الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَعَزَاهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ إلَى اخْتِيَارِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ فِي أَوَّلِ الرَّهْنِ. نَقَلَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. وَعَنْهُ: يَجُوزُ وَيَصِحُّ. صَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي آخِرِ بَابِ السَّلَمِ. وَقَالَ فِي بَابِ الرَّهْنِ: وَيَصِحُّ الرَّهْنُ بِرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ عَلَى الْأَصَحِّ. قَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَيَجُوزُ شَرْطُ الرَّهْنِ وَالضَّمِينُ فِي السَّلَمِ، وَالْقَرْضِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ، وَالتَّرْغِيبِ. وَحَكَى فِي الْفُرُوعِ كَلَامَ صَاحِبِ التَّرْغِيبِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ.
[بَابُ الْقَرْضِ]
ِ فَائِدَتَانِ
إحْدَاهَا: يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْقَرْضِ: مَعْرِفَةُ قَدْرِهِ بِقَدْرٍ مَعْرُوفٍ وَوَصْفِهِ. وَيَأْتِي قَرْضُ الْمَاءِ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُقْرِضُ مِمَّنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ. وَيَأْتِي: هَلْ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُقْرِضَ مِنْ مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ؟
الثَّانِيَةُ: " الْقَرْضُ " عِبَارَةٌ عَنْ دَفْعِ مَالٍ إلَى الْغَيْرِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ وَيَرُدَّ بَدَلَهُ. قَالَهُ شَارِحُ الْمُحَرَّرِ. قَوْلُهُ (وَيَصِحُّ فِي كُلِّ عَيْنٍ يَجُوزُ بَيْعُهَا إلَّا بَنِي آدَمَ وَالْجَوَاهِرَ وَنَحْوُهُمَا مِمَّا لَا يَصِحُّ فِيهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِيهِمَا) . أَمَّا قَرْضُ بَنِي آدَمَ: فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي صِحَّةِ قَرْضِهِ وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالْهَادِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى، وَالْفُرُوعِ.
أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: لَا يَصِحُّ قَرْضُ آدَمِيٍّ فِي الْأَظْهَرِ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي
وَغَيْرُهُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ، وَالْوَجِيزِ، وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَزَجِيِّ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَصِحُّ مُطْلَقًا. وَقِيلَ: يَصِحُّ فِي الْعَبْدِ دُونَ الْأَمَةِ. وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الشَّرْحِ، وَالْفَائِقِ. وَقِيلَ: يَصِحُّ فِي الْأَمَةِ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُبَاحَةٍ لِلْمُقْتَرِضِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَقِيلَ: يَصِحُّ قَرْضُ الْأَمَةِ لِمَحْرَمِهَا. وَجَزَمَ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِغَيْرِ مَحْرَمِهَا. وَأَمَّا قَرْضُ الْجَوَاهِرِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَصِحُّ بَيْعُهُ، وَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ: فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي صِحَّتِهِ وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهِبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ.
أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ. وَهُوَ الصَّحِيحُ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَغَيْرِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. فَعَلَيْهِ: يَرُدُّ الْمُقْتَرِضُ الْقِيمَةَ عَلَى مَا يَأْتِي. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَصِحُّ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ. وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: أَصْلُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمُتَقَوِّمَاتِ: الْقِيمَةُ أَوْ الْمِثْلُ، عَلَى رِوَايَتَيْنِ يَأْتِيَانِ.
فَائِدَةٌ: قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَمِنْ شَأْنِ الْقَرْضِ: أَنْ يُصَادِفَ ذِمَّةً لَا عَلَى مَا يَحْدُثُ. ذَكَرَهُ فِي الِانْتِصَارِ.
وَفِي الْمُوجَزِ: يَصِحُّ قَرْضُ حَيَوَانٍ، وَثَوْبٍ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَلِآحَادِ الْمُسْلِمِينَ. فَعَلَى الْأَوَّلِ: لَا يَصِحُّ قَرْضُ جِهَةٍ، كَالْمَسْجِدِ وَالْقَنْطَرَةِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا ذِمَّةَ لَهُ.
تَنْبِيهَانِ أَحَدُهُمَا: ظَاهِرُ قَوْلِهِ " وَيَصِحُّ فِي كُلِّ عَيْنٍ يَجُوزُ بَيْعُهَا " أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَرْضُ الْمَنَافِعِ. لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِأَعْيَانٍ. قَالَ فِي الِانْتِصَارِ: لَا يَجُوزُ قَرْضُ الْمَنَافِعِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ حَيْثُ قَالُوا: مَا صَحَّ السَّلَمُ فِيهِ صَحَّ قَرْضُهُ، إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله: يَجُوزُ قَرْضُ الْمَنَافِعِ، مِثْلُ أَنْ يَحْصُدَ مَعَهُ يَوْمًا وَيَحْصُدَ مَعَهُ الْآخَرُ يَوْمًا، أَوْ يُسْكِنَهُ الْآخَرُ دَارًا لِيُسْكِنَهُ الْآخَرُ بَدَلَهَا.
الثَّانِي: ظَاهِرُ قَوْلِهِ (وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهِ بِالْقَبْضِ) . أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ. وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ الْمُنَجَّى. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ. وَيَمْلِكُهُ الْمُقْتَرِضُ بِقَبْضِهِ. انْتَهُوا. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يُتِمُّ بِقَبُولِهِ، وَيَمْلِكُهُ بِقَبْضِهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُتِمُّ بِقَبُولِهِ. قَالَ جَمَاعَةٌ: وَيَمْلِكُ. وَقِيلَ: يَثْبُتُ مِلْكُهُ بِقَبْضَةِ كَهِبَةٍ. وَلَهُ الشِّرَاءُ مِنْ مُقْتَرِضِهِ. نَقَلَهُ مُهَنَّا. انْتَهَى.
قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَالْوَجِيزِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ: وَيَتِمُّ بِالْقَبُولِ. وَيَمْلِكُهُ بِقَبْضِهِ. وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ: الْقَرْضُ، وَالصَّدَقَةُ، وَالزَّكَاةُ وَغَيْرُهَا فِيهِ طَرِيقَانِ.
أَحَدُهُمَا: لَا يُمْلَكُ إلَّا بِالْقَبْضِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمُجَرَّدِ، وَالْمُبْهِجِ. وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي مَوَاضِعَ.
وَالثَّانِيَةُ: لَا يُمْلَكُ الْمُبْهَمُ بِدُونِ الْقَبْضِ، وَيَمْلِكُ الْعَيْنَ بِالْقَبْضِ. وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ، وَابْنِ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ، وَالْحَلْوَانِيِّ، وَابْنِهِ، إلَّا أَنَّهُمَا حَكَيَا فِي الْمُعَيَّنِ رِوَايَتَيْنِ. انْتَهَى.
وَأَمَّا اللُّزُومُ: فَإِنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا، فَبِكَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. قُلْت: حُكْمُ الْمَعْدُودِ وَالْمَذْرُوعِ: حُكْمُ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ. وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ. وَجَزَمَ فِي التَّلْخِيصِ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا. وَكَذَا جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي بَابِ الْقَبْضِ وَالضَّمَانِ.
قَوْلُهُ (فَلَا يَمْلِكُ الْمُقْرِضُ اسْتِرْجَاعَهُ. وَلَهُ طَلَبُ بَدَلِهِ) بِلَا نِزَاعٍ. قَوْلُهُ (فَإِنْ رَدَّهُ الْمُقْرَضُ عَلَيْهِ لَزِمَهُ قَبُولُهُ) . إنْ كَانَ مِثْلِيًّا لَزِمَهُ قَبُولُهُ. بِلَا نِزَاعٍ. وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مِثْلِيٍّ، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ أَيْضًا. وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالنَّظْمِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ وَغَيْرِهِمْ. لِإِطْلَاقِهِمْ الرَّدَّ. قَالَ شَارِحُ الْمُحَرَّرِ: وَأَصْحَابُنَا لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَهُمَا. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ. وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ، لِأَنَّ الْقَرْضَ فِيهِ يُوجِبُ رَدَّ الْقِيمَةِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. فَإِذَا رَدَّهُ بِعَيْنِهِ لَمْ يَرُدَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. قَالَ شَارِحُ الْمُحَرَّرِ: وَلَمْ أَجِدْ مَا قَالَ فِي كِتَابٍ آخَرَ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ.
تَنْبِيهٌ:
ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّ لَهُ رَدَّهُ، سَوَاءٌ رَخُصَ السِّعْرُ أَوْ غَلَا. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ إذَا رَخُصَ السِّعْرُ. قَوْلُهُ (مَا لَمْ يَتَعَيَّبْ، أَوْ يَكُنْ فُلُوسًا، أَوْ مُكَسَّرَةً. فَيُحَرِّمُهَا السُّلْطَانُ) . فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ لَهُ الْقِيمَةَ أَيْضًا، سَوَاءٌ اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى تَرْكِهَا أَوْ لَا. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَقَالَ الْقَاضِي: إنْ اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى تَرْكِهَا فَلَهُ الْقِيمَةُ. وَإِنْ تَعَامَلُوا بِهَا مَعَ تَحْرِيمِ السُّلْطَانِ لَهَا، لَزِمَهُ أَحَدُهَا. قَوْلُهُ (فَيَكُونُ لَهُ الْقِيمَةُ وَقْتَ الْقَرْضِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالْمُنَوِّرِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ: لَهُ الْقِيمَةُ وَقْتَ تَحْرِيمِهَا. قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي. قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ: وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَتْ ثَمَنًا. وَقِيلَ: لَهُ الْقِيمَةُ وَقْتَ الْخُصُومَةِ.
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: قَوْلُهُ " فَيَكُونُ لَهُ الْقِيمَةُ " اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ مِمَّا يَجْرِي فِيهِ رِبَا الْفَضْلِ.
فَإِنَّهُ يُعْطِي مِمَّا لَا يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا. فَلَوْ أَقْرَضَهُ دَرَاهِمَ مُكَسَّرَةً، فَحَرَّمَهَا السُّلْطَانُ: أَعْطَى قِيمَتَهَا ذَهَبًا. وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ. صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ، وَالْمُبْهِجِ. وَهُوَ وَاضِحٌ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَلَهُ الْقِيمَةُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ.
الثَّانِيَةُ: ذَكَرَ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ هُنَا مَسَائِلَ تُشْبِهُ مَسْأَلَةَ الْقَرْضِ. فَأَحْبَبْت أَنْ أَذْكُرَهَا هُنَا لِعِظَمِ نَفْعِهَا، وَحَاجَةِ النَّاسِ إلَيْهَا. فَقَالَ:
وَالنَّقْدُ فِي الْمَبِيعِ حَيْثُ عُيِّنَا
…
وَبَعْدَ ذَا كَسَادُهُ تَبَيَّنَا
نَحْوُ الْفُلُوسِ ثُمَّ لَا يُعَامَلُ
…
بِهَا فَمِنْهُ عِنْدَنَا لَا يُقْبَلُ
بَلْ قِيمَةُ الْفُلُوسِ يَوْمَ الْعَقْدِ
…
وَالْقَرْضُ أَيْضًا هَكَذَا فِي الرَّدِّ
وَمِثْلُهُ مَنْ رَامَ عَوْدَ الثَّمَنِ
…
بِرَدِّهِ الْمَبِيعَ خُذْ بِالْأَحْسَنِ
قَدْ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ ذَا فِي ذِي الصُّوَرْ
…
وَالنَّصُّ فِي الْقَرْضِ عِيَانًا قَدْ ظَهَرْ
وَالنَّصُّ فِي الْقِيمَةِ فِي بُطْلَانِهَا
…
لَا فِي ازْدِيَادِ الْقَدْرِ أَوْ نُقْصَانِهَا
بَلْ إنْ غَلَتْ فَالْمِثْلُ فِيهَا أَحْرَى
…
كَدَانَقٍ عِشْرِينَ صَارَ عَشْرَا
وَالشَّيْخُ فِي زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصِ
…
مِثْلًا كَقَرْضٍ فِي الْغَلَا وَالرُّخْصِ
وَشَيْخُ الْإِسْلَام فَتَى تَيْمِيَّةِ
…
قَالَ قِيَاسُ الْقَرْضِ عَنْ جَلِيَّةِ
الطَّرْدُ فِي الدُّيُونِ كَالصَّدَاقِ
…
وَعِوَضٌ فِي الْخُلْعِ وَالْإِعْتَاقِ
وَالْغَصْبُ وَالصُّلْحُ عَنْ الْقِصَاصِ
…
وَنَحْوُ ذَا طُرًّا بِلَا اخْتِصَاصِ
قَالَ وَفِيهِ جَاءَ فِي الدَّيْنِ نَصٌّ مُطْلَقُ
…
حَرَّرَهُ الْأَثْرَمُ إذْ يُحَقِّقُ
وَقَوْلُهُمْ إنَّ الْكَسَادَ نَقْصَا
…
فَذَاكَ نَقْصُ النَّوْعِ عَابَتْ رُخْصَا
قَالَ وَنَقْصُ النَّوْعِ لَيْسَ يُعْقَلُ
…
فِيمَا سِوَى الْقِيمَةِ ذَا لَا يُجْهَلُ
وَخَرَّجَ الْقِيمَةَ فِي الْمِثْلِيِّ
…
بِنَقْصِ نَوْعٍ لَيْسَ بِالْخَفِيِّ
وَاخْتَارَهُ وَقَالَ عَدْلٌ مَاضِي
…
خَوْفَ انْتِظَارِ الْعُسْرِ بِالتَّقَاضِي
لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَى ذِي الْمَسْأَلَهْ
…
نَظَمْتهَا مَبْسُوطَةً مُطَوَّلَهْ
قَوْلُهُ (وَيَجِبُ رَدُّ الْمِثْلِ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، وَالْقِيمَةِ فِي الْجَوَاهِرِ وَنَحْوِهَا) . يَجِبُ رَدُّ الْمِثْلِ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ بِلَا نِزَاعٍ، لَكِنْ لَوْ أَعْوَزَ الْمِثْلَ فِيهِمَا لَزِمَهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ إعْوَازِهِ. ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَلَوْ اقْتَرَضَ حِنْطَةً، فَلَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ وَقْتَ الطَّلَبِ، فَرَضِيَ بِمِثْلِ كَيْلِهَا شَعِيرًا: جَازَ. وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ أَكْثَرَ. وَأَمَّا الْجَوَاهِرُ وَنَحْوُهَا: فَيَجِبُ رَدُّ الْقِيمَةِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ يَوْمَ قَبْضِهِ. وَقِيلَ: يَجِبُ رَدُّ مِثْلِهِ جِنْسًا وَصِفَةً وَقِيمَةً. قَوْلُهُ (وَفِيمَا سِوَى ذَلِكَ) . يَعْنِي فِي الْمَذْرُوعِ وَالْمَعْدُودِ، وَالْحَيَوَانِ وَنَحْوِهِ (وَجْهَانِ) وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ.
أَحَدُهُمَا: يُرَدُّ بِالْقِيمَةِ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَالتَّسْهِيلِ، وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالزُّبْدَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجِبُ رَدُّ مِثْلِهِ مِنْ جِنْسِهِ بِصِفَاتِهِ، وَإِلَيْهِ مَيْلُهُ فِي الْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْعُمْدَةِ. فَعَلَى الْأَوَّلِ: يَرُدُّ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْقَرْضِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْكَافِي، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَلَى الثَّانِي: يُعْتَبَرُ مِثْلُهُ فِي الصِّفَاتِ تَقْرِيبًا. فَإِنْ تَعَذَّرَ الْمِثْلُ: فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّعَذُّرِ.
فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: لَوْ اقْتَرَضَ خُبْزًا أَوْ خَمِيرًا عَدَدًا. وَرَدَّ عَدَدًا بِلَا قَصْدِ زِيَادَةٍ: جَازَ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَنَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. وَعَنْهُ: بَلْ مِثْلُهُ وَزْنًا. وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ، وَالْفَائِقِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَقِيلَ يَرُدُّ مِثْلَهُ عَدَدًا، مَعَ تَحَرِّي التَّسَاوِي وَالتَّمَاثُلِ، بِلَا وَزْنٍ وَلَا مُوَاطَأَةٍ.
الثَّانِيَةُ: يَصِحُّ قَرْضُ الْمَاءِ كَيْلًا. وَيَصِحُّ قَرْضُهُ لِلسَّقْيِ، إذَا قُدِّرَ بِأُنْبُوبَةٍ. وَنَحْوِهَا. قَالَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ. وَسَأَلَهُ أَبُو الصَّقْرِ عَنْ عَيْنٍ بَيْنَ أَقْوَامٍ لَهُمْ نَوَائِبُ فِي أَيَّامٍ: يَقْتَرِضُ الْمَاءَ مِنْ صَاحِبِ نَوْبَةِ الْخَمِيسِ لِلسَّقْيِ بِهِ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِ يَوْمَ السَّبْتِ؟ قَالَ: إذَا كَانَ مَحْدُودًا، يَعْرِفُ كَمْ يَخْرُجُ مِنْهُ، فَلَا بَأْسَ. وَإِلَّا أَكْرَهَهُ.
قَوْلُهُ (وَيَثْبُتُ الْقَرْضُ فِي الذِّمَّةِ حَالًّا، وَإِنْ أَجَّلَهُ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى، وَأَخِيهِ الْحُسَيْنِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: صِحَّةَ تَأْجِيلِهِ، وَلُزُومَهُ إلَى أَجَلِهِ، سَوَاءٌ كَانَ قَرْضًا أَوْ غَيْرَهُ. وَذَكَرَهُ وَجْهًا. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَاللَّيْثِ. وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَقِيلَ: إنْ كَانَ دَيْنُهُ مِنْ قَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ: جَازَ تَأْجِيلُهُ إنْ رَضِيَ.
وَخَرَّجَ رِوَايَةً مِنْ تَأْجِيلِ الْعَارِيَّةِ، وَمِنْ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي صِحَّةِ إلْحَاقِ الْأَجَلِ وَالْخِيَارِ بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ.
فَائِدَةٌ:
وَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ دَيْنٍ حَلَّ أَجَلُهُ: لَمْ يَصِرْ مُؤَجَّلًا بِتَأْجِيلِهِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ، فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ: يَحْرُمُ التَّأْجِيلُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَطَعَ بِهِ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ. وَصَحَّحَهُ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله: الْقَرْضُ حَالٌّ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَفِيَ بِوَعْدِهِ. وَقِيلَ: لَا يَحْرُمُ تَأْجِيلُهُ. وَهُوَ الصَّوَابُ. وَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ وُجُوبُ أَدَاءِ دُيُونِ الْآدَمِيِّينَ عَلَى الْفَوْرِ فِي الْجُمْلَةِ
قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ مَا يَجُرُّ نَفْعًا، نَحْوُ أَنْ يُسْكِنَهُ دَارِهِ، أَوْ يَقْضِيَهُ خَيْرًا مِنْهُ، أَوْ فِي بَلَدٍ آخَرَ) . أَمَّا شَرْطُ مَا يَجُرُّ نَفْعًا، أَوْ أَنْ يَقْضِيَهُ خَيْرًا مِنْهُ: فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. وَأَمَّا إذَا شَرَطَ أَنْ يَقْضِيَهُ بِبَلَدٍ آخَرَ: فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَهُوَ الصَّحِيحُ. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا (وَيُحْتَمَلُ جَوَازُ هَذَا الشَّرْطِ) وَهُوَ عَائِدٌ إلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَطْ. وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله. وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَالْفَائِقِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ أَبِي مُوسَى. وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْجَوَازَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ، وَعَدَمَهُ فِيمَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى، وَالْفُرُوعِ. وَعَنْهُ الْكَرَاهَةُ إنْ كَانَ لِبَيْعٍ. وَعَنْهُ لَا بَأْسَ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ. فَعَلَى الْأَوَّلِ، فِي فَسَادِ الْعَقْدِ: رِوَايَتَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّلْخِيصِ،
وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَجَزَمَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ بِالْفَسَادِ. قُلْت: الْأَوْلَى عَدَمُ الْفَسَادِ.
فَائِدَةٌ: لَوْ أَرَادَ إرْسَالَ نَفَقَةٍ إلَى أَهْلِهِ، فَأَقْرَضَهَا رَجُلًا لِيُوَفِّيَهَا لَهُمْ: جَازَ. وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ. ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَغَيْرِهِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ فَعَلَهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ، أَوْ قَضَى خَيْرًا مِنْهُ) يَعْنِي بِغَيْرِ مُوَاطَأَةٍ نَصَّ عَلَيْهِ (أَوْ أَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً بَعْدَ الْوَفَاءِ: جَازَ) . وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ. وَكَذَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالنَّظْمِ. وَصَحَّحَهُ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ فِي الْفَائِقِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ، وَالْفَائِقِ فِيمَا إذَا فَعَلَهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ. وَقَدَّمَهُ فِي الْجَمِيعِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ فِيمَا إذَا أَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً بَعْدَ الْوَفَاءِ، أَوْ زَادَهُ. وَجَزَمَ الْحَلْوَانِيُّ أَنْ يَأْخُذَ أَجْوَدَ مَعَ الْعَادَةِ.
فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: لَوْ عَلِمَ أَنَّ الْمُقْتَرِضَ يَزِيدُهُ شَيْئًا عَلَى قَرْضِهِ، فَهُوَ كَشَرْطِهِ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَقِيلَ: يَجُوزُ. اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَفِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَقَالُوا: لِأَنَّهُ «عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ كَانَ مَعْرُوفًا بِحُسْنِ الْوَفَاءِ» . فَهَلْ يُسَوِّغُ أَنْ يَقُولَ: إنَّ إقْرَاضَهُ مَكْرُوهٌ؟ وَعَلَّلُوهُ بِتَعْلِيلٍ جَيِّدٍ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ، وَالْفُرُوعِ. وَقِيلَ: إنْ زَادَهُ مَرَّةً فِي الْوَفَاءِ، فَزِيَادَةُ مَرَّةٍ ثَانِيَةٍ مُحَرَّمَةٌ. ذَكَرَهُ فِي النَّظْمِ.
الثَّانِيَةُ: شَرْطُ النَّقْصِ كَشَرْطِ الزِّيَادَةِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ. وَقِيلَ: يَجُوزُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ فِيمَا لَا رِبَا فِيهِ. قُلْت: قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: وَإِنْ شَرَطَ فِي الْقَرْضِ أَنْ يُوَفِّيَهُ أَنْقَصَ، وَكَانَ مِمَّا يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا: لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهِ: لَمْ يَجُزْ أَيْضًا. وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: وَإِنْ شَرَطَ أَنْ يُوَفِّيَهُ أَنْقَصَ، وَهُوَ مِمَّا يَجْرِي فِيهِ الرِّبَا: لَمْ يَجُزْ، وَإِلَّا جَازَ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ.
فَائِدَةٌ:
لَوْ أَقْرَضَ غَرِيمَهُ لِيَرْهَنَهُ عَلَى مَا لَهُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْمُقْرِضِ: فَفِي صِحَّتِهِ رِوَايَتَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْمُسْتَوْعِبِ. قَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ: لَوْ قَالَ صَاحِبُ الْحَقِّ: اعْطِنِي رَهْنًا، وَأُعْطِيك مَالًا تَعْمَلُ فِيهِ وَتَقْضِينِي: جَازَ. وَكَذَا قَالَ أَيْضًا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَجَزَمَ بِهِ فِي مَوْضِعٍ. قَوْلُهُ (وَإِنْ فَعَلَهُ قَبْلَ الْوَفَاءِ لَمْ يَجُزْ، إلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ جَارِيَةً بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْقَرْضِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ: يَجُوزُ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ " لَمْ يَجُزْ " يَعْنِي لَمْ يَجُزْ أَخْذُهُ مَجَّانًا. فَأَمَّا إذَا نَوَى احْتِسَابَهُ مِنْ دَيْنِهِ، أَوْ مُكَافَأَتَهُ: جَازَ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ الْغَرِيمُ. فَلَوْ اسْتَضَافَهُ حُسِبَ لَهُ مَا أَكَلَهُ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ. وَيُتَوَجَّهُ لَا يُحْسَبُ لَهُ. قُلْت: يَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ. فَإِنْ كَانَ لَهُ عَادَةٌ بِإِطْعَامٍ مِنْ إضَافَةٍ لَمْ يُحْسَبْ لَهُ وَإِلَّا حُسِبَ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ: أَنَّهُ فِي الدَّعَوَاتِ كَغَيْرِهِ.
فَوَائِدُ مِنْهَا: لَوْ أَقْرَضَ لِمَنْ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِيُوَفِّيَهُ كُلَّ وَقْتٍ شَيْئًا: جَازَ. نَقَلَهُ مُهَنَّا، وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: يُكْرَهُ، وَاخْتَارَهُ فِي التَّرْغِيبِ.
وَمِنْهَا: لَوْ أَقْرَضَ فَلَّاحَهُ فِي شِرَاءٍ بَقَرًا وَبَذْرًا بِلَا شَرْطٍ: حُرِّمَ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى. وَجَوَّزَهُ الْمُصَنِّفُ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَإِنْ أَمَرَهُ بِبَذْرِهِ، وَأَنَّهُ فِي ذِمَّتِهِ كَالْمُعْتَادِ فِي فِعْلِ النَّاسِ فَفَاسِدٌ. لَهُ تَسْمِيَةُ الْمِثْلِ. وَلَوْ تَلِفَ لَمْ يَضْمَنْهُ. لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ. ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله.
وَمِنْهَا: لَوْ أَقْرَضَ مَنْ عَلَيْهِ بُرٌّ يَشْتَرِيه بِهِ وَيُوَفِّيهِ إيَّاهُ. فَقَالَ سُفْيَانُ: مَكْرُوهٌ أَمْرٌ بَيِّنٌ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رحمه الله: جَوَّدَ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: يُكْرَهُ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ: يَجُوزُ.
وَمِنْهَا: لَوْ جَعَلَ لَهُ جُعْلًا عَلَى اقْتِرَاضِهِ لَهُ لِجَاهِهِ: صَحَّ. لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا بَذَلَهُ مِنْ جَاهِهِ فَقَطْ. وَلَوْ جَعَلَ لَهُ جُعْلًا عَلَى ضَمَانِهِ لَهُ: لَمْ يَجُزْ. نَصَّ عَلَيْهِمَا. لِأَنَّهُ ضَامِنٌ. فَيَكُونُ قَرْضًا جَرَّ مَنْفَعَةً. وَمَنَعَ الْأَزَجِيُّ فِي الْأُولَى أَيْضًا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَقْرَضَهُ أَثْمَانًا) وَكَذَا لَوْ غَصَبَهُ أَثْمَانًا (فَطَالَبَهُ بِهَا بِبَلَدٍ آخَرَ: لَزِمَتْهُ) . مُرَادُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهَا عَلَى الْمُقْتَرِضِ مُؤْنَةٌ، فَلَوْ أَقْرَضَهُ أَثْمَانًا كَثِيرَةً. وَلِحَمْلِهَا مُؤْنَةٌ عَلَى الْمُقْتَرِضِ، وَقِيمَتُهَا فِي بَلَدِ الْقَرْضِ أَنْقَصُ: لَمْ يَلْزَمْهُ، بَلْ يَلْزَمُهُ إذَنْ قِيمَتُهُ فِيهِ فَقَطْ. وَقَوْلِي " وَلِحَمْلِهَا مُؤْنَةٌ " قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَأَطْلَقَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لُزُومَ الرَّدِّ فِي الْأَثْمَانِ. كَالْمُصَنِّفِ هُنَا.
وَصَرَّحَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: أَنَّ الْأَثْمَانَ لَا مُؤْنَةَ لِحَمْلِهَا. وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُمْ أَرَادُوا فِي الْغَالِبِ. وَالتَّحْقِيقُ مَا قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ (وَإِنْ أَقْرَضَهُ غَيْرُهَا: لَمْ تَلْزَمْهُ. فَإِنْ طَالَبَهُ بِالْقِيمَةِ لَزِمَهُ أَدَاؤُهَا) . ظَاهِرُهُ: أَنَّهُ سَوَاءٌ كَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ أَوْ لَا. أَمَّا إنْ كَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ: فَلَا يَلْزَمُهُ. وَإِنْ كَانَ لَيْسَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَيْضًا. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْأَثْمَانِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ هُنَا. وَكَلَامُهُ جَارٍ عَلَى الْغَالِبِ.
تَنْبِيهٌ:
ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ الْخُلَاصَةِ، وَجَمَاعَةٌ: مَا لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ لَا يَلْزَمُ الْمُقْتَرِضَ بَذْلُهُ، بَلْ قِيمَتُهُ. وَمَا لَيْسَ لَهُ مُؤْنَةٌ يَلْزَمُهُ. وَذَكَرَ صَاحِبُ النَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ: لَوْ طَلَبَ الْمُقْرِضُ مِنْ الْمُقْتَرِضِ بَدَلَهُ فِي بَلَدٍ آخَرَ: لَزِمَهُ، إلَّا إذَا كَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ إذَا كَانَ بِبَلَدِ الْمُقْرِضِ أَنْقَصَ قِيمَةً. فَلَا يَلْزَمُهُ سِوَى قِيمَتِهِ فِيهِ. قَالَ شَارِحُ الْمُحَرَّرِ: إنْ لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ وَهُوَ فِي بَلَدِ الْقَرْضِ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ، أَوْ أَعْلَى مِنْهُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ لَزِمَهُ رَدُّ بَدَلِهِ. وَإِنْ كَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ، فَإِنْ كَانَ فِي بَلَدِ الْقَرْضِ أَقَلُّ قِيمَةً: لَمْ يَجِبْ رَدُّ الْبَدَلِ، وَوَجَبَتْ الْقِيمَةُ، وَإِنْ كَانَ فِي بَلَدِ الْقَرْضِ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ، أَوْ أَكْثَرَ أَمْكَنَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ فِي بَلَدِ الْمُطَالَبَةِ مِثْلَهَا وَيَرُدَّهَا عَلَيْهِ.
فَوَائِدُ أَحَدُهَا: أَدَاءُ دُيُونِ الْآدَمِيِّينَ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ عِنْدَ الْمُطَالَبَةِ. قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ، وَبِدُونِ الْمُطَالَبَةِ لَا يَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: هَذَا الْمَذْهَبُ. وَقَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي، وَالسَّامِرِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ فِي أَوَّلِ الْفَلَسِ.
قَالَ الشَّيْخُ زَيْنُ الدِّينِ بْنُ رَجَبٍ: مَحَلُّ هَذَا: إذَا لَمْ يَكُنْ عَيَّنَ لَهُ وَقْتًا لِلْوَفَاءِ. فَأَمَّا إنْ عَيَّنَ لَهُ وَقْتًا لِلْوَفَاءِ كَيَوْمِ كَذَا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ تَأْخِيرُهُ. لِأَنَّ تَعَيُّنَ الْوَفَاءِ فِيهِ كَالْمُطَالَبَةِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ، قُلْت: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ جَوَازِ التَّأْخِيرِ: إذَا كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ عَالِمًا بِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ فِي ذِمَّتِهِ الدَّيْنَ. وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمْ فَيَجِبُ إعْلَامُهُ. انْتَهَى.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ مِنْ غَيْرِ مُطَالَبَةٍ. قَالَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ، وَالْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي فِي قَسْمِ الزَّوْجَاتِ: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ. ذَكَرَاهُ مَحَلَّ وِفَاقٍ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ بَذَلَ الْمُقْتَرِضُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فِي بَلَدٍ آخَرَ. فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَكُونَ لِحَمْلِهِ عَلَى الْمُقْرِضِ مُؤْنَةٌ، أَوْ لَا. فَإِنْ كَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ: لَمْ يَلْزَمْ الْمُقْرِضَ أَخْذُهَا. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ، فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَكُونَ الْبَلَدُ وَالطَّرِيقُ آمِنَانِ. أَوْ لَا. فَإِنْ كَانَا آمِنَيْنِ: لَزِمَهُ أَخْذُهُ. بِلَا نِزَاعٍ. قُلْت: لَوْ قِيلَ: بِعَدَمِ اللُّزُومِ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا. لِأَنَّهُ قَدْ يَتَجَدَّدُ عَدَمُ الْأَمْنِ، وَإِنْ كَانَا غَيْرَ آمِنَيْنِ لَمْ يَلْزَمْهُ أَخْذُهُ.
الثَّالِثَةُ: لَوْ بَذَلَ الْغَاصِبُ بَدَلَ الْمَغْصُوبِ التَّالِفِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ بَذْلِ الْمُقْتَرِضِ لِلْمُقْرِضِ فِي بَلَدِهِ. عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ تَالِفٍ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَبْضِهِ مُطْلَقًا.