب له بمكة، فأزله الشيطان، فكفر فأهدر دمه فيمن أهدر يوم فتح مكة، فاختبأ عند عثمان فلما دعا النبي صلى الهل عليه وسلم الناس إلى البيعة جاء به عثمان، فقال: يا رسول الله! بايع عبد الله، فرفع رأسه، فنظر إليه ثلاثًا، كل ذلك يأبى، فبايعه بعد ثلاث، ثم أقبل على أصحابه، فقال:"أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حين كففت يدي عن مبايعته فيقتله"؟ فقال رجل: هلا أومأت إلينا بقتله؟ فقال: "ما كان ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين" رواه أبو داود، والنسائي، وصححه الحاكم.
وأفاد سبط ابن الجوزي: أن الرجل عباد بن بشر الأنصاري، وقيل: عمر بن الخطاب، فأسلم عبد الله وحسن إسلامه، وعرف فضله وجهاده، وكانت له المواقف المحمودة في الفتوح، وولاه عمر صعيد مصر ثم ضم إليه عثمان مصر كلها، وكان محمودًا في ولايته، واعتزل الفتنة
ولا يحرم ذلك على غيره إلا في محظور، قاله الرافعي فيما نقله الحجازي في مختصر الروضة.
ومنها: نكاح من لم تهاجر، في أحد الوجهين: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} أي: مهورهن، سمي المهر أجرًا لأن المهر أجر على البضع وتقييد الإحلال بإعطائها معجلة لا يتوقف الحل عليه، بل لإيثار الأفضل، كتقييد إحلال المملوكة بكونها مسببة في قوله:{وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ} يعني من نساء بني زهرة {اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ} [الأحزاب: 50] قالوا: المراد هاجرن كما هاجرت، وإن لم تكن هجرتها في حال هجرته.
حتى مات سنة سبع أو تسع وخمسين، فقال: اللهم اجعل آخر عملي الصبح فتوضأ وصلى، فسلم عن يمينه، ثم ذهب يسلم عن يساره، فقبضت روحه رضي الله عنه؛ كما تقدم مبسوطًا في الفتح، "ولا يحرم ذلك على غيره إلا في محظور" أي: ممنوع، "قاله الرافعي فيما نقله الحجازي في مختصر الروضة" قال بعض: بل إذا كان الإيمان في محظور، فليس من خائنة الأعين في شيء.
"ومنها: نكاح من لم تهاجر" إلى المدينة "في أحد الوجهين، قال الله تعالى"{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} الآية، "أي: مهورهن، سمي المهر أجرًا، لأن المهر أجر على البضع" بضم فسكون، أي: الفرج، "وتقييد الإحلال بإعطائها معجلة، لا يتوقف الحل عليه، بل لإيثار الأفضل" مثله في البيضاوي، ولا يتعين الحمل عليه، إذ يمكن أن معنى آتيت أجورهن التزمته في ذمته: ثم أديته بعد؛ "كتقييد إحلال المملوكة بكونها مسببة في قوله: {وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ} من الغنائم، فإن مثله الشراء والهبة والهدية ونحو ذلك.
قال ابن عطية: يريد أو على أمتك، لأنه في عليه وملك اليمين أصله الفيء من المغنم أو ممن تناسل ممن سبى، والشراء من الحربيين كالسباء، ومباح النساء هو من الحربيين ولا يجوز سبي من له عهد ولا تملكه، ويسمى سبي الخبثة، {وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ} ، يعني: من نساء بني زهرة {اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ} الآية أي إلى المدينة"؛ لأنها حقيقة الهجرة الشرعية.
"قالوا: والمراد هاجرن كما هاجرت، وإن لم تكن هجرتها في حال هجرته"، إذ لم
وظاهره يدل على أن الهجرة شرط في التحليل، وأن من لم تهاجر من النساء لم يحل له نكاحها. وقالت أم هانئ: خطبني النبي صلى الله عليه وسلم فاعتذرت إليه بعذر فعذرني، فأنزل الله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} إلى قوله: {اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ} الآية فلم أكن لأحل له، فإني لم أهاجر معه، كنت من الطلقاء.
وعن بعض المفسرين: أن شرط الهجرة في التحليل منسوخ، ولم يذكر ناسخه.
وعن الماوردي قولان: أحدهما أن الهجرة شرط في.
يهاجر معه أحد، "وظاهره يدل على أن الهجرة شرط في التحليل، وأن من لم تهاجر من النساء لم يحل له نكاحها" لأنه قيد حل المذكورات بالهجرة، "ويؤيد هذا ما رواه الترمذي، وحسنه الحاكم، وصححه عن ابن عباس، قال: قالت أم هانئ: خطبني النبي صلى الله عليه وسلم، فاعتذرت إليه بعذر" فقلت: ما لي عنك رغبة يا رسول الله، ولكن لا أحب أن أتزوج وبني صغار، فقال صلى الله عليه وسلم:"خير نساء ركبن الإبل نساء قريش، أحناه على طفل في صغره، وأرعاه على بعل في ذات يده"، رواه الطبراني عنها برجال ثقات.
وروى ابن سعد بسند صحيح عن الشعبي، فقالت: يا رسول الله! لأنت أحب إليّ من سمعي وبصري وحق الزوج عظيم، فأخشي أن أضيع حق الزوج "فعذرني" أي: قبل عذري، "فأنزل الله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} "، إلى قوله: {اللَّاتِي} بالتاء في قراءة الجمهور وقراءة الأعمش بالياء {هَاجَرْنَ مَعَكَ} الآية، "فلم أكن لأحل له، فإني لم أهاجر معه، كنت من الطلقاء، وعن بعض المفسرين: أن شرط الهجرة في التحليل منسوخ" وبه جزم البغوي، "ولم يذكر ناسخه" على أنه لا حاجة لدعوى النسخ، فقد ذهب الضحاك، وابن زيد إلى أن معنى الآية أن الله أباح له كل امرأة يؤتيها مهرها وملك اليمين، وأباح له قرابته وخصصهن بالذكر، ووصفهن بالهجرة تشريفًا لهن، وأباح له الواهبات خاصة، فهي إباحة مطلقة في جميع النساء حاشى المحارم، لا سيما على ما ذكره الضحاك؛ أن من مصحف ابن مسعود: "واللاتي هاجرن" بالواو، ثم قال:{تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ}
…
إلخ. أي: من هذه الأصناف كلها، فيجري الضمير بعد ذلك على العموم إلى قوله: ولا أن تبدل بهن من أزواج، فيعود على التسع فقط على الخلاف في ذلك، ذكره ابن عطية.
"وعن الماوردي قولان" ذكرهما في معنى الآية، "أحدهما: أن الهجرة شرط في
إحلال كل النساء له عليه السلام من غريبة وقريبة، والثاني: أنها شرط في إحلال بنات عمه وعماته المذكورات في الآية وليس شرطًا في إحلال الأجنبيات، وعنه أيضًا: أن المراد بالمهاجرات المسلمات.
ومنها: تحريم إمساك من كرهته، قاله الحجازي وغيره.
ومنها: نكاح الكتابية، لأن أزواجه أمهات المؤمنين وزوجات له في الآخرة، ومعه في درجته في الجنة، ولأنه أشرف من أن يضع ماءه في رحم كافرة، قالوا: ولو نكح كتابية لهديت إلى الإسلام كرامة له.
ومنها: نكاح الأمة المسلمة.
إحلال كل النساء له عليه السلام من غريبة وقريبة" من جهة أبيه أو أمه، "والثاني: أنها شرط في إحلال بنات عمه وعماته المذكورات في الآية، وليس شرطًا في الأجنبيات" وقد يؤيده حديث أم هانئ، "وعنه أيضًا" حكاية قول ثالث: "أن المراد بالمهاجرات المسلمات" فيحل له جميع النساء مهاجرات، أم لا من أقرابه أو غيرهن، وهذا هو الأصح في الحكم دون التحريم، ولكن أدق من كون المراد المسلمات ما نقله ابن عطية، كما رأيت.
"ومنها: تحريم إمساك من كرهته، قاله، الحجازي، وغيره" كما هو قضية تخيير نسائه، ولما رواه البخاري عن عائشة: أن ابنة الجون لما أدخلت عليه صلى الله عليه وسلم ودنا منها، قالت: أعوذ بالله منك، فقال لها:"لقد عذت بعظيم، الحقي بأهلك" وفي رواية له: "عذت بمعاذ" بفتح الميم، أي: بالذي يستعاذ به وهو الله. قال ابن الملقن: يفهم منه أنه يحرم عليه نكاح كل امرأة كرهت صحبته، وبحث فيه شيخنا بجواز أنه لما فهم كراهتها له لم يرد إبقاءها، وإن جاز، وفيه نظر وقد زاد في الأنموذج، وتحرم عليه مؤبدًا في أحد الوجهين.
"ومنها: نكاح الكتابية" ولو ذمية؛ "لأن أزواجه أمهات المؤمنين" ولا يجوز أن تكون الكافرة أمهم، "وزوجات له في الآخرة" لحديث:"زوجاتي في الدنيا زوجاتي في الجنة"، "ومعه في درجته ف الجنة" لقوله:"سألت ربي أن لا أتزوج إلا من كان معي في الجنة، فأعطاني" رواه الحاكم، وصححه والجنة حرام على الكافرين؛ "ولأنه أشرف من أن يضع ماءه في رحم كافرة، قالوا: ولو نكح كتابية لهديت إلى الإسلام كرامة له" أي: لو فرض ذلك وإلا فلم يتفق له صلى الله عليه وسلم نكاح كتابية.
"ومنها: نكاح الأمة المسلمة" لأنه مقيد بخوف العنت، وهو معصوم، وبفقد مهر الحرة، ونكاحه غني عن المهر ابتداء وانتهاء، وفيه رق الولد ومنصبه منزه عنه، وقال البلقيني:
ولو قدر نكاحه أمة كان ولده منها حرًا، ولا تلزمه قيمته لتعذر الرق. قال القاضي حسين، وقال أبو عاصم: تلزم نقله الحجازي، ولا يشترط في حقه حينئذ خوف العنت ولا فقد الطول.
وأما التسري بالأمة فالأصح الحل، لأنه صلى الله عليه وسلم استمتع بأمته ريحانة قبل أن تسلم، وعلى هذا، فهل عليه تخييرها بين أن تسلم فيمسكها أو تقيم على دينها فيفارقها؟ فيه وجهان: أحدهما: نعم لتكون من زوجاته في الآخرة والثاني: لا، لأنه لما عرض على ريحانة الإسلام فأبت لم يزلها عن ملكه وأقام على الاستمتاع، وقد أسلمت بعد.
ولا يتصور في حقه قط اضطرار إلى نكاحها، بل لو أعجبته أمة، وجب على مالكها بذلها إليه هبة، قياسًا على الطعام، "ولو قدر نكاحه أمة كان ولده منها حرًا" على الصحيح، وإن قلنا بالمشهور من جري الرق على العرب، "ولا تلزمه قيمته لتعذر الرق، قاله القاضي حسين" بخلاف ولد المغرور بحرية أمة لفوات الرق بظنه، وهنا يتعذر الرق؛ كما قاله القاضي حسين. "وقال أبو عاصم: تلزم، نقله البخاري" وأيد الرافعي الأول بقول إمام الحرمين: لو قدر نكاح غرور في حقه، لم تلزمه قيمة الولد؛ لأنه مع العلم بالحال لم ينعقد رقيقًا، فمع الجهل به أولى.
قال ابن الرفعة: وفي تصوير ذلك في حقه نظر، "ولا يشترط في حقه حينئذ" أي: حين قدرنا نكاحه أمة "خوف العنت" إذ لا يتصور فيه لعصمته، "ولا فقد الطول" زواد الأنموذج: وله الزيادة على واحدة، أي: بخلاف أمته، فلا يزيدون على أمة واحدة، إذا خيف العنت وفقد الطول.
"وأما التسري بالأمة" الكتابية، "فالأصح الحل؛ لأنه صلى الله عليه وسلم استمتع بأمته ريحانة" القرظية على الأكثر، وقيل: النظرية "قبل أن تسلم" لا يرد أنه أشرف من أن يضع ماءه في رحم كافرة؛ لأنه جزء علة، والحكم ينتفي بانتفائه، بخلاف المعلل بعلتين، فيبقى ما بقيت إحداهما، والسرية ليست أم المؤمنين، وقال بعض: لأن القصد بالنكاح أصالة التوالد، فاحتيط له وبأنه يلزم فيه أن تكون الزوجة أم المؤمنين، بخلاف الملك فيهما، "وعلى هذا فهل" يجب "عليه تخييرها بين أن تسلم فيمسكها، أو تقيم على دينها فيفارقها، فيه وجهان، أحدهما: نعم، لتكون من زوجاته في الآخرة، والثاني: لا؛ لأنه لما عرض على ريحانة الإسلام، فأبت" إلا اليهودية، "لم يزلها عن ملكه، وأقام على الاستمتاع" بها، ولعله علم بأنها ستسلم بعد، أو إن تمتعه بها يكون سببًا لإسلامها، فسهل ذلك له، "وقد أسلمت بعد" وكان يطؤها بالملك.
جزم به ابن إسحاق، وقيل: أعتقها وتزوجها، ورجحه الواقدي، وماتت سنة عشر، مرجعه
ومنها: تحريم الإغارة إذا سمع التكبير، كما ذكره ابن سبع في الخصائص.
من حجة الوداع، ودفنت بالبقيع هذا، وما جزموا من استمتاعه بها قبل أن تسلم، مخالف لقول ابن إسحاق: سباها صلى الله عليه وسلم، فأبت إلا اليهودية، فعزلها، ووجد في نفسه، فبينما هو مع أصحابه إذ سمع وقع نعلين خلفه، فقال:"إن هذا الثعلبة بن سعية يبشرني بإسلام ريحانة"، فبشره، فسره ذلك، فعرض عليها أن يعتقها ويتزوجها، ويضرب عليها الحجاب، فقالت: يا رسول الله!، بل تتركني في ملكك فهو أخف علي وعليك، فتركها واصطفاها لنفسه، وكذا ذكر الواقدي وابن سعد؛ أنه صلى الله عليه وسلم عزلها ثم أرسلها إلى بيت أم المنذر بنت قيس، فدخل عليها، قالت: فاختبأت منه حياء، فدعاني فأجلسني بين يديه، وخيرني، فاخترت الله ورسوله.
قال في الأنموذج: وكان إذا خطب امرأة فرد لم يعد؛ كما في حديث مرسل، فيحتمل التحريم، والكراهة ياسًا على إمساك كارهته، ولم أر من تعرض له وشنع عليه شارحه، فقال: هذا لا دلالة فيه على الخصوصية بوجه، وإثباتها من قبيل الرجم بالغيب، وهذا على عادته في تحامله عليه، إذ لم يثبت له خصوصية، وإنما أبدى احتمالا في المروي مع القياس، كما ترى، فإذا لم يفهم على أحد الاحتمالين فماذا يكون معناه.
"ومنها: تحريم الإغارة" على قول يريد غزوهم "إذا سمع التكبير" أي: الأذان لخبر الصحيحين عن أنس: كان صلى الله عليه وسلم إذا غزا قومًا لم يغر حتى يصبح وينظر، فإن سمع أذانًا كف عنهم، وإن لم يسمع أذانًا أغار عليهم؛ "كما ذكره ابن سبع في الخصائص" وتعقب بأنه ليس في الحديث ما يصرح، بل ولا ما يلوح بأنه من خصائصه، وزاد في الأنموذج: وأن يخدع في الحرب فيما ذكر ابن القاص، وخالف فيه الجمهور، وعد القضاعي وغيره أنه لا يقبل هدية مشرك، ولا يستعين به، ولا يشهد على جور، وحرم عليه الخمر من أول بعثته قبل أن تحرم على الناس بنحو عشرين سنة، فلم تبح له قط.
وفي الحديث: "أول ما نهاني عنه ربي بعد عبادة الأوثان شرب الخمر وملاحاة الرجال"، ونهي عن التعري وكشف العورة من قبل أن يبعث بخمس سنين، وقالت عائشة: ما رأيت منه، ولا رأى مني، ونهى عليًا عن إنزاء الخمر على الخيل نهيًا خاصًا عد هذه رزين، وكان لا يصلي على من غل، ولا على من قتل نفسه، وفي المستدرك عن أبي قتادة: كان صلى الله عليه وسلم إذا دعي إلى جنازة سأل عنها فإن أثني عليها خيرًا صلى عليها، وإن أثني عليها غير ذلك قال لأهلها، "شأنكم بها" ولم يصل عليها.
وفي سنن أبي داود حديث: "ما أبالي ما أتيت إن أنا شربت ترياقًا، أو تعلقت تميمة، أو قلت شعرًا من قبل نفسي"، قال أبو داود: هذا كان له خاصة، وقد رخص في الترياق لغيره، انتهى.
وقد رخص أيضًا في تعليق التمائم إذا كان بعد نزول البلاء، انتهى.
وقوله: إن أنا شربت شرط حذف جوابه لدلالة الحال عليه، أي: إن فعلت هذا لا أبالي كل شيء أتيت به، لكني أبالي من إتيان بعض الأشياء وإدخال الشارح هنا ما حرم على غيره له، كرفع الصوت عليه لا ينبغي؛ لأن القسم فيما حرم عليه هو صلى الله عليه وسلم، مع أن غالب ما ذكره أدمجه المصنف في القسم الرابع.