الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب
(الشركة)
بوزن نعمة أفصح من وزن رحمة ونبقة لغة الاختلاط والامتزاج واصطلاحًا (أذن) من كل واحد من المتشاركين للآخر (في التصرف) في ماله (لهما أي للمأذونين وهو متعلق بالتصرف ومتعلق أذن محذوف أي للآخر كما مر فالمعنى أذن كل واحد لصاحبه في التصرف في متاعه لنفسه ولنفس الآذن (مع) بقاء تصرف (أنفسهما) أي الآذنين فقوله أذن في التصرف كالجنس يشمل الوكالة والقراض وقوله لهما كالفصل مخرج للوكالة من الجانبين أي أن يوكل شخص شخصًا يتصرف في متاعه ويوكل ذلك الوكيل أيضًا الموكل ليتصرف له في متاعه هو لأنه لم يقع فيه إذن كل واحد لصاحبه في
ــ
الشركة إذن في التصرف لهما
قول ز وهو متعلق بالتصرف الخ به قرره ح وجعل الوكالة خارجة به كما فعل ز وهو الصواب قال ح وقول الشارحين إن الوكالة خرجت يقول المصنف مع أنفسهما ليس بظاهر اهـ.
قال طفى وما قاله تبعًا فيه ابن عبد السلام تفريعًا له على أن قوله لهما متعلق بإذن وهو أظهر وأمس بالمقام اهـ.
وفيه نظر لصدق التعريف حينئذٍ يقول من ملك شيئًا لغيره أذنت لك في التصرف فيه معي وقول الآخر له مثل ذلك في ملكه وليس بشركة ولأن مع أنفسهما متعلق بالتصرف فيلزم على تعلق لهما بإذن الفصل بين المصدر ومعموله بأجنبي على أن ظاهر كلام ابن عبد السلام الذي نقله يفيد خلاف ما زعم ونصه قال ابن عبد السلام معناه أن كل واحد من الشريكين أذن لصاحبه أن يتصرف للآذن مع نفسه لا أنه يتصرف للآذن وحده وإلا عادت وكالة ليس إلا اهـ.
فقوله أن يتصرف للآذن مع نفسه ظاهر في تعلق لهما بالتصرف كما قاله ح نعم كلام ضيح صريح فيما قاله طفى وليس بظاهر والله أعلم ثم إن الظاهر في ضمير لهما أن يعود على الآذن والمأذون لا للمأذونين كما ذكره أولًا ولا للآذنين كما ذكره آخرًا وما ذكرناه هو الذي يناسب ما ذكره في قوله مع أنفسهما من أن المراد مع بقاء تصرف أنفسهما إذ لو كان للمأذونين لاقتضى أن كلا لا يتصرف إلا لنفسه ولو كان للآذنين لاقتضى تصرف كل لشريكه فقط وتدخل فيه الوكالة من الجانبين نعم إن حملنا المعية على الشركة في الربح صح عوده على المأذونين أو الآذنين وبالجملة فحمل المعية على معية التصرف كما شرح به يوجب عود ضمير لهما على الآذن والمأذون وحمله على معية الربح يصح به على الآذنين والمأذونين والله تعالى أعلم وقول ز فإن قلت يرد على قول المصنف الخ هذا لا يرد إلا لو جعلنا لهما متعلقًا بإذن وقد تقدم تعلقه بالتصرف وحينئذ فلا سؤال
التصرف له ولصاحبه بل أذن كل صاحبه في التصرف للموكل فقط وبالقيد الثاني وهو مع أنفسهما أي الآذنين كما مر يخرج بعض صور القراض وهو ما إذا كان من الجانبين مثل أن يدفع شخص مالا لآخر قراضًا ويدفع ذلك الآخر قراضًا غير الأول للدافع فإن كل واحد منهما أذن للآخر أن يتصرف لنفسه وللآذن لكن لا مع بقاء تصرف نفس الآذن فإن قلت يرد على قول المصنف أذن في التصرف لهما بناء على جعل ضميره للآذنين غير ما تقدم أن تصرف الإنسان في ماله لا يحتاج فيه لإذن قلت احتاج له هنا لأن كلا منهما باع بعض ماله ببعض مال الآخر على وجه الشيوع ويشمل تعريفه شركة المفاوضة والعنان إلا أن الأولى إذن من أول الأمر والثانية إذن في ثاني حال لأنهما إذا شرطا نفي الاستبداد فقد استبد كل بعد الأذن إذ معناه أن لا يتصرف كل إلا بإذن خاص (وإنما تصح من أهل التوكيل والتوكل) أي المتأهل لهما وهو الحر البالغ العاقل الرشيد غير عدو ولا كافر
ــ
ولا جواب وليس هذا هو سؤال ابن عبد السلام كما زعمه بعضهم بل غيره ونصه فإن قلت تصرف الإنسان لغيره يحتاج فيه إلى الإذن وأما تصرفه لنفسه فلا ويكون قوله مع أنفسهما حشوًا قلت لا نسلم أن تصرف الإنسان لنفسه يفيد المعية لغيره في تصرفه لنفسه غير مفتقر إلى الإذن فيصح أن يكون المجموع متعلق الإذن اهـ.
وهو مفرع على تعلق لهما بالتصرف خلافًا لطفى وعلى أن المراد معية الربح لا معية التصرف فتأمله والله أعلم.
تنبيه: تعريف المصنف للشركة نحوه لابن الحاجب قال ابن عرفة وقد قبلوه ويبطل طرده يقول من ملك شيئًا لغيره أذنت لك في التصرف فيه معي وقول الآخر مثل ذلك وليس بشركة لأنه لو هلك ملك أحدهما لم يضمنه الآخر وهو لازم للشركة ونفي اللازم ينفي الملزوم ويبطل عكسه بخروج شركة الجبر كالورثة وشركة المتبايعين شيئًا بينهم وقد ذكرهما إذ لا إذن في التصرف لهما ولذا اختلف في كون تصرف أحدهما كغاصب أم لا اهـ.
قلت قد تقدم الجواب عن الأول بأنه مبني على تعلق لهما بإذن والصواب خلافه ويجاب عن الثاني بأنه اقتصر على شركة التجر دون غيرها لأن شركة التجر هي المقصودة وغيرها تبع لها قاله ح وعرف ابن عرفة الشركة بتعريفين أحدهما عام والآخر خاص فقال الأعمية تقرير متمول بين مالكين فأكثر ملكًا فقط والأخصية بيع ملك كل بعضه ببعض كل الآخر موجبًا صحة تصرفهما في الجميع فيدخل في الأولى شركة الإرث والغنيمة لا شركة التجر وهما في الثانية على العكس وشركة الأبدان والحرث باعتبار العمل في الثانية وفي عوضه في الأولى اهـ.
قال الرصاع وفي استثناء شركة التجر نظر لأن فائدة الأعم أن يكون صادقًا على الأخص فهي داخلة فيه وإلا لما كان فيه عموم اهـ.
فلو حذف قوله ملكًا فقط كان أولى والله أعلم.
(وإنما تصح من أهل التوكيل) قول ز وقال الوالد فلو اشترك حر الخ ما نقله عن والده نقله ابن عرفة عن اللخمي ونصه وفيها وتجوز شركة العبيد إذا أذن لهم في التجارة اللخمي إن
فخرج بالقيد الأول في كلامه الصبي والسفيه وكل محجور فلا تصح شركتهما لعدم أهليتهما للتوكيل وإن جاز وصح لهما التوكل على إحدى طريقتين مرجحتين والأخرى المنع وعدم صحته ابن عرفة وعليه عمل بلدنا ويستثنى من المحجور الزوجة فلها أن توكل في لوازم عصمتها وخرج بالقيد الثاني شركة العدو فإنه من أهل التوكيل دون التوكل على عدوه ولكن ظاهر المدونة جواز شركة له وصحتها وهو المعتمد وخرج به شركة مسلم لكافر يتجر بغير حضور المسلم فإنها غير صحيحة على ما لبعضهم كظاهر المصنف ولكن ظاهر المدونة المنع ابتداء وصحتها بعد الوقوع وعليه فكان على المصنف الاقتصار على القيد الأول ولذا لم يعبر ابن شاس وابن الحاجب بالصحة وإنما عبرا بالجواز فقالا من جاز له تصرف لنفسه جاز توكيله وتوكله إلا لمانع اهـ.
وقبله ابن عرفة قائلًا مسائل المذهب واضحة به اهـ.
وأما شركة مسلم لكافر يتجر بحضور المسلم فجائزة وصحيحة قطعًا كما في المدونة ثم إذا نص مال الشركة في القسم الأول أي عدم حضور المسلم أخذ المسلم ما يخصه من رأس مال وربح إن علم سلامة الكافر من عمل الربا وتجر خمر فإن شك في عمله في ربا ندب للمسلم صدقته بربحه فقط لقوله تعالى: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} [البقرة: 279] وإن شك في عمله به في خمر ندب له التصدق بربحه وبرأس المال جميعًا لوجوب إراقة الخمر على المسلم ولو اشتراه بمال حلال وإن تحقق عمله بالربا وجب التصدق بالربح فقط وإن تحقق تجره بخمر وجب على المسلم تصدقه برأس ماله وربحه معًا كذا يفيده اللخمي وقد علم مما مر أن بين من يصح توكيله وتوكله عمومًا وخصوصًا من وجه يجتمعان في حر بالغ عاقل رشيد غير عدو ولا كافر وينفرد التوكيل في عدو وكافر فإنهما أهله دون التوكل وينفرد التوكل في محجور فإنه من أهل التوكل على إحدى طريقتين دون التوكيل قال الوالد فلو اشترك حر وعبد غير مأذون ثم خسر المال أو تلف رجع سيد العبد على الحر إن استبد بالعمل لا إن عملا معًا فإن عمل العبد وحده فلا ضمان عليه للحر إلا أن يغر بالحرية فتكون جناية في رقبته وكذا ينبغي أن يكون الحكم كذلك إذا اشترك مع بالغ صبي أو سفيه اهـ.
لكن لا يجري فيهما قوله فتكون جناية في رقبته كما هو ظاهر وأشار للصيغة بقوله
ــ
لم يكن مأذونًا له وولي البيع والشراء لم يضمن الحر وضيعة المال ولا تلفه وكذا إن وليا معًا البيع والشراء ووزن كل واحد منهما منابه وأغلقا عليهما ولم ينفرد الحر بهما وإن انفرد الحر يتولى ذلك ضمن رأس المال إن هلك أو خسر اهـ.
قال ح فإن كان عبدين فلا ضمان على من تولى ذلك منهما وهو ظاهر والله أعلم وكذا في مسألة الأولى لا ضمان على العبد في ضياع مال الحر وانظر لو غره والظاهر أنه جناية في
(ولزمت بما يدل) عليها من قول بمجرده (عرفا كاشتركنا) أي يقوله كل منهما أو أحدهما ويسكت الآخر راضيًا به من غير احتياج لزيادة على القول على المشهور فلو أراد أحدهما المفاصلة وامتنع الآخر عمل بامتناعه حصل خلط المال أم لا فإن أراد نضوضه بعد العمل فينبغي أن ينظر الحاكم كالقراض وعلق بتصح قوله (بذهبين أو ورقين) لبيان محلها وهو المعقود عليه من المال والعمل وهو رابع الأركان والثلاثة المتقدمة العاقدان والصيغة وأراد بذهب من واحد وذهب من الآخر وكذا يقال في ورقين ولذا ثنى الضمير فيهما فلا يرد أن كلا من الذهب والورق اسم جنس كالماء يقع على الكثير والقليل (اتفق صرفهما) ووزنهما وجودتهما أو رداءتهما ومن لازم ذلك اتفاق قيمتهما وسواء اتحدت سكتهما أم لا
ــ
رقبته والله أعلم (ولزمت بما يدل عرفا) ما ذكره من لزومها بالقول هو الذي لابن يونس وعياض ونصه في التنبيهات الشركة عقد يلزم بالقول كسائر العقود والمعاوضات وهو رخصة في بابه الذي يختص به هذا مذهب ابن القاسم في الكتاب ومذهب غيره أنها لا تلزم إلا بالخلط اهـ.
وقال صاحب المعين أبو إسحاق بن عبد الرفيع في لزومها بالقوله إنه المشهور عن مالك وأصحابه اهـ.
وقال ابن عبد السلام المذهب لزوم شركة الأموال بالعقد دون الشروع واختلف في شركة الحرث هل هي كشركة الأموال وهو قول سحنون أو لا تلزم إلا بالعمل وهو قول ابن القاسم اهـ.
وهذا خلاف قول ابن رشد في المقدمات هي من العقود الجائرة لكل منهما أن ينفصل عمها متى شاء إلا الشركة في الزرع ففي لزومها خلاف ونحو ذلك للخمي ولما نقل في ضيح نحو ما تقدم قال ما نصه والظاهر أنه لا مخالفة بينهم ومراد ابن يونس وغيره أنها تلزم بالعقد باعتبار الضمان أي إذا هلك شيء بعد العقد يكون ضمانه منهما خلافًا لمن يقول إنها لا تنعقد إلا بالخلط اهـ.
ولم يرتضه ح قائلًا الظاهر أن كلام ابن يونس وعياض وصاحب المعين وابن عبد السلام مخالف لكلام ابن رشد واللخمي اهـ.
ووفق العوفي أيضًا بين القولين توفيقًا آخر وهو أن اللزوم بالعقد باعتبار بيع كل واحد منهما بعض ماله واشترائه بعض مال الآخر وعدم اللزوم باعتبار أن لكل واحد منهما أن ينفصل عن الشركة متى شاء كما هو صريح ابن رشد وإذا تفاصلا اقتسما ما صار بينهما لا أن كل واحد يرجع في عين شيئه وذلك كما لو أخرج أحدهما عينًا والآخر عرضًا فالشركة لازمة بالعقد وإذا انفصلا كان لكل واحد منهما نصف العين ونصف العرض نقله الطخيخي وس وأشار إليه ابن عاشر والتوقيق المتقدم عن ضيح وقع في بعض نسخ ضيح المصححة عزوه لابن عبد السلام وأنكره طفى قائلًا إنه لم يكن لابن عبد السلام وإنما هو للمصنف من عنده وإليه عزاه الشارح وقول ز فينبغي أن ينظر الحاكم الخ فيه نظر فإن المفاصلة في الشركة لا تحتاج إلى نضوض المال بل يكتفي فيها بقسم السلعة كما تقدم عن العوفي (بذهبين أو ورقين) قول ز ولذا ثنى الضمير فيهما الخ هذا سبق قلم إذ لا ضمير فيهما لجمودهما (اتفق صرفهما) قول ز وهذا غير
كهاشمية ودمشقية ومحمدية ويزيدية مع اتفاقهما فيما ذكر ولا يلزم من اتفاق صرفهما اتفاق قيمتهما لأن المراد باتفاق صرفهما اتفاق ما تقع المعاملة فيهما به بين الناس وهذا غير القيمة إذ هي ما يقومهما به أهل المعرفة بذلك وإنما اعتبر في شركة النقد هذه الأمور الأربعة لتركبها من البيع والوكالة فإن اختلفا في واحد من الأربعة فسدت الشركة وعلته في اختلاف صرفهما شرط التفاوت إن دخلا على إلغاء الزائد ويأتي أنها تفسد بشرط التفاوت وعلته في اختلافهما وزنًا بيع نقد بمثله متفاضلًا وعلته عند اختلافهما جودة ورداءة دخولهما على التفاوت في الشركة حيث عملا على الوزن لأن قيمة الجيد أكثر من قيمة الرديء فدخلا على ترك أفضلية قيمة الجيد وإن دخلا على القيمة فقد صرفا النقدين للقيمة وذلك يؤدي إلى بيع النقد بغير معياره الشرعي وهو الوزن في بيعه بجنسه واعلم أن المراد باتفاق وزنهما وقيمتهما وصرفهما أن يكون ما أخرجه أحدهما متفقًا فيما ذكر مع ما أخرجه الآخر أو مع ما يقابله مما أخرجه الآخر لا الأول فقط لاقتضائه أنه إذا أخرج أحدهما مثقالين والآخرة عشرة وأخذ كل قدر نصيبه فقط فلا يجوز مع أنها جائزة ولا يضر الاختلاف اليسير الذي لا بال له ولا يقصد في الصرف أو القيمة لا الوزن سواء جعلاها على وزن رأس المالين وإلغاء ما بينهما من الفضل أو عملاها على فضل ما بين السكتين وللخمي أنه لا يضر الاختلاف اليسير فيه أيضًا والظاهر المنع إذا اجتمع اليسير في هذه كلها.
تتمة: في الشامل ولا يجوز بتبر ومسكوك ولو تساويا قدرًا إن أكثر فضل السكة فإن ساوتها جودة التبر فقولان اهـ.
ولما قدم في محلها ذهبا من كل من الشريكين أو فضة من كل ذكر أن من محلها أيضًا ذهبا وفضة من كل من الشريكين فقال (وبهما) أي الذهب والفضة (منهما) أي الشريكين وتعتبر مساواة ذهب كل وفضته لما للآخر في الأمور الأربعة المتقدمة (وبعين) من جانب (وبعرض) من آخر وشمل الطعام (وبعرضين) من كل واحد عرض غير طعامين لما يأتي (مطلقًا) اتفقا جنسًا أو اختلفا فدخل فيه ما إذا كان أحدهما عرضا والآخر طعامًا (وكل) من العرض الواقع في الشركة من جانب أو جانبين يقع الاشتراك به (بالقيمة) وتعتبر قيمته (يوم أحضر) عرضهما للاشتراك فيما يدخل من البيع في ضمان المشتري بالعقد وأما فيما يدخل في ضمانه بالقبض كذي التوفية والغائب غيبة قريبة فتعتبر قيمته يوم دخوله في ضمانه في البيع دون يوم دخوله في ضمان الشركة الذي هو الخلط وإنما اعتبر في الصحيحة قيمة عرض كل لأن العروض أعيان أموال فجازت الشركة فيها وإن لم يسميا ثمنًا اعتبارًا بما لا يتميز (لا) يكون التقويم يوم (فات) وهذا كله (إن صحت) الشركة فإن فسدت فإن وقع العرض فيها رأس مال من الجانبين أو من أحدهما فرأس المال فيها ما
ــ
القيمة الخ فيه نظر بل هذا هو القيمة إذ لا معنى للقيمة سوى ما تقع به المعاملة بين الناس (لا فات) قال طفى انظر ما فائدة هذا لأن عادة المصنف إذا نفى شيئًا فإنما ينكت على من قال به
بيع به العرض لأن العرض في الشركة الفاسدة لم يزل على ملك ربه وفي ضمانه إلى يوم البيع وهذا إن عرف ما بيع به رأس المال فإن لم يعرف اعتبرت قيمة يوم البيع للعلة المذكورة كما في التوضيح والحكم في الطعامين كذلك إن لم يحصل قبل ذلك خلط وإلا فرأس المال قيمة الطعام يوم الخلط قاله الجد وانظر إذا جهل يوم البيع والخلط والظاهر اعتبار القيمة يوم القبض على قاعدة البيع الفاسد وانظر إذا جهل يوم القبض أيضًا (إن خلطا) شرط في قوله ولزمت الخ هذا ظاهره فكأنه قال لزمت بما يدل عرفا من قول كاشتراكنا أو فعل كخلط المالين والتجر فيهما وكلام المصنف يقتضي أن ذلك شرط في اللزوم وهو قول ضعيف جدًّا والمشهور أنها لازمة بالعقد حصل خلط أم لا ولا يصح جعله شرطًا في الصحة لأنها صحيحة مطلقًا فهو شرط في كون ضمان المالين منهما المتضمن له قوله ولزمت الخ أي فيضمن المالين كل منهما إن خلطا ويدل له قوله وما ابتيع بغيره وقوله ولو غاب الخ (ولو حكما) وهو كون كل واحد من المالين في صرة منفردة وهما في حوز أجنبي أو أحدهما فقط لا بمحل وقفلا عليه بقفلين وأخذ كل واحد مفتاح أحد القفلين فليس من الخلط الحكمي وكذا قفل واحد له مفتاحان وأخذ كل مفتاحًا فيما يظهر انظر عج ووجه كون الأول ليس من الخلط الحكمي أن صرتي المال ليستا في حوز واحد بانفراده وأما ما استظهره في الأخيرة فقد يقال كونه في حوزهما معًا أولى بضمانهما وظاهر المصنف الاكتفاء في ضمانهما بالخلط ولو فيما فيه حق توفية قبل علم كيله أو وزنه أو عدده هو مقتضى أول كلام الشارح ومقتضى آخره توقفه على علمه وإلا
ــ
ولم أر من ذكر أن القيمة تعتبر في الصحيحة يوم الفوات مع ما توهمه عبارته أن القيمة في الفاسدة تعتبر يوم الفوات وليس كذلك كما أشار إليه ابن غازي اهـ.
(إن خلطا) ظاهره أن الخلط شرط في اللزوم وهو قول سحنون وذر ح عليه صاحب المقصد المحمود وصاحب المعونة لكنه خلاف المشهور ومذهب المدونة كما تقدم في كلام عياض فلا يحمل عليه كلام المصنف ولذا تأوله ح على أنه شرط في الضمان كما عند ز واستدل له ح يقول الرجراجي ذهب ابن القاسم إلى أن الخلط شرط الانعقاد في التوى أي الهلاك لا في النماء لأنه قال ما اشتراه أحدهما بما له قبل الخلط فهو بينهما وما ضاع فهو من صاحبه اهـ.
وقال ابن عرفة في شرط ثبوت لازمها وهو ضمان المشترك به منهما بالخلط الحكمي فضلا عن الحسي أو به فقط قولا ابن القاسم وغيره فيها اهـ.
وحاصله أنه بعد لزومها بالعقد يكون ضمان كل مال من صاحبه قبل الخلط فإن وقع الخلط ولو حكمًا فالضمان منهما (ولو حكمًا) قول ز لا بمحل وقفلا عليه بقفلين الخ الظاهر أن هذه الصورة والتي بعدها كل منهما من الخلط الحكمي خلافًا لعج ويدل على ذلك قول ابن الحاجب ولا بد من خلط تحت أيديهما أو أحدهما اهـ.
وقول ابن عرفة الخلط الحكمي كون المالين في حوز واحد ولو عند أحدهما اهـ.
ضمنه ربه ولو خلط أو اشترى به شيء ونحوه لغ لكنه بناه على القول بأن الضمان منهما بالعقد (وإلا) يحصل خلط حسي ولا حكمي (فالتالف من ربه وما ابتيع) أي ابتاعه ذو السالم (بغيره) أي غير التالف (فبينهما) على ما دخلا عليه للزوم الشركة بالعقد (وعلى المتلف) متاعه أي على ذي التالف أو من تلف متاعه (نصف الثمن) أي ثمن المشتري بالسالم إن كانت الشركة بالنصف وإلا ضمن حصته فقط (وهل) ما ابتيع بغيره بينهما (إلا أن يعلم) صاحب السالم (بالتلف) ويشتري بالسالم بعد علمه (فله) ربح ما اشتراه (وعليه) خسره فإن اشترى قبل علمه بالتلف فبينهما وإن لم يرض المشتري هذا ظاهره والنقل أنه مخير بين أن يختص به أو يدخل معه صاحب التالف (أو) يكون ما اشتراه ذو السالم بينهما (مطلقًا) اشترى بعد علمه بالتالف أم لا هذا ظاهره وليس كذلك بل إن اشترى قبل علمه فبينهما وبعده يخير ذو التالف في دخوله معه وعدمه (إلا أن يدعي) ذو السالم (الأخذ له) أي لنفسه فيختص به ولا خيار لشريكه (تردد) حقه تأويلان وبالغ على جواز الشركة بقوله (ولو غاب نقد أحدهما) وشرط جوازها مع غيبة نقد أحدهما جميعه أو بعضه أمر أن أحدهما (إن لم يبعد) بل قرب كاليومين كجواز شرط النقد في الغائب (و) ثانيهما (لم يتجر) بالحاضر (لحضوره) أي الغائب أي لقبضه كما في توضيحه فالشرط الثاني أن لا يتجر بالحاضر قبل قبض الغائب وليس هو شرط أن لا يتجر قبل قبضه ومفهوم الشرط الأول إن بعدت غيبته أكثر من يومين امتنعت الشركة وإن كان لا يتجر إلا بعد قبضه وكذا تمنع إن قربت واتجر قبل قبضه فإن وقع فالربح لما حصل به التجر كما في بعيد الغيبة وجعلنا الشرط في جواز الشركة هو ما للشارح وق وهو المناسب لجعل جزأيها البيع والوكالة فتفسد عند عدمه على الأصل في المنهي عنه وجعله تت في لزومها فعند عدمه لا تلزم وهو لا يقتضي الفساد (لا بذهب) من جانب (وبورق) آخر ولذا أعاد الباء ولو عجل كل ما أخرجه لصاحبه لاجتماع الصرف والشركة فإن عملا فلكل رأس ماله ويقسمان الربح لكل عشرة دنانير دينار ولكل عشرة دراهم درهم وكذلك الوضيعة قاله في المدونة وقولها لكل عشرة دنانير دينار الخ أي حيث اتفق ما أخرجاه (و) لا يجوز
ــ
(تردد) هما تأويلان كما في ح الأول لابن رشد والثاني لعبد الحق وابن يونس وهما على الوجه الذي نبه عليه ز لا على ظاهر المصنف انظر ح (إن لم يبعد ولم يتجر) القيدان لابن يونس عن بعض شيوخه ومقتضى اللخمي عدمهما لأنه نفى كون الشركة مبايعة انظر ابن عرفة (لا بذهب وبورق) أي لاجتماع الشركة والصرف ابن عبد السلام احتجاجه في المدونة بأنه صرف وشركة غير بين لأن العقود المنضمة إلى الشركة إنما تمنع من صحتها إن كانت العقود خارجة عن الشركة نص على معنى هذا في المدونة ابن عرفة قوله إن كانت العقود خارجة عن الشركة ظاهره أن غير الخارجة غير مانعة صرفا كانت أو غيره وليس كذلك إنما قاله فيما ليس صرفا لأجل ضيق الصرف وشدته وإنما الذي ألغى مانعية الصرف في الشركة سحنون حسبما ذكره ابن يونس اهـ.
(بطعامين) اختلفا نوعًا وصفة وقدرًا بل (ولو اتفقا) فيما ذكر للزوم بيع الطعام قبل قبضه كما في ابن الحاجب أي لأن كل واحد باع نصف طعامه بنصف طعام صاحبه ولم يحصل قبض لبقاء يد كل واحد على ما باع فإذا باعا يكون كل منهما بائعًا له قبل قبضه قاله عبد الحق وقوله فإذا باعا أي لأجنبي وهذا من تمام التعليل حتى يلزم عليه توالي عقدتي بيع لم يتخللهما قبض وهذا التعليل يجري فيما إذا حصل خلط الطعامين أيضًا لأنه يستمر طعام كل في ضمان بائعه حتى يقبضه مشتريه بمعياره الشرعي قال تت ولما كانت الشركة بين الشريكين على ستة أقسام مفاوضة وعنان وجبر وعمل وذمم ومضاربة وهو القراض ذكرها مرتبة هكذا وأفرد للأخير بابًا سيأتي فقال (ثم إن أطلقا التصرف) بعد قول اشتركنا
ــ
وقيل علة المنع أن يد كل واحد جائلة في متاعه فماله باق تحت يده فهو صرف بتأخير وقد يقال إن فيما أجازوه من الشركة بذهبين بدلا بتأخير لأن يد كل واحد منهما جائلة وفيه اجتماع الشركة والبدل وهو يؤدي إلى البدل بتأخير قال في المقدمات أجمع أهل العلم على إجازة الشركة بالدنانير من كلا الشريكين أو الدراهم من كليهما جميعًا ولم يعتبر وأعدم المناجزة بينهما في ذلك لبقاء يد كل واحد منهما على ما باع بسبب الشركة وهو إجماع على غير قياس وكأنهم رخصوا في النقود لأنها أصول الأثمان والناس محتاجون إلى العين في أمورهم وأما الطعام فليس كذلك فليس في الشركة فيه ضرورة اهـ.
(ولو اتفقا) قول ز للزوم بيع الطعام قبل قبضه الخ التعليل لعبد الحق قال ابن فرحون واعترض ذلك بأنه أجاز في المدونة الشركة بالنقد والطعام ولو كان لما ذكر من العلة لمنع لأن فيه بيع الطعام قبل قبضه اهـ.
وأصله لأبي الحسن وذكره في ضيح ابن عرفة وهي بالطعامين من صنف واحد مختلفي القيمة كثيرًا ممنوعة الصقلي اتفاقًا وإلا فروى ابن القاسم في المدونة تمنع قائلًا لم يجزه لنا منذ لقيناه وقال ابن القاسم فيها لا أعلم لكراهة مالك فيها وجهًا وعلله ابن المواز بأنه كرهه من جهة خلط الطعام الجيد بالرديء وعلله عبد الحق بما تقدم وعلله إسمعيل بأن الشركة تفتقر إلى الاستواء في القيمة والبيع يفتقر إلى الاستواء في الكيل فافتقرت الشركة بالطعامين من صنف واحد إلى استواء القيمة والكيل وذلك لا يكاد يوجد اهـ.
بمعناه ومثله في المقدمات وزاد التعليل بالإجماع على جواز الشركة بالعين وهو إجماع على غير قياس فلم يقس عليه مالك في هذا القول الطعام وذكر أبو الحسن علة أخرى وهي اختلاف الأغراض في الطعام مطلقًا لفسخ بيعه باستحقاقه وعدم اختلافها في العين لعدم الفسخ به يصير متماثلي الطعام كمختلفيه بخلاف متماثلي العين وقد نظم غ رحمه الله تعالى في تكميله هذه العلل فقال:
شارك بجنس العين والطعام
…
والثان للعتقى لا الإمام
للنقل والخلط والإرش والغرض .... وعلل وإن كلا ما قبض
والمراد بالنقل نقل الإجماع في العين والمراد بالإرش القيمة التي تفتقر الشركة إلى
(وإن بنوع فمفاوضة) بفتح الواو وكسرها من تفاوض الرجلان في الحديث إذا شرعا فيه قال د مرتب على قوله أذن في التصرف وأشار بهذا إلى أن الإذن في التصرف قد يطلق فيه التصرف كأن يقول أحدهما للآخر تصرف بالبيع والشراء والكراء وغير ذلك وقد يشترط عليه المراجعة وهو المراد بقوله وإن شرطا نفي الاستبداد فعنان ومن هذا التقرير يستفاد أنهما إذا قالا اشتركنا مقتصرين على ذلك فلا تكون من شركة المفاوضة فيحتاج كل منهما لمراجعة صاحبه وقال بعض أشياخي إن هذا من شركة المفاوضة اهـ.
أي ويدل له قوله الآتي وإن شرطا الخ فجعل كونها عنانًا مشروطًا بشرطهما نفي الاستبداد ولكن في ابن ناجي وابن عرفة أن في قول كل تصرف مقتصرين عليه قولين في كونها مفاوضة أم لا ومراد المصنف بقوله فمفاوضة في كل شيء عند الإطلاق وفي جميع أفراد نوع فقط عند شركتهما فيه كما أشار له بقوله وأن بنوع كرقيق فمفاوضة في جميع أفراد ذلك النوع وهذا ما إذا أذن سيد لعبده في تجر بنوع فإنه يكون كوكيل مفوض في ذلك النوع وفي غيره كما مر والفرق أن الناس لا يعلمون إذن سيده له في نوع فلو بطل فيما عداه لذهب مال الناس باطلًا بخلاف الشريك المفوض في نوع فإنه ليس فيه ذلك (ولا يفسدها) أي شركة المفاوضة (انفراد أحدهما بشيء) من المال غير مال الشركة يعمل فيه لنفسه خاصة إذا استويا في عمل الشركة خلافًا لأبي حنيفة في ذلك وللشافعي في فسادها مطلقًا قاله العجماوي وقال تت بعد تقريره بنحو ما للعجماوي وأجاز البساطي في تقرير كلامه معنى آخر وهو أن يعين كل صنفًا أي من مال الشركة للآخر يعمل فيه ويشتركان في غيرهما في العمل قال والأول هو المنصوص اهـ.
وبما مر من التنبيه على مخالفة الإمامين سقط قول ذكر انظر ما الذي يتوهم حتى ينص المصنف عليه بقوله ولا يفسدها اهـ.
(وله) أي لأحد شريكي المفاوضة وكذا العنان (أن يتبرع) ولو بكثير بالنسبة لمال الشركة (إن استألف به أو خف) وإن لم يستألف (كإعارة آلة ودفع كسرة و) لأحد
ــ
الاستواء فيها والمراد بالغرض اختلاف الأغراض في الطعام والتنكير في علل للتكثير وقال ابن عرفة وفي جوازها بدنانير ودراهم وطعامين مختلفين وعرضين كذلك ومنعها في الجميع ثالثها تجوز في العرضين فقط الأول لمالك وسحنونا والثاني لأبي زيد بن القاسم في الموازية والثالث لأحد قولي مالك وابن القاسم لاجتماع علتين في الأولين وهما عدم المناجزة والبيع والشركة وانفراد علة في العرضين هي البيع والشركة هـ.
باختصاره وأصله لابن رشد في البيان في رسم نقدها من سماع عيسى وزاد أن سحنون أجاز ذلك لأنه لا يراعي في الشركة عدم التناجز ولا الصرف والشركة ولا البيع والشركة إذا كانا داخلين في الشركة اهـ.
(وإن بنوع فمفاوضة) قول ز بفتح الواو وكسرها الخ الكسر غير صحيح وليس في
المتفاوضين أن (يبضع ويقارض) إن اتسع المال بحيث يحتاج لذلك وإلا امتنع بغير إذن شريكه وله أن يدفع بغير إذنه ما بار معه لمن يبيعه ببلد بلغه نفاق بها ولم يجد إلى السفر به سبيلًا اللخمي فإذا بلغ المبضع موت أحدهما قبل شرائه لم يشتر لصيرورة المال للورثة (و) له أن (يودع) مال الشركة حالة كون الإبداع (لعذر) غير خوف على مالها وإلا وجب الإيداع (وإلا) يكن الإيداع لعذر (ضمن) وينبغي أن يصدق في دعوى العذر لأنه شريك وما يأتي في المودع أنه لا يصدق لأنه لا شركة له (و) له أن (يشارك في) بعض (معين) من مال الشركة ثالثًا لا تجول يده في جميعها (ويقيل) من سلعة باعها هو أو شريكه (ويولى) سلعة اشتراها هو أو شريكه لغيره بغير محاباة أو بها وجرت نفعًا للتجارة وإلا لزمه لشريكه قدر حصته منه كما في المدونة (ويقبل المعيب) الذي اشتراه هو أو شريكه (وإن أبى الآخر) ورده ويحتمل رجوع المبالغة لجميع ما سبق (ويقر) قبل التفرق والموت (بدين) في مال المفاوضة (لمن لا يتهم عليه) ويلزم شريكه فإن أقر بعدهما فيأتي قوله وإن أقر واحد بعد تفرق أو موت فهو شاهد في غير نصيبه فإن أقر لمن يتهم عليه كأبويه أو ولده أو جدته أو زوجته أو صديق ملاطف لم يجز ذلك على شريكه قال د ومفهوم بدين كتعيين وديعة أحروي لأنه إذا كان إقراره بما تعمر به ذمة شريكه معمولًا به فأحرى ما لم يكن فيه تعمير ذمته اهـ.
وهذا واضح إذا شهدت بينة بأصل الوديعة وإلا فهو كإقراره بأصلها وحكمه أنه يكون شاهدًا سواء حصل تفرق أو موت أم لا فليس الإقرار بالوديعة أو بتعيينها حيث لم تقم بينة بأصلها كالإقرار بالدين إذ هو في هذين شاهد فلا بد من كونه عدلًا انظر ابن
ــ
الصحاح والقاموس والمصباح والمشارق إلا الفتح (ويشارك في معين) ظاهره مفاوضة في ذلك البعض المعين أو غير مفاوضة وهو كذلك قاله طفى ولفظ المدونة ولا يجوز لأحدهما أن يفاوض شريكًا إلا بإذن شريكه وأما إن شاركه في سلعة بعينها غير شركة مفاوضة فجائز لأنها تجارة من التجارات اهـ.
ففهم منها تت تبعًا للبساطي منع المفاوضة مطلقًا ولو في بعض المعين وقيد المصنف بذلك واعترضه طفى بأنه ليس معناها غير شركة مفاوضة في تلك السلعة بعينها وإن كان هو المتبادر منها بل مرادها من غير أن يشاركه شركة مفاوضة حتى يكون ثالثًا لهما واستدل لذلك بكلام اللخمي وابن يونس وفيه نظر لاحتمال كلام كل منهما للوجهين فتأمله (ويقر بدين لمن لا يتهم عليه) قول ز وحكمه أن يكون شاهدًا الخ ابن عرفة سمع عيسى بن القاسم أن قدم شريك غائب على شريكه فقال في شيء مما بيده هو وديعة فإن لم يعين ربها سقط قوله وإن عين ربها لم يأخذه حتى يحلف مع إقراره كمن استحق بيمين مع شاهد فإن نكل أخذ حظ المقر فقط التونسي ظاهره اشتراط عدالة المقر لأنه جعله كشاهد ابن رشد الصواب عدم اشتراط عدالته وعليه يحمل السماع لأنه لم يجعله شاهدًا إنما قال بمنزلة الشاهد ولم يذكر حلف الشريك والوجه حلفه أن حقق عليه الدعوى أنه أقر بباطل وإن اتهمه فلا يمين عليه اهـ.
يونس فإن قلت يأتي أنه ليس لهما الشراء بالدين فلا يتصور إقرار أحدهما به قلت يأتي أن لأحدهما شراء سلعة معينة بالدين بإذن صاحبه اهـ.
فإن قلت إذا اشتراها بإذن صاحبه صار عالمًا بالدين فكيف يقال يقر بدين قلت يحمل على ما إذا نسي صاحبه الإذن وأقام الآخر بينة على إذنه له بالشراء به فيقر الآن بأن الدين باق على الشركة (و) لأحد المتفاوضين كما في المدونة (أن يبيع بالدين) بغير إذن شريكه (لا الشراء) بالرفع عطف على أن يبيع باعتبار محله (به) بغير إذنه فإن فعل خير شريكه بين القبول والرد فيكون الثمن على المشتري خاصة ولا يشتركان فيما أشترى به فإن كان بإذنه في سلعة معينة جاز فإن لم تعين لم تجز لأنها شركة ذمم ويختص المشتري بما اشترى ولا يشتركان فيه وشبه فيما لا يجوز فعله إلا بإذن الآخر قوله (ككتابة) من أحدهما لعبد من عبيد المفاوضة نظرًا إلى أنها عتق (وعتق على مال) يتعجله من عبد ولو أكثر من قيمته لأن له انتزاعه من غير عتق وأما من أجنبي مثل القيمة أو أكثر فيجوز كبيعه والفرق بين مال العبد والأجنبي أن قبول العبد وعقده متوقف على إذن الآخر فله المنع بخلاف الأجنبي قال الشارح وينبغي أن تلزمه الكتابة لجريان شائبة الحرية وعليه قيمة نصف شريكه ويبقى مكاتبًا فإن وفى وإلا رجع رقيقًا له وكذا ينبغي أن ينفذ عتقه ويلزمه
ــ
باختصار انظر ابن عرفة (لا الشراء به) قال طفى سوى ابن الحاجب وابن شاس بين البيع والشراء في الجواز وأما المصنف فاعتمد في تفريقه بينهما تعقب ابن عبد السلام على ابن الحاجب بقوله ما قاله في البيع نسيئة هو المشهور وأما الشراء بالدين فقال مالك في المدونة أكره أن يخرجا مالًا على أن يتجرا به وبالدين مفاوضة فإن فعلا فما اشتراه كل واحد منهما بينهما وإن جاوز رؤوس أموالهما فأين هذا من كلام المصنف غير أن بعض الشيوخ قال إذا كان الشراء على النقد بعد اليومين والثلاثة جاز وهذا لا بد منه اهـ.
كلام ابن عبد السلام فتبعه المؤلف في تعقبه واستدلاله بكلام المدونة وفي استدلالهما بكلام المدونة نظر ظاهر لأن كلامهما فيما إذا تعاقدا على الشراء بالدين كما ترى وكلام المصنف ليس في ذلك فبينهما ما بين الضب والنون وإنما كلامها في شركة الذمم وبذلك فسرها أبو الحسن وأشار ابن عبد السلام ببعض الشيوخ إلى اللخمي فإنه قال في تبصرته ولا يشتري بثمن مؤجل فإن فعل وكان بغير إذن شريكه فالشريك بالخيار بين القبول والرد فيكون الثمن على المشتري خاصة ثم قال ويجوز لأحد الشريكين أن يشتري ما لا يكون ثمنه معه على النقد بعد اليومين والثلاثة وهذا مما لا بد للناس منه اهـ.
فلو استدلا على تعقبهما بكلام اللخمي كما فعل ابن فرحون لأجاد أو الظاهر إن كلام اللخمي ليس هو المذهب ولذا لم يعرج عليه ابن الحاجب وابن شاس وقد أقر كلامهما ابن عرفة ولم يعرج على تعقب ابن عبد السلام بحال اهـ.
كلام طفى باختصار وما ذكره من أن الجواز هو المذهب كما عند ابن شاس وابن الحاجب هو الصواب إذ هو ظاهر المدونة في قولها وما ابتاع أحد المتفاوضين من بيع
لشريكه قيمة نصفه كعبد مشترك (و) لا يجوز لأحد الشريكين (أذن لعبد) من عبيد المفاوضة (في تجارة أو) أن يشارك أحد الشريكين شخصًا تجول يده في مالها شركة (مفاوضة) بغير إذن شريكه ولوفى شيء معين لأن ذلك تمليك منه في مال الشركة بغير إذن الآخر والمراد بالمفاوضة هنا أن يشارك من تجول يده معه فيها كما علمت وليس المراد بها المعنى المتقدم (واستبد) استقل شريك مفاوضة (آخذ قراض) من أجنبي يتجر له به ولو بإذن شريكه بربحه وخسره لأن المقارضة ليست من التجارة وإنما هو أجير آجر نفسه جزء من الربح فلا شيء لشريكه في ذلك قاله في المدونة قال د ولا يكون متعديًا في أخذ القراض إلا إذا كان يشغله عن العمل في مال الشركة اهـ.
وهو ظاهر حيث أخذه بغير إذن شريكه وأما بإذنه فليس بمتعد وإن شغله عن عمل
ــ
صحيح أو فاسد لزم الآخر ويتبع البائع بالثمن أو القيمة في فوت الفاسد أيهما شاء وهو يشمل الشراء بالنقد وبالدين وقد صرح ابن رشد بالجواز في رسم البيوع والعيوب من سماع أصبغ ونص السماع قال أصبغ سمعت ابن القاسم وسئل عن رجلين اشتركا على أخذ متاع بدين يكون لهما وعليهما ولهما مال أو لا مال لهما فإن كانا يشتركان في سلعة بعينها يشتريانها بدين فلا بأس بذلك كان لهما رأس مال أو لم يكن وإن كانا إنما يشتركان على ما يشتري كل واحد منهما يقولان ما اشترى كل واحد منا بدين ولا مال لهما فنحن فيه شركاء فلا يعجبني ذلك قال أصبغ فإن وقع نقدًا على سنة الشركة وضمانه منهما جميعًا وفسخت الشركة بينهما ابن رشد هذا كما قال ومثله في المدونة وهو مما لا اختلاف فيه أنهما إذا اشتركا في سلعة بعينها بدين فذلك جائز وهما شريكان فيها كان لهما مال أو لم يكن لهما مال فإن اشترط البائع عليهما أن كل واحد منهما ضامن عن صاحبه بجميع الثمن وجاز وإن لم يشترط ذلك لم يلزم كل واحد منهما إلا حصة حقه من الثمن النصف إن كانت شركتهما على النصف أو الثلث أو الثلثان إن كانت شركتهما على أن لأحدهما الثلث والآخر الثلثان أو أقل من ذلك أو أكثر إلا أن يكونا شركاء عقد قد اشتركا شركة صحيحة على مال لهما فيكون كل واحد منهما ضامنًا لثمن ما اشتراه صاحبه بدين اجتمعا في أخذ المتاع بالدين أو افترقا وأما إن اشتركا ولا مال لهما على أن يشتريا بالدين ويكونا شريكين في ذلك يضمن كل واحد منهما ثمن ما اشتراه صاحبه فلا يجوز ذلك كما قال لأنها شركة بالذمم ولا تجوز عند مالك وجميع أصحابه الشركة بالذمم لأن ذلك غرر اهـ.
فقوله إلا أن يكونا شركاء عقد الخ نص فيما قاله ابن الحاجب وابن شاس وذكره أيضًا ابن رشد في موضع آخر من البيان وعليه درج المتيطي وابن هرون في اختصاره وابن سلمون وذلك كله يدل على ضعف ما للخمي ورد ما لابن عبد السلام والمصنف وأن الجواز هو المذهب والله تعالى أعلم (وأذن لعبد في تجارة) لفظ أذن مجرور بالعطف على كتابة وخياطة ز له مفتوقة والله أعلم (أو مفاوضة) قول ز ولو في شتى معين الخ تبع تت وتقدم ما في ذلك (واستبد آخذ قراض) نقل ابن عاشر عن المتيطي أن أحد الشريكين ليس له أن يأخذ قراضًا إلا بإذن شريكه اهـ.
الشركة لأنه كأنه تبرع له بالعمل (و) استبد أحد شريكي المفاوضة (مستعير دابة) ليحمل عليها أمتعة الشركة واستعارها (بلا إذن) من شريكه والواو في قوله (وأن للشركة) للحال أي اختص بالربح وهو الأجرة فيحاسب بها شريكه وبالخسر وهو الضمان إن تلفت لأن شريكه يقول له كنت استأجرت فلا تضمن فإن استعارها لغير الشركة بل ليحمل عليها غير أمتعتها استبد بربحها وخسرها سواء استعارها بإذن أم لا على أنه يبعد استعارتها بإذن لغير الشركة وأما إن استعارها بإذن شريكه للشركة فالربح والخسر بينهما والمراد بالربح فيها الأجرة كما مر وانظر فيما يستبد به هل معناه أنه يطالب شريكه بما ينو به من كرائها أن لو كانت مكتراة من الغير لكن ليس هذا ربحًا حقيقة أو المراد به ما نشأ من خصوص الحمل كأن يحمل عليها سلعًا للشركة من محل إلى محل آخر فحصل به ربح بسبب الحمل لكن هذا يتوقف على نص واستشكل أيضًا تفسير الخسر بما مر بأنها إن تلفت بتعديه فلا فرق بين الإذن وعدمه وإن لم يكن بتعديه وتفريطه فلا ضمان عليه لأنها مما لا يغاب عليه وأجيب بأنه رفع الأمر إلى قاض يرى ضمان العارية مطلقًا فحكم بالضمان أو يحمل على ما يغاب عليه مما فوقها كالبرذعة والأكاف وشبههما كما قال حمديس ويرده أنه ذكره بعد نص المدونة أن الدابة هلكت ومفهوم بلا إذن أنه لو استعارها بإذنه لم يكن الحكم كذلك مع أنه إذا استعارها لغير الشركة فلا فرق بين الإذن وعدمه وتقدم ذلك وأن الجواب أن الواو للحال ويمكن أن يجاب أيضًا بأن المفهوم فيه تفصيل (و) استبد شريك (متجر) بغير إذن شريكه (بوديعة) أودعت عندهما أو عند أحدهما (بالربح والخسر) ولو خلطها بمال
ــ
وظاهره ولو كان لا يشغله عن العمل في مال الشركة وكأنه لأن أخذ القراض مظنة الشغل وإذا وقع فإن كان بإذن الشريك لم يكن له رجوع على الاخذ بأجرة ما ضيع من العمل في مال الشركة لأنه بإذنه له يحمل على التبرع بالعمل هذا مذهب ابن القاسم وقال أصبغ يحلف ويرجع وأما إن كان بغير إذنه فلا أظن أنهم يختلفون في أن الرجوع والله أعلم قاله بعض شيوخنا وانظره مع ما في ز عن أحمد من تقييد المنع بالشغل (ومستعير دابة) قول ز أي اختص بالربح الخ هذا الوجه تردد فيه ح واعترضه طفى بأنه لا نص بعضده ثم قال والظاهر أن المصنف أجمل في الربح والخسر اتكالًا على ذهن السامع اللبيب في رد كل شيء لما يليق به إذ العارية لا يتصور استبداده بالربح فيها ولذا لم يذكرهما في المدونة فيها واقتصر على الضمان وذكرهما معًا في الوديعة والقراض وأما تصوير عج قمع كونه لا نقل يعضده هو بعيد لا يكاد يقال به اهـ.
ثم إن فرض المسألة في عارية الدابة تبع فيه المصنف لفظ التهذيب واعترض عليه بأنه ليس في الأمهات لفظ الدابة وإنما الذي فيها وأن استعار ما حمل عليه بغير إذن شريكه فهلك فضمانه من المستعير اهـ.
وعلى هذا اللفظ وقعت التأويلات انظر المواق وغيره (ومتجر بوديعة) قول ز التي
التجارة (لا أن يعلم شريكه بتعديه) بالتجر (في الوديعة) التي عندهما أو عند غير المتجر ويرضى بالتجر بها بينهما كما في المدونة فالربح بينهما والخسارة عليهما ومقتضى المصنف كما لد أن العلم بالتعدي في غير الوديعة لا يعتبر (وكل) أي كل واحد من الشريكين (وكيل) أي كوكيل عن الآخر لا حقيقة وإلا لم يشترط الشرط الآتي أي كل واحد منهما كوكيل عن صاحبه في البيع والشراء والأخذ والإعطاء والكراء والاكتراء والقيام بالاستحقاق والعيب كما أشار له بفاء التفريع فقال (فيرد) ما تولى بيعه شريك غائب غيبة بعيدة ثم ظهر للمشتري عيب قديم به (على) شريك (حاضر لم يتول) بيعا والرد عليه (كالغائب) أي كرد المبيع المعيب على بائعه الغائب المتقدم في خيار النقيصة في قوله ثم قضى إن أثبت عهدة مؤرخة وصحة الشراء إن لم يحلف عليهما وذكر شرط الرد على الحاضر في مسألة الشركة المشبهة بالمتقدمة بقوله (إن بعدت غيبته) أي الغائب المشبه لا المشبه به فهو كما قال غ على حد {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ} [فاطر: 11] أي من عمر غير ذلك المعمر والمراد بعدت مسافة غيبته إذ المدار على بعد المسافة وإن لم تطل إقامته فيما انتقل إليه كما قد يوهمه المصنف ويوهم أنه إن بعدت غيبته في محل قريب أنه يرد على الحاضر غير المتولي وليس كذلك فيهما ولم يكتف المصنف عن هذا الشرط في المشبه مع استفادته من المشبه به للتنبيه كما لغ على قوله (وإلا) بأن قربت غيبة الشريك البائع (انتظر) ليرد عليه ما باعه لأنه أقعد بأمر المبيع إذ لعل له حجة ولا يرد على الحاضر وأولى إذا كانا حاضرين والبعيدة العشرة أو اليومان مع الخوف والقريبة كاليوم ونحوه قال
ــ
عندهما أو عند غير المتجر الخ يقتضي أنه إذا اعتبر بها من أودعت عنده اختص بالربح والخسر ولو رضي الآخر بتعديه وهو خلاف ظاهر المدونة ونصها وإن أودع رجل أحدهما وديعة فعمل في الوديعة تعديًا فربح فإن علم شريكه بالعداء ورضي بالتجارة بها بينهما فلهما الربح والضمان عليهما وإن لم يعلم فالربح للمتعدي وعليه الضمان خاصة اهـ.
ظاهره إن رضا الشريك يتنزل منزلة عمله معه وقال غيره إن رضي الشريك وعمل معه فإنما له أجر مثله فيما أعانه وعليه الضمان وإن رضي ولم يعمل معه فلا شيء له ولا ضمان عليه اهـ.
(كالغائب ان بعدت غيبته) قول ز أي الغائب المشبه لا المشبه به فهو كما قال غ على حد وما يعمر الخ نص كلام غ رحمه الله تعالى فإن قلت عود الضمير في قوله غيبته على الغائت المشبه به يعبر في وجه هذه التمشية يعني ما قرر به قلت إن سلمنا عوده عليه ولم نرده للغائب من الشريكين المفهوم من السياق فقصاراه أنه من باب عندي درهم نصفه وقد قيل بنحو هذا في نحو قوله سبحانه وتعالى: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ} [العنكبوت: 62] وفي قوله سبحانه وتعالى: {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ} [فاطر: 11] اهـ.
فتأمله مع كلام ز والله تعالى أعلم وقول ز ولم يكتف المصنف عن هذا الشرط الخ فيه نظر بل الظاهر أنه ذكره هنا لأنه لم يذكره فيما تقدم في شروط الرد على الغائب فلذا زاده هنا
تت عن أبي الحسن الصغير وما بين البعيدة والقريبة من الوسائط يرد ما قارب القريبة له وما قارب البعيدة له اهـ.
وقال عج عن بعض التقارير الستة الأيام والسبعة لها حكم القريب وما فوق ذلك حكم البعيد وما تقدم من توجيه كون المعنى كوكيل ظاهر ووجه أيضًا بأن الوكيل الحقيقي من لا ملك له فيما وكل عليه وإنما هو قائم مقام رب السلع وأما ما هنا فشريك في المال فما تصرف فيه البائع له فيه حصة هو غير وكيل فيها فكان الأصل أن لا يرد على غير متولي البيع لأن الرد عليه يستلزم رد ملك الغير لكن اغتفر ذلك فيمن غاب غيبة بعيدة للضرورة ولأن يدهما كيد واحدة ولا يقال كان ينبغي على هذا أن يرد على غير البائع حصته مع حضور البائع لأنا نقول حصته غير متميزة (والربح والخسر) في مال الشركة يفض على الشريكين (بقدر المالين) من تساو وتفاوت إن شرطا ذلك أو سكتا عنه ومثل الربح والخسر العمل فإنه يكون بقدر المالين (وتفسد بشرط التفاوت) في واحد مما ذكر ويتفاسخان إن اطلع على ذلك قبل العمل فإن لم يطلع عليه إلا بعده فأشار له بقوله (ولكل أجر عمله للآخر) وكذا له جزء الربح ويمكن أنه أطلق العمل على حقيقته ومجازه وهو جزء الربح لعلاقة السببية إذ العمل سبب قريب للربح أقرب من الشركة فإذا كان لأحدهما الثلث وللآخر الثلثان ودخلا على المناصفة في العمل والربح فيرجع صاحب الثلثين على صاحب الثلث بسدس الربح ويرجع صاحب الثلث بأجرة سدس العمل (وله) أي لكل واحد منهما (التبرع) لشريكه بشيء من الربح أو العمل فهذا مفهوم قوله بشرط وأما لأجنبي فقدمه بقوله ويتبرع إن استألف أو خف الخ (والسلف والهبة) لشريكه (بعد العقد) لا قبله أو فيه للدخول في التبرع والهبة على التفاوت أو التهمة على ذلك فكأنه مشترط ولجر النفع في السلف فإن لم يجر نفعًا ولم يكن لكبصيرة المشتري جاز في العقد أيضًا وظاهر قول المصنف بعد العقد ولو بأثره قال تت بناء على أن اللاحق للعقود ليس كالواقع فيها (و) إن ادعى أحد الشريكين فيما بيده من بعض مال الشركة تلفه أو خسره كان (القول لمدعي التلف) وهو ما نشأ لا عن تحريك (والخسر) وهو ما نشأ عن تحريك لأنه أمين في مال الشركة وفي التوضيح عن الجواهر تقييده بما إذا لم يظهر كذبه فإن اتهم
ــ
تتميمًا للفائدة وما نسبه لابن غازي في هذا ليس فيه (ولكل أجر عمله) قول ز ويمكن أن يكون أطلق أجر العمل الخ هذا هو المتعين وما قبله فاسد بدليل قوله ولكل الخ وبه قرره غ (والسلف والهبة بعد العقد) قول ز فإن لم يجر نفعًا ولم يكن لكبصيرة الخ هذا هو الذي في كتاب ابن المواز عن مالك وبه أخذ ابن القاسم وروى ابن القاسم عن مالك أنه رجع فكرهه قال ق ومقتضاه أن مالكًا مرة صدقه ومرة اتهمه وأما فيما بينه وبين الله فذلك جائز إذا قصد الرفق به اهـ.
(والقول لمدعي التلف) قول ز ومثل اتهامه الخ هذا هو ظهور الكذب ولذا قال فيضمن وعبر عنه لاتهام لقرينة لعدم القطع في ذلك وهكذا عبر عنه ابن عرفة فالتهمة القوية توجب
استحلف قاله تت في صغيره أي فإن ظهر كذبه ضمن وقال المصنف في الوديعة وحلف المتهم وكذا القراض وفرق بين العبارتين لأن المتهم معناه المتصف بهذا الوصف وإن لم يتهمه شريكه وإن حمل قول الجواهر اتهم على أن معناه كان متهمًا عند الناس لا اتهمه شريكه فقط ساوت العبارة الأخرى ومثال اتهامه لقرينة دعواه التلف وهو في رفقة لا يخفى عليهم ذلك ولم يعلم به أحد منهم وكدعواه الخسارة في سلعة لم يعلم ذلك في نحوها لشهرة سعرها ونحو ذلك فيضمن (أو لأخذ) أي القول بلا يمين لمدعي شراء (لائق) به وبعياله من طعام ولباس فقط ولم يصدقه شريكه على ذلك لا شراء عروض أو عقار أو حيوان غير عاقل أو عاقل ولو لائقًا به لاستغنائه عنه بأجير فلا يصدق أنه اشتراه لنفسه فلشريكه الدخول معه في شراء ما ذكر من غير الطعام واللباس اللائق وانظره هل لأحد الشريكين منع صاحبه من السفر أو يجري على القراض ويأتي فيه وسفره إن لم يحجر قبل شغله (ولمدعي النصف) بيمين (وحمل عليه في تنازعهما) يمينهما اعترض بأن الثاني تكرار مع الأول وأجيب بأن الأول في التنازع بعد الموت أي تنازع ورثتهما والثاني في التنازع في الحياة كما هو المتبادر من قوله تنازعهما وعليه قرره الشارح في الوسط وحمله على المنازعة بين شريك حي وورثة ميت فيه تجوز وأجيب أيضًا بأن أحدهما في التنازع في المال والآخر في الربح وبأن الأول فيما إذا ادعى على أحدهما النصف والآخر أكثر والثاني فيما إذا اتفقا على وقوع الشركة على التفاوت وادعى كل الكثير لنفسه وأنه ذكره لصاحبه حال العقد وأما إن ادعى إرادته في نفسه فقط فهو قوله في آخر باب الخيار وأن أشركه حمل وإن أطلق على النصف بناء على أن الواو للحال أو أن ما مر كما في تت المشتري شخص واحد ثم أشرك غيره وما هنا اشتريا معا شيئًا على الشركة وأطلقا ثم تنازعا فقال أحدهما على المناصفة وقال الآخر على التفاوت وما مشى عليه المصنف هنا قول أشهب في الموازية وقال ابن القاسم فيها من سلم له شيء أخذه ويقسم المتنازع فيه
ــ
الضمان وغير القوية توجب الحلف (ولمدعي النصف) قول ز بيمين الخ هذا من تمام قول أشهب وقد تركه ابن الحاجب كالمصنف فاعترض عليه ابن عرفة بأنه خلاف قول أشهب الذي مشى عليه وعبارة الشامل أولى ونصها ولو ادعى الثلثين والآخر النصف دفع لكل ما سلم له وقسم السدس بينهما وقيل يحلفان وينصف اهـ.
وكأن المصنف رحمه الله تعالى أسقط اليمين لاستشكال ابن عبد السلام لها بأن حلف من ادعى أن له الثلثين ثم يأخذ النصف لا تحتمله الأصول وتبعه في ضيح وانفصل عنه ابن عرفة بما حاصله أن أشهب لم يبن علي رعي دعواهما وإلا لزم أن يقول كما قال ابن القاسم وإنما بنى على رعي تساويهما في الحوز والقضاء بالحوز لا يستقل الحكم به دون يمين الحائز اهـ.
وفيه نظر إذ النصف يسلمه الخصم وقول ز وأما إن ادعى إرادته الخ هذا المحمل لمسألة الخيار والمحملان قبله لما هنا أولى ما تحمل عليه المواضع الثلاثة فينتفي التكرار
بينهما ومشى عليه المصنف في الصداق حيث قال في آخره لا إن طلق إحدى زوجتيه وجهلت ودخل بإحداهما ولم تنقض العدة فللمدخول بها الصداق وثلاثة أرباع الميراث ولغيرها ربعه وثلاثة أرباع الصداق وقال غيرهما المتنازع فيه يقسم على الدعوى إن لم يكن بيد أحدهما كالعول وقد مشى عليه في الشهادات ويتضح الفرق بينهما بما إذا ادعى أحدهما النصف والآخر الثلثين فعلى قول غير ابن القاسم وأشهب يضرب مخرج النصف في مخرج الثلثين وتأخذ من الحاصل نصفه وثلثيه فيكون لمدعي النصف ثلاثة أسباع ولمدعي الثلثين أربعة أسباع وعلى قول ابن القاسم لمدعي النصف الثلث ونصف سدس ولمدعي الثلثين النصف ونصف سدس وعلى قول أشهب يقسم المال بينهما نصفين قال الشارح والمال ليس بيد أحدهما اهـ.
وهو يوافق ما للمصنف في الشهادات ويجري هذا القيد على القول الآخر أيضًا قال بعض الشراح وما للمصنف هنا يعارض آخر الشهادات ويجاب بأن ما هنا في التنازع في شيء مشترك بينهما وما يأتي في المنازعة في غير مشترك بينهما وكل منهما يدعيه أو قدرا منه اهـ.
ولم يعارض بين آخر الصداق وآخر الشهادات لاختصاص الصداق بما ذكره المصنف فيه دون المال وهذا كله خلاف ما قدمناه من أنها أقوال ثلاثة (وللاشتراك) أي القول لمدعيه في مال المفاوضة (فيما بيد أحدهما) دون مدعيه لنفسه (إلا لبينة) أقامها الحائز (على كارثة) فيختص من هو بيده من أحد الشريكين (وإن قالت لا نعلم تقدمه لها) الواو للحال أو صوابه تأخره لأن ما قبل المبالغة أولى بالحكم مما بعدها والذي هو أولى أن تقول نعلم تأخره أي الإرث عن وقت الشركة بين الحائز وشريكه وأما إن قالت نعلم تقدمه على الشركة فإنه ليس بأولى في الاختصاص بل يكون بينهما فدخول ذلك فيما قبل المبالغة فاسد لما علمت أنه يكون في هذا بينهما ما لم تشهد البينة بأنه لم يدخل في المفاوضة بل عقداها على إخراجه وإن قالت لا نعلم تقدمه ولا تأخره اختص به فالأقسام ثلاثة وذكر شرط ما قبل إلا بقوله (إن شهد بالمفاوضة) أي بتصرفهما نصرف المتفاوضين وأولى إن شهد بوقوع الشركة بينهما على وجه المفاوضة وحمل على الأول لأنه الذي يأتي فيه قوله (ولو لم يشهد) حال تصرفهما تصرف المتفاوضين (بالإقرار بها على الأصح) لأن الذي شهد فيها بوقوعها مفاوضة إقرار قطعًا فلا يتأتى فيه المبالغة واحترز بالشرط
ــ=
رأسًا والله تعالى أعلم وقول ز وقال ابن القاسم فيها أي في الموازية كما في ابن غازي رحمه الله وقول ز قال الشارح رحمه الله والمال ليس بيد أحدهما الخ هذا القيد لابن يونس كما في المواق (ولو لم يشهد بالإقرار بها على الأصح) أي عند ابن سهل خلافًا لابن القطان وابن الشقاق وابن دحون ونص ابن سهل في أحكامه أفتى ابن القطان بأن الشهود إذا قالوا إنهم يعرفون أنهما شريكان متفاوضان في جميع أموالهما إلى آخر العقد أن هذه شهادة ناقصة لا يجب بها قضاء بشركة بينهما إذ لم يفسروا معرفتهم بها كانت بإشهاد من المتفاوضين أو
المذكور عن الشهادة بالشركة فقط أو على الإقرار بها فلا يقتضيان الاشتراك على أحد أقوال ثلاثة وثانيها يقتضيانه ثالثها تقتضيه الشهاده بها لا الشهادة على الإقرار بها (و) القول (لمقيم بينة) على شريكه الميت كما في المدونة (بأخذ مائة) مثلًا أي بأن الميت أخذها قبل موته (أنها باقية) معمول القول المقدر بالعطف والمدلول عليه أيضًا بلام مقيم ويصح كسر إن على أنها مقول القول وفتحها على تقدير في قبل أنها وأما الحي المنكر للأخذ إذا أقيمت عليه به بينة فلا تقبل دعواه الرد لمال الشركة ولو طالت المدة لتكذيبه نفسه بإنكاره الأخذ بل ولا بينته (إن أشهد) الآخذ (بها عند الأخذ) منه لها على نفسه بالأخذ أو أشهد به شريكه الدافع ويعتبر فيها قصد التوثق في الدفع ولذا عبر بأشهد رباعيًّا إيذانًا بكونها مقصودة للتوثق من الدافع للآخذ وهذا على ما في بعض النسخ وإلا ففي تت لو عبر
ــ
بإقرار عندهم بذلك إذ يجوز أن يعرفوا ذلك بسماع يذكر وهذا غير عامل ولا سيما إن كان الشهود من غير أهل العلم بهذا وهذه المسألة شهدت الشورى فيها وقد نزلت وقال أبو محمَّد ابن الشقاق وأبو محمَّد بن دحون رحمهما الله تعالى بهذا ونفذ الحكم به وأفتى ابن مالك بأنه يحسن أن يسأل عنه اثنان من عدول البينة التي قيدت بها الشهادة عن وجه معرفتهما للمفاوضة المذكورة فإذا فسر أنهما علماه بإعلام المتفاوضين إياهما بذلك أعلمت الشهادة وناب الحاضر منهما عن الغائب وذلك لأن هذا أمر قريب فهو أتم وأطيب للنفس وأولى قال القاضي أبو الأصبغ قول ابن مالك في جوابه فهو أتم وهو نص ما ذكره ابن العطار في وثائقه لأنه قال في بعض عقودها للأوصياء ممن يعرف الإيصاء المذكور ثم قال إن قلت ممن يعرف الإيصاء بإشهاده إياه عليه فهو أتم وهو يدل على أن الشهادة عنده تامة وإن لم يبين الشاهد الوجه الذي علم بذلك وذكره هو وابن أبي زمنين وابن الهندي في مواضع من كتبهم ممن يعرف الإيصاء وممن يعرف التوكيل من غير تبيين وأخبرني ابن عتاب عن أبي عمر الإشبيلي أنه أفتى في مثل هذا أن الشهادة تامة معمول بها ونحوه في أحكام ابن زياد وفي المدونة إذا ثبت أنه مفاوضة ولم يشترط تعيينًا فكان التعيين على هذا أولى من التعويل على قول ابن الشقاق وابن دحون الذي حكاه ابن القطان في جوابه عنهما اهـ.
هذا كلام ابن سهل في أحكامه وبتأمله تعلم ما في نقل ضيح ونصه واختلف إذا شهد الشهود بالمفاوضة هل يكتفي بذلك وإليه ذهب ابن سهل أولًا بل حتى يقول الشهود أقرا عندنا بالمفاوضة وأشهدا بها وإليه ذهب ابن القطان وابن دحون وابن الشقاق والأول أظهر إذا كان الشهود عالمين بما يشهدون به اهـ.
وقد بيض المواق رحمه الله هنا وقول ز ثالثها تقتضيه الشهادة بها لا الشهادة على الإقرار بها الخ هذا القول عنده مقلوب والصواب عكسه لأن في الشهادة بمطلق الشركة طريقتين إحداهما اللخمي أن ذلك ليس كالشهادة بالمفاوضة بل القول لمدعي الاختصاص مطلقًا والثانية لابن يونس والتونسي أن الشهادة بالشركة كالشهادة بالمفاوضة فيأتي القولان فيها قال ابن عرفة ففي كون لفظ الشركة كالمفاوضة في عموم شركتهما في كل ما لأحدهما
باشهد كان أولى (أو) قبضها بغير بينة لكن (قصرت المدة) كدون عام فلا تقبل دعواه الرد فيهما فإن طالت كعام حمل على أنه ردها والفرق بينه وبين ما يأتي في الوديعة من أنها إذا لم توجد في تركة المودع بالفتح فيطالب وارثه بها إلا أن يسكت أي الطالب كعشر سنين أن الشريك مأذون له في التصرف فيحمل أي بعد عام على أنه ردها بخلاف المودع وهذا الفرق واضح إن كان مال الشركة بيد الآخذ للمائة ويتصرف فيه فإن لم يكن بيده لم يتم الفرق كما في ح وظاهره ولو مضى لذلك عشر سنين والفرق بينه وبين الوديعة أن هذا اشتغلت ذمته به فعلم مما مر أن لدعوى أحد المتفاوضين أن شريكه أخذ مائة مثلًا من مال المفاوضة ثلاث حالات إحداها أن يكون المدعى عليه ميتًا وهذه قوله والمقيم الخ الثانية أن يكون حيًّا وينكر وفي هذه لا تقبل دعواه الرد ولو طالت المدة ولا بينة الثالثة أن يكون حيًّا ويقر بالأخذ فتقبل دعواه الرد وإن قصرت المدة لأنه ادعى رد ما لم يضمن حيث قبض بغير إشهاد على الوجه المذكور سابقًا وكان يصل للمال وإلا لم يقبل قوله ولو طالت كعشر سنين على ما يفهم من ح فليس كالوديعة لاشتغال ذمته بخلاف الوديعة (كدفع صداق) من أحد الشريكين (عنه) أي عن شريكه فالقول للدافع (في أنه) أي
ــ
إلا ما قام دليل على تخصيصه بأحدهما طريقًا الصقلي مع التونسي واللخمي اهـ.
(أو قصرت المدة) قول ز فلا تقبل دعواه الرد الخ صوابه فلا يسقط الضمان لأن الفرض أنه مات وأما إن كان حيًّا مقرًّا فتقبل دعواه الرد ولو قصرت المدة كما يأتي عند ز آخر المسودة لكن رأيت في كلام ابن الحاجب ذكر التفصيل في الحي المقر أيضًا فإنه بعده ذكره مسألة الميت قال ما نصه ولو أقر الشريك أن بيده مائة من المال ففرق ابن القاسم بين طول المدة وقصرها ولو أشهد أنه أخذها لم يبرأ إلا بإشهاد أنه ردها اهـ.
وعلى هذا فينبغي أن يحمل كلام المصنف رحمه الله على ما يشمل الميت والحي المقر ويبطل ما ذكره في ز في الحي من الإطلاق والله الموفق للصواب وقول ز لأنه ادعى رد ما لم يضمن الخ فيه نظر لأن هذا أقر بعمارة ذمته فقد ادعى ما هو في ضمانه (كدفع صداق عنه في أنه الخ) قول ز فالقول للدافع في أنه الخ صوابه فالقول للمدعي لأن ذكر الدافع لا يلتئم مع قوله بعده سواء كان مدعي رد ذلك الزوج أو شريكه وقول ز فكونه الزوج هو المطابق للنقل الخ صدق في أن هذا هو المطابق للنقل كما يدل عليه ما نقله ق وغ خلافًا لمن زعم أن المطابق للنقل أن مدعي المفاوضة هو الدافع وإن كان الكل صحيحًا من جهة الحكم والله تعالى أعلم وقول ز ولا يقبل دعواه الرد الخ فيه نظر لمخالفته لما سبق له في الحالة الثالثة من قوله يقبل دعواه الرد وإن قصرت المدة نعم هو صحيح على ما تقدم نقله عن ابن الحاجب والله تعالى أعلم ثم بعد هذا ظهر لي أن الأسهل والأظهر في كلام المصنف أن يحمل على الوجه الآخر بأن يكون الدافع أو وارثه هو المدعي لكون المدفوع من المفاوضة والزوج يدعي أنه من ماله الخاص به فالقول للدافع أو وارثه إلا في موضعين يكون القول فيهما للزوج أحدهما قوله إلا أن يطول كسنة أي فيصدق الزوج في أنه من ماله لأن عدم
الصداق (من) مال (المفاوضة) سواء كان مدعي ذلك الزوج أو شريكه لكن المتبادر من المصنف أن مدعي ذلك الزوج ثم ادعى رده لمال المفاوضة وادعى شريكه الدافع أنها من عنده من مال نفسه فكونه الزوج هو المطابق للنقل ويدل عليه قوله (إلا أن يطول كسنة) فهو فيما إذا كان المدعي أنه من المفاوضة الزوج وهو مستثنى من مقدر أي القول قوله إنه من المفاوضة ويرجع عليه شريكه بحصته فيه ولا يقبل دعواه الرد إلا أن يطول ما بين الأخذ والمنازعة كسنة حيث لم يكن أشهد بينة بالأخذ على نفسه كما مر واستثنى من مقدر أيضًا وهو القول لمدعي أن الصداق من مال المفاوضة ولا تقبل دعوى من ادعى أنه من ماله الخاص به كان الزوج أو غيره قوله (وإلا ببينة) كذا في نسخة غ بحرف العطف وجر بينة بباء موحدة وفي نسخة د جره بلام ونسخة الشارح إلا ببينة بدون حرف العطف جر بينة بباء موحدة وفي نسخة تت كما في د إلا أنه أسقط حرف العطف وعلى إسقاطه فيكون استثناء من الاستثناء قوله أي إلا لبينة فلا يسقط بطول كسنة بل تقبل بينته (على كارثة وإن قالت لا نعلم) تأخره كما مر فعلم مما قررنا أن قوله وإلا ببينة الخ يجري فيما إذا كان المدعي أنه من ماله الخاص به الزوج المدفوع عنه أو شريكه وقصره د على الأول ولعل وجهه أن دعوى الزوج أن الصداق من مال المفاوضة أشبه من دعوى الشريك أنه من ماله الخاص به لأن الغالب أن لا يترك الأخذ من المال الذي له بعضه ولا يطالب به
ــ
مطالبة شريكه له في هذه المدة يدل على صدقه والثاني قوله إلا لبينة على كارثة الخ شهدت البينة بأن ذلك المدفوع في الصداق كعبد ونحوه ورثه الزوج أو وهب له فيصدق في أنه ماله وهذا الوجه هو الظاهر من تقرير ابن غازي وهو سهل لرجوع الاستثناءين معًا لمحل واحد لسلامته من تكلف التقدير الذي يلزم في الحمل على الوجه الأول كما في ز وإن كان صحيحًا والله تعالى أعلم وهذا الوجه لا يخالف النقل بل ربما يكون هو الظاهر لمن تأمله ونص ما في المواق سأل شجرة سحنون عن رجل دفع عن أخيه وهو مفاوضه صداق امرأته لم يذكر من ماله ولا من مال أخيه ثم مات الدافع فقالت الورثة هذا من مال ولينا فأجابه إن كان متفاوضين وأقاما سنين كثيرة في تفاوضهما لا يطلب أخاه بشيء من ذلك فهو ضعيف وإن كان بحضرة ذلك فذلك بينهما شطرين ويحاسبه إلا أن يكون للباقي حجة اهـ.
فقول الورثة هذا من مال ولينا إن فهمناه على معنى أنه من مال المفاوضة الذي له فيه نصيب يبقى أن الزوج يدعي أنه من ماله ويسهل تنزيل الجواب عليه ويكون ظاهرًا وإن فهمناه على ظاهره بمعنى أنه من مال الدافع الخاص به احتجنا في الجواب التي تكلف تقدير مثل ما فعل في كلام المصنف على ذلك الحمل وهو خلاف الظاهر والله سبحانه وتعالى أعلم وقوله في النص وإن كان بحضرة ذلك الخ يدل على أن تعدد السنين في قوله وأقاما سنين كثيرة ليس بمعتبر فلهذا قال المصنف رحمه الله إلا أن يطول كسنة وقول المصنف إلا لبينة الخ هو مراد النص في قوله إلا أن يكون للباقي حجة انظر ابن غازي رحمه الله وقول ز ولعل وجهه إلى قوله لأن الغالب أن لا يترك الأخذ الخ هذا الوجه غير ظاهر إذا شهدت البينة على عين
إذا طالت المدة وادعى رده ويأخذ من مال شريكه المختص به ثم مثل دعوى أنه من المفاوضة دعوى أنه من شريكه كما يفيده د وهو واضح إن كانت الشركة بينهما مفاوضة وكذا عنان فيما يظهر إن ادعى أنه دفعه منها بإذنه وإلا لم يقبل قوله لأنه يدعي التعدي على الشريك لأنه شرط عليه أن لا يتصرف إلا بمراجعته ولما قدم أن لأحد الشريكين حال الاشتراك الإقرار بدين لمن لا يتهم عليه من غير احتياج ليمين المقر له ذكر حكم إقراره بعد انفصال الشركة فقال (وإن أقر واحد) من الشريكين بدين عليهما (بعد تفرق) مع طول أم لا (أو موت فهو شاهد في غير نصيبه) حيث كان لمن لا يتهم عليه كعمه وابن عمه وكأخيه وملاطفه إن كان المقر مبرزًا في العدالة فيحلف معه المقر له ويستحق وأما في نصيبه فيؤاخذ به بعد تفرق أو موت ولو لمتهم عليه وقولي بدين شامل لما إذا كان برهن ففي المدونة كما في ق إن مات أحد المتفاوضين وأقر الحي منهما أنهما رهنًا متاعًا من الشركة عند فلان وقال ورثة الميت بل أودعته أنت أياه بعد موت ولينا فللمرتهن أن يحلف مع شاهده الحي ويستحق الجميع رهنًا وإن أبى فله حصة المقرر هنا لأن مالكًا قال في أحد الورثة يقر بدين على الميت فإن صاحب الدين يحلف معه ويستحق جميع حقه من مال الميت وإن نكل أخذ من المقر ما ينو به من الدين ولا يأخذ من حصته دينه كله انتهى.
وقوله لأن مالكًا الخ.
فرع حسن: لا يعارض قول المصنف آخر العتق وإن شهد أحد الورثة أو أقر أن أباه أعتق عبدًا لم يجز لأنه فيما لا يثبت بشاهد ويمين وما هنا مال (وألغيت نفقتهما) أي المتفاوضين (وكسوتهما وإن ببلدين مختلفي السعر) ولو بينا لأن كل واحد منهما إنما عقد للتجر مع قلة مؤنة كل واحد فاستسهل اختلاف السعرين قاله ابن يونس وإن لم تتقارب نفقة كل وكسوته خلافًا لدعوى البساطي رجوع الشرط الآتي لما قبل الكاف أيضًا ولو اختلف نصيبهما في المال (كعيالهما إن تقاربا) سنًّا وعددًا بقول أهل المعرفة ببلد أو بلدين ولو اختلف سعرهما فتلغى نفقتهما وأسقط شرطًا وهو كون المال بينهما مناصفة في مسألة العيال فقط (وإلا) يتقاربا بل اختلفا عددًا أو سنًّا اختلافًا غير متقارب أو كان المال بينهما على الثلث والثلثين (حسبا) أي نفقتهما بمعنى الإنفاق وكسوتهما على عيال كل لئلا
ــ
المدفوع أنه هو الموروث مثلا فتأمله (وألغيت نفقتهما وكسوتهما) قول ز ولو اختلف نصيبهما في المال الخ فيه نظر لقول ابن عبد السلام كل ما ذكر في هذا الفصل من إلغاء النفقة إنما هو إذا كانت الشركة على النصف فإن كانت الشركة بينهما أثلاثًا فتحسب نفقة كل واحد منهما اهـ.
وذكر اللخمي هذا الشرط في تساوي العيال فقال وإن اشتركا على الثلث والثلثين وتساويا في العيال لم ينفق صاحب الثلث إلا بقدر جزئه ولا يجوز أن ينفق بقدر عياله ليحاسب بذلك في المستقبل ابن عرفة هذا إن عقد الشركة على ذلك ولو كان تطوعًا بعد عقد الشركة كان السلف اهـ.
(وإلا حسبا) قول ز بمعنى الإنفاق الخ إنما يحتاج إلى هذا التأويل أن ضبط حسبا بالبناء
يأخذ كل من مال الشركة أكثر من حقه ومحل قوله حسبما ما لم تستو نفقتهما حين الاختلاف المذكور فيما يظهر (كانفراد أحدهما به) أي بالعيال بمعنى الأهل أو بالإنفاق على العيال فيحسب إنفاقه عليهم لا على نفسه كما إذا أنفق أحدهما منه على نفسه دون الآخر فلا يحسب لأن من لم ينفق تبرع لصاحبه بما يستحقه والفرق بين نفقة أحدهما فقط على نفسه ونفقة العيال لأحدهما أن شأن الأولى اليسارة ولأنها من التجارة بخلاف نفقة العيال في الوجهين وعلم مما قدمنا أن نفقة كل على عياله يشترط في إلغائها التقارب والتناصف في الشركة بخلاف نفقة كل أو أحدهما على نفسه فلا يشترط شيء منهما فيها واعلم أن ما يلغى يجوز ابتداء وما لا فلا ومثل المتفاوضين في جميع ما مر ما يقع بين الإخوة كما في ابن وهبان يموت أبوهم ويبقى المال بيدهم يأكلون منه وربما تزوج بعضهم منه فيرجع عليه بما تزوج به انتهى.
(وإن اشترى) أحد شريكين من مال الشركة (جارية) فشراؤه لها على ثلاثة أوجه أحدها أن يشهد أو يذكر أنها (لنفسه) بغير إذن شريكه لخدمة أو وطء ولم يطأ (فللآخر) وهو غير المشتري (ردها) للشركة وله إمضاؤها بالثمن فإن وطئها كانت له بالقيمة يوم الوطء أو الحمل إن حملت ولا خيار لشريكه الآخر كما أشار له بقوله (إلا) إن اشتراها (للوطء) ووطء بالفعل وهذا هو الوجه الثاني واستشكل قوله (بإذنه) أي بإذن شريكه بأنها تقوم في شرائها للوطء مع وطئه بالفعل أذن له شريكه أم لا وكذا إن أذن له في شرائها وإن لم يطأ وإن كانت للخدمة ولهذا قال غ في بعض النسخ إلا بالوطء أو بإذنه بجر اللفظين بالباء وعطف أحدهما على الآخر بأو وهو أتم فائدة اهـ.
ــ
للمفعول فإن جعل مبنيًّا للفاعل وضميره للشريكين لم يحتج إلى ذلك وقول ز لئلا يأخذ كل من مال الشركة أكثر الخ صوابه لئلا يأخذ أحدهما من مال الشركة أكثر ويسقط كل (كانفراد أحدهما به) قول ز فيحسب إنفاقه عليهم لا على نفسه الخ فيه نظر والنقل بخلافه ابن عرفة وفيها إن كان لأحدهما عيال وولد وليس للآخر عيال ولا ولد حسب كل واحد ما أنفق اهـ.
ومثله في المواق والشارح وغيرهما فقوله حسب كل واحد ما أنفق صريح في أن الذي لا عيال له يحسب ما أنفق على نفسه كما أن لآخر يحسب الجميع (فللآخر ردها) قول ز فإن وطئها كانت له بالقيمة يوم الوطء أو الحمل الخ ظاهر كلام ابن عرفة أنها معتبرة يوم الوطء وهذا إذا حملت فإذا لم تحمل فقال ح حكمها حكم من وطئ أمة الشركة وسيأتي وقال فيما يأتي عمل مما تقدم أنه لا فرق بين أن يشتريها للشركة من غير قصد لوطء ثم يطؤها أو يشتريها للوطء على أن الربح والخسارة للمال ومثله أيضًا ما إذا اشتراها لنفسه بغير إذن شريكه ووطئها اهـ.
والحكم في ذلك كله تخيير غير الواطىء في ردها للشركة أو تقويمها على الواطىء وبهذا تعلم أن التخيير في كلام المصنف هنا إنما يقيد بما إذا لم تحمل لا بما إذا لم يطأ (إلا للوطء بإذنه) معنى هذه النسخة إلا أن يشتريها للوطء بإذنه فلا يلزمه إلا الثمن وطئ أم لا ولا خيار
وما مر من أن الوجه الثاني قوله للوطء نحوه لتت وقالت عج هو أن يشتريها بإذن شريكه وتصويب غ المتقدم يفيد أن أحد الأمرين هو الوجه الثاني وهو الظاهر ثم يضمن في الإذن ثمنها وفي عدمه قيمتها يوم الوطء أو الحمل إن حملت فيما يظهر وينبغي أن يجري فيه ما يأتي في الوجه الثالث المشار له بقوله (وإن وطء جارية للشركة) فالأولان اشتراها من مال الشركة لا للشركة وهذا الوجه اشتراها من مالها لكن لها ثم يطأ وأشار إلى أن لها ثلاث حالات إحداها أن يطأها (بإذنه) فالجار والمجرور متعلقان بوطء وجواب الشرط محذوف تقديره قومت عليه لأنها كأمة محللة وجوبًا يوم الوطء كما في النقل مطلقًا أي حملت أم لا أيسر أم لا ولا حد عليه للشبهة وإذا لم تحمل وأعسر الواطء بيعت فيما وجب لشريكه من قيمتها وليس له إبقاؤها للشركة فإن حملت كانت أم ولد ولم تبع حينئذ أيسر أو أعسر وإنما يتبعه فيهما بقيمة حظه منها ولا شيء له من قيمة الولد في هذه الحالة لحريته والحالة الثانية قوله (أو) وطئها (بغير إذنه وحملت) قيد في بغير إذنه فقط (قوّمت) على الواطء وجوبًا إن أيسر وجواز إن أعسر ولشريكه في عسره إبقاؤها للشركة كما في المدونة وإذا اختار تقويمها مع عسر الواطء فله أن يتبعه بما وجب له من قيمتها وأن يلزمه بيع نصيبه أي غير الواطء منها لا بيعها كلها خلافًا لظاهر المصنف في باب أم الولد بعد وضعها لا في حملها ولا يباع الولد لحريته ويأخذ ثمن ما بيع منها فإن لم يوف بما وجب له من القيمة أتبعه بالباقي كما يتبعه بحصة الولد في قسمي التخيير لا في يسره وقومت عليه ولا في وطئه لها بإذنه وحملت أيسر أو أعسر فلا قيمة للولد كما مر وقيمتها في عسره يوم الحمل لا يوم الوطء كما هو ظاهر ما في باب أم الولد إلا أن يحمل على أن يوم الوطء كان يوم الحمل وأما قيمتها في يسره فهل يوم الحمل أو يوم الوطء قولان في المدونة وعلم ما ذكر أن عندهم أمة الشركة من المسائل التي تباع فيها أم الولد محمول على ما إذا وطئها معسر بغير إذن الآخر وأنه إنما يباع منها في هذه الحالة نصيب شريكه لا كلها وأن أريد بالبيع ما يشمل التقويم فكذلك إذ لا يقوم عليه إلا نصيب شريكه فقط وكلام ابن ناجي كغيره فيما يأتي يوهم أنها تباع كلها وكذا ما ذكر في نظم المسائل التي تباع فيها أم الولد فليتنبه لذلك والحالة الثالثة قوله (وإلا) بأن وطء بغير إذنه ولم تحمل (فللآخر إبقاؤها) للشركة (أو مقاواتها) بأن يتزايدا فيها حتى تقف على أحدهما فيأخذها
ــ
للآخر وهذا هو الوجه الثاني في ضيح ولا إشكال أصلًا لكن لا مفهوم للوطء وأما على النسخة الأخرى فالوجوه أربعة لا ثلاثة انظر ح وغ (أو بغير إذنه وحملت قومت) قال ابن عرفة في باب أم الولد وفيها إن حملت قومت على واطئها يوم الوطء إن كان مليًّا ويلحق به الولد وهي له أم ولد ولا تماسك لشريكه اللخمي وقال مالك أيضًا القيمة يوم حملت وذكرهما محمَّد وقال وقيل يوم الحكم عن مالك إن شاء يوم الوطء وإن شاء يوم الحكم وبه أخذ محمَّد ثم قال وإن كان الواطىء معسرًا فقال مالك مرة هي أم ولد للواطىء ويتبع بالقيمة
صاحب العطاء به وهو ظاهر قول مالك في المدونة قاله تت وقال عج صوابه أو تقويمها ليوافق ما تجب الفتوى به من أن له إن لم يبعها للشركة تقويمها على الواطء وأخذ قيمة نصيبه منها يوم الوطء إن أيسر واتباعه به إن أعسر أو بيعه منها قدر نصيبه عند التقويم ولو زاد وقت البيع على نصفها بل لو لم يف بقيمة نصيبه يوم التقويم إلا بيع كلها فإنها تباع ويأخذ الآخر ثمنها كله في حصته منها يوم التقويم ولما فرغ من شركة المفاوضة ذكر شركة العنان وهي جائزة ولازمة فقال (وإن شرطا نفي الاستبداد) أي شرط كل واحد على صاحبه أن لا يستبد بفعل شيء من الشركة إلا بإذن شريكه ومعرفته فكأنه أخذ بعنانه أي بناصيته أن لا يفعل فعلًا إلا بإذنه (فعنان) بكسر العين وتخفيف النون أي تسمى شركة عنان وهو في الأصل اسم لما تقاد به الدابة ثم استعير لما هنا كما مر وأما بالفتح قاسم للمطر أو السحاب الأسفل للأسفل والأعلى للأعلى كالملك والملك والجنازة والجنازة فإنها بالفتح اسم للميت المحمول وبالكسر لما يحمل عليه الميت بشرط كون الميت عليه لا مطلقًا عند ابن الأعرابي وعند غيره وإن لم يكن عليه الميت نقلهما في كفاية الطالب وانظر إذا اشترط على أحدهما نفي الاستبداد وأطلق الآخر التصرف هل تكون مفاوضة فيمن أطلق له التصرف وعنان في الآخر أو تكون فاسدة وهو الظاهر لأن الشركة رخصة يقتصر على موردها (وجاز لذي طير وذي طيرة) مما يشترك في الحضن كحمام (أن يتفقا على الشركة) مناصفة كما يفيده الشارح ود وهو الذي ينبغي لا غيرها كما في تت في الفراخ الحاصلة بينهما لا في البيض ونفقة كل طير على ربه لأنه على ملكه كما هو ظاهر قول المصنف على الشركة في الفراخ أي لا في أصليهما ونحوه لظاهر الشارح وفي البساطي خلافه ونحوه يفيده تعريف ابن عرفة للشركة بأنها بيع مالك كل بعضه ببعض كل الآخر الخ فإنه يقتضي أن الكل الذي تعلق الملك ببعضه هو الطير والطيرة لوجودهما وعلمهما لا الفراخ لفقدهما فيها وانظر هل هذه شركة لازمة أم لا قاله عج ولم يقل إنها داخلة في قوله ولزمت بما يدل عرفًا لأن لهذه أحكامًا خاصة فإن انفرد أحدهما بالحضن كدجاج وإوز لم تجز الشركة وذكر الإوز لا يحضن وإنما يحوم حول الأنثى وهي حاضنة كما أخبر به أهل الخبرة بذلك خلافًا لجعل تت أن ذكر الأوز يحضن أيضًا قال د إن قيل لم لم يحذف وذي الثانية وتكون الأولى مسلطة على طيرة فالجواب أنه لو فعل ذلك لربما
ــ
دينًا ثم رجع إلى تخيير الشريك في تماسكه مع اتباعه بنصف قيمة الولد وفي تقويمه نصفها ونصف قيمة الولد ويباع له نصفها فقط فيما لزمه (وجاز لذي طير وذي طيرة الخ) ظاهره الجواز ابتداء وهو صريح ابن يونس وظاهر النوادر عن العتبية والموازية عن ابن القاسم عن مالك ونقل ابن غازي أن ظاهر كلام ابن رشد أن هذا بعد الوقوع والفوات فانظره وقول ز لأنه على ملكه كما هو ظاهر قول المصنف الخ ما ذكره من بقاء كل منهما على ملك صاحبه هو الذي يفيده النقل الذي في ابن غازي وغيره وهو محل التفصيل بين الحمام وغيره وأما بيع كل واحد منهما نصف ما يملكه الآخر فالظاهر جوازه مطلقًا لا وجه لمنعه والله تعالى أعلم.
فهم من مسألة غير مرادة وهو أن يكون لأحدهما طير وطيرة وللآخر كذلك وكل طير مؤتلف على طيرته ويشتركان فيما يحصل من الفراخ اهـ.
وأما لو كان لأحدهما طير وطيرة وللآخر كذلك وكل طير مؤتلف على طيرة الآخر أو لأحدهما ذكران من الحمام وللآخر أنثيان منه فتجوز الشركة والتاء في طيرة للوحدة لا للتأنيث إن لم تقم قرينة عليه وإلا لمقابلته بالذكر هنا فهل تكون دالة عليهما معًا أو الأول فقط والتأنيث مدلول عليه بالقرينة وكلامهم يدل على هذا الثاني والظاهر أن المراد بالطير هنا الواحد لا اسم الجنس الجمعي كطائر وإن أطلق على كل لغة كما في الصحاح لاقتضائه أنه لا بد أن يخرج أحدهما متعددًا والآخر واحدًا وليس كذلك وأشعر قوله طير وطيرة يمنع ذلك في عاقل كتزويج ذي عبد أمة غيره على أن الولد بينهما فيفسخ عقد الشركة المذكورة وكذا يفسخ النكاح قبل وبعد أبد الشبهة بحرية ولد الأمة بجعل واحد منهم السيد العبد قال في الشامل في فصل الصداق مشبهًا بما يفسخ مطلقًا وكان زوج عبده أمة غيره ليكون الولد بينهما فإن ولدت فهو لسيد الأمة لا بينهما على الأصح ولها مهر المثل بالبناء ولو زاد على المسمى أي وأولى إن لم يكن مسمى وقيل لا يزاد اهـ.
وفي وسطه عند قول المصنف وعلى حرية ولد الأمة أبدًا ما نصه فإن زوجها من عبد غيره فروى محمَّد أنه يفسخ مطلقًا وحكى أبو الفرج أن الولد بينهما اهـ.
وهو ضعيف كما قال في الشامل لا بينهما على الأصح وأما عاقد الشركة فلا يجوز قطعًا والأصل فيما لا يجوز الفسخ (و) إن قال رجل لآخر (اشتر) سلعة كذا (لي ولك) فاشتراها (فوكالة) عنه في نصف السلعة وكالة قاصرة لا تتعدى لغير الشراء فليس لهذا الوكيل أن يبيع نصف شريكه إلا بإذنه في ذلك ودل قوله لي ولك على أنها بعد الشراء شركة بينهما وسكت عنها لعلمها وإنما يخفى جانب الوكالة فلذا نص عليها ودل ما يأتي من قوله وجاز الخ على أن كل واحد هنا نقد حصته وسياق هذه المسألة بعد شركة العنان يفيد أنها منها وهو صحيح بدليل ما مر من أنه لا يجوز للمشتري أن يتصرف فيها بغير إذن الآمر وبهذا يعلم رد دعوى أن كلام المصنف محتاج للتقييد بما إذا نقد كل منهما حصته وفائدة قوله فوكالة أنه يطالب المشتري بالثمن (وجازوا نقد عني إن لم يقل) الآمر (وأبيعها) أو أوجرها (لك) أي عنك فإن قاله لم يجز لمقابلة البيع بالسلف قاله تت أي للسلف من الناقد ينفع له من الآمر وهو توليه ببيع حصته ولكن لا يفسد البيع وإن لم يحذف الشرط لعدم تأثيره في ذات البيع فإن عثر على الممنوع قبل النقد أمر كل واحد بنقد حصته ويتولى بيعها وإن عشر عليه بعد النقد أمر المنقود عنه بدفع ما نقد عنه معجلًا ولو شرط تأجيله ولا يلزمه بيع خط المسلف إلا أن يستأجره عليه بعد ذلك استئجارًا صحيحًا فإن كان قد باع فله جعل مثله انظر ح وتت (وليس له) أي للمشتري (حبسها) فيما نقده عن الآمر وهذا مستفاد من قوله فوكالة وذكره ليرتب عليه قوله (إلا أن يقول
وأحبسها) إلى أن تقبض ثمنها مني فله حبسها وإذا حبسها (فكالرهن) يفرق فيه بين ما يغاب عليه فيضمنه إلا أن يقيم بينة على ما ادعاه من تلف أو ضياع وبين ما لا يغاب عليه فالقول قوله بيمين إلا أن يظهر كذبه ولا يرد على صحة ذلك أن الآمر ليس مالكًا للمرهون وقت الأمر ولا له شبهه ملك فيه لأن هذا رهن معلق في المعنى على شرط الشراء بصفته فكأنه قال إن صارت ملكي بالشراء فقد رهنتها كذا لعج ويؤيده الكاف في المصنف وله حبسها أيضًا إذا كان الآمر ممن يخشى لدده وكذا إذا وقع الشراء على أن ينقد الآمر وتطوع المأمور بالنقد ولما ذكر ما إذا كان المشتري مسلفًا ذكر ما إذا كان المسلف غيره فقال (وإن أسلف غير المشتري) من آمر أو أجنبي كان من ناحية المقترض أم لا (جاز إلا لكبصيرة) أي معرفة الشريك (المشتري) المتسلف ووجاهته وجاهه فيمنع أن يشتري لهما شيئًا يشتركان فيه لنفعه في سلف الآمر وكذا الأجنبي عند قصده نفع الآمر فقط أو نفعه مع المأمور فيفسد لأنه سلف جر نفعًا ومعنى عدم الجواز إذا كان السلف من غير الآمر مع أن النفع ليس للمسلف أنه محمول على ما إذا كان الشريك صديقًا للمسلف حتى يكون النفع للشريك نفعًا له وقوله إلا لكبصيرة المشتري قبل الموضع للضمير وهو عائد على أقرب مذكور وهو المشتري لا للظاهر فلم أتى بالظاهر ولم يقل إلا لكبصيرته فالجواب أنه لو أتى بالضمير لتوهم عوده على المضاف ولأن الأصل عود الضمير على المضاف دون المضاف إليه كما في قوله تعالى: {أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: 145] فإن قصد نفع المأمور فقط جاز كما مر في القرض وأشار لشركة الجبر بقوله (وأجبر) المشتري (عليها إن اشترى شيئًا يسوقه) أي الشيء وإن كان المشتري من غير أهله ومن غير تجارة ولكن اشتراه ليتجر فيه بالبلد ولذا قال (لا لكسفر) به ولو ليتجر فيه ودخل بالكاف بلدة قريبة لا يسمى السير لها سفرًا عرفا (وفنية) ودخل بالكاف المقدرة في المعطوف قرى ضيف وعرس وصدّق بيمين في دعواه ذلك إلا أن يظهر كذبه لكثرة ما اشتراه للقنية بدعواه أو بترك سفر لغير عذر ظاهر (وغيره حاضر لم يتكلم من تجارة) بسوق الشيء فقط سواء كان هو من أهل السوق الذي بيعت به تلك السعلة أم لا قاله بعض الشراح (وهل في الزقاق) يجبر أيضًا على الشركة إذا اشتراها فيه وإن بعد عن سوقها (لا كبيته) أي البائع أو المشتري (قولان) أرجحهما أنه
ــ
(إلا لكبصيرة المشتري) قول ز ومعنى عدم الجواز أنه محمول الخ لا حاجة لهذا الحمل إذ قد مر في باب القرض أن القرض يفسد متى جر نفعًا لغير المتسلف ولو لأجنبي (وأجبر عليها إن اشترى الخ) محل الجبر ما لم يبين ويقل لهم أنا لا أشارك أحدًا منكم ومن شاء أن يزيد زاد قاله ابن الحاجب ابن عرفة وحيث تجب لهم لا تجب عليهم إن أبوا اهـ.
(من تجارة) قول ز عن عج لا بد من كونه من أهل السوق غير صواب فإن المشتري لا يشترط فيه كونه من أهل التجارة فضلًا عن كونه من أهل السوق وإنما يشترط ذلك فيمن يريد مشاركته كما في المواق (وهل في الزقاق) قول ز قد يفرق الخ لا معنى لهذا التفريق فإن المشتري
كبيته وإذا وجدت شروط الجبر فالظاهر من إطلاقهم ولو طال الأمر حيث كان ما اشترى باقيًا أو يفصل فيه كالشفعة فلا جبر بعد سنة ثم عهدة الداخل على البائع الأصلي لا على المجبور قاله ابن يونس وانظر ما الفرق بينه وبين الشفيع فإنه يكتب عهدته على المشتري مع أن كلا منهما يؤخذ منه ما اشتراه جبرًا قاله عج قلت قد يفرق بأن المشتري لما فيه الشفعة لا يجبر الشفيع وإنما الشفيع يأخذ جميع ما بيده وهذا يبقى له جزء وأشعر قوله أجبرانه لا يجبرهم هو مع عدم تكلمهم ومفهوم قوله حاضر أنه إن اشتراها في غيبته أو زائدة فيها فإنه لا شركة حينئذ ومفهوم لم يتكلم أنهم إن تكلموا فقالوا حين السوم أو الشراء أشركنا أو أشركنا واشتر علينا لم يجبرهم هو ولا هم إن أجابهم بلا فإن أجابهم بنعم جبر الآبي منه أو منهم للطالب وإن سكت فكذلك إن سألوه بلفظ أشركنا كأن زادوا واشتر علينا وسألوه حين الشراء كحين السوم إن اشترى بحضرتهم وإلا فله إدخالهم ومنعهم إن حلف ما اشترى لهم ولا أشركهم إن بقي المتاع بيده وإلا فله منعهم دون يمين والتلف بينهم في حالة الجبر وصدّق فيه لأنه كوكيل عنهم ولذا كان هو المطالب بالثمن فيما يظهر وليس له حبسها عنهم لأجله ثم ذكر شركة العمل وتسمى شركة الأبدان بقوله (وجازت بالعمل إن اتحد) كخياطين (أو تلازم) أي توقف عمل أحدهما على عمل الآخر كنسج وعمل في غزل يتوقف عليه نسجه كتحويل وتدوير وتنيير وفي لزومها بالعقد أو الشروع قولان ويظهر من قوله ككثير الآلة ترجيح الثاني (وتساويا فيه) أي بأن يأخذ كل قدر عمله في المتحد وقدر قيمته في غيره فإذا عمل أحدهما الثلث والآخر الثلثين فيأخذ كل من الغلة بقدر ما عمل وليس المراد أن يكون عمل كل كعمل الآخر فقط أو يقال مفهومه إن أخذ كل قدر عمله جاز وإن أخذ كل النصف فسدت ولا يعترض بمفهوم فيه تفصيل (أو تقاربا) عرفا كعمل أحدهما ما ينقص أو يزيد عن الثلث يسيرًا والآخر الثلثين كذلك فإن احتاجا مع الصنعة لمال أخرج كل قدر عمله لا أزيد حيث كان القصد الصنعة لا المال وإلا فالنظر له (وحصل التعاون) وإلا لم تجز وعمل كل يختص حينئذ به دون رفيقه (وإن بمكانين) إذا اتحدت الصنعة كما في العتبية وشرط في المدونة اتحاد صنعتهما ومكانهما وعليه درج ابن الحاجب ابن ناجي وهو المشهور انتهى.
ــ
هنا لا يجبر التجار كما تقدم عن ابن عرفة وإنما يجبرهم إذا أمروه بالشراء لهم وهذا من باب الوكالة وإنما الظاهر في الفرق أن التجار لما دخلوا هنا مع المشتري جبرا فقد دخلوا معه في جميع أحكام الشراء التي من جملتها كون العهدة على البائع بخلاف الشفعة والله تعالى أعلم.
(وإن بمكانين) قول ز أو سوقين نفاقهما واحد وتجول يدهما بالعمل الخ ظاهره أن هذا تأويل واحد وقال ابن عرفة عياض قال تأول شيوخنا ما في العتبية على تعاونهما في الموضعين أو إنفاق السلعتين في الموضعين سواء فيكون وفاقًا للمدونة لأن المقصود من وحدة المكان تقارب أسواقه ومنافعه انتهى.
وجمع بينهما بثلاثة أشياء بأن ما اقتصر عليه المصنف كما في العتبية محمول على ما إذا كان المكان بسوق واحد أو سوقين نفاقهما واحد وتجول أيديهما بالعمل في المكانين جميعًا أو يجتمعان بمكان كما قاله ابن رشد على أخذ الأعمال ثم يأخذ كل واحد منهما طائفة من العمل يذهب بها لحانوته يعمل فيه لرفقه به لسعته أو قربه من منزله أو نحو ذلك انظر تت ثم محل اعتبار اتحاد المكان أو تعدده مع مراعاة ما مر حيث كانا مشتركين في صنعة أيديهما من غير احتياج لإخراج مال أو احتاجا له وصنعتهما هي المقصودة دونه فإن كانت صنعة أيديهما لا قدر لها والمقصود التجربة جاز كونهما بمكانين من غير اعتبار اتحاد نفاقهما ولما كان ما قدّمه المصنف إنما هو في صنعة لا آلة فيها أو فيها ولا قدر لها كالخياط ذكر ما إذا كانت تحتاج لآلة كالصياغة والنجارة والصيد فيزاد على الشروط السابقة اشتراط تساويهما في الآلة بملك أو كراء فقال (وفي جواز إخراج كل آلة) على ملك نفسه ولم يستأجر منه الآخر ولا اشترى منه حصته (و) في جواز (استئجاره) أي أحدهما (من الآخر أو لا بد) في الجواز (من ملك) بأن يشترياها معًا أو يبيع مالك كل آلة نصفها للآخر (أو كراء) لهما من أجنبي ليصير ضمانها منهما معًا أو من كل نصف حصته للآخر (تأويلان) فيتفق على الجواز في الأربع الأخيرة التي بعد قوله أو لا بد على ظاهر المدونة وذكر بعضهم أن من محل الخلاف إذا استأجر كل نصف حصة الآخر والتأويلان في الصورتين السابقتين على الأربع وعلى القول الثاني فيهما لو أخرجا أو أحدهما آلة واستأجر صاحبه نصيبه فيمضي بعد الوقوع ومثله لشركة العمل بقوله
ــ
فقوله أو أن نفاق الخ هكذا رأيته في نسخة عتيقة من التنبيهات وكذا رأيته في نسختين من ابن عرفة وظاهره أنهما تأويلان لا تأويل واحد (وفي جواز إخراج كل آلة) محل التأويلين إنما هو الصورة الأولى وهي أن يخرج كل واحد آلة تساوي آلة صاحبه ولم يستأجر واحد منهما من الآخر ولا اشترى منه قال طفى فمذهب سحنون فيها الجواز وتأول عليه المدونة في مسألة الثلاثة لأحدهم البيت وللآخر الرحى وللآخر الدابة قال إنما يمنع ذلك إذا كان كراء الآلة أو هذه الأشياء مختلفًا وقال عياض وظاهر المدونة المنع وقال في مسألة الثلاثة ظاهر هذا أن مذهب الكتاب ما قدمناه أنه لا يجوز حتى يكري كل واحد منهما نصيبه بنصيب صاحبه إن كان مستويًا اهـ.
وصرح عياض بأنه إذا وقع مضى هذا تحصيل المسألة فقول تت تأويلان وقولان غير ظاهر إذ لم أر من قال بالمنع إلا ما فهم عياض من ظاهر المدونة كما تقدم وعلى ذلك اقتصر ابن عرفة وأبو الحسن وأما قوله واستئجاره من الآخر فقرره الشارح بأن الآلة لأحدهما ويؤاجر نصفها لصاحبه وتبعه تت وغير واحد وأصل ذلك كله للمصنف في ضيح قائلًا قال عياض وغيره الجواز ظاهر الكتاب وهذا وهم منه رحمه الله تعالى لأن عياضا لم يقل هذا في تصويره وإنما قاله فيما إذا أخرج كل آلة واخر نصف آلته بنصف آلة صاحبه ولم يذكر فيها تأويلين وإنما ذكرهما في المتقدمة كما علمت ونصه وهل يجوز أن يؤاجر أحدهما نصف آلة صاحبه بنصف آلته هو وهما متساويان وظاهر الكتاب الجواز ولابن القاسم وغيره المنع إلا
(كطبيبين) اتحد طبهما نحو كحالين وجرا يحيين أو تلازم وإلا لم يجز والقيد المذكور يشعر به المصنف حيث جعل ذلك مثالًا لما استوفى الشروط وكذا إن جعل تشبيهًا تامًّا وقوله (اشتركا في الدواء) أي على التفصيل السابق وفاقا وخلافًا ولا يقال حيث اشتركا في الدواء فهي شركة مال لا أبدان لأنا نقول الدواء تابع غير مقصود والمقصود التطبب (وصائدين في البازين) مثلًا المملوكين لهما أو باز لأحدهما وكلب للآخر (وهل) محل الجواز إن اتفق مصيدهما ومكانهما واشتركا في ملك ذاتهما وهذه الثلاث متفق على جوازها ولا يكفي اشتراكهما في ملك منفعتهما أو الجواز (وإن افترقا) بأن اختلف
ــ
بالتساوي في الملك أو الكراء من غيرهما فإن لم يذكرا كراء واستويا فظاهر المدونة المنع فإن وقع مضى وأجازه سحنون واختلف في تأويل قوله في الكتاب في ذلك كله انتهى.
وعلى كلامه اقتصر أبو الحسن وابن عرفة فظهر لك أن كلامه اشتمل على مسألتين الأولى أن يخرج كل آلة مساوية لآلة صاحبه ويستأجر نصف آلة صاحبه بنصف آلته ولم يذكر فيها تأويلين وإنما ذكر الجواز لظاهر الكتاب والمنع لابن القاسم وغيره الثانية أن يخرج كل آلة مساوية لآلة صاحبه ويسكتا عن الكراء وهي ذات تأويلين فأين هذا من نسبة المؤلف لعياض ظاهر الكتاب الجواز في تصويره وجعله فيه تأويلين وتبعوه على ذلك وقد نقل ح كلامه وقبله تقليدًا له وجرى على ذلك في مختصره وذكر التأويلين في المسألتين وقال تت في هذه أيضًا تأويلان وقولان ولم يذكر فيها ذلك كله وعلى فرض عياض لم يكن فيها لا قول ابن القاسم وغيره بالمنع وظاهر الكتاب بالجواز انتهى.
قلت قول عياض واختلف في تأويل قوله في الكتاب الخ يحتمل أن يرجع للمسألتين معًا فيكون في كل واحدة منهما تأويلان ويحمل قول المصنف رحمه الله واستئجاره من الآخر على الأولى منهما على أي واستئجار كل منهما من الآخر إلى آخره ويسقط عنه الاعتراض المذكور والله أعلم ثم قال طفى رحمه الله تعالى فإن قلت ما الحكم فيما فرضه قلت صرح في المدونة بالجواز فيها ونصها وأما إن تطوع أحدهما بآلة لا يلغى مثلها لكثرتها فلم يجز حتى يشتركا في ملكها أو يكري من الآخر نصفها ولا شك في منعها على قول ابن القاسم لا بد من اجتماعهما في الملك أو الكراء وقد صرح ابن عبد السلام بالخلاف فيها وأن الجواز مذهب المدونة وهو المشهور وعليه اقتصر ابن الحاجب والقول بالمنع للعتبية فهي ذات خلاف أيضًا وإنما نقمنا على المؤلف نسبتها لعياض وذكره التأويلين فيها وليس الأمر كذلك وإنما المشهور فيها الجواز وقد اعترض ح على المصنف بعد أن قررها كما فرضوه قائلًا كلام المدونة صريح في الجواز وفي تسوية المؤلف بين التأويلين في هذه نظر انتهى.
إلا أنه سلم التأويلين تقليدًا للمؤلف وقد علمت أنهما غير مسلمين فيها فتأمل ذلك والله أعلم انتهى.
كلام طفى وقول ز فيتفق على الجواز في الأربع الأخيرة الخ غير صحيح بالنسبة للصورة الأخيرة منها لما علمت فيها من الخلاف وإن كان المشهور الجواز كما قال ابن عبد
مصيدهما أو كانا بمكانين واشتركا في ملك ذاتهما أولًا واتحد طلبهما (رويت عليهما) فالخلاف في صورتين وواحدة جائزة وتقدمت الثلاث فإن لم يشتركا في ذاتهما ولم يتحد طلبهما بأن كان يصيد أحدهما الطير والآخر الوحش كالغزال منعت اتفاقًا لأنه يشترط في شركة العمل الاتحاد فيه أو التلازم كما قدمه قبل (وحافر بن بكر كاز ومعدن) وتبر وعين وقبر إن اتحد الموضع المتيطي ولا يجوز أن يعمل هذا في غار من معدن وهذا في غار سواه وتجوز الشركة في الدلالة أي على شيء والصياحة عليه مجتمعين بشرط عقدهما معًا ما يبيعانه لا على أن يبيع هذا شيئًا وهذا آخر فإن نزل فسخت الشركة أي لعدم تعاونهما ولكل ما انفرد ببيعه دون الآخر انتهى.
ونكر معدن ليعم جميع المعادن ذهب أو فضة أو حديد أو كحل ونحوها (ولم يستحق وارثه بقيئه) أي العمل في المعدن (وأقطعه) أي المعدن (الإمام) لمن شاء وقدمه في الزكاة أيضًا بقوله وحكمه للإمام (وقيد) عدم استحقاق وارثه بقية العمل (بما) إذا (لم يبد) النيل بعمل مورثه أو يقارب البدو فإن بدا أو قارب بدوه بعمله ولم يخرج شيئًا أو أخرج بعضه وإن زاد على مقابل عمله فيما يظهر استحق وارثه بقيته إلى أن يفرغ النيل الذي بدا أو قارب وإن مات مورثه بعد أن أخرجه كله لم يستحق وارثه بقية العمل (ولزمه) أي أحد شريكي العمل (ما يقبله صاحبه) شريكه لأجل العمل أي يلزم صاحبه أن يعمل صنعته فيه أيضًا إذ لا يشترط فيها أن يعقدا معًا على كل ما يصنع (و) لزمه (ضمانه) أي ضمان ما يقبله صاحبه وادعى تلفه ونحوه أي يشترك معه في ضمانه وهما صانعان فضمانهما ضمان الصناع في مصنوعهم كما سيذكره المصنف وبالغ على ضمان التالف بقوله (وإن تفاصلا) ثم محل اللزوم حيث قبله مع وجود شريكه أو مرضه أو غيبته القريبين
ــ
السلام (رويت عليهما) لفظ المدونة ولا يجوز أن يشتركا على أن يصيدا ببازيهما وكلبيهما إلا أن يملكا رقابهما أو يكون الكلبان والبازان طلبهما واحد لا يفترقان فجائز اهـ.
عياض رويت المدونة بالواو وبأو وعزا الرواية بأو لأكثر النسخ لروايته عن شيوخه وقال المواق على معنى أو حملها ابن يونس وابن عتاب واللخمي وابن رشد انتهى.
فكان الظاهر لو قال المصنف وهل إن اتفقا في الملك والطلب أو أحدهما كاف الخ انظر ح (وقيد بما لم يبد) لفظ التهذيب قلت فمن مات منهما بعد إدراكه النيل قال قال مالك في المعادن لا يجوز بيعها لأنه إذا مات صاحبها الذي عملها أقطعها الإمام غيره فأرى المعادن لا تورث هـ.
عياض في التنبيهات لعله يريد في الكتاب أنه لم يدرك نيلا إذا لم يجب عن مسألته وإنما أجاب عن حكم المعدن في الجملة فإذا أدرك النيل كان لورثته اهـ.
وبه يفهم ما نقله المواق ونسب في النكت التقييد للقابسي ونصها ذكر بعض القرويين عن القابسي أنه قال معنى قول ابن القاسم أدرك نيلا أنهما أخرجاه واقتسماه الخ ح (وإن تفاصلا) قال
اللذين يلغيان كما يأتي فإن قبله بعد طول غيبته أو مرضه لم يلزم صاحبه العمل فيه ولا ضمان عليه فيه قاله اللخمي وقال أيضًا وإن عقد الشريكان الإجارة على عمل شيء ثم مرض أحدهما أو مات كان على الآخر أن يوفي بجميع ذلك العمل سواء كانت وقعت الشركة على أن العمل مضمون في الذمة أو على أعيانهما لأنهما على ذلك اشتركا انظر أبا الحسن قاله د فزاد الموت على قوله (وألغى مرض كيومين وغيبتهما) الكاف استقصائية وفائدة الإلغاء أن ما يعمله الحاضر الصحيح يشاركه في عوضه الغائب والمريض (لا إن كثر) أي زاد زمن المرض أو الغيبة على يومين فلا يلغى فله أجر عمله فيما يخص الشريك من الربح الذي اشترطاه على رب ثوب يخيطانه له فيقسم بينهما ويخرج من حصة من لم يعمل أجرة من عمل كما في نقل د مثاله لو عاقدا شخصًا على خياطة ثوب مثلًا بعشرة دراهم وغاب أحدهما أو مرض كثيرًا فخاطه الآخر فإن العشرة دراهم بينهما ويقال ما أجرة هذا العامل في خياطته لهذا الثوب فإن قيل أربعة دراهم مثلًا رجع على صاحبه بدرهمين وقول الشارح اختص به أي بقيمة عمله لا بالفرض الأصلي كما توهمه عبارته قاله بعض وقوله رجع أي الذي خيطه على صاحبه بدرهمين أي مضافين لدرهميه الأصليين فيتم له قيمة عمله أربعة ثم تقسم الستة بينهما على ما تعاقدا تأمل (وفسدت باشتراطه) أي اشتراط إلغاء كثير المرض أو الغيبة ويكون ما اجتمعا فيه بينهما وما انفرد به أحدهما يكون له على انفراده فقوله باشتراطه أي الكثير المفهوم من أكثر وهو على حذف مضاف أي باشتراط إلغائه كما قررنا وفهم من قوله اشتراطه أنهما لو لم يشترطاه وأحب
ــ
الشيخ أحمد بابا إن كان المراد أنه تلف قبل المفاصلة فالمبالغة ضائعة وإن كان المراد أنه تلف بعد المفاصلة فهو مشكل لأن ضمانه ممن هلك بيده ويجاب بأن المراد التلف بعد المفاصلة والضمان منهما كالوصيين إذا اقتسما المال وضاع ما عند أحدهما فإن الآخر يضمنه أيضًا لرفع يده عنه اهـ.
والأول هو الذي عند ح أي تلف قبل المفاصلة ولم يقم صاحبه حتى تفاصلا فإن الضمان عليهما قال في المدونة ما يقبل أحد شريكي الصنعة لزم الآخر عمله وضمانه ويؤخذ بذلك وإن افترقا اهـ.
فالمصنف تبع في المبالغة المدونة والله أعلم (وألغى مرض كيومين) قول ز الكاف استقصائية الخ الذي اعتمده ح خلاف ذلك وأن ما قارب اليومين له حكمهما قال وكأن المصنف اعتمد على مفهوم قول المدونة إلا ما تفاحش من ذلك وطال ولم يبينه وكأنه أحال على العرف ثم ذكر أنه يفهم من أبي الحسن في مثل هذا أن القريب اليومان والثلاثة وأن البعيد العشرة وما بينهما من الوسائط يريد ما قارب القرب إلى القرب وما قارب البعد إلى البعد اهـ.
وقول ز فيقسم بينهما الخ محله فيما قبلاه ثم طال مرض أحدهما أو غيبته ومثله إذا قبله أحدهما مع وجود الآخر أو في مرضه أو غيبته القريبين اللذين يلغيان أما ما قبله أحدهما بعد طول غيبة الآخر أو مرضه فهو له كما يفيده ابن يونس واللخمي وقد قدم ز كلامه انظر ح في
أحدهما أن يعطي صاحبه نصيبه من عمله جاز (ككثير الآلة) تفسد بإلغائه عند العقد لا بعده فيجوز كما استظهره ح خلافًا لما في د من المنع ثم ظاهر المدونة أن الفساد في كثير الآلة وإن لم يحصل شرط كما في الشارح وح وعليه فالتشبيه في مطلق الفساد لا بقيد الاشتراط وقال البساطي إنما تفسد باشتراطه ووجه الأول مع جواز تبرع كل للآخر بعد العقد في شركة المال كما مر أن الآلة لتوقف العمل عليها كان إسقاط كثيرها عند العقد فيه شرط التفاوت حكمًا (وهل) إذا فسدت الشركة لاشتراط إلغاء مدة طويلة بمرض أو غيبة (يلغى) منها (اليومان كالصحيحة) أو لا يلغى شيء (تردد) وإن فسدت لغير ذلك لم يلغ شيء من المدة بغير تردد انظر الشارح وذكر ح أن الفاسدة لا يلغى منها شيء سواء كان فسادها لاشتراط إلغاء طول المدة أو لغيرها وأما الصحيحة إذا طالت مدة المرض أو الغيبة فيها ولم يدخلا على إلغاء المدة الطويلة فهل يلغى منها يومان كما يلغيان إذا قصرت الغيبة أو المرض أو لا يلغى شيء تردد فكان حقه أن يقول كالقصيرة أي المتقدمة في قوله وألغى مرض كيومين بدل كالصحيحة أي هل يلغى اليومان من الطويلة في الصحيحة أم لا تردد فكان حقه أن يذكر التصويب المذكور عقب قوله لا إن أكثر لتفرعه عليه قبل ذكر الفساد ثم كلام المصنف في شريك عمل كصبغ وخياطة ودباغة وأما الإجراء فليس الصانعان منهم كذلك فإذا استؤجرا معًا على عمل كحفر بئر فمرض أحدهما فعمل الآخر جميع العمل فللمريض نصيبه وليس للعامل شيء عليه لأنه متطوع بالعمل عنه قاله في المدونة وهو في غير المستأجرين مياومة كما يدل عليه ما مثل به
ــ
التنبيه الثامن (ككثير الآلة) قول ز خلافًا لما في د من المنع الخ ما ذكره د من منع التطوع بعد العقد هو الذي حمل عليه ابن رشد المدونة وأقره أبو الحسن مقتصرًا عليه قال ابن رشد هذا على القول بأن شركة الأبدان لا تلزم بالعقد وإنما تلزم بالشروع أما على القول بأنها تلزم بالعقد فيجوز اهـ.
وفهم ح المدونة على أن المراد منع التطوع في العقد ولو بلا شرط وقرر به كلام المصنف ورد على البساطي في تقييده بالشرط ثم قال وانظر إذا تطوع بها أحدهما بعد العقد والظاهر الجواز اهـ.
وتبعه عج قال طفى وفيه نظر وكأنه لم يقف على كلام ابن رشد وأبي الحسن اهـ.
قلت ما لابن رشد مبني على ما تقدم عنه في شركة الأموال من عدم لزومها بالعقد وقد تقدم أن المصنف رحمه الله جرى على اللزوم وكلام ح جار عليه والله تعالى أعلم (وهل يلغى اليومان كالصحيحة تردد) التردد إنما هو في الصحيحة إذا مرض أحدهما أو غاب ما لا يلغى لكثرته كما في المواق وح وغيرهما ولعل أصل كلام المصنف وهل يلغى اليومان في الصحيحة تردد فصحف مخرج المبيضة لفظة في بالكاف وأشار بالتردد لقول ابن يونس عن بعض القرويين يلغي اليسير وقول اللخمي لا يلغى ويرجع بالجميع قال أبو الحسن والخلاف مبني على أن الجزء من الجملة هل يستقل بنفسه أو لا كمن سجد على الأنف بدلًا عن الإيماء اهـ.
وتعليل المدونة وأما المياومة فلا يشارك مريض أو غائب مطلقًا غيره وقول المدونة لأنه متطوع أي بخلاف شريكي العلم فإن كل واحد منهما حميل عن صاحبه ضامن عنه ما يقبل إذا كان المتاع مما يضمن فلهذا لم يكن الصحيح متطوعًا وإذا عمل أحد شريكي المال فله نصف أجر عمله على صاحبه ثم ذكر شركة الوجوه بقوله (و) فسدت الشركة من حيث هي (باشتراكهما بالذمم) وهي (أن يشتريا شيئًا) غير معين (بلا مال) يخرجانه نقدًا أي تعاقدا على شراء أي شيء كان بدين في ذمتهما وأن كلا حميل عن الآخر ثم يبيعانه فترك شرطين تعاقدهما على شراء غير معين وتحمل كل عن الآخر بمثله وأكثر منه فإن دخلا على شراء شيء معين وتساويا في التحمل جاز كما تقدم في قوله إلا في اشتراء شيء الخ وإنما فسدت هذه الشركة لأنها من باب تحمل عني وأتحمل عنك وأسلفني وأسلفك فهو من باب ضمان بجعل وسلف جر نفعًا (وهو بينهما) على ما تعاقد عليه من تساو أو غيره هذا هو المراد لا ما هو حقيقة البينة أي التساوي والأولى جعل قوله وهو بينهما بيانًا لحكم المسألة بعد الوقوع لا من تمام التصوير فهو من المسمى في البديع بالكلام الموجه ثم إن وقع الشراء منهما أو من أحدهما فإن لم يعلم البائع باشتراكهما طالب متولي الشراء ولم يؤخذ مليئًا عن معدم ولا حاضرًا عن غائب كأن علم باشتراكهما حيث علم بفسادها وإلا أخذ مليئًا عن معدم وحاضرًا عن غائب لا حاضرًا عن حاضر موسرين فعلمه بفسادها مع علمه باشتراكهما كجهله باشتراكهما.
تنبيه: لا يصح عطف قوله وباشتراكهما على قوله باشتراطه لفساد المعنى لأن الضمير في فسدت عائد على شركة العمل وما هنا في شركة الوجوه فيصير المعنى وفسدت شركة العمل باشتراكهما في الذمم فيقدر له عامل يتعلق به ويكون من عطف الجمل لا من عطف المفردات أي وفسدت الشركة لا بقيد شركة العمل أي الشركة المطلقة من حيث هي هي بسبب اشتراكهما في الذمم من باب تحقق المطلق في المقيد أو العام في الخاص (وكبيع وجيه) من تجار يرغب الناس في الشراء منه (مال خامل بجزء
ــ
(وهو بينهما) قول ز فهو من المسمى في البديع بالكلام الموجه الخ كذا قال ابن غازي وفيه نظر لأن التوجيه إيراد الكلام محتملًا لمعنيين متضادين ولا يكفي مجرد احتمال معنيين متغايرين قاله السعد وما قاله هنا من الثاني ومثال التوجيه قول بعضهم:
خاط لي عمر وقباء
…
ليت عينيه سواء
وكان عمر وأعور (وكبيع وجيه مال خامل) قول ز وحكاه ابن الحاجب بقيل الخ هذا غير صحيح وأصله في تت بل التفسير إن لشركة الوجوه كما في المواق وغيره وأما شركة الذمم فليس لها إلا التفسير الأول ولفظ ابن الحاجب ولا تصح شركة الوجوه وفسرت بأن يبيع الوجيه مال الخامل ببعض ربحه وقيل هي شركة الذمم يشتريان ويبيعان والربح بينهما من غير مال وكلتاهما فاسدة وتفسخ وما اشترياه فبينهما على الأشهر اهـ.
من ربحه) ففاسد لجهل الأجر وللغرر بغشه وظاهره أن هذا تفسير ثان لشركة الذمم وحكاه ابن الحاجب بقيل وصدر بأنها تسمى شركة وجوه قال وكلتاهما فاسدة ويمكن تقرير المصنف على ما صدر به ابن الحاجب بأن ما هنا عطف على باشتراك لا على بلا مال وقال بعض الشراح معطوف على أن يشتريا والكاف للتمثيل فهو مثال ثان لشركة الذمم قال الوالد فإن نزل ذلك فينبغي أن يكون للوجيه جعل مثله بالغًا ما بلغ وأما من اشترى من الوجيه فينبغي أنه إن كانت السلعة قائمة خير على مقتضى الغش وإن فاتت ففيها الأقل من الثمن أو القيمة انتهى.
(وكذا رحى وذي بيت و) ذي (دابة ليعملوا إن لم يتساو الكراء) المتبادر منه أن هذا عطف على كبيع وجيه وهو غير صحيح لاقتضائه أنه من أفراد شركة الذمم وليس كذلك فلو أسقط العاطف وجعله مشبهًا بما قبله من الفساد لسلم من ذلك وجزم بعض بأنه عطف على قوله وفسدت باشتراطه وهو ظاهر لأن المعاطيف إذا تكررت بغير حرف مرتب تكون على الأول والأحسن عطف قوله (وتساووا في الغلة) أي الكراء على مدخول أن ليفيد أن الفساد في حالة تساويهم في الغلة وأنه لو أخذ كل واحد منهم على قدر ماله لم تفسد وأما جعله بيانًا لتقرير حكم المسألة بعد الوقوع كما في الذي بعده ويفهم الفساد في المسألة كما قال غ من قوة الكلام كما في قوله قبل وهو بينهما فبعيد (وترادوا الأكرية) فإذا كان كراء متاع أحدهم درهمًا والآخر درهمين والآخر ثلاثًا فإن أكثرهم كراء يطالب كلا من صاحبيه بما يجيء عليه من فضل كرائه بالنسبة لأقلهما كراء وأوسطهم كراء يطالب صاحبيه بما يجئ عليهما من فضل كرائه بالنسبة لأقلهما فيطالب من كراء متاعه ثلاثة كل واحد من صاحبيه بثلثي درهم ويطالب من كراء متاعه درهمان كل واحد من صاحبيه بثلث درهم فكل واحد من هذين له غريمان فيأخذ الأول ممن كراء متاعه درهم ثلثي درهم يأخذ ممن كراء متاعه درهمان ثلث درهم يأخذ الثاني ممن كراء متاعه درهم ثلث درهم وقد أخذ منه الأول ثلثي درهم فتساووا بهذا في الكراء وهذا الثلث هو الذي أخذه الأول من الثاني بعدما تقاصا في ثلثيه هذا ما أشار إليه ابن أبي زيد كما ذكره الشارح وقال عقبه
ــ
ونحوه لابن شاس ونسب الأول لبعض أهل العلم والثاني لعبد الوهاب (وترادوا الأكرية) قول ز فإن أكثرهم كراء يطالب كلا الخ يعني أنهم لما تساووا في الغلة كان من حق صاحب الثلاثة أن يقول أنا لا يلزمني من الكراء إلا مثل ما لزم صاحب الأقل وهو إنما لزمه درهم فيفضل درهمان فيقسطان على الشركاء فينوب كلا منهم ثلثان فيرجع على كل من صاحبيه بثلثي درهم وكذا الأوسط يقول أنا لا يلزمني إلا درهم مثل ما لزم صاحب الأقل فيكون الفضل وهو الدرهم الآخر مقسطًا على الثلاثة فيرجع على كل من صاحبيه بثلث درهم فتقع المقاصة بينه وبين صاحب الثلاثة بثلث درهم ويعطيه ثلثًا وقول ز كانت المحاصة لذي الثلاثة على القولين الخ فيه نظر بل على القول الأول فقط أما على الثاني فلا محاصة لذي الثلاثة إذ لا رجوع له إلا على ذي الأقل وهو لم
وأسهل منه ما ذكره ابن يونس أن لمن كراء متاعه أكثر الرجوع على صاحب الأقل بدرهم فكل من صاحب الأكثر والوسط له غريمان على القول الأول وأما على الثاني فليس لصاحب الوسط غريم وإنما لصاحب الأكثر غريم واحد وهو من كراء متاعه درهم ومعه درهمان واقتصر تت على ما لابن يونس قلت وتظهر فائدة ذلك في حصول التفليس لبعضهم أو لجميعهم فإذا فلس صاحب الدرهم كان لكل من صاحب الدرهمين والثلاثة المحاصة مع غرمائه على الأول وأما على ما لابن يونس فإنما هي لصاحب الثلاثة وإذا فلس صاحب الدرهمين وحده كانت المحاصة الذي الثلاثة فقط مع غرمائه على القولين بثلثي درهم وليس له أي لذي الثلاثة أن يقول له عليّ ثلث ولي عليه ثلثان فاختص بما في ذمتي وأحاصص بالثلث الباقي لأن من له دين على مفلس وللمفلس عليه دين فلا يختص بما في ذمته للمفلس فيما له عليه عن غرمائه ويرجع غرماء المفلس على صاحب الدرهم بثلث درهم وعلى صاحب الثلثين وهو ذو الثلاثة بثلث درهم ويحاصصهم بثلثيه معًا وأما إذا فلس صاحب الثلاثة فالأمر ظاهر فتأمله (وإن اشترط عمل رب الدابة) أو واحد منهما غيره واقتصر عليها تبعًا للرواية (فالغلة له) لأن عمله كأنه رأس مال (وعليه كراؤهما) وإن لم يصب شيئًا كما في المدونة لأن من اكترى شيئًا كراء فاسدًا عليه كراء مثله وإن لم يصب غلة (وقضى على شريك فيما لا ينقسم) كحمام وفرن وحانوت طلب شريكه فيه عمارته معه وأبى (أن يعمر) معه (أو يبيع) جميع حظه ممن يعمر لتقليل الشركاء لا ما يعمر به فقط وإن اقتصر عليه ابن الحاجب ووجه بأن البيع إنما أبيح للضرورة وهي ترتفع بقدر الحاجة لأنه خلاف ظاهر إطلاقاتهم كما قاله ابن عبد السلام والمعنى أمره القاضي
ــ
يفلس والله أعلم (وقضى على شريك فيما لا ينقسم) ابن عاشر اعلم أن كلام المصنف هنا لا يفي بتفاصيل المسألة وعبارة ابن الحاجب والمشترك مما لا ينقسم يلزمه أن يعمر أو يبيع وإلا باع عليه الحاكم بقدر ما يعمر والمنقسم يقسم اهـ.
فقوله يلزمه أن يعمر أو يبيع هو نفس عبارة المؤلف وبقي على المصنف تمام المسألة وهو قوله وإلا باع عليه الحاكم وهذا الفرع هو محل التردد هل يباع بقدر ما يعمر به أو الجميع وكلام المصنف لا يفيد هذا الفرع اهـ.
وفيه نظر بل مقتضى كلام ابن عرفة أن ما قاله ابن الحاجب خلاف المذهب وما عند المصنف أحد أقوال ثلاثة ذكرها ابن رشد قال ابن عرفة وإذا دعا أحد شريكي مالًا ينقسم لإصلاحه أمر به فإن أبى ففي جبره على بيعه ممن يصلحه أو يبيع القاضي عليه من حظه بقدر ما يلزم من العمل فيما بقي من حقه بعدما بيع عليه منه ثالثها إن كان مليئًا جبره على الإصلاح وإلا فالأول لابن رشد عن ابن القاسم ومالك وسحنون ثم ذكر كلام ابن الحاجب المتقدم واعترضه بأنه خلاف الأقوال الثلاثة لابن رشد قال لأن القول ببيع بعض حظه إنما ذكره ابن رشد مرتبًا على إبايته من الإصلاح فقط لا عليه مع إبايته عن بيعه ممن يصلح وهو في نقل ابن الحاجب مرتب عليهما معًا فهو إن صح قول رابع فتأمله اهـ.
بالعمارة من غير حكم فإن أبى منها حكم عليه بالبيع فالقضاء إنما يقع بشيء معين وهو البيع واستعمل القضاء بمعنى الأمر في الأول وبمعنى الحكم في الثاني وأو للتنويع ولا يتولى القاضي البيع انظر ابن عرفة في تت وغيره وظاهره الحكم عليه بالبيع وإن كان له ما يعمر به بدليل أن ابن عرفة جعل القول بأنه يبيع من حظه بقدر ما يعمر به مقابلًا وفي الفاكهاني في كذي سفل ما يفيد أنه إذا كان له مال ظاهر يجبر على العمارة منه دون بيع ونقل تت نحوه عن سحنون ويستثنى من كلامه البئر خلافًا لإدخالها تت في المصنف والعين فلا يقضي على شريك أن يعمر أو يبيع ويخير الآخر فيها فإن عمر اختص بما حصل منها من كل الماء أو ما زادت عمارته إلا أن يدفع الآتي ما ينو به من العمارة ثم عدم القضاء على الممتنع شامل لما إذا كان على البئر زرع أو شجر فيه ثمر مؤبر أم لا كما قال ابن القاسم وقال ابن نافع والمخزومي يجبر الشريك إذا كان عليها زرع أو شجر فيه ثمر مؤبر قال عج ويظهر أن مرادهم باختصاصه بما حصل من العمارة أنه يستوفي منه ما أنفق فقط قياسًا على المسألة الآتية لا دائمًا ثم ما هنا في الشجر لا يعارض ما مر في النفقات من وجوب قيام ذي شجر به للنهي عن إضاعة المال لتخصيصه بمن ليس له فيه شريك وشمل قوله ما لا ينقسم الوقف شريك ملك فإنه كالملك فيقضي على ناظره الممتنع بالعمارة أو البيع كما في الذخيرة ويخص قوله في الوقف لا عقار وإن خرب بما جميعه وقف لكن يتقق هنا على البيع منه بقدر الإصلاح لا جميعه حيث لم يحتج له وعلى أن محله إن لم يكن فيه ريع يعمر منه وإلا بدئ به على بيعه قطعًا ومفهوم لا ينقسم أن ما يمكن قسمه لا يقضي على آبي الإصلاح بعمارة ولا بيع بل بالقسم لزوال ضرر مريد الإصلاح به وشبه بمسألة الشركة ما ليس فيه شركة فقال (كذي سفل) لشخص يقضي عليه بالعمارة (أن وهي) وخفف سقوط العلو عليه الكائن لشخص آخر وإن امتنع باع الحاكم عليه ممن يعمر وقول الشارح يعني وإن كان الاشتراك الخ غير جيد إذ لا اشتراك هنا ولعله أطلق الاشتراك على المخالطة والمجاورة لوضوح ذلك قاله د وإذا سقط الأعلى على الأسفل فهدمه جبر رب الأسفل على أن يبنيه أو يبيع ممن يبنيه حيث بنى رب العلو علوه والمراد بالسفل ما نزل عن العلو لا الملاصق للأرض لأنه قد يكون طباقًا متعددة
ــ
والظاهر لمن تأمل أن ما قاله ابن الحاجب هو نفس القول الثاني في كلام ابن رشد لأن المطلوب إذا لم يصلح وأراد البيع لا يمنع منه لكن مقتضى كلام ابن عرفة في بحثه مع ابن رشد ترجيح القول الأول الذي جرى عليه المصنف فانظره والله أعلم وقول ز بدليل أن ابن عرفة الخ قصور لأن ابن عرفة ذكر القول بجبر الملىء على الإصلاح قولًا ثالثًا وعزاه لسحنون كما تقدم وقول ز وقال ابن نافع والمخزومي يجبر الشريك الخ قد صرح ابن رشد بضعف ما قالاه مرجحًا ما قال ابن القاسم وقول ز ويظهر أن مرادهم باختصاصه الخ فيه نظر بل النقل بخلافه ولفظ المواق قبل قوله وقضى على شريك الخ هو ما نصه فإن جميع الماء يكون للذي عمل وإن كان فيه فضل ولا شيء منه لشريكه حتى يعطيه شريكه نصف ما أنفق اهـ.
فالمراد بالسفل السفل النسبي وشمل كلام المصنف الوقف كحانوت بوقف وعلوه بيت بوقف آخر فيقضي على ناظر وقف الحانوت بعمارته أن وهي وخيف على العلو منه وليس على ذي العلو شيء من العمارة كذا أفتى به عج كالشوبريين الحنفي والشافعي وهو يخصص فتوى شيخ شيخنا السنهوري في الخلو بأن العمارة على ربه وعلى الوقف بقدر انتفاع كل أي أن محل ذلك إذا اتحد محل الوقف والخلو لا إن كان أعلى والوقف أسفل فالعمارة على ناظره دون ذي الخلو (وعليه) أي على صاحب السفل إذا وهي وخيف سقوط الأعلى (التعليق) للأعلى لأن التعليق بمنزلة البناء والبناء على ذي السفل (و) عليه أيضًا (السقف) لبيته لأنه أرض للأعلى ولأن السقف للأسفل عند التنازع كما يأتي (و) على صاحب الأسفل (كنس مرحاض) يلقي فيه الأعلى سقطاته لأنه بمنزلة سقف الأسفل قاله ابن القاسم وأشهب وقال أصبغ وابن وهب إنما ذلك على الجميع على قدر جماجمهم واستظهر اهـ.
وانظر هل معنى كلام ابن القاسم وأشهب أن صاحب العلو ينزل يرمي سقطاته بمرحاض الأسفل وليس له في علوه رقبة أو ولو كان له في علوه رقبة وعلى الأول فإذا كان له في علوه رقبة يكون كنسه بينهما على قدر الجماجم كبئر بينهما أو لكل رقبة كما بمصر من جعل رقبة مرحاض وبئر بأعلى أيضًا فتنقيتهما عليهما يحرر ذلك (لا) على
ــ
وهو الذي في كتاب حريم البئر من المدونة انظر ح وقول ز لتخصيصه بمن ليس فيه شريك الخ تقدم في النففات أن الوجوب في الشجر من غير قضاء (وعليه التعليق والسقف) قال أبو الحسن في شرح قولها وما رب من خشب العلو الذي هو من أرض الغرف والسطح فإصلاحه على رب الأسفل وله ملكه ما نصه الشيخ أبو محمَّد صالح وإنما عليه الجائزة والورقة والمسمار وأما الركز فعلى صاحب العلو كذا قيل عنه وحكى بعضهم عن الشيخ أبي محمَّد صالح أن على صاحب السفل الجوائز والورقة والمسمار والتراب والماء والركز اهـ منه.
تنبيه: وقع في المواق ما نصه ابن شعبان إذا خيف سقوط السفل فقيل إن تعليق الأعلى على صاحب الأسفل لأن عليه حمله بالباء وبهذا أقول إلا أن يهدمه من غير حاجة وقيل إن تعليقه على الأعلى اهـ.
وفي قوله إلا أن يهدمه الخ بالنسبة للقول الأول إشكال والحق تأخيره إلى القول الثاني وأنه من تمامه وهكذا نقله ابن عرفة ونصه وإذا هي السفل ففي تعليق العلو مدة إصلاح السفل على رب العلو أو السفل اختلاف والأولى على رب العلو وللصقلي عن ابن شعبان إلا أن يهدمه من غير حاجة قلت ظاهره جواز هدمه من غير حاجة وهو خلاف ما في النوادر لابن سحنون عنه اهـ.
(وكنس مرحاض) قول ز أو ولو كان في علوه رقبة الخ في هذا فرض الخلاف ابن جزي في القوانين وهو ظاهر كلام ابن رشد إذ قال بعد ذكر القولين ما نصه وعليهما الخلاف في كنس كنيف الدار المكراة روي عن ابن القاسم أنه على ربها وروي عنه أيضًا أنه على المكتري وفي المدونة دليل القولين اهـ.
صاحب السفل (سلم) للأعلى فهو بالرفع عطف على التعليق وكذا ليس على الأسفل بلاط بيت الأعلى وشمل كلامه علوين على سفل فليس على الأسفل شيء كما ليس على الوسط سلم للأعلى وإنما عليه سلم من الأسفل إلى محله الوسط كما يفيده التوضيح لتوقف انتفاعه بالوسط عليه وإن انتفع به الأعلى أيضًا وعلى الأعلى تعليق سلم من الوسط إلى محله (و) قضى على شريك أو غيره صاحب علو مدخول عليه (بعدم زيادة العلو) على السفل (إلا الخفيف) وهو ما لا يضر عرفًا حالًا ولا مآلا بالأسفل (وبالسقف) الحامل للأعلى (للأسفل) عند التنازع لقوله تعالى: {لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ} [الزخرف: 33] فأضاف السقف للبيت والبيت للأسفل فإذا وهي وأراد تغييره فقديمه للأسفل (وبالدابة للراكب) لعله بيمين قاله د لا للسائق أو القائد ولذا قال (لا متعلق بلجام) إلا لعرف أو قرينة وأولى بينة فإن كان عليها راكبان فللمقدم فإن ركباها كل بجنب فلهما فإن ساقاها قائدين لها أو أحدهما سائق والآخر قائد فبينهما لأنها مال تنازعه اثنان وليس يد أحدهما
ــ
نقله ق فإن هذا خلاف في نفس المرحاض وذكر ابن عرفة بعدما تقدم ما نصه زاد الشيخ وقال لنا أبو بكر بن محمَّد إن كانت رقية البئر لرب السفل فالكنس عليه وإن كان لرب العلو في رقبة البئر ملك فالكنس عليهما على قدر الجماجم اهـ.
تنبيه: لما ذكر ق القولين في الدار المكتراة قال ما نصه انظر هذا مع قولهم إذا وقعت في بئر الدار المكتراة فأرة وماتت به أو هو أو غيره أن تنقية البئر على رب الدار لأن البئر من منافع الدار فعليه إصلاحها اهـ.
وأجيب عنه بأن سقوط الفأرة ونحوها ليست بفعل المكتري ولا بسببه غالبًا ومع ذلك فهو نادر ثم قال ق أيضًا وانظر أيضًا قد ذكر والخلاف في الدابة تدخل دار رجل فتموت والمشهور أن إخراجها على رب الدار اهـ.
واعترضه بعض الشيوخ قائلًا لم أر من شهر هذا وكأن ق أخذ ذلك من تقديم صاحب الطرر له والظاهر أن الراجح هو مقابله وهو أن إخراجها على ربها لا على رب الدار ونص الطرر ومن المجالس من دخلت له دابة في دار رجل فماتت فعلى رب الدار إخراجها لأن ربها إنما كان يملكها حياتها فإذا ماتت لم يملك عنها شيئًا فلزمه إخراجها وقد قيل إن عليه إخراجها لا على رب الدار لأنه ينتفع بها إن أحب لكلابه وغير ذلك صح من الاستغناء اهـ.
قال البرزلي في نوازله ونزلت بتونس فأفتيت فيها بالثاني وكان ابن عرفة يأخذه من المدونة اهـ.
وقال ابن ناجي في شرح المدونة في باب الرهن وقعت بالقيروان وكتب قاضيها إلى الشيخ أبي القاسم الغبريتي فأجابه بذكر القولين إشارة منه إلى أنهما على حد السواء والصواب عندي الثاني لأن لربها أخذ جلدها ومنع غيره منها وما وقع في سماع عيسى عن ابن القاسم من الصلاة ضعيف في قوله إن الميتة لا ملك لأحد فيها فإنه يقتضي أنه لو استخرج أجنبي جنينها أو نزع جلدها أنه لا مقال لربها معه اهـ.
أولى به من يد الآخر وإن ركبها ثلاثة اثنان كل بناحية والثالث على الظهر فهي له إلا لعرف أو قرينة (وإن) كان ثلاثة مثلًا شركاء في عرصة معدة لغلة تهدمت رحاها و (أقام أحدهم) قبل القضاء بالعمارة أو البيع ممن بعمر (رحى إذ أبيا) أي شريكاه من إقامتها معه ومن إذنهما له بالعمارة بعد عرضه عليهما كما يشعر به أبيا سواء أبيا من أول العمارة إلى آخرها أو سكتا حين الاستئذان ثم أبيا حين العمارة أو عكسه (فالغلة لهم) جميعًا على الراجح كما لابن عبد السلام وفي ح نظر (و) لكن بعد أن (يستوفي منها ما أنفق) وإنما رجع في الغلة لأنها حصلت بسببه وإنما لم يرجع في الذمة لأنه لم يؤذن له في العمارة كما في د ومفهوم أبيا أنهما إذا أذناه أو سكتا مع استئذانه لهما أم لا عالمين بعمارته فيرجع في ذمتهما قال د حصلت غلة أم لا اهـ.
وكذا إن لم يستأذنهما ولم يعلما بها إلا بعد فراغها لقيامه عنهما بما لا بد لهما منه كما يأتي قريبًا خلافًا لقول بعض يعطي قيمة بنائه منقوضًا ثم المعتبر إذنهما وإن تقدمه أو تأخره منع كما قال صر واستشكل قوله ويستوفي منها ما أنفق بأن عليه ضررًا إذا دفع جملة ويأخذ مفرقًا وأجيب بأنه هو الذي أدخل نفسه في ذلك إذ لو شاء لرفعهما للحاكم فجبرهما على الإصلاح أو البيع ممن يصلح قاله ابن عبد السلام وبقولي قبل القضاء بالعمارة الخ علم أن هذه المسألة من أفراد وقضى على شريك الخ لكن ما مر بيان للحكم ابتداء وما هنا في عمارته إذ أبيا قبل رفعهما للقاضي فلا منافاة لانفكاك الجهة وإنما استوفى منها ما أنفق قبل جعل الغلة بينهم لقيامه عنهما بواجب بغرم كما مر وقد قال ابن الحاجب وكل من أوصل نفعًا من عمل أو مال بأمر المنتفع أو بغير أمره مما لا بد له منه بغرم فعليه أجرة العمل ومثل المال بخلاف عمل يليه بنفسه أو بعبيده أو مال سقط مثله عنه اهـ.
وقوله أوصل نفعًا مثله لو وصل له منه نفع من غير قصد إيصاله له كمن حرث أرض غيره يظنها أرضه كما في التوضيح وقوله بغرم شرط في المنتفع كما يدل عليه الضمائر في كلامه أي فإن كان يفعل ما لا بد له منه بنفسه أو بعبيده وأوصله غيره له بأجر لم يرجع به وليس شرط في موصل النفع.
ــ
باختصار وقال الوانوغي في باب الرهن أيضًا أخذ من تكفين العبد لو ماتت دابة في السوق أو في دار رجل أن على صاحبها إخراجها لأنه أحق بجلدها وجنينها لأن موتها لا ينقل ملك ربها عنها ثم قال ولا أعلم أحدًا ذكر هذه المسألة غير صاحب الطرر قال نزلت بالقيروان فأفتى فيها الغبريني بالقول الثاني لأنه ينتفع بها لكلابه ويأخذ جلدها وكان ابن عرفة ويأخذ هذا القول من كتاب الرهون من المدونة يعني هذه المسألة اهـ.
وبذلك كله تعلم ما في تشهير ق للقول الأول والله أعلم (وإن أقام أحدهم رحى) قول ز وفي ح نظر الخ هكذا فيما رأيته من النسخ بالرمز إلى ح ولم يظهر وجه النظر في كلامه لأنه ذكر الأقوال الخمسة في المسألة عن ابن رشد ونقل بعدها عن ابن السلام ترجيح القول الذي
تتمة: أن عمر أحد شريكي مركب نخر مع أباية الآخر فله دفع نصف العمارة وعند ابن يونس دفع الأقل من نصفها ومما زادته عمارته واشتركا سوية في الغلة فإن أبى دفع المعمر قيمة حصة الآبي خرابًا فإن أبى اشتركا فيها على التفاوت فللذي أصلح بقدر ما زادته نفقته مع حصته الأولى مثل أن تكون قيمته خرابًا مائة ومصلحًا مائتين فللمعمر ثلاثة أرباعه لأن حصته الأولى خمسون حيث كانت المركب بينهما نصفين وزادت عمارته ثلاثة أرباع المائتين ولمن لم يعمر ربع (و) قضى على جار (بالإذن في دخول جاره) وأجراء وبنائين (لإصلاح جدار) من جهته (ونحوه) أي نحو الجدار كغرز خشبة أو نحو الإصلاح كثوب رماه الهواء بدار جاره ودابة دخلت فيقضي عليه بدخول جاره لأخذ ثوبه ودابته لأنه حق له إن لم يخرجهما له وله منع جاره من إدخال جص وطين من بابه ويفتح في حائطه كوّة لأخذ ذلك وأشعر قوله لإصلاح أنه إن أراد طر حائطه من جهة داره فله منعه حيث لا يترتب عليه إصلاح جداره (و) قضى (بقسمته) أي الجدار (إن طلبت) عند ابن القاسم وصفة قسمه عنده أن يقسم طولًا فإذا كان طوله من المشرق للمغرب عشرين ذراعًا في عرض شبرين مثلًا أخذ كل واحد عشرة أذرع بالقرعة أي فالمراد بطوله امتداده جاريًا من المشرق إلى المغرب مثلًا لا ارتفاعه و (لا) يقسم (بطوله عرضًا) أي في عرضه بأن يأخذ كل واحد منهما شبرًا من الجانب الذي يليه إلى عشرين ذراعًا أي يشق نصفه كما هو عند عيسى بن دينار قال جميعه تت أي لأن كل ما يضعه أحدهما من خشب فثقله على جميع الحائط لا على ما أخذه فقط قاله اللخمي كما في ق وهو ظاهر في جدار عرضه شبران كما في تت فإن اتسع عرضه بحيث لا يصل ما يغرز به من خشب لما خص جاره جاز ومحل المنع بالقرعة في المصنف إلا أن يدخلا قبلها على أنه إن وقع نصيب أحدهما في ناحية الآخر حمل بناءه فيجوز كجوازه بالتراضي مطلقًا إن لم يكن فيه فساد ومحل جوازه بالقرعة أيضًا فيما مر إن لم يكن عليه جذوع للشريكين وإلا لم يقسم جبرًا لا طولًا ولا بطوله عرضًا بل يتقاويانه فمن صار له اختص به نظر التوضيح وتت وله قلع جذوع شريكه وينبغي أن يقيد عدم قسمه حينئذ بما إذا لم يدخلا على أن من جاءت جذوعه في ناحية الآخر أبقاها بحالها وإلا جاز كما قاله قبل (و) قضى على جار (بإعادة) جداره (الساتر لغيره) على من هدمه (إن هدمه ضررًا) لجاره (لا) إن هدمه (لإصلاح) خوف سقوطه (أو هدم) أي انهدم بنفسه من غير أن يهدمه أحد فلا يقضي على صاحبه بإعادته في الحالتين
ــ
مشى عليه المصنف منها فانظره (لا بطوله عرضًا) قول ز من الجانب الذي يليه الخ الصواب إسقاطه لأن الفرض أن القسم بالقرعة فتارة يأتيه ما يليه وتارة ما يلي صاحبه ولو أريد قسمه بالتراضي لجاز القسم على ما تراضوا عليه من الطول أو العرض انظر غ وح (لا لإصلاح أو هدم) قول ز وشمل قوله الساتر ما كان مشتركًا الخ قال ابن عبد السلام ظاهر ابن الحاجب أن هذا الفرع في الجدار المشترك وكلام ابن يونس ظاهر أو صريح في الجدار الذي هو ملك لأحدهما وهو سترة بينهما اهـ.
على ما كان عليه ويقال للجار استر على نفسك إن شئت وهذان كل منهما تصريح بمفهوم ضررًا وظاهره عدم القضاء عليه في هاتين الحالتين ولو مع القدرة على إصلاحه وهو كذلك وما في العتبية عن ابن القاسم من قوله وترك إصلاحه لعجز أو استغناء فرض مسألة وعلم مما قررنا أن قوله أو هدم فعل ماض معطوف على هدمه مع مراعاة لا ولا يلزم على ذلك العطف على معمولي عاملين مختلفين لتعدد العاطف ويصح أن يكون من عطف الجمل أي وإن هدم فكذلك ويصح عطفه على هدم المقدر قبل قوله لإصلاح أي لا إن هدم لإصلاح أو هدم وكونه اسمًا معطوفًا على إصلاح غير بين لأن مدلوله حينئذ يصير لا إن هدمه لهدم انظر د أي ولا معنى لذلك حينئذ وشمل قوله الساتر ما كان مشتركا بينهما أو مختصًا بأحدهما وكذا قوله أو هدم ولا يعارض كونه مشتركًا قوله وقضى الخ لأنه بهدمه صار مما ينقسم كذا عج ونازعه بعض قائلًا يتعين حمل المصنف على الساتر المختص بأحدهما وأما المشترك فهو قوله وقضى على شريك الخ ولا يقال إن هذا بهدمه صار مما ينقسم لا نقول هذا غير مسلم وربما دل عليه ما بين في معنى المنقسم في باب الخيار اهـ.
(وبهد بناء بطريق ولو لم يضر) لأنها وقفت لمصلحة المسلمين فليس لأحد أن يبني بها فإن كانت ملكًا لشخص بأن يكون أصلها دارًا له مثلًا وانهدمت حتى صارت طريقًا لم يزل ملكه عنها بذلك قاله بعض شيوخنا انظر د وظاهره ولو طال وعلم إعراضه عنها وقيده بعض الشيوخ بما لما يطل (وبجلوس باعة بأفنية الدور) وهي ما فضل عن المارة من طريق واسعة نافذة قال ابن عرفة كان بين يدي بابها أم لا لا ضيقة أو غير نافذة إذ لا فناء حينئذ للدور (للبيع) لا للتحديث (إن خف) أي البيع أو الجلوس فإن لم يخف كجلوسهم النهار كله أو غالبه ككير الحداد ونحوه لم يجز فضلًا عن أن يقضي به قال أصبغ إنما يباح الجلوس ما لم يضيقوا الطريق أو يمنعوا المارة ويضروا بالناس اهـ.
قال د وقع السؤال لبعض شيوخنا عما إذا كانت العادة في سوق أن يجلس شخص في الأفنية ثم بمجرد ذهابه يأتي آخر وهكذا لي انقضاء النهار فهل لأرباب الدور المنع فأجاب بأنهم لا منع لهم لأن هذه العادة قد تتخلف وإذا ذهب المجالس قد لا يأتي غيره اهـ.
ــ
ولما ذكر ابن عرفة قول ابن الحاجب ولو هدم الجدار أحد الشريكين فيه ضرر لزمه رده كما كان قالد قلت هو نص الروايات في هذا الباب اهـ.
ولعل قصده التعريض بابن عبد السلام والذي في سماع عيسى وكلام ابن رشد عليه مثل ما قال ابن يونس قاله طفى رحمه الله قلت وعليه يأتي تحصيل ح في الجدار المشترك أنه إن أمكن قسمه قسم وإلا دخل في قوله وقضى على شريك الخ (وبجلوس باعة بأفنية) قول ز ثم الراجح جواز كراء الأفنية هذا الخ نص عليه في سماع ابن القاسم وحكى عليه ابن رشد الاتفاق انظر ح وق ونصه سمع عيسى ابن القاسم لأرباب الأفنية التي انتفاعهم بها لا يضيق على المارة أن يكروها ابن رشد لأن كل ما للرجل أن ينتفع به يجوز أن يكريه اهـ.
وقد يبحث فيه بأن ما يحصل به الضرر يمنع كان من واحد أو متعدد ولو كان إنما حصل بانضمام جلوسه لجلوس من قبله كما يفيده مفهوم المصنف ولذا قال بعض شراحه كما مر مفهومه إن لم يخف بأن ضر بالمارة أو ضيق أو شوّش فلا يجوز الإذن به فضلًا عن أن يقضي به اهـ.
وفناء المسجد كالدار أو أولى لأنه مباح في الجملة وينبغي تقييده بما خف كفناء الدار ثم الراجح جواز كراء الأفنية وفي تت ما يخالف ذلك وإذا أكراه ربه فللمكتري منع من يجلس فيه تقرير وقد يقال يصير بمنزلة ربه قاله عج وانظر فناء الحوانيت (و) قضى (للسابق) من الباعة للأفنية وشبه به قوله (كمسجد) إلا أن يعتاد غير السابق الجلوس بالمحل الذي جلس به السابق لتعليم علم كتدريس أو إفتاء فإنه أحق به من غيره إذا عرف به قاله مالك وقال الجمهور أحق به استحسانًا لا وجوبًا عياض ولعله مراد ملك قاله تت ومعنى كونه استحسانًا أن القاضي يقول له الأحسن أو الأولى عند الله جلوسك في محلك المعتاد لتدريس علم أو إفتائك فيكون خارجًا مخرج الفتوى لا مخرج الحكم وانظره مع تصدير الشيخ أحمد بابا بعبارة الإمام ثم قال وقيل معنى أحق أنه أحق استحسانًا اهـ.
فلم يذكر ما ترجاه عياض ليوافق ملك الجمهور إلا بصيغة قيل وعليه فلعل المراد بالجمهور من العلماء لا من أهل المذهب ونحو ما للشيخ أحمد بابا قول ابن عبد السلام من اتسم أي اشتهر بالجلوس في موضع من المسجد لتعليم علم وشبهه فإنه أحق بذلك الموضع من غيره وقيل إن ذلك على سبيل الاستحسان اهـ.
والظاهر أن اختصاصه به في الوقت الذي اعتاد فيه ما ذكر فقط لا بوقت غيره بدله أو أزيد منه ولا ما غاب عنه غيبة انقطاع ولا ما اعتاده والده ابن ناجي ومواضع الطلبة عندنا بتونس يقضي لهم بها اهـ.
(و) قضى على جار (بسد كوة) بالفتح والضم (فتحت) أي أحدث فتحها تشرف على جاره إذا (أريد سد خلفها) أي خارجها عن الخشب أو داخل الخشب مع بقائها على
ــ
وهو يشمل بعمومه فناء الحوانيت وغيرها ويسقط به تنظير ز والله أعلم بالصواب (كمسجد) قول ز ومعنى كونه استحسانًا أن القاضي يقول له الأحسن جلوسك في محله الخ لا معنى لهذا فإن من اعتاد الجلوس بمحل منه لا يطلب بملازمة المحل المعتاد له وإنما معنى الاستحسان أن يقول لمن سبق لموضع اعتاده غيره الأحسن قيامك منه ليقعد فيه من اعتاده فتأمل.
فائدة: إذا جلس في موضع من المسجد ثم قام لقضاء حاجة أو تجديد وضوء فهو أحق به إذا رجع إليه لما في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قام أحدكم من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به"(وبسد كوة فتحت) قيده ح بما إذا كان لا يحتاج في التكشف منها إلى صعود سلم ونحوه وإلا فلا يقضي بسدها وقيده أيضًا بما إذا كان يتكشف منها على الدور أو الجنان على أحد القولين أما إذا كان يتكشف منها على المزارع فلا تسد بلا خلاف انظر ح.
ما هي عليه فيهما فلا يكفي ذلك بل يسد أيضًا ما يدل عليها كواجهة وخشبة وعتبة لئلا يطول الزمان فيريد من أحدثها أو غيره إعادتها لدلالة محلها عليها وكذا غيرها مما يشرف على دار جاره قال تت ولا يكلف الجار تعلية بنائه حتى لا يراه وسد بالتنوين لا مضاف لخلفها لأنه من الظروف اللازمة (وبمنع) ذي (دخان) أحدث على جار (كحمام و) ذي (رائحة كدباغ) ومذبح ومسمط ومصلق لأن الرائحة المنتنة تخرق الخياشيم وتصل إلى الأمعاء فتؤذي الإنسان كما أن رائحة دخان الحمام تؤذي أيضًا والمراد في ذلك كله الحادث على البيوت وانظر في تت ما للبساطي من السؤال عن الفرق بين حقيقة الدخان ورائحة كدباغ ويحتمل عدم تنوين دخان ورائحة بإضافتهما للكاف وهي حينئذ اسم بمعنى مثل (و) بمنع (أندر) أي جرين (قبل) بكسر القاف وفتح الباء الموحدة أي تجاه (بيت) أو حانوت أو نحوه للتضرر بتبن التذرية ولو حذف قبل لشمل إحداثه خلف بيت ونحوه مع حصول الضرر بالتذرية وكذا يمنع من نفض حصره ونحوها على باب داره إذا أضر الغبار بالمارة ولا حجة له أنه إنما فعله على باب داره قاله ابن حبيب (و) يمنع إحداث (مضر بجدار) كرحى ومدق بن وكحفر بئر أو مرحاض بجانب جدار جاره (واصطبل أو حانوت قبالة باب) لجاره ولو بسكة نافذة على ما صوبه بعضهم فليس كباب بسكة نفذت لأنه أشد ضررًا لتكرار الوارد عليه ولرائحة رجيع الدواب وحركتها ليلًا ونهارًا المانعة من النوم (وبقطع ما أضر من) أغصان (شجرة بجدار) لجار (إن تجددت) الشجرة (وإلا) تتجدد بل كانت أقدم من الجدار (لقولان) في قطع المضر من أغصانها وهو الراجح وعدمه لأن
ــ
فرع: وإذا سكت من أحدث عليه ضرر من فتح كوة ونحوها عشر سنين ولم ينكر حيز عليه ولا مقال له حيث لم يكن له عذر في ترك القيام هذا قول ابن القاسم وبه القضاء (ورائحة كدباغ الخ) قول ز ومسمط الخ هو موضع قطع اللحم وقول ز وانظر في تت ما للبساطي سأل عن الفرق بينهما لأن كلا منهما مشموم وأجاب بأن الدخان يرى بالبصر ويضر بالشم وغيره بخلاف الرائحة فيهما (واصطبل) اعترض هذا بأنه مستغنى عنه لأنه إن كان للرائحة فهو داخل في قوله ورائحة كدباغ وإن كان للضرر بالجدار فهو داخل فيما قبله وإن كان للصوت فهو داخل فيما يأتي في قوله وصوت ككمد وأجيب بأن مراده التنصيص على ما وقع في النص وقول ز ولو بسكة نافذة الخ هذا خلاف ما لغ من التقييد بالسكة غير النافذة بناء على التسوية بين الحانوت والباب وقال ح وهو الذي حكاه ابن رشد في كتاب السلطان وأفتى به ابن عرفة لكن نقل البرزلي عن المازري أن بعض القرويين قال إن الحانوت أشد ضررًا من الباب لكثرة ملازمة الجلوس به وأنه يمنع بكل حال قال البرزلي وهو الصواب نقله ح وعليه جرى ز في إطلاقه في كلام المصنف هنا والله أعلم (وبقطع ما أضر من شجرة بجدار إن تجددت وإلا فقولان) الأول لمطرف وابن حبيب وأصبغ وعيسى بن دينار واستظهره ابن رشد والثاني لابن الماجشون وقول ز وأما ما يضر من جذورها المغيبة بالأرض الخ ما ذكره من أنه يدخل في قوله ومضر بجدار أو في قوله وبقطع ما أضر الخ إنما يعني به قطع
صاحب الجدار أخذ من حريم الشجرة وأما ما يضر من جذورها المغيبة في الأرض بجدار غير مالكها فهو مما يدخل في قوله ومضر بجدار وجعل بعضهم قوله وبقطع ما أضر من شجرة إن تجددت الخ شاملًا له ويفترق التقرير أن في دخول الخلاف فيه على الثاني لا على الأول ومفهوم قوله بجدار أنه لو ادعى الجار التسور على منزله من شجرة بجانبه لم تقطع ولو متجددة إلا أن يثبت ذلك فتقطع وهل مطلقًا وبه أفتى بعضهم أو إلا أن تكون أقدم ولعل الفرق بين ما هنا وبين عدم جبر ذي خربة بجانب دار لآخر ويخشى منها توصل السارق لدى الدار وإمكان تحرز رب الدار بعلو البناء على الخربة بخلاف الشجرة لتجدد نمو غصنها دائمًا (لا) يقضي على جار بمنع (مانع ضوء وشمس وريح) عن جاره ولو الثلاثة كما هو ظاهر المصنف (إلا) أن يكون رفع بنائه بما يمنع الشمس والربح كما في د وتت (لاندر) أي عنه فيمنع منه لأجل أندر جاره لأن القصد من الأندر الشمس والربح (و) لا (علو بناء) مجاور لبناء جاره فلا يمنع منه وإن أشرف أي ببنائه عليه لكن يمنع من الضرر أي التطلع بغير كوة لما قدمه من قوله وسد كوة قال تت وظاهره ولو كان من علاه ذميًّا وهو كذلك اهـ.
وفي شرح الدميري ما نصه نقل شيخنا يعني صر ما صورته قوله ومن رفع بنيانًا الخ لعل هذا في المسلم وغيره قال ابن عرفة في باب الجهاد وقول الطرطوشي يمنعون من إعلاء بنائهم أي الذميين على بناء المسلمين وفي المساواة قولان ولو اشتروها عالية أقروا إنما نقله عن الشافعية كالمصوّب له اهـ.
(و) لا يمنع من (صوت ككمد) وهو دق القماش وأدخلت الكاف قصارًا وحدادًا ونجارًا وظاهره ولو اشتد ودام وفي ق خلافه وهذا ما لم يضر بالجدار كما مر ودخل بالكاف صوت صبيان بمكتب بأمر معلمهم (و) لا يمنع ذو دار من إحداث (باب) ولو قبالة باب جاره (بسكة نافذة) إلى القضاء ضيقة أو متسعة وهي سبعة أذرع أي لخبر إذا اختلف الناس في الطريق فحدها سبعة أذرع أي بذراع الآدمي الوسط وقيل بذراع البنيان المتعارف قاله ح عن ابن حجر ومحله في موات إذن الإمام في عمارته بيوتًا واختلفت طرقهم إلى منازلهم كما يشعر به لفظ الخبر لا في طرق قديمة دون سبعة بين بيوت لم
ــ
الجذور المضرة فقط وأما الشجرة نفسها فلا سبيل لقلعها كما ذكره ابن رشد ونصه وإن كانت الشجرة قديمة قبل دار الجار فليس للجار قلعها ولو أضرت بجداره وفي قطعه ما أضر به مما طال من أغصانها قولا أصبغ مع مطرف وابن الماجشون لأنه علم أن هذا يكون من حال الشجرة فقد جاز ذلك من حريمها والأول أظهر واختاره ابن حبيب اهـ.
نقله ابن عرفة رحمه الله (وباب بسكة نافذة) قول ز ولو قبالة باب جاره الخ هذا مذهب المدونة قال ابن عرفة ابن رشد وفي فتحه بابًا أو حانوتًا قبالة باب جاره في الزقاق النافذ ومنعه إلا أن ينكب عن ذلك ثالثها إن كانت السكة واسعة لابن القاسم فيها مع أشهب وسحنون وابن وهب
يعلم محدثها (وروشن) وهو جناح يخرجه في علو حائطه (وساباط) سقف ونحوه على حائطين له مكتنفي طريق ولذا قال (لمن له الجانبان) قيد في الساباط (بسكة نفذت) إلى الفضاء قيد في الروشن والساباط ولا بد من رفعهما عن رؤوس الركبان رفعا بينا (وإلا) تكن السكة نافذة (فكالملك لجميعهم) فلا يجوز إحداث روشن ولا ساباط لمن له الجانبان إلا بإذن جميع أهل السكة والمراد كما في تت عن ابن عبد البر من يمر تحته لا من بيته قبله وما ذكره من هذا التفصيل ضعيف والمشهور جوازهما بغير النافذة أيضًا بغير إذن من يمر تحته حيث رفعهما عن رؤوس الركبان رفعا بينا ولم يضرا بضوء المارة واعتبر ذلك هنا دون البناء في نفس الدار كما مر لحق الناس في الطريق وقوله وروشن وساباط كالمستثنى من قول الذخيرة هواء الوقف وقف اهـ.
لعدم ضرره بأحد مع رفعه بخلاف بناء بطريق فإن شأنه الضرر واستثنى من قوله كالملك لجميعهم قوله (إلا بابًا إن نكب) حرف عن باب جاره بحيث لا يشرف منه على ما في دار جاره ولا يقطع عنه مرفقًا فيجوز بسكة غير نافذة وهذه مفهوم قوله قبل بسكة
ــ
والسكة الواسعة سبعة أذرع (وإلا فكالملك لجميعهم) قال غ أصل التفصيل بين النافذة وغيرها لأبي عمر في كافيه ونقله عنه المتيطي وعليه اقتصر ابن الحاجب وقبله ابن عبد السلام وابن هرون والمصنف وأما ابن عرفة فقال لا أعرفه لا قدم من أبي عمر بن عبد البر وظاهر سماع أصبغ بن القاسم في الأقضية خلافه ولم يقيده ابن رشد بالطريق النافذة فتأمله اهـ.
وتعقبه ح بأن التفصيل المذكور ذكره قبل أبي عمر صاحب النوادر وابن يونس وأبو بكر الوقار قال وهو أقدم من أبي عمر فإنه تفقه على ابن عبد الحكم وأصبغ قلت ولا إشكال في تقدم صاحب النوادر على أبي عمر وأما ابن يونس فكان معاصرًا له ومات قبله بنحو ثمان سنين ثم قال ح بعد نقل كلامهم فقد وجد النص لأقدم من أبي عمر على أن ذكر أبي عمر لذلك وقبول الجماعة المذكورين له كاف في الاعتماد عليه والله أعلم اهـ.
وبه تعلم ما في قول ز إن التفصيل ضعيف وقد قرره خش بما في ح (إلا بابًا إن نكب) قال ح هذا يقتضي أنه إذا كان الباب الذي يفتحه منكبًا عن باب جاره الذي يقابله جاز فتحه ولو كان ذلك بقرب باب جاره الملاصق له بحيث إنه يضيق عليه فيما بينه وبين بابه ويقطع ارتفاقه بذلك وليس كذلك كما تقدم في كلام المدونة وكلام ابن رشد فلو قال المصنف إلا بابًا إن نكب ولم يضر بجار ملاصق له لوفى بما في المدونة وكلام ابن رشد وعبارة ابن رشد وعبارة ابن رشد في سماع عبد الملك من كتاب السلطان يتحصل في فتح الرجل الباب أو تحويله عن موضعه في الزقاق الذي ليس بنافذ ثلاثة أقوال أحدها أن ذلك لا يجوز بحال إلا بإذن جميع أهل الزقاق وهو الذي ذهب إليه ابن زرب وبه جرى العمل بقرطبة والثاني أن ذلك له فيما لم يقابل باب جاره ولأقرب منه فيقطع به مرفقًا عنه وهو قول ابن القاسم في المدونة وقول ابن وهب هنا والثالث أن له تحويل بابه على هذه الصفة إذا سد الباب الأول وليس له أن يفتح فيه بابًا لم يكن قبل بحال وهو دليل قول أشهب ها هنا اهـ.
نافذة فكأنه قال عقبها كبغيرها إن نكب ولم يكتف المصنف بقوله ثانيًا بسكة نفذت ويكون راجعًا للثلاث مسائل قبله لاختلاف مفهوم كل إذ قوله وإلا فكالملك لجميعهم إنما يرجع للروشن والساباط كما مر وما هنا مفهوم الأولى من الثلاثة (و) إلا (صعود نخلة) أو شجرة في دار لجني ثمرتها أو لإصلاحها فيجوز (وانذر) جاره (بطلوعه) ظاهره وجوبًا ونقل ح عن المسائل الملقوطة أنه مندوب وليس مثلها صعود المنارة فيمنع منه ولو قديمة على البيوت على الراجح كما يفيده ح حتى يجعل بها ساتر يمنع من الاطلاع على الجيران من أي جهة حتى لا يتبين به أشخاص ولا هيآت ولا ذكور ولا إناث قربت دورهم أو بعدت لتكرر طلوعها وندور صعود النخلة (وندب إعارة جداره) لجاره المحتاج (لغرز خشبة) أي إدخاله في جداره لخبر الموطأ والصحيحين عن أبي هريرة لا يمنع أحدكم جاره أن يغرز خشبة في جداره يقول أبو هريرة رضي الله عنه ما لي أراكم عنها معرضين والله لأرمين بها بين أكتافكم بالتاء المثناة فوق وروي بالنون وخشبه جمعًا بفتح الخاء والشين وروي خشبة جمعًا أيضًا بضم الخاء والشين وآخره على الروايتين ضمير للجار وروي أيضًا مفردًا بفتحهما وآخره تاء تأنيث واختلف هل لجار المسجد غرز خشبة في حائطه وبه أفتى ابن عتاب ناقلًا له عن الشيوخ أولًا وإليه ذهب ابن مالك قال ابن ناجي والنفس إليه أميل اهـ.
ومقتضى هذا أن الحبس غير المسجد كالملك (و) ندب للجار (إرفاق بماء وفتح باب) لجاره ليمر به حيث لا ضرر عليه بذلك وحض عليه الصلاة والسلام على الجار فقال الجار أمين على جاره فعليه أن يسدل حجابه عنه أي عليه ويكف أذاه عنه ويغض بصره عنه فإن رأى عورة سترها وإن رأى سيئة غفرها وإن رأى حسنة أفشاها وشكا جار جاره إليه عليه الصلاة والسلام فأمر مناديًا ينادي إلا أن أربعين دارًا جار ولا يدخل الجنة من خاف جاره بوائقه وروي كما في الجامع الكبير الجار ستون دارًا عن يمينه وستون عن يساره وستون خلفه وستون أمامه الديلمي عن أبي هريرة وسنده ضعيف وروي من حارب جاره فقد حاربني ومن حاربني فقد حارب الله ومن آذى جاره فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله وقال لا يرح رائحة الجنة من لا يأمن جاره بوائقه وروي من خاف جاره بوائقه والجار على ثلاثة أقسام جار له عليك حقان وهو الجار المسلم الأجنبي وجار له عليك
ــ
(وندب إعارة جداره) قول ز يقول أبو هريرة الخ في رواية لما حدثهم أبو هريرة نكسوا رؤوسهم فقال أبو هريرة ما لي أراكم الخ والضمير في عنها للسنة أو المقالة والضمير في بها للمقالة أيضًا أو الخشبة والحديث حمله مالك رحمه الله تعالى على الندب لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه" وقال الشافعي وأحمد ذلك على الوجوب انظر ق قول ز أولًا وإليه ذهب ابن مالك الخ منع ابن مالك الغرز في حائط المسجد ومنع التعليق فيه قال ابن عرفة وهو الصواب الجاري على حمله على الندب اهـ.
ثلاثة حقوق وهو الجار المسلم الذي بينك وبينه قرابة وجار له عليك حق واحد وهو الجار الذمي (وله أن يرجع) في إعارة عرصة لبناء أو غرس لجاره أو غيره حيث لم يقيد العارية بعمل ولا أجل وإلا لزمت لانقضائه كما يأتي له في العارية من قوله ولزمت المقيدة بعمل أو أجل لانقضائه وإلا فالمعتاد ويأتي له أن قوله وإلا فالمعتاد مخصوص بغير ما أعير للبناء أو الغرس كما أشار له هناك بعدما تقدم بقوله وله الإخراج في كبناء فيوافق ما هنا من الرجوع في العارية لا في غرز خشبة بجدار جاره كما يوهمه المصنف كالشارح وتت إذ لا رجوع له بعد الإذن له ولو قبل الغرز على المعتمد كما رجحه الفاكهاني وإن حكاهما ابن ناجي على حد سواء والفرق أن بعض أهل العلم يرى القضاء به ففي كلامه حذف عاطف ومعطوف بعد قوله خشبة أي وعرصة لكبناء بقرينة قوله (وفيها) إنما له الرجوع عن إعارة العرصة إن دفع المعير للمعار (ما أنفق أو) للخلاف أي في المدونة له الرجوع إن دفع ما أنفق وفيها أيضًا إن دفع (قيمته) قائمًا على التأبيد (وفي موافقته) أي الموضع الثاني للأول بحمل ما أنفق على ما إذا اشترى ما عمر به وقيمته إن كان من عنده أو يحمل ما أنفق على ما إذا رجع المعير بالقرب وقيمته إذا بعد أو يحمل ما أنفق على ما إذا لم يكن اشتراه بغبن كثير وقيمته على ما اشتراه بغبن كثير كما سيذكر المصنف ذلك في باب العارية (ومخالفته تردد) ولو اقتصر على ما في العارية وحذف ما هنا لسلم من إطلاقه هنا وإيهام أن ثم قولًا قويًّا بالرجوع إن لم يدفع ما أنفق أو قيمته كما يفيده الشرط هنا ومن التعبير بتردد في محل التأويلات ومن شبه التكرار.
ــ
(وله أن يرجع) قول ز لا في غرز خشبة الخ هذا هو الراجح وقال ح جمع ابن رشد وابن زرقون مسألة الجدار والعرصة وحكيا الخلاف فيهما جميعًا وتبعهما المصنف انظر ضيح هنا وفي العارية اهـ.
لكن قوله وفيها إن دفع ما أنفق الخ يدل على أن المصنف ما قصد إلا مسألة العرصة لأنه في المدونة لم يذكر ذلك إلا فيها وابن رشد وابن زرقون لم ينسبا الخلاف في الجدار للمدونة فاعتذار ح ليس بظاهر (وفي موافقته) قول ز أو بحمل ما أنفق على ما إذا لم يكن اشتراه بغبن الخ جعله هذا التأويل للوفاق نحوه لابن عرفة في غير هذا الموضع ونصه عن ابن رشد وقيل ليس باختلاف فله النفقة إذا كان لم يغبن فيها وقيمتها إذا كان غبن فيرجع إلى أن له الأقل من النفقة أو قيمتها اهـ.
والذي عليه الشارح وضيح أن هذا التأويل للخلاف وهو كذلك في كلام عبد الحق وابن يونس وابن عرفة وغير واحد ونص ابن يونس في هذا التأويل وقيل رأى أن يعطيه قيمة ما أنفق إذا لم يكن فيه تغابن يسير ومرة رأى أن القيمة أعدل إذ قد يتسامح مرة فيما يشتريه ومرة يغبن فيه فإذا أعطى قيمة ذلك يوم بنائه لم يظلم ابن يونس فيكون على هذا اختلافًا في قوله اهـ.