الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب
(صح وندب إعارة مالك منفعة)
بملك أو إجارة أو عارية كما سيذكر وعبر بندب ليفيد حكمها الأصلي هنا ولم يعبر في غيرها من العقود بحكمه غالبًا بل يقتصر فيه على الصحة كقوله وإنما تصح من أهل التوكيل والتوكل لأن الأصل فيما صح الإباحة بخلاف هذه لما خالف حكمها الأصل في الصحة نص عليه وعبر يصح مع أن الندب يتضمنه لإفادة عدم الصحة في المخرجات والحال والمبالغة والمراد بالصحة الانعقاد فتخرج إعارة الفضولي ملك الغير فإنه غير منعقد كهبته ووقفه وسائر ما أخرجه على غير عوض لا على عوض كبيعه فصحيح يتوقف انعقاده على رضا مالكه ولا يرد على تفسيرها بالانعقاد عارية الزوجة ما زاد على ثلثها إذ لا فرق بين التبرع بالذات أو المنافع فإنه يقتضي أنه غير منعقد مع أنه منعقد إلا أن يرده الزوج لأنه لما قدم قوله وللزوج رد الجميع إن تبرعت بزائد اندفع توهم دخولها هنا في عدم الانعقاد خلافًا لذكر د أنه بالزائد غير منعقد ثم الصحة
ــ
العارية
هي بتشديد الياء فعلية بفتح العين من التعاور بمعنى التداول أو فاعولة من عراه يعروه عرض له وقصده أو فعيلة من عراه على القلب أو فاعولة من التعاور على القلب أيضًا وقول الجوهري إنها منسوبة إلى العار وأنكر عليه لأنه لو كان كذلك لقالوا يتعيرون لأن العار عينه ياء انظر ابن عرفة وقد نقل كلامه ح ابن عرفة وهي مصدرا تمليك منفعة مؤقتة لا بعوض فتدخل العمري والإخدام لا الحبس واسما مال ذو منفعة مؤقتة ملكت بغير عوض والعرف استعمالها اسمًا وهو الشيء المعار اهـ.
وأورد على التعريف أنه صادق على منفعة دار مثلًا ورثت ممن اكتراها مع أن ذلك لا يقال فيه عارية وأجاب ابن عرفة بأن عموم نفي العوض لأنه نكرة في سياق النفي يخرجه قلت لا يحتاج إليه لأن لفظ تمليك لا يشملها إذ الأرث ملك لا تمليك فتأمله وانظر من أين أخرج ابن عرفة الحبس فإن أخرجه من لفظ منفعة كما فهمه الرصاع قائلًا لأن فيه ملك الانتفاع لا المنفعة ففيه نظر من وجهين أحدهما ما ذكره في ضيح من أن المحبس عليه يملك المنفعة بدليل أنه يؤاجر لغيره الثاني إن حمل المنفعة على ما فهمه من المعنى الأخص يخرج العارية التي شرط ربها على المستعير أن ينتفع بنفسه فقط فيكون التعريف غير جامع فتأمله وإن أخرج الحبس بقوله مؤقتة وهو الظاهر ورد عليه أن الحبس لا يشترط فيه التأبيد إلا أن يقال إن المؤقت من أفراد العارية وهو ظاهر والله أعلم (صح وندب إعارة مالك منفعة) قول ز فتخرج
حال كون مالك المنفعة ملتبسًا (بلا حجر) فالمحجور عليه لا يصح إعارته كمريض بأكثر من ثلثه بدليل قوله فإن أجيز فعطية وقررنا بلا حجر متعلقًا بمالك لا يصح ولا بندب لإيهامه أن المحجور عليه لا يندب له مع الصحة وليس كذلك وكذا قوله (وإن مستعيرًا) مبالغة في الصحة لا في الندب إذ يكره للمستعير ثوبًا أو كتابًا إعارته لغيره وكذا إذا استعار دابة للركوب كما في الإجارة والصحة لا تنافي الكراهة وكذلك قال بعض شيوخنا انظر د ومحل الصحة ما لم يمنعه المالك من إعارته فقوله بلا حجر أي شرعي كالصبي والعبد ولو مأذونًا له في التجارة لأنه إنما أذن له في التصرف بعوض ولم يؤذن له في نحو العارية إلا ما كان استئلافًا للتجارة أو جعليّ من المالك فإنه إذا منعه من الإعارة لا يعير فلا يريد حجر المال فقط ولا فرق في الحجر الجعلي بين أن يكون صريحًا أو بقرينة كقوله لولا أخوتك أو ديانتك أو صداقتك ما أعرتك (لا) تصح إعارة (مالك انتفاع) وهو من ملك أن ينتفع بنفسه فقط ولا يؤجر ولا يهب ولا يعير ومالك المنفعة من له تلك الثلاثة مع انتفاعه بنفسه والفرق بينهما أن مالك الانتفاع تقصد ذاته مع وصفه كإمام أو خطيب أو مدرس ببيت وقف عليه بالوصف المذكور وكمستعير منع من أن يعير بخلاف مالك المنفعة فإنما يقصد الانتفاع بالذات لأي منتفع كمستعير لم يمنع من إعارة ثم إن من ملك الانتفاع وأراد أن ينفع به غيره فإنه يسقط حقه منه ويأخذه الغير على أنه من أهله حيث كان من أهله كما وقع للبرزلي في سكنى خلوة الناصرية ممن كان يملك الانتفاع بها وأما غير ذلك فليس له أن يعير كسكنى بيت المدارس والزوايا والربط والجلوس في المساجد والأسواق ويستثنى
ــ
إعارة الفضولي الخ هذا خرج بقوله مالك منفعة وقول ز عارية الزوجة ما زاد على ثلثها الخ انظر هل يعتبر في ذلك قيمة المنفعة أو قيمة الذات واختار أحمد الأول لأن المنفعة هي المتبرع بها وقول ز فإنه يقتضي أنه غير منعقد أي لخروجه بقوله بلا حجر ولذا كان الظاهر أن لو أخر عنه هذا الكلام (لا مالك انتفاع) قول ز كإمام أو خطيب أو مدرس الخ الظاهر أن المملوك لهؤلاء هو المنفعة لا الانتفاع فقط وإن ملك الانتفاع هو الذي شرط فيه المحبس خصوص سكنى من قام به الوصف كبيوت المدرسة وقول ز فإنه يسقط حقه منه أي زمانًا مخصوصًا إن قيد ذلك بزمان ويرجع له بعد انقضائه كالعارية كما أفاده البرزلي في نوازله وقول ز ومن هذا النزول عن الوظائف بشيء يأخذه فلا يصح الخ هذا هو مقتضى الفقه لكن ذكر البرزلي في نوازله بعد أن نقل عن ابن رشد جواز الأخذ على رفع الأيدي في المعدن ما نصه هذا ونحوه يدل على ما يفعل اليوم في البلاد المشرقية من بيع وظيفة في حبس ونحوه من مرتبات الأجناد فإنه يرفع يده عنها خاصة وقد كان يمضي لنا عن أشياخنا أن هذا لا يجوز لوجهين أحدهما أنه لا يملك إلا الانتفاع لا المنفعة فلا يجوز له فيها بيع ولا هبة ولا عارية الثاني على جواز تسليم بيعها هي مجهولة لا يدري بقاؤه فيها ولا قدر ما يستحقه وتقدم في الجعائل في كتاب الجهاد أنه ليس بمعاوضة حقيقة ومن شرطه أن يكون من أهل حبسه
من ذلك ما جرت العادة به من إنزال الضيف المدارس والربط مدة يسيرة فلا يجوز إسكان بيت المدارس دائمًا ولا إيجاره إذا عدم الساكن ولا الخزن فيه ولا بيع ماء الصهاريج ولا استعماله فيما لم تجر العادة به إلا الشيء اليسير وليس للضيف بيع الطعام ولا إطعامه ولا يباع زيت الاستصباح ولا يتغطى ببسط الوقف ونحو ذلك والخلو من ملك المنفعة لا من ملك الانتفاع والخلو اسم لما يملكه دافع الدراهم من المنفعة التي وقع في مقابلتها الدراهم ولذ يقال أجرة الوقف كذا وأجرة الخلو كذا قاله عج وقال د قوله لا مالك انتفاع أي فإنه لا تصح إعارته ومثل ذلك إجارته ومن هذا النزول عن الوظائف بشيء يأخذه فلا يصح لأنّ من بيده الوظيفة مالك للانتفاع وأما ما أخذ مما في قسم الزوجات من الجواز فقد قال ابن فرحون إنه ضعيف ومن ملك الانتفاع ما سئل عنه بعض شيوخنا من أن من أستعار كتابًا وقفًا هل له أن يعيره فأجاب بأنه ليس له ذلك لأنه مالك الانتفاع فقط وهو حسن اهـ.
والضمير في أنه ضعيف للجواز ويحتمل الأخذ وإن جاز النزول كذا للبدر في الدرر المنيفة في الفراغ عن المنفعة وقوله بأنه ليس له ذلك يفيد أن قوله وإن مستعيرًا مقيد بمستعير من ملك لا من وقف إلا أن يسقط مستعيره حقه في العارية ويكون الثاني من أهلها كما مر فيما وقع للبرزلي ثم قال د وأما ما يقع عندنا بمصر من خلو الحوانيت لمن هو مستأجر كل شهر بكذا فقد قال بعض شيوخنا إنه من ملك المنفعة نظرًا لكون العقد صحيحًا فالمستأجر قد ملك المنقعة وحينئذ فله أخذ الخلو ويورث عنه وأما أجره للمستأجر إجارة لازمة فهذا لا نزاع فيه وقد أفتى الشيخ شمس الدين محمد اللقاني وأخوه ناصر الدين بأن الخلو المذكور معتد به لكون العرف جرى به اهـ.
قال عج في كبيره ومن خطه نقلت عقب نقله د وقوله لمن هو مستأجر الخ أنت خبير بأن المستأجر مالك المنفعة فما معنى الخلو وما فائدته إلا أن يقال أي في فائدته أنه ليس لمن له التصرف في المنفعة التي استأجرها سواء كان مالكًا أو ناظرًا أن يخرجها عنه وإن كانت الإجارة مشاهرة فتأمله وقوله وقد أفتى الخ يقتضي أن فتواهما وقعت في خلو مستأجر ولم أر ذلك في فتوى صر ولم أسمع من أشياخي أن للشيخ شمس الدين اللقاني في هذا فتيًّا ونص ما رأيته وسئل الشيخ ناصر الدين اللقاني بما نصه ما تقول السادة العلماء في خلو الحوانيت الذي صار عرفا بين الناس في هذه البلدة يعني مصر وفي غيرها ووزنت الناس في ذلك مالًا كثيرًا حتى وصل الحانوت في بعض الأسواق أربعمائة دينار ذهبًا جديدًا فهل إذا مات شخص وله وارث هل يستحق حانوت مورثه عملًا بعرف ما عليه الناس أم لا وهل إذا
ــ
وديوانه ثم ذكر ما وقع له في الديار المصرية فانظره والله أعلم وقول ز وقد أفتى الشيخ شمس الدين الخ بمثل ما ذكره من الفتاوى وقعت الفتوى من شيوخ فاس من المتأخرين كالشيخ القصار وابن عاشر وأبي زيد الفاسي وسيدي عبد القادر الفاسي وأضرابهم ويعبرون عن الخلو المذكور بالجلسة جرى بها العرف لما رأوه من المصلحة فيها فهي عندهم كراء على التبقية
مات شخص وعليه دين ولم يخلف ما يفي بدينه فهل يوفي ذلك من خلو حانوته أم لا فأجاب بما نصه نعم إذا مات شخص وله وارث شرعي يستحق خلو حانوت مورثه عملًا يعرف ما عليه الناس وإذا مات من لا وارث له يستحق ذلك بيت المال وإذا مات شخص وعليه دين ولم يخلف ما يفي بدينه فإنه يوفي ذلك من خلو حانوته اهـ.
وسئل شيخنا الشيخ سالم السنهوري عن رجل بيده خلو فتعدى شخص آخر على المحل الذي به الخلو واستأجره من الناظر على الوقف فهل يلزمه فيما سكن أجرة المثل وتفض على الخلو والوقف أم لا فأجاب بما نصه الحمد لله يلزم الساكن أجرة المثل تقسم بين الوقف ورب الخلو بحسب مالهما اهـ.
وكذا أفتى معظم شيوخنا أن منفعة ما فيه الخلو شركة بين صاحب الخلو والوقف بحسب ما يتفق عليه صاحب الخلو والناظر على وجه المصلحة كما يؤخذ مما أفتى به صر اهـ.
كلام عج في كبيره إلا قوله وكذا أفتى معظم الخ فمن لفظه وقول السائل للسنهوري فتعدى الخ يقتضي أنه ليس للناظر إيجار لغير صاحب الخلو وبه أفتى والدي قائلًا إنه مقتصى فتوى صر ونحوه للبدر القرافي برسالته الدرر المنيفة ويشترط في المستعير أن يكون (من أهل التبرع عليه) بذلك الشيء المستعار وهذا متعلق بإعارة ومن بمعنى اللام كذا قال بعض شيوخنا وقال إنه لم يقف على كون من بمعنى اللام قاله د ويقدح فيه قول الكرماني مجيء من بمعنى اللام شاذ ذكره عج في الجنائز عند قوله ونقل وأن من بدو وأما مجيء من بمعنى إلى فوارد كما في ابن السبكي قال المحلي نحو قرب منه كما نقله د في الجنائز وقال تت هنا عداه بمن أي دون اللام لتضمنه معنى وهب اهـ.
أي ولا يضر تعدي وهب لمفعولين نحو وهبني الله علمًا وللثاني باللام نحو وهبتك لزيد والمراد بكونه أهلًا للتبرع عليه أي بذلك الشيء بخصوصه فتخرج إعارة المسلم للذمي كما يذكره ولا يرد أن هبة ذات المسلم للكافر جائزة كما في المدونة أو ممنوعة ابتداء وماضية بعد الوقوع كما حمل كلامها عليه أبو الحسن لأنه لما أجبر على إخراجه
ــ
وقد أشار لها في ضيح في باب الشفعة فانظره (من أهل التبرع) هو متعلق بإعارة ومن للتعدية لأن أعار يتعدى بمن كما صرح به في القاموس فلا حاجة لدعوى كون من بمعنى اللام ولا لما ادعاه تت من تضمن أعار معنى وهب ونص القاموس أعاره الشيء وأعاره منه وعاوره إياه وتعور واستعار طلبها واستعار منه طلب إعارته اهـ.
وقول ز أي بذلك الشيء بخصوصه الخ لا بد منه في كلام المصنف وبمثله قيد ابن عبد السلام كلام ابن الحاجب الذي هو كعبارة المصنف وقبله في ضيح وقال ابن عرفة قول ابن الحاجب المستعير أهل للتبرع عليه قاصر لأن الكافر أهل للتبرع عليه وجواب ابن عبد السلام بأن مراده بزيادة بالمستعار بخصوصه يرد بأن كل كلام لا يصح كذلك لصحة تقييده بما به يصح قلت إنما يقال هذا حيث لا قرينة على القيد والقرينة هنا موجودة في كلام ابن الحاجب
كما تقدم لم يستقر له عليه ملك بخلاف هبة منفعته أو إعارته فإنه يغلب فيه قصد الإذلال إذ الغالب إعارته للاستخدام فلذا منعت وصرح بمعمول إعارة وهو المستعار بقوله (عينا لمنفعة مباحة) استعمالًا وإن لم يبح بيعها كجلد أضحية وميتة مدبوغ وكلب صيد كما يجوز هبة ذات كل ومنفعته وقوله عينا أي ذاتًا وهو معمول إعارة كما مر المضاف لفاعله وهو مالك وهذا مفعوله الثاني ومفعوله الأول من أهل التبرع عليه لا معمول مالك خلافًا للشارح سواء قرئ مالك بالتنوين ونصب منفعة أو بالإضافة ومالك لا يتعدى لمفعولين واللام في لمنفعة تشبه لام العاقبة باعتبار الأيلولة أي يؤول أمرها إلى استيفاء المنفعة أي عاقبة إعارة العين ومآل أمرها استيفاء المنفعة وإنما لم تكن لام العاقبة لأنها التي يكون ما بعدها نقيضًا لما قبلها وهنا ليس نقيضًا لأنه يجامعه فهي تشبهها من حيث الأيلولة كما مر كما أشار له البساطي أي وليست للعلة لأن العلة في الندب الثواب الأخروي لا نفع المعار وأخرج من حيث المعنى من قوله من أهل التبرع عليه قوله (لا) استعارة منفعة غير مباحة (كذمي مسلمًا) وقولي من حيث المعنى ظاهر وأما من حيث الإعراب فالمعطوف بلا محذوف بدليل المعطوف عليه أي لا من غير أهل التبرع كذمي مسلمًا أي لا تجوز إعارة المسلم للذمي ولا إعارة مصحف لكافر وسلاح لمن يغزو به المسلمين وأواني
ــ
والمصنف وهي تعقيبه بقوله لا كذمي مسلمًا انظر غ (عينًا لمنفعة مباحة) أسقط ابن الحاجب لفظة عين فالمعار عنده هو المنفعة لقوله المستعار منفعة مع بقاء العين واعترضه ابن عرفة بقياس من الشكل الثاني وصورته كل عارية يمكن أن تؤدي ولا شيء من المنفعة يمكن أن يؤدي ينتج لا شيء من العارية بمنفعة وينعكس إلى قولنا لا شيء من المنفعة بعارية واستدل للصغرى بحديث أبي داود عن يعلى بن أمية قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتتك رسلي فادفع لهم ثلاثين درعًا وثلاثين بعيرًا" فقلت يا رسول الله أعارية مضمونة أو عارية مؤداة قال بل مؤداة وبما أنشده الجوهري:
إنما أنفسنا عارية
…
والعواري قصارى أن ترد
والقصارى بالفتح الغاية ولذلك زاد المصنف رحمه الله عينًا وقول ز ومفعوله الأول من أهل التبرع الخ صوابه العكس لأن هذا مقيد بالجار فهو المفعول الثاني وعينًا مسرح عن الجار فهو المفعول الأول كما في نحو واختار موسى قومه سبعين رجلًا وقول ز واللام في لمنفعة تشبه لام العاقبة الخ فيه نظر والصواب أنها لام العلة وليس معلولها الندب بل معلولها هو الإعارة أي إعارة الذات لأجل استيفاء المنفعة وهو ظاهر ولا تتقيد لام العاقبة بكون ما بعدها نقيضًا لما قبلها كما زعمه بدليل {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)} [الذاريات: 56] وقول ز وأخرج من حيث المعنى الخ لا معنى للإخراج هنا لأن ما بعد لا ليس داخلًا فيما قبلها ولأن لفظة لا ليست من أدوات الإخراج والحق إن هذا تصريح بمفهوم قوله من أهل التبرع ولا عاطفة (لا كذمي مسلمًا) قول ز وظاهر جعل المصنف لها غير صحيحة أنه لا
لمستعملها في كخمر ودواب لمن يركبها لأذية مسلم ونحو ذلك أي مما لازمه أمر ممنوع قاله الشارح فالكاف داخلة على ذمي وعلى مسلمًا وظاهر جعل المصنف لها غير صحيحة أنه لا يؤاجر عليه وظاهره أيضًا منع إعارة المسلم للذميّ ولو ليحيط له بحانوته أيمما المسلم ولا يستبد بعمله مع أن هذا جائز في الإجارة فتقاس العارية عليها وكذا يقال فيها في بقية أقسام الإجارة الأربعة كما لابن رشد ثانيها عمله بحانوت الصانع لكن يستبد بعمل الذمي وكجعله مقارضًا أو مساقي تحت يده فيكره ذلك ثالثها محظورة وهي خدمته ببيته وللإرضاع له فيه فإن وقعت فسخت فإن فاتت مضت وله الأجرة رابعها حرام كحمل الخمر ورعى الخنزير ويفسخ فإن فات تصدق بالأجر اهـ.
وقال القرطبي من الغلول منع الكتب من أهلها وكذلك غيرها اهـ.
أي غير الكتب قال ح وانظر ما يستعار للتجمل به هل هو من باب التشبع بما ليس له انظر الأبي في باب الإيمان في حديث من ادعى دعوى كاذبة اهـ.
وقال اللخمي تجوز عارية العين على بقاء عينها لصيرفي ليظهرها لأن يقصد بالشراء أو من قل ملؤه ابن عرفة هذا إذا كان ليعامل بالنقد وأما إلى أجل فغرور لا يجوز الإعانة عليه اهـ.
وفي التوضيح عقب كلام اللخمي وينبغي أن يمنع هذا لوجهين أحدهما بالقياس على إجارتها أي فإنها لا تصح والثاني أن فيه إيهامًا للناس وتغريرًا وهو الظاهر عندي اهـ.
(وجارية لوطء) أو تمتع بدونه فتحرم إعارتها لأدائه إلى إعارة الفروج وينبغي أن تكون إعارتها للوطء كتحليلها له في عدم الحد وفي التقويم وإن أبيا وغيرهما (أو خدمة لغير محرم) فلا يجوز فإن نزل ذلك بيعت تلك الخدمة من امرأة أو مأمون إلا أن يكون قصد المعير نفس المعار فترد الأمة له وتبطل العارية ثم محل عدم الجواز ابتداء إلا إن كان مأمونًا وله أهل فيجوز قاله اللخمي واقتصر عليه ق والشارح وفي د أنه معمول عليه وذكره تت على وجه يوهم أنه مقابل (أو) إعارة جارية (لمن تعتق عليه) من ذكر أو أنثى وكذا عبد (وهي) أي المنفعة المعارة لمن تعتق عليه (لها) أي للأمة المعارة لا للمعير ولا
ــ
يؤاجر عليه الخ فيه نظر بل الظاهر أنها تمضي ويؤاجر عليه مثل ما تقدم في هبة العبد المسلم الذمي وصرح بهذا خيتي ويدل لصحته ما ذكره بعده في خدمة لغير محرم وصرح به اللخمي في قوله فإن نزل ذلك بيعت تلك الخدمة من امرأة أو مأمون نقله ابن عرفة وكذا قول المصنف فيما بعده وهي لها فهذا كله يدل على الصحة بعد الوقوع ولكنها تؤاجر للغير وحينئذ يرد على المصنف الاعتراض في إخراج هذه الأمور من حكم الصحة والله أعلم (أو خدمة لغير محرم).
فرع: قال ابن ناجي قال شيخنا أبو مهدي لا نص في خلوة الرجل مع خادم زوجته والظاهر أنه بحسب الأشخاص فإذا وثق بنفسه جاز ولا ينتقض بالحرة لأن النفس مجبولة على الميل إليها وإن كانت كبيرة (أو لمن تعتق عليه) قول ز قياسًا على مسألة شهادة لرق بحرية ثم
للمعار له فقوله وهي لها خاص بالفرع الأخير فإن أجرت نفسها زمنها فالظاهر أنه ليس لسيدها منعها منها ولا له نزع أجرتها قياسًا على مسألة شهادة الرق بحرية ثم رجع عنها ومثل العارية في ذلك الإجارة كما قال ابن عبد السلام إنه محتمل أي ممكن وعليه فإذا وقعت إجارة العبد أو الأمة لمن تعتق عليه فقياس مسألة العارية أن تكون المنفعة للعبد أو الأمة وتضيع الأجرة على المستأجر لأن ملك المنفعة كملك الذات فكما أن الذات إذا ملكها تعتق عليه فكذا المنفعة ثم إن هذا بالنسبة للأرقاء وأما لو كان لشخص أب حر مثلًا فهل له أن يستأجره أم لا وينبغي أن يكون له ذلك وليس هذا من ذلك لأنه في هذه المسألة راض وفي تلك مرغم قاله د وقوله وينبغي الخ في المدونة في خصوص الرضاع لا بأس أن يؤاجر الرجل أمه أو أخته أو ذا رحم على رضاع ولده اهـ.
وظاهرها شمولها للحرة والأمة وعليه فإن حمل قول المصنف أو لمن تعتق عليه على عمومه في الرضاع وغيره كانت العارية مخالفة للإجارة وإن خص بإعارتها لغير الإرضاع وأما له فيستوي حكم العارية والإجارة في الجواز فلعل الفرق أن الرضاع أخف امتهانًا من غيره ويحتمل أن كلام المدونة في الحرة وأما الأمة فكما ذكر المصنف والفرق بينهما ما أبداه د ولما تقدم أن شرط صحة العارية الانتفاع بها مع بقاء عينها ذكر ما ينتفع بها مع ذهاب عينها بقوله (والأطعمة والنقود قرض) لا عارية وفائدته ضمانها ولو قامت بينة على هلاكها ولو وقعت بلفظ العارية ولما كانت أركان العارية أربعة المعير والمستعير والشيء المستعار وقدم هذه الثلاثة أشار للركن الرابع وهو ما تكون به الإعارة بقوله (بما يدل) عليها من فعل أو قول (عرفا) ولو إشارة وتكفي المعاطاة فلا يشترط فيها صيغة مخصوصة كالبيع بل كل ما يدل على تمليك المنفعة بلا عوض وإنما تلزم بما يدل إن قيدت بعمل أو أجل أو لم تقيد ولزم فيها المعتاد وإلا لم تلزم كما سيذكره (وجاز أعني بغلامك) على حرثي ونحوه (لأعينك) بغلامي
ــ
رجع عنها الخ هذا الكلام غير ظاهر فتأمله ولعل صوابه على مسألة شهادة برقية ثم رجع عنها وصورتها حينئذ أن يشهد شخص مع غيره على حر بأنه رقيق فلان فينتزع المشهود له مال المشهود عليه ثم يرجع الشاهد عن شهادته فيغرم للمشهود عليه ما انتزع منه بشهادته وليس للسيد انتزاع ذلك المال من رقيقه لأن السيد معترف بأن رقيقه ظلم الشاهد فيما غرمه له على أن قياس مسألة المصنف على هذه فيه نظر لأن السيد معترف بصحة ملك الجارية هنا فتأمله وقول ز ويحتمل أن كلام المدونة في الحرة الخ هذا هو المتعين والاحتمال الأول غير صحيح والله أعلم ثم بعد هذا وقفت على كلام ابن عرفة ونصه وفيها لا بأس أن يؤاجر الرجل أمه أو أخته أو ذات محرم منه على رضاع ولده ولا ينافيه نقل اللخمي في العارية منع استخدام الولد والده لأن الإرضاع خفيف اهـ.
منه في باب الإجارة وهو يدل على أنه لا فرق بين الرقيق والحرفي منع استخدام الولد والده في غير الرضاع وتفريق د غير صحيح لمخالفته ذلك (وجاز أعني بغلامك لا عينك
أو دابتي أو نفسي على حرثك أو غيره ولذا حذف متعلقه للتعميم حال كون ذلك (إجارة) لا عارية لأنها بغير عوض وهذا بعوض اتحدت المنفعة أم لا تساوي زمنها أو اختلف تماثل المعان به للآخر أم لا كحرث وبناء وغلام وثور فلا يشترط اتحاد المنفعة ولا عين ما تستعمل به وإنما يشترط قرب زمن المنفعتين كشهر فلا يجوز أعني بغلامك غدا على أن أعينك بغلامي بعد شهر لأنه نقد في منافع يتأخر قبضها وهذا يوافق قوله فيما تقدم وأجير تأخر شهرًا ولكن ذكروا هنا في مسألة دولة النساء على أن يغزلن كل يوم لواحدة أنه لا يجوز إذا كان يتأخر لإحداهن عشرة أيام أو أفسح على ما لابن سراج ولعل الفرق قوة الغرر في مسألتهن بتعددهن فطرو المانع لهن أو لبعضهن أكثر من مسألة الغلامين وذكر هذه هنا مع أنها ليست عارية بل إجارة كما قال نظر إلى قوله أعني والإعانة معروف (وضمن المغيب عليه) أي ما يعد مغيبًا عليه في الاصطلاح وهو ما يمكن إخفاؤه ومنه سفينة سائرة (إلا لبينة وهل وإن شرط نفيه تردد) وعلى القولين لا يفسد العقد وقيل يفسد ويكون للمعير أجرة ما أعاره قال في الشامل وحيث ضمن المستعير أي في جميع مسائل باب العارية فإن رأته البينة عنده فلآخر رؤية وإلا فلربه الأكثر من قيمته يوم قبضه أو تلفه ولو تلف قبل الاستعمال غرم قدر ما بقي منه ويسقط عنه قدر استعماله في مدة الإعارة أي أن لو استعمله ولو باعه فشريك بقدره ولو أتلفه المعير أي بعد قبض المستعير وقبل استعماله فهل يغرم قيمته ويستأجر للمستعير فيها مثله أو يشتري له مثله أو يغرم قيمة تلك المنافع وهو الأحسن أقوال وقال أشهب إن أتلفه قبل قبضه فلا شيء عليه كالواهب يبيع الثوب قبل قبضه اهـ.
ــ
إجارة) قول ز وإنما يشترط قرب زمن المنفعتين كشهر الخ فيه نظر والصواب المنع إذا تأخر الشروع أكثر من نصف شهر ولا فرق بين غزل النساء وغيره وتقدم اعتراض قول المصنف في الخيار وأجير تأخر شهرًا وإنما منع ذلك في دولة النساء إذا كان يتأخر لإحداهن عشرة أيام لأن ذلك يستلزم تأخر الشروع في غزل الثالثة عشرين يومًا مع منع التأخر فوق نصف شهر فتأمله وقد جمع غ في هذا الموضع الشروط الثلاثة المعتبرة في دولة النساء في بيت فقال:
شرط طريحة النسا قرب المدا
…
وصفة الغزل وذكر الإبتدا
اهـ.
(وهل وإن شرط نفيه تردد) قول ز ولو باعه فشريك بقدره الخ أي ولو باعه المعير قبل استعمال المستعير يكون المستعير شريكًا معه في الثمن بقدر الاستعمال وقول ز أي بعد قبض المستعير الخ فيه نظر والصواب أنه لا فرق بين كونه قبل قبض المستعير وبعده لأنهما على قول ابن القاسم هما سواء والتفصيل لأشهب ونص اللخمي ويختلف إذا أهلكه المعير بعد قبضه منه هل يغرم قيمته ويستأجر للمستعير من القيمة مثل الأول أو يشتري له من القيمة مثل الأول أو يغرم له قيمة تلك المنافع قياسًا على من أخدم أمة ثم أولدها ثم قال وقيمة المنافع أحسنها قال ويختلف إذا أهلكه قبل القبض فعلى قول ابن القاسم كمن قبض وعلى قول أشهب لا يغرم له شيئًا كمن وهب له ثوبًا فباعه قبل أن يقبضه منه اهـ.
وفي المقدمات وإذا وجب على المستعير ضمان العارية فإنما يضمن قيمة الرقبة يوم انقضاء أجل العارية على ما ينقصها الاستعمال المأذون فيه بعد يمينه لقد ضاعت ضياعًا لا يقدر على ردها لأنه يتهم على أخذها بقيمتها بغير رضا صاحبها فإن استعملها في غير ما أذن فيه فنقصها الاستعمال الذي استعملها فيه أكثر من الاستعمال الذي أذن فيه فيضمن ما زاد على ما أذن فيه فإن عطبت ضمن قيمتها يوم انقضاء أجل العارية على ما ينقصها الاستعمال المعارة له فإن أراد رب العارية أن يأخذ منه قيمة ما استعملها فيه بعد أن يطرح من ذلك قيمة إجارة ما كان أذن له فيه لم يكن له ذلك في قول إن كانت أكثر من قيمتها وفي قول يكون له ذلك وأما إن كان ذلك أقل من قيمتها لم يمنع من ذلك (لا غيره) أي لا غير المغيب عليه كحيوان وعقار وسفينة بمحل رسو فإنه لا يضمنه والقول قوله في تلفها به إلا أن يظهر كذبه (ولو بشرط) وإذا لم يضمن الحيوان فإنه يضمن سرجه ولجامه ونحوهما وإنما جرى قول بالعمل بالشرط مرجح فيما يغاب عليه ولم يجر قول بذلك في غير المغيب عليه لأن الشرط في الأول من المعروف وفي الثاني من غيره ثم هي مع الشرط تنقلب إجارة فيها أجرة المثل مع الفوات وتفسخ مع القيام لأنها إجارة فاسدة (وحلف فيما علم أنه بلا سببه) أي بلا صنعه أو أراد ما شأنه أن يعلم أنه بلا سببه (كسوس أنه ما فرط) كان مما يغاب عليه أم لا وبما شرحنا به قوله بلا سببه سقط ما يقال
ــ
وقول ز عن المقدمات يضمن قيمة الرقبة يوم انقضاء أجل العارية الخ ما ذكره من هنا إلى آخر المسودة كله كلام ابن رشد نقله أبو الحسن وابن عرفة وغيرهما وقول ابن رشد يوم انقضاء أجل العارية الخ خلاف ما قدمه عن الشامل وقد ذكر ابن عرفة نحو ما ذكره في الشامل وذكر بعده كلام ابن رشد ولم ينبه على مخالفة بينهما قال بعضهم والمذهب ما لابن رشد وقول ز فيضمن ما زاد على ما أذن فيه الخ أي يضمن ما نقصها الاستعمال الذي لم يؤذن فيه ويسقط عنه ما نقصها الاستعمال المأذون فيه قاله أبو الحسن (ولو بشرط) قول ز يضمن سرجه ولجامه أي بخلاف كسوة العبد قال اللخمي ويضمن ما على الدواب من سرج ولجام ولا يضمن ما على العبد من كسوة لأنه حائز لما عليه اهـ.
ونقله في ضيح وقول ز ولم يجر قول بذلك في غير المغيب عليه الخ فيه نظر وصوابه ولم يرجح قول بذلك الخ فإن القول بذلك موجود وهو قول مطرف كما نقله ق فهو يقول إن كان شرط الضمان لأمر خافه من طريق مخوفة أو نهر أو لصوص أو نحوه فالشرط لازم إن هلكت بالأمر الذي خافه وشرط الضمان من أجله وقال أصبغ لا شيء عليه في الوجهين مثل قول مالك وأصحابه قاله في البيان وإليه أشار المصنف بلو.
فرع: قال ابن يونس عن ابن حبيب ومن استعار دابة لركوب أو حمل ثم ردها مع عبده أو مع أجيره فعطبت أو ضلت فلا يضمن لأن شأن الناس على هذا وإن لم يعلم ضياعها إلا بقول الرسول وهو مأمون أو غير مأمون فذلك سواء اهـ.
من أبي الحسن في شركة المفاوضة (وحلف فيما علم أنه بلا سببه كسوس الخ) ذكر
إذا علم أنه بلا سببه فالتفريط منتف عنه فكيف يحلف أنه ما فرط وإذا نكل حيث توجهت اليمين عليه فإنه يغرم ولا ترد اليمين لأنها يمين تهمة ويؤخذ من هذه المسألة أنه يجب عليه تفقد العارية وكذا يجب على المرتهن والمودع ونحوهم تفقد ما في أمانتهم مما يخاف بترك تفقده حصول العت ونحوه فيه لأن هذا من باب صيانة المال فإن لم يفعل ذلك تفريطًا ضمن وهذا ظاهر وقد وقع التصريح به في بعض هذه المسائل وحيث ضمن فيضمن ما بين قيمته سليمًا وقيمته بما حدث فيه وسواء كان ذلك كثيرًا أو قليلًا وفي بعض التقارير أنه إن أفات المقصود ضمن قيمة جميعه وإلا ضمن ما بين قيمته سليمًا ومعيبًا
ــ
خش تبعًا لتت أن مثل السوس وقرض الفأر حرق النار واعترض طفى ذكره حرق النار بأنه قد يكون من سببه قال ولذا لما ذكر التونسي قرض الفأر قال وقد يقال مثله النار أو يقال النار هو قادر على عملها فيجب ضمانه حتى يثبت أنها من غير سببه اهـ.
وما قاله هو الموافق لما ذكره المصنف في باب الرهن من أنه لا بد من علم كون النار بلا سببه ونحوه قول المدونة في تضمين الصناع وما قامت به بينة أنه ضاع أو سرق أو أنه احترق بمعاينة بغير سبب الصانع لم يضمنه اهـ.
وقد قال ابن عرفة بعد ذكر مسألة الحرق وتقدم هذا في الرهون ونحوه في تضمين الصناع ويجري كله في العارية المضمونة اهـ.
وقال ابن رشد الأشبه أنهما سواء يعني قرض الفأر وحرق النار وهو اختيار له خلاف مذهبها فلا يعول عليه اهـ.
كلام طفى قلت وفي كلامه نظر فإن ما اختاره ابن رشد من التسوية بينهما هو الذي عزاه اللخمي في تبصرته لابن القاسم في المدونة ونصه ولم ير ابن القاسم في المدونة على الصانع في الحريق شيئًا إذا ثبت احتراقه وقال مالك في كتاب محمد في الحريق يضمن وإن رئي ذلك في النار وكذلك الرهن اهـ.
وقال محمد ذلك أصوب حتى يعلم أن النار من غير سبب الصانع ورأى ابن القاسم أن النار فاعلة بنفسها فأشبهت الفأر والسوس ورأى مالك أن الإنسان سببها وهو موقدها وإن إحراقها يحتمل أن يكون بسبب أنه تصرف فيها فسقط منها ما أحرق أو أنه لم يحسن حفظها وكل ذلك هو السبب فيه وهو أشبه من القول الأول اهـ.
من كتاب تضمين الصناع فأنت تراه عزا التسوية بينهما للمدونة وعزا مقابلها لمالك في كتاب محمد والتسوية بينهما هي الموافقة لما تقدم للمصنف في الرهن إذ قال ولم تشهد بينة بكحرقه فإن لم يشترط بينة على كون النار بلا سببه خلافًا لما تقدم عن طفى فتأمله وقول ز وفي بعض التقارير الخ هذا هو المنصوص عليه في المدونة ونصها وعليه فيما أفسد فسادًا يسيرًا ما نقصه وإن كان كثيرًا ضمن قيمته كله إلا أن يقيم بينة أن ذلك هلك بغير سببه فلا يضمن إلا أن يكون منه تضييع أو تفريط بين فيضمن اهـ.
ونحوه في تضمين الصناع وفي كتاب الغصب ثم قال وكان مالك يقول يغرم ما نقص
(وبرئ) المستعير (في كسر كسيف) ونحوه من آلة حرب استعارها صحيحة (إن شهد له أنه معه في اللقاء) وإن لم تعاين البينة أنه ضرب به ضرب مثله ومثل البينة القرينة بأن تنفصل القتلى ويرى على السيف أثر الدم وما أشبه ذلك من القرائن قاله د (أو) لم تشهد البينة أنه معه في اللقاء ولكن (ضرب به ضرب مثله) فانكسر ومثل آلة الحرب في هذا الأخير آلة غير الحرب كفاس فلا ضمان عليه إن شهدت بينة أنه ضرب به ضرب مثله كما في ق وقصر عج قول المصنف أو ضرب الخ على هذا الأخير تبعًا لجده ولق وهو المعول عليه وعليه فأو لتنويع الموضوع لا للتنويع في الموضوع الأول واحترز بقوله كسر عن الثلم والحفاء أي أتى بالسيف مثلومًا والرحى حفياء فلا ضمان عليه (وفعل المأذون) فيه أي أبيح له فعله وإنما قلنا ذلك لأجل ما أخرجه بقوله لا أضر وأيضًا فإن المثل لا يطلب بفعله قاله د (ومثله) زنة أو كيلا كمسافة على الأرجح من قولين هنا بخلاف الإجارة كما سيقول فيها عاطفًا على ما يمنع أو ينتقل لبلد وإن ساوت إلا بإذن والفرق أن في الإجارة فسخ دين في دين (ودونه لا) إن كان الدون (أضر) مما استعاره له فإنه لا يباح
ــ
ولا يفرق بين قليل ولا كثير قاله أبو إسحاق فظهر ترجيح الأول وإن عزوه لبعض التقارير قصور (إن شهد له أنه معه في اللقاء) قول ز ومثل البينة القرينة الخ عبارة المدونة ومن استعار سيفًا ليقاتل به فضرب به فانكسر لم يضمن لأنه فعل ما أذن له فيه وهذا إذا كانت له بينة أو عرف أنه كان معه في اللقاء وإلا ضمن اهـ.
فقولها إذا كانت له بينة أي على أنه فعل به ما أذن له فيه وقولها أو عرف الخ يشمل بظاهره قيام القرينة كما قال د وزعم طفى أن المراد بقولها عرف ثبوته بالبينة فقط قال ولذا عبر ابن رشد بذلك وعزاه لها ونصه على نقل ابن عرفة وابن رشد ثالثها قولها في السيف لا يصدق إلا ببينة أنه كان معه في اللقاء اهـ.
وفيه نظر وقول ز وقصر عج قول المصنف الخ ما حمله عليه عج هو الذي حمله عليه الشارح وهو الأحسن فيكون المصنف موافقًا للمدونة في السيف ولقول ابن القاسم في العتبية في الفأس ونحوه لكن يكون في عبارة المصنف حينئذ قلق وجعل تت أو في كلام المصنف بمعنى الواو وهو غير ظاهر لأنه يكون موافقًا لقول سحنون باشتراط الأمرين وقد قال فيه ابن رشد إنه أبعد الأقوال (وفعل المأذون ومثله) قول ز كمسافة على الأرجح الخ تبع فيه عج واعترضه طفى كأن منع في الإجارة فأحرى هنا وقد قال ابن رشد في أواخر سماع ابن القاسم من الجعل والإجارة اختلف فيمن استعار دابة إلى موضع فركبها إلى موضع مثله في الصعوبة والبعد والسهولة فهلكت فروي علي لا ضمان عليه وقاله عيسى بن دينار في المبسوطة وقال ابن القاسم في المبسوطة ضامن اهـ.
وقال في سماع سحنون قول ابن القاسم هو الآتي على قول المدونة في الرواحل من أكرى دابة لبلد ليس له أن يركبها إلى غيره وإن ساواه نقله ابن عرفة قال طفى فأنت ترى أن الضمان هو قول ابن القاسم وهو الجاري على مذهب المدونة اهـ.
كما إذا استعار دابة ليحمل عليها قحمًا فحمل عليه حجارة دونه في الثقل قاله د (وإن) استعار دابة ليحمل عليها شيئًا معلومًا فخالف و (زاد ما تعطب به) وعطبت (فله قيمتها) وقت الزيادة إذ هو وقت التعدي (أو كراؤه) أي الزائد فقط لأن خيرته تنفي ضرره ومعرفة ذلك أن يقال كم يساوي كراؤها فيما استعارها له فإذا قيل عشرة قيل وكم يساوي كراؤها فيما حمل عليها فإذا قيل خمسة عشر دفع إليه الخمسة الزائدة على كراء ما استعيرت له (كرديف) ولو عبدًا أو صبيًّا أو سفيهًا (واتبع به إن أعدم) المردف (ولم يعلم) الرديف (بالإعارة) فإن كان المردف مليئًا لم يتبع الرديف إن لم يعلم بالعداء وإلا اتبع أيضًا وصار للمعير غريمان ففي مفهوم الشرط تفصيل مع ملاء المردف ومفهوم لم يعلم الخ أنه إن علم الرديف بها اتبع مع عدم المردف وملائه وحيث تعلق الضمان بهما فاختلف هل تفض القيمة على قدر ثقلهما أو نصفين لأن قتلها كان من اجتماعهما ولو انفرد كل لم تهلك اللخمي وأرى أن يضمن الرديف في الخطأ لأن الخطأ والعمد في أموال الناس سواء وأن تفض القيمة على قدرهما اهـ.
وما ذكرناه من أنه إذا استعارها ليركبها فأردف معه رديفًا حتى عطبت فربها غير كالتي قبلها وأنه شامل لكون الرديف عبدًا أو صبيًّا أو سفيهًا صحيح بالنسبة إلى تخيير ربها ولكن لا يجري في العبد والصبي والسفيه قوله واتبع به إن أعدم الخ لأنهم ذو شبهة بمنزلة قوله المار وإن أودع صبيًّا الخ ولذلك قال ابن يونس لو كان الرديف عبدًا فلا شيء عليه من ذلك في رقبته ولا في ذمته لأنه ركبها بوجه شبهة اهـ.
(وإلا) بأن زاد ما تعطب به وسلمت أو زاد ما لا تعطب به وعطبت وأولى وإن تعيبت أو سلمت (فكراؤه) أي الزائد لازم للمستعير في الصور الأربع فإن زاد ما تعطب به
ــ
وحينئذ فالظاهر حمل كلامه هنا على الحمل فقط (وإن زاد ما تعطب به) علم أن الصور ست لأنه إذا زاد ما تعطب به تارة تعطب وتارة تتعيب وتارة تسلم فالأولى منطوق قوله وإن زاد الخ والثانية ولم يتكلم عليها ولا تدخل تحت وإلا وحكمها أن ربها يأخذ من المتعدي الأكثر من كراء الزائد وأرش العيب والثالثة داخلة في قوله وإلا فكراؤه وإن زاد ما لا تعطب به ففيه الصور الثلاث وكلها مأخوذة من قوله وإلا فكراؤه والله أعلم (كرديف واتبع به إن أعدم) هذا قول ابن القاسم وقال أشهب أخطأ من قال يضمن الرديف إذا كان المستعير معسرًا وإنما يكون ضمان الدابة على من تعدى وهذا لم يتعد اللخمي يريد أن الرديف لم يعلم فيكون بمنزلة من قتل خطأ وقد اختلف فيه وهذا إذا كان يرى أنها لا تهلك من الرديف فهلكت منه وإن كان يرى أنها تهلك منه إذا ركباها جمعيًا وكان المستعير معسرًا ضمن الرديف بمنزلة من قتل عمدًا ثم يختلف هل نقض القيمة على قدر ثقلهما أو نصفين لأن قتلها كان من اجتماعهما ولو انفرد أحدهما لم تهلك وأرى أن يضمن الرديف في الخطأ لأن الخطأ والعمد في أموال الناس سواء وأن تفض القيمة على قدرهما اهـ.
ولم تعطب لكنها تعيبت فعليه الأكثر من كراء الزائد وقيمة العيب وكلام المصنف هذا في زيادة الحمل كما يفيده كلام غير واحد من شراحه وقد علم أن قوله وإلا عائد على مفهوم تعطب به أي وعطبت كما قدمته ولو ذكر هذا عقبه لدفع إيهام أنه مفهوم الشرط الذي قبله فإن عطبت بزيادة مسافة ضمن قيمتها كانت تعطب بمثلها أم لا فإن تعيبت بها فله الأكثر من كراء الزائد وقيمة العيب فإن انتفيا فكراء الزائد هذا هو الظاهر قياسًا على ما يأتي في الإجارة والظاهر تقييد قوله وإلا فكراؤه بما إذا لم تطل المدة بحيث تكون مظنة تغير الأسواق فإن طالت فله الكراء معها أو قيمتها (ولزمت المقيدة بعمل) كزراعة أرض بطنًا فأكثر مما لا يخلف كقمح أو مما يخلف كقصب (أو) العارية المقيدة بـ (أجل) كسكنى دار شهرًا (لانقضائه) على الأصح (وإلا) تكن مقيدة بأحدهما كأعرتك هذه الأرض (فالمعتاد) لازم في مثلها بالقول لأن العرف كالشرط وهذا فيما أعير لبناء أو غرس وحصل لا إن لم يحصل ولا في معار لغيرهما على المذهب كدابة لكركوب وعبد لخدمة ثم ذكر ما هو كالاستثناء من قوله وإلا فالمعتاد فقال (وله الأخراج في كبناء) وغرس ولو بقرب الإعارة لتفريطه حيث لم يقيد (إن دفع ما أنفق) فكأنه قال وإلا فالمعتاد في معار لبناء أو غرس وحصلا إلا أن يدفع لها ما أنفق فلا يلزم المعتاد وله إخراج المستعير ويملك بناءه أو غرسه مع دفع جميع ما أنفقه على البناء والغرس (وفيها أيضًا قيمته) أي قيمة ما أنفق من المفردات التي بنى بها هذا هو ظاهره وليس بمراد وإنما المراد قيمة المنفق عليه وهو
ــ
من التبصرة بلفظه فتأمله (ولزمت المقيدة بعمل) ابن عرفة اللخمي إن أجلت العارية بزمن أو انقضاء عمل لزمت إليه وإن لم تؤجل كقوله أعرتك هذه الأرض أو الدابة أو الدار أو هذا العبد أو الثوب ففي صحة ردها ولو بقرب قبضها ولزوم قدر ما تعار له ثالثها أن أعاره ليسكن ويبني فالثاني وإلا فالأول والقول الأول لابن القاسم فيها مع أشهب والثاني لغيرهما والثالث لابن القاسم في الدمياطية اهـ.
فقول المصنف وإلا فالمعتاد مخالف بظاهره للمدونة إلا أن ابن يونس صوبه وقول بالمصنف وله الإخراج موافق للمدونة فكلامه متناقض فلو قال وإلا فالمعتاد على الأرجح وفيها له الإخراج في كبناء لأجاد قاله غ قال ح وكلام غ صحيح لا غبار عليه اهـ.
لكن حاول عج تبعًا للبساطي تقريره بما ذكره ز ليوافق المدونة ولم يرتضه ح لاحتياجه إلى تقدير كثير وقول ز على التأبيد بأن المستعير الخ صوابه وأجيب بأن المستعير لما كان مجوزًا الخ فسقط لفظ وأجيب من الناسخ ومع هذا فهذا الجواب مما ينبغي التحاشي عن تسويد الورق بمثله وقول ز والفرق بينه وبين المستحق أرضًا أي بناء على أن القيمة في العارية على التأبيد ونص أبي الحسن قالوا وإذا أعطاه قيمته قائمًا فعلى التأبيد بخلاف مسألة أول كتاب الاستحقاق فإنه إذا أعطاه قيمته قائمًا فإنه لتمام المدة أي في الاستحقاق من يد المكتري قالوا والفرق بينهما أن ما في الاستحقاق المستحق لم يأذن له وإنما أذن له غيره وهذه الأذن من رب الأرض اهـ.
البناء والغرس قائمًا على التأبيد ففيه استخدام واستشكل لزوم القيمة هنا على التأبيد بأن المستعير لم يدخل مع المعير على ذلك وأجاب بعض شيوخنا بأن المستعير لما كان مجوزًا بأن لا يخرج منها كان له القيمة على التأبيد قاله د وفي عج يمكن أن تكون القيمة للزمن المعتاد والفرق بينه وبين المستحق أرضًا بعد أن بنى حائزها فيها أو غرس فإنه يدفع قيمة البناء والغرس إلى المدة أن ما هنا أذن له فيه ربه والإذن في المستحق من أجنبي كما نقله في التوضيح عن أبي الحسن وانظر ما معنى إلى المدة في ذلك على أنه يأتي في الاستحقاق ما ظاهره أنه يعطي فيه قيمته قائمًا على التأبيد وهو قوله فيه وإن غرس أو بنى قيل للمالك أعطه قيمته قائمًا فإن أبى فله دفع قيمة الأرض فإن أبى فشريكان بالقيمة يوم الحكمة إلا المحبسة فالنقض اهـ.
وهو ظاهر لأنه ذو شبهة أقوى من المستعير (وهل خلاف أو قيمته إن لم يشتره أو) قيمته (إن طال) زمنه لتغير البناء بطول زمنه بسبب الانتفاع به وثمنه إن لم يطل زمنه وعلى هذا تعتبر قيمته الآن على حاله من البلا وقدم البناء كما صدر به ابن عرفة عن ابن رشد لا يوم تمامه خلافًا لعبد الحق (أو) قيمته (إن اشتراه) أي ما غرسه وآلة البناء (بغبن) كثير وما أنفق إن لم يشتره بغبن بأن لم يشتره بغبن أصلًا أو اشتراه بغبن يسير (تأويلات) محلها في عارية صحيحة فإن وقعت فاسدة فعليه أجرة المثل ويدفع له في بنائه وغرسه قيمته (وإن انقضت مدة البناء والغرس) المعتادة أو المشترطة (فكالغصب) وإن كان مأذونًا له فيهما لدخوله على ذلك بتحديده بزمن قد انقضى فيخير المعير بين أمره بهدمه وقلع شجره مع تسوية الأرض كما كانت وبين دفع قيمته منقوضًا إن كانت له قيمة منقوضًا ويسقط منها أجرة من يتولى النقض بتقدير نقضه ومن يتولى تسوية الأرض فإن لم يكن له منقوضًا قيمة أخذه مجانًا وعليه فلا يرجع على المستعير بقيمة الهدم والقلع وتسوية الأرض فيما يظهر بخلاف الغاصب ثم محل إسقاط الكلفة إذا كان المستعير لا يتولى ذلك بنفسه أو بعبيده فإن كان يتولى ذلك بما ذكر لم يسقط المعير ما يقابل ذلك من القيمة بل يدفعها للمستعير
ــ
منه ونقله في ضيح وما ذكره من قيمته لتمام المدة في الاستحقاق إنما هو على ما لعبد الحق والذي لابن يونس أنه يعطي قيمة ما يبني به هذا البناء وصوبه ابن عرفة وقال إنه جار على أصل المذهب وحينئذٍ لا فرق بين العارية والاستحقاق ولا يمكن تحديده بمدة ويأتي إن شاء الله تعالى في الاستحقاق بيان ذلك (أو إن اشتراه بغبن كثير) ظاهر المصنف أن هذا التأويل الثالث على وجه الوفاق كالذي قبله وكذلك ذكره ابن رشد والذي لعبد الحق أنه تأويل خلاف ونحوه لابن يونس ونصه قال بعض أصحابنا في هذين القولين ثلاثة تأويلات فذكر التأويلين الأولين وقال فعلى هذين التأويلين لا يكون اختلافًا من قوله الثالث له ما أنفق إذا لم يكن فيه تغابن أو كان فيه تغابن يسير ومرة رأى أن القيمة أعدل إذ قد يسامح مرة فيما يشتريه ومرة يغبن فيه فإذا أعطى قيمة ذلك يوم بنائه لم يظلم فيكون على هذا خلافًا من قوله اهـ.
بتمامها ثم إذا حكم للمعير بأخذه قائمًا مع دفع قيمته منقوضًا فلو هدمه أو قلعه المستعير فعليه للمعير قيمته قائمًا فإن فعل ذلك قبل الحكم فانظره وهذا إذا انقضت مدة البناء والغرس فإن هدم أو قلع المستعير قبل انقضائهما لم يكن للمعير كلام عليه فيما يظهر وشبه مسألة المستعير بمسألة الغاصب المشار لها في باب الغصب بقوله وفي بنائه في أخذه ودفع قيمة نقضه بعد سقوط كلفة لم يتولها وإن لم يتقدم لها ذكر لشهرتها (وإن أدعاها) أي العارية في دابة وثوب وآنية (الآخذ والمالك الكراء فالقول له) أي للمالك بيمين أنه أكراها له من حيث الأجرة لا من حيث لزوم العقد لأن القول لمنكره وهذا إذا ادعى أجرة تشبه وإلا رد لأجرة مثله كما في التوضيح فإن نكل فللمستعير بيمين فإن نكل غرم الكراء بنكوله (إلا أن يأنف مثله) أي يتعاظم بحسب عادة أمثاله عن أن يأخذ كراء فالقول للمستعير بيمين فإن نكل حلف المالك وأخذ الكراء الذي زعمه فإن نكل أخذ كراء المثل قاله تت ونحوه للشارح عن أشهب على وجه يقتضي أنه مقابل وقال د إذا نكل المالك لا شيء له هذا هو الجاري على القواعد اهـ.
ومثله في التفصيل بين من يأنف مثله وغيره إسكانه معه في دار سكناه وأما إن أسكنه بغيرها فالقول لربها إنه أكراها له أنف مثله أم لا (كزائد) أي كمريد زيادة (المسافة) فالقول فيه قول المعير بيمينه إذا اختلفا فقال المعير من مصر مثلًا إلى غزة وقال المستعير بل إلى دمشق وكان تخالفهما عند بلوغ غزة لأن المستعير مدع زيادة الأصل عدمها ولا تسلم له الدابة إن خشي تعديه إلا بتوثق وهذا (إن لم يزد) أي يركب المستعير الزائد الذي ادعاه وهو دمشق (وإلا) بأن ركب المستعير الزائد وتنازعا بدمشق (فللمستعير) أي القول له حينئذ (في نفي الضمان) إن عطبت الدابة فيه (و) في نفي (الكراء) فيما زاده فقط إن رجعت سالمة لا في كل ما ادعاه فيما إذا زاد بعض ما ادعاه فإذا قال المعير لغزة وقال المستعير لدمشق وقد سار زيادة على غزة ولم يصل لدمشق فالقول له فيما زاده فلا ضمان
ــ
على نقل أبي الحسن (وإن ادعاها الآخذ والمالك الخ) ظاهر كلام المدونة في قولها ومن ركب دابة رجل إلى بلد وادعى أنه أعاره إياها الخ أن هذا الحكم محله إذا وقع التنازع بعد الانتفاع أما لو تنازعا قبله فالقول للآخذ في نفي عقد الكراء لأن القول لمنكر العقد إجماعًا وترد إلى ربها وهو ظاهر وقول ز عن د إذا نكل المالك فلا شيء له الخ هذا وإن كان هو الجاري على القواعد كما ذكره لكن ما قاله الشارح هو المنصوص في النوادر عن أشهب ونصها إن كانت الدابة للشريف العظيم الذي يأنف مثله من كراء الدابة صدق الراكب مع يمينه فإن نكل حلف رب الدابة وأخذ الكراء الذي زعم فإن نكل أخذ كراء مثل اهـ.
ونسبه فيها لأشهب لكن انظر هل هو وفاق أو خلاف قاله طفى (وإلا فللمستعير في نفي الضمان الخ) قال في ضيح وإن ركب إلى الغاية فقال ابن القاسم في المدونة القول قول المستعير إن ادعى ما يشبه مع يمينه واعلم أنه في المدونة لم يذكر أن ابن القاسم قال بهذا بل قال وجدت في مسائل عبد الرحيم عن مالك ذلك نعم ظاهر الحال أنه قائل بذلك اهـ.
عليه ولا كراء ولا يقبل قوله بالنسبة لما بقي ثم إنما يكون القول للمستعير في نفي الضمان والكراء إن أشبه وإلا فللمعير كما إذا كان اختلافهما قبل ركوب المسافة المتفق عليها أو في أثنائها فالقول للمعير بيمينه اتفاقًا كما مر ويخير المستعير في ركوب المتفق عليها أو بقيتها قال اللخمي إلا أن يخشى منه التعدي بها فلا تسلم له إلا بتوثق منه لئلا يتعدى أي بأن يركب ما ادعاه اهـ.
وبالغ على ما بعد الكاف من المسألتين بقوله (وأن برسول مخالف) أي القول قول المعير إن لم يزد وأن برسول مخالف له وموافق للمستعير وإن زاد فالقول للمستعير وإن برسول مخالف له وموافق للمعير ويرجع عليه في المسألة الأولى إن أيسر وإلا فعلى المستعير ثم يرجع المستعير على الرسول هذا قول ابن القاسم وأشهب وتبعهما ابن المواز وأما مخالفته للمستعير فيضمن المستعير بعد حلف المعير على ما لأبي الحسن أو بعد حلف الرسول على ما لابن عرفة عن فضل ثم قوله هنا كزائد المسافة الخ يعلم منه أن قوله فيما مر وإن زاد ما تعطب به الخ في زيادة الحمل فقط كما قررنا به قبل والفرق بين هذه وبين المسألة المتقدمة في الوديعة وهي وإن بعثت إليه بمال فقال تصدقت به علي وأنكرت فالرسول شاهد أنه في المتقدمة ليس في شهادته شهادة على فعل نفسه وإنما
ــ
وذكر ابن يونس أن مقتضى قول ابن القاسم إن القول قول المستعير في سقوط الضمان والكراء وأن سحنونًا وأشهب قالا القول قول المستعير في سقوط الضمان فقط والقول للمعير في الكراء يحلف المستعير ليسقط عنه الضمان ويحلف المعير ويأخذ الكراء اهـ.
من ابن يونس بمعناه وقول ز فيما زاده فقط لا في كل ما ادعاه الخ نحوه في ضيح (وأن برسول مخالف) نحوه في ابن الحاجب قال في ضيح واعلم أن ما ذكره من تساوي الحكم فهو بالنسبة إلى أشهب صحيح وأما عند ابن القاسم فقال في المدونة فيمن بعث رسولًا إلى رجل ليعيره دابة إلى برقة فقال الرسول إلى فلسطين فعطبت عند المستعير واعترف الرسول بالكذب ضمنها وإن قال بذلك أمرني وأكذبه المستعير فلا يكون الرسول شاهدًا لأنه خصم وتمت المسألة هنا في أكثر الروايات وعليه اختصر البراذعي وزاد ابن أبي زيد في مختصره والمستعير ضامن إلا أن تكون له بينة على ما زعم وضحت هذه الزيادة في رواية يحيى بن عمر وعلى هذا فليس الحكم مستويًا اهـ.
وأصله لابن عبد السلام قال ابن عرفة عياض وقوله والمستعير ضامن إلا أن تكون له بينة على ما زعم ثبتت هذه الزيادة في كثير من روايات الأندلسيين والقرويين وليست في رواية سليمان بن سالم ولا يزيد بن أيوب وصحت في رواية يحيى بن عمر وقال أبو القاسم اللبيدي سقطت في رواية جبلة وأسقطها البراذعي وأدخلها الشيخ وغيره من المختصرين وقال أشهب لا يضمن المستعير ويحلف ما أمره إلا إلى برقة قال بعضهم وكذا يجب على قول ابن القاسم كما في مسألة عبد الرحيم المتقدمة وقال غيره إنما ضمنه في هذه لأنه لا يقطع بكذب المعير إذ لا حقيقة عنده بما قال الرسول وفي مسألة عبد الرحيم هو مكذب للمعير قلت عزا الصقلي
شهادته على صفة خاصة للقبض من كونه صدقة أو وديعة لأن المبعوث إليه مقر بالقبض بخلاف ما هنا فإنه كشهادته على فعل نفسه لأن قبضه إياها من المعير كأنه هو المستعير تقديرًا وإن كان فعل نفسه إنما هو استعارتها ومجيئه بها من عند ربها إلى المستعير وما شهد به إنما هو زائد المسافة وشبه في عدم الضمان قوله (كدعواه رد ما لم يضمن) من عارية ما لا يغاب عليه إن لم يقبضه ببينة مقصودة كما في ق خلافًا للشامل وأما دعواه رد ما يضمن فلا يصدق بيمين وإن قبض بلا بينة على المنصوص قاله في الشامل انظر د فإن قيل لم لم يضمن هنا ما لا يغاب عليه حيث قبضه ببينة مقصودة كما في الوديعة وما
ــ
هذا الجواب لبعض أصحابنا عن بعض شيوخه وقال لو عكس لكان أولى لأن مسألة عبد الرحيم المعير فيها يحقق تكذيب المستعير وفي هذه لا يحقق تكذيبه فهو أحرى أن يقبل قول المستعير ولا يضمنه بالشك ألا ترى أنهم قالوا في المودع يدعي رد الوديعة أن القول قوله مع حلفه وإن لم يتهم لدعوى رب الوديعة تكذيبه ولو قال ضاعت صدق إن كان غير متهم بغير يمين لأن ربها لا يدعي تكذيبه فبان أن من بان تكذيبه أشد اهـ.
كلام ابن عرفة وبه تعلم أن ما درج عليه المصنف هو قول ابن القاسم في المدونة على رواية عدم زيادة الضمان التي عزاها ابن عبد السلام وضيح للأكثر وهي الموافقة لقول أشهب ولا يقال جرى على قول أشهب كما قاله تت والشارح ونحوه لق لأنه لا يتأتى ذلك مع قوله بنفي الضمان والكراء المبالغ فيه وأشهب لا يقول بذلك قاله طفى وقول ز ويرجع عليه في المسألة الأولى الخ ظاهره على ما رأيته من النسخ أن المسألة الأولى هي أن القول للمعير قبل الزيادة وإن خالفه الرسول ولا معنى للرجوع في هذه لا على الرسول ولا على المستعير لأن الفرض فيها أن النزاع وقع قبل الزيادة فبأي شيء يرجع المعير على الرسول أو غيره ولم أر ما ذكره لا عند ابن يونس ولا في أبي الحسن ولا ابن عرفة ولا ضيح ولا غيرهم ممن رأيته وإنما ذكر أبو الحسن هذا الكلام فيما إذا أقر الرسول بالتعدي فإنه قال على قول المدونة المتقدم فإن أقر الرسول بالكذب ضمنها ما نصه عبد الحق فإن كان معدمًا رجع رب الدابة على المستعير ويرجع المستعير بما يغرم على الرسول فيطالبه به لإقراره بالتعدي فإن قامت للمستعير بينة بما أمره به سقط الضمان عنه وضمن الرسول اهـ.
فتأمله وقول ز وأما مخالفته للمستعير الخ هذا إنما هو على الرواية المتقدمة عن ابن أبي زيد وغيره بزيادة أن المستعير ضامن وقد تقدم أنها خلاف ما درج عليه المصنف وخلاف رواية الأكثر كما في ضيح فتقرير كلام المصنف بها هنا تخليط لا شك فيه ونص أبي الحسن وإن لم يقر الرسول بالتعدي وقال إنما أمرتني إلى فلسطين ضمن المستعير بعد أن يحلف المعير اهـ.
وقال ابن عرفة بعد أن ذكر رواية والمستعير ضامن إلا أن يأتي ببينة على ما زعم ما نصه فصل في اختصار الواضحة قول ابن القاسم يضمن المستعير يريد إذا حلف الرسول اهـ.
وقول ز فإنه كشهادته على فعل نفسه الخ هذا التعليل لأشهب كما نقله ابن يونس وتقدم عن المدونة تعليله بأنه خصم (كدعواه رد ما لم يضمن) قال ابن رشد في المقدمات في كتاب
شابهها على ما للشامل وإن كان ضعيفًا كما مر عن ق قيل لما كانت العارية معروفًا اغتفر فيها ما لم يغتفر في غيرها فجعلوا قبول قوله من تمام المعروف (وإن زعم أنه مرسل لاستعارة حلي و) زعم أنه (تلف ضمنه مرسله إن صدقه وإلا حلف وبرئ ثم حلف الرسول وبرئ) وتكون العارية هدرًا لا ضمان على واحد منهما ومفهوم قولي زعم أنه تلف أنه لو ثبت تلفه وقد صدقه المرسل على الإرسال فلا ضمان لانتفائه في العارية حيث الثبوت ومفعوم حلي أنه لو كان المستعار مما لا يضمن كدابة فلا ضمان على الرسول إن لم يعترف بالعداء (وإن اعترف بالعداء) في أخذ العارية بغير إرسال وتلفت منه (ضمن الحر) البالغ الرشيد عاجلًا (والعبد في ذمته إن عتق) وللسيد إسقاطه عنه كما في النقل ونظر د فيه لعدم وقوفه عليه فلا ضمان على صبي وسفيه لتفريط المعير بالدفع للصبي ولعدم
ــ
تضمين الصناع ما نصه وكل موضع يصدق فيه القابض في دعوى الضياع مثل الوديعة والقراض ورهن ما لا يغاب عليه أو عارية ما لا يغاب عليه فإنه يصدق فيه في دعوى الرد إذا قبضه بغير بينة فإن قبضه ببينة لم يصدق في دعوى الرد هذا هو المشهور المعلوم من قول ابن القاسم وغيره من أصحاب مالك وقد روى أصبغ عن ابن القاسم أنه يصدق في دعوى الرد وإن قبضه ببينة فإذا صدق في دعوى الرد فإنه يحلف على كل حال من غير تفصيل وأما في دعوى الضياع فلا يحلف إلا أن يكون متهمًا ثم قال وكل موضع لا يصدق فيه في دعوى الضياع فلا يصدق فيه في دعوى الرد هذا هو المشهور المعلوم من قول مالك وجميع أصحابه ابن القاسم وغيره وقد روى أبو زيد عن ابن القاسم في كتاب الوديعة ما يدل على أنه يصدق في رد الرهن إذا قبضه بغير بينة مثل الوديعة وهو بعيد اهـ.
فقول الشامل وصدق بيمين في رد ما لا يضمن وإن قبض ببينة لا فيما يضمن وإن قبض بلا بينة على المنصوص اهـ.
جار على رواية أصبغ وهو خلاف المنصوص المشهور وقول ز فإن قيل لم لم يضمن الخ مبني على ما في الشامل كما ذكره فلو أسقطه كان أولى والسؤال وجوابه كلاهما لأحمد (وإن زعم أنه مرسل لاستعارة حليّ الخ) ما ذكره المصنف في هذه المسألة كلها هو نص سماع عيسى من ابن القاسم وصدر به ابن يونس ثم قال بعده وقال سحنون عن أشهب إذا قال العبد سيدي أرسلني وأوصلت العارية إليه أو تلفت والسيد منكر فذلك في رقبته كجنايته ولو كان حرًّا كان ذلك في ذمته وسألت عنها اين القاسم فقال إن أقر السيد غرم وإن أنكر فذلك في رقبة العبد لأنه خدع القوم قال أبو محمَّد أراه إذا ثبت أخذه له ببينة اهـ.
وقال ابن رشد في رسم البراءة من سماع عيسى ما في سماع سحنون هو الذي يأتي على ما في كتاب الوديعة من المدونة اهـ.
منه فتبين أن ما مشى عليه المصنف مخالف لما في المدونة ولما قدمه في الوديعة في قوله وبدفعها مدعيًا أنك أمرته به إلى قوله ورجع على القابض قال طفى ومذهب المدونة هو المعتمد اهـ.
اختبار حال السفيه وظاهر قوله والعبد في ذمته إن عتق أي لا في رقبته ولو مأذونًا له في التجارة وهو مشكل والذي ينبغي أن المأذون كالحرفي أنه يضمنها في ذمته عاجلًا كما مر في الوديعة (وإن قال) رسول شخص ليستعير له من آخر شيئًا فأعاره ربه (أوصلته) أي المعار (لهم) أي لمن أرسلوني فكذبوه وأنكروا الإيصال وكونه رسولًا وقد تلف الحلي (فعليه) اليمين أنه أوصله لهم وأنه رسولهم (وعليهم اليمين) أنهم لم يرسلوه ولم يصل إليهم شيء ولا شيء عليه ولا عليهم وتكون العارية هدرًا وبيدؤون بالحلف لأنهم يبدؤون في الضمان فكان الأولى أن يقول فعليهم ثم عليه اليمين فإن نكلوا ونكل فالغرم عليه وعليهم وإن حلف ونكلوا فالغرم عليهم وعكسه عليه فقط قال د وأما إن أقروا بكونه رسولًا لضمنوا كما في المسألة الأولى اهـ.
أي قوله وإن زعم أنه مرسل الخ وقوله كما الخ يقتضي أن هذه ليست مفهوم الأولى وتحرير الفرق بينهما أن الثانية قال الرسول أوصلته لهم والأولى قال تلف هذا ما يقتضيه لفظ المصنف ولا ينافيه قول عج هنا هذا إذا تعذر أخذ المعار بعينه لتلف أو لغير ذلك اهـ.
لأن الرسول لم يدع هنا التلف بل الإيصال وإن كان تلفها مشاهدًا إذا لم يقل تلف مني (ومؤنة أخذها) أي أجرة نقلها لمكان المستعير (على المستعير كردها) أي كأجرة ردها لمكان المعير (على الأظهر) لأن الإعارة معروف فلا يكلف أجرة معروف صنعه (و) اختلف (في علف الدابة) المستعارة وهي عند المستعير هل عليه أو على المعير إذ لو كان على المستعير لكان كراء وربما كان علفها أكثر من الكراء فتخرج العارية إلى الكراء في ذلك (قولان) والعلف بفتح اللام أي ما يعلف به وأما بالسكون وهو تقديم العلف للدابة فهو على المستعير قولًا واحدًا ولا مفهوم لدابة بل كل ما يحتاج للإنفاق كذلك وظاهر كلام المصنف جرى القولين ولو طالت المدة وهو كذلك خلافًا لقول بعض المفتين هو على المعير في الليلة والليلتين وعلى المستعير في المدة الطويلة والسفر البعيد.
ــ
وقول المصنف فعليه وعليهم اليمين قال طفى لا يأتي على المشهور سواء أنكروا الإرسال أم لا أما الأول فكما تقدم وأما الثاني فالرسول دفع لغير اليد التي دفعت إليه بغير إشهاد فيغرم على المشهور صرح به في معين الحكام وحينئذ فقول د إن أقروا بالإرسال ضمنوا غير ظاهر (وفي علف الدابة قولان) اللائق باصطلاحه التعبير بالتردد انظر نقل ق وقول ز خلافًا لقول بعض المفتين الخ ما نقله ق عن بعض المفتين عكس هذا انظره.