الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بَابُ الْمُسَاقَاةِ]
ِ فَائِدَةٌ " الْمُسَاقَاةُ " مُفَاعَلَةٌ مَنْ السَّقْيِ. وَهِيَ دَفْعُ شَجَرٍ إلَى مَنْ يَقُومُ بِمَصْلَحَتِهِ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ ثَمَرَتِهِ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ. قَالَ السَّامِرِيُّ فِي مُسْتَوْعَبِهِ: هِيَ أَنْ يُسَلِّمَ نَخْلَهُ أَوْ كَرْمَهُ، أَوْ شَجَرًا لَهُ ثَمَرٌ مَأْكُولٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَيْسَ بِجَامِعٍ لِخُرُوجِ مَا يُدْفَعُ إلَيْهِ لِيَغْرِسَهُ وَيَعْمَلَ عَلَيْهِ. وَلَا بِمَانِعٍ، لِدُخُولِ مَا لَهُ ثَمَرُ غَيْرُ مَقْصُودٍ، كَالصَّنَوْبَرِ. قَوْلُهُ (تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ فِي النَّخْلِ وَكُلِّ شَجَرٍ لَهُ ثَمَرٌ مَأْكُولٌ بِبَعْضِ ثَمَرَتِهِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ، وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ: تَصِحُّ عَلَى كُلِّ ثَمَرٍ مَقْصُودٍ. فَلَا تَصِحُّ فِي الصَّنَوْبَرِ. وَقَالَا: تَصِحُّ عَلَى مَا يُقْصَدُ وَرَقُهُ أَوْ زَهْرُهُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي النَّظْمِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، قُلْت: وَنَحْوِهِ، كَوَرْدٍ، وَيَاسَمِينٍ وَنَحْوِهِمَا. انْتَهَى.
قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَعَنْهُ: لَا تَصِحُّ إلَّا فِي النَّخْلِ وَالْكَرْمِ، لَا غَيْرُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَعْدَ ذِكْرِ مَا تَقَدَّمَ: وَلَا تَصِحُّ عَلَى شَجَرٍ بِثَمَرٍ بَعْدَ عِدَّةِ سِنِينَ. وَقِيلَ: تَصِحُّ. انْتَهَى. قُلْت: وَهُوَ مُشْكِلٌ. فَإِنَّ النَّخْلَ وَبَعْضَ الْأَشْجَارِ لَا تُثْمِرُ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ، وَتَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ عَلَيْهِ.
فَائِدَةٌ لَوْ سَاقَاهُ عَلَى مَا يَتَكَرَّرُ حَمْلُهُ: مِنْ أُصُولِ الْبُقُولِ، وَالْخَضْرَاوَاتِ كَالْقُطْنِ وَالْمَقَاثِي، وَالْبَاذِنْجَانِ وَنَحْوِهِ لَمْ تَصِحَّ.
قَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ: وَلَا تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ عَلَى مَا لَا سَاقَ لَهُ. وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّمَانِينَ: إنْ قِيلَ هِيَ كَالشَّجَرِ، صَحَّتْ الْمُسَاقَاةُ. وَإِنْ قِيلَ: هِيَ كَالزَّرْعِ، فَهِيَ مُزَارَعَةٌ. وَفِيهِ وَجْهَانِ.
قَوْلُهُ (وَتَصِحُّ بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُعَامَلَةِ، وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا) نَحْوُ " فَالَحْتُك، أَوْ اعْمَلْ بُسْتَانِي هَذَا ". قَالَ فِي الرِّعَايَةِ، قُلْت: وَبِقَوْلِهِ " تَعَهَّدْ نَخْلِي، أَوْ أَبِّرْهُ، أَوْ اسْقِهِ. وَلَك كَذَا " أَوْ " أَسْلَمْته إلَيْك لِتَتَعَهَّدَهُ بِكَذَا مِنْ ثَمَرِهِ " انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَتَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) وَهُمَا فِي الْمُزَارَعَةِ أَيْضًا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى، وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ.
أَحَدُهُمَا: تَصِحُّ. اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ رَزِينٍ. وَقَالُوا: هُوَ أَقْيَسُ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ. وَالثَّانِي: لَا تَصِحُّ. قَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَقِيلَ: إنْ صَحَّتْ بِلَفْظِهَا كَانَتْ إجَارَةً. ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ. قَوْلُهُ (وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ فِيمَنْ قَالَ: أَجَّرْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ بِثُلُثِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا أَنَّهُ يَصِحُّ. وَهَذِهِ مُزَارَعَةٌ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ. ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ) .
وَالْمُصَنِّفُ هُنَا، وَاخْتَارَهُ فِي الْمُسَاقَاةِ. وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَابْنُ عَقِيلٍ: أَنَّ هَذِهِ مُزَارَعَةٌ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: وَهَذَا أَقْيَسُ، وَأَصَحُّ. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. فَعَلَى هَذَا: يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِنَا " لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْبَذْرِ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ " كَمَا هُوَ مُخْتَارُ الْمُصَنِّفِ، وَجَمَاعَةٍ. بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْعَامِلِ، عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْمُزَارَعَةِ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ هَذِهِ إجَارَةٌ، وَأَنَّ الْإِجَارَةَ تَجُوزُ بِجُزْءٍ مُشَاعٍ مَعْلُومٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ الْأَرْضِ الْمَأْجُورَةِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ، وَغَيْرُهُمْ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. قَالَ الْقَاضِي: هَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: تَصِحُّ إجَارَةُ الْأَرْضِ لِلزَّرْعِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ مِنْهَا. وَهَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ. انْتَهَى.
وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفَائِقِ وَغَيْرُهُمْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ: لَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ بِجُزْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ الْأَرْضِ. وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَالْمُصَنِّفُ. قَالَ الشَّارِحُ: وَهُوَ الصَّحِيحُ. ذَكَرَهُ آخِرَ الْبَابِ. وَقَالَ: هِيَ مُزَارَعَةٌ بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ. وَعَنْهُ: تُكْرَهُ، وَتَصِحُّ. وَأَطْلَقَ الْأُولَى وَالْأَخِيرَةَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يُشْتَرَطُ لَهَا شُرُوطُ الْإِجَارَةِ، مِنْ تَعْيِينِ الْمُدَّةِ وَغَيْرِهِ. فَوَائِدُ الْأُولَى: لَوْ صَحَّ فِيمَا تَقَدَّمَ إجَارَةٌ أَوْ مُزَارَعَةٌ، فَلَمْ يَزْرَعْ: نُظِرَ إلَى مُعَدَّلِ الْمُغَلِّ
فَيَجِبُ الْقِسْطُ الْمُسَمَّى فِيهِ. فَإِنْ فَسَدَتْ، وَسُمِّيَتْ إجَارَةً: فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: جَعَلَ مَنْ صَحَّحَهَا إجَارَةً الْعِوَضَ غَيْرَ مَضْمُونٍ. وَقِيلَ: قِسْطُ الْمِثْلِ. اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله.
الثَّانِيَةُ: تَجُوزُ وَتَصِحُّ إجَارَةُ الْأَرْضِ بِطَعَامٍ مَعْلُومٍ مِنْ جِنْسِ الْخَارِجِ، عَلَى الصَّحِيحِ. نَصَرَهَا أَبُو الْخَطَّابِ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ. وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ. وَهُوَ مِنْهَا. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَعَنْهُ: لَا تَجُوزُ، وَلَا تَصِحُّ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ. قَالَ ابْنُ رَزِينٍ: لَا تَصِحُّ فِي الْأَظْهَرِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي نِهَايَتِهِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ، وَالْفَائِقِ. وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ: تُكْرَهُ، وَتَصِحُّ. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْفُرُوعِ. وَحَمَلَ الْقَاضِي الْجَوَازَ عَلَى الذِّمَّةِ، وَالْمَنْعَ عَلَى أَنَّهُ مِنْهُ.
الثَّالِثَةُ: إجَارَتُهَا بِطَعَامٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْخَارِجِ تَصِحُّ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ بْنِ ثَوَابٍ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ. وَعَنْهُ: رُبَّمَا قَالَ " نَهَيْته ". قَالَ الْقَاضِي: هَذَا مِنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَلَى سَبِيلِ الْوَرَعِ.
قَوْلُهُ (وَهَلْ تَصِحُّ عَلَى ثَمَرَةٍ مَوْجُودَةٍ) يَعْنِي: إذَا لَمْ تَكْمُلْ؟ (عَلَى رِوَايَتَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ.
إحْدَاهُمَا: تَصِحُّ، وَهِيَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهَا أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفُرُوعِ: تَصِحُّ عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: تَصِحُّ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْفَائِقِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَغَيْرُهُمْ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا تَصِحُّ. صَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ.
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ زَارَعَهُ عَلَى زَرْعٍ نَابِتٍ يَنْمُو بِالْعَمَلِ. قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وَأَمَّا إنْ زَارَعَهُ عَلَى الْأَرْضِ وَسَاقَاهُ عَلَى الشَّجَرِ: فَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي أَوَّلِ فَصْلِ الْمُزَارَعَةِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ سَاقَاهُ عَلَى شَجَرٍ يَغْرِسُهُ وَيَعْمَلُ حَتَّى يُثْمِرَ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَرَةِ: صَحَّ) . هَذَا الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ الْمَنْصُوصُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ. وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ. قَالَ الْقَاضِي: الْمُعَامَلَةُ بَاطِلَةٌ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يَكُونُ الْغَرْسُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ. فَإِنْ شَرَطَهُ عَلَى الْعَامِلِ: فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُزَارَعَةِ إذَا شُرِطَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ. عَلَى مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
فَوَائِدُ الْأُولَى: قَالَ فِي الْفُرُوعِ: ظَاهِرُ نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله: جَوَازُ الْمُسَاقَاةِ عَلَى شَجَرٍ يَغْرِسُهُ وَيَعْمَلُ عَلَيْهِ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ الشَّجَرِ، أَوْ بِجُزْءٍ مِنْ الشَّجَرِ وَالثَّمَرِ، كَالْمُزَارَعَةِ. وَهِيَ الْمُغَارَسَةُ، وَالْمُنَاصَبَةُ. وَاخْتَارَهُ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ فِي كِتَابِهِ. وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ أَخِيرًا. وَاخْتَارَهُ فِي الْفَائِقِ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله. وَذَكَرَهُ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ: وَلَوْ كَانَ مَغْرُوسًا، وَلَوْ كَانَ نَاظِرَ وَقْفٍ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ بَعْدَهُ بَيْعُ نَصِيبِ الْوَقْفِ مِنْ الشَّجَرِ بِلَا حَاجَةٍ، وَأَنَّ لِلْحَاكِمِ الْحُكْمَ بِلُزُومِهَا فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ فَقَطْ. انْتَهَى.
وَهَذَا احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفَائِقِ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ كَانَ الِاشْتِرَاكُ فِي الْغِرَاسِ وَالْأَرْضِ: فَسَدَتْ وَجْهًا وَاحِدًا. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَالنَّاظِمُ، وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ صِحَّتُهَا. قَالَ فِي الْفَائِقِ، قُلْت: وَصَحَّحَ الْمَالِكِيُّونَ الْمُغَارَسَةَ فِي الْأَرْضِ الْمِلْكِ، لَا الْوَقْفِ. بِشَرْطِ اسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ جُزْءًا مِنْ الْأَرْضِ مَعَ الْقِسْطِ مِنْ الشَّجَرِ. انْتَهَى
الثَّالِثَةُ: لَوْ عَمَلَا فِي شَجَرٍ لَهُمَا، وَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَشَرَطَا التَّفَاضُلَ فِي ثَمَرِهِ: صَحَّ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ وَغَيْرِهِ. وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. وَقِيلَ: لَا تَصِحُّ كَمُسَاقَاةِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ بِنِصْفِهِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ.
فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ: فِي أُجْرَتِهِ احْتِمَالَانِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفُرُوعِ. قُلْت: الْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ لَهُ الْأُجْرَةُ عَلَى الْآخَرِ، قِيَاسًا عَلَى نَظَائِرِهَا.
قَوْلُهُ (وَالْمُسَاقَاةُ: عَقْدٌ جَائِزٌ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِ) . فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ. وَقَدْ سُئِلَ عَنْ الْأَكَّارِ يَخْرُجُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخْرِجَهُ صَاحِبُ الضَّيْعَةِ؟ فَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ ذَلِكَ. وَكَذَا حُكْمُ الْمُزَارَعَةِ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ. قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: وَهِيَ عَقْدٌ جَائِزٌ فِي الْأَظْهَرِ. وَصَحَّحَهُ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: هِيَ عَقْدٌ لَازِمٌ. قَالَهُ الْقَاضِي. وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ. وَاخْتَارَ فِي التَّبْصِرَةِ: أَنَّهَا جَائِزَةٌ مِنْ جِهَةِ الْعَامِلِ، بَلْ لَازِمَةٌ مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ. مَأْخُوذٌ مِنْ الْإِجَارَةِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يُبْطِلُهَا مَا يُبْطِلُ الْوَكَالَةَ. وَلَا تَفْتَقِرُ إلَى ذِكْرِ مُدَّةٍ. وَيَصِحُّ تَوْقِيتُهَا. وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهَا. فَمَتَى انْفَسَخَتْ بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا. وَعَلَيْهِ تَمَامُ الْعَمَلِ. وَإِنْ فَسَخَ الْعَامِلُ قَبْلَ ظُهُورِهَا: فَلَا شَيْءَ لَهُ. وَإِنْ فَسَخَ رَبُّ الْمَالِ قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: أَوْ أَجْنَبِيٌّ فَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ. وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي: لَا تَبْطُلُ بِمَا يُبْطِلُ الْوَكَالَةَ. وَتَفْتَقِرُ إلَى الْقَبُولِ لَفْظًا. وَيُشْتَرَطُ ضَرْبُ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ تَكْمُلُ فِي مِثْلِهَا الثَّمَرَةُ. فَإِنْ جَعَلَا مُدَّةً لَا تَكْمُلُ فِيهَا: لَمْ تَصِحَّ. وَهَلْ لِلْعَامِلِ أُجْرَةٌ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ،
وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفَائِقِ، وَالْفُرُوعِ.
أَحَدُهُمَا: لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَالَ فِي التَّصْحِيحِ: أَحَدُهُمَا: إنْ عَمِلَ فِيهَا وَظَهَرَتْ الثَّمَرَةُ: فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ: فَلَا شَيْءَ لَهُ. وَكَذَا قَالَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمَا. وَصَحَّحَاهُ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا أُجْرَةَ لَهُ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ، قُلْت: إنْ جَهِلَ ذَلِكَ فَلَهُ أُجْرَةٌ. وَإِلَّا فَلَا.
تَنْبِيهٌ عَكَسَ صَاحِبُ الْفُرُوعِ. بِنَاءً عَلَى الْوَجْهَيْنِ. وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ مِنْ الْكَاتِبِ حِينَ التَّبْيِيضِ، أَوْ سِبْقَةُ قَلَمٍ.
فَائِدَةٌ لَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ، وَفَسَخَ قَبْلَ ظُهُورِ الزَّرْعِ، أَوْ قَبْلَ الْبَذْرِ وَبَعْدَ الْحَرْثِ، فَقَالَ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ: جَوَازُ بَيْعِ الْعِمَارَةِ الَّتِي هِيَ الْآبَارُ. وَيَكُونُ شَرِيكًا فِي الْأَرْضِ بِعِمَارَتِهِ. وَاخْتَارَ ابْنُ مَنْصُورٍ: أَنَّهُ تَجِبُ لَهُ أُجْرَةُ عَمَلِهِ بِبَدَنِهِ. وَمَا أَنْفَقَ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ مَالِهِ. وَحَمَلَ كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله عَلَيْهِ. وَأَفْتَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله فِيمَنْ زَارَعَ رَجُلًا عَلَى مَزْرَعَةِ بُسْتَانٍ. ثُمَّ أَجَّرَهَا هَلْ تَبْطُلُ الْمُزَارَعَةُ؟ . فَقَالَ: إنْ زَارَعَهُ مُزَارَعَةً لَازِمَةً: لَمْ تَبْطُلْ بِالْإِجَارَةِ. وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَازِمَةً أُعْطِيَ الْفَلَّاحُ أُجْرَةَ عَمَلِهِ. وَأَفْتَى أَيْضًا فِي رَجُلٍ زَرَعَ أَرْضًا، وَكَانَتْ بُورًا وَحَرَثَهَا، فَهَلْ لَهُ إذَا خَرَجَ مِنْهَا فَلَاحُهُ: إنْ كَانَ لَهُ فِي الْأَرْضِ فِلَاحَةٌ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا: فَلَهُ قِيمَتُهَا عَلَى مَنْ انْتَفَعَ بِهَا. فَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ انْتَفَعَ بِهَا، أَوْ أَخَذَ عِوَضًا عَنْهَا الْمُسْتَأْجِرُ: فَضَمَانُهَا عَلَيْهِ. وَإِنْ أَخَذَ الْأُجْرَةَ عَنْ الْأَرْضِ وَحْدَهَا: فَضَمَانُ الْفِلَاحَةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُنْتَفِعِ بِهَا. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَفِي رِوَايَةِ صَالِحٍ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا
مَفْلُوحَةً، وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهَا مَفْلُوحَةً، فَمَا أَخَذَهَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ كَمَا شَرَطَ. قَالَ: وَيَتَخَرَّجُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمُزَارَعَةِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ جَعَلَا مُدَّةً قَدْ تَكْمُلُ وَقَدْ لَا تَكْمُلُ، فَهَلْ تَصِحُّ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ.
أَحَدُهُمَا: تَصِحُّ. وَهُوَ الصَّحِيحُ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا تَصِحُّ. قَالَ النَّاظِمُ: هَذَا أَقْوَى. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي نِهَايَتِهِ وَنَظْمِهَا.
فَائِدَةٌ وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ جَعَلَاهَا إلَى الْجِدَادِ، أَوْ إلَى إدْرَاكِهَا. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ وَأَطْلَقَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى الْوَجْهَيْنِ هُنَا. قُلْت: الصَّوَابُ الصِّحَّةُ، وَإِنْ مَنَعْنَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا. قَوْلُهُ (وَإِنْ قُلْنَا: لَا تَصِحُّ، فَهَلْ لِلْعَامِلِ أُجْرَةٌ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي، وَالْهَادِي، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
أَحَدُهُمَا: لَهُ الْأُجْرَةُ. وَهُوَ الصَّحِيحُ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالنَّظْمِ. وَقَطَعَ بِهِ فِي الْفُصُولِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَابْنُ رَزِينٍ، وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ أُجْرَةٌ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ مَاتَ الْعَامِلُ: تَمَّمَ الْوَارِثُ، فَإِنْ أَبَى اُسْتُؤْجِرَ عَلَى
الْعَمَلِ) يَعْنِي اسْتَأْجَرَ الْحَاكِمُ (مِنْ تَرِكَتِهِ. فَإِنْ تَعَذَّرَ فَلِرَبِّ الْمَالِ الْفَسْخُ) بِلَا نِزَاعٍ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ فَسَخَ بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ، فَهِيَ بَيْنَهُمَا) . يَعْنِي: إذَا مَاتَ الْعَامِلُ، وَأَبَى الْوَرَثَةُ الْعَمَلَ، وَتَعَذَّرَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ، وَفَسَخَ رَبُّ الْمَالِ: فَإِنْ كَانَ بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ، فَهِيَ بَيْنَهُمَا. قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الْفُرُوعِ هُنَا: أَنَّ فِي اسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ خِلَافًا مُطْلَقًا. فَإِنَّهُ قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ فَفِي أُجْرَتِهِ لِمَيِّتٍ وَجْهَانِ. وَالْعُرْفُ بَيْنَ الْأَصْحَابِ: أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَظْهَرْ. لَا إذَا لَمْ يَصْلُحْ. فَلْيُعْلَمْ ذَلِكَ. قَوْلُهُ (وَإِنْ فُسِخَ قَبْلَهُ) يَعْنِي قَبْلَ الظُّهُورِ (فَهَلْ لِلْعَامِلِ أُجْرَةٌ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى، وَالنَّظْمِ.
أَحَدُهُمَا: لَهُ الْأُجْرَةُ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي مُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَيْسَ لَهُ أُجْرَةٌ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ.
فَائِدَةٌ إذَا فَسَخَ بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ، وَبَعْدَ مَوْتِ الْعَامِلِ، فَهِيَ بَيْنَهُمَا. فَإِنْ كَانَ قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ خُيِّرَ الْمَالِكُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ. فَإِنْ اشْتَرَى نَصِيبَ الْعَامِلِ جَازَ. وَإِنْ اخْتَارَ بَيْعَ نَصِيبِهِ بَاعَ الْحَاكِمُ نَصِيبَ الْعَامِلِ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ: فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ. وَلَا يُبَاعُ نَصِيبُ الْعَامِلِ وَحْدَهُ لِأَجْنَبِيٍّ. وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمَالِكِ شِرَاؤُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
وَكَذَا الْحُكْمُ فِي بَيْعِ الزَّرْعِ. فَإِنَّهُ إنْ بَاعَهُ قَبْلَ ظُهُورِهِ: لَا يَصِحُّ. وَإِنْ بَاعَهُ بَعْدَ اشْتِدَادِ حَبِّهِ: صَحَّ. وَفِيمَا بَيْنَهُمَا لِغَيْرِ رَبِّ الْأَرْضِ بَاطِلٌ. وَفِيهِ لَهُ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَالْفُصُولِ. وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى عَدَمَ الصِّحَّةِ. قُلْتُ: قَدْ تَقَدَّمَ فِي بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ الْخِلَافُ هُنَاكَ. وَأَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ: الْجَوَازُ. فَلْيُرَاجَعْ. قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ إنْ هَرَبَ الْعَامِلُ فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَا يُنْفِقُ مِنْهُ عَلَيْهَا) يَعْنِي حُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ مَاتَ. كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ. وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْهَارِبَ لَيْسَ لَهُ أَجْرُهُ قَبْلَ الظُّهُورِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: وَالْأَوْلَى فِي هَذِهِ الصُّورَةِ: أَنْ لَا يَكُونَ لِلْعَامِلِ أُجْرَةٌ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
فَائِدَةٌ لَوْ ظَهَرَ الشَّجَرُ مُسْتَحَقًّا، فَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ عَلَى غَاصِبِهِ. وَلَا شَيْءَ عَلَى رَبِّهِ. قَوْلُهُ (وَإِنْ عَمِلَ فِيهَا رَبُّ الْمَالِ بِإِذْنِ حَاكِمٍ، أَوْ إشْهَادٍ: رَجَعَ بِهِ. وَإِلَّا فَلَا) . إذَا عَمِلَ فِيهَا رَبُّ الْمَالِ بِإِذْنِ حَاكِمٍ: رَجَعَ. قَوْلًا وَاحِدًا. وَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ يَرْجِعُ إذَا أَشْهَدَ. وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ فِي الرُّجُوعِ إذَا نَوَاهُ، وَلَمْ يَسْتَأْذِنْ الْحَاكِمُ: الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِيمَنْ قَضَى دَيْنًا عَنْ غَيْرِهِ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ. عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الضَّمَانِ. وَالصَّحِيحُ: الرُّجُوعُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
ثُمَّ إنَّ الْأَكْثَرِينَ اعْتَبَرُوا هُنَا اسْتِئْذَانَ الْحَاكِمِ. وَكَذَلِكَ اعْتَبَرَ الْأَكْثَرُ: الْإِشْهَادَ عَلَى نِيَّةِ الرُّجُوعِ. وَفِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ: وَجْهٌ لَا يُعْتَبَرُ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَقَوْلُهُ " وَإِلَّا فَلَا " يَعْنِي: أَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْتَأْذِنْ الْحَاكِمَ، وَلَمْ يُشْهِدْ: لَا يَرْجِعُ. وَكَذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ. أَمَّا إذَا لَمْ يَسْتَأْذِنْ الْحَاكِمَ، فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَتْرُكَهُ عَجْزًا عَنْهُ، أَوْ لَا. فَإِنْ تَرَكَ اسْتِئْذَانَ الْحَاكِمِ عَجْزًا، فَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ: رَجَعَ جَزَمَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ. وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الرُّجُوعَ: لَمْ يَرْجِعْ. وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الِاسْتِئْذَانِ، وَلَمْ يَسْتَأْذِنْهُ، وَنَوَى الرُّجُوعَ: فَفِي رُجُوعِهِ الرِّوَايَتَانِ اللَّتَانِ فِيمَنْ قَضَى دَيْنًا عَنْ غَيْرِهِ. وَالصَّحِيحُ: الرُّجُوعُ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ. قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ أَمْكَنَ إذْنُ الْعَامِلِ، أَوْ الْحَاكِمِ، وَلَمْ يَسْتَأْذِنْهُ بَلْ نَوَى الرُّجُوعَ، أَوْ أَشْهَدَ مَعَ النِّيَّةِ: فَوَجْهَانِ.
قَوْلُهُ (وَيَلْزَمُ الْعَامِلَ مَا فِيهِ صَلَاحُ الثَّمَرَةِ وَزِيَادَتُهَا: مِنْ السَّقْيِ وَالْحَرْثِ، وَالْإِبَارِ، وَالتَّلْقِيحِ، وَالتَّشْمِيسِ، وَإِصْلَاحِ طُرُقِ الْمَاءِ، وَمَوْضِعِ التَّشْمِيسِ وَنَحْوِهِ) . وَيَلْزَمُ أَيْضًا قَطْعُ حَشِيشٍ مُضِرٍّ، وَآلَةُ الْحِرَاثَةِ، وَبَقَرُ الْحَرْثِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ: فِي بَقَرِ الْحَرْثِ رِوَايَتَانِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ: يَلْزَمُ الْعَامِلَ الْفَأْسُ النُّحَاسُ الَّتِي تَقْطَعُ الدَّغَلَ فَلَا يَنْبُتُ. وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ.
قُلْتُ: قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ: وَيَلْزَمُ الْعَامِلَ قَطْعُ الْحَشِيشِ الْمُضِرِّ.
قَوْلُهُ (وَعَلَى رَبِّ الْمَالِ مَا فِيهِ حِفْظُ الْأَصْلِ: مِنْ سَدِّ الْحِيطَانِ وَإِجْرَاءِ الْأَنْهَارِ، وَحَفْرِ الْبِئْرِ، وَالدُّولَابِ وَمَا يُدِيرُهُ) . وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا: شِرَاءُ الْمَاءِ. وَمَا يُلَقِّحُ بِهِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ الْأَصْحَابُ: بَقَرُ الدُّولَابِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ. نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْفُرُوعِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَالْمُصَنِّفِ: يَلْزَمُ الْعَامِلَ بَقَرُ الدُّولَابِ كَبَقَرِ الْحَرْثِ. وَقِيلَ: مَا يَتَكَرَّرُ كُلَّ عَامٍ فَهُوَ عَلَى الْعَامِلِ. وَمَا لَا فَلَا. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهَذَا أَصَحُّ، إلَّا مَا يُلَقِّحُ بِهِ. فَإِنَّهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ. وَإِنْ تَكَرَّرَ كُلَّ سَنَةٍ. وَذَكَرَ ابْنُ رَزِينٍ فِي بَقَرِ الْحَرْثِ وَالسَّانِيَةِ وَهِيَ الْبَكَرَةُ وَمَا يُلَقِّحُ بِهِ: رِوَايَتَيْنِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: السِّبَاخُ عَلَى الْمَالِكِ. وَكَذَلِكَ تَسْمِيدُ الْأَرْضِ بِالزِّبْلِ إذَا احْتَاجَتْ إلَيْهِ. وَلَكِنْ تَفْرِيقُهُ فِي الْأَرْضِ عَلَى الْعَامِلِ.
فَائِدَةٌ لَوْ شَرَطَ عَلَى أَحَدِهِمَا مَا يَلْزَمُ الْآخَرَ. لَمْ يَجُزْ، وَفَسَدَ الشَّرْطُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، إلَّا فِي الْجِدَادِ. عَلَى مَا يَأْتِي. اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَغَيْرُهُمَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْأَشْهَرُ يَفْسُدُ الشَّرْطُ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فَسَدَ الشَّرْطُ فِي الْأَقْيَسِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالنَّظْمِ. وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ: يَفْسُدُ شَرْطُ خَرَاجٍ أَوْ بَعْضِهِ عَلَى عَامِلٍ.
وَأَخَذَ الْمُصَنِّفُ مِنْ الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الْجِدَادِ: إذَا شَرَطَهُ عَلَى الْعَامِلِ. وَصَحَّحَ الصِّحَّةَ هُنَا، لَكِنْ قَالَ: بِشَرْطِ أَنْ يَصِلَ الْعَامِلُ أَكْثَرَ الْعَمَلِ. فَعَلَى الْأَوَّلِ: فِي بُطْلَانِ الْعَقْدِ رِوَايَتَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفَائِقِ.
إحْدَاهُمَا: يَفْسُدُ الْعَقْدُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالثَّانِيَةُ: لَا يَفْسُدُ. اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ.
قَوْلُهُ (وَحُكْمُ الْعَامِلِ حُكْمُ الْمُضَارِبِ فِيمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ وَمَا يُرَدُّ) . وَمَا يُبْطِلُ الْعَقْدَ، وَفِي الْجُزْءِ الْمَقْسُومِ. كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُضَارِبِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ فِي الْمُوجَزِ: إنْ اخْتَلَفَا فِيمَا شُرِطَ لَهُ: صُدِّقَ، فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: يُصَدَّقُ رَبُّ الْأَرْضِ فِي قَدْرِ مَا شَرَطَهُ لَهُ. وَتُقَدَّمُ بَيِّنَتُهُ. وَقِيلَ: بَلْ بَيِّنَةُ الْعَامِلِ. وَهُوَ أَصَحُّ.
فَائِدَةٌ
لَيْسَ لِلْمُسَاقِي أَنْ يُسَاقِيَ عَلَى الشَّجَرِ الَّذِي سَاقَى عَلَيْهِ. وَكَذَا الْمُزَارِعُ كَالْمُضَارِبِ. قَالَهُ فِي الْمُغْنِي، وَغَيْرِهِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ ثَبَتَتْ خِيَانَتُهُ: ضُمَّ إلَيْهِ مَنْ يُشَارِفُهُ. فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ حِفْظُهُ: اُسْتُؤْجِرَ مِنْ مَالِهِ مَنْ يَعْمَلُ الْعَمَلَ) . وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ إنْ اُتُّهِمَ بِالْخِيَانَةِ وَلَمْ تَثْبُتْ. فَقَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: يَحْلِفُ كَالْمُضَارِبِ. قُلْتُ: وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَقَالَ غَيْرُهُمْ: لِلْمَالِكِ ضَمُّ أَمِينٍ بِأُجْرَةٍ مِنْ نَفْسِهِ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَالظَّاهِرُ: أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ تَابَعَهُ بَعْدَ فَرَاغِ الْعَمَلِ. وَمُرَادُ غَيْرِهِ: فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ. فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ خِيَانَتُهُ بِذَلِكَ فَمِنْ الْمَالِكِ. وَقَالَ فِي الْمُنْتَخَبِ: تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْمُجَرَّدَةُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَإِنْ لَمْ يَقَعْ النَّفْعُ بِهِ، لِعَدَمِ بَطْشِهِ: أُقِيمَ مَقَامَهُ، أَوْ ضُمَّ إلَيْهِ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ شَرَطَ إنْ سَقَى سَيْحًا: فَلَهُ الرُّبُعُ. وَإِنْ سَقَى بِكُلْفَةٍ. فَلَهُ النِّصْفُ، وَإِنْ زَرَعَهَا شَعِيرًا: فَلَهُ الرُّبُعُ. وَإِنْ زَرَعَهَا حِنْطَةً: فَلَهُ النِّصْفُ: لَمْ يَصِحَّ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالنَّظْمِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْأُولَى، وَفِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَصِحُّ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا: بِنَاءً عَلَى قَوْلِهِ فِي الْإِجَارَةِ " إنْ خِطْتَهُ رُومِيًّا: فَلَكَ دِرْهَمٌ، وَإِنْ خِطْتَهُ فَارِسِيًّا: فَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ " فَإِنَّهُ يَصِحُّ عَلَى الْمَنْصُوصِ عَلَى مَا يَأْتِي. وَهَذَا مِثْلُهُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْأُولَى فِي الْفَائِقِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الثَّانِيَةِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ. فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: لَوْ قَالَ " لَك الْخُمُسَانِ إنْ لَزِمَتْك خَسَارَةٌ، وَلَك الرُّبْعُ إنْ لَمْ تَلْزَمْك
خَسَارَةٌ " لَمْ تَصِحَّ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ: هَذَا شَرْطَانِ. فِي شَرْطٍ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: يَخْرُجُ فِيهَا مِثْلُ مَا إذَا قَالَ " إذَا سَقَى سَيْحًا فَلَهُ كَذَا، وَإِنْ سَقَى بِكُلْفِهِ فَلَهُ كَذَا ".
الثَّانِيَةُ: لَوْ قَالَ " مَا زَرَعْت مِنْ شَيْءٍ فَلِي نِصْفُهُ " صَحَّ قَوْلًا وَاحِدًا.
قَوْلُهُ (وَتَجُوزُ الْمُزَارَعَةُ) . هَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَاطِبَةً. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: هِيَ أَحَلُّ مِنْ الْإِجَارَةِ. لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمَغْنَمِ وَالْمَغْرَمِ. وَحَكَى أَبُو الْخَطَّابِ رِوَايَةً: بِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ. ذَكَرَهَا فِي مَسْأَلَةِ الْمُسَاقَاةِ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ شَجَرٌ فَزَارَعَهُ الْأَرْضَ وَسَاقَاهُ عَلَى الشَّجَرِ: صَحَّ) . بِلَا نِزَاعٍ: وَنَصَّ عَلَيْهِ.
فَائِدَةٌ إذَا أَجَّرَهُ الْأَرْضَ، وَسَاقَاهُ عَلَى الشَّجَرِ، فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حِيلَةً أَوْ لَا. فَإِنْ كَانَ غَيْرَ حِيلَةٍ، فَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَكَجَمْعٍ بَيْنَ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: صِحَّتُهَا هُنَاكَ. فَكَذَا هُنَا. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: صَحَّ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفَائِقِ أَيْضًا، فِي أَوَاخِرِ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالشَّارِحُ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي، وَغَيْرِهِ. وَإِنْ كَانَ حِيلَةً، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفَائِقِ فِي هَذَا الْبَابِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ فِي بَابِ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: لَمْ تَصِحَّ الْمُسَاقَاةُ. وَلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ إنْ جَمَعَهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ. وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي إبْطَالِ الْحِيَلِ جَوَازَهُ. قُلْتُ: وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي بِلَادِ الشَّامِ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: إنْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ فِي عَقْدٍ ثَانٍ، فَهَلْ تَفْسُدُ الْمُسَاقَاةُ فَقَطْ، أَوْ تَفْسُدُ هِيَ وَالْإِجَارَةُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ.
أَحَدُهُمَا: تَفْسُدُ الْمُسَاقَاةُ فَقَطْ. وَهُوَ الصَّحِيحُ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَفْسُدَانِ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ: فَكَتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. وَلِلْمُسْتَأْجِرِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: سَوَاءٌ صَحَّتْ أَوْ لَا. فَمَا ذَهَبَ مِنْ الشَّجَرِ ذَهَبَ مَا يُقَابَلُ مِنْ الْعِوَضِ.
فَائِدَةٌ لَا تَجُوزُ إجَارَةُ أَرْضٍ وَشَجَرٍ لِحَمْلِهَا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. وَحَكَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ إجْمَاعًا. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله: أَخَافُ أَنْ يَكُونَ اسْتَأْجَرَ شَجَرًا لَمْ يُثْمِرْ، وَجَوَّزَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، تَبَعًا لِلْأَرْضِ. وَلَوْ كَانَ الشَّجَرُ أَكْثَرَ. وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَجَوَّزَ شَيْخُنَا إجَارَةَ الشَّجَرِ مُفْرَدًا. وَيَقُومُ عَلَيْهَا الْمُسْتَأْجِرُ كَإِجَارَةِ أَرْضٍ لِلزَّرْعِ، بِخِلَافِ بَيْعِ السِّنِينَ.
فَإِنْ تَلِفَتْ الثَّمَرَةُ: فَلَا أُجْرَةَ. وَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ الْعَادَةِ: فَالْفَسْخُ أَوْ الْأَرْشُ. لِعَدَمِ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ بِالْعَقْدِ. وَهِيَ كَجَائِحَةٍ. انْتَهَى.
وَأَمَّا إجَارَتُهَا لِنَشْرِ الثِّيَابِ عَلَيْهَا وَنَحْوِهِ. فَتَصِحُّ.
قَوْلُهُ (وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْبَذْرِ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ) هَذَا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ رَزِينٍ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ رَزِينٍ فِي نِهَايَتِهِ وَنَظْمِهَا. قُلْتُ: وَهُوَ أَقْوَى دَلِيلًا. (وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ: اشْتِرَاطُهُ) . وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَالْمَشْهُورُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَنَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ الشَّارِحُ: اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَعَامَّةُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي، وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْهَادِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ كَانَ الْبَذْرُ كُلُّهُ مِنْ الْعَامِلِ: فَالزَّرْعُ لَهُ. وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْأَرْضِ لِرَبِّهَا، وَهِيَ الْمُخَابَرَةُ. وَقِيلَ " الْمُخَابَرَةُ " أَنْ يَخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِمَا عَلَى جَدْوَلٍ أَوْ سَاقِيَةٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا. قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ. وَخَرَّجَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله وَجْهًا فِي الْمُزَارَعَةِ الْفَاسِدَةِ: أَنَّهَا تُتَمَلَّكُ بِالنَّفَقَةِ مِنْ زَرْعِ الْغَاصِبِ. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالسَّبْعِينَ: وَقَدْ رَأَيْتُ كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله يَدُلُّ عَلَيْهِ، لَا عَلَى خِلَافِهِ.
فَائِدَةٌ مِثْلُ ذَلِكَ: الْإِجَارَةُ الْفَاسِدَةُ.
تَنْبِيهٌ دَخَلَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: مَا لَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ أَوْ غَيْرِهِ، وَالْأَرْضُ لَهُمَا، أَوْ بَيْنَهُمَا. وَهُوَ صَحِيحٌ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَلَوْ كَانَ مِنْ الْعَامِلِ، أَوْ مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ الْعَامِلِ وَالْأَرْضُ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ حَكَى الْخِلَافَ. وَقَالَ الْأَصْحَابُ: لَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْهُمَا: فَحُكْمُهُ حُكْمُ شَرِكَةِ الْعِنَانِ.
فَائِدَتَانِ الْأُولَى: لَوْ رُدَّ عَلَى عَامِلٍ كَبَذْرِهِ: فَرِوَايَتَانِ فِي الْوَاضِحِ. نَقَلَهُ فِي الْفُرُوعِ. قُلْتُ: أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ قَطَعُوا بِفَسَادِهَا حَيْثُ شَرَطَ ذَلِكَ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ ثَالِثٍ، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْأَرْضُ وَالْعَمَلُ مِنْ آخَرَ، أَوْ الْبَقَرُ مِنْ رَابِعٍ: لَمْ يَصِحَّ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَذَكَرَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَمَنْ تَابَعَهُ: تَخْرِيجًا بِالصِّحَّةِ. وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله رِوَايَةً. وَاخْتَارَهُ. وَذَكَرَ ابْنُ رَزِينٍ فِي مُخْتَصَرِهِ: أَنَّهُ الْأَظْهَرُ. وَلَوْ كَانَتْ الْبَقَرُ مِنْ وَاحِدٍ، وَالْأَرْضُ وَالْبَذْرُ وَسَائِرُ الْعَمَلِ مِنْ آخَرَ: جَازَ. قَالَهُ فِي الْفَائِقِ، وَالْفُرُوعِ. وَإِنْ كَانَ مِنْ أَحَدِهِمَا الْمَاءُ: فَفِي الصِّحَّةِ رِوَايَتَانِ، تَأْتِيَانِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. قُلْتُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله، وَأَكْثَرِ الْأَصْحَابِ: عَدَمُ الصِّحَّةِ. ثُمَّ وَجَدْت الشَّارِحَ صَحَّحَهُ. وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي. قَالَهُ شَارِحُ الْمُحَرَّرِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يَأْخُذَ رَبُّ الْأَرْضِ مِثْلَ بَذْرِهِ، وَيَقْتَسِمَا الْبَاقِي: فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ) .
هَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ مِنْ الْمُضَارَبَةِ. وَجَوَّزَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَخْذَ الْبَذْرِ أَوْ بَعْضَهُ بِطَرِيقِ الْقَرْضِ. وَقَالَ: يَلْزَمُ مَنْ اعْتَبَرَ الْبَذْرَ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ، وَإِلَّا فَقَوْلُهُ فَاسِدٌ. وَقَالَ أَيْضًا: تَجُوزُ كَالْمُضَارَبَةِ. وَكَاقْتِسَامِهِمَا مَا يَبْقَى بَعْدَ الْكُلْفِ. وَقَالَ أَيْضًا: وَيُتْبَعُ فِي الْكُلْفِ السُّلْطَانِيَّةِ الْعُرْفُ، مَا لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ، وَاشْتِرَاطُ عَمَلِ الْآخَرِ حَتَّى يُثْمِرَ بِبَعْضِهِ. قَالَ: وَمَا طُلِبَ مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ وَظَائِفَ سُلْطَانِيَّةٍ وَنَحْوِهَا: فَعَلَى قَدْرِ الْأَمْوَالِ. وَإِنْ وُضِعَتْ عَلَى الزَّرْعِ: فَعَلَى رَبِّهِ. أَوْ عَلَى الْعَقَارِ: فَعَلَى رَبِّهِ. مَا لَمْ يَشْتَرِطْهُ عَلَى مُسْتَأْجِرٍ. وَإِنْ وُضِعَ مُطْلَقًا: رَجَعَ إلَى الْعَادَةِ.
فَائِدَةٌ لَوْ شَرَطَ أَحَدُهُمَا اخْتِصَاصًا بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْ غَلَّةٍ، أَوْ دَرَاهِمَ، أَوْ زَرْعِ جَانِبٍ مِنْ الْأَرْضِ، أَوْ زِيَادَةِ أَرْطَالٍ مَعْلُومَةٍ: فَسَدَتْ.
قَوْلُهُ (وَالْحَصَادُ عَلَى الْعَامِلِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَنَصَّ عَلَيْهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالنَّظْمِ، وَغَيْرِهِمْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمَا. وَقِيلَ: عَلَيْهِمَا. وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ ابْنِ رَزِينٍ، وَاحْتِمَالٌ لِأَبِي الْخَطَّابِ، وَتَخْرِيجٌ لِجَمَاعَةٍ. وَقَالَ فِي الْمُوجَزِ: فِي الْحَصَادِ، وَالدِّيَاسِ: وَالتَّذْرِيَةِ، وَحَفِظَهُ بِبَذْرِهِ: الرِّوَايَتَانِ اللَّتَانِ فِي الْجِدَادِ.
فَائِدَةٌ اللِّقَاطُ كَالْحَصَادِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ. وَقَالَ فِي الْمُوجَزِ: هَلْ هُوَ كَحَصَادٍ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ.
قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، قُلْتُ: وَاللِّقَاطُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ الْجِدَادُ) . يَعْنِي أَنَّهُ عَلَى الْعَامِلِ كَالْحَصَادِ. وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفُرُوعِ، وَتَخْرِيجٌ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَقِيَاسٌ فِي التَّلْخِيصِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي شَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَنَصَرَاهُ. وَعَنْهُ أَنَّ الْجِدَادَ عَلَيْهِمَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِمَا، إلَّا أَنْ يَشْرِطَهُ عَلَى الْعَامِلِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ.
فَائِدَةٌ يُكْرَهُ الْحَصَادُ وَالْجِدَادُ لَيْلًا. قَالَهُ الْأَصْحَابُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: أَنَا أَزْرَعُ الْأَرْضَ بِبَذْرِي وَعَوَامِلِي. وَتَسْقِيهَا بِمَائِك وَالزَّرْعُ بَيْنَنَا. فَهَلْ يَصِحُّ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْهَادِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفُرُوعِ. وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ وَنَظْمِهَا.
إحْدَاهُمَا: لَا يَصِحُّ. وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالْفَائِقِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَصِحُّ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ زَارَعَ شَرِيكَهُ فِي نَصِيبِهِ: صَحَّ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَالنَّاظِمُ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي. قَالَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي، وَالتَّلْخِيصِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ لِلْعَامِلِ أَكْثَرُ مِنْ نَصِيبِهِ. وَالْوَاقِعُ كَذَلِكَ.
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: مَا سَقَطَ مِنْ الْحَبِّ وَقْتَ الْحَصَادِ، إذَا نَبَتَ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ: فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَنَصَّ عَلَيْهِ. وَذَكَرَ فِي الْمُبْهِجِ وَجْهًا أَنَّهُ لَهُمَا. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: هُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ، مَالِكًا أَوْ مُسْتَأْجِرًا أَوْ مُسْتَعِيرًا. وَقِيلَ: لَهُ حُكْمُ الْعَارِيَّةِ. وَقِيلَ: حُكْمُ الْغَصْبِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَفِيهِ بُعْدٌ. وَيَأْتِي فِي الْعَارِيَّةِ: إذَا حَمَلَ السَّيْلُ بَذْرَ إنْسَانٍ إلَى أَرْضِ غَيْرِهِ وَنَبَتَ. وَكَذَا نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله فِيمَنْ بَاعَ قَصِيلًا فَحَصَدَ، وَبَقِيَ يَسِيرًا. فَصَارَ سُنْبُلًا فَهُوَ لِرَبِّ الْأَرْضِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: لَوْ أَعَارَهُ أَرْضًا بَيْضَاءَ. لِيَجْعَلَ فِيهَا شَوْكًا أَوْ دَوَابَّ، فَتَنَاثَرَ فِيهَا حَبٌّ، أَوْ نَوًى: فَهُوَ لِلْمُسْتَعِيرِ. وَلِلْمُعِيرِ إجْبَارُهُ عَلَى قَلْعِهِ بِدَفْعِ الْقِيمَةِ لِنَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله عَلَى ذَلِكَ فِي الْغَاصِبِ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ أَجَّرَ أَرْضَهُ سَنَةً لِمَنْ يَزْرَعُهَا. فَزَرَعَهَا. فَلَمْ يَنْبُتْ الزَّرْعُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ. ثُمَّ نَبَتَ فِي السَّنَةِ الْأُخْرَى: فَهُوَ لِلْمُسْتَأْجِرِ. وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ لِرَبِّ الْأَرْضِ مُدَّةَ احْتِبَاسِهَا. وَلَيْسَ لِرَبِّ الْأَرْضِ مُطَالَبَتُهُ بِقَلْعِهِ قَبْلَ إدْرَاكِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.