المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل(وإن زرع) غاصب أرض - شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني - جـ ٦

[الزرقاني، عبد الباقي]

الفصل: ‌فصل(وإن زرع) غاصب أرض

نظر وأما غير الرقيق فحكمه عند ابن يونس كحكمه عند غيره وقد تقدم (ورفا) الجاني بهمز وبدونه يكتب بالألف (الثوب) الحاصل فيه جناية عمدًا أو خطأ (مطلقًا) أي سواء لم تفت المقصود أو أفاتته واختار أخذه ونقصه لا إن اختار قيمته وقد يتوهم من المصنف على ما قررناه عليه أن المتعدي يلزم بشيئين رفو الثوب وأرش النقص قبل الرفو وليس بمراد كما قاله صر وإنما المراد أنه يلزم بشيئين رفوه وأرش النقص بعد الرفو لا أرشه قبله إذ هو كثير ففيه ظلم على الجاني وبين الأمرين فرق مثلًا أرش النقص قبل الرفو عشرة وبعده خمسة وأجرة الرفو درهم فإنما يلزمه درهم أجرة الرفو وخمسة أرشه في نقصه بعده لا عشرة التي هي أرشه قبله (وفي) لزوم (أجرة الطبيب) وقيمة الدواء على جان على حر أو عبد ثم ينظر بعد البرء فإن برئ على غير شين فالأدب فقط على المعتمد وعلى شين غرم النقص وهو الراجح بالأولى من رفو الثوب والقول الثاني عدم لزوم الأجرة وقيمة الدواء له ثم ينظر بعد البرء فيغرم النقص إن برئ على شين لا على غيره (قولان) فمحلهما في جرح خطأ ليس فيه مال مقرر أو عمد لا يقتص منه لإتلافه أو لعدم المساواة أو لعدم المثل وليس فيه مال مقرر أيضًا وإنما لم يتفق عليها كرفو الثوب لأن ما ينفق على المداواة غير معلوم ولا يعلم هل يرجع لما كان عليه أم لا والرفو أو الخياطة معلوم ما ينفق عليها فيرجعان إلى ما كانا عليه.

‌فصل

(وإن زرع) غاصب أرض

أو منفعتها (فاستحقت) الأرض المدلول عليها بزرع أي

ــ

(ورفا الثوب مطلقًا) اللخمي قال مالك فإن كان ثوبًا رفاه أو قطعه أصلحها وغرم ما نقص بعد الإصلاح وإنما لزمه إصلاحه لأن صاحبه لا يقدر على استعماله إلا بعد إصلاحه وقد كان في مندوحة عن ذلك وليس هذا من القضاء بالمثل فيما قل قدره ولو كان ذلك ما غرم النقص بعد الإصلاح اهـ. وقول المصنف مطلقًا أي في اليسير والكثير وهذا الذي اقتصر عليه عبد الحق واعترضه ابن يونس فقال هذا الذي ذكره في الفساد الكثير واليسير في الثوب أنه يأخذه وما نقصه بعد الرفو خلاف ظاهر قولهم ووجه فساده أنه قد يغرم في رفو الثوب أكثر من قيمته صحيحًا وذلك لا يلزمه اهـ.

انظر ق.

الاستحقاق

ابن عرفة الاستحقاق رفع ملك شيء بثبوت ملك قبله أو حرية كذلك بغير عوض فيخرج العتق ومطلق رفع الملك بملك بعده وما وجد في المغانم بعد بيعه أو قسمه لأنه لا يؤخذ إلا بالثمن قال في تكميل التقييد في بعض الحواشي هل يرد عليه اعتصار الهبة اهـ.

ويرد على هذا التعريف أيضًا أنه غير منعكس لعدم شموله استحقاق مدعي الحرية برق وهذا في العرف استحقاق ولا يشمله رفع ملك شيء وقد يقال يشمله لأن مدعي الحرية يملك منافع نفسه واستحقاقه برقية يرفع ذلك الملك قال ح لا يتصور الاستحقاق إلا بعد معرفة

ص: 282

قام مالكها فليست هذه المسألة من مسائل الاستحقاق الذي عرفه ابن عرفة بقوله رفع ملك شيء بثبوت ملك قبله أو حرية كذلك بغير عوض إذ لا يصدق على أخذ متاعه من غاصب أنه رفع ملك لأنه لا ملك للغاصب أو المتعدي يرفع (فإن لم ينتفع بالزرع) قبل ظهوره أو بعده (أخذ بلا شيء) في مقابلة بذره أو أجرة حرثه أو غيره أي قضى للمستحق بأخذه إن شاء مجانًا إلا أن يريد ربه قلعه على ما في تت عن التوضيح الذي في د قوله أخذ بلا شيء أي إن شاء وإن شاء أمره بقلعه كذا في التوضيح اهـ.

ففيه تورك على نقل تت عنه وليس له إبقاؤه وأخذ كراء الأرض لأنه لا يؤدي إلى بيع الزرع قبل بدو صلاحه كما يأتي نحوه عن ابن يونس (وإلا) بأن بلغ أن ينتفع به ولو لرعي البهائم (فله) أي للمستحق (قلعه) أي أمر ربه بذلك وبتسوية الأرض وذكر شرطًا في قوله أخذ بلا شيء قوله فله قلعه فقال (إن لم يفت وقت) أي أبان (ما) أي زرع (تراد له)

ــ

حقيقته وحكمه وسببه وشروطه وموانعه أما حقيقته فهي ما ذكر وأما حكمه فقال ابن عرفة حكمه الوجوب عند تيسر أسبابه في الربع على عدم يمين مستحقه وعلى يمينه هو مباح لغير الربع لأن الحلف مشقة اهـ.

وأما سببه فهو قيام البينة على عين الشيء المستحق أنه ملك للمدعي لا يعلمون خروجه ولا خروج شيء منه عن ملكه حتى الآن والشهادة بأنها لم تخرج عن ملكه إنما تكون على نفي العلم في قول ابن القاسم المعمول به وأما شروطه فثلاثة الأول الشهادة على عينه إن أمكن وإلا فحيازته بأن يقول شهود الملكية لمن يبعثه القاضي معهم هذه الدار هي التي شهدنا بها عند القاضي فلأن الثاني الإعذار في ذلك إلى الحائز الثالث يمين القضاء وفي لزومها ثلاثة أقوال ولقول المعمول به إنه لا يحلف في العقار ويحلف في غيره انظر ابن سلمون وأما موانعه ففعل وسكوت أما السكوت فمثل أن يترك القيام من غير مانع أمد الحيازة وأما الفعل فمثل أن يشتري ما ادعاه من عند حائزه فلو قال إنما اشتريته خوف أن يفيته على فإذا أثبته رجعت عليه بالثمن لم يكن له مقال وقال أصبغ إلا أن تكون بينة بعيدة جدًّا أو يشهد قبل الشراء أنه إنما اشتراه لذلك فذلك ينفعه ولو اشتراه وهو يرى بأن لا بينة له ثم وجد بينة فله القيام وأخذ الثمن منه اهـ.

من ح (وإن زرع فاستحقت) قول ز فليست هذه المسألة الخ فيه نظر بل هي منها ومراد ابن عرفة بالملك مطلق الحوز للتصرف والكون تحت اليد مجازًا وقرينته إضافة رفع اليد إذ الملك الحقيقي لا يرفع كذلك فتأمله وبه يسقط قول طفى الاستحقاق المشهور هو أن يكون من ذي شبهة (أخذ بلا شيء) قول ز إلا أن يريد ربه قلعه على ما في تت عن ضيح الخ عزو تت للتوضيح أن التخيير للغاصب غير صحيح وإنما الذي فيه ما نقله عنه د من أن التخيير للمستحق ونص ضيح إن قام رب الأرض بعد الحرث وقبل الزراعة ففي اللخمي وغيره أنه يأخذه بغير شيء وإن كان قيامه بعد الزراعة وقبل ظهور الزرع أو بعد ظهوره وقبل أن ينتفع به فله أن يأمره بقلعه أو يأخذه ابن القاسم وأشهب بغير ثمن ولا زريعة اهـ.

(إن لم يفت وقت ما تراد له) ما قرره ز تبع فيه غ ونصه شمل قوله ما تراد له الزرع

ص: 283

مما زرع فيها كما حمل عبد الحق وغيره المدونة عليه لأنه قول أصبغ تابع أتباع الإمام ويحتمل مما زرع فيها وغيره ابن رشد وهو القياس اهـ.

وهو ظاهر عبارة المصنف لأن حذف المتعلق يؤذن بالعموم ولكنه لا يعادل الأول وعدل عن أن يقول إن بقي وقت ما تراد له مع كونه أخصر لئلا يتوهم أنه لا بد من بقاء وقت جميع ما تراد له فيخرج ما إذا بقي منه جزء فقال إن لم يفت وعدم فواته يصدق ببقاء جزء منه وأشار لقسيم قوله فله قلعه وهو الشق الثاني من التخيير بقوله (وله) أي لرب الأرض (أخذه بقيمته على المختار) مقلوعًا تقديرًا ويبقيه في الأرض ويسقط من قيمته مقلوعًا عنه كلفة قلعه أن لو قلع حيث كان الغاصب شأنه أن لا يتوالاها بنفسه أو خدمه على ما لابن المواز في بناء الغاصب وغرسه وقال ابن القاسم هنا لا تسقط الكلفة فيهما والمعول عليه كلام ابن المواز هناك كما تقدم ونحوه لأبي الحسن فينبغي أن يعول عليه هنا أيضًا انظر د فإذا كان شأنه توليه بنفسه أو خدمه أخذه بقيمته مقلوعًا من غير إسقاط كلفة قلعه لو قلع وكما له أخذه بقيمته مقلوعًا له إبقاؤه لزارعه وأخذ كراء السنة منه

ــ

والمقاثي والبقل وغيرها من جنس ما زرع فيها الغاصب ومن غير جنسه وهذا خلاف ما لأصبغ في نوازله من كتاب كراء الأرضين وخلاف ما حمل عليه عبد الحق وغيره لفظ المدونة من أن المراد بالإبان إبان ما زرع فيها الغاصب خصوصًا مع أنه اقتصر على ذلك في ضيح ولعله اعتمد على ما لابن رشد في نوازل أصبغ اهـ.

واعترضه طفى من وجهين أحدهما أنه ليس مراد عبد الحق خصوص ما زرع فيها الغاصب بل مراده ما شأنه أن يزرع فيها وتراد له غالبًا لأن لفظه كما نقله عنه في ضيح وابن فرحون وإنما يريدون إبان الشيء المزروع فيها لا غيره فإن فات إبان ما يزرع فيها فليس لرب الأرض تكليف الغاصب القلع وإن كان يمكنه أن يعمل مثقأة أو شيئًا غير الذي زرع فيها وهذا لأصبغ مبين هكذا في المستخرجة وهو معنى ما في المدونة وهكذا حفظت عن بعض شيوخنا القرويين اهـ.

الثاني أن ما لعبد الحق هو مراد المصنف والمتبادر منه لا ما حمله عليه غ لأن معناه ما تراد له تلك الأرض وتقصد وهو ما يزرع فيها غالبًا لا كل شيء ولو أراد ما قال لقال إن لم يفت الانتفاع بها ورده بعضهم بأن لفظ العتبية عن أصبغ يدل لما فهمه غ ونصها من تعدى فزرع أرض رجل فقام عليه بعد إبان الزرع وقد كبر الزرع واشتد فأراد قلع الزرع وقال أريد أكريها مقثأة أو أزرعها بقلًا وهي أرض سقي يمكنه الانتفاع بها فليس له ذلك وليس له بعد إبان الزرع إلا كراؤها وإن كانت أرض سقي ينتفع بها لما ذكرت وإنما له ذلك إن لم يفت إبان الزرع الذي فيها ولا حجة له أنه يريد قلبها والكراء له عوض من ذلك اهـ.

فتأمله (وله أخذه بقيمته على المختار) ما اختاره اللخمي قال ابن رشد هو ظاهر المدونة ونصه على نقل ابن عرفة وفي صحة أخذه بقيمته مقلوعًا قولان لظاهر كراء الأرضين منها ودليل سماع سحنون في المزارعة اهـ.

ص: 284

في الفرض المذكور أي بلغ أن ينتفع به ولم يفت وقت ما تراد له دون القسم الأول في المصنف وهو ما إذا لم ينتفع به فليس له إبقاؤه وأخذ كرائها منه وفرق ابن يونس بأنه فيه يؤدي إلى بيع الزرع قبل بدو صلاحه لأن مالك الأرض لما مكنه الشرع من أخذه بلا شيء وإبقاء لزارعه بكراء فكان ذلك الكراء عوضًا عنه في المعنى فهو بيع له على التبقية (وإلا) بأن فات وقت ما تراد له (فكراء) مثلها في (السنة) لازم للغاصب وشمل قوله فاستحقت استحقاق ذات الأرض أو منفعتها كما أشرنا إليه كمن استأجر أرضا ليزرعها فتعدى آخر فزرعها فإنه يثبت للمستأجر حيث بقي على إجارته ما ثبت لمالك الأرض التي لم يؤجرها وهو ظاهر ولا يقال الغصب يفسخ إجارته كما يأتي في قوله وبغصب الدار وغصب منفعتها وحينئذ فلا كلام له لأنا نقول فسخ الإجارة حق له فله تركه والبقاء على إجارته أو يحمل خيار المستأجر هنا على ما إذا تعدى على زرعها من يمكن دفعه بالحاكم وما يأتي من الفسخ في غصب المنفعة على ما إذا غصبها من لا يمكن دفعه بحاكم (كذي شبهة) تشبيه غير تام أي أن من زرع أرضًا بوجه شبهة أو اكتراها بوجه شبهة بأن كان وارثًا لغير غاصب أو كان اشتراها ممن غصبها ولم يعلم بالغصب ثم استحقها شخص قبل فوات أبان ما تراد تلك الأرض لزراعته فليس للمستحق الإكراء تلك السنة وليس له قلع الزرع لأن الزارع زرع فيها بوجه شبهة فإن فات إلا بان فليس للمستحق على الزارع شيء من كراء تلك السنة لأنه قد استوفى منفعتها والغلة لذي الشبهة والمجهول للحكم كما يأتي

ــ

(وإلا فكراء السنة) اعتمد المصنف في هذا على ما نقله في ضيح عن اللخمي ونصه وإن كان قيامه بعد الإبان فقال مالك الزرع للغاصب وعليه كراء الأرض وليس لربه قلعه اللخمي وهو المعروف من قوله وذكر رواية أخرى أن للمستحق أن يقلعه ويأخذ أرضه بقوله صلى الله عليه وسلم ليس لعرق ظالم حق وروي عن مالك أيضًا أن الزرع للمغصوب منه الأرض وإن طاب وحصد واختار هذه الرواية الثالثة غير واحد لما في الترمذي من زرع أرضًا لقوم بغير إذنهم فالزرع لرب الأرض وعليه نفقته اهـ.

وذكر ابن يونس في الراية الثانية أنها أصح كما في ق فظهر ترجيح كل من الروايات الثلاث.

تنبيه: قال ربيعة العروق أربعة عرقان فوق الأرض الفرس والبناء وعرقان في جوفها المياه والمعدن نقله ق وقول ز أو يحمل خيار المستأجر هنا الخ هذا هو الصواب وقد قال ابن القاسم إذا نزل سلطان على مكتر فأخرجه وسكن الدار إن المصيبة على صاحب الدار ويسقط على المكتري ما سكنه السلطان وقد قال ابن يونس إذا اكترى دارًا أو أرضًا فاغتصبها منه رجل فسكن أو زرع أن الكراء على المكتري إلا أن يكون سلطانًا ابن يونس وهذا صواب لأن منع السلطان كمنع ما هو من أمر الله كهدم الدار وقحط الأرض اهـ.

نقله ق في باب الغصب (كذي شبهة) قول ز بأن كان وارثًا لغير غاصب الخ وكذا وارث الغاصب كما في طفى ونصه ولا فرق في هذا بين وارث الغاصب وغيره وإنما يفترقان في الغلة وعدمها فوارث الغاصب لا غلة له وإن كان ذا شبهة بالنسبة لعدم قلع زرعه اهـ.

ص: 285

فهو تشبيه في لزوم كراء السنة فقط لا بقيد فوات الأبان بل بقيد بقائه وهذا في أرض لا تزرع إلا مرة في السنة ويأتي محترز هذا القيد في قوله وفي سنين الخ فإن المراد بالسنين البطون وعطف على ذي شبهة الذي هو اسم بمعنى صاحب شبهة الفعل وهو قوله (أو جهل حاله) أي حال الزارع كما لح أو مكري الأرض كما للشارح وتت وقال د أي حال من وصلت منه ليد المستحق منه هل هو غاصب أم مبتاع وقد كان أكراها فإن على المكتري كراء سنة للمستحق إن لم يفت الأبان وللمكري إن فات اهـ. لحمله على أنه ذو شبهة والغلة له كما مر لأن الغالب في الناس عدم العداء (و) الكراء المعين كعبد أو ثوب معين إن استحق قبل حرث الأرض المكتراة به انفسخ الكراء وأخذ المستحق شيئه والمكري أرضه وإن استحق بعد حرث المكتري لها (فأتت بحرثها) قبل زرعها (فيما بين مكر) لأرض (ومكتر) منه فلا ينفسخ الكراء وهذا معنى فواتها ويأخذ المستحق شيئه وللمكري على المكتري كراء المثل في الأرض وهذه حينئذٍ من أفراد قوله وفي عرض بعرض الخ وأولى من حرثها زرعها الذي لا يحتاج لحرث كالبرسيم وكذا بإلقاء الحب عليها حيث لم يحتج لحرث فيما يظهر لا إن احتاجت له فلا تفوت وما قررناه من أن كلامه فيما إذا استحق الكراء المعين ظاهر لا فيما إذا استحقت الأرض المكتراة لأنها إذا استحقت لم يبق للمكري كلام حرثها المكتري أم لا (و) إذا أجاز مستحق الكراء العقد به كان (للمستحق) المذكور (أخذها) سواء كانت مؤجرة سنة أو سنتين كما في د بدليل ما يأتي (ودفع كراء الحرث) للمكتري (فإن أبى) المستحق من دفع كراء الحرث له (قيل له) أي للمكتري (أعط) المستحق (كراء سنة) أو سنتين لأنه لم يرد الفسخ بل أجاز العقد بشيئه (وإلا) تعط (أسلمها) لرب الأجرة (بلا شيء) من كراء الحرث وبما قررنا علم أن قوله وللمستحق الخ من تتمة ما قبله حيث أجاز مستحق الكراء العقد به فإن لم يجزه وأخذه للمكري على المكتري كراء المثل كما مر ومقتضى غ أنه في استحقاق الأرض والأولى كما في د جعله شاملًا لهما فيكون أول الكلام في استحقاق الكراء وقوله وللمستحق الخ في استحقاقه حيث أجاز ذلك المستحق وفي استحقاق الأرض من ذي شبهة وقد كان حرثها فالمستحق غير أيضًا

ــ

بخ وبهذا قرر ز نفسه عند قوله الآتي والغلة لذي الشبهة لكن لا يفرق في وارث الغاصب في لزوم الكراء بين فوات الإبان وعدمه بل عليه الكراء مطلقًا (وفاتت بحرثها فيما بين مكر ومكتر) ما قرر به زمن أنه فيما إذا استحق الكراء المعين هو الصواب خلافًا لتت والشارح حيث فرضاه في استحقاق الأرض فإنه غير صحيح وقد رده ح وطفى وغيرهما (وللمستحق أخذها) قول ز من تتمة ما قبله الخ هذا هو الذي نقله ق عن ابن يونس وقول ز ومقتضى غ أنه في استحقاق الأرض الخ هذا هو الذي لابن القاسم في سماع يحيى وظاهر ما

ص: 286

(و) إذا أجر الأرض من هي (في) يده وهو ذو شبهة (سنين) زرعت سنة مثلًا فأكثر ثم استحقت وفات الأبان وقام المستحق فلا شيء له فيما مضى من الأجرة و (يفسخ) العقد إن شاء (أو يمضي) في باقيها ومحل الإمضاء (إن عرف النسبة) أي عرف ما ينوب ما استحقه من بقية المدة من الأجرة في المستقبل بأهل المعرفة أو كون المتكاريين من أهلها أو كون الزرع في أجزاء السنين مستويًا لتكون الإجارة بثمن معلوم وإلا أدى إلى بيع سلعة بثمن مجهول وهو ممتنع وما قررنا به المصنف من أنه في ذي الشبهة نحوه لجد عج وعممه بعضهم فيه وفي غيره للعلة المذكورة وقوله وفي سنين الخ عطف على أخذها والمعطوف حقيقة قوله يفسخ بالرفع فإنه في تأويل المصدر وأن محذوفة وهذا ليس بشاذ وإنما الشاذ نصبه مع حذف أن وفي سنين متعلق بالمستحق وفي د بقوله يفسخ والتقدير وللمستحق في مسألة كراء سنين الفسخ والإمضاء والتقدير وللمستحق الفسخ في مسألة كراء سنين أي في كراء ذي الشبهة كما في الشارح أو حتى من غاصب أجر ويكون قيد بقوله إن عرف النسبة لأنّ الغاصب يرجع عليه بغلة المستعمل كما مر (و) إذا أمضى المستحق الكراء وكان الأوّل انتقد جميع المدة أو بعضها كما في د وأولى إن لم ينتقد شيئًا فإنه (لا خيار للمكتري للعهدة) أي لأجلها أي أن خيار المكتري لأجل خوف طرو استحقاق ثان بعد الأوّل منتف فلا كلام له في فسخ العقد فيما بقي من المدة أي ليس له أن يقول أنا لا أرضى إلا بأمانة الأوّل لملائه ولا أرضى بالمستحق لأنها إذا استحقت لا أجد من أرجع عليه لعدم المستحق (وانتقد) المستحق حصته فيما بقي من المدة أي قضى له بأخذ أجرة ما بقي من مدة الإجارة أي بأخذها الآن بشرطين أشار للأول منهما بقوله (إن انتقد الأوّل) وهو المكري أي إن كان قد أخذ جميع الأجرة عن مدة الإجارة وحينئذٍ يلزمه أن يرد إلى المستحق حصة ما بقي من المدة الثاني أن يكون المستحق مأمونًا في نفسه أي ذا دين وخير كما أشار له بقوله (وأمن هو) أي المستحق بأن لم يخف من دين أحاط

ــ

ارتضاه ق شمول كلام المصنف لهما كما اختاره د وغيره (وفي سنين بفسخ أو يمضي) قول ز وعممه بعضهم فيه وفي غيره الخ فيه نظر فإن الغاصب إذا أكراها فلا شيء له من الكراء كما تقدم في قوله وغلة مستعمل ويكون للمستحق كراء الماضي والمستقبل فإن أمضى فقد أمضى في الجميع بكراء معلوم فلا يتقيد بقوله إن عرف النسبة والله أعلم (ولا خيار للمكتري للعهدة) قال في المدونة لم يكن للمكتري أن يترك الكراء ويقول إنما كانت عهدتي على الأوّل فلا أرضى أن تكون عليك أيها المستحق فقال عياض هذا كلام غير محصل وقد تكلم عليه سحنون وقال هذا ليس بصواب ولو رضي ما كانت عهدته عليه لأنّ العهدة لا تنتقل كما لو باعه الغاصب عبدًا فاستحقه سيده فالعهدة على الغاصب لا تنتقل عنه قاله مالك أهـ.

وقد تقدم ذلك في قوله ولربه إمضاء بيعه (وأمن هو) وقع في المدونة أن يكون مأمونًا وليس عليه دين محيط فيحتمل أنهما شرطان احترازًا من الملك وممن أحاط دينه ويحتمل أن الثاني تفسير للأول أهـ.

ص: 287

به فإن خاف لم ينتقد المستحق إلا أن يأتي بحميل ثقة قال ابن يونس لعل هذا في دار يخاف عليها الهدم وأما إن كانت صحيحة فإنه ينقد ولا حجة للمكتري من خوف الدين لأنه أحق بالدار من جميع الغرماء اهـ.

وقول المصنف إن انتقد أي انتقد الكراء بالفعل أو اشترط نقده أو كان العرف نقده وأما لو انتقد بعضه بالفعل فإن عينه عن مدة كان لمن له تلك المدة وإن جعله عن بعض مبهم كان بينهما على حسب ما لكل وكذا يقال فيما إذا اشترط بعضه أو جرى به أي بنقد البعض عرف (والغلة لذي الشبهة) كمشتر ومكتر من غاصب لم يعلما بغصبه لا وارثه مطلقًا كموهوبه إن أعسر الغاصب ولا محيي أرض يظنها مواتًا فلا غلة له كما لأبي الحسن خلافًا لتت في كبيره وإن كان لا يقلع زرع واحد من هؤلاء الثلاثة ولا يهدم بناؤه فذو الشبهة الذي له الغلة أخص من ذي الشبهة الذي لا يقلع غرسه ولا بناؤه وعطف على ذي قوله (أو المجهول) حاله هل هو غاصب أم لا أو هل واهبه غاصب أم لا (للحكم) بالاستحقاق على من هي بيده ثم تكون للمستحق فلام للحكم للغاية بمعنى إلى أي الغلة تكون لذي الشبهة أو المجهول من يوم وضع يده إلى يوم الحكم به لذلك المستحق وكان القياس أن تكون النفقة عليه للحكم لكن المصنف مشى في باب القضاء على خلافه حيث قال فيه والنفقة على المقضى له به وهو مذهب المدونة وإن كان خلاف القياس لكن

ــ

(والغلة لذي الشبهة) قول ز ولا محيي أرض يظنها مواتًا الخ نحوه عند ابن يونس ولم يحك فيه خلافًا (للحكم) قيل هذا مخالف لما ذكروه من التوقيف زمن الخصام كما يأتي آخر الشهادات فانظر ما يكون جوابًا عنه اهـ والجواب ما يأتي مما هو الحق من أن التوقيف في الرباع إنما هو بالمنع من التفويت لا بالإخلاء فلا ينافي الاستغلال إلى الحكم (إن لم يعلموا) قول ز فإن حمل على وارث الغاصب الخ ظاهره يقتضي أن هذا الحمل وهو غير صحيح بقرينة التشبيه وقد ذكر آنفًا عن ضيح أن وارث الغاصب لا غلة له اتفاقًا وقول ز في التنبيه إلا أن يكون البائع له هو الموقوف عليه وهو رشيد فلا يرجع عليه الخ هذا نقله ح عن اين سهل ونصه إذا كان المحبس عليه هو البائع وكان مالكًا أمره ينبغي أن لا يكون له طلب المبتاع بشيء من الغلة وإن علم المبتاع حين ابتياعه أنه حبس وقد نزلت بقرطبة وأفتيت فيها بذلك وكان غيري قد خالفني فيها وخلافه خطأ اهـ.

ونقل مثله عن المشذالي وهو مخالف لقول التحفة:

وما يبيع من عليه حبسًا

يرد مطلقًا ومع علم أسا

والخلف في المبتاع هل يعطي الكرا

واتفقوا مع علمه قبل الشرا

وقال ابن الناظم في شرحها ما أفتى به ابن سهل معارض لما نقله الشيخ من الاتفاق على رد الغلة إذا علم قبل الشراء وما قاله ابن سهل لا يخلو من نظر والأظهر رجحان قول من خالفه لما في تسويغ الغلة للعالم بالتحبيس قبل ابتياعه من تمكينه من ثمرة عقد باطل لا شبهة له فيه فليتأمل اهـ.

ص: 288

سيأتي أن معنى قوله والنفقة على المقضى له به في زمن الخصام فقط لا ما قبله فلا إشكال في كلامه هنا بل هو على القياس (كوارث) لذي شبهة أو لمن جهل حاله أو وارث لمشتر من غاصب لا وارث غاصب فلا غلة له اتفاقًا كما في تت ود عن التوضيح انتفع بنفسه أو أكرى لغيره علم بأن مورثه غاصب أم لا (وموهوب) من غير غاصب كمنه أن أيسر الغاصب لا إن أعسر فلا غلة لموهوبه فيرجع عليه (ومشتر منه) أي من الغاصب (إن لم يعلموا) أي تحقق عدم علمهم أو جهل علمهم لحملهم على عدم العلم استصحابًا لحال المسلم فالغلة لهم إلى يوم الحكم به للمستحق وهذا شرط في الثلاثة المذكورة على ما قررنا به قوله كوارث والجمع حينئذ على حقيقته فإن حمل على وارث الغاصب كان الشرط راجعًا لغيره وجمع ضميره باعتبار الإفراد لقوله تعالى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا} [الحج: 19] وأما وارثه فلا غلة له علم أم لا انتفع بنفسه أو أكرى لغيره كما مر ومفهوم الشرط أن علموا لا غلة لهم بل للمستحق والمعتبر علم المشتري من الغاصب وعلم الناس في موهوب الغاصب كما لأبي عمران وذكره تت فيتبع وإن كان خلاف ظاهر قول المصنف فيما تقدم ووارثه وموهوبه إن علما كهو وإلا بدئ بالغاصب اهـ.

تنبيه: قال الشارح أبو الحسن الصغير انظر على هذا من ابتاع عبدًا فاغتله ثم استحق بحرية أو ابتاع أرضًا فاغتلها ثم استحقت بحبس فعن ابن القاسم لا يرد الغلة وعن عبد الملك والمغيرة يرد اهـ.

ويقيد قوله لا يرد الغلة بما إذا لم يكن المشتري عالمًا وإلا رد إلا أن يكون البائع له هو الموقوف عليه وهو رشيد فلا يرجع عليه بالغلة انظر ح عن المشذالي في قوله لا صداق حرة فمن اشترى بعض أماكن وقف عالمًا بوقفيته من بعض ورثة الواقف فله من غلته بقدر حصة بائعه من الغلة لأنه كهبتها له ولا يمضي فيها بيعه في حصة وغيره ويرجع عليه بغلته فإن مات بائعه بطل بيعه في حصته أيضًا بالأولى من قوله وبموت مستحق وقف فيحسب عليه عن ثمنه ما اغتله بعد موته لانتقال الحق عنه بموته وكذا أفتى به عج.

تنبيه آخر: وارث موهوب الغاصب ووارث المشتري منه حيث لم يكن مورثهما عالمًا يفرق فيهما بين العالم فلا غلة له مطلقًا كوارث الغاصب وبين غير العالم فله الغلة (بخلاف ذي دين) طرأ (على وارث) فلا غلة للوارث ذي الشبهة أي أن الوارث إذا ورث عقارًا مثلا واستغله ثم طرأ دين على الميت فإن الوارث يرد الغلة حيث كان الدين يستوفيها فهو مخرج عن قوله والغلة لذي الشبهة ولو قال بخلاف وارث طرأ عليه ذو دين لكان أولى قاله د أي لأنه الأنسب بالإخراج مما مر وظاهر هذا الكلام أن الغلة لذي الدين

ــ

قلت وفيه أيضًا سلف جر نفعًا إذ علمه بالتحبيس قبل الشراء دخول على فسخ البيع ورجوع الثمن له بعد غيبة البائع عليه وهو سلف والغلة منفعة في السلف فتأمله (بخلاف ذي دين على وارث) ما قرره به ز عليه حمله ح واستدل عليه بما في سماع يحيى في الورثة

ص: 289

ولو ناشئة عن تجر الوارث أو وصيه وهو كذلك فإذا مات شخص وترك ثلاثمائة دينار مثلًا وترك أيتامًا فأخذ شخص الوصية عليهم واتجر بالقدر المذكور حتى صار ستمائة مثلًا فطرأ على الميت دين قدر الستمائة أو أكثر فإنه يستحق جميع ذلك عند ابن القاسم خلافًا للمخزومي نقله الشيخ أبو الحسن في كتاب النكاح قاله د قلت وقوله فاتجر بالقدر المذكور أي اتجر به للأيتام وأما إن اتجر به لنفسه فالظاهر أن ربح المال له كما تقدم في باب الوديعة عند قوله كالتجارة والربح له لأنه متسلف ولا يقال كشف الغيب أن المال للغريم لأنا نقول الوصي المتجر به لنفسه أولى ممن غصب مالًا واتجر فيه فربحه له ثم قال د عقب ما سبق عنه وأما لو طرأ غريم بعد إنفاق الولي المال المخلف على الورثة فقال في المدونة ما نصه وإذا أنفق الولي التركة على الطفل ثم طرأ دين على أبيه يغترفها ولم يعلم به الوصي فلا شيء عليه ولا على الصبي وإن أيسر لأنه أنفق بوجه جائز اهـ.

أي لأنه يطلب منه الإنفاق عليه وهذا بخلاف إنفاق الورثة الكبار نصيبهم من التركة فإنهم يضمنون للغريم الطارئ بلا خلاف أي لكشف الغيب أنهم لا حق لهم في التركة إلا بعد أداء الدين ولا يضمنون التلف بأمر من الله بلا خلاف قاله ابن رشد اهـ.

ــ

يقتسمون التركة ونما ذلك بعد ذلك في أيديهم أو نقص أو استهلك قال ما أخذوا على حال الاقتسام فنماؤه للغرماء ولا ضمان على الورثة فيه إلا أن يستهلكوا شيئًا فيكون عليهم غرمه اهـ.

واعترضه طفى بأن السماع المذكور ليس فيه تصريح بالغلة قال إلا ما يؤخذ من قوله فنماؤه للغرماء وفيه بعد إذ ربما يقال نماؤه في بد أنه وبولادة ولذا نقل ق قول ابن رشد لا خلاف إذا طرأ غريم على ورثة أنهم لا يضمنون التلف بالسماوي ولا خلاف أنهم يضمنون ما أكلوا أو استهلكوا أو استنفقوا ثم قال يبقى النظر في الغلة ومقتضى تعليله بعد هذا أنهم يضمنونها اهـ.

على أن هذا السماع خلاف المشهور قال ابن رشد في شرحه تنتقض القسمة بطرو الغريم فيكون ما هلك أو نقص أو نما من جميع الورثة وهو المشهور من مذهب ابن القاسم المنصوص له في المدونة اهـ.

وأشار لقولها في كتاب القسمة قال مالك وما مات بأيديهم من حيوان أو هلك بأمر من الله سبحانه وتعالى من عرض أو غيره فلا ضمان على من هلك بيده وضمانه من جميعهم قال ابن القاسم لأن القسمة كانت منهم باطلة للدين اهـ.

وقالت بعد ذلك لا يضمن الورثة ما هلك بسماوي ويضمنون ما هلك بانتفاعهم فقد اضطرب قولها ولذا قال ابن رشد وقد اضطرب قول ابن القاسم وانظر هذا مع ما تقدم من حكاية ابن رشد الاتفاق وقد نقله ابن عرفة وأقره والظاهر على المشهور أن الضمان من جميعهم في السماوي وأن الغلة لهم فتأمل ذلك كله اهـ.

كلام طفى واعترضه بعضهم وصوب ما قاله ح وذكر أن ما قاله طفى غلط نشأ له من عدم فهم كلام البيان وذلك لأن معنى ما في البيان أنه إذا طرأ الغريم وانتقضت القسمة على المشهور من الأقوال فإن ما هلك بيد أحد الورثة بسماوي لا يضمنه وحده بل ضمانه من

ص: 290

وسيأتي للمصنف آخر باب القسمة ما يفيد ذلك وزيادة والفرق أن التركة في ضمان الورثة بخلاف الوصي هذا وحمل الشارح وتبعه تت كلام المصنف على أن ذا الدين الطارئ على الوارث إذا أخذ في دينه شيئًا واستغله ثم استحقه إنسان فإنه لا غلة لذي الدين خلاف ما يفيده النقل من أن لذي الدين الغلة للحكم لأنه ذو شبهة وأيضًا على هذا الحمل يصير قوله على وارث ضائعًا وكلام المصنف فيما إذا اقتسم الورثة عين التركة ونمت في أيديهم وأما إن اشترى الورثة شيئًا من التركة وحوسبوا به في ميراثهم ونما ذلك في أيديهم فلهم نماؤه ولا شيء لأرباب الدين منه وكذا يقال في الموصى لهم إذا اشتروا شيئًا من التركة وحوسبوا به في وصاياهم فإنه يكون بمنزلة ما إذا اشترى ذلك أجنبي ونما في يده قاله ح وهو حسن فإن قلت ما حصل للوارث من التركة بقسمتها عليهم وما اشتروه منها وحوسبوا به في ميراثهم مال مورثهم الذي عليه الدين فلم كان لهم الغلة في الثاني دون الأول وكذا يقال في الموصى لهم قلت لعل الفرق قوة الملك بالشراء على الملك بالقسم لأنه تمييز حق فقط ولأن الشراء يحصل به الملك للأجنبي فتأمله وشبه بقوله بخلاف الخ قوله (كوارث طرأ على مثله) فلا غلة للوارث والمراد لا يختص بالغلة

ــ

جميعهم لتبين أنه لم تقع قسمة بينهم وليس المراد بذلك أنهم يضمنونه للغرماء بل مراده أنهم يضمنونه فيما بينهم فقط لانتقاض القسمة بمعنى أنه إذا فضل شيء بيدهم بعد قضاء الدين دخل فيه جميع الورثة من هلك حظه ومن بقي كما يأتي بيانه في باب القسمة وكذا ما نما بيد أحدهم وفضل عن الدين لا يختص به من نما بيده بل يكون لجميعهم لانتقاض القسمة بينهم وهذا لا يعارض ما حكاه ق عن ابن رشد وأقره ابن عرفة من أنه لا خلاف أنهم لا يضمنون التلف بالسماوي لأن المراد به أنهم لا يضمنونه للغرماء وإن كانوا يضمنونه فيما بينهم وهذا أيضًا جمع بين الموضعين المتقدمين عن المدونة وقول ابن رشد اضطرب دول ابن القاسم ليس مراده في الضمان وعدمه كما فهمه بل المراد أنه مرة قال بانتقاض القسمة ومرة قال بعدم انتقاضها كما صرح به في المقدمات ويأتي كلامها وإذا علمت أنهم لا يضمنون السماوي للغرماء كما هو منصوص عليه في غير ما ديوان حتى في ابن الحاجب وابن عبد السلام وضيح كما يأتي في القسمة ظهر لك أن الغلة ليست لهم وإنما هي للغرماء يكمل دينهم بها كما فهمه ح ولا يكون منها للورثة إلا ما فضل عن الدين وأن استظهار طفى غير صحيح لأنه بناه على غير أساس وعبارة ابن رشد في نوازله بعد أن ذكر أنه إذا طرأ غريم على ورثة تنفسخ القسمة بينهم ما نصه وهؤلاء الذين اقتسموا مال الميت ضامنون لما أكلوا أو استهلكوا من ذلك وأما ما ذهب بأمر سماوي فلا ضمان عليهم فيه لصاحب هذا الحق الطارئ عليهم ولا بعضهم لبعض وكذلك إذا جنى على شيء مما في يد واحد منهم فيتبعون جميعًا الذي جنى عليه اهـ.

وعبارته في المقدمات هي ما نصه فأما القسمة فتنتقض على رواية أشهب عن مالك لحق الله تعالى ولا تتبعض عند أشهب وسحنون واضطرب قول ابن القاسم في انتقاضها فمرة قال إنها تنتقض بين جميعهم فيخرج الدين الطارئ من جملة المال ثم يقسم ما بقي ثم قال ولا خلاف بين جميعهم في أن الورثة لا يضمنون بالقسمة بالتلف بأمر من السماء إذ الحق للمدين اهـ.

ص: 291

بل يقاسم أخاه الطارئ فيها ولو قال طرأ عليه مثله كان أولى قاله د وهذا حيث كان في نصيب المطروء عليه ما يكفيه بدليل قوله (إلا أن ينتفع) المطروء عليه بنفسه ولم يكن في نصيبه ما يكفيه ولم يعلم بالطارئ وأن يفوت الأبان فيما يعتبر فيه أبان فإن العلة له ولا يشاركه الطارئ فإن أكرى أو كان في نصيبه ما يكفيه وتعدى وانتفع بزائد أو علم بالطارئ أو لم يفت الأبان حاصص الطارئ وهذه الشروط الأربعة ما لم يكن الطارئ حاجبًا للمطروء عليه وإلا رجع عليه بجميع ما اغتله وبما قررنا علم أن شروط عدم رجوع الوارث الطارئ على الوارث المطروء عليه أربعة قال تت وربما أشعر قوله طرأ وارث بأنه لو طرأ مستحق وقف على مستحق آخر استغله وهو يرى أنه منفرد به أو سكنه لم يرجع بالغلة ولا بالسكنى وهو كذلك رواه ابن القاسم عن مالك اهـ.

باختصار وقوله وهو يرى الخ يفيد أنه غير عالم بالطارئ وهو كذلك إذ لو كان عالمًا به لرجع عليه (وإن غرس) ذو شبهة مكتر أو مشتر أو نحوهما (أو بنى قيل للمالك) الذي طرأ استحقاقه للأرض (أعطه قيمته قائمًا) على أنه في أرض الغير بإذنه على التأبيد أن استعارها أو استأجرها كذلك فإن استعارها أو استأجرها مدة فقيمته قائمًا في تلك المدة وبه يندفع استشكال الأشياخ مذهبها بأن مالكًا أوجب له قيمة البناء قائمًا وإذا قوّم قائمًا فقد أعطى جزأ من الأرض وإن قوم منفكًا عنها صار منقوضًا اهـ.

فجوابه أن تقويمه قائمًا على الوجه المذكور يفيد قطع النظر عن الأرض وأنه يقوم قائمًا لا منقوضًا (فإن أبى) المالك (فله) أي للغارس أو الباني (دفع قيمة الأرض) براحًا أي بغير غرس ولا بناء (فإن أبى فشريكان بالقيمة) لكل بانفراده هذا بقيمة أرضه وهذا

ــ

وقول ز ظاهر هذا الكلام أن الغلة لذي الدين ولو ناشئة عن تجر الوارث الخ فيه نظر والذي انفصل عنه شيخ شيوخنا العلامة سيدي أحمد بن الحاج كما رأيته بخطه أن الربح للأيتام لا لرب الدين وأن ما في ز غير صحيح فتأمله (الا أن ينتفع) قول ز ولم يكن في نصيبه ما يكفيه الخ تبع في هذه العبارة تت والشارح وأصله في ضيح وهو غير صحيح بل هو مقلوب لأن الشرط كما صرح به أبو الحسن هو أن يكون في نصيبه ما يكفيه لسكناه وليس به ضرورة إلى مسكن أخيه وبهذا صرح الأبياني في شرح البرهان وقد اعترض على تت بهذا الشيخ أحمد بابا وطفى وغيرهما نعم إن كان في نصيبه ما يكفيه وسكن أكثر منه رجع عليه فالشرط إذن هو أن يسكن قدر نصيبه فقط قاله ابن عاشر وطفى وقول ز ولم يعلم بالطارئ وفات الإبان الخ جرت الفتوى بخلاف هذين الشرطين وفي العمليات:

وما على الشريك يومًا إن سكن

في قدر حظه لغير ثمن

(وإن غرس أو بنى) انظر هنا في ح عن البيان مسألة شريك غرس أو بنى في أرض مشتركة بينه وبين جماعة بغير إذنهم (قيل للمالك أعطه قيمته قائمًا) في خش ولو كان من بناء الملوك اهـ.

ص: 292

بقيمة غرسه أو بنائه والقيمة فيهما معتبرة (يوم الحكم) بالشركة لا يوم الغرس والبناء فيقال ما قيمة البناء قائمًا على أنه في أرض الغير وما قيمة الأرض فيكونان شريكين بقيمة ما لكل.

تنبيه: قوله قيل للمالك الخ فإذا قال المالك ما عندي ما أعطيه الآن وما أريد إخراجه ولكن يسكن وينتفع حتى يرزقني الله ما أؤدي منه ما يجب له لم يجز ذلك ولو رضي المستحق منه لأنه سلف جر نفعًا وكذا لا يجوز أن يتراضى معه على أن يستوفي ما وجب له من كراء الشيء المستحق عند ابن القاسم للدين بالدين وأجازه أشهب بناء على أن قبض الأوائل كقبض الأواخر قال د قوله وإن غرس إلخ أي الأرض وفرض المسألة في الأرض لأنه وقع نص أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في ذلك وهذه صورة المسألة ولو كان المعمر سفينة لكان الحكم كذلك إذ لا فرق وكذا لو اشترى شخص عرضًا وصرف عليه مبلغًا في تفصيل وخياطة ثم استحق ومثل قوله قيل للمالك ما إذا بنى في أرض محتكرة كما في البساطي ومعنى ذلك أن الأرض المحتكرة كأرض البرلس التي تغرس إذا غرس فيها شخص أشجارًا بإذن أربابها على أن يؤدي الحكر ثم بعد الغرس طلب الأرض من له الحكر فليس له أخذها إلا بعد دفع قيمة الغرس قائمًا اهـ.

(إلا المحبسة فالنقض) بضم النون وهذا استثناء من الأوجه الثلاثة أي أن الأرض إذا استحقت بملك ففيها ما مر من الأوجه وأما إذا استحقت بحبس فلا يجري فيها وجه من الأوجه المتقدمة فلا يقال لناظر الوقف أعطه قيمته إلى آخر الثلاثة وإنما يقال للباني اهدم بناءك وخذ نقضه وظاهره أنه لا يؤمر بتسوية الأرض وليس له أن يعطي قيمة البقعة لأنها حبس ومحل عدم إعطاء قيمة بنائه إن لم يشترط الواقف أنه يشتري بغلة الحبس عقارًا

ــ

وفيه نظر بل قيده ابن عرفة بما إذا لم يكن البناء من بناء الملوك وذوي الشرف أما إن كان كذلك فالمنصوص أن فيه قيمته منقوضًا واحتج لذلك بسماع القرينين وذكر أنها نزلت بالشيخ ابن الحباب انظره وقول ز فقيمته قائمًا في تلك المدة وبه يندفع استشكال الأشياخ الخ هذا الجواب نقله ابن عرفة عن عبد الحق وأبي إسحق التونسي وذكر ابن يونس تعقبه ونص ما نقله عن ابن يونس انظر كيف صفة تقويم البناء على أن يقلع إلى عشرين سنة فإن قلت بكم يمكن أن يبني مثله على أن يقلع إلى عشرين سنة فالقيمة لا تختلف سواء قال إلى سنة أو إلى عشرين سنة ولذلك قال ابن القاسم يدفع إليه قيمة البناء قائمًا ولم يحده بوقت وإنما يصح ذلك على تأويل ابن حبيب الذي يقول معنى قوله قائمًا هو ما زاد البناء في قيمة الأرض وأما على تأويل ابن القاسم فإنما يقال بكم يبني مثل هذا البناء فيقال بخمسين ومائة فهذه قيمة البناء قائمًا قاله ابن يونس قال ابن عبد السلام فمراد ابن القاسم بقيمة البناء قائمًا في الوجهين قدر ما يبني به مثله لأنا إن أبقينا الكلام على ظاهره أدى ذلك إلى أن يكون للباني جزء من الأرض وهو موضع أساس البناء ابن عرفة ما فسر به ابن يونس من اعتبار قدر ما يبني به مثله صواب جار على أصل المذهب اهـ.

ص: 293

وإلا اشترى ذلك حيث وجد في حبسه ريع زائد عن مستحقيه فيشتري بقيمته منقوضًا بل قد يقال يشتري وإن لم يشترطه الواقف حيث وجد ريع للوقف لأن وقف ريع الوقف قد يؤدي إلى ضياعه كما بحثه د مع بعض شيوخه وظاهر كلام المصنف سواء كان الحبس على معينين أو على غير معينين خلاف ما ذكره ابن الحاج عن بعض الأصحاب (وضمن) مشتر ذو شبهة أمة أولدها ثم استحقت برق (قيمة المستحقة و) قيمة (ولدها) الحر (يوم الحكم) بالاستحقاق على المشهور لا يوم الوطء والولد حر نسيب باتفاق والدليل على أنها مستحقة برق ضمانها بالقيمة وقوله الآتي لا صداق حرة وقول الشارح برق أو حرية غير جيد وأجاب عنه الوالد بأن قوله أو حرية على حذف مضاف أي أو عقد حرية أي استحقت إما برق خالص أو عقد حرية كما يأتي قريبًا تفصيله فإن كان ولدها رقيقًا بأن كان من غير سيدها المشتري لها أو من سيدها العبد فيأخذه ويأخذها وإذا اعتبرت قيمة الولد الحر فبدون ماله على المشهور كما قال الفاكهاني أي لأنه حر انظر د وتت أي فيبقى ماله له وكذا الأم تقوم بدون مالها فيما يظهر لأن أخذ قيمتها كبيعها وبائع العبد له ماله إلا أن يستثنيه المشتري قاله عج وتعليله ربما ينتج عكس المقصود فتأمله مفهوم ولدها أنه إن لم يولدها الحر أخذها المستحق ولا شيء على المشتري في وطئها ولو بكرا واقتضها كما في المدونة.

تنبيه: قوله وضمن قيمة المستحقة الخ أي ويرجع من استحقت منه على بائعه بثمنه ولو غاصبًا وسواء زاد ما دفعه من القيمة على الثمن أم لا ويرجع ربها على الغاصب بما بقي له من الثمن إن زاد على القيمة التي أخذت من المشتري كما هو قاعدة بيع الفضولي إذا فات لأن أخذ القيمة من المشتري فيه إجازة بيع بائعه الغاصب وهو يضمن يوم الاستيلاء وإذا استحقت مدبرة بعد ما أولدها المشتري أخذ مستحقها ثمنها لا قيمتها ولا قيمة ولدها قنين وكانت أم ولد لمن استحقت منه لأن أمومة الولد أقوى من التدبير لعتقها

ــ

(وضمن قيمة المستحقة وولدها) هذا قول مالك الذي رجع إليه وكان أولًا يقول لمستحقها أخذها إن شاء مع قيمة الولد يوم الحكم قال في المدونة وعلى هذا جماعة المسلمين وأخذ به ابن القاسم ثم رجع عن هذين القولين معًا إلى أنه يلزمه قيمتها فقط يوم وطئها وبه أفتى لما استحقت أم ولده إبراهيم وقيل أم ولده محمد وعبر عنه ابن رشد بقوله وبه حكم عليه في استحقاق أم ولده اهـ.

وفيه دليل على أن أفتى في كلام غيره مبني للمفعول وأن غيره أفتاه في ذلك بهذا إلا أنه أفتى به لنفسه والله أعلم وفي كلام الفاكهاني ما يقتضي أنه هو الذي أفتى بذلك لنفسه.

تنبيه: قال ابن عرفة في نوازل سحنون من أمهات الأولاد من اشترى جارية فأولدها فاستحقها رجل فدفعها إليه الذي أولدها ثم اشتراها منه إن كان دفعها إليه بحكم قاض فلا تكون له أم ولد إلا بإيلاد مستقبل وإن دفعها إليه صلحًا دون قضاء كانت أم ولد بإيلادها أو لا ابن رشد هذا بين لأنها وجبت لها حرمة الإيلاد فلا تنقض إلا بحكم لأنه يتهم على إبطال ما وجب لها من الحرمة اهـ.

ص: 294

من رأس المال دونه فهي بمنزلة عتق مشتري المدبر له وإذا استحقت المكاتبة بعد إيلاد المستحق منه أخذ المستحق قيمة ولدها وتحسب من الكتابة فإن وقت قيمته نجومها أو لم توف ووفت هي بقية النجوم وخرجت حرة لا يد لواحد منهما عليها وتكون كمن استحقت بحرية فلا صداق ولا غلة وإن عجزت كانت بمنزلة القن المستحقة فيغرم قيمتها وولدها على ما عليه المصنف وأما المعتقة لأجل وأم الولد فيغرم الأب قيمة الولد للمستحق كما في المدونة على الرجاء والخوف ويأخذ أم الولد وكذا المعتقة لأجل إن لم ينقص الأجل قبل يوم الاستحقاق وإلا خرجت حرة فلا يأخذها ولا قيمة ولدها لأن كل ذات رحم فولدها بمنزلتها (و) إن قتل ولدها ضمن للمستحق (الأقل) من قيمته يوم قتله خطأ ومن ديته (إن أخذ) الأب له (دية) وكذا إن عفا على المعتمد وله في العمد إذا صالح الأب على أقل من الدية وهو قدر القيمة فأكثر الأقل من قيمته يوم القتل ومما صالح به فإن صالح بأقل من القيمة وأخذه المستحق رجع الأب على الجاني بالأقل من باقي القيمة والدية لأنه يقول صالحت بأقل من القيمة ليبقى لي وكذا يقال في صلح الخطأ وإذا عفا الأب في العمد فلا شيء عليه للمستحق وله الرجوع على القاتل بالأقل من القيمة والدية بتقدير أن فيه دية فإن اقتص الأب في العمد لم يكن للمستحق شيء ذكره في المدونة (لا) يضمن المستحق منه (صداق حرة) أي أمة استحقت بحرية بعد وطئه بملك (أو غلتها) فلا يضمنها لما مر من أن الغلة لذي الشبهة والفرق بينها وبين لزوم الصداق للغالط بغير

ــ

وقول ز في التنبيه ويرجع ربها على الغاصب بما بقي له من الثمن إن زاد الخ فيه نظر وقال عبد الحق في النكت إذا استحقت أمة من يد مشتر وقد أولدها فأخذ قيمتها منه على أحد الأقوال يرجع المشتري على البائع بالثمن الذي دفع إليه كله كان أقل مما دفع من القيمة أو أكثر لأن أخذ قيمتها كأخذ عينها فلما كان في أخذ عينها يرجع بالثمن لانتقاض البيع فكذلك القيمة إذ هي عوض عنها اهـ.

نقله طخ وهو صريح في أنه لا رجوع لربها على الغاصب بعد أخذ القيمة من المشتري ولو زاد الثمن عليها لرجوع المشتري على الغاصب بجميعه وقول ز لأن أخذ القيمة فيه إجازة بيع بائعه الخ غير صحيح لقول عبد الحق إن أخذ قيمتها كأخذ عينها فأخذها نقض للبيع لا إجازة له وانظر ما تقدم في قوله ولربه إمضاء بيعه (والأقل إن أخذ دية) قول ز وله في العمد إذا صالح الأب الخ لو قال وله في العمد إذا صالح الأب الأقل من قيمته يوم القتل ومما صالح به فإن كان المصالح به أقل من القيمة ومن الدية الخ لكان أشمل وأخصر والله أعلم وقول ز رجع الأب على الجاني بالأقل الخ انظره من قال هذا وأصله والله أعلم لأحمد عن بعض شيوخه فهمه من كلام عبد الحق الذي في ق والظاهر أن الذي يرجع على الجاني هو المستحق بدليل الفرع الذي بعده وكلام ق محتمل لذلك وقول ز وله الرجوع طى القاتل الخ أي وللمستحق الرجوع على القاتل الخ وهذا قول عبد الحق وقال ابن شبلون لا شيء للمستحق على القاتل انظر ابن عرفة (لا صداق حرة أو غلتها) قول ز كما لشارح الحدود عن

ص: 295

العالمة كما قدمه والجامع بينهما أن كلا وطء شبهة أن الغالط استبد لعقد في زعمه فتبين أن لا عقد بالكلية وهنا استند لعقد بيع حقيقة وإن تبين فساده بحريتها لأن الحقائق تطلق على فاسدها كصحيحها كما لشارح الحدود في غير ما موضع عن شيخه ابن عرفة نفسه والمعدوم شرعًا غير معدوم حسًّا وإنما هو كالمعدوم حسًّا ومثل الأمة العبد يستحق بحرية فلا رجوع له بغلته على سيده الذي استحق منه بخلاف ما إذا استحقه شخص آخر برق فيرجع المستحق بغلته على المستحق منه كما يأتي قريبًا والفرق بينه وبين المستحقة بحرية أن المقصود من الأمة الوطء والغلة تبع له والمقصود من العبد الغلة (وإن هدم) أو قلع الغرس (مكثر) لكدار أو بستان من ذي شبهة ما اكتراه (تعديًا) منه بغير إذن مكريه ثم استحق المهدوم أو المغروس (فللمستحق النقض) بضم النون وبالضاد المعجمة لبناء أو غرس (وقيمة) نقص بفتح النون وبالصاد المهملة (الهدم) أو القلع فيقال ما قيمتها مبنية وما قيمة البقعة والأنقاض فإذا قيل قيمتها مبنية عشرة دراهم وقيمة البقعة والأنقاض ثمانية فإنه يكون على الهادم درهمان انظر د وهذا إذا كان النقض بالضم باقيًا أو أفاته المكتري بغير بيع فإن أفاته ببيع فللمستحق الأكثر مما باعه به أو قيمته مع أخذ نقص الهدم إن فات عند المشتري والأخير المستحق بين أخذه وإجازة بيع المكتري فليس له حينئذ إلا ما باعه به يرجع به عليه إن أخذه من المشتري وإلا طالب به المشتري أو المكتري كما تفيده المدونة وشرحها وهذا بخلاف بيع الفضولي إذا أجازه المالك فإنما له المطالبة عليه وإن لم يقبض الثمن لأنه كالوكيل خلافًا لد وانظر لو فات عنده بسماوي ومفهوم تعديًا أنه إن هدمه لا تعديًا فكهدم المكري يأخذه فقط إن لم يبعه فإن باعه فليس له إلا ثمنه وإن كان قائمًا وبه جزم د لأنه ذو شبهة أقوى من المكتري فلم يجعل كالفضولي بالنظر للمستحق

ــ

شيخه ابن عرفة الخ الذي في حفظي أن الرصاع شارح الحدود لم يدرك ابن عرفة وإنما أدرك تلامذته وقول ز فلا رجوع له بغلته على سيده الخ قال ح وكذا لو كاتبه ثم استحق بحرية بعد أن قبض السيد الكتابة لم يرجع عليه بها بخلاف ما لو جرح فأخذ له السيد أرشا أو كان له مال عند الشراء أو أفاده عند السيد من فضل خراجه أو عمله أو تصدق به عليه أو وهب له فانتزعه السيد فله الرجوع على سيده بكل ذلك انظر ح فقد أطال وقول ز بخلاف ما إذا استحقه شخص آخر برق الخ فيه نظر إذ هو مخالف لقولهم الغلة لذي الشبهة لأن الفرض أنه اشترى واستغل وقوله كما يأتي قريبًا الخ الذي يأتي له خلاف هذا وهو الحر المستحق برق لا الرقيق المستحق بحرية كما هنا وقوله والفرق بينه الخ إن كان الضمير في بينه عائدًا على المستحق برق فلا يصح إذ الأمة مستحقة بالحرية والعبد مستحق برق فلم يجتمعا حتى يحتاج إلى الفرق بينهما وإن كان عائدًا على العبد المستحق بحرية فحكمها واحد كما سبق له في قوله ومثل الأمة الخ فلا حاجة إلى الفرق على كل حال والله أعلم (فللمستحق النقض) هذا أحد تأويلات لعياض انظرها في ح وقول ز فليس له إلا ثمنه وإن كان قائمًا وبه جزم د الخ هذا هو ظاهر قول المدونة ولو هدمها المكري لم يلزمه قيمتها وإنما له النقض بعينه إن وجده وإن بيع فله ثمنه اهـ.

ص: 296

ولعل الفرق أن المشتري أو المكتري استند لعقد حقيقة والفضولي لم يستند لعقد سابق على بيعه فحين إجازته صار كالوكيل فيطالب هو بالثمن وقال غيره إنما له ثمنه إن فات عند المشتري والأخير فيه وفي ثمنه وإن فات بغير سبب المكتري فلا شيء عليه وبسببه ضمن قيمته وبالغ على أن للمستحق النقض وقيمة الهدم (وإن أبرأه مكريه) من الهدم قبل ظهور الاستحقاق (كسارق عبد ثم استحق) بعدما أبرأه منه المسروق منه المالك له بشراء ونحوه من كل ذي شبهة فبراءته غير نافعة للسارق فيرجع عليه المستحق بعينه إن بقي وإلا فبقيمته ولا رجوع للمستحق على المبرئ وأخرج من قوله لا صداق حرة أو غلتها بالنظر إلى الغلة فقط قوله (بخلاف مستحق) شخص (مدعي حرية) نزل ببلد فاستعمله شخص ثم استحق برق فإن مستحقه يرجع على من استعمله بأجرة استعماله (إلا) الاستعمال (القليل) كسقي دابة وشراء من سوق مرة فلا رجوع لمستحقه بأجرة ذلك وإذا رجع بغير القليل أسقط منه قدر نفقته فتحسب على المستحق فإن زادت على الغلة لم يرجع بها على المستحق وإن نقصت رجع المستحق بما زاد منها على النفقة كذا في بعض التقارير وانظره مع ما سيأتي من أن النفقة التي تكون على المستحق إنما هي النفقة في زمن الخصام لا فيما قبله وظاهر قوله بخلاف الخ سواء استعمل بأجر أم لا لكن إن استعمل بأجر ولم يدفع له خير ربه بين إجازة الأجر وأخذه وبين رده وأخذ أجرة المثل وكذا لو دفع له وهو قائم بيده فإن أتلفه ففي رجوع مستحقه على مستعمله وعدمه وهو ظاهر المدونة قولان كما في الشارح وظاهر المصنف كظاهر المدونة فلو استأجره إنسان فيما يعطب فيه وعطب فينبغي أن يضمنه كما في اللقيط المذكور في باب اللقطة بقوله وضمنه إن أرسله إلا لخوف كمن استأجره فيما يعطب فيه أي وعطب فيضمن قيمته وقد يفرق بأن مستأجر المستحق استأجره ممن له التصرف كتصرف المالك في ملكه بخلاف مستأجر اللقيط (وله) أي لمستحق عرصة (هدم مسجد) بنى فيها بوجه شبهة عند ابن القاسم ولا يعطى قيمته لئلا يباع الحبس ورجح اللخمي وعبد الحق قول ابن القاسم كما ذكره ابن ناجي وأولى عنده ما بنى غصبًا وخص سحنون الهدم بما بنى غصبًا وأما ما بنى بشبهة فلا يهدم ويقال للمستحق أعطه قيمة بنائه قائمًا ويجعلها في مسجد آخر فإن أبى قيل للباني أعطه قيمة الأرض فإن أبى كانا شريكين وحينئذ فإن احتمل القسم وكان فيما ينوب الحبس ما

ــ

وقد علم أن هدم المكتري بإذن كهدم المكري (بخلاف مستحق مدعي حرية) قول ز وانظره مع ما سيأتي أي في باب القضاء الخ لا إشكال مع ما يأتي أصلًا لأن ما هنا لم يدع المستغل أنه أنفق على ملكه بل على حر وفيما يأتي المستغل يدعي أنه أنفق على ملكه وأيضًا فيما يأتي لا يرجع عليه بالغلة وفيما هنا يرجع عليه بها قول ز وظاهر المصنف كظاهر المدونة الخ غير صحيح بل ظاهر المصنف الرجوع سواء استعمل بأجر أم لا وهو خلاف ظاهر المدونة لأنها فرضت المسألة فيما إذا استعمله بغير أجر انظر لفظها في ق اهـ.

ص: 297

يكون مسجدًا قسم فإن لم يحتمل القسم أو لم يكن فيه لمن بنى ما يكون مسجدًا بيع وجعل أي ما ينوب ذا الحبس في مثله قاله أبو الحسن ورجح أبو عمران قول سحنون لأن الحبس قد يباع للضرورة ففي هدم مسجد بني شبهة قولا ابن القاسم وسحنون ورجح كل منهما كذا لابن ناجي وفي ابن عرفة أن اللخمي رجح قول سحنون وقوله ويجعلها في مسجد آخر لعله الأولى وإلا فالذي في ابن عرفة في حبس آخر أي مسجد أو غيره ثم ما يهدم يجعل المستحق منه الأنقاض في مسجد آخر فإن لم يكن في موضعه مسجد نقل ذلك النقض إلى أقرب المساجد إليه ويكون الكراء على نقله منه ويجوز لمن أخذه في كرائه ملكه نقله ح عن أبي الحسن وينتفع المستحق بالبقعة انتفاع الأملاك هذا ظاهره وشق التخيير الثاني المحذوف من المصنف هو ترك البقعة للباني مجانًا أي للمستحق الهدم أو ترك ما استحقه مجانًا (وإن استحق بعض) من متعدد اشترى صفقة واحدة (فكالمبيع) المعيب فإن كان وجه الصفقة نقضت كلها وحرم التمسك بما بقي منها (و) إن كان غير وجهها تمسك بالباقي و (رجع) فيه (للتقويم) أي نظر فيه بقيمته فيتمسك به بقيمته ولا يرجع فيه لما سمى للجميع حين شرائه قبل الاستحقاق لأن بائعه للمشتري كان من حجته أن يقول بعته بجملته يحمل بعضه بعضًا فلو رجع للتسمية لكان فيه غبن علي المشتري المستحق من يده غير وجه الصفقة وصحت ولو سكتا لا إن شرطا الرجوع للتسمية كما قدمه المصنف في فصل الخيار بقوله وتلف بعضه أو استحقاقه كعيب به ورجع للقيمة لا للتسمية وصح ولو سكتا لا إن شرطا الرجوع لها فذكره هناك استطرادا وهنا بطريق الأصالة وعلم مما قررنا أن قوله فكالمبيع أي المعيب المتقدم في الخيار وفي بعض النسخ هنا فكالمعيب وهي مفسرة للمراد وأن قوله ورجع للتقويم مرتب على ما إذا استحق غير وجه الصفقة (وله رد أحد عبدين) اشتراهما صفقة (استحق أفضلهما) وهو ما فاق نصف

ــ

(وإن استحق بعض فكالمبيع) حاصل استحقاق البعض أن تقول لا يخلو إما أن يكون شائعًا أو معينًا فإن كان شائعًا مما لا ينقسم وليس من رباع الغلة خير المشتري في التماسك والرجوع بحصة المستحق من الثمن وفي رده لضرر الشركة سواء استحق الأقل أو الأكثر وإن كان مما ينقسم أو كان متخذ الغلة خير في استحقاق الثلث ووجب التمسك فيما دونه وإن استحق جزء معين فإن كان مقومًا كالعروض والحيوان رجع بحصة البعض المستحق بالقيمة لا بالتسمية وإن استحق وجه الصفقة تعين رد الباقي ولا يجوز التمسك بالأقل وإن كان مثليًّا فإن استحق الأقل رجع بحصته من الثمن وإن استحق الأكثر خير في التماسك والرجوع بحصته من الثمن وفي الرد وكذلك يخير في التماسك والرد في جزء شائع مما لا ينقسم لأن حصته من الثمن معلومة قبل الرضا به انظر ح (وله رد أحد عبدين الخ) كلام المصنف كقول التهذيب ومن ابتاع عبدين في صفقة فاستحق أحدهما بحرية بعد أن قبضه أو قبل فإن كان وجه الصفقة فله رد الباقي وإن لم يكن وجهها لزمه الباقي بحصته من الثمن وتعقبوا قوله فله رد الباقي بأنه خلاف ما في الأمهات فإن كان وجه الصفقة رد الباقي ومثله اختصر ابن يونس

ص: 298

القيمة (بحرية) وله التمسك بالباقي بجميع الثمن أو يحمل على ما إذا فات الباقي أو اللام بمعنى على فلا يخالف قوله في الخيار ولا يجوز التمسك بأقل استحق أكثره أي لأنه وجه الصفقة وشبه بقوله وإن استحق بعض فكالمبيع قوله (كأن صالح عن عيب) قديم بعد اشترائه ثم اطلع عليه (بآخر) أي عبد آخر وملك المشتري العبدين ثم استحق أحدهما فله الرد كالبيع وهل يجوز الصلح عن العيب قبل معرفة ما ينوبه من الثمن وهو ظاهر المدونة لأنه وإن كان الصلح بيعًا لكن يغتفر فيه الغرر لأن اللاحق للعقد كالواقع فيه فكان البيع وقع على المبيع وعلى المصالح به ابتداء بالثمن المعين أولًا تأويلان قلت مقتضى البناء المذكور أنه إذا وقع الصلح بعد زمن طويل من البيع أنه يمتنع قبل معرفة ما ينوب العيب من الثمن باتفاق التأويلين (وهل يقوم) العبد المشتري (الأول) مع الثاني المأخوذ في العيب ثم استحق أحدهما (يوم الصلح) لأنه يوم تمام قبضهما ليعلم ما ينوب الباقي من الثمن بعد استحقاق الآخر (أو) يقوم الأول فقط (يوم البيع تأويلان) وأما الثاني فيوم الصلح قطعًا (وإن صالح) كل من المصالحين لوقوعه منهما أي وإن وقع الصلح بينهما عن مدعى به على مقر به أو منكر فصالح المدعى عليه المدعي بشيء غيره (فاستحق ما) أي مصالح به (بيد مدعيه) أي مدعى المصالح عنه وما بيده هو المصالح به كما مر (رجع) المدعى (في مقر به) وهو المصالح عنه حيث (لم يفت وإلا) بأن فات ولو بحوالة سوق (ففي عوضه) وهو قيمته إن كان مقومًا ومثله إن كان مثليًّا (كإنكار على الأرجح) تشبيه في رجوع المدعي بالعوض فيما بعد وإلا وإن كان المرجوع بعوضه فيما قبل الكاف المصالح عنه وفيما بعدها المصالح به قائمًا أو فائتًا أي من ادعى على آخر بشيء فأنكره ثم صالحه بشيء فاستحق رجع المدعي بعوضه لا بعين المدعى به إن كان قائمًا أو عوضه إن فات وبما قررنا التشبيه به سقط اعتراض غ الذي في تت (لا) يرجع من استحق من يده ما صولح به في الإنكار (إلي الخصومة) بينه وبين المدعى عليه المنكر المصالح بشيء استحق من يد المدعي لأن فيه غررا إذ لا يدري ما يصح له فلا يرجع من معلوم وهو

ــ

فإن ظاهره الحتم قاله ابن ناجي وأبو الحسن وما ورد على التهذيب يرد على المصنف وقول ز أو يحمل على ما إذا فات الباقي الخ لا معنى له إذ كيف يتصور رده مع فواته (كأن صالح عن عيب بآخر) هذه النسخة بكاف التشبيه هي الصواب وهو مشبه بما قبله لأنهما في المدونة سواء وفي بعض النسخ لا إن صالح الخ بحرف النفي وهي فاسدة (وإلا ففي عوضه) المؤلف في هذه المسائل كلها رام اختصار المدونة فلم تساعده العبارة فلو قال وإلا ففي قيمته أو مثله لطابق قولها فإن فات بتغير سوق أو بدن وهو عرض أو حيوان أخذ قيمته اهـ.

ولما نقل ق لفظها قال انظر هذا مع قول خليل وإلا ففي عوضه وقال غ إن أراد بعوضه قيمة المقرّ به الفائت إن كان من ذوات القيم ومثله إن كان من ذوات الأمثال فهذا صحيح في نفسه ولكن لا يصح تشبيه مسألة الإنكار به وإن أراد بعوضه عوض المستحق فليس بصحيح في نفسه ولكن تشبيه مسألة الإنكار به صحيح اهـ.

ص: 299

عوض المصالح به إلى مجهول (و) إن استحق (ما بيد المدعى عليه) مما وقع الصلح في مقابلته (ففي الإنكار يرجع) المصالح على المدعي (بما دفع) له فيأخذه إن كان قائمًا (وإلا) بأن فات بما تقدم (فبقيمته) يأخذها المصالح في المقوم ومثله في المثلى (و) إن استحق ما بيد المدعى عليه (في الإقرار) المشتمل على صحة ملك البائع (لا يرجع) على المدعي شيء لإقراره أنه ملكه وأنه أخذه منه المستحق ظلمًا ويدل على وصف قوله الإقرار بما ذكرنا تعليله على ما في بعض النسخ باللام بقوله (لعلمه صحة ملك بائعه) مع تصريحه بما يفيد صحته كقوله داره من بناء آبائه أو من بنائه قديمًا لا مجرد تصريحه بالملك مجردًا عن القوم المذكور فلا يمنع الرجوع إذا استحقت من يده كما عليه جمع خلافًا لتصحيح ابن عبد السلام عدم الرجوع أيضًا ويدل للوصف المحذوف قوله (لا إن) لم يعلم صحة ملكه لما استحق وإنما (قال) المبتاع وأولى الموثق (داره) ولم يذكر سبب إضافتها له من كونها من بناء آبائه أو من بنائه قديمًا كما مر واستحقت من يد المشتري فإنه يرجع على بائعه وهذا حكمة تصريحه في الأول بقوله صحة ملك دون أن يقول لعلمه ملك بائعه وقال في الثاني داره ففيه إقراره بملك بمجرد عن سببه فصدق صرفي أن لفظ المختصر يفيد أن الذي لا يرجع فيه هو ما ذكر فيه سبب الملك دون ما لم يذكر فيه سببه واعترض عج على صر بأن لفظ المختصر أي قوله لعلمه يشمل ما ذكر فيه سببه وما لم يذكر أي بقطع النظر عن تقدير الوصف الذي ذكرنا وإلا فهو شاهد صدق لما ادعى صر وشاهد الثاني لفظ صحة في المصنف كما علمت وادعى أن ما صححه ابن عبد السلام هو ظاهر المصنف ومقتضى كلام ح أن وقوع ذلك من المبتاع يمنع رجوعه بالثمن على المعتمد وفي بعض النسخ كعلمه بالكاف فتكون مسألة مستقلة ويفهم منها تعليل التي قبلها ونسخة الكاف أولى وهي تشبيه في عدم الرجوع أي إن من اشترى شيئًا من شخص

ــ

وما في ز لا يسقط به اعتراض غ كما زعمه (لعلمه صحة ملك بائعه) ومثل ذلك إذ طعن في الشهود الذين استحق بهم لا رجوع له على البائع ولو لم يطعن رجع عليه قاله ابن سلمون ونحوه في المعين انظر ق وقال المتيطي في نهايته في أول البيوع ما نصه ولو أن المبتاع صرح بتملك البائع للمبيع ثم استحق من يده ففي رجوعه على البائع روايتان إحداهما له الرجوع عليه ولا يضره إقراره والأخرى أنه لا يرجع عليه بشيء رواها أصبغ وعيسى عن ابن القاسم وقال ابن العطار وبالرواية الأولى القضاء هذا في صريح الإقرار فكيف بلفظ لا يحتمل الأعلى بعد المتيطي الذي وقع لابن القاسم في العتبية من سماع عيسى أنه إذا أقر المبتاع أن جميع ذلك المبيع للبائع منه استحق من يده لا يرجع على البائع بشيء وقال أسهب وعبد الملك وسحنون وابن حبيب لا يمنع ذلك من الرجوع عليه وهذا هو اختيار الشيوخ بالأندلس وهو دليل ما في كتاب الاستحقاق من المدونة فيمن له على رجل ألف درهم فحط عنه خمس خمسمائة على أن أخذ عبده ميمونًا بخمسمائة ثم استحق العبد أنه يرجع بالألف فقوله على أن أخذ عبده ميمونًا كقول الموثق ابتاعه منه داره اهـ.

ص: 300

والمشتري يعلم صحة ملك بائعه ثم استحق ذلك الشيء من يد المشتري أنه لا يرجع بثمنه على بائعه عند ابن القاسم لعلمه أن المستحق ظلمه فيما أخذه من يده وقال أشهب يرجع وأما عكس كلام المصنف وهو ما إذا علم المشتري عدم صحة ملك بائعه فالمشهور أن له الرجوع بثمنه حيث استحق من يده لأنه إنما قصد المعاوضة لعلمه أن البائع لا يملكه ولم يراع علم المشتري لسبق علم البائع وظلمه بالبيع ومقابله عدم رجوعه قال الغرياني ويقدر كأنه وهبه الثمن اهـ.

ومثله في الرجوع إذا نازع المستحق منه المستحق كما في ح (و) رجع (في) بيع (عرض بعرض) مقوم أو مثلى معين ثم استحق أحدهما (بما خرج من يده) وهو عرضه الذي بذله إن وجده لا فيما أخذ بالاستحقاق من يده وهو عرض غيره (أو قيمته) إن لم يوجد وكان مقومًا وإلا فبمثله إن كان مثليًّا فأراد بالعرض ما قابل النقد الذي لا يقضي فيه بالقيمة فالنقد الذي يقضي فيه بالقيمة كالحلي من جملة العرض هنا وقولي معين هو قول ابن عبد البر وأما غير المعين فليس فيه إلا المثل مطلقًا (إلا نكاحًا) صداقه عبد استحق (وخلعا) على عبد استحق (وصلح) دم (عمد) على إقرار أو إنكار كما قدمه بقوله كإنكار بعبد استحق (و) عبدًا (مقاطعًا به عن عبد) أي قاطع عبد سيده أي اشترى نفسه منه بعبد موصوف في ملكه أو مملوك لغيره معينًا أو موصوفًا فإنه يرجع عليه سيده بعوضه وأما إن قاطعه بعبد معين ثم استحق فلا يرجع عليه سيده بشيء وتم عتقه وكأنه مال انتزعه سيده منه وأعتقه (و) عبدًا مقاطعًا به معينًا أم لا عن كتابة (مكاتب) كان في ملكه أم لا فاستحق (أو) عبدًا عن (عمري) دار أعمرها له ثم صالحه المعمر بالكسر أو ورثته به فاستحق العبد من يد المعمر بالفتح فلا يرجع في هذه المسائل السبع بالعرض الذي خرج من يده

ــ

منه لكن قال ابن عبد السلام الأصح من القولين عدم الرجوع وقول ز واعترض عج على صر الخ اعتراض عج صواب وقول ز أي بقطع النظر الخ يقال عليه كلام عج وصر ليس في تقريرك وإنما هو في لفظ المصنف وهو لا يفيد ذلك (وفي عرض بعرض الخ) قول ز إن وجده أي إن وجده على حاله لم يفت بحوالة سوق فأعلى كما في المدونة وحكم العيب كالاستحقاق في ذلك انظر نصها في ق اهـ.

(ومقاطعًا به عن عبد) قول ز بعبد موصوف الخ قد مر له أن الاستثناء إنما هو من المعين أما الموصوف فالرجوع بمثله في هذا وفي غيره لا بقيمته وحينئذ لا يصح حمل كلام المصنف عليه هنا وإنما يحمل على ما إذا قاطعه على عبد معين في ملك الغير كما في المدونة ونصها وإذا بعت عبدك من نفسه بأمة له ثم استحقت أو وجدت بها عيبًا لم يكن لك ردها عليه وكأنك انتزعتها منه وأعتقته ولو بعته نفسه بها وليست له يومئذ رجعت عليه بقيمتها لا بقيمته كما لو قاطعت مكاتبك على أمة في يده فقبضتها وأعتقته وتمت حريته ثم استحقت أو وجدت بها عيبًا فإنك ترجع عليه بقيمتها دينًا وهذا كالنكاح بها بخلاف البيوع ابن يونس لأنه في المكاتب لم يقدر على انتزاعها منه اهـ.

ص: 301

كالبضع في الأول والعصمة في الثاني بل يرجع بعوض ما استحق من يده إلا المقاطع به المعين عن عبد فلا يرجع على العتيق بشيء كما مر لأنه كمال انتزعه وتم عتقه كما علل به في المدونة وليست من النظائر السبع حينئذ وإنما لم يكن المكاتب كالعبد المقاطع في هذا لأنه ليس له انتزاع ماله بخلاف المقاطع واحترز بصلح العمد عن الصلح عن الخطأ بشيء فاستحق من يد آخذه فإنه يرجع للدية لا لما خرج من يده وبما ذكرناه من إطلاقه على البضع والعصمة والجراحة أنها عرض يعلم أن الاستثناء متصل ويحتمل الانقطاع بتاء على أن هذه المذكورات ليست عرضًا وتكلم المصنف في هذه السبع على ما إذا استحق ما أخذه وحكم ما أخذه منه واحد من السبع بشفعة أو رد بعيب كذلك فالصور الجارية في هذه إحدى وعشرون من ضرب سبع في ثلاث استحقاق وأخذ بشفعة ورد بعيب وتقدمت أيضًا في باب الصلح (وإن) أوصى شخص بحج أو غيره ثم مات فبيعت تركته و (أنفذت وصية مستحق) بفتح الحاء (برق) أي أنفذت بعد موته وصيته ثم استحقت رقبته برق (لم يضمن وصي) صرف المال فيما أمر بصرفه فيه فإن لم يصرفه أو صرفه في غير ما أمر به ضمنه (و) لم يضمن (حاج) عينه وصي الميت (إن عرف) هذا المستحق في المستحق في المسألتين (بالحرية) بين الناس بأن ورث الوراثات وشهد الشهادات وولي الولايات ولم يظهر عليه مخايل الرق ولا صفة تؤذن به فمن جهل حاله محمول على الحرية على المعتمد كما لأبي الحسن ومفهوم الشرط أدخله البساطي ود تحت قوله وإلا فكالغاصب وذكره هنا تت في كبيره وصغيره بقوله ومفهوم الشرط أنه لو كان غير معروف بها لضمن لتصرفه في مال غيره وهو كذلك نص عليه ابن ناجي اهـ.

ويفهم منه أن الحاج إذا عينه الميت لا يضمن وإن لم يعرف الميت بالحرية ولعل الفرق أن الحج قربة ولا بد وعليه فقوله وحاج يحمل على ما إذا عينه الوصي كما قررنا إلا الميت وإن شمل ظاهره الأمرين وعليه تت وبحمله على تعيين الوصي يصير لقوله وحاج بالنظر لمفهوم الشرط معنى وواقع في محله خلافًا لظن خلاف ذلك (وأخذ السيد) المستحق للميت الموصي ما كان قائمًا من تركته لم يبع و (ما بيع) منها (و) هو قائم بيد مشتريه (لم يفت بالثمن) متعلق بقوله أخذ فيدفع السيد الثمن لمشتريه ويرجع السيد على الوصي الذي باع الثمن الذي دفعه المبتاع له إن كان قائمًا بيد الوصي أو صرفه في غير ما أمر به شرعًا وإلا لم يرجع ثم رجوع السيد على الوصي محله إن كان مليًّا فإن كان عديمًا فلا شيء له على المشتري وسيذكر مفهوم لم يفت (كمشهود بموته) تصرف وصيه مثلًا في

ــ

فهذه المسألة على ثلاثة أقسام الأول أن يعتق عبده على عبد موصوف فهذا يرجع بمثله الثاني على عبد معين في يد غيره فيرجع بقيمته الثالث على معين في ملكه فلا رجوع له فتعين حمل كلام المصنف على معين في يد غيره وقد نقل طخ عن ابن المواز أنه قال رجع ابن القاسم إلى أن ما بيد العبد كغيره فيرجع بالقيمة مطلقًا وقاله أشهب وعلى هذا فكلام المصنف

ص: 302

ماله وتزوجت زوجته ثم قدم حيًّا (إن عذرت بينته) الشاهدة بموته في دفع تعمد الكذب عنها كرؤيتها له في معركة القتلى مصروعًا فاعتقدت موته أو طعن فلم يتبين لها حياته أو شهدت على شهادة غيرها فإنه يأخذ ما وجده من متاعه لم يبع وما بيع وهو قائم لم يتغير بالثمن الذي بيع به ثم يرجع به على البائع فإن وجده معدمًا فلا شيء له ويأتي حكم ما فات (وإلا) بأن لم تعذر بينته بأن تعمدت الزور أو لم يعرف المستحق برق بالحرية كما مر عن د والبساطي (فكالغاصب) أي فالأخذ لشيء من متاعه كالغصب فيأخذ القائم وثمن الفائت ولا يعطي للمشتري شيئًا ولو قال فكالغاصب لكان أخصر وأحسن بالنسبة للمسألة الثانية لإيهام كلامه أن المعنى أن المشهود بموته إذا لم تعذر بينته كالغاصب وليس كذلك وإنما المعنى أن حكم ماله كمال المغصوب منه وأجيب بأن معناه فالمتصرف في ماله كالغاصب فرب المتاع بالخيار حينئذٍ إن شاء أخذ الثمن الذي بيع به متاعه وإن شاء أخذ متاعه حيث خرج مجانًا فات أو لم يفت لأن حكم من عنده شيء من متاعه حكم الغاصب وترد إليه زوجته في القسمين ولو دخل بها زوج آخر فإن قيل البينة في حال العذر من البينات العادلة وإذا شهدت عادلة بموت شخص وتزوجت زوجته آخر ودخل بها فإنها تفوت بدخوله كما قدّم آخر باب الفقد حيث قال عاطفًا على ما لا تفوت فيه بالدخول أو بشهادة غير عدلين فإن مفهومه أنهما لو كانا عدلين لفاتت بالدخول قلنا لأن البينة هنا لم تجزم بموته وأيضًا لا تخلو من نوع تفريط فلذا كانت شهادتها كالعدم بخلافها هناك ثم ذكر قسيم قوله لم يفت وهو ما قبل إلا (وما) أي المبيع الذي (فات) بيد المشتري في مسألتي من عرف بالحرية ومشهود بموته عذرت بينته (فالثمن) يرجع به السيد والمشهود بموته على الوصي إن لم يصرفه فيما أمر به شرعًا وأما ما بعد إلا فيرجع فات أم لا ولذا قال فكالغاصب والفوات في مسألتي المعروف بالحرية والمشهود بموته إن

ــ

يحمل على المعين مطلقًا في يده أو في غيره والله أعلم (وإلا فكالغاصب) قول ز فرب المتاع بالخيار حينئذ الخ كذا في المدونة ونصها فإن لم تأت البينة بما تعذر به من شبهة فكذلك كتعمدهم الزور فيأخذ متاعه حيث وجده وإن شاء الثمن الذي بيع به وترد إليه زوجته وله أخذ ما عتق من عبد أو كوتب أو دبر أو صغير فكبر أو أمة اتخذت أم ولد فيأخذها وقيمة ولدها من المبتاع يوم الحكم كالمغصوبة يجدها بيد المشتري اهـ.

ونقله طفى ثم قال وبه يظهر لك أن قول المصنف وإلا فكالغاصب فيه نظر سواء أعدته لمن وجد المتاع عنده أو للمتصرف في المال أما الأول فلم يجعله في المدونة كالغاصب كما ترى إذ لو كان كهو لحدّ ولم يلحق به الولد بل هو كالمشتري من الغاصب ولذا ألحق به الولد وحكمه في المدونة بأخذه الأمة وقيمة الولد جار على القول المرجوع عنه إذ هو الذي أخذ به ابن القاسم كما تقدم وأما الثاني فكذلك ولا يلزم من قولها فكالمغصوبة يجدها بيد المشتري الحكم بأنه غاصب فلو قال المؤلف رحمه الله تعالى وإلا فكالمشتري من الغاصب لأجاد اهـ.

ص: 303

عذرت بينته لا بحوالة سوق بل بزوال عين أو تغير صفة كما أشار له بقوله (كما لو دبر) المشتري عبدًا اشتراه من التركة أو كاتبه أو أعتقه (أو كبر صغير) عند المشتري فيأخذه أو الثمن وكذا لو كانت أمة أولدها المشتري فيأخذها وقيمة ولدها يوم الحكم كالمغصوبة البساطي وذكر التدبير وكبر الصغير يصلح مثالًا للأولى والثانية قاله اهـ قاله تت.

ــ

وقول ز فإن قيل البينة الخ نقل طفى هذا السؤال وجوابه عن عج ثم قال وهذا سهو منه رحمه الله تعالى لقول المؤلف ونقض إن تبين كذبهم كحياة من قتل إذ المراد ثبوت كذبهم وإن لم يتعمدوه واستدلاله بكلام المؤلف آخر باب الفقد سهو منه لأن فرض المؤلف هناك في غير ما استدل له إذ مراده أنها تزوجت بشهادة غير عدلين ففسخ لكونهما غير عدلين ثم تبين أنه على الصحة حسبما هو مقرر هناك فلو تزوجت بشهادة عدلين فلا وجه لفسخه فإذا تبين بطلان شهادتهم بحياته نقض الحكم بموته وترد زوجته ولو دخلت وبهذا قرر عج قول المؤلف كحياة من قتل فقد اهتدى للصواب هناك وغفل هنا اهـ.

باختصار (كما لو دبر أو كبر صغير) قول ز فيأخذه أو الثمن الخ وكذا قوله وبعده فيأخذها وقيمة ولدها الخ هذا غير صحيح إذ الموضوع من عرف بالحرية ومن عذرت بينته وليس لهما في الفوات إلا الثمن وإنما الخيار لغيرهما انظر ق اهـ.

ص: 304