الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب
(الغصب أخذ مال)
أي استيلاء عليه (قهرًا) تعديًا بلا حرابة وخرج عن الحد أخذ الأب الغني مال ولده لقوة شبهته في مال ولده ولذا لم يقطع فيه كما يأتي وفي تت عن صاحب المقدمات يستوي أي في حكم الغصب المسلم والذمي البالغ والأجنبي والقريب إلا الوالد من ولده والجد للأب في حفيده قيل لا يحكم له بحكم الغصب لخبر أنت ومالك لأبيك اهـ.
فأخذ الأب والجد للأب خارج بقوله تعديًا إذ المتعدي من لا شبهة له شرعية (وأدب) وجوبًا باجتهاد الحاكم غاصب (مميز) بعد أن يؤخذ منه ما غصب بل ولو عفا عنه المغصوب منه لحق الله لا للتحريم بل لدفع الفساد في الأرض واستصلاح حاله كضرب
ــ
الغصب
(أخذ مال قهرًا) هكذا حده ابن الحاجب فاعترضه ابن عبد السلام بأن فيه تركيبًا في قوله بلا حرابة وهو توقف معرفة المحدود على معرفة حقيقة أخرى ليست أعم منه ولا أخص من أعمه وابن عرفة بأنه غير مانع لدخول المنافع فيه كأخذه سكنى ربع ونحوه وليس غصبًا بل تعديًا فلو زاد بعد قوله مال غير منفعة لخرج التعدي ولو قال بلا خوف قتل عوض بلا حرابة لسلم من التركيب فيقول أخذ مال غير منفعة قهرًا تعديًا بلا خوف قتل وعرفه ابن عرفة بقوله أخذ مال غير منفعة ظلمًا قهرًا لا لخوف قتال فيخرج أخذه غيلة إذ لا قهر فيه لأنه يموت مالكه وحرابة والمراد بالأخذ استيلاؤه على المال وإن لم يحزه لنفسه بالفعل فإذا استولى الظالم على مال شخص بأن حال بينه وبين ماله ولو أبقاه بموضعه الذي وضعه ربه فيه كان غاصبًا ابن عرفة ومعرفة حرمته في الدين ضرورية لأن حفظ الأموال إحدى الكليات التي اجتمعت الملل عليها ويؤدب فاعله لأنه ظلم اهـ.
وقول ز والجد للأب في حفيده الخ هكذا في نقل ح عن المقدمات بتقييد الجد بكونه للأب اهـ.
وبعضهم نقل عن المتيطي والمقدمات إطلاق الجد وهو ظاهر (وأدب مميز) عبارة ابن رشد في المقدمات ويجب على الغاصب لحق الله تعالى الأدب والسجن على قدر اجتهاد الحاكم ليتناهى الناس عن حرمات الله تعالى ولا يسقط ذلك عنه عفو المغصوب منه فإن كان صغيرًا لم يبلغ الحلم سقط عنه الأدب لحديث رفع القلم عن ثلاث فذكر فيهم الصبي حتى يحتلم وقد قيل إن الإِمام يؤدبه كما يؤدب الصغير في المكتب اهـ.
الدابة لذلك (كمدعيه) أي كأدب مدعي الغصب (على صالح) وهو من لا يتهم به أو من هو من أهل الخير والدين تفسيران وليس المراد الصالح العرفي وهو القائم بحقوق الله وحقوق العباد بحسب الإمكان (وفي حلف المجهول) حاله وهو من لا يعرف بخير ولا شر يدعي عليه بالغصب أنه ما غصب فإن نكل حلف المدعي واستحق فإن نكل فلا شيء له وعدم حلفه (قولان) والثاني أظهر لقاعدة أن كل دعوى لا تثبت إلا بعدلين فلا يمين بمجردها والغصب من باب التجريح وهو إنما يثبت بعدلين ابن يونس على القول بحلفه لا يلزم راميه شيء اهـ.
ويفهم منه أنه على القول بعدم حلفه يلزم راميه الأدب فإن ادعى على من يليق به الغصب هدد المدعى عليه وسجن لعله يخرج عين المغصوب فإن لم يخرج شيئًا حلف وبرئ فإن نكل حلف المدعي واستحق وقولي لعله يخرج عين المغصوب أي إذا كان مما يعرف بعينه كما قال أبو الحسن وقال وأما ما لا يعرف بعينه فلا فائدة في تهديده بالنظر إليه إذ لو أخرج بالتهديد ما لا يعرف بعينه لم يؤخذ منه حتى يقرّ آمنًا اهـ.
ــ
وحكى ابن عرفة القولين عن ابن رشد واللخمي وابن شعبان وغيرهم قال ابن ناجي بعد ذكر القولين لم يحك ابن الحاجب غير الثاني ولم يتحقق ابن عبد السلام وجود الأول بل قال أظن أني وقفت عليه لبعض الشيوخ اهـ.
قلت ولهذا اقتصر المصنف على الثاني مع أن ظاهر عبارة ابن رشد ترجيح الأول والله تعالى أعلم وقول ابن رشد ولا يسقط ذلك عنه عفو المغصوب منه قال ابن ناجي خالفه فيه المتيطي فقال لا يؤدب إن عفا عنه المغصوب منه اهـ.
(كمدعيه على صالح) ابن عرفة عن آخر سرقتها فإن كان من أهل الفضل وممن لا يشار إليه بهذا أدب الذي ادعى ذلك اهـ.
قلت ظاهره أنه يؤدب مطلقًا وإن لم يكن على وجه المشاتمة وفي النوادر إنما يؤدب المدعي على غير المتهم بالسرقة إذا كان على وجه المشاتمة أما على وجه الظلامة فلا اهـ.
(وفي حلف المجهول قولان) قول ز ابن يونس على القول بحلفه لا يلزم راميه شيء الخ تحريف في النقل عن ابن يونس والذي في ق عنه ما نصه المتهم يحلف والذي هو من أوساط الناس لا يحلف ولا يؤدب راميه والخير يلزم راميه الأدب اهـ.
وهكذا نقله عنه أبو الحسن فقد رتب نفي أدب راميه على القول بعدم حلفه فعلى القول بحلفه لا يؤدب راميه من باب أحرى فتأمله وأشار المصنف بالقولين إلى كلام ابن يونس المتقدم وقول الباجي عليه اليمين زاد الباجي ويؤدب أي المدعى عليه انظر نقل كلامه في ح فلو قال المصنف تردد لوافق اصطلاحه اهـ.
وقول ز به بقيد قول ابن عاصم وحكموا بصحة الإقرار الخ فيه نظر لأنه إذا أخرج ما هو معروف بعينه أخذه المدعي لثبوته له لا بإقرار المتهم به فلا فائدة في الحكم بصحة الإقرار حينئذ وإنما معنى البيت ما شرحه به ابن الناظم ونصه نص الشيخ رحمه الله تعالى في هذا البيت على قول سحنون وأرشد إلى أنه الذي وقع به الحكم من القضاة ففي معين ابن
وقوله إذا كان مما يعرف بعينه به يقيد قول ابن عاصم:
وحكموا بصحة الإقرار
…
من داعر يحبس لاختبار
فيقيد بما إذا أقرّ بما يعرف بعينه وإن قصد غرم قيمته لا بما يعرف بعينه حتى يقر آمنًا ولعل ذلك فيمن يليق به وهو غير مشهور بالعداء وأما المشهور بالعداء فيعمل بإقراره كما يفيده قول ابن عاصم قبله:
وإن تكن دعوى على من يتهم
…
فمالك بالضرب والسجن حكم
ويقدح فيه قول المصنف فيما يأتي في باب السرقة مبالغًا على عدم الأخذ بإقراره ويثبت بإقرار إن طاع وإلا فلا ولو أخرج السرقة أو عين القتيل (وضمن) الغاصب المميز أي تعلق به الضمان (باستيلاء) على الشيء المغصوب عقارًا أو غيره كأمة وقلت تعلق لأنه لا يحصل الضمان بالفعل إلا إذا حصل مفوت ولو بسماوي أو جناية غيره وفائدة تعلق الضمان بمجرد الاستيلاء أنه يضمن قيمته حيث حصل المفوت يوم الاستيلاء لا يوم حصول المفوت والكلام هنا في ضمان الذات وأما ضمان الغلة فسيأتي أنه لا يضمنها إذا غصب الذات إلا إذا استعملها وأما إن غصب المنفعة فسيأتي أنه يضمنها وإن لم يستعمل فيما عدا البضع والحر على ما يأتي في قوله أو غصب منفعة فتلفت الذات ومنفعة البضع
ــ
عبد الرفيع سحنون وإذا رفع للقاضي رجل يعرف بالسرقة والدعارة وادعى ذلك عليه رجل فحبسه لاختبار ذلك فأقر في السجن بما ادعى عليه من ذلك فذلك يلزمه وهذا الجبس خارج عن الإكراه اهـ.
من ابن الناظم لكن قول سحنون خلاف مذهب المدونة قال الرجراجي في مناهج التحصيل ما نصه المدعى عليه الغصب له أربعة أحوال الأول أن يكون معروفًا بالخير والصلاح وهذا لا يمين عليه في أدب المدعي قولان قال ابن القاسم في المدونة يؤدب وقال أشهب لا أدب عليه والثاني أن يكون مستور الحال هذا لا يمين عليه أيضًا ولا أدب على المدعي ذلك والثالث أن يكون مما يشار إليه بذلك ولم يشتهر به وهذا يحلف ولا أدب على المدعي فإن نكل حلف المدعي واستحق والرابع أن يكون معروفًا مشهورًا بذلك وهذا يحلف ويضرب ويهدد ويسجن فإن تمادى على الجحود ترك فإن اعترف بعد التهديد فهل يؤاخذ بإقراره أو لا في ذلك ثلاثة أقوال أحدها لا يؤاخذ به ولو عين الشيء المدعى فيه لأنه مكره وهو قول ابن القاسم في المدونة في كتاب القطع من السرقة الثاني إنه إن عين الشيء أخذ بإقراره وإن لم يعينه لم يؤاخذ به والثالث أنه يؤاخذ بإقراره على كل حال من غير تفصيل بين أن يعين أو لا يعين وهو قول سحنون قال ولا يعرف ذلك إلا من ابتلي به بريد القضاة قال لأن ذلك كان بوجه جائز اهـ.
وأصله للخمي في تبصرته وبه تعلم أن قول ز أما المشهور بالعداء فيعمل بإقراره الخ غير صحيح على مذهب المدونة وقول ابن عاصم وإن تكن دعوى على من يتهم الخ لا يفيد شيئًا من ذلك لأنه لا يلزم من ضربه وسجنه العمل بإقراره كما تقدم (وضمن بالاستيلاء)
والحر بالتفويت وغيرهما بالفوات ولم يقل وضمن به ليفيد مساواة الاستيلاء للفظ أخذ.
فرع: لا شيء على مجتهد أتلف شيئًا بفتواه ويضمن غيره إن انتصب وإلا فقولان وأغلظ الحاكم على غير المجتهد وإن أدبه فأهل إلا أن يكون تقدم له اشتغال يسقط عنه الأدب وينهى عن الفتوى إذا لم يكن أهلًا قاله المازري (وإلا) يكن الجاني على نفس أو مال مميزًا بل غير مميز (فتردد) أي طريقان طريقة تحكي الخلاف فيما يضمنه هل المال في ماله والدية على عاقلته إن بلغت الثلث وإلا ففي ماله واستظهره المصنف أو لا يضمن المال وإنما تكون الدية على عاقلته إن بلغت الثلث أو لا يضمن مالًا ولا دية ويكونان هدرًا والمجنون كذلك وطريقة تحكي الخلاف في حد السنن الذي يضمن فيه فقيل ابن سنتين وقيل ابن سنة وقيل غير ذلك إلا ابن شهرًا وبنته فلا يضمن وإنما قلت وإن لم يكن الجاني مميزًا ولم أقل وإن لم يكن الغاصب مميزًا لأن غير المميز لا يتصور منه غصب هذا تحرير محل التردد وبعد ذلك لا وجه لذكره هنا لأن المذهب أن الضمان للمال في ماله وللدم في ماله أيضًا إن لم يبلغ الثلث فإن بلغ الثلث فعلى عاقلته وأن التمييز لا يحد بسن وأنه الذي يفهم الخطاب ويرد الجواب والمراد بفهم الخطاب أنه إذا كلم بشيء من مقاصد العقلاء فهمه وأحسن الجواب عنه لا أنه إذا دعي أجاب وقد اقتصر أول الحجر على ما يفيد أن الصغير يضمن ما أفسد إن لم يؤمن عليه وظاهره مميزًا أم لا ولفظ أفسد ربما يقتضي التمييز وعليه اقتصر البرزلي فإن أمن فاقتصر في آخر الوديعة على أنه لا يضمن حيث قال وإن أودع صبيًّا الخ ويأتي في باب الجراح أن عمده كالخطأ وحينئذ فالتردد ضعيف سواء كان فيما يضمنه أو في السنن الذي يضمن فيه كما مر مع أنه ليس من عادته جعل التردد في موضوع متعدد فلو حذفه لكان أحسن وأشار بقوله (كأن مات) المغصوب عند الغاصب إلى أن الغاصب يضمن السماوي (أو قتل عبد) مغصوب (قصاصًا) أي غصب عبدًا فقتل شخصًا بعد غصبه فقتل به فيضمنه الغاصب كذا قرره تت ومقتضاه أنه لو كان القتل سابقًا على الغصب وقتل به عند الغاصب لا ضمان عليه ويحتمل ضمانه لأنه الغاصب ظالم أحق بالحمل عليه ولأن سيده ربما كان يفديه لو لم
ــ
ظاهره أنه لا فرق في ذلك بين العقار وغيره وهو كذلك خلافًا لابن الحاجب من أن غير العقار لا يتقرر فيه الضمان بمجرد الاستيلاء بل حتى ينقل وإلا فلا يضمن وسلمه شارحوه وأعترضه ابن عرفة بأن المذهب ليس كذلك بل مجرد الاستيلاء يوجب الضمان مطلقًا فلو غصب أمة كائنة ببقعة فاستولى عليها بالتمكن من التصرف فيها دون ربها ضمنها وروايات المذهب واضحة بهذا قال غ وعبارة ابن الحاجب وابن شاس منسوجة على منوال وجيز الغزالي في هذا المحل وكلام المصنف سالم من ذلك وإن كان قوله بعد أو ركب يحتمل أن يشير إليه فتأمله اهـ.
وقول ز وإلا فقولان أي وإلا يكن منتصبًا للفتوى وهو مقلد ففي ضمانه قولان وهما جاريان على الخلاف في الغرر بالقول والمشهور فيه عدم الضمان (أو قتل عبد قصاصًا) ما قيده به تت من
يغصب وإن كان الخيار لولي المقتول إذ ربما كان يراعي سيده بل ربما كان قد يعفو لأجله بل ظاهر المصنف والشارح وق الإطلاق وانظر سند تت في تقريره بما مر ومثل القصاص الحرابة والارتداد ونحوهما وكذا يضمن ما دون النفس إذا كان القصاص ينقص القيمة ولو أبدل عبد برقيق كان أولى (أو ركب دابة) غصبها فهلكت ضمنها وتقدم أن مجرد وضع اليد موجب للضمان فكيف بالركوب ولذا استشكله ابن عرفة بأنه يقتضي أنه إن لم يكن ركبها لم يضمن أي وليس كذلك وقد يقال إن غاصب الركوب لم يتقدم له وضع يد فهي غيرها قاله تت وقد يقال نعم وإن كان مجرد الاستيلاء يضمن به لكن تقدم أن المراد يتعلق بالاستيلاء وأن فائدته ضمان قيمته حيث حصل المفوت يوم الاستيلاء لا يوم المفوت فذكر هنا المفوت أي الركوب الناشئ عنه هلاك كما تقدم تصوير تت فلا إشكال في كلام المصنف (أو ذبح) الشيء المغصوب والمذهب أنه ليس بمفيت ولربه الخيار بين أخذ قيمته يوم الغصب وبين أخذه مذبوحًا مع نقصه عن قيمته حيًّا بل ظاهر ابن رشد أن هذا متفق عليه ولا يريد المصنف أنه ذبح شاة غيره تعديًا من غير غصبها فيكون من نظائر الغصب لا منه لأن المذهب مساواة ذلك في الحكم المتقدم للمغصوب
ــ
كونه جنى بعد الغصب قال طفى هو الذي قرر به ابن فرحون كلام ابن الحاجب وهو ظاهر إذ لو كانت الجناية عند المغصوب منه فلا وجه لضمان الغاصب ففي النوادر عن محمد لو جنى العبد قبل الغصب جناية وبعده أخرى على رجلين فقال أشهب يخير ربه فإن أسلمه لهما تبع الغاصب بنصف قيمته يوم الغصب إلا أن تكون أكثر من أرش الجناية على الثاني وإن شاء فداه بالأرش وتبع الجاني بالأقل من أرش الثانية ونصف قيمته يوم غصبه اهـ.
ونقله ابن عرفة فهذا يدل على أن الجناية الكائنة عند المغصوب منه لا يؤاخذ بها الغاصب فتوقف ز تبعًا لعج ود في القتل السابق على الغصب هل يضمنه أم لا قصور (أو ركب دابة) كلامه هنا في المفيت للمغصوب بعد تقرر الضمان بالاستيلاء والركوب ليس بمفيت فإن عنى أن الركوب به يتقرر الضمان فقد ذكره في غير محله مع مناقضته لقوله وضمن بالاستيلاء قاله غ فمجرد الاستيلاء سواء كان بالركوب أو غيره موجب لتعلق الضمان فلا فائدة في ذكر الركوب وبهذا يرد جواب ز الأول ويرد جوابه الثاني بأنها إذا عطيت بعد الركوب فلزوم القيمة إنما هو بالعطب لا بالركوب (أو ذبح) قول ز والمذهب أنه ليس بمفيت أي خلاف ما يقتضيه كلام المصنف حيث عده في المفوتات تبعًا لابن الحاجب ابن شاس وقبله ابن عبد السلام وأصله لابن الجلاب وتعقب ذلك ابن عرفة قائلًا لا أعرفه نصًّا اهـ.
ونص الجلاب من غصب شاة فذبحها ضمن قيمتها وكان له أكلها اهـ.
وظاهره يقتضي أن الذبح مفيت وحمل ابن التلمساني كلامه على تخيير ربها وما نقله ح يدل على أن المذهب في ذبح الشاة تخيير ربها في أخذها وما نقصها الذبح أو تركها وأخذ قيمتها يوم الذبح قال بعض الشيوخ وعلى هذا فالذبح سبب في الضمان قطعًا إما لضمان القيمة برمتها أو بعض القيمة وهو أرش النقص وهذا القدر كاف في صدق المتن اهـ.
(أو جحد) المودع (وديعة) ثم أقر بها أو قامت عليه بينة ببقائها ثم هلكت ولو بسماوي وثبت الهلاك فيضمنها لأنه لما جحدها صار كالغاصب كما مر في باب الوديعة عند قوله وبجحدها ثم في قبول بينة الرد خلاف وبهذا علم أن مدخول الكاف في قوله كأن مات مع ما عطف عليه أمثلة لمفيت المغصوب وفي جحد الوديعة والأكل بلا علم وفتح قيد لعبد وعلى غير عاقل وغيرها ليس من أمثلته وإنما هو من مشاركه في الضمان فالكاف للتمثيل بالنسبة لبعض مدخولها كالموت والقتل وللتشبيه بالنسبة لبعض فهو من باب استعمال المشتري في معنييه عند من أجازه (أو أكل) شخص مغصوبًا وهبه له غاصب (بلا علم) من الآكل أن ما وهب له غصب وبدئ بغاصب فإن أعسر فعلى الموهوب قدر أكله أو ما وهب له فقط فإن أعسرا اتبع أولهما يسرا ومن أخذ منه شيء لا يرجع به على الآخر
ــ
قلت وفيه نظر بل كلام ح صريح في أن المذهب هو التخيير في أخذها مذبوحة دون أرش أو تركها وأخذ قيمتها وحينئذ فلا يتم الجواب نعم كلام ابن ناجي يدل على أن ما قاله المصنف تبعًا لابن الحاجب هو المذهب ونصه قوله ولو مات الخ وأما لو وجدها مذبوحة فقال ابن مسلمة في الغاصب إذا فعل ذلك لربها أخذها مع ما نقصها وأبعد عن أصول المذهب وقيل إن ربها مخير بين أخذها بعينها بلا زيادة وأخذ قيمتها قاله ابن القاسم في سماع يحيى وقيل يضمن الغاصب قيمتها وبعد ذبحها إفاتة لها وهو ظاهر قول المدونة في كتاب الغصب وأخذ مثله من قول ابن القاسم في المجموعة إن طحن الغاصب القمح فهو فوت وعليه مثل القمح اهـ.
وسئل أبو العباس الغساني القيرواني عمن اشترى غنمًا من غاصب فذبحها وأخذ في بيعها هل يسوغ الشراء من لحمها أم لا فأفتى بجوازه لأنه لما ذبحها ترتبت في ذمته عملًا بما تقدم وشنعوا عليه في ذلك وتشنيعهم عليه إن كان من باب سد هذا الباب عن العامة لئلا يتمادى على الشراء من الغاصب مطلقًا فواضح وإلا فما أفتى به هو الجاري على ظواهر المدونة وظواهرها كالنصوص ولقولها مزية على غيرها اهـ.
من كتاب الاستحقاق وقول ز مع ما نقصه الخ خلاف المعتمد بل المعتمد على التخيير أنه إن أخذها لم يأخذ معها ما نقصه الذبح قاله اللخمي ونحوه في النوادر وهو قول ابن القاسم في سماع يحيى كما تقدم انظر ح وطفى (أو جحد وديعة) كذا في العتبية في رسم حمل صبيًّا من سماع عيسى قال ابن رشد في شرحه هذا بين على ما قال إنه إن ادعى عليه الغصب أو الإيداع فأنكر ذلك ثم ماتت الدابة فأقام المدعي بينة بعد موتها بما ادعاه من الغصب أو الإيداع أو أقر بذلك على نفسه أنه ضامن ولو تداعيًا فيها ولم يدع أحدهما على صاحبه فيها غصبًا ولا إيداعًا فماتت ثم أثبت أنها له ولم يثبت غصبًا ولا إيداعًا لم يلزمه ضمانها باتفاق ولو ادعى عليه الغصب أو الإيداع فأنكره ثم ماتت فأقام البينة بعد موتها أنها له ولم يقم البينة على ما ادعاه من الغصب أو الإيداع لتخرج ذلك على قولين فقف على افتراق هذه الوجوه الثلاثة اهـ.
وأما بعلم فهو والغاصب سواء وسيذكر أكله مالكه ضيافة (أو أكره) شخص شخصًا (غيره على التلف) ظاهره أن الضمان على المكره بالكسر والمذهب أنه على كل منهما ولكن المكره بالفتح مقدم لمباشرته على المكره بالكسر لتسببه فلا يتبع إلا إن أعدم المكره بالفتح ومفهوم على التلف أنه لو أكرهه على أن يأتيه بمال الغير فالضمان على كل منهما على المذهب أيضًا لكن على السواء (أو حفر بئرًا تعديًا) بأن حفرها بأرض غيره أو بطريق المسلمين فإنه يضمن قاله تت والظاهر إن حفرها بلصق الطريق بلا حائل كحفرها بها ثم قال تت فلو حفرها بملكه لا بقصد معين لم يضمن اهـ.
أي ولا بقصد ضرر كما يدل عليه كلام المصنف في باب الجراح فمن التعدي حفرها بملكه لقصد ضرر كوقوع سارق بها وإن لم يقصد هلاكه كما يأتي في الجراح وكوقوع محترم غير آدمي فإن وقع بها آدمي ضمنه فيما يظهر في النوعين المذكورين فإن حفرها بمحل يجوز له بقصد منع آدمي أو محترم غيره من الوصول إلى زرعه ونحوه فسقط بها من قصد منعه وتلف هل لا ضمان عليه لأنه غير متعد أو يضمن كما قد يفيده مفهوم قول تت لا بقصد معين وهذا معين بالوصف لا بالشخص وهل يصدق في أنه لم يقصد بحفرها الإتلاف يحرر ذلك كله من باب الجراح وغيره (وقدم عليه) أي على المتعدي بحفر البئر في الضمان (المردي) بمعنى ضمن لأنه مباشر دون الحافر بدليل قوله (إلا) أن يكون حفرها (لمعين فسيان) المردي والحافر في القصاص عليهما في الإنسان مع
ــ
بلفظه (أو أكره غيره على التلف) قول ز ولكن المكره بالفتح مقدم الخ هذا هو الذي في النوادر عن سحنون ونقله ابن عبد السلام وضيح وابن عرفة وبه قرر ح وقال إنه المذهب فحمل تت المصنف على ظاهره ليس بصواب وقول ز لكن على السواء الخ هذا الذي نص عليه سحنون وفرق ابن عرفة بينهما بأن هذه كلاهما فيها مباشر بخلاف الأولى فلم يقع من المكره بالكسر إلا الإكراه فلذلك قدم عليه المباشر (وقدم عليه المردي) ابن عاشر لفظ التقديم يشعر بأن للحافر نصيبًا في الضمان عند عدم المردي وليس كذلك أي فالذي يتعلق به الضمان هو المردي خاصة ولا ضمان على الحافر سواء كان المردي موسرًا أو معسرًا فليس كالمكره بالكسر ولعله لأن السبب هنا أضعف اهـ.
ولهذا قال ز وقدم بمعنى ضمن لأنه مباشر دون الحافر وكذا قال ابن الحاجب تبعًا لابن شاس ابن عرفة وكذا نقله الطرطوشي في مسألة القفص الآتية وعارضه ابن عبد السلام بتسوية سحنون بين المكره غيره على أن يخرج له مال رجل من بيته ويدفعه له مع أن الآمر المكره متسبب والمأمور مباشر وأجاب بأن التسبب بالإكراه أشد من التسبب بالحفر قلت إنهما في مسألة سحنون مباشر أن معًا ضرورة مباشرة المكره أخذ المال من مخرجه واستقراره بيده والآخذ من الغاصب العالم بالغصب غاصب (إلا لمعين فسيان) قول ز كما نقله ق عن ابن عرفة الخ بعد أن نقل ق ما ذكره عن ابن عرفة قال عقبه واستظهر أنت على هذا فإني لم أصادفه حين راجعته اهـ.
التكافؤ فيهما والضمان في غيره فإن كان أحدهما فقط مكافئًا كان حفرها مسلم لعبد معين ورداه عبد مثله قتل المردي دون الحافر وعليه الأدب وانظر هل عليه شيء من قيمة العبد أم لا ويجري مثل هذا في المتسبب مع المباشر وفي الجماعة إذا قتلوا شخصًا وكان بعضهم فقط مكافئًا وقيد قوله فسيان بما إذا علم المردي بقصد الحافر وإلا اقتص من المردي فقط كما نقله ق عن ابن عرفة (أو فتح قيد عبد) قيد (لئلا يأبق) فأبق عقب الفتح أو بعده بمثله ضمن قيمته لربه فمتعلق الجار والمجرور فعل مقدر لا قيد المذكور مفتوح القاف لأنه اسم آلة بدليل تعلق الفتح بها ولا يصح تعليقها بما ذكر كذا قرر ويرده ما صرحوا به من أن الجار والمجرور يتعلق باسم العين كالآلة هنا ومثلوه بنحو أسد علي كما مر ومفهوم لئلا يأبق أنه لو فتح قيد عبد قيد لنكاله لم يضمن وهو كذلك والظاهران القول لسيده إنه قيده لخوف أباقه لا قول الفاتح إنه لنكاله ولم تقم قرينة على صدق واحد منهما لأنه لا يعلم إلا من جهته ومثل ما ذكره المصنف من سقي دابة واقفة ببئر للشرب فذهبت ولو لم يسقها لم تذهب لوجوب سقيها عليه وحفظها لربها كما يشمله قوله فيما مر كترك تخليص مستهلك من نفس أو مال بيده ولو فتح قيد حر وذهب بحيث يتعذر رجوعه ضمن ديته كما يأتي في قوله كحرّ باعه وتعذر رجوعه من أنه لا مفهوم لباعه بل حيث أدخله في أمر يتعذر رجوعه فإنه يضمن ديته (أو) فتح بابا مغلقًا (على غير عاقل) فذهب فيضمنه لتعديه بفتحه (إلا بمصاحبة ربه) حين الفتح ولو نائمًا حيث كان له شعور وهذا في غير الطير وأما هو فيضمن بفتحه عليه ولو صاحبه ربه غيرنا ثم والظاهر إن المراد بمصاحبة ربه في مسألة المصنف أن يكون بمكان هو مظنة شعوره بخروجه وإن بعد عنه يسيرًا لا الملاصقة فقط.
تنبيه: لو قال سد الباب على بهيمتي فقال فعلت ولم يفعل متعمدًا للترك حتى ذهبت لم يضمن إذ لا يجب عليه امتثال أمره وحفظ مال الغير إنما يجب حيث لم يكن ربه متمكنًا من حفظه وقوله فعلت من الغرور القولي ولو أدخل أجنبي دابة دار صاحبها فقال ربها له اغلق عليها فلم يفعل ضمن إلا أن يكون ناسيًا لأن مباشرته لإدخالها صيرتها أمانة يجب حفظها انظر بقيته في تت (أو) فتح أو نقب (حرزا) فأخذ منه آخر متاعًا فالضمان وقدم الآخذ لمباشرته إلا بمصاحبة ربه فهو محذوف من هنا لدلالة ما قبله عليه وبقولنا فآخذ منه آخر متاعًا علم أن هذا غير مكرر مع قوله أو على غير عاقل وإن كان في كل منهما فتح حرزا لكن هنا فتحه على غير حيوان وذكر معمول قوله وضمن بالاستيلاء
ــ
قلت لم يذكر ابن عرفة هذا الكلام في باب الغصب وإنما ذكره في الجنايات ونصه ابن شاس ومن حفر بئرًا ليقع فيها رجل معين فوقف الرجل على شفيرها فرداه فيها غير الحافر فقال القاضي أبو الحسن يقتلان معًا للاعتدال وقال القاضي أبو عبد الله بن هارون يقتل المردي دون الحافر تغليبًا للمباشر قلت الأظهر إن علم المردي بتقدم فعل الحافر وقصده قتلا معًا كبينة الزور مع القاضي العالم بزورها وإلا قتل وحده على رواية ابن القاسم في بينة الزور اهـ.
فقال (المثلى) مع تعيينه أو إتلافه (ولو) غصبه (بغلاء) وحكم عليه به زمن الرخاء (بمثله) قاله تت وأشار إلى أن قوله بمثله متعلق بمقدر بعد المبالغة وهو حكم عليه لا يضمن المقدر قبل المثلى لأن المثلى هو المضمون الناشئ عن تلف مثله وجعل الضمان مع تعييبه أو إتلافه احترازًا عما إذا كان المثلى المغصوب موجودًا وأراد به أخذه وأراد الغاصب إعطاء مثله فلربه أخذه (و) إن تعذر المثلى لعدم أبانه ونحوه (صبر) المغصوب منه (لوجوده و) إذا وجد رب المثلى الغاصب ببلد غير بلد الغصب صبر وجوبًا حتى يرجع (لبلده) فمن غصب بمكة من رجل فمحا فإنما يأخذ المغصوب منه مثله بمكة لا بمصر إن لم يكن المثلى المغصوب مع الغاصب بأن كان باقيًا ببلد الغصب بل (ولو صاحبه) لأن نقله فوت يوجب غرم مثله لا رد عينه وظاهره وإن لم يكن فيه كلفة كما يدل له نقل ق أن نقل الحيوان فوت بخلاف المقوم فإنما يكون نقله فوتًا إن احتيج لكبير حمل كما سيقول ومعه أخذه إن لم يحتج لكبير حمل فإن احتاج لم يجب غرم قيمته قطعًا بل يخير ربه كما يأتي والمبيع فاسدًا مخالف للمغصوب إذ قد مر أنه يفوت بنقل فيه كلفة مثاليًّا أو مقومًا ويجوز للمغصوب منه أن يأخذ عن المثلى الطعام ثمنًا على المذهب لأن طعام الغصب يجري مجرى طعام القرض ويشترط التعجيل لئلا يكون فسخ دين في دين قاله بعض الشراح ونظر فيه عج واعلم أن فوت المثلى يوجب غرم مثله وفوت المقوم لا يوجب غرم قيمته بل يوجب التخيير (ومنع) الغاصب (منه) أي من التصرف في المثلى الذي صاحبه ربه (للتوثق) برهن أو حميل خشية ضياع حق ربه ومثله المقوم حيث احتاج لكبير حمل ولم يأخذه فإن للمغصوب منه أن يمنع الغاصب منه وإذا منع للتوثق فتصرفه فيه مردود إذ هو الأصل فيما يمنع فلا يجوز لمن وهب له مع علمه بالغصب قبوله ولا التصرف فيه يأكل ونحوه وقولهم إن الحرام لا يتعدى ذمتين ليس مذهبنا كما يفيده قوله ووارثه وموهوبه إن علمًا كهو ومنه يؤخذ منع أكل ما وهب مما فات عند الغاصب ولزمته قيمته كهبته شاة ذبحها وطبخ لحمها لشخص حيث علم أن الغاصب لا يدفع لرب الشاة
ــ
هذا لفظه (ولو بغلاء) أشار بلو لما ذكره في ضيح ونصه أشار اللخمي إلى أن القول بتغريمه القيمة مخرج على أن الغاصب يغرم أو على القيم وقول ز فلربه أخذه الخ أي لما نقله في ضيح عن ابن بشير من أنهم اتفقوا على أن الدنانير والدراهم تتعين بالنسبة إلى من كان ماله حرامًا أو كان في ماله شبهة خلافًا لما نقله الجلاب عن ابن القاسم أن للغاصب أن يرد مثلها مع وجودها قال بعضهم لم يقل ابن القاسم هذا في الغصب وإنما قاله في البيع لأن البيع بها واقع على صفة لأنها لا تراد لعينها وأما المغصوب منه فله غرض في أخذ ماله لأنه حلال ومال الغاصب حرام وذكر الشيخ سليمان البحيري أن ما نقله الجلاب عن ابن القاسم خلاف المشهور انظر ح (ومنع منه للتوثق) قول ز ومنه يؤخذ منع أكل ما وهب حيث علم أن الغاصب لا يدفع لرب الشاة قيمتها الخ الذي في ح عن نوازل ابن رشد أنه يمنع ولو علم أن الغاصب يدفع لرب الشاة قيمتها مراعاة لمن يقول بتخيير ربها في أخذها حينئذ نعم لو وقع
قيمتها وبه كان يفتي شيخنا القرافي ووافقه غير واحد من مشايخي وبه يتبين صحة ما قال صاحب المدخل من منع أكل أطراف الشاة ونحوها مما يؤخذ مكسًا وبه أفتى صر وشراؤه لا يبيحه ولكن مقتضى ما لابن ناجي وقول المصنف فيما يأتي أو غرم قيمته أنه يجوز الأكل لمن وهب له شيء من المغصوب حيث لزمته القيمة قاله عج وعلى ما لابن ناجي فيجوز شراء رؤوس ضأن مشوية مأخوذة مكسًا كتسقية ولبس سرموجه مغصوب فنعلها إلا أطراف نيئة غصبت من مذبح بعد الذبح باتفاق ابن ناجي وغيره وقوله حيث لزمته القيمة أي وعلم أنه لا يردها لربها بشرط حصول المفوت كما هو موضوع المسألة ولذا كان عج لا يلبس سراميج مصر بل المغربية لعدم تحقق غصب فنعلها بناء على أن الحلال ما جهل أصله قال وقد كان شيخنا العارف بالله تعالى آخر المسلكين بمصر محمد بن الترجمان يذبح عنزا ملكه ويجعل له منها نعلًا (ولا رد له) أي لا يلزم الغاصب برده يعني أن المغصوب منه إذا طلب من الغاصب رد ما صاحبه في غير بلد الغصب إلى بلد الغصب فلا يلزمه ذلك لما مر من أن نقل المثلى فوت كالمقوم إن احتاج لكبير كلفة ومر أن نقل المثلى يقوم مقامه مثله وهذا يغني عنه قوله ولبلده ولو صاحبه فهو تكرار وحمله على ما إذا حكم عليه بالقيمة لعدم المثل ثم وجد فلا رد له يتكرر مع قوله وملكه إن اشتراه وقد يقال أعاده مع تكراره مع ما مر ليشبه به ما بعده فإنه شبه بما تضمنه قوله ولا رد له من أنه لا يلتفت لكلام رب المغصوب قوله (كإجارته) أي المغصوب منه (بيعه) أي بيع الغاصب الشيء المغصوب حال كونه (معيبًا) وقت بيع الغاصب سواء كان العيب طارئًا عنده أو كان عند ربه قبل الغصب و (زال) العيب عند المشتري (وقال) المغصوب منه إنما (أجزت) بيعه (لظن بقائه) أي دوام العيب فلا رد له فيما أجازه وعلله الإِمام بأنه لو شاء لتثبت فلو زال عند الغاصب فباعه سليمًا ثم أجازه ربه معتقدًا أنه إنما باعه معيبًا وقال إنما أجزته لاعتقادي بيعك له معيبًا فلا رد له أيضًا عند عبد الحق وظاهر ح ترجيحه على قول بعض القرويين له الرد ولما كان لا تسلط للمالك على عين المثلى إذا وجده بغير بلده مع
ــ
غرم القيمة بالفعل جاز الأكل كما يأتي (ولا رد له) قول ز وهذا يغني عنه قوله ولبلده الخ لأنه يلزم من كونه ليس له أخذه أنه لا يلزمه رده ولذا قال طفى قول المصنف ولا رد له لا محل له هنا وإنما محله عند ذكر المقوم وفي المقوم ذكره ابن عرفة فقال ومعروف المذهب أنه ليس لربه جبر الغاصب على رده لبلد الغصب اهـ.
وعليه حمله غ والله أعلم وقول ز يتكرر مع قوله وملكه إن اشتراه الخ فيه نظر لأن كلام المصنف الآتي في المقوم لا في المثلى وصوابه أن لو نظر فيه بأنه جار على غير المشهور إذ المشهور أنه يصبر لوجوده كما تقدم.
(وقال أجزت لظن الخ) قول ز وظاهر ح ترجيحه الخ فيه نظر لأن أبا الحسن ذكر القولين معًا وقال في قول بعض القرويين إنه ظاهر المدونة ولم ينقل ح إلا كلام أبي الحسن
الغاصب كذلك لا تسلط له إذا وجده على غير صفته فذكر ذلك مشبهًا أيضًا بما تضمنه قوله ولا رد له فقال (كنقرة) أي كغصب قطعة مذابة ذهب أو فضة (صيغت) أي صاغها الغاصب حليًّا أو سكبها وضربها دراهم ونحاس ضرب فلوسًا فيلزمه مثل النقرة والنحاس ولا يقضي له بالعين لأن مطلق الصياغة والضرب مفيت بخلاف ما تقدم من قوله ونحاس بتور لا فلوس (وطين لبن) أي ضرب لبنًا لا يرد بل يضمن مثله إن علم وإلا فقيمته لأن المثلى الجزاف يضمن بالقيمة واستشكل هذا بعض شيوخنا بأن لزوم القيمة في الجزاف للهروب من ولا الفضل لو دفع مثله وهذا منتف في الطين فإن قيل لم كان الطين مثليًّا مع أن ضابط المثلى لا ينطبق عليه فالجواب أنه يكال بالقفة فينطبق الضابط عليه قاله د (وقمح طحن) ودقيق عجن وعجين خبز فيما يظهر ويدل له جعله الطحن هنا ناقلًا يقينًا ولم يجعلوه في باب الربويات ناقلًا كالعجن فمنعوا التفاصيل بينهما احتياطًا للربا وهنا احتاطوا للغاصب فلم يضيعوا كلفة طحنة فهو وإن ظلم لا يظلم (وبذر) أي ما يبذر كحب (زرع) فيلزمه لربه مثله فبذر اسم لا مصدر إذ هو مصدر إلقاء الحب على الأرض وهو الزرع فلا معنى لقوله زرع ولا يحمل زرع على غطى لاقتضائه أن فوات المبذور يتوقف على تغطيته وليس كذلك ومن غصب نخلًا أو شجرًا صغيرين فقلعها وغرسها بأرض فكبرت فلربها قلعها وأخذها كحيوان صغير كبر ذكره في المدونة وظاهرها كانت تنبت بأرض أخرى أم لا وقيدها سحنون بما إذا كانت تنبت بأخرى أي وإلا أخذ قيمتها على أنها لا تنبت (و) غصب (بيض) ثم (أفرخ) عند الغاصب فعليه مثل البيض والفرخ للغاصب (إلا) إن غصب (ما) أي فرخا كدجاجة ثم (باض) عند الغاصب ثم أفرخ (إن حضن) بيض نفسه فما خرج من الفراخ فلربها كالولادة وأولى إن باضت عند ربها فغصبها يبيضها فأفرخت عنده فلربها الفراريج والتقييد في النص بباضت عند الغاصب نص على المتوهم وكذا إذا غصب من شخص واحد دجاجة وبيضًا ليس منها وحضنه تحتها فإن الفراريج لربها وعليه أجرة مثله في تعبه فيها فإن كانا لشخصين فلرب البيض مثله ولرب الدجاجة دجاجته وكراء مثلها في حضنها وما نقصها إلا أن يتفاحش فيخير ربها بين أخذ قيمتها يوم الغصب ولا كراء وبين أخذها مع كراء الحضن وشمل قوله إن حضن ما استقل بالحضن أو شاركه فيه غيره وهذا إن كان المغصوب أنثى فإن كان ذكرًا حضن مع أنثى
ــ
فلو عكس ز الترجيح كان أولى (وطين لبن) قول ز للهروب من ربا الفضل الخ من هذا التعليل جاء الإشكال لأنه ليس بطعام ولو قال للهروب من المزابنة لبيع مجهول بمجهول من جنسه لأنها تمنع في الطعام وغيره لاندفع الإشكال (إلا ما باض إن حضن) قول ز فإن كانا لشخصين فلرب البيض مثله الخ أي والفراخ للغاصب وقوله ولرب الدجاجة دجاجته وكراء مثلها في حضنها وما نقصها كذا في الموازية وتعقبه الشيخ كما في ابن عرفة ونصه قال في الموازية وله كراء مثل حضانتها وما نقصت الشيخ في قوله وما نقصت نظر إلا أن يكون نقصا بينا فيخبر في أخذ قيمتها يوم الغصب الخ اهـ.
عند الغاصب فإنما عليه كراؤه وانظر لو غصب حمامة من رجل وذكرًا من آخر وباضت وشاركها الذكر في الحضن وأفرخ فهل على رب الحمامة أجرة في مقابلة حضن الذكر لأنه ليس للغاصب أم لا.
فرع: لو مات حيوان حامل فأخرج رجل ما في بطنه من الحمل وعاش فالولد لرب الحيوان وعليه أجرة علاج المخرج اهـ.
وانظر هل مثله من أخرج بيضة من ميتة ووضعها تحت دجاجة حتى أفرخت فتكون الفراخ لربها ويدل له ما يأتي من غصب خمر مسلم فتخلل فالخل للمسلمم أم لا وهو الظاهر لأن من غصب بيضة حي وأفرخت عند الغاصب فإنه لا يكون الفرخ لربها فأولى بيضة الميت والفرق بينها بين الجنين أنه بخروجه حيًّا يملكه رب البهيمة لطهارته بخلاف هذه فإن رب الدجاجة لا يملكها بخروجها لنجاستها والفرق بينها وبين الخمر يتخلل أن الخمر يملكه ربه بتخلله وأما ما أفرخه البيض فإنما يملكه صاحب من حضنه (و) كغصب (عصير) أي ماء عنب (تخمر) بعد غصبه يلزم الغاصب عصير مثله لانقلابه لما لا يجوز تملكه إن علم كيله وإلا فقيمته وظاهر كلامه ولو كان لذمي مع أنه يملك الخمر فينبغي في هذه الحالة أن يخير كما إذا تخلل خمره (وإن تخلل) العصير ابتداء وكذا بعد تخمره فيما يظهر (خير) ربه في أخذه خلا ومثل عصيره إن علم قدره فإن جهل قيمته كان لمسلم أو ذمي بدليل قوله (كتخللها) أي الخمرة المغصوبة (لذمي) أي منه وظاهره أنه يخير في أخذ مثل الخمرة التي غصبت منه وفي أخذ الخل وليس كذلك وإنما يخير في أخذ الخل أو قيمة الخمر يوم الغصب بمعرفة المسلمين أو الذميين (وتعين) الخل للأخذ (لغيره) أي لمسلم غصب منه خمر فتخلل بنفسه بل (وإن صنع) بصاد مهملة فنون مبني للمجهول كذا في نسخة ق وهي تفيد أن المعتمد الإطلاق في تخللها والضمير في غيره راجع للذمي بوصف الكفر لا بوصف كونه ذميًّا وإلا لاقتضى أن المعاهد والمستأمن والحربي كالمسلم في تعين أخذ النحل مع أن من ذكر كالذمي في التخيير فأراد بغيره المسلم فقط كما قدمنا ونسخة غير ق بضاد معجمة فمثناة تحتية مشددة شرط مبني للفاعل أو للمفعول والكاف بمعنى مثل في قوله (كغزل وحلي وغير مثلى) وهي فاعل أو نائبه وجوابه قوله (فقيمته يوم غصبه) والغزل وإن كان مما لا يوزن لكين أصله وهو الكتان مثلى والمثلى إذا دخله صنعة لزمت فيه القيمة فقولهم المثلى ما حصره كيل أو وزن أو عدد ولم يتفاوت أفراده يقيد بما إذا لم تدخله صنعة وإلا صار مقومًا عند ابن القاسم ونسخة ضيع بمعجمة فتحتية أولى من
ــ
(وإن تخلل خير) أي أتلف العصير بعد دخول التخلل فيه وإن لم يكمل تخلله كما في ثمانية أبي زيد انظر طفى (فقيمته يوم غصبه) قول ز فإنها توهم أنه يضمن مثلهما الخ هذا الإيهام إنما هو إن جعل وإن صنع شرطًا مستأنفًا وهو بالصاد المهملة والنون وأما إن جعل مبالغة على ما قبله كما قرره به أولًا فلا إيهام لكن يكون في كلامه تقديم وتأخير والأصل
صنع بصاد مهملة فنون لأن ضيع بمعجمة فتحتية يفيد إن الغاصب إذا غصب الغزل أو الحلي فضاعا عنده فإنه يضمن قيمتهما وإن لم يحدث قيهما صنعة بخلاف صنع بصاد مهملة فنون فإنها توهم أنه يضمن مثلهما إن لم يحدث فيهما صنعة وليس كذلك ثم لا بد من كون الصنعة بناء على اعتبارها غير هينة كما مثل هنا وإن كانت الهينة من المقيتات كما تقدم في كنقرة صيغت من أن مثلها النحاس يعمل فلوسًا فمطلق الصنعة مفيت ونقل المثلى إلى القيمة إذا دخلته صنعة مقيد بما إذا كانت غير هيئة وبالغ على ضمان القيمة بقوله (وإن) غصب (جلد ميتة لم يدبغ) فأتلفه فيلزمه قيمته يوم غصبه وإن كان يمنع بيعه وبالغ على غير المدبوغ لأنه المتوهم (أو) غصب (كلبًا) مأذونًا في اتخاذه ككلب صيد أو ماشية أو حراسة فأتلفه ضمن قيمته يوم غصبه وإن لم يجز بيعه قياسًا على الغرة في الجنين وإن كان لا يجوز بيع الجنين وأما من قتل كلبًا لم يأذن الشرع في اتخاذه وإن اتخذه شخص جهل فإنه لا يلزم قاتله فيه شيء ولا يحتاج لتقييد المصنف الكلب بالمأذون لأن غيره خرج بقوله الغصب أخذ مال وغير المأذون ليس بمال وبالغ على قوله فقيمته يوم غصبه بقوله (ولو قتله) أي قتل الغاصب الشيء المغصوب (تعديًا) بعد غصبه فقيمته يوم غصبه لا يوم قتله فليس قتل الغاصب كقتل الأجنبي كما يأتى وفي بعض النسخ بعد ظرفًا مبنيًّا على الضم أي بعد غصبه وهي موافقة للنسخة المذكورة معنى وفي بعضها بعداء بباء الجر ومد عداء أي غصبه ثم قتله بسبب عدائه عليه وإن لم يقدر على دفعه إلا بقتله وإن وجب عليه لحفظ نفسه لأن الغاصب ظالم بغصبه فهو المسلط له على نفسه والظالم أحق بالحمل ولأن أسباب الضمان إذا تعددت من فاعل واحد فإنما يعتبر أولها عند ابن القاسم وأشهب واستظهره ابن عبد السلام ولابن القاسم في أحد قوليه وسحنون له أخذ القيمة يوم القتل كالأجنبي لأن القتل فعل ثان ومن حجة ربه أن يقول لا أؤاخذه بوضع
ــ
وغير مثلى كغزل وحلي الخ كما في ق (وإن جلد ميتة) لو عبر بلو بدل إن كان أولى لرد الخلاف قال ابن رشد في سماع عيسى قال في المدونة من غصب جلد ميتة فعليه قيمته دبغ أو لم يدبغ وقال في المبسوط ولا شيء عليه فيه وإن دبغ لأنه لا يجوز بيعه وقيل إنه لا شيء فيه إلا أن يدبغ فيكون فيه القيمة وقيل إن دبغ لم يكن عليه إلا قيمة ما فيه من الصنعة والصواب أنه يلزمه في ذلك كله قيمة الانتفاع به اهـ.
(ولو قتله تعديًا) بالغ على اعتبار القيمة يوم الغصب لا يوم القتل وما ذكره هو قول ابن القاسم وأشهب خلافًا لسحنون وابن القاسم في أحد قوليه وأما الأجنبي فيأتي اعتبار القيمة في حقه يوم القتل فيفهم منه الفرق بين إتلاف الغاصب والأجنبي ولا خصوصية للقتل فلو عبر المصنف بالإتلاف كابن الحاجب لكان أعم وكلام المصنف كما قال غ راجع لقوله فقيمته يوم غصبه قال ورده للكلب كما في الشامل ليس بشيء اهـ.
وهو ظاهر لأن التعدي أنسب بالضمان فكيف يبالغ عليه في جانب الضمان واعتراض
اليد وإنما أؤاخذه بالقتل ابن رشد وهو أقيس (وخير) المغصوب منه (في) قتل (الأجنبي) للمغصوب عند غاصبه حيث قتله الأجنبي عند عدائه عليه قادرًا على دفعه بغير القتل وإلا فلا شيء لربه في قتله قاله عج أي ولا شيء على الجاني وإنما تبع الغاصب لما تقدم أن الغاصب يضمن السماوي وجناية الأجنبي وإذا قتله الأجنبي بقيده فيخير ربه بين أن يتبع الغاصب أو الأجنبي (فإن تبعه) أي تبع المغصوب منه الغاصب بقيمته يوم غصبه (تبع هو) أي الغاصب (الجاني) بقيمته يوم الجناية ولو زادت على قيمته يوم الغصب وتكون له الزيادة ولا يقال الغاصب لا يربح فكيف ربح هنا لأنا نقول لما غرم قيمته لربه يوم الغصب ملكه فلا كلام لربه في الزيادة وأبرز الضمير لجريان الجواب على غير من هو له إذ ضمير الشرط لرب المغصوب وضمير الجواب للغاصب (فإن) اختار تبعية الجاني بقيمته يوم الجناية ولو زادت على قيمته يوم الغصب فإن كانت أقل من قيمته يوم الغصب (أخذ ربه) من الجاني (أقل) من قيمته يوم الغصب (فله الزائد من الغاصب فقط) لا من الجاني لأنه لا يلزمه إلا غرم قيمته يوم الجناية ولو نقصت عن قيمته يوم غصب الغاصب وقولي أول المسألة في قتل الأجنبي احترازًا عن تعييبه فقط فيخير ربه بين أن يضمن الغاصب قيمة جميع المغصوب فيرجع الغاصب على الجاني بأرش الجناية يومها وبين أن يأخذ الشيء المغصوب ويتبع الجاني بأرش الجناية وليس له أخذه وأخذ أرش الجناية من الغاصب هذا ما تفيده المدونة ففي دعوى د شمول كلام المصنف لهذا أيضًا شيء لاختلاف التخيير في التلف والجناية ولأنه لا يجري فيه وإن أخذ ربه أقل الخ ولأنه يؤدي للتكرار مع قوله فيما مر وإن تعيب وإن قل إلى قوله خير فيه (وله) أي للمغصوب منه أرض أو خشبة أو عمود ونحوه (هدم بناء عليه) أي على الشيء المغصوب وأخذه وعلى الغاصب أجرة الهدم والشق الثاني أخذ قيمته فالخيار له ولا يلتفت لقول الغاصب أنا أهدم بنائي ولا أغرم القيمة خلافًا لابن القصار إذ فيه إضاعة مال وقوله عليه أي على الشيء المغصوب كما مر يفهم منه بالأولى لو كان المغصوب أنقاضًا فبناها فللمغصوب منه هدمها فالتوقف في ذلك لا محل له وكذا إن غصب ثوبًا فجعله ظهارة لجبة فلربه أخذه أو يضمن قيمته قال أبو محمد تفتق الجبة ويهدم البناء والهدم والفتق على الغاصب وكان إفاتة ذلك رضا منه بالتزام قيمته اهـ.
(و) له (غلة) عقار مغصوب ذاته (مستعمل) لا حيوان مستعمل ونشأ عن استعماله غلة ككراء دابة كما يأتي في قوله عاطفًا على ما لا كراء فيه ولا قيمة أو رجع بها من سفر
ــ
تت على غ لا يخفي سقوطه انظر طفى (وله هدم بناء عليه) قول ز وللمغصوب منه أرض أو خشبة أو عمود الخ إدخاله الأرض هنا غير صحيح لأن حكمها مخالف للحجر والخشبة ونحوهما وسيأتي للمصنف وفي بنائه في أخذه ودفع قيمة نقضه الخ ولذا لم يذكرها في المدونة مع الحجر والخشبة (وغلة مستعمل) قول ز عن الشارح وتت جعلا ما هنا شاملًا
أي فلا قيمة ولا كراء لا ما نشأ عن غير استعماله كسمن ولبن وصوف فللغصوب منه وفي كلام تت تخالف إذ جعل ما هنا شاملًا للعقار والحيوان تبعًا لتشهير المازري وابن العربي وابن الحاجب وغيرهم لا خاصًّا بالعقار مع أنه مذهب المدونة وقرر قوله أو رجع بها من سفر على أنه لا يضمن قيمة ولا كراء وظاهر قوله غلة مستعمل ولو فات المغصوب ولزمت فيه القيمة فيأخذ الغلة وقيمة المغصوب وهو قول مالك وعليه جمهور أهل المدينة من أصحابه وغيرهم قيل وهو الصحيح وقال ابن القاسم لا كراء له إذا أخذ القيمة انظر ابن وهبان واحترز بقوله مستعمل عما إذا عطل كدار غلقها ودابة حبسها وأرض بورها فلا شيء عليه ولا يخالف قوله فيما يأتي ومنفعة الحر والبضع بالتفويت وغيرهما بالفوات لأنه في غصب المنفعة وما هنا في غصب الذات فإذا غصب أرضًا وبورها فإن علم أنه قصد غصب ذاتها فلا كراء عليه في تبويرها أو منفعتها فقط فعليه الكراء وانظر إذا لم يعلم قصده أو تنازع مع ربها فيه والمتبادر من حال ملتزمي زماننا بمصر قصد غصب المنفعة فقط لأنهم لا ينازعون رب الرزقة في الإفراج وإنما يأمرون أتباعهم بتبويرها توصلًا إلى
ــ
للعقار والحيوان الخ (1) ابن عاشر حمل كلام المصنف على هذا هو الظاهر وعليه حمل ح كلام المصنف قال في ضيح صرح المازري وصاحب المعين وغيرهما بتشهيره وشهره ابن الحاجب وقال ابن عبد السلام هو الصحيح عن ابن العربي وغيره من المتأخرين اهـ.
وقال ابن عاشر وهذا المشهور هو الذي يأتي عليه قوله الآتي وما أنفق في الغلة إذ لو لم تلزمه الغلة لما صح قوله في الغلة اهـ.
وقول ز وهو قول مالك وجمهور أهل المدينة الخ هكذا عزا هذا القول أبو عمر في الكافي لكنه غير معتمد لأنه خلاف مذهب ابن القاسم في المدونة ففيها وما أثمر عند الغاصب من نخل أو شجر أو تناسل من الحيوان أوجز من الصوف أو حلب من اللبن فإنه يرد ذلك كله ما غصب وما أكل رد المثل فيما له مثل والقيمة فيما لا يقضي فيه بالمثل فإن ماتت الأمهات وبقيت الأولاد وما جز وما حلب خير ربها إن شاء أخذ قيمة الأمهات ولا شيء له فيما بقي من ولد وصوف ولبن ولا في ثمنه إن بيع وإن شاء أخذ الولد إن كان أو ثمن ما بيع من صوف ولبن ونحوه وما أكل الغاصب أو انتفع به من ذلك فعليه المثل فيما له مثل والقيمة فيما يقوم ولا شيء عليه من قبل الأمهات ألا ترى أن من غصب أمة فباعها فولدت عند المبتاع ثم فاتت فليس لربها أن يأخذ أولادها وقيمة الأمة من الغاصب وإنما له أخذ الثمن من الغاصب أو قيمتها يوم الغصب أو يأخذ الولد من المبتاع ولا شيء عليه ولا على الغاصب في قيمة الأم ثم يرجع المبتاع على الغاصب بالثمن اهـ.
نقله طفى ثم قال واقتصر ابن رشد في بيانه ومقدماته على هذا وكذا ابن عرفة ولم يعرج ابن عرفة على ما في الكافي على أن صاحب الكافي معترف بأن ما نقله خلاف مذهب ابن القاسم اهـ.
(1) قول المحشي قول ز عن الشارح وتت جعلا ما هنا شاملًا الخ الذي في نسخ الشارح التي بأيدينا وفي كلام تت تخالف الخ اهـ.
زرعها بعد ذلك قهرا على ربها ويرضونه بشيء يسير فعليهم في تبويرها أجرة المثل كزرعهم لها (و) للمغصوب منه عبد أو جارح (صيد عبد وجارح) باز أو كلب أي مصيدهما وللغاصب أجرة تعبه ولربهما أن لا يأخذ المصيد ويلزم أجرتهما للغاصب (و) له (كراء أرض بنيت) واستعملت وإلا فلا شيء له انظر ق والشارح وتت وذكر صر إن بناءها استعمال وهو خلاف النقل وعليه كراؤها مع قطع النظر عمن يعمرها كما هو ظاهر إطلاقهم لأنها ينتفع بها مع عدم البناء بخلاف قوله (كمركب) بفتح الكاف (نخر) بكسر الخاء المعجمة أي محتاج لإصلاح فرمه وأصلحه الغاصب فلمالكه كراؤه فينظر فيما كان يؤجر به ممن يصلحه فيغرمه الغاصب لعدم الانتفاع به دون إصلاح وما زاد على ذلك للغاصب والربع الخرب كالمركب النخر كما في الشارح وتت لعدم الانتفاع به بخلاف الأرض هذا الذي ذكر في المركب النخر بالنسبة للماضي وأما بالنسبة لوقت القيام على الغاصب فله أخذه منه كما أشار بقوله (و) إذا أخذ المالك المركب (أخذ) أي ملك مما أصلحت به (ما لا عين له قائمة) أي ذاتا لا يمكن انفصالها عنه فلا ينافي أنه مشاهد بحاسة البصر كزفت وقلفطة دون ماله عين قائمة كحبال وصواري فلمصلحها ثم ماله عين قائمة إن كان مسمرًا بها أو كان هو المسامير فرب المركب مخير في إعطائه قيمته منقوضًا وأمره بقلعه وإن كان غير ذلك كصواري وحبال ومجاذيف بجيم وذال معجمة ونحوها فللغاصب أخذها إلا بموضع لا غناء أو لا بد للمركب منه في سيرها كما في تت فيخير رب المركب بين إعطاء قيمته بموضعه كيف كان أو يسلمه للغاصب اهـ.
ومقتضى قوله مما لابد للمركب منه في سيرها أنها لو كانت تسير بدونه سيرًا بطيئًا وبه بسرعة فليس لربها أخذه جبرًا على الغاصب ولو قال المصنف وترك له ما لا قيمة له بعد قلعه لكان أحسن إذ نحو المشاق والزفت القديم يترك له وإن كان له عين قائمة (وصيد شبكة) بالجر عطف على أرض فالصيد هنا بمعنى الفعل وقوله فيما مر وصيد عبد وجارح بمعنى المصيد كما مر أي ولرب شبكة كراء اصطياد بها ومثلها شرك ورمح ونبل وقوس وحبل وسيف والمصيد بها للغاصب والفرق بين هذه وبين العبد والجارح قوة
ــ
(وكراء أرض بنيت) هذا إن كانت الأرض كلها له وأما إن كانت مشتركة وبنى أو غرس أحد الشريكين فانظرها فيما يأتي في الاستحقاق عند قول المصنف وإن غرس أو بنى قيل للمالك أعطه قيمته قائمًا الخ وقول ز واستعملت وإلا فلا شيء له الخ يريد أن مجرد بنائها لا يعد استعمالًا بحيث يجب عليه كراء الأرض بل حتى يسكن مثلًا قال اللخمي لا أعلمهم اختلفوا فيمن غصب أرضًا فبناها ثم سكن أو اغتل أنه لا يغرم سوى غلة القاعة أهو فهم منه ومن المصنف أنه إنما يلزمه كراء الأرض براحًا لا كراؤها مبنية وهذا متفق عليه وكذا قوله كمركب نخر أي يلزم الغاصب كرؤه غير مصلح ممن يصلحه ولا يلزمه كراؤه مصلحًا وهذا قول أشهب وأصبغ اللخمي وهذا أبين وقال محمد عليه كراء جميعه مصلحًا انظر غ وقول ز أي ذاتًا لا يمكن انفصالها الخ بل المراد ما لا منفعة فيه بعد قلعه سواء أمكن انفصاله أم لا
فعلهما في الصيد زيادة على هذه المذكورات وفي بعض النسخ وله صيد شبكة أي وللغاصب صيد شبكة وعليها فصيد بمعنى مصيد ويلزم تشتيت الضمير ولا يستفاد منه على هذه النسخة أن عليه كراءها (و) للغاصب (ما أنفق) على المغصوب كعلف دابة ومؤنة عبد وكسوته وسقي أرض وعلاجها وقيام بشجر مما لا بد منه ويكون ذلك (في الغلة) التي للمغصوب منه وهي غير الناشئة عن تحريك لما مر أن الغاصب لا يأخذها لا في الناشئة عن تحريكه فإنها له كما مر وإن لم ينفق ورجع المغصوب منه بما زادته على النفقة لا إن زادت على الغلة فقوله وما أنفق في الغلة حصر أي والذي أنفق محصور في الغلة لا يتعداها إلى ذمة المغصوب منه ولا إلى رقبة المغصوب فلا يرجع بالزائد على المغصوب منه ولا في رقبة المغصوب وإن لم تكن له غلة فلا شيء له والغلة ليست محصورة في النفقة لقوله وغلة مستعمل والواو في قوله وما أنفق واو الاستئناف وما مبتدأ وفي الغلة خبره هذا وفي ابن عرفة ما يفيد ضعف قوله وما أنفق في الغلة إذ الغلة غير الناشئة عن تحريك للمغصوب منه ولا يأخذ منها الغاصب شيئًا في مقابلة نفقته والناشئة عن تحريكه له وإن لم ينفق فلا معنى لتعلق الإنفاق بها انظره في ق ولما قدم أن على الغاصب قيمة المقوم يوم الغصب إذا أتلفه أفاد هنا أن هذا مخصوص بغير من أعطاه فيه متعدد عطاء بقوله (وهل) يلزم الغاصب المتلف لمقوم الثمن لا القيمة (إن أعطاه) أي أعطى رب المغصوب (فيه) أي المغصوب المقوم شخص (متعدد عطاء) واحدًا لكنه متعدد تصريحًا أو ضمنًا كإعطاء واحد عشرة وآخر خمسة عشر فالعشرة متعددة ضمنًا (فيه)
ــ
انظر ق (وما أنفق في الغلة) قال في ضيح هذا مذهب ابن القاسم في المدونة وحاصله أنه يرجع بالأقل مما أنفق والغلة وقاله ابن القاسم في الموازية ثم رجع في الموازية وقال لا شيء للغاصب واختاره ابن المواز والأول أظهر لأن الغاصب وإن ظلم لا يظلم وهذا في كل ما ليس للمغصوب منه بدّ كطعام العبد وكسوته وعلف الدابة وأما الرعي وسقي الأرض فإن كان يستأجر له لو كان في يده فكذلك وإن كان يتولاه بنفسه أو بمن عنده فلا شيء عليه وقاله أصبغ في سقي الشجر وحرث الأرض اهـ.
بخ ومثله نقله ابن عرفة عن اللخمي وقول ز لا في الناشئة عن تحريك الخ هذا مبني على ما تقدم أنه مذهب المدونة في قوله وغلة مستعمل من أن الغاصب يغرم غلة الرباع والغنم والإبل والبقر دون العبيد والدواب كما في ضيح وأما على المشهور عند المازري وغيره كما تقدم فلا فرق في الغلة بين الناشئة عن تحريك وغيرها وقول ز وفي ابن عرفة ما يفيد ضعف قوله وما أنفق في الغلة الخ لم أجد في ابن عرفة ما يفيد شيئًا من هذا ولا نقله عنه ق فانظره والله أعلم (وهل إن أعطاه فيه متعدد عطاء الخ) من العتبية قال ابن القاسم قال مالك في الرجل يتسوق بسلعة فيعطيه غير واحد بها ثمنًا ثم يعدو عليها رجل فيستهلكها قال أرى أن يضمن ما كان يعطي بها ولا ينظر إلى قيمتها قال وذلك إذا كان عطاء قد تواطأ عليه الناس ولو شاء أن يبيع باع وقال سحنون لا يضمن إلا قيمتها وقال عيسى يضمن الأكثر من
أي فيلزم بذلك الثمن المتعدد (أو) يلزم (بالأكثر منه) أي من العطاء المتعدد (ومن القيمة) فأيهما أكثر لزمه (تردد) وينبغي أن يراد على الثاني بالأكثر أكثر العطاء المتعدد كالخمسة عشر في المثال المذكور حيث كانت أكثر من القيمة لأن الغاصب ظالم والخلاف المذكور جار أيضًا فيمن أتلف مقومًا وقف على ثمن بأن أعطى فيه متعدد ثمنًا وإن لم يتعلق به غصب وأما إذا وقف المغصوب على ثمن وفات عند الغاصب بغير تلف فإن الغاصب يضمن قيمته ولو أعطاه فيه متعدد عطاء واحدًا هكذا يفيده ما تقدم من جعل الخلاف المذكور في كلام المصنف فيما أتلف (وإن وجد) المغصوب منه (غاصبه) متلبسًا (بغيره) أي غير المغصوب (و) في (غير محله) أي الغصب (فله تضمينه) أي القيمة وله أن يكلفه أن يخرج هو أو وكيله ليدفعه للمغصوب منه فالياء مستعملة في معنى الملابسة في الأول والظرفية في الثاني وإنما كان له تضمينه هنا بخلاف المثلى لأن الذي يغرم في المثلى وهو المثل وربما يزيد في غير بلد الغصب والذي يغرم في المقوم هو القيمة يوم الغصب في محله ولا فرق بين أخذها في بلد الغصب أو في غيره لأنه لا زيادة فيها قاله د وأيضًا المثلى أي صنف خاص منه يراد لعينه كعدس صعيدي دون بحيري لا كل مثلى بخلاف المقوم أي القيمة لا تراد لعينها لعدم اختلاف الأغراض في نفس القيمة هذا مراد عج بهذا الفرق فلا ينافي ما هو مقرر في غير ما موضع من أن المثلى لا يراد لعينه والمقوم يراد لعينه فوجه الفرق أن المراد بالمثلى هنا صنفه وبالمقوم ذاته من حيث قيمته لا من حيث ذاته فقط (و) إن وجد الغاصب بغير محله ولكن (معه) المغصوب المقوم (أخذه) ربه (إن لم يحتج) ربه
ــ
القيمة أو الثمن ابن رشد قول مالك ولا ينظر إلى قيمتها معناه إلا أن تكون القيمة أكثر من ذلك فتكون له القيمة فقول عيسى مفسر لقول مالك وهو منصوص لمالك أيضًا خلافًا لقول سحنون الذي لا يرى إلا القيمة كانت أقل أو أكثر فالمسألة راجعة إلى قولين اهـ.
بخ وقال في ضيح جعل في البيان قول عيسى مفسرًا لقول مالك وجعلها غيره ثلاثة على ظاهرها اهـ.
فظهر أن التردد بين ابن رشد وغيره في فهم كلام مالك في العتبية وكلام المصنف لا يؤدي هذا المعنى فلو قال وعن مالك إن أعطاه فيه متعدد عطاء فيه وهل على ظاهره أو بالأكثر منه ومن القيمة تردد لكان واضحًا وقول الفيشي كان ينبغي أن يقول تأويلان غير صحيح لما تقدم أن التردد في فهم كلام العتبية لا المدونة (فله تضمينه) هذا في المقوم وكذا في المثلى الذي هو جزاف لأنه يقضي بقيمته لا بمثله وكذا إذا علم قدر المثلى ولكن تعذر الوصول لبلد الغصب على خلاف في هذا انظر كلام البرزلي في ح وقول ز هذا مراد عج أي بقوله وأيضًا المثلى يراد لعينه بخلاف المقوم اهـ.
ولا شك أن تأويل ز متكلف والظاهر أن كلام عج غلط منه وإن علل به خش مسلمًا له والصواب عكسه ولو قال المصنف وإن وجد غاصبه بدونه بدل قوله بغيره كان أولى لأن قوله بغيره يقتضي أنه مصاحب لغيره وليس بمراد (ومعه أخذه) أي تعين عليه أخذه بحيث لا يكون
(لكبير حمل) في رجوعه لبلد الغصب وإن تكلف الغاصب في نقله لغير بلد الغصب كما في العجماوي لعدم اعتباره لظلمه خلافًا لإطلاق كر الاحتياج للمغصوب منه أو الغاصب فإن احتاج ربه لكبير حمل في رجوعه عرضًا أو رقيقًا خير بين تركه وتضمينه القيمة وبين أخذه بدون أجرة حمل كما هو ظاهر كلامهم لأن خيرته تنفي ضرره وإنما خير ربه إذا احتاج لكبير حمل لأنه لما انضم لفعل الغاصب الاحتياج صار بمنزلة حدوث عيب فيه في الجملة وإنما لم يجعلوا النقل هنا فوتا تتعين فيه القيمة بخلاف البيع الفاسد لأنه فيه نقله على أنه ملكه وهنا نقله على أنه ملك الغير فهو متعد في النقل وعطف على قوله كأن مات قوله (لا إن هزلت) بكسر الزاي مع ضم الأول وفتحه (جارية) فلا تفوت به فيأخذها ربها وإن لم تعد لسمنها على المعتمد (أو نسي عبد) أو جارية (صنعة ثم عاد) العبد لمعرفتها فلا يفوت فإن لم يعد فات (أو) غصب عبدًا و (خصاه فلم ينقص) عن ثمنه فلا ضمان عليه كما إذا زاد ثمنه عند ابن عبدوس ومشى عليه ابن الحاجب فإن نقص ثمنه خير بين أخذ قيمته وأخذه مع أرش النقص كما إذا زاد عند ابن رشد لأنه نقص عند الإعراب ونحوهم الذين لا رغبة لهم في الخصيان دون أهل الطول ابن عبد السلام وهو أحسن من قول ابن عبدوس أي المتقدم ويؤخذ من المصنف أن الخصاء ليس بمثلة إذ لو كان مثلة لعتق على الغاصب
ــ
له إلزام الغاصب القيمة وقول ز إن لم يحتج ربه لكبير حمل الخ جعله ضمير يحتج عائدًا على ربه فيه نظر والظاهر عود الضمير في يحتج للمغصوب والمصنف جار على سماع ابن القاسم أن النقل في العروض والرقيق العلى فوت لا في الوخش والحيوان انظر ق وطفى ولا تغتر بغيرهما وكلام كريم الدين والعجماوي كلاهما غير صحيح ابن عرفة عن ابن رشد في كون نقله من بلد لآخر فوتًا فيخير ربه في أخذه أو أخذ قيمته يوم غصبه أو غير فوت فليس لربه إلا أخذه ثالثها هو في العروض والرقيق فوت لا في الحيوان غيره الأول لأصبغ مع ظاهر سماع أشهب والثاني لسحنون والثالث لسماع ابن القاسم قال في المقدمات بعد ذكر الثلاثة وهذا يجري في الحيوان الذي لا يحتاج إلى الكراء عليه كالدواب والوخش من الرقيق وأما الرقيق الذي يحتاج إلى الكراء عليه فحكمه كالعروض اهـ.
نقله ضيح (أو خصاه فلم ينقص) قول ز إذ لو كان مثله لعتق على الغاصب وغرم لربه قيمته قاله بعض الشراح الخ قائل هذا هو ح واستدل عليه بقوله في باب الغصب وأما من تعدى على عبد رجل ففقأ عينه أو قطع له جارحة أو جارحتين فما كان من ذلك فسادًا فاحشًا حتى لم يبق فيه كبير منفعة فإنه يغرم قيمته ويعتق عليه وكذلك الأمة اهـ.
وحاصله أن المثلة إن أفسدت منافع الرقيق أو جُلِّها وجب العتق بها مطلقًا في رقيقه وفي رقيق الأجنبي وإن كانت غير مفسدة لم توجب العتق إلا في رقيقه ورقيق رقيقه كما يأتي فكلام المصنف الآتي في القسم الثاني وكلام المدونة في الأول فلا معارضة بينهما وفي ضيح عن ابن القاسم تمثيله بعبد ولده بمنزلة مثلته بعبد غيره من الأجنبي لا يعتق عليه إلا أن تبطل منافعه اهـ.
وفي تبصرة ابن فرحون لو جنى رجل على عبد آخر جناية مفسدة غرم قيمته وعتق عليه اهـ.
وغرم لربه قيمته قاله بعض الشراح وفيه أنه إنما يعتق بالحكم رقيقه أو رقيق رقيقه كما يأتي للمصنف (أو جلس على ثوب غيره في صلاة) وقام صاحب الثوب فانقطع قال عبد الملك لا شيء عليه لأنه مما تعم به البلوى في الصلوات والمجالس وعلى هذا فلا خصوصية لقوله في صلاة قاله تت وانظر هل المراد بالمجالس التي يطلب وجوبًا أو ندبًا فيها الاجتماع كمجلس العلم أو التي يجوز فقط وعلى الأول تخرج المباحة دون الثاني وعليهما تخرج المجالس المحرمة أو المكروهة فتضمن فيهما وعلل المصنف أيضًا بأن صاحب الثوب هو المباشر لقطع ثوبه والجالس متسبب سببًا ضعيفًا والمباشر مقدم على ذي السبب الضعيف بخلاف القوي فإن الضمان عليهما معًا كما يأتي في الجراح من قوله والمتسبب مع المباشر كمكره ومكره وظاهر قوله في صلاة ولو كان كل منهما عاصيًا بها كتنفل كل وعليه فريضة ذاكرًا لها وهذا بخلاف من وطئ على نعل غيره فمشى صاحب النعل فانقطع فيضمنه الواطىء أي يضمن المقطوعة مع نقص الأخرى فيما يظهر والفرق أن الصلاة ونحوها يطلب فيها الاجتماع دون الطرق إذ لا حق له في مزاحمة غيره ومثل وطء النعل قطع حامل حطب ثياب مار بطريق كما في المدونة وشرحها وقول تت إنها تقاس على واطئ النعل قصور وظاهره ولو مع الإنذار وينبغي عدم الضمان معه كما هو مذهب الشافعي ومثل المصنف في عدم الضمان عند ابن رشد ما إذا أسندت جرة زيت مثلًا إلى باب رجل ففتح الباب فانكسرت فقد سئل عنها ابن رشد فقال لا أذكر فيها نصًّا لأحد ويجري فيها على أصولهم قولان تضمين رب الدار وعدمه وبه كنت أفضى ابن عرفة ونقل ابن سهل في رجل وضع جرة زيت حذاء باب رجل ففتح الرجل بابه ولا علم له بالجرة وقد كان مباحًا له وغير ممنوع أن يفتح بابه ويتصرف فيه فانكسرت الجرة فضمنه مالك ليس هو مسألة ابن رشد لأن
ــ
إذا علمت هذا تبين لك أن صواب ح لو قال الخصاء ليس بمثلة مفسدة الخ وأما إطلاقه المثلة ففيه نظر والله أعلم (أو جلس على ثوب غيره في صلاة) قول ز ليس هو مسألة ابن رشد الخ هذا الفرق الذي ذكره هو الذي عند ابن عرفة بعينه ورأيت في أبي الحسن في الوصايا الثاني أنه ذكر مسألة ابن رشد وحكى فيها قولين منصوصين ونسبها لأحكام ابن سهيل ثم قال وظاهر كلام ابن رشد أنه لم يقف على ما حكاه ابن سهل ويحتمل أن يكون وقف عليه ثم لم يذكره الآن اهـ.
والظاهر ما لأبي الحسن وأنهما سواء ويدل له ما ذكره ز عن ابن أبي زيد ونقله الوانوغي ونصه سئل أبو محمد عن الفرق بين الذي يجعل جرة على باب رجل فيفتح الباب فتكسر الجرة أنه ضامن وبين الذي بنى تنورًا في داره لخبزه فاحترقت منه الدار وبيوت الجيران أنه لا ضمان عليه حسبما في كتاب كراء الدور وكل منهما فعل ما يجوز له من فتح الدار والوقيد فقال الفرق أن فاتح الباب كان فتحه له وجنايته في فور واحد فهو مباشر والباني أول فعله جائز ولا جناية فيه وإنما نشأت بعد ذلك فليس بمباشر فافترقا الوانوغي فلم يقف ابن رشد على ما حكيناه عن ابن أبي زيد وقد ذكره ابن سهل رواية عن مالك اهـ.
قوله حذاء باب رجل مع قوله آخر إن يفتح بابه ويتصرف فيه ظاهر في أن الجرة لم توضع على خشب الباب بل بقربه ولذا قال ابن رشد لا أعرف فيها أي في مسألته نصًّا فتأمله وفرق بعض الشيوخ بين فتح الباب المعهود فتحه فلا يضمن وبين فتحه المعهود عدم فتحه فيضمن ذكره تت عند قوله أو حرزا واختار ابن أبي زيد في مسألة ابن رشد الضمان وهو ظاهر لأن الخطأ والعمد في أموال الناس سواء زاد ابن أبي زيد وهذا بخلاف من بنى تنورًا بداره لخبزه فاحترقت منه الدار وبيوت الجيران فلا ضمان عليه كما في المدونة والفرق على ما لابن أبي زيد مع أن كلا فعل ما يجوز له إن فتح الباب وكسر الجرة جناية واحدة فهو مباشر والثاني كان أول فعله جائزًا ولا جناية فيه وإنما نشأت بعد ذلك فليست مباشرة (أو دل لصًّا) أو غاصبًا أو محاربًا والمعتمد أن عليه في ذلك الضمان بل جزم به ابن رشد ولم يحك فيه خلافًا ومثل دلالته ما لو حبس متاعًا عن ربه حتى أخذه اللص ونحوه وظاهر هذا أنه لا رجوع لرب الشيء على اللص ونحوه وإنما ضمانه على الدال مع أنه متسبب والظاهر رجوع الدال حيث ضمن على اللص ونحوه (أو أعاد مصوغًا) غصبه فكسره ثم أعاده (على حاله) فلا شيء عليه ولا يرجع بقيمة الصياغة وأما لو باعه الغاصب فكسره المشتري وأعاده لحاله لم يأخذه إلا بدفع أجرة الصياغة لعدم تعديه قاله تت أي يأخذ الأجرة من المغصوب منه ويفهم من تعليله أن ذلك في مشتر غير عالم بالغصب وإلا فكالغاصب وينبغي في الأول أن يرجع المغصوب منه على الغاصب بما دفعه للمشتري من أجرة الصياغة وربما يدل له رجوع الغاصب على الأجنبي بأرش الجناية حيث غرم القيمة لربه (و) إن أعاده (على) صياغة (غيرها) أي مغايرة لها أو مثلها لكن أزيد أو أنقص مما كان (فقيمته) متعينة وليس له أخذه لفواته والفرق بينه وبين ما تقدم من تخييره مع الفوات في مسألة ما إذا احتاج لكبير حمل أن هذا غير شيئه حكمًا وما تقدم عين شيئه (ككسره) فيغرم لربه قيمته عند ابن القاسم ورجع إليه كذا لأبي الحسن وجعل ح التشبيه في قوله لا أن هزلت أي لا يضمن قيمته وإنما يأخذه وقيمة الصياغة فإن قلت التشبيه لا يفيد قيمة الصياغة قلت نعم لكنه مستفاد من قوله أو جني هو أو أجنبي خير فيه وهذا واضح في الحلي المباح وأما غيره فيأخذه مكسورًا إذ
ــ
(أو دل لصًّا) هذا خلاف المعتمد الذي اختاره أبو محمد وجزم به ابن رشد ولم يحك فيه خلافًا قال ح ولعل المصنف مشى على الأول لأنه يفهم من كلام ابن يونس أنه الجاري على مذهب ابن القاسم اهـ.
بخ وكذا أجراه عليه المازري كما في ق وقوله ز وظاهر هذا أنه لا رجوع لرب الشيء على اللص الخ هذا غير صحيح ولا يقوله أحد كيف واللص هو المباشر لأخذ المال وإنما المراد أنه على القول المعتمد يكون للمالك غريمان يخير فيهما فتأمله (أو أعاد مصوغًا على حاله) هذا هو قول أشهب يأخذه بلا غرم والصواب عند ابن يونس غرم قيمته وإن أعاده لهيئته لأن هذه الصياغة غير تلك انظر ق (ككسره) قول ز عند ابن القاسم ورجع إليه الخ في خش عقب هذا تبعًا لتت ما نصّه وهذا إذا قدر على صياغته فإن لم يقدر فعليه ما نقصه اهـ.
الصياغة المحرمة لا يجوز بقاؤها كذا ينبغي (أو غصب منفعة فتلفت الذات) فلا يضمن قيمة الذات وإن كان يضمن قيمة المنفعة أي قيمة ما استولى عليها منها ولو جزءًا يسيرًا من الزمن كغصبه دابة أو دار القصد انتفاعه بها فقط كركوب وسكنى من غير قصد تملك الذات فتلفت بسماوي لا سبب للمتعدي فيه وبهذا فارقت مسألة تعدي المستعير والمستأجر إذا زاد في المسافة فالغاصب يضمن السماوي دون المتعدي على المعتمد خلافًا لمناقضة ابن عبد السلام مسألة التعدي بالسكنى لمسألة التعدي بالركوب للفرق بأن الهلاك زمن التعدي بالركوب لا يعلم كونه بغير سبب التعدي بحال والهدم يعلم كونه بلا سببه فإن قيل ينبغي أن تتفق المسألتان على الضمان عند علم كونه بسببه وعلى عدمه عند علم كونه بلا سببه فالجواب أن علم العدم ممكن في السكنى وغير ممكن في الركوب (أو) غصب طعامًا فقدمه لربه و (أكله مالكه ضيافة) أو بغير إذن الغاصب أو أكرهه على أكله فلا ضمان على الغاصب قال في الذخيرة وكيف يليق أن ينتفع الإنسان بطعامه ويضمنه لغيره اهـ.
وسواء علم مالكه أنه له أم لا لأن ربه باشر إتلافه والمباشر مقدم على المتسبب إذا ضعف السبب كما مر وهذا مقيد بما إذا كان ذلك الطعام يناسب حال مالكه وإلا ضمنه الغاصب لربه ويسقط عنه من قيمته الذي انتفع به ربه أن لو كان من الطعام الذي شأنه أكله قاله ابن عبد السلام بلفظ ينبغي كما إذا كان الطعام يساوي عشرة دنانير ويكفي مالكه من الطعام الذي يليق به نصف دينار فإن الغاصب يغرم له تسعة دنانير ونصفًا وينبغي إذا أكله بغير إذنه أن يقيد بما إذا أكله قبل فوته عند الغاصب ولزومه قيمته والأرجح على الآكل بقيمته لأنه أكل ملك الغاصب ويرجع هو عليه بقيمة المغصوب وقد تختلف القيمتان أشار له د (وأنقصت) السلعة المغصوبة بمعنى نقصت قيمتها (للسوق) أي لأجل تغيره من غير تغير ذاتها فيأخذها ربها ولا شيء له لعدم اعتبار تغير السوق في هذا الباب بخلاف المستأجر والمستعير ولعل الفرق أن جعل حوالة السوق هنا مفيتة فيه إعانة للغاصب على ما قصده من ملك الذات والمستأجر والمستعير إنما تعديا على المنفعة ولم
ــ
وهو تحريف فاسد إذ القيد المذكور مرتب على قول أشهب إن عليه صوغه لا على قول ابن القاسم الذي هنا قال طفى وفي بعض نسخ تت وقال أشهب يصوغه وهذا إذا قدر الخ ولعله إصلاح اهـ.
(أو غصب منفعة فتلفت الذات) فرض ابن الحاجب هذا في سكنى الدار قال ابن عبد السلام وهو حسن لو طردوه ولكنهم جعلوا المتعدي على الدابة في الكراء والعارية ضامنًا للذات قال ولا يفرق بينهما بالنقل في الدابة دون الدار لأن أهل المذهب جعلوا النقل في المغصوب وصفًا طرديًّا فلا يعتبر اهـ.
وعارض ابن عرفة كلام ابن الحاجب أيضًا بأنه خلاف ما نقله ابن شاس عن المذهب إذ قال فأما لو غصب السكنى فقط فانهدمت الدار إلا موضع سكناه لم يضمن ولو انهدم مسكنه لغرم قيمته اهـ.
يقصدا تملك الذات (أو رجع بها) أي بالدابة (من سفر ولو بعد) ولم تتغير فلا يضمن قيمة ولا كراء كما في تت هنا وذكر د هناك أن عليه الكراء وأن النفي في كلام المصنف لضمان القيمة فقط كما في المسائل المخرجة التي قبل هذه لا في نفيه مع الكراء ولا يقال تصريحه بالكراء في المسألة التي بعدها دليل على انتفاء الكراء فيها لأنا نقول ذاك في تعدي المستأجر وهذا في الغصب اهـ.
وتقدم ما في كلام الشارح وتت من التخالف (كسارق) لدابة سرقتها فليس لربها سواها قاله تت وظاهره سافر بها أم لا استعملها أم لا ويحتمل أن عليه كراءها إن استعملها وظاهر الشارح أن التشبيه تام أي فلا يعتبر تغير سوقها (وله) أي للمالك (في تعدي كمستأجر كراء الزائد) في المسافة اليسيرة كالبريد أو اليوم ولو دون بريد كسيره الهوينا وكذا في الحمل أيضًا كما يأتي في الإجارة من قوله أو حمل تعطب به وإلا فالكراء
ــ
وأجاب ابن عرفة عن المعارضة الثانية بأن التحقيق إجراء المسألة على حكم التلف في مدة التعدي بأمر سماوي لا سبب فيه للمتعدي قال وتقدم تحصيله في العارية فنقل ابن الحاجب بناء على لغو ضمانه بذلك ونقل ابن شاس بناء على ضمانه بذلك فتأمله قال وبهذا أي ببناء نقل ابن الحاجب على لغو الضمان بما لا سبب فيه للمتعدي يتبين لك ضعف مناقضة ابن عبد السلام لأن الهلاك في زمن التعدي بالركوب لا يعلم كونه بغير سبب المتعدي بخلاف الهدم فإنه يعلم بغير سببه اهـ.
قال طفى وفي قوله لا يعلم كونه بغير سبب المتعدي بحال نظر أي لكونه يمكن علمه بسقوط بيت مثلًا على الدابة زمان التعدي على الركوب وتوركه على ابن الحاجب بكلام ابن شاس ذهول منه عن نقل ابن يونس عن ابن المواز قال ابن القاسم من سكن دارًا غاصبًا للسكنى فانهدمت من غير فعله فلا يضمن إلا قيمة السكنى اهـ.
فظهر لك أن بحث ابن عبد السلام وارد (أو رجع بها من سفر) قول ز وذكر د هناك أن عليه الكراء الخ ما ذكره د هو الذي قرر به ح ونصه ذكر هذا هنا ليبين أن هذا الفعل من الغاصب ليس يفوت يوجب تخيير ربها فيها وفي قيمتها وليس مقصوده أنه لا كراء على الغاصب فليس معارضًا لما تقدم أي من التعميم في قوله وغلة مستعمل بناء على ما شهره المازري وغيره ثم قال ح ومن يحمله على نفي الكراء عن الغاصب كما هو مذهب المدونة فيحتاج إلى أن يقرر ما تقدم بذلك اهـ.
وقال طفى تقرير ح بعيد من مساق المصنف لأن ذكره الكراء في المستأجر يفيد أن مراده نفي الكراء في الغاصب (وله في تعدي كمستأجر كراء الزائد إن سلمت وإلا خير فيه الخ) لم يفرقوا هنا في زائد المسافة بين ما تعطب به وما لا تعطب به وفرقوا بينهما في زيادة الحمل كما تقدم في العارية في قوله وإن زاد ما تعطب به الخ ومثل ذلك عند ابن يونس ونصه في كتاب العارية وإن استعار دابة إلى مسافة فجاوزها فتلفت فربها مخير بين أن يضمنه قيمتها يوم تعدي أو كراء التعدي فقط قال بعض فقهاء القرويين لم يراع إذا جاوز المسافة هل
فليس تكرارًا مع ما هنا وهذا كله (إن سلمت) من التعييب (وإلا) إن تعيبت أو كثر الزائد في المسافة عن بريد أو يوم (خير) في الصورتين (فيه) أي في أخذ كراء الزائد معها (وفي) أخذ (قيمتها وقته) أي التعدي ولا شيء له من كراء الزائد وإذا تعيبت واختار كراء الزائد روعي فيه ما هي عليه من العيب فيأخذه على أنها مغيبة في بعض المسافة الزائدة إن تعيبت في بعضها أو على أنها معيبة في كلها إن تعيبت من أوّلها وما ذكرنا من تخييره في زائد المسافة الكثيرة لا ينافي ما يأتي في الإجارة من أنها إذا سلمت ليس له إلا كراء الزائد لحمله على ما إذا كانت يسيرة وما هنا على الكثيرة ودخل بالكاف عارية الدابة لركوبها لمحل معين فزاد وقوله فله كراء الزائد أي مع الكراء الأصلي في الاستئجار والزائد فقط في العارية (وإن تعيب) المغصوب ذاته المقوم بسماوي أو غيره ومنه غيبته على العلية دون الوخش إن لم يقل العيب بل (وإن قل ككسر) أي انكسار (نهديها) لأن الواقع عليهما
ــ
جاوزها بما تعطب به في مثله أم لا تعطب في مثله كما قاله في زيادة الحمل ابن يونس الفرق بينهما أن الذي زاد في المسافة تعدى على جملة الدابة فأشبه الغاصب لها والذي زاد في الحمل على ما لا تعطب في مثله علمنا أن عطبها ليس من أجل الزيادة فكأنه لم يزد عليها شيئًا وقد هلكت في موضع أذن له في سيرها فيه فافترقا ثم قال قال ابن القاسم وإن أمرت من يضرب عبدك عشرة أسواط فضربه إحدى عشر سوطًا أو عشرين فمات من ذلك فإن زاد زيادة أعانت على قتله ضمن وقال سحنون فضمن ولو زاد سوطًا واحدًا ابن يونس رأى سحنون إن الزائد على الضرب كالزائد على المسافة وهو أقيس وابن القاسم رأى هذا كزيادة في الحمل فعطبت اهـ.
منه وقال ابن عرفة في باب العارية بعد أن نقل عن ابن يونس تفريقه في الحمل بين ما تعطب به وغيره ما نصه قلت ظاهر كلام عبد الحق وغير واحد من الشيوخ خلافه وأنه ضامن وإن كان ما حمل عليها لا تعطب في مثله اهـ.
فالمصنف جرى فيما تقدم على ما لابن يونس وبعض القرويين كما علمت وبه تعلم أن كلامه هنا خاص بزيادة المسافة وأن مسألة الحمل لا تدخل هنا وأن إدخال ز لها هنا غير صحيح وقول ز وإذا تعيبت واختار كراء الزائد روعي فيها ما هي عليه من العيب يعني ويعطي مع الكراء أرش العيب كما يفيده ابن يونس ونصه قال بعض أصحابنا إذا أصاب الدابة في تلك الزيادة عيب يسير فوجب على المتعدي غرم ما نقصها وجب أن يسقط من كراء الزيادة على المسافة مقدار ذلك الجزء إن نقصها الربع أو الخمس سقط من كراء الزيادة ربعه أو خمسه ابن يونس وهو صواب لأن قيمة ذلك النقص إنما ضمنها يوم تعديه فكأنه إنما حمل على ما ضمنه كما لو هلك جميعها فضمن قيمتها يوم التعدي لم يكن عليه من الكراء شيء فكذلك إذا هلك بعضها فضمنه يجب أن يسقط كراؤه والله أعلم اهـ.
بلفظه ثم قال إلا أن يكون تعدى عليها بما نقصها بعد رجوعه من الزيادة فهذا يكون عليه النقص والكراء أي كاملًا لأن النقص وجب بعد أن وجب الكراء اهـ.
وظاهر كلامه سواء تعيبت في بعض المسافة الزائدة أو في كلها خلاف ما عند ز فتأمله (وإن قل ككسر نهديها) قال ق وانظر قوله وإن قل لو قال ولو قل لكان مناسبًا لأنه في كتاب
انكسار لا كسر وهو مثال لما قل فيخير ربها بين أن يضمن الغاصب قيمتها يوم غصبها وبين أخذها معيبة ولا شيء له وأشار به للزوم العيب السماوي له (أو جني هو) أي الغاصب (أو أجنبي خير فيه) أي في أخذ قيمته يوم الغصب وأخذ شيئه مع أرش النقص من الغاصب لأن الموضوع أنه جني بخلاف ما إذا لم يجن بل تعيب بسماوي فيخير بين تضمينه القيمة وأخذه بدون أرش وتخييره في تعييب الأجنبي في تضمين الغاصب القيمة ويتبع الغاصب الجاني بأرشها وفي أخذ شيئه ويتبع بأرشها الجاني لا الغاصب وقولي المغصوب ذاته تحرز عما تقدم من أنه إذا تعيب المستأجر أو المستعار من فعل من استأجر أو استعار فإن ربها يخير في أخذ قيمتها أو كراء الزائد وأخذها لأنه في التعدي وما هنا في غصب الذات كما علمت (كصبغه) بسواد لثوب غصبه أبيض يخير مالكه (في)
ــ
محمد فرق بين القليل والكثير وعليه عول في التفريع قال اللخمي وهو أبين يعني أنه لا يضمن من العيب اليسير اهـ.
لكن قوله وعليه عول في التفريع أي لابن الجلاب تبع في نسبته له اللخمي وعياضًا وابن عبد السلام وضيح كلهم نسبوه لابن الجلاب ونازع في نسبته له ابن التلمساني في شرحه قائلًا لا أدري من أين أخذه أبو الحسن اللخمي لأن ابن الجلاب أطلق ولم يفرق في كتابه بل قال فإن نقصت قيمته لعيب حدث به فربه بالخيار وقول ز ومنه غيبته على العلية دون الوخش الخ أي فغيبته على العلية عيب لربها تضمينه قيمتها بسببه وهذا خلاف قول ابن القاسم قال ابن عرفة إذا غاب غاصب على رائعة شك في وطئه إياها في ضمانه إياها قولًا الأخوين وابن القاسم اهـ.
انظر طفى (خير فيه) يعني يخير المغصوب منه في الشيء المغصوب يريد وفي قيمته في ثلاث مسائل الأولى إذا تعيبت بسماوي وليس له فيها إلا أخذه بغير أرش أو أخذ القيمة كما في المدونة الثانية إذا تعيبت بجناية الأجنبي فيخير بين أخذها وأخذ أرش الجناية من الجاني أو تضمين الغاصب القيمة ويتبع الغاصب الجاني كما في المدونة أيضًا وذكر ابن الحاجب هاتين الصورتين ولم يحك فيهما خلافًا الثالثة إذا تعيبت بجناية الغاصب فيخير أيضًا فيها بين أخذها مع أرش الجناية من الغاصب وبين أخذ القيمة منه هذا مذهب المدونة وذكر ابن الحاجب فيها قولين وعزا هذا لابن القاسم ومقابله لأشهب وهو أنه ليس له إلا أخذها يغير أرش أو أخذ القيمة وجعل البساطي هذا الثاني هو المذهب قال ح وفيه نظر لأن الأول مذهب المدونة كما علمت ولم أر من رجح الثاني ولا من شهره والله أعلم اهـ.
وتعقب طفى قوله ولم أر من رجحه بما في الشارح وضيح وابن عبد السلام وابن عرفة من أن قول أشهب اختاره محمد قال إلا أن يريد لم أر من رجحه بصيغة أنه الراجح أو الصواب أو نحو ذلك اهـ.
وقول ز تحرز عما تقدم الخ يقتضي أن ما تعيب في زائد المسافة في الإجارة والعارية واختار ربه أخذه إنما فيه كراء الزائد دون أرش النقص وقد تقدم رده بكلام ابن يونس فراجعه
أخذ (قيمته) أبيض يوم الغصب (وأخذ ثوبه ودفع قيمة الصبغ) يوم الحكم للمتعدي ولا يكونان شريكين ومحل التخيير إذا زاده الصبغ عن قيمته أبيض أو لم يزد ولم ينقص انظر د كما في التوضيح وهو مذهب المدونة خلافًا لما في البساطي انظره فإن نقصه الصبغ عن قيمته أبيض خير في أخذ قيمته أبيض أو أخذه مجانًا كما في الجلاب وقال أبو عمران يخير كالتخيير الذي ذكره المصنف ولو نقصه الصبغ فقوله كصبغه أي كتخييره في مسألة صبغه فحذف حرف الجر لتقدم نظيره وقوله في قيمته بدل اشتمال من قوله كصبغه والصبغ هنا بالمعنى المصدري وقوله ودفع قيمة الصبغ بالكسر بمعنى المصبوغ به (وفي بنائه) أي الغاصب غرصة أو غرسه خير المغصوب منه (في أخذه) أي البناء وكذا الغرس (ودفع قيمة نقضه) بضم النون أي قيمته منقوضًا إن كان له بعد هدمه قيمة كحجر وخشب ومسمار لا ما لا قيمة له كجص وجمرة ونحوهما ودفع قيمة الغرس مقلوعًا على أنه ينبت إن أمكن وإلا فقيمته حطبًا (بعد سقوط) أي إسقاط (كلفة) في نقضه إن (لم يتولها) الغاصب أي لم يكن من شأنه توليها بنفسه أو خدمه فإن كان من شأنه توليها بنفسه أو خدمه لم يسقط المغصوب منه في نظيرها شيئًا والشق الثاني من التخيير إلزام الغاصب قلع بنائه أو شجره مع تسوية الأرض كما كانت ويؤخذ منه أجرة الأرض زمن غصبه كما قدمه بقوله وغلة مستعمل وكراء أرض بنيت فتسقط أيضًا من قيمة النقض عن المغصوب منه إذا أخذ البناء.
تنبيه: إن أزال الغاصب ما يأخذه المغصوب بلا شيء كجص وحمرة غرم قيمته قائمًا للمغصوب لأنه يملكه كما مر بخلاف هدم المستعير بناءه أو قلع غرسه بعد انقضاء المدة وقبل الحكم به للمعير فلا شيء عليه كما مر والفرق أن المستعير مأذون له بخلاف الغاصب وعطف على قوله المثلى ولو بغلاء بمثله قوله (و) ضمن الغاصب (منفعة البضع والحر بالتفويت) أي بالاستيفاء فعليه في بضع الحرّة صداق مثلها وفي بضع الأمة ما نقصها علية كانت أو وخشًا فإن لم يستوف البضع بالوطء ولا استعمل الحر بالاستخدام بل عطل كلا عن العمل والوطء فلا شيء عليه (كحر باعه) غاصبه (وتعذر رجوعه) سواء
ــ
(ودفع قيمة الصبغ) قول ز كما في التوضيح وهو مذهب المدونة الخ هذا راجع للتخيير المذكور لا بقيد إن الصبغ زاد أو لما يزد ولم ينقص لأن الذي في المدونة أنه أن أخذ الثوب غرم قيمة الصبغ وأطلقت في ذلك ومقابله قول أشهب لا شيء عليه في الصبغ وليس فيها تقييد بالزيادة والمساواة وإنما التفصيل في ضيح وغيره عن الجلاب (بعد سقوط كلفة لم يتولها) قول ز ويؤخذ منه أجرة الأرض ز من غصبه الخ يعني إذا كان قد اشتغل بعد البناء والغرس كما تقدم وقول ز فلا شيء عليه كما مر الخ لم يمر له في هذا إلا التوقف ثم ما ذكره من أن عليه في الغصب قيمة ما هدمه قائمًا بخلاف العارية خلاف النقل ففي ابن عرفة بعد ذكره أن قيمة البناء منقوضًا بعد طرح أجر القلع عن ابن رشد ما نصه وقيل لا يحط من ذلك أجر القلع على مذهب ابن القاسم في المدونة وإليه ذهب ابن دحون واعتل بأن الغاصب لو هدمه لم يكن للمغصوب منه أخذه بالقيمة بعد الهدم ابن عرفة فأحرى أن يكون ذلك في غير الغاصب اهـ.
تحقق موته أو ظن أو شك فدية عمد يؤديها لأهله قال ح ويضرب ألف سوط ويحبس سنة وكذا لو فعل به شيئًا تعذر رجوعه به وإن لم يبعه فإن رجع فإنه يرجع للبائع ما غرمه (و) ضمن (منفعة غيرهما بالفوات) وإن لم يستعمله ولا استغله كدار غلقها وعبد ودابة حبسها ولم يستعملهما وهذا إذا غصب المنفعة فلا يخالف قوله فيما تقدم وغلة مستعمل لأنه في غصب الذات (وهل يضمن شاكيه) أي الغاصب وأحرى غيره لأن الفرض أنه ظلم في شكواه (لمغرم) بفتح الراء المشددة متعلقًا بيضمن وبكسرها متعلقًا بشاكيه أي لظالم وهو يعلم أنه يتجاوز في ظلمه ويغرمه ما لا يجب عليه (زائدًا) مفعول يضمن (على قدر) أجرة (الرسول) المعتاد أن لو فرض أن الشاكي استأجر رجلًا رسولًا وإلا فليس هنا رسول بالفعل (إن ظلم) الشاكي المشكو في شكواه للمغرم فإن لم يظلم بل كان مظلومًا لم يغرم القدر الزائد على أجرة الرسول وأما القدر الذي أخذه الرسول فإن المشكو يرجع به على الشاكي سواء كان الشاكي ظالمًا أو مظلومًا فقوله إن ظلم أي وكذا أجرة الرسول لأنها عليه بطريق الأصالة كما يدل عليه كلام صاحب هذا القول وحينئذٍ فيقال لا فرق بين هذا القول والذي بعده وهو قوله (أو الجميع) والجواب ما قاله غ أي وتبعه تت أن الفرق بين القولين يظهر باعتبار المفهوم وذلك لأن مفهوم الأول أنه إذا لم يظلم يغرم أجرة الرسول فقط ومفهوم الثاني أنه إن لم يظلم لا يضمن القدر ولا الزائد قاله د (أولًا) يغرم الشاكي شيئًا مطلقًا لا من الزائد على أجرة الرسول ولا من أجرة الرسول ظالمًا كان في شكواه أو مظلومًا وإنما على الظالم الإثم والأدب فقط وعزاه ابن يونس للكثير وهو يشعر بترجيحه (أقوال) المفتي به بمصر الثاني وهو الموافق لقول ابن عاصم في أجرة الرسول:
وأجرة العون على طالب حق
…
ومن سواه إن ألد يستحق
فقد جعل الأجرة على المطلوب إن كان ملدًا وهو بلدده ظالم فشاكيه غير ظالم كما أنه إذا كان غير ملد يقتضي كون شاكيه ظالمًا فقول د بعدما تقدم عنه ومقتضى هذين القولين عدم التفصيل في أجرة الرسول بين الملك وغيره اهـ.
ــ
فهذا يدل على أنه لو هدمه الغاصب أو غيره قبل الحكم لم يكن عليه فيه شيء والله سبحانه وتعالى أعلم (وهل يضمن شاكيه) قول ز أي الغاصب الخ لا خصوصية للغاصب ابن عرفة لو شكا رجل رجلًا لظالم يعلم أنه يتجاوز الحق في المشكو ويغرمه مالًا والمظلوم لا تباعة للشاكي عليه في ضمان الشاكي ما غرمه المشكو قولان وثالثها لبعض أصحابنا لا ضمان عليه إن كان مظلومًا اهـ.
ابن عاشر وبه يتبين أن ضمير شاكيه لا يختص بالغاصب اهـ.
وفي غ أن ما اقتصر عليه ابن عرفة طريقة المازري والذي في المصنف طريقة ابن يونس انظر كلامه في ق والثالث في كلام ابن عرفة مشكل لأن موضوعه غير موضوع القولين قبله فتأمله قول ز وعزاه ابن يونس للكثير وهو يشعر بترجيحه الخ فيه نظر بل الذي يدل على ترجيحه ما في
غير ظاهر وظاهر كلامهم جريان هذه الأقوال سواء قدر المظلوم على الرجوع على الظالم أم لا لا يقال الغاصب ظالم بغصبه فشاكيه غير ظالم ولا يصلح جعل د ضمير شاكيه للغاصب لأنا نقول المراد بظلمه في شكواه حيث قدر على أن ينتصف منه بدون شكواه فلا ينافي كون شاكيه ظالمًا (وملكه) الغاصب (إن اشتراه) من ربه أو ممن يقوم مقامه وهذا معلوم إذ كل من اشترى شيئًا ملكه ونبه عليه ليرتب عليه قوله (ولو غاب) المغصوب خلافًا لقول أشهب إنما يجوز بيعه من غاصبه بشرط أن يعرف القيمة ويبذل ما يجوز منها بأن ينقد قدر القيمة فأقل ويحبس الزائد حتى يتحقق أنه موجود لئلا يتردد بين السلفية والثمنية وبدون هذا لا يتم الرد على أشهب لأنه لا يقول بمنع الشراء مطلقًا وليفهم أن التردد أول البيع ضعيف وأنه يكفي العزم على الرد فقط (أو) فات عنده و (غرم قيمته) أي حكم الشرع عليه بها لفوته وإن لم يغرمها بالفعل ولا حكم بها قاض وسواء حكم عليه شرعًا بها لزومًا أو مع تخيير المغصوب منه وشرط ملكه للفائت أو الغائب بشرائه (إن لم يموه) أي يكذب في الذات كآبق أو تلف ولم يتبين خلافه فإن كذب في الذات كقوله أبق أو تلف وتبين خلافه سواء كذب مع ذلك في الصفة أيضًا أم لا لم يملكه بشرائه بل يأخذه ربه لاختلاف الذات المبيعة حين الكذب ونزل دعوى الأباق منزلة الكذب في الذات (و) إن كذب في الصفة فقط كأسود فتبين أعلى كأبيض وغرم قيمته أسود لم ينقض
ــ
ح من عزوه لأكثر الأصحاب (وملكه إن اشتراه ولو غاب) قول ز خلافًا لقول أشهب الخ نص ابن الحاجب وفيها لو نقل الجارية إلى بلد ثم اشتراها من ربها في بلد آخر جاز وقال أشهب بشرط أن تعرف القيمة ويبذل ما يجوز فيها بناء على أصل السلامة ووجوب القيمة اهـ.
ضيح قوله جاز أي الشراء بناء على أن الأصل سلامتها في موضعها ورأى أشهب أن قيمتها قد وجبت على الغاصب بوضع يده عليها فلا بد أن يعرف قيمتها ويشتريها بما يجوز أن يشتري به تلك القيمة وبه قال سحنون ومال إليه ابن المواز اهـ.
فالمبيع على قول أشهب هو القيمة الواجبة لا ذات المغصوب لفواتها بالغيبة وبه يتبين لك أن قول ز بأن ينقد قدر القيمة فأقل ويحبس الزائد الخ غير صحيح فتأمله واعلم أن ابن عرفة تعقب على ابن الحاجب ما ذكره من بناء القولين على الأصلين قائلًا هو مشكل لأن الأول عزاه ابن عبد السلام لابن القاسم وهو يقول في نقل الحيوان بوجوب القيمة فلا يتأتى أن يجري على أصل السلامة وإنما الذي د جري عليه هو قول سحنون إن الواجب فيه للمغصوب منه أخذ شيئه والثاني عزاه المصنف لأشهب وهو يقول في النقل إن ربه مخير في أخذه أو قيمته ولم يقل بوجوب القيمة إلا ابن القاسم حسبما تقدم عن اللخمي اهـ.
بخ وقول ز وأنه يكفي العزم على الرد الخ أي في أن يقر له بالغصب وقد عزل وعاد ممن تأخذ الأحكام قال ابن رشد فإن كان على حاله من الظلم والتعدي والقدرة على الامتناع من جريان الحق عليه فهو شراء فاسد لأن ربه مغلوب على بيعه منه وإن كان مقرًا له اهـ.
(أو غرم قيمته إن لم يموه) قول ز وإن لم يغرمها بالفعل ولا حكم بها قاض الخ فيه
شراء الغاصب ولكن (رجع) المغصوب منه (عليه بفضلة أخفاها) فهو راجع لمفهوم إحدى صورتي المنطوق ويصح أن يرجع للمنطوق ولم ينقض البيع لعدم اختلاف الذات المبيعة باختلاف الصفة وأما الذكورة والأنوثة فمن الاختلاف في الذات أي قال غصبت جارية وقال المالك عبدًا فالقول للغاصب إلا أن يظهر أنه عبد بعد إعطاء قيمة الجارية فله النقض للبيعة كما في الشارح وتت ولعل وجهه أنه لما أكثر الاختلاف بين صفات الذكر والأنثى نزل ذلك كالاختلاف في الذات قاله عج ولعل الفرق بين ما هنا وبين عدم الاختلاف بالذكورة والأنوثة في السلم كما قدم المصنف تعدى الغاصب وكذبه قال ح انظر لو وصفها الغاصب ثم ظهرت أنقص مما وصفها فهل له الرجوع أم لا وكذا لو وصفها المغصوب منه أي فيما يرجع فيه لوصفه ثم ظهرت أزيد اهـ.
(والقول له) أي للغاصب لأنه غارم (في) دعوى (تلفه ونعته وقدره) وأنكر ربه ما ذكره (وحلف) إن أشبه في النعت والقدر سواء أشبه الآخر أم لا فإن لم يشبه فلربها بيمينه إن أشبه وإلا قضى بأوسط القيم بعد يمينهما بنفي كل دعوى صاحبه مع تحقق دعواه انظر تت وفيه زيادات حسنة ومثل المصنف اختلافهما في جنسه إن أشبه الغاصب أو أشبها أو لم يشبه واحد لأن الجنس عام فلا يتأتى فيه أوسط القيم فالقول للغاصب لأنه غارم وإن
ــ
نظر بل عبارتهم تدل على أنه لا بد من حصول الحكم بها من قاض وعبارة المدونة قال ابن القاسم لو قضينا على الغاصب بالقيمة ثم ظهرت الأمة بعد الحكم فإن علم أنه أخفاها فلربها أخذها ورد ما أخذ اهـ.
وقال ابن الحاجب وإذا حكم بالقيمة ملكه الغاصب فلا رجوع له في مثل الآبق على المشهور اهـ.
ومثله في عبارة ضيح وقال د ظاهر المصنف أنه لا بد أن يغرمها بالفعل وأما الحكم بذلك فلا يكفي وعبارة المدونة إذا حكم بذلك اهـ.
وقول المصنف إن لم يموه أي إن لم يتبين كذبه في دعواه التلف أو في الصفة قال في ضيح أشهب ويحلف أنه لم يخفها عن ربها ولقد كانت فاتت من يده وتبقى له أبو الحسن وقوله تفسير اهـ.
ابن عرفة قال اللخمي وأرى إذا وجد الجارية عند الغاصب أن لصاحبها أن يأخذها ويحمل على أنه أخفاها لأنه قد علم رغبته فيها أو تحامله عليها بالغصب ومن غصب يخفي فيحمل على أن يده عليها حسبما كانت حتى يعلم أنها خرجت من يده ثم عادت اهـ.
(والقول له في تلفه ونعته وقدره الخ) قول ز في النعت والقدر الخ ظاهره أنه لا يحلف في دعوى التلف وليس كذلك بل لا بد من اليمين كما قاله ابن عبد السلام قال في ضيح وإن غصب جارية وادعى هلاكها واختلفا في صفاتها صدق الغاصب في الصفة مع يمينه إذا أتى بما يشبه فإن أتى بما لا يشبه صدق المغصوب منه مع يمينه وكذلك نص مالك في المدونة
أشبه المغصوب منه فقط فالقول قوله بيمينه وشبه بما تقدم تشبيهًا تامًّا قوله (كمشتر منه) أي من الغاصب فالقول له في تلفه ونعته وقدره وحلف إن أشبه سواء كان يضمنه كعلمه غصب بائعه أم لا فالتشبيه هنا باعتبار قبول قوله وأما تضمينه وعدمه فشيء آخر سيأتي في قوله وضمن مشتر لم يعلم في عمد لا سماوي وغلة وهل الخطأ كالعمد تأويلان وسواء كان الشيء المغصوب مما يغاب عليه أم لا (ثم غرم) المشتري بعد حلفه قيمته فيما ذكره (لآخر رؤية) رئي المغصوب عنده عليها بعد شرائه وإنما لزمته اليمين مخافة أن يكون أخفاه فيما يغاب عليه وهو غير عالم ولم تقم على هلاكه بينة فإن لم ير عنده فيوم القبض بخلاف الصانع والمرتهن والمستعير إذا ادعوا تلف ما بأيديهم فإنهم يحلفون ثم يغرمون قيمته يوم القبض ولو رئي عندهم بعده لأنهم قبضوا على الضمان فيتهمون في غيبته على استهلاكه فأشبهوا المتعدي بخلاف المشتري فإنه قبضه على الملكية فلا يتهم وقول المصنف كمشتر منه في دعواه تلفه بسماوي وكان مما يغاب عليه ولم يعلم كما مر ولم تقم على هلاكه بينة أو لا يغاب عليه وظهر كذبه فإن علم فكالغاصب وإن قامت له بينة بتلفه بسماوي أو كان مما لا يغاب عليه ولم يظهر كذبه لم يضمنه وعلى هذا يحمل قوله فيما يأتي لا سماوي (ولربه إمضاء بيعه) أي الغاصب لأنه كبيع الفضولي وله رده وسواء قبض المشتري المبيع أم لا علم أن بائعه غاصب أم لا حضر المغصوب منه وقت البيع أو
ــ
والعتبية على وجوب اليمين على الغاصب إذا اختلفا في القدر ولم أر في الأمهات وجوب اليمين على الغاصب إذا ادعى التلف لكن نص فيها على الشيء المستحق إذا كان مما يغاب عليه أنه يحلف إذا ادعى المشتري تلفه وكذلك في رهن ما يغاب عليه ولا يمكن أن يكون الغاصب أحسن حالًا منهما وقد نص ابن عبد السلام على وجوب اليمين هنا في التلف اهـ.
(كمشتر منه) قول ز سواء كان مما يغاب عليه أم لا الخ القول قوله في التلف وغيره سواء كان مما يغاب عليه أم لا علم بغصبه أم لا لكن إن علم بأن البائع غاصب فحكمه في الضمان حكم الغاصب وإن كان غير عالم فإن كان مما لا يغاب عليه فلا غرم عليه فيه وإن كان مما يغاب عليه فعليه غرم قيمته فيغرم في ثلاث صور (ولربه إمضاء بيعه) قول ز علم أن بائعه غاصب أم لا الخ ظاهره أنه ليس للمشتري نقض البيع مطلقًا حضر المغصوب منه أو غاب وليس كذلك لقول المدونة وإذا باع الغاصب ما غصب ثم علم المبتاع بالغصب والمغصوب منه غائب فللمبتاع رد البيع فحجته أن يضمنه ويصير ربه مخيرًا عليه إذا قدم اهـ.
وقيد اللخمي الغيبة بالبعيدة فجعل قريب الغيبة كالحاضر كما نقله ح وقول ز فيتبع الغاصب إن كان مليئًا الخ أي فإن كان فقيرًا ضمن المشتري وهو أحد قولين حكاهما اللخمي وقيل لا يضمنه المشتري وهما مبنيان على أن البيع هو العقد أو التقابض فعلى الأول يكون أجاز البيع دون القبض وعلى الثاني يكون أجاز البيع والقبض ونقل في النوادر القولين وصعف غرم المشتري فاقتصار ز عليه فيه نظر انظر ح وقد اقتصر ز على الراجح بعد هذا والله أعلم وقول ز قال اللخمي إلا أن يكون المالك المجيز فاسد الذمة الخ ما قاله اللخمي
غاب غيبة قريبة أو بعيدة وإذا أمضاه فيتبع الغاصب بالثمن إن قبضه من المشتري وكان مليئًا وإلا رجع على المشتري ولا يتبع الغاصب بقيمته يوم الاستيلاء ولو أزيد من الثمن لأنه بإمضاء بيعه يقدر كأنه البائع وليس للمبتاع رد المبيع حين إمضاء ربه قال اللخمي إلا أن يكون المالك المجيز فاسد الذمة بحرام أو غيره (و) للمغصوب منه (نقض عتق المشتري) من الغاصب وأخذ الرقيق (وإجازته) فيتم عتقه ويلزم العقد الأول ويرجع المغصوب منه بالثمن على الغاصب ولو أعسر ولا رجوع له على المشتري وذكر هذا مع علمه من قوله ولربه إمضاء بيعه لدفع توهم أن محل رد البيع ما لم يحصل من المشتري عتق فإنه كالفوت وذكر قوله وإجازته مع علمه من قوله نقض الخ تصريحًا بما علم التزامًا ويمكن ضبط وإجارته براء مهملة أي وله نقض إيجار المشتري لما اشترى ولا يقال إن البيع مغن عن الإجارة لأنا نقول ربما يتوهم أن الإجارة ليست كالبيع لأنها حصلت بوجه مشروع ولا تفوت على ربها لأن لها مدة تنقضي بها ومثل البيع الهبة وسائر العقود وأما إذا أعتقه الغاصب وأجاز مالكه عتقه ويأخذ منه قيمته فلا يلزم عتقه إذ العتق بفوت عند الغاصب فليس لربه أخذ قيمته بل عين شيئه وأما إذا أجازه على أن لا يأخذ منه قيمته فإنه يلزمه العتق (وضمن مشتر) من غاصب (لم يعلم) بغصبه (في عمد) أي في إتلافه عمدًا وهو حينئذٍ مع الغاصب في مرتبة واحدة على المعتمد في اتباع ربه أيهما شاء بمثل المثلى وقيمة المقوم فإن تبع الغاصب فيعتبر يوم الاستيلاء ولم يرجع على المشتري وإن تبع المشتري وذلك يوم تعديه رجع على الغاصب فإن قيد قد مر أن المشتري يغرم لآخر رؤية فلم غرم هنا يوم التعدي قيل لأنه هنا لما قصد التملك من يوم وضع اليد مع ثبوت التلف عمدًا اعتبر غرمه يوم التعدي بخلاف المشتري السابق فإنه لم يثبت تعديه فيحتمل أنه أخفى المبيع فلذلك أغرم من آخر رؤية رئي عنده (لا) تلفه عند المشتري من (سماوي)
ــ
مبني على أن العهدة في المبيع تنتقل عن الغاصب إلى المغصوب منه وهو ظاهر سماع ابن القاسم ودليل ما في كتاب الاستحقاق من المدونة وقال سحنون العهدة لا تنتقل عن الغاصب نقله عن مالك وهو دليل ما في كتاب الغصب من المدونة من لزوم الشراء للمشتري إذا أجازه المستحق انظر تحرير ابن رشد لهذه المسألة في طفى (وضمن مشتر لم يعلم في عمد) قول ز وإن تبع المشتري رجع على الغاصب الخ يحتمل أن مراده رجع المشتري على الغاصب بالثمن الذي كان دفع له وهذا هو الذي في خش ويحتمل أن مراده رجع المالك على الغاصب بتمام القيمة يوم الغصب إن كانت القيمة يوم الإتلاف أقل منها وهو مذهب ابن القاسم قاله اللخمي ونقله طفى والاحتمالان معًا صحيحان وقول ز يوم التعدي الخ صوابه يوم الإتلاف كما في المدونة وغيرها لأنه لا تعدي مع عدم العلم بالغصب (لا سماوي) أي لا يضمنه المشتري بمعنى إنه لا يكون غريمًا ثانيًا للمالك فلا يقال كيف لا يضمن السماوي مع أن العلة له لأنا نقول إنما نفينا نوعًا خاصًّا من الضمان وهو ضمانه للمالك وإلا فهو ضامن للغاصب بمعنى أنه لا يرجع بثمنه عليه إن كان دفعه له ويدفعه له إن كان لم يدفعه اهـ.
في مغصوب يغاب عليه وقامت بينة على تلفه وفيما لا يغاب عليه حيث لم يظهر كذبه فلا ضمان عليه ويرجع ربه بقيمته على الغاصب (و) لا ضمان على مشتر في (غلة) استغلها غير عالم بأن بائعه غاصب ولا على الغاصب فيما استغله المشتري لأنه لم يستعمل كما يفهم من قوله فيما مر وغلة مستعمل والفرق بين عدم ضمانة غلة المشتري منه وبين ضمانة غلة موهوبه كما يأتي أنه خرج من يده بغير عوض فكأنه لم يخرج من يده بخلاف بيعه (وهل) التلف أو التعييب (الخطأ) من المشتري غير العالم بأن بائعه غاصب (كالعمد) فيضمن الذات أو كالسماوي فلا يضمنها (تأويلان) ووارثه (وموهوبه) أي الغاصب (إن علما كهو) في ضمانهما القيمة لكن الموهوب يضمنها يوم التلف ويضمن الغلة قبل يوم التلف فللمستحق الرجوع بها على أيهما شاء ولا يتصور بعد يومه وأما المشتري منه فيضمن القيمة والغلة مع علمه بغصبه فلو زاد ومشتريه إن علموا كهو لكان أشمل (وألا) يعلما بغصبه (بدئ بالغاصب) وتركته حتى في سماوي وخطا على وارثه وموهوبه فيغرم القيمة والغلة كما عزاه الشارح لابن القاسم وهو المعتمد كما يفيده ابن وهبان كنت عن الكافي وبحث فيه بأن الضمان يوم الاستيلاء فالغلة بعده له وأجيب بأنه خلف ذلك علة أخرى وهي أن الظالم لا يربح لعدائه وبأنه مبني على أن الضمان يوم التلف ولا غرابة في بناء مشهور على ضعيف كما أشار لذلك بقوله (ورجع عليه) أي رجع المغصوب منه على الغاصب المليء بدليل ما بعده (بغلة موهوبه) أي بالغلة التي استغلها الموهوب من الشيء
ــ
انظر ضيح (تأويلان) الأول لابن أبي زيد والثاني لابن رشد وبناهما في البيان على أن البيع هل هو على الرد حتى يجاز أو على الإجازة حتى يرد (ووارثه وموهوبه إن علما كهو) أي كهو في الضمان ورد الغلة وتخيير المالك في اتباع من شاء منهما كغاصبين اهـ.
وقول ز فلو زاد ومشتريه إن علموا الخ فيه نظر إذ لو زاده لم ينزل عليه قوله وإلا بدئ الغاصب لما مر في المشتري الذي لم يعلم من أنه في العمد كغريم ثان قال في ضيح والفرق لابن القاسم أنه إذا ابتدئ بتضمين المشتري كان للمشتري الرجوع على الغاصب ولا كذلك الموهوب له فإنه إذا غرم لم يكن له رجوع البتة اهـ.
كلام ضيح بخ (وإلا بدئ بالغاصب) الظاهر رجوع هذا للموهوب فقط إذ لا غاصب مع الوارث يبدأ به وحينئذٍ فلا فرق في الوارث بين العلم وعدمه لكن لا يضمن إن لم يعلم إلا جناية نفسه والمسألة في المدونة وغيرها مفروضة في الموهوب فقط قال طفى وأما الوارث فالمراد به وارث الغاصب وحينئذ فلا تتأتى فيه البداءة بالغاصب ولا في تركته لأن الفرض أنه مات وقسموا المغصوب واستغلوا ثم استحق ففيها لو مات الغاصب وترك هذه الأشياء ميراثًا فاستغلها ولده كانت هذه الأشياء وغلتها للمستحق اهـ.
ووارث الغاصب لا غلة له علم أو لم يعلم وأما المشتري فيخير المستحق في اتباعه أو الغاصب في العلم وعدمه والغلة له مع عدم العلم فلا يغرمها ولد الغاصب اهـ.
كلام طفى بخ.
المغصوب ولا يرجع الغاصب بما رجع به عليه على موهوبه وإذا رجع على الغاصب بغلة موهوبه فأولى ما استغله هو ثم محل الرجوع على الغاصب بغلة موهوبه إذا كانت السلعة قائمة أو فاتت ولم يختر تضمينه القيمة إذ لا يجمع بين الغلة والقيمة خلافًا للشارح وأما المشتري منه غير العالم فلا يرجع المستحق على الغاصب بغلته (فإن أعسر) الغاصب (فعلى الموهوب) يرجع بما استغله فقط لا بما استغله الواهب قبل الهبة وأعسر فإن أعسر اتبع أولهما يسارًا ومن أخذ منه شيء لا يرجع على الآخر في الصورتين وقول تت فإن أعسر فعلى الموهوب ثم يرجع بها الموهوب على الغاصب إذا أيسر قاله في البيان اهـ.
خلاف ما كتبه جد عج بطرة الشارح عن المدونة وأبي الحسن عليها من عدم الرجوع لأنه يقول وهبتك شيئًا فاستحق وأما وارث الغاصب فلا غلة له علم بغصب مورثه أم لا مات مليًّا أم لا حيث كانت السلعة قائمة وأما لو فاتت وضمن الوارث القيمة فله
ــ
فرع: إذا باع عن الصغير قريبه كالأخ والعم بلا إيصاء ولا حضانة فكبر الصغير وأخذ شيئه فإن المشتري لا يرد الغلة ولو كان عالمًا يوم البيع بتعدي البائع قاله في المعيار قال الشيخ ميارة لأن في القريب خلافًا بين العلماء هل يتنزل منزلة الوصي أم لا وعلى الثاني فالمشتري منه له شبهة تسوغ له الغلة قاله أبو الحسن الصغير وكذا من باع ما يعرف لغيره زاعمًا أن مالكه وكله على بيعه وهو من ناحيته وسببه فلم يثبت التوكيل ففسخ البيع فلا ترد الغلة وكذا إذا باع الحاضن ما ليس بيسير ثم فسخ بيعه فلا ترد الغلة أيضًا اهـ.
من خط سيدي محمد ميارة رحمه الله وقول ز فيغرم القيمة والغلة الخ هذه عبارة الشارح وضيح وظاهرها الجمع بينهما وهو الجاري على ما عزاه في الكافي لمالك وجمهور أهل المدينة كما تقدم عند قوله وغلة مستعمل لكن قد علمت هناك أنه خلاف مذهب ابن القاسم في المدونة فينبغي أن تحمل عبارتهما هنا على التفريق أي يغرم القيمة إن فات والغلة إن رده انظر طفى وعزو الشارح لابن القاسم إنما يصح على التفريق وما في زمن البحث والجواب مبنيان على إبقاء عبارة الشارح على ظاهرها بناء على ما للكافي والحق خلافه (فإن أعسر فعلى الموهوب) قول ز خلاف ما كتبه جد عج الخ هذا قصور واعلم أن ما نقله تت عن البيان هو كذلك فيه إلا أنه ذكره تخريجًا وذكر عقبه نص المدونة بعدم الرجوع معتمدًا له انظر نصه في طفى ولا ينبغي لأحد أن يعتمد التخريج ويترك نص المدونة ومثل ما في تت عن البيان وقع في ضيح فإنه اقتصر على تخريج ابن رشد ولم يستوعب كلامه المشتمل على التخريج والنص في المدونة بخلافه قاله طفى قلت عبارة ابن رشد في المقدمات تقتضي أن مقابل اهـ مدونة منصوص لا مخرج ونصها وإذا كان الواهب أو الموروث غاصبًا حل الوارث والموهوب له محلهما فيرد الوارث الغلة وكذلك الموهوب له إلا أنه يختلف فيمن يبدأ على ثلاثة أقوال أحدها المشهور عن ابن القاسم أن الغاصب هو المبدأ ولا يرجع على الموهوب له إلا في عدم الغاصب واختلف على هذا القول إن وجد الغاصب عديمًا فرجع على الموهوب له هل للموهوب له أن يرجع على الغاصب أم لا على قولين قيل يرجع عليه وهو القياس وقيل لا يرجع عليه وهو قول ابن القاسم في كتاب كراء الدور من المدونة اهـ.
الغلة لا للمغصوب منه لأنه لا يجمع بين القيمة والغلة (ولفق شاهد بالغصب) أي بمعاينته من زيد (لآخر على إقراره) أي الغاصب (بالغصب) أي بأنه غصبه من زيد (كشاهد بملكك لثان بغصبك) أي بغصبه منك (و) أخذت المشهود به و (جعلت) فيها أيها المشهود له في المسألتين (ذا يد) فقط أما في الأولى فلأنه لم يشهد له واحد منهما بملكها إذ قد تغصب من مستعير ومستأجر ومودع ومرتهن وأما في الثانية فلأن شاهد الغصب لم يثبت له ملكًا وشاهد الملك لم يثبت له غصبًا فلم يجتمعا في ملك ولا غصب قاله الشارح (لا مالكًا) خلافًا لابن أبي زيد وفي الثانية وإن اقتصر عليه تت قبل السوادة (إلا أن تحلف مع شاهد الملك) أنه شهد لك بحق يمينًا مكملة للنصاب في الثانية إذ هي التي فيها شاهد ملك وكذا تجعل ذا يد إذا حلفت مع شاهدي غصب شهدا على معاينة غصبه منك أو على إقراره بأنه غصبه منك ويترتب على قوله وجعلت ذا يد أن له التصرف فيه باستغلال لا ببيع أو نكاح أمة وأنه إذا أتى مستحقها أخذها إن كانت قائمة وقيمتها إن فاتت وأنه يضمن السماوي على ما يفيده الشارح في اللقطة (و) تحلف أيضًا (يمين القضاء) ما بعت ولا وهبت ولا تصدقت ولا خرجت عن ملكك بوجه من الوجوه وهذا على إثبات الواو كما هو خطه فلا بد من حلفه بيمينين أحدهما مع شاهد الملك والثانية يمين القضاء ولا يكتفي بالثانية وإن كانت تتضمن الأولى على ما جزم به ابن رشد وجزم اللخمي بالاكتفاء بيمين القضاء وعلى الأول فهل له جمعهما في يمين واحدة وبه جرى العمل أولا خلاف (وإن ادعت) امرأة (استكراها) كذا وجد بأصل المصنف وبعده بياض كمله الأقفهسي بخطه أي ادعت استكراها على الزنا (على) رجل (غير لائق) به ما ادعت عليه بأن كان صالحًا (بلا
ــ
بلفظه ثم ذكر بقية الأقوال لكن قد علمت أن المعتمد مذهب المدونة (وجعلت ذا يد) في بعض النسخ وجعلت حائزًا والمعنى واحد ويعني بلا يمين حتى في الصورة الثانية مع قيام السلعة لأن الشهادتين اجتمعتا على حوز المشهود له فإن فاتت أو تعيبت فليس له أن يضمن المشهود عليه قيمتها إلا إذا حلف مع شاهد الغصب وهذا الذي عليه المصنف هنا تبع فيه ما في التنبيهات لعياض ونقل غ كلامه والذي اختصر عليه الأكثر المدونة هو أن الشهادة في الثانية تامة يقضي فيها بإيجاب الملك بعد يمين القضاء وهذان القولان متفقان على التلفيق في الثانية ونقل ابن يونس عن بعض الفقهاء عدم التلفيق فيها وأنها شهادة مختلفة فمع القيام حلف مع أي الشاهدين شاء وثبت ما شهد به من الملك أو الغصب لأنهما لم يجتمعا على ملك ولا غصب وأما مع الفوات فيحلف مع شاهد الغصب ويضمن الغاصب القيمة فهي ثلاثة أقوال قولان بالتلفيق والثالث بعدمه ولما لم يقف ق على ما لعياض اعترض على المصنف بأنه مخالف لما في المدونة ولنقل ابن يونس ووهم الشارحان فحملا كلام المصنف على ما نقله ابن يونس وهو غير صحيح لتصريح المصنف بالتلفيق ولعدم ذكره اليمين فتأمله وقول ز وشاهد الملك لم يثبت له غصبًا الخ الصواب إسقاط هذا من التعليل فتأمله وقول ز لا ببيع أو نكاح أمة الخ الذي كان يقرره بعض الشيوخ أن له التصرف ظاهرًا بالبيع والوطء وغيرهما إذ
تعلق) به أي بكمه أو بذيله (حدت له) أي للزنا المستفاد من ادعت استكراها إن ظهر بها حمل وكذا إن لم يظهر إلا أن ترجع عن قولها فإن تعلقت به لم تحد للزنا وتحد للقذف تعلقت به أم لا كانت ممن تخشى الفضيحة أم لا ومفهوم غير لائق أمران أحدهما ادعاؤها على فاسق فيسقط عنها حد القذف وكذا حد الزنا إلا إن ظهر بها حمل ولم تتعلق به فتحد للزنا ثانيهما ادعاؤها على مجهول حال فحد الزنا كالصالح إن تعلقت به سقط وإلا لزمها وأما حد القذف فإن كانت تخشى الفضيحة سقط إن تعلقت وإلا ففيه خلاف وإن لم تخش لزمها إن لم تتعلق وإن تعلقت ففيه وخلاف وانظر إذا شك هل هي ممن تخشى الفضيحة أم لا وليس لها مهر على واحد من الثلاثة لأن ما ذكرته إقرار على نفسها وعلى المدعى عليه فلا تؤاخذ بإقرارها عليه وأيضًا فقد ذكر ابن رشد عن رواية عيسى عن ابن القاسم أنها لا صداق لها فيما إذا ادعته على فاسق وتعلقت به فأولى إن لم تتعلق وأولى على مجهول الحال والصالح ولا يرد على ذلك قول مالك في مغصوبة احتملت بمعاينة بينة ثم خرجت مدعية وطأه لها غصبًا وأنكر لها المهر ابن القاسم لأن الشهادة وإن لم تتم في الحد لعدم معاينة الوطء فلها المهر وإنما لم ترد هذه على ما ذكرناه في مسألة المصنف لأنه في مجرد دعواها وهذه احتملت مع شهادة بينة على إكراهها على دخولها لمحله ولذا ذكرها ابن عرفة قبل مسألة المصنف ولما ذكر الغصب وكان بينه وبين التعدي مناسبة عقبه به فقال (والمتعدي جان على بعض) للسلعة (غالبًا) كخرق بخاء معجمة لثوب وكسر بعض صحفة بخلاف الغاصب فإنه جان على جميع السلعة ومن غير الغالب أنه متعد على كلها كمكتري دابة أو مستعيرها لموضع معين وزاد في المسافة المدخول عليها فهما متعديان على كل لا على بعض ومع ذلك جعلوهما من التعدي لا من باب الغصب فالقيد
ــ
لا منازع له وإنما فائدة كونه ذا يد أنه إذا قامت بينة بالملك لغيره قدمت على بينته لأنها إنما أثبت الحوز وهو ظاهر (حديث له) قول ز فإن تعلقت به لم تحد للزنا الخ في ح نقل صاحب الإكمال عن بعض أصحابنا في المشتهرة بذلك مثل صاحبة جريج أنها تحد للزنا على كل حال ولا تصدق بتعلقها به وفضيحتها نفسها لأنها لم تزل مفتضحة بحالها وهذا صحيح في النظر اهـ.
طفى وهو ضعيف فلا يقرر به كلام المصنف وقول ز وانظر إذا شك هل هي ممن تخشى الفضيحة الخ قلت نص المتيطي على أن المجهولة تحد للقذف ونصه وإن كان مجهول الحال حديث له حد القذف إن كانت مجهولة الحال أيضًا أو لم تكن من أهل الصون وأما إن كانت من أهل الصون فيخرج وجوب حد القذف عليها على قولين اهـ.
(والمتعدي جان) ابن عرفة التعدي هو التصرف في شيء بغير إذن ربه دون قصد تملكه وقول ز واعترض ابن عرفة الخ لفظ ابن عرفة وقول ابن عبد السلام لا يعم صور التعدي الخ بناء منه على أن جناية المكتري والمستعير على كل الدابة ويرد بأنها على أجزائها من حيث كونها مأخوذة ملكها وجنايته لم تتعلق به اهـ.
وقول ز ويمكن أن يجاب الخ لا يخفى تكلف هذا الجواب اهـ.
بقوله غالبًا للإدخال واعترض ابن عرفة وصر احتياج إدخالهما إلى قيد غالبًا بأن المقصود بالتعدي إنما هو الركوب الذي هو منفعة الدابة فيما زاد على المسافة والرقبة متابعة لذلك لا مقصودة بالتعدي ولا خفاء في الفرق بين قصد غصب الدابة وقصد غصب ركوبها إلى مسافة أبعد مما أذن له فيه اهـ.
وأما حرق بحاء مهملة لنحو الثوب المستعار أو المستأجر وقتل الدابة كذلك فلا يشملهما تعريفه إلا بزيادة غالبًا وذكر الشارح وتت أن ما ذكره المصنف ليس تعريفًا للمتعدي وإنما هو إشارة إلى ما يفترق فيه المتعدي من الغاصب وفيه شيء لأن ما يميز الشيء عن غيره تعريف ومما يفترق فيه الغاصب من المتعدي أيضًا أن الغاصب يضمن الفساد اليسير بخلاف المتعدي قاله الشارح وتت وفيه نظر فإن المتعدي يضمن الفساد اليسير أيضًا كما يأتي ولو قالا بدل هذا ومنها أن الفساد اليسير من الغاصب يوجب لربه أخذ قيمة المغصوب إن شاء والفساد اليسير من المتعدي ليس لربه إلا أخذ أرش النقص الحاصل به لكان ظاهرًا قاله عج ويمكن أن يجاب عنهما بأنهما أراد أن الغاصب يضمن الفساد اليسير مع تخيير المغصوب منه في تضمين القيمة بخلاف المتعدي فلا يضمن اليسير مع تخيير المظلوم بل يغرم النقص فقط كما يقول المصنف وإن لم يفته فنقصه ومنها أن المتعدي لا يضمن السماوي والغاصب يضمنه ومنها أن المتعدي يضمن غلة ما عطل بخلاف الغاصب وفيه تخفيف عليه وتشديد على المتعدي عكس ما قبله وشمله قوله جان الجناية عمدًا أو خطأ ولا ينافيه التعبير بلفظ المتعدي لأنه من الأمور الاصطلاحية ثم أشار إلى أن المتعدي يضمن قيمة السلعة في الفساد الكثير دون اليسير فإنه يضمن فيه نقصها فقط بقوله (فإن أفات) في العمد كما هو ظاهره ومثله الخطأ فالأحسن حذف الهمزة فيقول فإن فات (المقصود كقطع ذنب دابة) مسلم (ذي هيئة) ومروءة كقاض وأمير لا غير ذي هيئة إلا أن تكون هي ذات هيئة لمسلم ولا نتف شعرها أو قطع بعض ذنب ذي هيئة فيضمن النقص فقط إلا لعرف في الجميع ففيه ما ذكره المصنف وما تقدم من إيراد الدابة ذات الهيئة على المصنف فقط إلا لعرف في الجميع ففيه ما ذكره المصنف وما تقدم من إيراد الدابة ذات الهيئة على المصنف مبني على جعل دابة مضافة إلى ذي فإن جعل دابة في كلامه منونًا وذي صفة له شمل كلامه الصورتين ولا يمنع إرادة ذلك وصفها بذي فكان الواجب أن يقول ذات لأنا نقول في الحديث فإذا بدابة أهلب طويل الشعر وفيه أيضًا فأتى بدابة أبيض فوق الحمار ودون البغل فذكر وصف البراق لأن دابة في معنى حيوان فراعى في الوصف المعنى (أو أذنها أو) قطع (طيلسانه) مثلث اللام (أو لبن شاة هو المقصود) الأعظم منها إذا تعدى عليها بأمر أذهبه أو قلله فإن قلت لا حاجة لقوله هو المقصود لاستفادته من قوله فإن أفات المقصود قلت المقصود مقول بالتشكيك إذ يشمل المقصود الأعظم وغيره ولا شك أن لبن الشاة مقصود منها لكن تارة يكون معظم المقصود وتارة لا يكون معظمه فلو اقتصر على الأول لاقتضى أن الجناية المفسدة للبنها
توجب ضمان القيمة كانت هي الأعظم منها أو دونه وليس كذلك إذ الموجب لتضمين القيمة إنما هو الفعل المفسد للبنها حيث كان معظم المقصود منها (أو قلع عيني عبد أو) قطع (يديه فله أخذه ونقصه أو قيمته وإن لم يفته فنقصه) فقط يأخذه ومثل لما لم يفته بقوله (كلبن بقرة) أو شاة ليس هو المقصود الأعظم منها (و) قطع (يد عبد أو عينه) إلا أن يكون صانعًا أو ذا يد أو عين واحدة فيضمن قيمته في الأخيرين وكذا في الصانع كما حكى ابن رشد الاتفاق عليه حسبما ذكره ابن عرفة وأما قطع الرجل الواحدة فمن الكثير (و) إذا تعدى على عبد عمدًا مع قصد شين وأفات المقصود منه أولا واختار السيد أخذه قيمته (عتق عليه) أي على المتعدي بالحكم (إن قوم) أي إن طلب سيده قيمته لا إن أخذه ونقصه ولا يعتق ولا إن كانت خطأ أو عمدًا بغير قصد شين ويدخل في قوله إن قوم ماذا تراضيا على التقويم فيما لا يجب فيه تقويم كجناية عمدًا فيها شين قصد ولا تفيت المقصود ونحوه لطخ فقوله إن قوم أي برضا صاحبه فقط في مفيت المقصود وبرضاهما معاني غير مفيته (ولا منع لصاحبه) أي ليس له حبسه أي أخذه وأخذ نقصه (في الفاحش) المفيت معظم المقصود وإنما له أخذ قيمته (على الأرجح) عند ابن يونس وهو مقابل لقوله فله أخذه ونقصه أو قيمته وهو خاص بالجناية على من يعتق بالمثلة أي أنه عند ابن يونس يتعين على سيده أخذ قيمة الرقيق لا أخذه مع نقصه فيجبره الحاكم على أخذ قيمته والجاني على دفعها ليعتق عليه العبد فلا يحرمه سيده العتق بأخذه مع نقصه فهذا مقابل لما قدمه من تخيير صاحبه وما قدمه هو مذهب المدونة وفي كلام البساطي وتت وجد عج
ــ
(وعتق عليه إن قوم) قول ز ويدخل في قوله أن قوم ما إذا تراضيا على التقويم الخ هذا غير صحيح لنص المدونة كما في ق على إنه لا يعتق عليه فيما لا تخيير فيه (على الأرجح) نص ابن يونس قال بعض القرويين معنى قول ابن القاسم إن الجاني على العبد جناية مفسدة يغرم القيمة ويعتق عليه إنما هو إذا طلب ذلك سيده وأما إن أبى من ذلك فله أخذ العبد وما نقصه وليس العتق بأمر واجب للعبد لا بد منه ابن يونس هذا الذي ذكره خلاف قول ابن القاسم وأشهب والصواب من هذا الذي اختاره أنه إذا أفسده هكذا أن يغرم قيمته ويعتق عليه أحب أم كره لأن قيمته عوضه فهو يضار في ترك قيمته صحيحًا وأخذه ما لا ينتفع به وإحرام العبد من العتق وإن لم يفسده مثل أن يفقأ عينه الواحدة أو يقطع يده الواحدة ولم يذهب بها أكثر منافعه فالسيد مخير بين أخذه وما نقصه لأنه منتفع به أو يغرم الجاني قيمته ويعتق عليه أدبًا له لتعديه وظلمه كما قال مالك وأشهب وأما إن كانت يسيرة مثل أن يجدع أنفه أو يقطع أصبعه ولم يفسده ذلك فليس عليه إلا ما نقصه نقله ق قال طفى فاختلاف ابن يونس وبعض القرويين في معنى قول ابن القاسم في المدونة فالمناسب لاصطلاح المصنف التأويلان لكن ابن يونس لما لم يقتصر عن ذلك بل اختار تفصيلًا سلكه وجعل المراتب ثلاثًا مفسدًا فاحشًا وكثيرًا وبسيرًا أراد المصنف أن يشير إلى اختياره ولذا قيل قوله في الفاحش إشارة إلى أن غير الفاحش له المنع فيه والله أعلم اهـ.